المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ بَيَانِ قِسْمِ) (الِانْقِطَاعِ)وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌ مَا أَرْسَلَهُ الصَّحَابِيُّ

- ‌ إرْسَالُ الْقَرْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ

- ‌[الإنقطاع الظَّاهِرُ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ] [

- ‌ إرْسَالُ كُلِّ عَدْلٍ

- ‌ الِاتِّصَالَ بِالِانْقِطَاعِ

- ‌[الِانْقِطَاعُ الْبَاطِلُ]

- ‌ الْحَادِثَةَ إذَا اُشْتُهِرَتْ وَخَفِيَ الْحَدِيثُ

- ‌[الصَّحَابَةَ إذَا اخْتَلِفُوا فِي حَادِثَةٍ بِآرَائِهِمْ وَلَمْ يُحَاجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ]

- ‌ خَبَرُ الْمَسْتُورِ

- ‌[الِانْقِطَاعِ الْبَاطِنِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ]

- ‌ خَبَرِ الْفَاسِقِ

- ‌[خَبَر الْكَافِرِ وَالصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ إذَا عَقَلَا مَا يَقُولَانِ]

- ‌[خَبَر صَاحِبُ الْهَوَى]

- ‌(بَابُ بَيَانِ مَحَلِّ الْخَبَرِ)

- ‌[بَابُ بَيَانِ الْخَبَرُ]

- ‌ بَابُ الْكِتَابَةِ وَالْخَطِّ)

- ‌بَابُ شَرْطِ نَقْلِ الْمُتُونِ

- ‌(بَابُ تَقْسِيمِ الْخَبَرِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى)

- ‌(بَابُ مَا يَلْحَقُهُ النَّكِيرُ مِنْ قِبَلِ الرَّاوِي)

- ‌(بَابُ الطَّعْنِ يَلْحَقُ الْحَدِيثَ مِنْ قِبَلِ غَيْرِ رَاوِيهِ)

- ‌‌‌(بَابُ الْمُعَارَضَةِ)

- ‌(بَابُ الْمُعَارَضَةِ)

- ‌حُكْمُ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ آيَتَيْنِ

- ‌[كَيْفِيَّةَ الْمَخْلَصِ عَنْ الْمُعَارَضَةِ]

- ‌[تعارض الْجُرْح وَالتَّعْدِيل]

- ‌(بَابُ الْبَيَانِ)

- ‌[أَوْجُه الْبَيَانُ]

- ‌[بَيَانُ التَّقْرِير]

- ‌ بَيَانُ التَّفْسِيرِ

- ‌[تَخْصِيصِ الْعَامِّ]

- ‌(بَابُ بَيَانِ التَّغْيِيرِ)

- ‌[أَنْوَاع بَيَانِ التَّغْيِيرِ]

- ‌{بَابُ بَيَانِ الضَّرُورَةِ}

- ‌[أَوْجُهٍ بَيَانِ الضَّرُورَةِ]

- ‌{بَابُ بَيَانِ التَّبْدِيلِ

- ‌[تَفْسِيرِ النَّسْخِ]

- ‌النَّسْخُ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ مَحِلِّ النَّسْخِ)

- ‌[أَقْسَام مَالَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ شُرُوطِ النَّسْخ]

- ‌{بَابُ تَقْسِيمِ النَّاسِخِ}

- ‌[النَّسْخُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ]

- ‌[نَسْخُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ]

- ‌نَسْخُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ

- ‌(بَابُ تَفْصِيلِ) (الْمَنْسُوخِ)

- ‌[أَنْوَاعٌ الْمَنْسُوخُ]

- ‌[الْفُرْق بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالنَّسْخِ]

- ‌(بَابُ أَفْعَالِ النَّبِيِّ)

- ‌[أَقْسَام أَفْعَالِ النَّبِيِّ]

- ‌(بَابُ تَقْسِيمِ السُّنَّةِ)فِي حَقِّ النَّبِيِّ

- ‌[أَنْوَاع الوحى]

- ‌[جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ]

- ‌(بَابُ شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا)

- ‌ تَقْلِيدُ الصَّحَابِيِّ

- ‌[بَابُ مُتَابَعَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ]

- ‌[تَقْلِيد التَّابِعِينَ]

- ‌(بَابُ الْإِجْمَاعِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِجْمَاع]

- ‌[بَابُ أَهْلِيَّةِ الْإِجْمَاع]

- ‌بَابُ شُرُوطِ) (الْإِجْمَاعِ) :

- ‌[بَابُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ وَمَحِلّه]

- ‌[إنْكَار الْإِجْمَاع]

- ‌[بَابُ بَيَانِ سَبَب الْإِجْمَاعُ]

- ‌(بَابُ الْقِيَاسِ)

- ‌[بَابُ تَفْسِيرِ الْقِيَاسِ]

- ‌[ثُبُوت الْقِيَاس وَأَنْوَاعه]

- ‌(فَصْلٌ فِي تَعْلِيلِ الْأُصُولِ)

- ‌بَابٌ شُرُوطُ الْقِيَاسِ) :

- ‌[بَابُ رُكْنُ الْقِيَاسِ]

- ‌[مَا يصلح دَلِيلًا عَلَى الْعِلَّة]

- ‌[بَابُ الِاحْتِجَاجَ بِالطَّرْدِ]

- ‌ التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ

- ‌ الِاحْتِجَاجُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ

- ‌ الِاحْتِجَاجُ بِتَعَارُضِ الْأَشْبَاهِ

- ‌ الِاحْتِجَاجُ بِلَا دَلِيلٍ

- ‌بَابُ حُكْمِ الْعِلَّةِ) :

- ‌[جُمْلَةَ مَا يُعَلَّلُ لَهُ]

الفصل: ‌ التعليل بالنفي

ثُمَّ‌

‌ التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ

مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله فِي النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَفِي الْأَخِ لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةٌ وَلَا يَلْحَقُ الْمَبْتُوتَةَ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ الْإِسْلَامُ الْمَرْوِيُّ فِي الْمَرْوِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ لَمْ يَجْمَعْهُمَا طَعْمٌ وَلَا ثَمَنِيَّةَ، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ جَرْحٌ عَلَى مِثَالِ الْعِلَلِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ عَدَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْئًا فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْإِثْبَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اسْتِقْصَاءَ الْعَدَمِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُودَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ

ــ

[كشف الأسرار]

ذِكْرُ فَوْتِ الْوَصْفِ مِنْ الْعِلَّةِ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِتَمَامِ الْعِلَّةِ تَخْصِيصًا لِلْعِلَّةِ يَعْنِي إذَا فَاتَ وَصْفٌ مِنْ الْعِلَّةِ وَامْتَنَعَ الْحُكْمُ عَنْهَا بِفَوَاتِهِ يُسَمِّيهِ مَنْ جَوَّزَ التَّخْصِيصَ مَانِعًا مُخَصَّصًا، وَيَقُولُ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ إلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ حُكْمٌ لِهَذَا الْمَانِعِ، وَهُوَ فَوَاتُ الْوَصْفِ فَخُصَّتْ بِهِ فَقَالَ الشَّيْخُ لَا يَصْلُحُ ذِكْرُ فَوَاتِ ذَلِكَ الْوَصْفِ تَخْصِيصًا أَيْ مُخَصَّصًا لِلْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ بِتَمَامِهَا أَصْلًا وَوَصْفًا، ثُمَّ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا بِالْمَانِعِ وَلَمْ يُوجَدْ الْعِلَّةُ هَاهُنَا بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ الْفَائِتِ لِتَمَامِ الْعِلَّةِ فَلَا يَكُونُ فَوَاتُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مَانِعًا مُخَصَّصًا بَلْ يَنْعَدِمُ الْعِلَّةُ بِفَوَاتِهِ فَيَنْعَدِمُ الْحُكْمُ لِانْعِدَامِهَا، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ وُجُودَ الْحُكْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهَا وَأَنَّ وُجُودَ صُورَةِ الْعِلَّةِ بِدُونِ حُكْمِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُنَاقَضَةِ، وَالتَّخْصِيصُ لَا يَدُلُّ الْوُجُودُ عِنْدَ الْوُجُودِ وَلَا الْعَدَمُ عِنْدَ الْعَدَمِ عَلَى الصِّحَّةِ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الْمُوَافَقَةُ بِحَالِ الْمُخَالَفَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ عَلَى مَا تَبَيَّنَّ أَيْ فِي بَابِ تَخْصِيصِ الْعِلَلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنَّ هَذَا أَيْ الِاحْتِجَاجَ بِالِاطِّرَادِ عَلَى نَهْجِ الْعِلَلِ بِسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ طَرِيقِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِ النَّصِّ يَدُورُ الْحُكْمُ مَعَهُ كَمَا يَدُورُ مَعَ الْوَصْفِ الْمُؤَثِّرِ، وَتَحْرِيكُ الْهَاءِ لَحْنٌ؛ لِأَنَّ النَّهَجَ بِالتَّحْرِيكِ الْبُهْرُ وَتَتَابُعُ النَّفَسِ وَلَا مَعْنًى لَهُ هَاهُنَا.

[التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ]

قَوْلُهُ (التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ) يَعْنِي بَعْدَ الِاحْتِجَاجِ بِالِاطِّرَادِ فِي الرُّتْبَةِ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ الْوَصْفِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ، وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعَدَمَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَمَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْأَحْكَامِ وَلِأَنَّ عَدَم وَصْفٍ لَا يُنَافِي وُجُودَ وَصْفٍ آخَرَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْحُكْمَ يَجُوزُ يَرَى أَنْ يَثْبُتَ بِعِلَلٍ شَتَّى لَا يَرَى أَنَّ الْعَدَم لَيْسَ بِأَعْلَى حَالًا وَصْفٌ مِنْ الْوُجُودِ وَوُجُودُ وَصْفٍ لَا يَمْنَعُ وُجُودَ آخَرَ فَكَيْفَ يَمْنَعُ الْعَدَمُ وَكَذَلِكَ الْوُجُودُ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْبَقَاءِ وَلَا لِوُجُودِ شَيْءٍ آخَرَ فَكَيْفَ يَصْلُحُ الْعَدَمُ عِلَّةً لِوُجُودِ الْأَحْكَامِ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي النِّكَاحِ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَأَشْبَهَ الْحُدُودَ وَفِي الْأَخِ إذَا مَلَكَ أَخَاهُ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةٌ فَأَشْبَهَ ابْنَ الْعَمِّ وَلَا يَلْحَقُ الْمَبْتُوتَةَ طَلَاقٌ يُقَالُ بَتَّ طَلَاقَ الْمَرْأَةِ وَأَبَتَّهُ أَيْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ، وَالْمَبْتُوتَةُ الْمَرْأَةُ وَأَصْلُهَا الْمَبْتُوتُ طَلَاقُهَا يَعْنِي لَا يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا لَا يَلْحَقُهَا الْبَائِنُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَصَارَ كَمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَيَجُوزُ إسْلَامُ الْمَرْوِيِّ فِي الْمَرْوِيِّ أَيْ الثُّبُوتِ الْمَرْوِيِّ فِي جِنْسِهِ وَهَذِهِ النِّسْبَةُ إلَى بَلَدٍ بِالْعِرَاقِ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ؛ لِأَنَّهُمَا أَيْ الْبَدَلَيْنِ مَالَانِ لَمْ يَجْمَعْهُمَا طَعْمٌ وَلَا ثَمِينَةٌ يَعْنِي الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِحُرْمَةِ النَّسِيئَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الرِّبَا الطَّعْمُ أَوْ الثَّمَنِيَّةُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا يَثْبُتُ حُرْمَةُ النَّسِيئَةِ كَمَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَيْ هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ جَرْحٌ فِي الظَّاهِرِ عَلَى مِثَالِ الْعِلَلِ أَيْ الْعِلَلِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى عِلَّةٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ إذْ عَدَمُ الْوَصْفِ يَصْلُحُ دَلِيلًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ لَكِنَّهُ أَيْ التَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ لَمَّا كَانَ عَدَمًا أَيْ اسْتِدْلَالًا بِعَدَمِ وَصْفٍ عَلَى عَدَمِ حُكْمٍ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا إذْ الْعَدَمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْإِثْبَاتِ أَيْ لِإِثْبَاتِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَلَا يُقَالُ مَا ذَكَرْتُمْ مُسَلَّمٌ إذَا كَانَ الْحُكْمُ ثُبُوتِيًّا فَأَمَّا إذَا

ص: 374

إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمِ سَبَبٍ مُعَيَّنٍ وَفِي حُكْمٍ ثَبَتَ دَلِيلُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَاحِدًا لَا ثَانِيَ لَهُ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي وَلَدِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْصَبْ الْوَلَدُ وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِيمَا لَا خُمُسَ فِيهِ مِنْ اللُّؤْلُؤِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ بِغَيْرِهِ فَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَمْنَعُ قِيَامَ وَصْفٍ لَهُ أَثَرٌ فِي صِحَّةِ الْإِثْبَاتِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ، وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يَثْبُتُ بِهَا فَصَارَ فَوْقَ الْأَمْوَالِ فِي هَذَا بِدَرَجَةٍ وَكَذَلِكَ فِي أَخَوَاتِهَا عَلَى مَا عُرِفَ.

ــ

[كشف الأسرار]

كَانَ عَدَمِيًّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْعَدَمَ يَصْلُحُ عِلَّةً لِلْعَدَمِ.

وَهَذِهِ أَحْكَامٌ عَدَمِيَّةٌ عُلِّلَتْ بِالْعَدَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا عَيْنُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بَلْ الْعَدَمُ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً أَصْلًا وَعَدَمُ الْحُكْمِ لَا يَحْتَاجُ إلَى عِلَّةٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ.

أَلَا تَرَى أَنَّ اسْتِقْصَاءَ الْعَدَمِ أَيْ عَدَمِ الْعِلَّةِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُودَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَيْ لَا يَمْنَعُ وُجُودَ الْحُكْمِ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَإِنَّك لَوْ قُلْت: زَيْدٌ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَكَانِ كَذَا وَلَا فِي بَلَدِ كَذَا.

وَكَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا تَعْلَمُهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْإِثْبَاتِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّكُمْ قَدْ عَلَّلْتُمْ بِالنَّفْيِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِثْلَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رحمه الله فِي وَلَدِ الْغَصْبِ أَيْ الْمَغْصُوبِ: إنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لِأَنَّهُ أَيْ الْغَاصِبَ لَمْ يَغْصِبْ الْوَلَدَ وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِيمَا لَا خُمُسَ فِيهِ مِنْ اللُّؤْلُؤِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَأَشَارَ إلَى الْجَوَابِ وَقَالَ إلَّا أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمٍ سَبَبُهُ مُعَيَّنٌ كَمَا فِي وَلَدِ الْغَصْبِ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ فِي أَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ هَلْ يَجِبُ فِي زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ أَمْ لَا لَا فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ فَإِنَّ الضَّمَانَ كَمَا يَجِبُ بِالْغَصْبِ يَجِبُ بِالْإِتْلَافِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي حُكْمِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ يَعْنِي أَوْ أَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمٍ ثَبَتَ دَلِيلُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَاحِدًا لَا ثَانِيَ لَهُ مِثْلُ وُجُوبِ الْخُمُسِ فَإِنَّ سَبَبَهُ فِي الشَّرْعِ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ الْإِيجَافُ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الْعِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ حُكْمَ سَبَبٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ حُكْمَ سَبَبٍ لَا ثَانِيَ لَهُ لَا يُوجَدُ بِغَيْرِ ذَلِكَ السَّبَبِ، فَانْتِفَاءُ ذَلِكَ السَّبَبِ يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ ضَرُورَةً.

وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ رحمه الله أَمْثِلَةً مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا قَالَهَا مُحَمَّدٌ رحمه الله عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِدْلَالِ دُونَ التَّعْلِيلِ وَالْمُقَايَسَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعِلَّةِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْعَدِمَ إذَا عُدِمَتْ الْعِلَّةُ كَمَا كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الْعِلَّةِ، وَإِنَّمَا أَتَيْنَا إضَافَةَ الْعَدَمِ إلَى عَدَمِ الْعِلَّةِ وَاجِبًا بِهِ وَإِذَا بَطَلَتْ الْإِضَافَةُ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً، وَإِنَّمَا يَبْقَى الْحُكْمُ مَعَ عَدَمِ الْعِلَّةِ لِعِلَّةٍ أُخْرَى فَتَكُونُ مِثْلَ الْأُولَى لَا عَيْنِهَا فِي الْوُجُوبِ وَالتَّعَلُّقِ بِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الْعِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْحُكْمِ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حُكْمِ عِلَّةٍ بِعَيْنِهَا فَأَمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَكَذَا يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ النِّكَاحُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ تَعْلِيلٌ بِعَدَمِ الْوَصْفِ لَا اسْتِدْلَالٌ؛ لِأَنَّ قَبُولَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ لَمْ يَثْبُتْ اخْتِصَاصُهُ بِالْأَمْوَالِ فِي الشَّرْعِ لِيَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِعَدَمِ الْمَالِ عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ وَإِذَا كَانَ تَعْلِيلًا لَا يَمْنَعُ كَوْنُهُ غَيْرَ مَالِ قِيَامَ وَصْفٍ لَهُ أَثَرٌ فِي صِحَّةِ إثْبَاتِهِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ.

وَهُوَ أَيْ ذَلِكَ الْوَصْفُ أَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا فَهُوَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ يَعْنِي إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَسْقُطُ بِهَا بَلْ هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ مُقَارِنَةً لَهُ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ الِانْعِقَادِ نَحْوَ نِكَاحِ الْهَازِلِ وَنِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي مَعَ أَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ شُبْهَةٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا؛ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِمَا الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ فَصَارَ فَوْقَ الْأَمْوَالِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِدَرَجَةٍ يَعْنِي صَارَ النِّكَاحُ فَوْقَ الْأَمْوَالِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِدَرَجَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبُهَاتِ، وَالْمَالُ لَا يَثْبُتُ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَثْبُتُ مَعَ الْهَزْلِ وَأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ فِي الْبَيْعِ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ حَتَّى لَوْ قَبِلَ الْبَيْعَ فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِكَذَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ قَبِلَ نِكَاحَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَقِنٍّ

ص: 375

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[كشف الأسرار]

وَبَاعَهُمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ أَصْلًا وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا وَبَيْنَ مَنْ لَا يَحِلُّ وَتَزَوَّجَهُمَا صَحَّ الْعَقْدُ فِي حَقِّ مَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهُ فَيَثْبُتُ أَنَّ النِّكَاحَ فَوْقَ الْأَمْوَالِ فِي ثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ دُونَهَا وَلَمَّا ثَبَتَ الْمَالُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ بِهَا فَلَأَنْ يَثْبُتَ النِّكَاحُ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ الشُّبْهَةُ فِي ثُبُوتِهِ وَسُقُوطِهِ كَانَ أَوْلَى وَذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ فِي بَيَانِ ثُبُوتِ النِّكَاحِ مَعَ الشُّبْهَةِ وَعَدَمِ سُقُوطِهِ بِهَا أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ مَعَ شَرْطِ أَنْ لَا مَهْرَ، وَمَهْرٌ فَاسِدٌ وَالْبَيْعُ لَا يَصِحُّ مَعَهُمَا فَكَانَ أَسْهَلَ جَوَازًا.

وَكَذَا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ يُوجِبُ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِهَا النَّاكِحُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ صَحَّ وَلَمْ يَجْعَلْ شُبْهَةَ نِكَاحِ الَّذِي تَزَوَّجَ فَاسِدًا مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ.

وَكَذَا النِّكَاحُ الثَّابِتُ لَا يَبْطُلُ بِنِكَاحٍ آخَرَ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَيُثْبِتُ لَهُ شُبْهَةَ النِّكَاحِ حَتَّى وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجِبْ الْحَدُّ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْكُوحَةَ مَوْلَاهُ لَمْ يَبْطُلْ النِّكَاحُ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْمَوْلَى شُبْهَةَ مِلْكٍ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ بَلْ حَقُّ الْمِلْكِ حَتَّى اسْتَوْلَدَ أَمَةَ مُكَاتَبَةِ النَّسَبِ وَلَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً لَمْ يَصِحَّ لِحَقِّ الْمِلْكِ فَلَمَّا لَمْ يَبْطُلْ النِّكَاحُ بِحَقِّ الْمِلْكِ فَبِالشُّبْهَةِ أَوْلَى وَكَذَا رُجُوعُ الشَّاهِدِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يُبْطِلُ الْقَضَاءَ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ لَبَطَلَ الْقَضَاءُ بِهِ كَمَا فِي الْحُدُودِ فَثَبَتَ أَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَا.

وَكَذَلِكَ فِي أَخَوَاتِهَا يَعْنِي كَمَا أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْعَدَمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ وَصْفٍ آخَرَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ لَا يَمْنَعُ التَّعْلِيلُ بِالْعَدَمِ فِي أَخَوَاتِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ عِتْقِ الْأَخِ وَطَلَاقِ الْمَبْتُوتَةِ وَإِسْلَامِ الْمَرْوِيِّ فِي الْمَرْوِيِّ مِنْ قِيَامِ أَوْصَافِ آخَرَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهَا فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَفِي مَسْأَلَةِ عِتْقِ الْأَخِ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْبَعْضِيَّةُ فَقَدْ وُجِدَتْ الْقَرَابَةُ الَّتِي صِينَتْ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِأَدْنَى الذُّلَّيْنِ، وَهُوَ ذُلُّ مِلْكِ النِّكَاحِ فَيُصَانُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِأَعْلَى الذُّلَّيْنِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.

وَفِي الْمَبْتُوتَةِ إنْ لَمْ يُوجَدْ النِّكَاحُ فَقَدْ وُجِدَتْ الْعِدَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِهِ وَصِحَّةِ الطَّلَاقِ تَسْتَغْنِي عَنْ زَوَالِ مِلْكِ النِّكَاحِ حُكْمًا لَهُ فَإِنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بَعْدَ صَرِيحِ الطَّلَاقِ مُنْعَقِدٌ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَدْ انْعَقَدَ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ فَلَا حَاجَةَ إلَى انْعِقَادِ الثَّانِي لَهَا.

وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَبْقَى النِّكَاحُ مُنْعَقِدًا وَلَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِحَالٍ فَثَبَتَ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ لَيْسَ بِحُكْمٍ لَازِمٍ مِنْ الطَّلَاقِ بَلْ حُكْمُهُ اللَّازِمُ إبْطَالُ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ إذَا تَمَّ ثُلُثًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَمْكَنَ إعْمَالَهُ فِي تَفْوِيتِ الْحِلِّ وَإِبْطَالِهِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ إلَّا أَنَّا شَرَطْنَا قِيَامَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ مِلْكِ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِهِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعِدَّةِ تَارَةً وَبِقِيَامِ النِّكَاحِ أُخْرَى فَأَيُّهُمَا وُجِدَ يَنْفُذُ تَصَرُّفَهُ عَلَيْهَا، إلَيْهِ أُشِيرُ فِي الْأَسْرَارِ وَالطَّرِيقَةِ الْبُرْغَرِيَّةِ وَفِي إسْلَامِ الْمَرْوِيِّ فِي الْمَرْوِيِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ الطَّعْمُ أَوْ الثَّمَنِيَّةُ فَقَدْ وُجِدَتْ الْجِنْسِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ وَأَنَّهَا تَصْلُحُ بِانْفِرَادِهَا عِلَّةً لِرِبَا النَّسِيئَةِ كَالْوَصْفِ الْآخَرِ وَهُوَ الطَّعْمُ عِنْدَهُ وَالْكَيْلُ عِنْدَنَا فَإِنَّ مَنْ بَاعَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، وَقَوْلُ الْخَصْمِ الْجِنْسِيَّةُ شَرْطٌ وَلَيْسَتْ بِأَحَدِ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَتَمَيَّزُ مِنْ الشَّرْطِ بِالتَّأْثِيرِ وَقَدْ ظَهَرَ تَأْثِيرُ الْجِنْسِيَّةِ فِي إثْبَاتِ التَّسْوِيَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيَكُونُ مِنْ الْعِلَّةِ.

وَكَذَا قَوْلُهُ الْجِنْسِيَّةُ بَعْضُ الْعِلَّةِ فَلَا نُثْبِتُ بِهِ الْحُكْمَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْعِلَّةِ فِي رِبَا الْفَضْلِ فَأَمَّا فِي الرِّبَا النَّسِيئَةِ فَهِيَ جَمِيعُ الْعِلَّةِ اسْتِدْلَالًا

ص: 376