الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب، فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض، شرع الله سبحانه رفع هذا الضرر بالقسمة تارة، وانفراد كل من الشريكين بنصيبه، وبالشفعة تارة، وانفراد أحد الشريكين بالجملة، إذا لم يكن على الآخر ضرر في ذلك فإن أراد بيع نصيبه وأخذ عوضه كان شريكه أحق به من الأجنبي وهو يصل إلى غرضه من العوض من أيهما كان فكان الشريك أحق بدفع العوض من الأجنبي، ويزول عنه ضرر الشركة، ولا يتضرر البائع لأنه يصل إلى حقه من الثمن، وكان هذا من أعظم العدل وأحسن الأحكام المطابقة للعقول والفطر ومصالح العباد. اهـ (1)
(1) إعلام الموقعين جـ 2 ص111.
الحكمة في مشروعية الشفعة
لا شك أن الشريعة الإسلامية تهدف بتشريعاتها إلى تحقيق العدل وتعميم الرخاء وتحصيل المصالح ودرء المفاسد فهي عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه. والشفعة شرع الله شرعها تعالى بلسان رسوله صلى الله عليه وسلم فلا شك أن لمشروعيتها حكمة اقتضاها عدله تعالى بين عباده ورحمته بين خلقه، ولا شك أن من الحكمة في مشروعيتها إزالة الضرر بين الشركاء أو الضرر مطلقا فإن الشركات في الغالب تعتبر موطنا للخصومات ومحلا للتضرر والتعديات قال تعالى:{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} (1) قال ابن القيم رحمه الله: ولما كانت الشركة منشأ الضرر في الغالب فإن الخلطاء يكثر فيهم بغي بعضهم على بعض شرع الله سبحانه رفع هذا الضرر بالقسمة تارة وانفراد
(1) سورة ص الآية 24
كل من الشريكين بنصيبه، وبالشفعة تارة وانفراد أحد الشريكين بالجملة. اهـ (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الشفعة: فإنها شرعت لتكميل الملك للشفيع لما في الشركة من التضرر. اهـ (2).
ونقل علي حيدر عن مجمع الأنهر: أن الحكمة في مشروعيتها دفع ما ينشأ من سوء الجوار من الضرر على وجه التأييد كإيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار ومنع ضوء النهار وإقامة الدواب والصغار. اهـ (3).
وباستعراض ما تقدم من تعاريف الشفعة لدى أهل العلم وحكمة مشروعيتها يتضح ما يلي:
ا) اتفاقهم على القول بالشفعة على وجه الإجمال.
2) اتفاقهم على ثبوت الشفعة للشريك المسلم بشرطه.
3) اتفاقهم على عدم اعتبار رضا الشريك والمشفوع عليه في انتزاع الشفيع حصة شريكه من يد من انتقلت إليه.
4) اتفاقهم في الجملة على ثبوت الشفعة في العقار.
5) اختلافهم في سبب الشفعة حيث اتفق الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأحمد على أن الشفعة خاصة للشريك فلا شفعة بجوار ولا بمرفق خاص مشترك كطريق وبئر ومسيل وخالف في ذلك الإمام أبو حنيفة حيث أثبت الشفعة بالجوار وبالمرافق الخاصة ووافقه في ذلك الإمام أحمد في رواية عنه في الشفعة بالمرافق الخاصة.
(1) إعلام الموقعين جـ 2 ص111.
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 29 ص 178.
(3)
درر الأحكام شرح مجلة الأحكام جـ 4 ص672.