الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(6)
بين أحاديث الصحيحين والخبر المشهور:
بعد تقرير أدلة القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع، والمنكرين لذلك، نأتي إلى أمر آخر وهو تحديد مرتبتي أحاديث الصحيحين والخبر المشهور من حيث الثبوت.
والذي نراه حقا هو أن أحاديث الصحيحين أعلى مرتبة من الخبر المشهور. ودليلنا على ذلك من وجوه:
أولا: إن المحدثين قد أطبقت كلمتهم على أن أعلى درجات الصحيح ما اتفق عليه الشيخان، بل كاد أن يكون مجمعا عليه عند المتبحرين. كما صرح به الشيخ اللكنوي (1).
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصحيح مشهورا أو غير مشهور.
ثانيا: أحاديث الصحيحين متلقاة بالقبول، وقال ابن حجر:
هذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر (2).
ولذلك أخر المشهور عن أحاديث الصحيحين عندما ذكر أنواع الخبر المحتف بالقرائن.
ثانيا: أحاديث الصحيحين وقع على صحتها الإجماع كما سبق، ودلالة الإجماع أقوى من الخبر المشهور كما صرح به الحافظ بدر الدين العيني (3).
فمقتضى هذه الأمور أن يكون الخبر المشهور الذي لا يوجد في الصحيحين أنزل مرتبة من أحاديث الصحيحين.
(1)"الأجوبة الفاضلة"(ص: 202).
(2)
"شرح النخبة"(ص: 21، 24).
(3)
"عمدة القاري"(20/ 233).
أهم نتائج البحث
وأهم ما وصلنا إليه من النتائج بعد البحث هي:
(1)
إن القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع جمع لا يستهان بهم، ومن بينهم الحفاظ المحدثون، والفقهاء المحققون.
(2)
أدلة القائلين بإفادتها القطع في غاية من الاعتبار من حيث الأصول واطراد العادة.
(3)
أدلة من قال بظنيتها بعضها في غاية من السقوط والوهن، وبعضها قضايا جامدة، ضيقة النطاق، تلائم بمناهج أهل الكلام أكثر من أن توافق بطبيعة مقتضيات الشرع والعرف عند علماء الإسلام.
(4)
إن الأحاديث المفيدة للقطع كثيرة، من غير أن يتكلف في إطلاق التواتر عليها، وتحقيقه فيها.
(5)
كل ما أفاد العلم فهو متواتر، سواء حصل العلم بكثرة عدد المخبرين، أو لصفة ديانتهم وأمانتهم، أو لضبطهم وإتقانهم.
(6)
ما انتقده بعض الحفاظ من أحاديث الصحيحين لا يلزم إخراجه من القطعية لمجرد هذا النقد لكونه متوجها إلى الأسانيد دون المتون، ولكونه مخالفة ضئيلة غير قادحة في انعقاد الإجماع عند طائفة من الأصوليين.
(7)
استثناء الحافظ ابن حجر ما ظاهره التعارض من القطع نظريه شخصية ضعيفة تحتاج إلى التمثيل الواقعي من أحاديث الصحيحين.
(8)
أحاديث الصحيحين أقوى صحة، وأعلى رتبة من الخبر المشهور وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبالله التوفيق. حافظ ثناء الله الزاهدي