الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد الثاني
كلمة العدد
لمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي
د/ محمد الحبيب ابن الخوجة
الحمد لله الذي بنى شريعته على أصول معتمدة من النظر، وقواعد مسلمة في الاعتبار والعمل والأثر، وصرح بأحكام أورد فيها نصوصًا قطعية ثابتة في كتابه الكريم أو مقيدة أو مخصصة، وسكت عن الكثير مما أتت السنة الشريفة النبوية له مبينة أو مفصلة. وترك ما وراء ذلك عفوًا منه سبحانه ورحمة تخفيفًا على المكلفين. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ومبلغ أكمل الشرائع وأتمها وأهمها وأقومها وأصلحها وأوفقها للعالمين، وعلى آله وأصحابه شموس الاهتداء ونجوم الائتساء والاقتداء الذين أخذوا عنه واستمدوا منه، وتأثروا بنظره واجتهاداته، وتعلموا منه الحكمة وروح التشريع، وتبينوا من معاشرته وملازمته وأقضيته وأحكامه أصول الشريعة ومقاصدها فكانوا للمصالح راعين، وللمفاسد دارئين، وبالرحمة والعدل متمسكين وللجور والعبث ملغين ومبطلين.
وبعد، يسر أمانة مجمع الفقه الإسلامي بجدة أن تخرج للقراء والباحثين والمستفيدين والمستفتين هذا العدد الثاني من دورية المجمع، وهو حافل بما تعنون له أقسامه من جهود وأعمال وتصفه محتويات من ألوان نشاط المجمع خلال السنة الثانية من انطلاقه. فهو إلى جانب وقائع الجلسة العامة الافتتاحية للدورة الثانية لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي التي زانها صاحب السموم الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز حفظه الله بإشرافه عليها نيابة عن جلالة الملك المعظم أعزه الله ونصره، يحتوي على جملة من البحوث والدراسات المعروضة على مجلس المجمع. بعضها قد تم البت في شأنه في هذه الدورة. وبعضها الآخر رأى المؤتمر إرجاءه إلى الدورة القادمة لاتخاذ القرار النهائي بشأنه بعد مواصلة بحثه واستدراك الجوانب المتصلة به التي وقع السكوت عنها أو جاءت مجملة في البحوث المقدمة، ولكننا مع ذلك تعمدنا كما سيرى القارئ الكريم نشر ما تم عرضه من هذه البحوث. وقد كانت –بحمد الله- عامة البحوث والدراسات العلمية والفقهية مما عرض على المجمع في هذه الدورة موضع درس وبحث ونظر ومناقشة في أيام دراسية مباركة واتخذت بشأنها القرارات المناسبة المجمعية. وفي نهاية هذا العدد تأتي ملاحظات ومقترحات ممثلي شعب المجلس وذلك في التقرير الصادر عن اجتماعهم المنعقد بمقر المجمع بجدة يومي 2، 3 رجب 1406هـ/ 12، 13 مارس 1986م.
وإنا لنرجو من الله أن يمد هذه المؤسسة بعونه وتوفيقه، ويسدد خطى أعضاء المجمع والعاملين فيه من فقهاء وأصوليين ودارسين وباحثين وخبراء مجمعيين لصيانة شريعة ربنا، والنهوض بفقه ديننا، والسعي في توحيد كلمة أمتنا، وإصدار الأحكام الاجتهادية من قياسية ومصلحية، بحسب ما يتلاءم مع اختلاف الأعراف المعتبرة، وتغيرات الزمان، وبما يقيم العدل ويجلب المصالح ويدرأ المفاسد ويعين على نشدان الحق وطلب الاستقامة، والله ولي القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
القسم الأول
الجلسة الافتتاحية
خطاب صاحب الجلالة الملك فهد بن عبد العزيز
ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي
الأمير ماجد بن عبد العزيز
أمير منطقة مكة المكرمة
في افتتاح الدورة الثانية
لمؤتمر الفقه الإسلامي بجدة
الحمد لله يحق الحق ويبطل الباطل.. أنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كتابًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأوضح فيه مقاصد الحق وحاجات الخلق في عباداتهم ومعاملاتهم وأخذهم وعطائهم.. والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل: ((ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين)) .
أيها الإخوة الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إنه لمن دواعي سروري أن أفتتح نيابة عن خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبد العزيز الدورة الثانية للمجمع الفقهي.. وتأتي هذه الدورة بعد مرور عام على افتتاح الدورة الأولى، ونرجو أن يكون المجمع الفقهي قد أتم وضع القواعد اللازمة لينطلق في عمله المبارك ونسأل الله تعالى أن يوفقكم ويسدد خطاكم وينفع المسلمين بالآراء والاجتهادات الجماعية..
أيها الإخوة الكرام..
إننا نعتقد أن أهم ما يعني به التفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. فقد كان الفقه الإسلامي من أهم الأسس التي ساهمت في بناء الأمة الإسلامية وتكوين حضاراتها وسد حاجتها وامتداد سلطانها وانضواء الشعوب المختلفة تحت لوائها لأنه فقط يقوم على العدالة ويصون الحقوق ويكفل الحرية ويلائم الفطرة السليمة ويزيل الفوارق ويساير التطور.. ولا تسيطر عليه شهوات الأفراد ولا أطماع الجماعات.. ولا يخضع لهوى أيٍ كان.. ذلك أنه مستمد من شرع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. وأنه مستمد أيضًا من إرشاد رسول أمين لا ينطق عن الهوى ولا يحيد عن الحق..
ولقد خدم في هذا المجال رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فوضحوا معالم الشريعة.. كان دأبهم دراسة الدين والتفقه فيه وإيضاح مقاصده للناس وتقديمها للخلف سهلة سائغة.. واليوم تجد حاجات جديدة للأمة الإسلامية وأمور تتطلب أن يشرع لها، وأن ذلك يكون امتدادًا لما قام به الفقهاء الأجلاء في الماضي.. ويا حبذا أن يقتدي الآخر بالأول في تبصير الأمة الإسلامية بما جد من أمورها وحوادثها وأحوالها. وحين تكون التشريعات جماعية يكون ذلك أدعى إلى تجنب الأخطاء وإلى الإلمام باجتماعيات الشعوب الإسلامية المختلفة.. وأن خصوبة الفقه الإسلامي تمكن في يسر من مواجهة التطورات الهائلة في مختلف جوانب الحياة.. لا جمود ولا تعصب ولا انحلال ولا مسايرة للأهواء.. لأننا نسلك على المنهاج الرباني الصالح لكل زمان ومكان.. ونبعث كنوز الدراسات الفقهية وإضافة المزيد إليها..
وبحمد الله تسير هذه المملكة في خير لاستمداد تشريعاتها من الفقه الإسلامي المدعم بكتاب الله وسنة رسوله.. وسيعيش المسلمون في خير إن شاء الله طالما وفقهم الله إلى اختيار هذا المسلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .. والسلام عليكم ورحمة الله..