الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الحنابلة فالصحيح من المذهب أنه لا شفعة فيه لأنه مملوك بلا مال أشبه الموهوب والموروث ولأنه يمتنع أخذه بمهر المثل وبقيمته لأنها ليست عوض الشقص.
قال المرداوي:
قوله ولا شفعة فيما عوضه غير المال كالصداف وعوض الخلع والصلح عن دم العمد في أحد الوجهين وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والتلخيص والمحرر والرعاية الكبرى والفروع والفائق. وظاهر الشرح الإطلاق، أحدهما لا شفعة في ذلك وهو الصحيح من المذهب قال في الكافي: لا شفعة فيه ظاهر المذهب. قال الزركشي هذا أشهر الوجهين عند القاضي وأكثر أصحابه قال ابن منجا هذا أولى. قال الحارثي أكثر الأصحاب قال بانتفاء الشفعة، منهم أبو بكر وابن أبي موسى وأبو علي بن شهاب والقاضي وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن عقيل والقاضي يعقوب والشريفان أبو جعفر وأبو القاسم الزبدي والعكبري وابن بكروس والمصنف وهذا هو المذهب ولذلك قدمه في السنن. اهـ وهو ظاهر كلام الخرقي وصححه في التصحيح والنظم وجزم به في العمدة والوجيز والمنور والحاوي الصغير وغيرهم وقدمه في المغني والشرح وشرح الحارثي وغيرهم. والوجه الثاني: فيه الشفعة اختاره ابن حامد وأبو الخطاب في الانتصار وابن حمدان في الرعاية الصغرى وقدمه ابن رزين في شرحه. فعلى هذا القول يأخذه بقيمته على الصحيح. اهـ (1).
(1) الإنصاف جـ 6 ص 252 - 253.
5 -
الشفعة بشركة الوقف:
اختلف العلماء رحمهم الله في جواز الشفعة في الوقف فذهب الحنفية
إلى أن لا شفعة للوقف ولا في الوقف لأنه لا مالك له معين. قال في الدر المختار ما نصه: ولا شفعة في الوقف ولا له نوازل ولا بجواره. . . . . قال المصنف قلت وحمل شيخنا الرملي الأول: على الأخذ به، والثاني: على أخذه بنفسه إذا بيع، وأما إذا بيع بجواره أو كان بعض المبيع ملكا وبعضه وقفا وبيع الملك فلا شفعة للوقف. وقال في الحاشية: قوله أو كان بعض المبيع ملكا إلخ. حاصله أنه لا شفعة له بجوار ولا بشركة فهو صريح بالقسمين كما أشار إليه الشارح بنقل عبارة النوازل ونبهنا عليه. قوله فلا شفعة للوقف إذ لا مالك له. اهـ (1).
وقال الكاساني في معرض تعداده شروط الأخذ بالشفعة ما نصه: ومنها ملك الشفيع وقت الشراء في الدار التي يأخذها بالشفعة لأن سبب الاستحقاق جوار الملك والسبب إنما ينعقد سببا عند وجود الشرط والانعقاد أمر زائد على الوجود فإذا لم يوجد عند البيع كيف ينعقد سببا، فلا شفعة له بدار يسكنها بالأجار والإعارة ولا بدار باعها قبل الشراء ولا بدار جعلها مسجدا ولا بدار جعلها وقفا وقضى القاضي بجوازه أو لم يقض على قول من يجيز الوقف لأنه زال ملكه عنها لا إلى أحد. اهـ (2).
وذهب المالكية إلى أنه لا شفعة بالوقف إلا للواقف نفسه بشرط أن يضيف ما يأخذ بالشفعة إلى ما أوقفه أو أن يجعل ذلك للناظر بأن ينص في ولايته على الأخذ بالشفعة إلى ما أوقفه أو أن يجعل ذلك للناظر بأن ينص في ولايته على الأخذ بالشفعة ليضاف إلى الوقف أو أن يؤول الوقف إلى الموقوف عليهم فلهم حق الأخذ بالشفعة ولو لم يوقفوا أو أن يؤول النظر أو الاستحقاق إلى بيت المال فللسطان الأخذ له بالشفعة.
(1) حاشية ابن عابدين جـ 6 ص 223.
(2)
بدائع الصنائع جـ 6 ص 4/ 270.
قال أبو البركات أحمد الدردير في معرض تعداد من يجوز لهم الأخذ بالشفعة ما نصه:
أو كان الشفيع محبسا لحصته قبل بيع شريكه فله الأخذ بالشفعة ليحبس الشقص المأخوذ أيضا قال منها دار بين رجلين حبس أحدهما نصيبه على رجل وولده وولد ولده فباع شريكه في الدار نصيبه فليس للذي حبس ولا للمحبس عليهم أخذ بالشفعة إلا أن يأخذ المحبس فيجعله في مثل ما جعل نصيبه الأول. انتهى. وهذا إذا لم يكن مرجعها له وإلا فله الأخذ ولو لم يحبس كأن يوقف على عشرة مدة حياتهم أو يوقف مدة معينة فله الأخذ مطلقا كسلطان له الأخذ بالشفعة لبيت المال. قال سحنون في المرتد يقتل وقد وجبت له شفعة، إن للسلطان أن يأخذها إن شاء لبيت المال. اهـ (1).
وذهب الشافعية إلى أن الوقف إن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين ونحو ذلك فلا شفعة به وإن كان خاصا فلا شفعة لواقفه لزوال ملكه عنه وقد اختلف علماء الشافعية في ثبوت الشفعة للموقوف عليه العين لاختلاف ما نقل عن الشافعي رحمه الله هل يملك الموقوف عليه رقبة الوقف أم لا؟
قال في المجموع:
وإما إذا كانت حصة الخليط وقفا نظر في الوقف فإن كان عاما كالوقف على الفقراء والمساكين أو كان خاصا لا يملك كالوقف على جامع فلا يستحق به شفعة في المبيع وإن كان خاصا على مالك الوقف على رجل بعينه أو على جماعة بأعيانهم فلا يملك به الواقف شفعة لزوال ملكه من الوقف فأما الموقف عليه فقد اختلف قول الشافعي هل يكون مالكا لرقبة الوقف أم لا على قولين أحدهما يستحق به الشفعة لثبوت ملكه واستضراره بسوء المشاركة،
(1) الشرح الكبير ومعه حاشية الدسوقي جـ 3 ص 425.
والوجه الثاني لا شفعة له لأنه ليس بتام الملك ولا مطلق التصرف. اهـ (1). وذهب جمهور الحنابلة إلى القول بنفي الشفعة عن الخلطة بالوقف لأن من شروط الأخذ بالشفعة أن يكون الشفيع مالكا لما يشفع به والوقف لا يعتبر ملكا تماما لمن هو بيده سواء كان ناظرا أو موقوفا عليه لأنه ليس مطلق التصرف فيه.
قال ابن قدامة رحمه الله:
ولا شفعة لشركة الوقف ذكره القاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب فيه كالمجاور وغير المنقسم ولأننا إن قلنا هو غير مملوك فالموقوف عليه غير مالك وإن قلنا هو مملوك فملكة غير تام لأنه لا يفيد إباحة التصرف في الرقبة فلا يملك به ملكا تاما. وقال أبو الخطاب إن قلنا هو مملوك وجبت به الشفعة لأنه مملوك بيع في شركة شقص فوجبت الشفعة كالطلق ولأن الضرر يندفع عنه بالشفعة كالطلق فوجبت فيه كوجوبها في الطلق. وإنما لم يستحق بالشفعة لأن الأخذ بها بيع وهو مما لا يجوز بيعه. اهـ (2).
وللشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله رأي في ثبوت الشفعة به فقد قال ما نصه:
فلو باع الشريك الذي ملكه طلق فلشريكه الذي نصيبه وقف الشفعة لعموم الحديث المذكور ووجود المعنى. بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررا من صاحب الطلق ليتمكن المالك من البيع بخلاف مستحق الوقف فانه يضطر إلى بقاء الشركة. وأما استدلال
(1) المجموع جـ 14 ص 141.
(2)
المغني جـ 5 ص 284.