الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال فخر الدين الرازي: العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة (1).
وهو المختار عند من بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم، وكافة علماء أهل السنة رضوان الله عليهم أجمعين.
(1)"المحصول "(1/ 2 / 527، 509).
(2)
أقوال القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع
(1)
قول أبي إسحاق الإسفراييني (ت 418 هـ)
قال في كتابه " أصول الفقه ": أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها " الصحيحان " مقطوع بصحة أصولها ومتونها، ولا يحصل الخلاف فيها بحال، وإن حصل فذاك اختلاف في طرقها ورواتها. قال: فمن خالف حكمه خبرا منها وليس له تأويل سائغ للخبر نقضنا حكمه؛ لأن هذه الأخبار تلقتها الأمة بالقبول (1).
(2)
قول إمام الحرمين الجويني (ت 478 هـ)
قال: لو حلف إنسان بطلاق امرأته: أن ما في " الصحيحين " مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق، لإجماع علماء المسلمين على صحته (2).
(1) نقله عنه الزركشي في "نكته علي ابن الصلاح "(ورقة / 13)، والسخاوي في "فتح المغيث "(1/ 51).
(2)
انظر "تدريب الراوي "(1/ 131، 132)، وشرح مسلم " للنووي (1/ 19).
(3)
قول ابن القيسراني (ت 507)
قال: أجمع المسلمون على قبول ما أخرج في " الصحيحين " لأبي عبد الله البخاري، ولأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، أو ما كان على شرطهما ولم يخرجاه (1).
وقال: أما كتاب الترمذي وحده على أربعة أقسام: قسم صحيح مقطوع به وهو ما وافق فيه البخاري ومسلما (2).
(4)
قول ابن الصلاح (ت 643).
قال: أهل الحديث كثيرا ما يطلقون على ما أخرجه البخاري ومسلم جميعا " صحيح متفق عليه " ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه. لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه، لاتفاقهما على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن (3).
(5)
قول الإمام ابن تيمية الحراني (ت 728).
قال: إن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لأن غالبه من هذا، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ.
فلو كان الحديث كذبا في نفس الأمر والأمة مصدقة له، قابلة له، لكانوا
(1)"صفوة التصوف"(ورقة / 87، 88).
(2)
" شروط الأئمة الخمسة"(ص: 15).
(3)
" علوم الحديث "(ص: 24، 25).
قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب! وهذا إجماع على الخطأ، وذلك ممتنع.
وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطل بخلاف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنا وظاهرا.
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له، أو عملا به أنه يوجب العلم.
وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد. إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك.
ولكن كثيرا من أهل الكلام، أو أكثرهم يوافق الفقهاء، وأهل الحديث والسلف على ذلك.
وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق، وابن فورك. وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق،. وأمثالهم من أئمة الشافعية، وشمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية، وأبو
يعلى، وأبو الخطاب، وأبو الحسن الزاغوني وأمثالهم من الحنبلية، والقاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية.
وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة.
(6)
قول ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ).
قال: اعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب كما ذكره الشيخ أبو عمرو، ومن قبله من العلماء، كالحافظ أبي طاهر السلفي وغيره. فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم، مفيد لليقين، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين، فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم. كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها، دون المتكلمين والنحاة والأطباء، وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله، وهم علماء الحديث، العالمون بأحوال نبيهم، الضابطون لأقواله وأفعاله، المعتنون بها أشد من عناية المقلدين لأقوال متبوعيهم.
فكما أن العلم ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوما لغيرهم فضلا أن يتواتر عندهم. فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم وضبطهم لأقواله، وأفعاله، وأحواله يعلمون من ذلك علما لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به ألبتة.
(7)
قول الحافظ صلاح الدين ابن كيكلدي العلائي (ت 761 هـ)
قال: أحاديث الصحيحين -لإجماع الأمة على صحتها، وتلقيها بالقبول- تفيد العلم النظري، كما يفيده الخبر المحتف بالقرائن.
وهذا هو اختيار الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وإمام الحرمين، وقرره ابن الصلاح. وقد ذكرته بدلائله في مقدمة "نهاية الأحكام "(1).
(8)
قول الحافظ ابن كثير (ت 774 هـ)
قال: ثم حكى ابن الصلاح: إن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به، لا بد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر. وهذا جيد.
وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال: لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك. قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه. والله أعلم (2).
(1) انظر " تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد "(ص: 114).
(2)
" الباعث الحثيث "(ص: 35).
(9)
قول سراج الدين البلقيني (ت 805 هـ).
قال: وما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين عن جماعة من الشافعية كالإسفراييني أبي إسحاق، وأبي حامد، والقاضي أبي الطيب، وتلميذه أبي إسحاق الشيرازي، والسرخسي من الحنفية والقاضي عبد الوهاب من المالكية، وجماعة من الحنابلة كأبي يعلى، وأبي الخطاب، وابن حامد، وابن الزاغوني، وأكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم، منهم ابن فورك، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة، أنهم يقطعون بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول (1).
(10)
قول العلامة أبي الفيض الفارسي الحنفي (ت 837).
قال: ما روياه أو واحد فهو مقطوع بصحته، أي يفيد العلم القطعي نظرا لا ضرورة.
وقيل: لا يفيد إلا الظن. وعليه الأكثرون (2).
(11)
قول الحافظ أبي نصر الوائلي السجزي:
قال: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صح عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله. لا شك في أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته.
(1)" محاسن الاصطلاح "(ص: 101).
(2)
" جواهر الأصول "(ص: 20، 21).
(12)
قول الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).
قال بعد أن ذكر موافقة ابن كثير لابن الصلاح في هذه المسألة: قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه (1).
وقال في " ألفيته في علم الحديث ":
والنووي رجح في التقريب
…
-ظنا به- والقطع ذو تصويب (2).
(13)
قول الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852).
قال: قد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار. والخبر المحتف بالقرائن أنواع:
منها: ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ حد التواتر فإنه احتف به قرائن منها:
(1)
جلالتهما في هذا الشأن.
(2)
وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
(3)
وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول. وهذا التلقي وحده أقوى في العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر.
إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين، وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضات العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما
(1)" تدريب الراوي "(1/ 134).
(2)
(ص: 3) بتحقيق الأستاذ أحمد شاكر.
على الآخر، وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته (1).
(14)
قول الشيخ ولي الله الدهلوي (ت 1176 هـ).
قال: أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأنه كل من يهون أمرهما مبتدع، متبع غير سبيل المؤمنين.
فإن الشيخين لا يذكران إلا حديثا قد تناظرا فيه مشائخهما وأجمعوا على القول به والتصحيح له، كما أشار مسلم حيث قال: لم أذكر ها هنا إلا ما أجمعوا عليه (2).
(15)
قول الإمام الشوكاني (ت 1250 هـ).
قال: لا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم، لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه. وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول فكانوا بين عامل به ومتأول له. ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، فإن الأمة تلقت ما فيهما بالقبول، ومن لم يعمل بالبعض من ذلك فقد أوله، والتأويل فرع القبول (3).
وقال: فقد أجمع أهل هذا الشأن على أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه بالقبول المجمع على ثبوته (4).
(1) شرح النخبة، ص: 30 - 33.
(2)
حجة الله البالغة (1/ 134).
(3)
إرشاد الفحول (ص: 49، 50).
(4)
" قطر الولي "(ص: 230).
(16)
قول الشيخ محمد أنور الكشميري الحنفي (ت 1352 هـ).
قال: اختلفوا في أن أحاديث الصحيحين هل تفيد القطع أم لا؟ فالجمهور إلى أنها لا تفيد القطع، وذهب الحافظ رضي الله عنه إلى أنها تفيد القطع، وإليه جنح شمس الأئمة السرخسي من الحنفية، والحافظ ابن تيمية من الحنابلة، والشيخ ابن الصلاح. وهؤلاء وإن كانوا أقل عددا إلا أن رأيهم هو الرأي (1).
وهذا الذي قاله هؤلاء العلماء هو الذي اختاره الحافظ أبو طاهر السلفي، (2). وأبو عبد الله الحميدي (3). والعلامة محمد المعين بن محمد الأمين السندي في " دراسات اللبيب ". و " غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح "(4). والشيخ إبراهيم بن الحسن الكوراني. في كتابه " إعمال الفكر والرويات في شرح حديث «إنما الأعمال بالنيات (5)» . والسيد أبو الطيب صديق حسن خان. والشيخ أبو الحسن محمد صادق السندي (6). والشيخ محمد حسين
(1) فيض الباري " (1/ 45).
(2)
نقله عن ابن القيم فيما سبق من كلامه.
(3)
عزاه إليه الحافظ ابن حجر في " شرح النخبة "، (ص: 24).
(4)
وهذا أيضا كتاب له مستقل ذكره في كتابه " دراسات اللبيب "(ص: 309).
(5)
نقله عنه الشيخ أبو الحسن السندي في كتابه " بهجة النظر على شرح نخبة الفكر "(ورقة / 25).
(6)
انظر " بهجة النظر "(ورقة / 24، 25).
الهزاروي. ومحدث الهند الحافظ محمد الجوندلوى. وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي.
والشيخ أحمد محمد شاكر القاضي المصري (1). والشيخ عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي (2). والشيخ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي (3). والشيخ محمد عبد العزيز الرحيم آبادي (4).
ومن المعاصرين الشيخ محمد عطاء الله حنيف صاحب " التعليقات السلفية "، والمؤلفات الشهيرة الأخرى. والدكتور صبحي
(1) انظر " الباعث الحثيث "(ص: 35 - 37)، وتعليقاته على " ألفية السيوطي " (ص: 4، 5).
(2)
انظر " نشر البنود على مراقي السعود "(2/ 37).
(3)
انظر " مذكرة أصول الفقه "(ص: 103).
(4)
انظر " حسن البيان فيما في سيرة النعمان "(ص: 95 - 100).