الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة فللناس فيها نزاع هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها، أم لا يجب القول بالعصمة إلا في التبليغ فقط، وهل تجب العصمة من الكفر والذنوب قبل المبعث أولا.
والكلام في هذا مبسوط في غير هذا الموضع، والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا - انتهى من مجموع الفتاوى (1).
(1) مجموع الفتاوى، (10/ 89 - 292 - 293).
الخاتمة:
وهكذا والحمد لله - وجدنا في كلام الشيخ ردا على كل ما افتراه عليه خصومه ونفيا لما نسبوه إليه، وهذا يدل على غزارة علمه وإمامته، ونحن لا ندعي له العصمة فهو كغيره من الأئمة يخطئ ويصيب. قال الإمام ابن كثير في ترجمته له في البداية والنهاية (1) وأثنى عليه وعلى علومه جماعة من علماء عصره مثل القاضي الخوبي، وابن دقيق العيد، وابن النحاس والقاضي الحنفي وقاضى قضاة مصر ابن الحريري وابن الزملكاني وغيرهم ووجدت بخط ابن الزملكاني أنه قال: اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهتها وإن له اليد الطولي في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتدين. إلى أن قال ابن كثير: وبالجملة كان رحمه الله من كبار العلماء وممن يخطئ ويصيب ولكن خطأه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجي - وخطؤه أيضا مغفور له كما في صحيح البخاري: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا
(1) البداية والنهاية (14/ 119).
اجتهد فأخطأ فله أجر (1)» فهو مأجور وقال الإمام مالك بن أنس: كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر - انتهى.
وكما قلنا قريبا: إن مؤلفات هذا العالم موجودة ومبذولة لكل من أرادها فمن أراد أن يعرف الحقيقة بلا مكابرة فليطالعها ولا يستمع لما يقوله عنه خصومه وحساده والمغرضون المضللون فإن العدل والإنصاف أن تحكم على الشخص من واقع كلامه المذكور في كتبه لا من كلام خصومه. فأعداء الدين دائما في صراع مع دعاة الحق الذين يردون كيدهم. ويبينون زيفهم ويظهرون للناس حقيقتهم.
فقد ظهر شيخ الإسلام في عصر قد اشتدت فيه غربة الإسلام وتفرقت كلمة المسلمين وظهرت الفرق المخالفة لما كان عليه السلف الصالح في العقائد والفروع وخيم الجمود الفكري والتقلب الأعمى فأثر في الجو العلمي، ظهرت فرق الشيعة والصوفية المنحرفة والقبورية ونفاة الصفات والقدرية وطغى علم الكلام والفلسفة حتى حلا محل الكتاب والسنة لدى الأكثر من المتعلمين في الاستدلال، هذا كله في داخل المجتمع الإسلامي في ذلك العصر. ومن خارج المجتمع تكالب أعداء الإسلام فغزوا المسلمين في عقر دارهم فجاءت جيوش التتار من الشرق تداهم ديار المسلمين وتفتك بهم وجيوش الصليبين من الغرب، في هذا الجو المعتم عاش شيخ الإسلام ابن تيمية ضياء لامعا بعلمه الأصيل الغزير يدرس الطلاب ويؤلف الكتب والرسائل ويفتي في النوازل والمسائل. ويناظر المنحرفين. ويرد على المخرفين وينازل الفرق والطوائف. فيرد علما
(1) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7352)، صحيح مسلم الأقضية (1716)، سنن أبو داود الأقضية (3574)، سنن ابن ماجه الأحكام (2314).
الشيعة والقدرية ويرد على علماء الكلام والفلاسفة ويرد على المعطلة والمؤولة في الصفات من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، ويرد على الصوفية المنحرفة وعلى القبوريين والمبتدعة ويحرك أهل الجمود الفقهي والخمول الفكري برد الفقه إلى أصوله الصحيحة ومنابعه الصافية وتصحيح الصحيح وتزييف الزائف حتى أعاد للشريعة نقاءها وإلى العلوم الشرعية صفاءها. يظهر ذلك في مؤلفاته التي خلفها ثروة علمية هائلة، وإلى جانب مجهوده العلمي العظيم شارك في الجهاد في سبيل الله فحمل السلاح وخاض المعارك ضد التتار عدة مرات مما كان له أطيب الأثر في تقوية معنوية المجاهدين حتى انتصروا على عدوهم وقد تخرج على يد هذا العالم الجليل أئمة من طلابه حملوا الراية من بعده. منهم الإمام ابن القيم والإمام ابن كثير والحافظ الذهبي والحافظ ابن عبد الهادي وغيرهم ممن أخذوا عنه العلم ونشروه في الآفاق بما ألفوه من المؤلفات القيمة التي تزخر بها المكتبات الإسلامية اليوم، فجزى الله شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ونفعنا بعلومه، ولما قام بهذا الواجب العظيم غاظ خصومه فرمته كل طائفة من الطوائف المنحرفة بلقب سيئ تريد بذلك صد الناس عن دعوته وتشويه عمله،. .
فنفاة الصفات قالوا إنه مجسم. لأن إثبات الصفات عندهم تجسيم. ومتعصبة الفقهاء والمبتدعة قالوا إنه خرق الإجماع، لأن أخذ القول الراجح بالدليل المخالف لما هم عليه، ورد البدع خرق للإجماع عندهم، وغلاة الصوفية والقبوريون قالوا إنه يبغض الأولياء ويكفر المسلمين ويحرم زيارة القبور. لأن الدين عندهم هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وتعظيم مشايخ الطرق الصوفية واتخاذهم أربابا من دون الله والغلو في تعظيمهم بصرف العبادة إليهم، هذا موقف هذه الطوائف من دعوة شيخ
الإسلام وهو موقف يتكرر مع كل مصلح ومجدد يدعو إلى دين الله الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ونبذ ما خالفه من دين الآباء والأجداد وعادات الجاهلية، وليس هذا بغريب فقد قوبلت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من قبل بأعظم من هذا وقيل عنه إنه ساحر كذاب وإنه شاعر مجنون. إلى غير ذلك من الألقاب السيئة التي يراد بها الصد عن دين الله والبقاء على دين الشرك الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، فلشيخ الإسلام وإخوانه من الدعاة إلى الله أسوة بنبيهم ولهؤلاء المنحرفين سلف من المشركين والمكذبين، ولكن العاقبة للمتقين.
فهذه كتب شيخ الإسلام تأخذ طريقها إلى أيدي كل من يريدون الحق يتنافسون في الحصول عليها والتنقيب عن المفقود منها لإخراجه للناس، فعليك أيها المسلم الناصح لنفسه أن لا تلتفت إلى أقوال المرجفين في حق هذا العالم المجدد المجاهد وأن تنظر إلى أقواله هو لا إلى ما يقال عنه لتصل إلى الحقيقة قال تعالى:{وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (1).
صالح بن فوزان الفوزان
(1) سورة الروم الآية 60
صفحة فارغة
مخطوطة التمييز في معرفة أقسام الألفات في كتاب العزيز لمحمد بن أحمد بن داود تحقيق الدكتور / علي حسين البواب - الدكتور / علي حسين البواب:
- فلسطيني. ولد بمدينة يافا في فلسطين المحتلة سنة 1367 هـ 1947 م.
- حصل على الثانوية العامة في مدينة غزة سنة 1964 م، وواصل تعليمه في القاهرة إلى أن نال درجة الدكتواره في علم اللغة العربية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 1398 هـ / 1978 م.
- عمل مدرسا بوزارة المعارف في الكويت من عام 68 - 78 م. ثم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حيث يعمل أستاذا مشاركا في كلية اللغة العربية بالرياض.
- حقق مجموعة من كتب التراث في علوم القرآن واللغة، منها: شرح كفاية المتحفظ لابن الطيب الفاسى. والتمهيد في علم التجويد لابن الجزري، وتذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجزري، وقنعة الأريب لابن قدامة، ونور المسرى لأبي شامة.
- كما أعد فهارس لمخطوطات ومصورات اللغة والنحو والصرف والعروض بجامعة الإمام.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين، وبعد. .
فقد عني علماء المسلمين بكتاب الله العزيز عناية فائقة، وتناولوا كل ما يحتاج إلى بحث في القرآن الكريم بتوسع وتمحيص، ولم يغادروا منه شيئا يحتاج إلى درس أو تحليل، وهم في ذلك يرمون إلى تيسير فهم كتاب الله تعالى واستنباط ما فيه، ويحرصون على تعليمه، وتسهيل تلاوته، وتصحيح قراءته.
ومن هذه المباحث ما نقدم له من درس لأنواع الألفات أو الهمزات في أوائل كلمات القرآن الكريم: فمنها ما يظهر في أول الكلام ويسقط في وسطه، ومنها ما ينطق به على كل حال، ومنها ما يكون مفتوحا أو مضموما أو مكسورا، ومنا ما يسهل أو يلين، وقد سعى المؤلف إلى بيان هذه الأنواع والتعريف بها.
أما مؤلف الكتاب فمن أهل القرن التاسع الهجري، ترجم له السخاوي مؤرخ ذلك القرن فقال:
" محمد بن أحمد بن داود، الشمس، أبو عبد الله الدمشقي، الشافعي، المقرئ، ويعرف بابن النجار. ولد سنة ثمان وثمانين وسبعمائة تقريبا، وأخذ القراءات عن صدقة الضرير تلميذ ابن اللبان، وبرع فيها، وتصدر لها بجامع بني أمية وغيره، فأخذها عنه الفضلاء كالسيد حمزة الحسيني، وانتفعوا به فيها، وكان مع ذلك ماهرا في الحساب، وله مجلس بجامع "يلبغا" يعظ فيه الناس، وكتب شرحا على باب وقف حمزة وهشام من "القصيد"، وكذا كتب في الأوجه الواقعة في آخر البقرة وأول آل عمران، وعارضه فيها بعض تلامذته وغلطه في
بعض مقالاته. ومات ظنا قريبا من سنة سبعين " (1).
وقد وقفت على عدد من الرسائل التي ألفها ابن النجار، وهي كلها مخطوطة، في التجويد والقراءات، تحتفظ بأكثرها مكتبات: جامعة برنستون في أمريكا، ورضا بالهند، والظاهرية بدمشق.
ومن هذه الرسائل:
* الإفهام في شرح باب وقف حمزة وهشام، وله نسخ مخطوطة في برنستون، والأزهرية 4486، والظاهرية (2).
* الرد المستقيم على بعض الأعاجم في تحريك الميم.
* الرد الوافي للقول المنافي، تتعلق بالأوجه الجائزة بين آخر سورة البقرة وأول سورة آل عمران.
* رسالة في جواز وصل الاستعاذة بالبسملة.
* رسالة في التعبير في ختم القرآن. .
* رسالة في جواز قراءة (أئمة) بالياء.
* رسالة في الفرق بين الضاد والظاء.
* غاية المراد في معرفة إخراج الضاد.
* مسألة السكت والغنة.
* مسألة في قراءة (تأمنا).
* نثر الدرر في معرفة مذاهب الأئمة السبعة بين السور، وهي قريبة في موضوعها من "الرد الوافي" وليست هي.
(1) الضوء اللامع 6/ 308.
(2)
فهرس الأزهرية 1/ 61. وفي فهرس الظاهرية "علوم القرآن " وهشام من منظومة ابن الجزري، وليس صوابا.
والكتاب الذي نحققه لابن النجار هو "التمييز في معرفة أقسام الألفات في كتاب الله العزيز "، وربما كان الكتاب الوحيد الذي ألف خاصا بالهمزات في أوائل الكلمات في القرآن الكريم.
وقد ألف علماء العربية كتبا في الألفات أو الهمزات في أوائل الكلمات في العربية، وقد وصلنا من ذلك كتابان:
الأول: لمحمد بن القاسم، أبي بكر، ابن الأنباري، المتوفى سنة 338 هـ، وعنوانه " مختصر في ذكر الألفات "، وقد تحدث فيه عن الألفات في أوائل الأفعال، وقسمها إلى أصل، وقطع، ووصل، واستفهام، وألف الخبر عن نفسه، وألف ما لم يسم فاعله، وتكلم عن كل نوع من الأنواع الستة. ثم تحدث عن الألفات في أوائل الأسماء وهي الأصل، والقطع، والوصل، والاستفهام، وتكلم أيضا عن كل واحد من هذه الأقسام، ثم ختم الكتاب بالهمزات في أوائل حروف المعاني والأدوات.
والثاني: "الألفات" لأبي عبد الله، الحسين بن أحمد، ابن خالويه، المتوفى سنة 370 هـ، تحدث فيه بتوسع عن ألفات الوصل، والأصل، والفصل، والقطع.
أما كتاب ابن النجار -وقد أفاد فيه من سابقيه- فجعله في ستة أقسام: الوصل، والأصل، والقطع، وما لم يسم فاعله، والخبر عن نفسه، والاستفهام، وفي كل قسم يتحدث عما يجيء منه في الأفعال والأسماء، أو في الأفعال وحدها، ويمثل له بآيات من القرآن الكريم، وفتح الكتاب بمبحث للهمزات في أوائل الضمائر وحروف المعاني والأدوات.
وقد حققت الكتاب عن نسخة فريدة -فيما أعلم، وهي ضمن مجموع تحتفظ به مكتبة برنستون - مجموعة جاريت تحت رقم 244/ 4346، في ثماني ورقات ( ilov- flo) في كل صفحة ثلاثة عشر سطرا وعلى الصفحة الأولى اسم المؤلف وعنوان الكتاب، وقد كتبت المخطوطة بخط نسخي مقروء، كتبها أحمد بن موسى بن محمد القرشي، وقد نص في أكثر من رسالة على كتابتها سنة 860 هـ وإن لم يذكر ذلك في آخر مخطوطتنا، وقد قرئ الكتاب وصحح على مؤلفه. وكتبت بعض الكلمات بالحمرة الخفيفة، فكان قراءتها في المصورة صعبا، ولكن يبدو أن بعض الكلمات ترك لها فراغات لتكتب بالحمرة ونسي ذلك، إذ لا يظهر لها أثر في المصورة.
وحاولت تقديم نص جيد، صححت بعض أخطاء المخطوطة، واستدركت بين معقوفين الألفاظ غير المكتوبة، أو ما يحتاج إلى تكملة، ووضحت بداية كل صفحة من وجهي ورقة المخطوطة، كما جعلت أسماء السور وأرقام الآيات بين معقوفين تقليلا للحواشي، وخرجت كل ما يحتاج إلى ذلك، وعلقت على بعض العبارات، وربطت الكتاب بكتابي ابن الأنباري، وابن خالويه وأحلت عليهما.
وبعد،
فهذا جهد من جهود علماء العربية في خدمة كتاب الله تعالى، ورسالة جديدة تضاف إلى المكتبة التراثية، نرجو الله تعالى أن ينفع بها، وأن يثيبنا عليها، وأن يعفو عن سيئاتنا وهفواتنا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
د. علي حسين البواب
صورة من المخطوطة.
[صورة من المخطوطة].
[صورة من المخطوطة].