المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وذهب المالكية إلى أن الشفعة استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌موضوع العدد:الشفعة

- ‌ الشفعة في اللغة

- ‌الشفعة في الاصطلاح الشرعي:

- ‌مشروعية الشفعة:

- ‌الحكمة في مشروعية الشفعة

- ‌ الاشتراك فيما لا يقبل القسمة من العقار:

- ‌ الاشتراك في المنقولات:

- ‌ الجوار:

- ‌أدلة القائلين بقصر الشفعة على الشريك في المبيع دون الجار أو الشريك في حق المبيع ومناقشتها:

- ‌أدلة القائلين بثبوت الشفعة بحق المبيع والجوار ومناقشتها:

- ‌ الشفعة فيما انتقل إلى الغير بعوض غير مسمى:

- ‌ الشفعة بشركة الوقف:

- ‌ شفعة غير المسلم:

- ‌ شفعة غير المكلف من صبي أو مجنون:

- ‌ شفعة الغائب:

- ‌ شفعة الوارث:

- ‌ أناس يشترون ثمار النخيل عند بدء الصلاح بقيمة معينة ثم يبيعونه بربح وهو باق على رؤوسه

- ‌ بعض ملاك العقارات يختلق بعض المبررات لإخراج المستأجر من عقاره

- ‌ يساهم في شركات التأمين التجاري

- ‌ يتعامل مع البنوك التي تعطي زيادة على رأس المال أو تعطي المقترض زيادة

- ‌ إظهار الدجل والشعوذة أمام الناس

- ‌ الاستغفار للمشركين ولو كانوا من ذوي القرابة

- ‌ وضع السترة أمام المصلي داخل المسجد

- ‌قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة

- ‌ضع شركة المساهمة أو غيرها رصيدا في البنك تأخذ عليه فائدة قليلة أو كثيرة

- ‌ تصرف المرأة زكاة مالها إلى زوجها

- ‌ صلاة الجمعة في مسجد لم ينو إقامة الجمعة فيه عند أول تأسيسه

- ‌ المعاملة مع البنك

- ‌ الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌بعد قبض عزرائيل روحه بنفسه بأمر الله ماذا يحدث بعد ذلك

- ‌ توفيت أمي عني وعن أختها من أمها وأبيها وعن ثلاثة أبناء أخ لأمي من أبيها وأمها وأخت لهم

- ‌ أعطي أحد أبنائي مالا أعطيه لآخر لكون الآخر غنيا

- ‌ حجت أمي سبع حجات فهل يجوز لي أن أحج عنها

- ‌ زواج البكر

- ‌بداية الدراسة:

- ‌بل الفائدة المصرفية من ربا النسيئة

- ‌ الاتجاه الثالث: يقول عنه الكاتب هو الذي لا يحرم إلا ربا الجاهلية

- ‌من أفذاذنا العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم

- ‌من أعلام المجددينشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌ التعريف بشيخ الإسلام ابن تيمية:

- ‌الخاتمة:

- ‌ أقسام الألفات في كتاب الله العزيز

- ‌ ألف الوصل]:

- ‌[ألف الأصل]

- ‌ ألف القطع]

- ‌ ألف الاستفهام]

- ‌ ألف ما لم يسم فاعله]

- ‌ ألف المتكلم]

- ‌مصادر التقديم والتحقيق

- ‌أحاديث الصحيحينبين الظن واليقين

- ‌ تعريف الظن واليقين لغة واصطلاحا وحكمهما

- ‌ أقوال القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع

- ‌ أدلة من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع

- ‌ أدلة من قال بإفادة أحاديث الصحيحين الظن

- ‌ مع ابن الصلاح وابن حجر:

- ‌ بين أحاديث الصحيحين والخبر المشهور:

- ‌مصادر البحث

- ‌ المسؤوليات التي تجب علينا نحو الجهاد الإسلامي في أفغانستان

- ‌وجوب أداء الصلاة في الجماعةلسماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌حديث شريف

الفصل: وذهب المالكية إلى أن الشفعة استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه

وذهب المالكية إلى أن الشفعة استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه. قوله شريك قيد أخرج به الجار والشريك في حق المبيع. وقوله مبيع قيد أخرج- الموهوب بلا عوض وكذا الموروث (1).

وذهب الشافعية إلى أن الشفعة استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقل عنه من يد من انتقلت إليه بمثل العوض المسمى (2).

وذهب الحنابلة إلى أن الشفعة استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه من يد من انتقلت إليه إن كان مثله أو دونه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد، فقوله: الشريك قيد خرج به الجار والشريك في حق المبيع. وقوله: إن كان مثله أو دونه قيد خرج به الكافر فلا شفعة له على مسلم وقوله بثمنه الذي استقر عليه العقد خرج به الموهوب والموروث وما كان صداقا أو عوض خلع أو نحوهما (3).

مما تقدم تتضح العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي فإذا كانت الشفعة لغة بمعنى الضم والزيادة فإن الشفيع بانتزاعه حصة شريكه من يد من انتقلت إليه بضم تلك الحصة إلى ما عنده فيزيد بها تملكه فالضم والزيادة موجودان في المعنيين اللغوي والشرعي غير أن الشفعة في عرف الشرع اعتبر فيها قيود جعلتها أخص من معناها في اللغة.

(1) مواهب الجليل شرح مختصر خليل جـ 2 ص296.

(2)

مغني المحتاج جـ 2 ص296.

(3)

المغني جـ5 ص255 حاشية المقنع جـ 2 ص256.

ص: 15

‌مشروعية الشفعة:

الشفعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع:

ص: 15

أما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1) وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم (2)» .

وأما السنة فقد ورد بمشروعيتها جملة أحاديث وآثار نذكر منها ما يلي:

1) روى البخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي في سننهما بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وضعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (3)» . . ولمسلم بسنده إلى جابر قال «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة ما لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك وإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به حتى يؤذنه (4)» . وفي رواية للترمذي «من كان له شريك في حائط فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه (5)» .

2) ولأبي داود بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قسمت الدار وحددت فلا شفعة فيها» . قال الشوكاني في النيل ورجال إسناده ثقات ورواه ابن ماجه بمعناه.

3) وللترمذي بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشريك شفيع والشفعة في كل شيء (6)» ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال كما قال الترمذي. وفي رواية للطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة

(1) سورة الحشر الآية 7

(2)

سنن أبو داود البيوع (3515)، سنن ابن ماجه الأحكام (2497).

(3)

صحيح البخاري البيوع (2214)، سنن الترمذي الأحكام (1370)، سنن أبو داود البيوع (3514)، سنن ابن ماجه الأحكام (2499)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 296).

(4)

صحيح مسلم المساقاة (1608)، سنن النسائي البيوع (4701)، سنن أبو داود البيوع (3513)، سنن الدارمي البيوع (2628).

(5)

سنن الترمذي البيوع (1312).

(6)

سنن الترمذي الأحكام (1371).

ص: 16

في كل شيء»، قال الشوكاني في النيل إسناد حديث جابر لا بأس برواته كما قاله الحافظ.

4) وللبخاري وأبي داود والنسائي واللفظ للبخاري بإسناده إلى عمرو بن الشريد قال وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا سعد ابتع مني بيتي في دارك فقال سعد والله ما أبتاعهما فقال المسور والله لتبتاعنهما فقال سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة فقال أبو رافع لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجار أحق بسقبه (1)» ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاه إياها.

هـ) ولأحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا (2)» قال في البلوغ ورجاله ثقات. قال الصنعاني في شرحه: أحسن المصنف بتوثيق رجاله وعدم إعلاله وإلا فإنهم قد تكلموا في هذه الرواية بأنه انفرد بزيادة قوله: إذا كان طريقهما واحدا، عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي. قلت وعبد الملك ثقة مأمون لا يضر انفراده كما عرف في الأصول وعلوم الحديث.

6) وفي الموطأ أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل. قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا.

7) ولابن ماجه بسند ضعيف إلى ابن عمر رضي الله عنهما: الشفعة

(1) صحيح البخاري الشفعة (2258)، سنن النسائي البيوع (4702)، سنن أبو داود البيوع (3516)، سنن ابن ماجه الأحكام (2495)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 10).

(2)

سنن أبو داود البيوع (3518).

ص: 17

كحل العقال ورواه ابن حزم وزاد: فإن قيدها مكانه ثبت حقه وإلا فاللوم عليه. وأخرج عبد الرزاق عن شريح: إنما الشفعة لمن واثبها.

وأما الإجماع، فقد أجمع أهل العلم على القول بها ولم يعرف فيها مخالف إلا ما نقل عن أبي بكر بن الأصم من إنكارها بحجة أن في إثباتها إضرارا بأرباب الأملاك حيث إن المشتري يحجم عن الشراء إذا علم أن ما يشتريه سينتزع منه فيتضرر الملاك بذلك.

وقد رد ابن قدامة رحمه الله شبهته في معرض بحثه إجماع الأمة على القول بالشفعة فقال: وأما الإجماع فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه وتمكن من بيعه لشريكه وتخليصه مما كان بصدده من توقع الحصة والاستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص شريكه من الضرر فإذا لم يفعل ذلك وباعه لأجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه. ولا نعلم أحدا خالف هذا إلا الأصم فإنه قال لا تثبت الشفعة لأن في ذلك إضرارا بأرباب الأملاك فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه لم يبتعه ويتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك. وهذا ليس بشيء لمخالفته الآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله. والجواب عما ذكره من وجهين:

أحدهما: أنا نشاهد الشركاء يبيعون ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ولم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء.

ص: 18

الثاني: أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم فيسقط استحقاق الشفعة. اهـ (1).

(1) المغني جـ 5 ص255.

ص: 19

دفع شبه القول بمنافاتها للقياس.

لقد تكلم بعض أهل العلم في الشفعة من حيث زعم بعضهم منافاتها لبعض الأصول والمبادئ الشرعية فقال السرخسي: وزعم بعض أصحابنا رحمهم الله أن القياس يأبى ثبوت حق الشفعة لأنه يتملك على المشتري ملكا صحيحا له بغير رضاه وذلك لا يجوز فإنه من نوع الأكل بالباطل وتأيد هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه (1)» ولأنه بالأخذ يدفع الضرر عن نفسه على وجه يلحق الضرر بالمشتري في إبطال ملكه عليه وليس لأحد أن يدفع الضرر عن نفسه بالإضرار بغيره. اهـ (2).

وأورد ابن القيم رحمه الله شبهة لنفاة الحكم والتعليل والقياس فقال: وحرم أخذ مال الغير إلا بطيب نفس منه ثم سلطه علما أخذ عقاره وأرضه بالشفعة. وقد رد رحمه الله على هذه الشبهة وعلى دعوى منافاة مشروعية الشفعة لأصول الشريعة ومبادئها فقال: من محاسن الشريعة وعدلها وقيامها بمصالح العباد ورودها بالشفعة، ولا يليق بها غير ذلك، فإن حكمة الشارع اقتضت رفع الضرر عن المكلفين ما أمكن، فإن لم يمكن رفعه إلا بضرر أعظم منه بقاه على حاله. وإن أمكن رفعه بالتزام ضرر دونه رفعه به.

(1) مسند أحمد بن حنبل (5/ 73).

(2)

المبسوط جـ14 ص90.

ص: 19