الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجهزة الإنعاش
الدكتور محمد على البار
الفصل الخامس
تحديد الوفاة والأخطاء التي تحدث فيها
الموت والحياة لغز من الألغاز لم يدرك الإنسان كنهما رغم أنه شاهد هذه التجربة مرارا وجربها ملايين الملايين من البشر منذ أن خلق الله الإنسان على ظهر الأرض.
ولم يكن الأمر يحتاج إلى طبيب ليعلن بدء الحياة أو نهايتها.. الملايين من النساء أنجبن أطفالهن دون تدخل طبيب وملايين الملايين من البشر خرجوا من هذه الحياة دون الحاجة لشهادة من طبيب تثبت وفاتهم.
وبدأت الحياة في التعقيد وتبين أن تحديد الحياة بدءًا ونهاية أمر ليس بالسهولة التي يمكن أن تترك للقابلة أو للأشخاص المجربين.
وسنترك موضوع بداية الحياة إلى بحث آخر إن شاء الله.
ومنذ لحظة خروج الجنين من بطن أمه قد يتعرض لسبب من أسباب الوفاة. بل إنه قد يتعرض للوفاة وهو في بطن أمه فهل يمكن تحديد ذلك؟
إثبات الوفاة:
بالنسبة للقدماء كان من الصعب لديهم إثبات وفاة الجنين في بطن أمه وكانوا يخمنون ذلك بتوقف حركته..أما الآن فقد تيسرت الوسائل..وعند خروج الطفل من بطن أمه قد لا يستهل صارخا كما يفعل بقية الأطفال بسبب من الأسباب وكان القدماء بوسائلهم البسيطة يفقدون أعدادا كبيرة من الأطفال فلا يتم إنقإذهم وتحدث فقهاء الإسلام في هذا الموضوع.
قال مفتى الجمهورية التونسية الشيخ محمد المختار السلامي (1) . " وقد فصل اللخمي ما تكون به الحياة فقال: اختلف في الحركة والرضاع والعطاس، فقال مالك: لا يكون له بذلك حكم الحياة!! قال ابن حبيب وإن أقام يوما يتنفس ويفتح عينه ويتحرك ويسمع له وان كان خفيا!!! قال إسماعيل: وحركته كحركته في بطن أمه لا يحكم له فيها بحياة. قال عبد الوهاب وقد يتحرك المقتول.. وعارض هذا المازري وقال: لا معنى لإنكار دلالة الرضاعة على الحياة لأنه نعلم يقينا أنه محال بالعادة أن يرضع.
وخلاصة هذا الكلام أن بعض الفقهاء على الأقل حكموا بموت الجنين عند ولادته إذا لم يستهل صارخا ولو بصوت خفي واعتبروا حركته وتنفسه بل وعطاسه ورضاعته وتبوله وتغوطه أمورا ليست كافية لإعطائه صفة الحياة. ورد عليه آخرون باعتبار الرضاعة دليلا كافيا على حياة الطفل واعتبر آخرون العطاس دليلا كافيا على الحياة واستدلوا على ذلك بأن آدم عليه السلام لم نفخت فيه الروح عطس فحمد الله كما جاء في الحديث.
وتعتبر نظرة الفقهاء الذين لم يكتفوا بالحركة كدليل على الحياة أو خروج بعض الإفرازات من مخارج الجسم مثل البول والغائط والمخاط من الأنف أو الزبد من الفم كدليل على الحياة.. تعتبر نظرة هؤلاء الفقهاء موافقة للطب الحديث. فقد يتحرك المقتول أو المذبوح.. ومن المشاهد أن الدجاجة تقفز وتتحرك بعنف بعد ذبحها وكذلك بقية الحيوانات كالشاه والجمل والعجل وكم من أجساد تحركت بعد أن حزت رؤوسها بالمقصلة أو السيف ولم تهمد حركتها وتبرد إلا بعد مرور دقائق وأحيانا ساعات.
وفي الصورة التالية صورة لدجاجة ذبحت بحيث فصل رأسها ومع هذا ظلت تمشي وتتحرك وتتنفس لمدة أسبوع كامل. وذلك لأن موضع الذبح كان عاليا بحيث بقى جزء من النخاع المستطيل (من جذع الدماغ) حيا وهو الذي يتحكم في التنفس. وكانت تغذيتها تتم من البلعوم المفتوح.
(الصورة من كتاب كريستوفور باليس ابجديات موت الدماغ)
ABC of Broom Stem Death. Christopher Palls. BM.J. articles ، BM.A. London.
(1) صحيفة الشرق الأوسط في 22/6/14 5هـ الموافق 13/3/1985م
إذن مما تقدم يتضح كيف أن تحديد الموت كان ولا يزال يواجه صعوبات جمة وخاصة بالنسبة لعامة الناس.. وكان تحديد موت شخص قد عاش فترة ثم مات أقل صعوبة من تحديد موت وليد خرج لتوه من بطن أمه ولم يستهل صارخا ولا شك أن عددا كبيراَ من هؤلاء الأطفال قد أعلنت وفاتهم في الماضي بينما هم في الواقع كانوا عند إعلان وفاتهم أحياء ولو كانت وسائل التشخيص والإسعاف كما هي الآن لأمكن إنقإذ الآلاف من هؤلاء الأطفال الذين أعلنت وفاتهم في الماضي. لأن بعض الفقهاء آنذاك حددوا بدء الحياة بالاستهلال بالصراخ!
وكذلك في مراحل العمر المختلفة كان الشخص يعتبر ميتا وهو في الواقع حي ومثال ذلك ما يضربه الفقهاء (نقلا عن كلام مفتى تونس في صحيفة الشرق الأوسط المتقدم ذكر) من أن عمر رضى الله عنه لما طعن كان معدوداَ في الأموات.. وأنه لو مات له مورث لما ورثه وهو قول ابن القاسم، ولو قتل رجل عمر في تلك الحالة لما قتل به وإن كان عمر يتكلم ويعهد ولا شك ان عمر رضى الله عنه كان حيا بعد ما طعن وقد بقى ثلاثة أيام ولو كان الطب متقدما آنذاك لأمكن إنقإذه بإذن الله وقد استدل الطبيب آنذاك بأن عمر ميت عندما سقاه لبنا فخرج من أمعائه من الجرح واليوم لا تعتبر مثل هذه الحالة مميتة بل يمكن إلى حد كبير إنقإذها بإذن الله.
وقد تمكن الأطباء من إنقإذ الرئيس ريجان بعد إصابته برصاصة مزقت رئته ومرت بشغاف قلبه (التأحور) عندما قام شخص بالاعتداء على حياته وهناك مئات الحالات المماثلة التي ينقذها الأطباء كل يوم ولو حصل هذا الاعتداء في زمن سابق لأعلن الفقهاء قبل الأطباء موته.
نتيجة لهذه الأسباب ولكثرة الأخطاء النسبية في تشخيص الموت لم يعد من حق الأشخاص العاديين أن يعلنوا الموت أو الحياة بل تحول ذلك إلى فئة مختصة بهذا الموضوع هم الأطباء وقد أصبح الأطباء في دول العالم أجمع هم الذين أنيط بهم إصدار شهادات الميلاد أو شهادة الوفاة.
ورغم ذلك فإن إعلان الميلاد أو الوفاة يتم في الأرياف والقرى في معظم أنحاء العالم الثالث دون معاينة الطبيب.. بل إن إعلان الوفاة قد يتم في المدن دون معاينة الطبيب حيث يكتفي بشهادة الأهل ويصدر الطبيب شهادته بناء على ذلك.
وهذا ما يفسر ما تنشره الصحف من أن طفلا أو رجلا أو امرأة قام من قبره يمشي إذ أن هذا الشخص لم يمت في الواقع بل إن الأشخاص الذين أعلنوا وفاته لم يكونوا على دراية كافية بهذا الموضوع الذي يبدو سهلا في كثير من حالاته إلا أنه يصبح شديد التعقيد في بعض الحالات.
الخطأ في إعلان الوفاة:
الخطأ إذن في إعلان وفاة شخص ينتج على عدة مستويات كالآتي:
1-
مستوى العامة ممن ليس لهم دراية بالطب وإنما أنيط بهم إعلان الوفاة لعدم وجود طبيب ولسابق تجربتهم ومعرفتهم فإن العباس رضى الله عنه لما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الأخير قال وأني أعرف الموت في وجوه بني هاشم، ونعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي رضى الله عنه.
ولا تزال القرى والأرياف في كثير من أنحاء العالم الإسلامي والعالم الثالث تعتمد في تشخيص الوفاة على ذوى التجارب أو على المساعدين الصحيين.. واحتمال الخطأ في تشخيص الوفاة في مثل هذه الحالات كبير نسبيا
2-
الخطأ في مستوى الأطباء: لقد تعارف الأطباء منذ الأزمنة القديمة على أن توقف القلب عن النبض وتوقف الدم عن الدوران يعني الموت ولا يزال هذا المقياس قائما إلى اليوم وسيقي لفترة طويلة من الزمن في المستقبل لمعظم الحالات على الأقل.
ففي بريطانيا مثلا يتوفي كل عام نصف مليون شخص ويحكم الأطباء بموتهم نتيجة توقف القلب والدورة الدموية نهائيا عن الحركة ورغم التقدم الطبي الهائل فإن هناك ما يقرب من أربعة آلاف شخص لا يدخلون في هذا التعريف في بريطانيا كل عام (كتاب كريستوفر باليس ألف باء موت جذع الدماغ) وإنما يعتبر موتهم نتيجة موت الدماغ لا موت القلب وفي الواقع فإن هؤلاء الأشخاص الذين لا يشكلون سوى أقل من واحد بالمائة من جميع الوفيات في بريطانيا يوضحون عمق المشكلة الجديدة التي بداَ الأطباء في العالم اجمع يعانون منها نتيجة التقدم التكنولوجي الطبي المذهل إذا أن هذه الحالات جميعاَ أعلن عن موتها رغم أن القلب كان لا يزال ينبض والدورة الدموية لا تزال تتدفق.
وسبب هذه الثورة في المفاهيم هو أن الإصابات البالغة للدماغ التي كانت تعتبر مميتة في الحال لم تعد تعتبر كذلك فإذا توقف قلب الشخص أو تنفسه نتيجة إصابة الدماغ الذي به مركز التنفس أو توقف القلب والتنفس نتيجة لأي إصابة أخرى مثل الغرق أو الخنق أو اضطراب في كهرباء القلب أو غيرهما من الأسباب فإن وسائل الإنعاش الحديثة كالمنفسة (جهاز التنفس) Ventilator وجهاز إيقاف ذبذبات القلب Defibrillator إذا استخدمت بمهارة قد تؤدي إلى إنعاش الشخص وإعادة التنفس ونبض القلب إذا أراد الله ذلك.. وكان له في العمر بقية.
وهنا يحدث أحد الأمور التالية:
1-
يعود الشخص إلى التنفس الطبيعي بدون الآلة (المنفسة (Respirator) ويعود قلبه إلى النبض ويستمر في ذلك وسواء كان في حالة غيبوبة أم لا فإنه يعتبر حيا بدون ريب.
2-
لا يمكن إيقاف المنفسة (Respirator) إلا لدقائق حيث يتبين أن التنفس لا يزال يعتمد على المنفسة والشخص لا يزال فاقدا للوعي بصورة كاملة وهنا لابد من إيجاد مواصفات جديدة لتحديد الوفاة إذ أن القلب لا يزال ينبض والتنفس مستمرا بمساعدة الآلة.
3-
يتوقف القلب نهائيا رغم وجود المنفسة: ففي الحالة الأولى يعتبر الشخص حيا ولو كان فاقد الوعي واستمر في غيبوبته غيبوبة كاملة لمدة عام أو عدة أعوام كما حدث في حالة آن كونلان المشهورة.
وفي الحالة الثالثة يعتبر الشخص ميت بلا جدال. والحالة الثانية هي الحالة المعقدة التي أثارت جدلا واسعا في الغرب امتد أثره إلينا مع زحف التقدم الطبي والتكنولوجي. ومع قيام المستشفيات الحديثة ومع إثارة موضوع الاستفادة من الأعضاء الحية من شخص ميت لزرعها في إنسان حي ماتت كليته أو كادت وشارف قلبه أو كبده على الموت.
وفي هذه الحالة الثانية حصلت أخطاء على مستوى الأطباء بل على مستوى الأخصائيين من الأطباء في أكثر دول العالم تقدما
وقد قدم التلفزيون البريطاني B.B.C في برنامج بانوراما موضوع موت الدماغ في 13 أكتوبر 1980 حلقة مثيرة تحدثت فيها فتاة أخذت بعض الحبوب المنومة فأغمى عليها وتوقف تنفسها ووضعت تحت أجهزة الإنعاش المعقدة وفي المستشفي أعلن الأطباء أن دماغها قد مات وأن تنفسها قد توقف وأن تخطيط المخ الكهربائي لا يشير إلى وجود أي ذبذبات أو موجات آتية من دماغها ولذا أعلنوا موتها.
ورفض أهلها هذا التقرير وجاءت مجموعة أخرى من الأطباء وواصلوا استخدام أجهزة الإنعاش فتنفست الفتاة طبيعيا ثم أفاقت من غيبوبتها ثم ذهبت إلى محطة التليفزيون لتروى للمشاهدين كيف أنها كانت تسمع الأطباء وهم يتجادلون ثم تسمعهم وهم يقررون وفاتها وهي في غيبوبتها العميقة.
وذكر البرنامج عدة حالات مشابهة توضح أخطاء الأطباء في إعلان الوفاة بسبب حالة الإغماء والغيبوبة التامة وفقدان الأفعال المنعكسة وتوقف التنفس الطبيعي.
وقد أخبرني الأستاذ الدكتور عبد الله منجود بحادثة مشابهة حدثت حيث كان يعمل في إحدى مستشفيات في مانشستر في إنجلترا عندما جاء الإسعاف بامرأة عجوز توقف قلبها وتنفسها.. وبعد محاولات الإنعاش قرر زملاؤه الأطباء أن المرأة ماتت وأوقفوا جهاز التنفس ولكنه أصر على إعادة المحاولة وبعد نصف ساعة عاد التنفس الطبيعي ثم عاد الوعي وعاشت المرأة فترة من الزمن.
لذلك تكونت لجان طبية عليا متخصصة لدراسة موت الدماغ. وكانت مجموعة من الأطباء الفرنسيين (مولارت وجولون) أول من تحدث عن مرحلة ما بعد الإغماء Coma de passe عام 1959 (1) ثم ظهرت لجنة آدهوك من جامعة هارفارد عام 1968 بتحديدات واضحة المعالم لموت الدماغ (2)
وفي بريطانيا اجتمعت لجنة مكونة من الكليات الملكية للأطباء، وأصدرت تعريفاتها لموت الدماغ عام 1976 (3)
وعام 1979 (4)
ومن عام 1981 أصدر الرئيس ريجان أمره بتكوين لجنة من كبار الأطباء والقانونيين وعلماء الدين لدراسة موضوع موت الدماغ. وأصدرت اللجنة قرارها عن موت الدماغ في يوليو 1981 (5) وقد وافقت 25 ولاية على الاعتراف بموت الدماغ وارتفع العدد إلى 33 ولاية في عام 1982 وكانت ولاية كانساس هي أول ولاية تعترف قانونيا بموت الدماغ وذلك في عام 1970 (6) ولا يزال الأمر كما تقول مجلة JAMA (7) الطبية المشهورة غريبا حيث يعتبر المرء ميتا في ولاية بينما تعتبره ولاية مجاورة حيا.
(1) Mollaret P. Goulon M. le coma de Passe ، Rev. Neurol، 1959. 1 1:3-15
(2)
Ad Hoc Committee of the Hrverd School of Medicire: A defnation Irrewversible Coma JAMA. 1968.2 5: 85 - 88
(3)
conference of medical royal colleges in U.k diajnosis of death Br. Med j 1976 (2) : 1187-8
(4)
conference of medical royal colleges in U.k diajnosis of death Br. Med j 1976 (2) : 1187-8
(5)
J 1979 (1) : 332 - Joynet R.A new look at Death JAMA 1984: 252 (5) : 68 - 682
(6)
J 1979 (1) : 332 - Joynet R.A new look at Death JAMA 1984252 (5) 68 - 682: 252 (5) :.
(7)
J1979 (1) :3320- JOYNET r.a.NEW LOOK AT DEATH JAMA 1984: 252 (5) : 680-682
الفصل السادس
أجهزة الإنعاش وموت الدماغ
إن التعريف القديم للموت وهو توقف القلب والتنفس لا يزال ساريا بالنسبة لمئات الملايين من الوفيات التي تحدث سنويا ومع هذا نتيجة التقدم الطبي السريع واستخدام أجهزة الإنعاش فإن هذا التعريف أصبح غير كاف بالنسبة لمجموعة من الحالات في المراكز المتقدمة ففي بريطانيا مثلا يتوفي كل عام نصف مليون حالة حسب التعريف القديم وهو توقف القلب عن النبض والدم عن الدوران والرئتين عن التنفس. ولكن هناك أيضًا أربعة آلاف حالة لا ينطبق عليها هذا التعريف (1) وإنما يتم في هذه الحالات التي لا تكاد تبلغ 1 % من مجموع الوفيات (8ر %) تعريف الموت بواسطة موت الدماغ أو بالأصح موت جذع الدماغ..
وقد ظهرت هذه الحالات نتيجة التقدم الطبي الباهر في السنوات الأخيرة.. وتحدث هذه الحالات أساسا نتيجة حادثة لشخص سليم في الغالب حيث يعاني الدماغ من إصابة بالغة فيه.. وبما أن مراكز التنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية موجودة في الدماغ وبالذات في جذع الدماغ Brain Stem فإن إصابة هذه المراكز إصابة دائمة تعني الموت ولكن قد تكون الإصابة مؤقتة ويمكن أن يشفي منها المصاب بإذن الله بالعلاج ولهذا لزم محاولة استمرار التنفس وضربات القلب والدورة الدموية بوسائل الإنعاش.
وتتمثل وسائل الإنعاش في مجموعة من الأجهزة والعقاقير وأهم من ذلك المجموعة المدربة من الأطباء والممرضين الذين يستخدمون هذه الأجهزة بمهارة.
أجهزة الإنعاش: وتتمثل الأجهزة في المجموعة التالية:
1-
المنفسة Respirator or Ventilator وهي أنواع مختلفة فعندما يرى الطبيب مثلا أن التنفس قد توقف أو أوشك على التوقف فإنه يقوم بإدخال أنبوبة إلى القصبة الهوائية ويوصل ذلك إلى المنفسة.. وهناك المنفسة التي تعمل باليد مثل Ambu Bag وموجودة في شنطة الإسعاف لدى الممرضين والأطباء ورجال الإسعاف وحتى مضيفي الطائرات ووسائل النقل.. وهناك المنفسة التي تعمل بالكهرباء أو بالبطارية
(1) Christopher Palls: ABC of Brain Stem Death: Br. Med. J 1981 ، 285: 14 9 = 1412
كما أن هناك أنواعا من المنفسات تساعد المريض الذي يتنفس بصعوبة بالغة فلا تأخذ عمل جهازه التنفسي بل تساعده على ذلك ومثالها Bennet Respirator وتستخدم خاصة في مرض الامفيزيما Emphysema والربو المزمن الشديد، والالتهابات الشعبية المزمنة.
ولكن معظم أنواع المنفسات التي تستخدم في العرض الذي نتحدث عنه هو تلك التي تقوم فيه المنفسة بعمل الجهاز التنفسي وتحرك بذلك القفص الصدري في حركة تشبه حركة الشهيق والزفير الطبيعتين.
وتستخدم هذه الأجهزة أيضًا أثناء العمليات التي يستخدم فيها التخدير الكامل فيفقد المريض وعيه ويدخل طبيب التخدير الأنبوبة إلى القصبة الهوائية Trachea ويصبح تنفس المريض أثناء العملية وربما بعدها لدقائق أو ساعات معتمدا على جهاز التنفس وفي الحالات المستعجلة جدا والتي يكون فيها انسداد في الحنجرة مثلا فإن الطبيب قد يقوم بعملية شق الرغام (شق القصبة الهوائية) Tracheostomy ويدخل الأنبوب مباشرة من الفتحة ويتم بذلك التنفس الصناعي.
2-
أجهزة إنعاش القلب مثل مانع الذبذبات Defibrillator وهذا الجهاز يعطي صدمات كهربائية لقلب اضطرب نبضه اضطرابا شديدا وتحول إلى ذبذبات بطينية yentricular fibrillation لا تدفع الدم من البطين إلى الاورطي (الابهر) وإذا لم تنقذ هذه الحالة فإن القلب يتوقف تمامًا عن العمل وذلك يعنى توقف تغذية الدماغ وإذا توقفت تغذية الدماغ وخاصة جذع الدماغ لمدة دقيقتين فذلك يعني موت الدماغ الذي لا رجعة فيه. ويقوم الطبيب أو الممرضة أو الشخص المدرب بوضع جهاز مانع الذبذبات هذا على الصدر وإمرار تيار كهربائي يوقف الذبذبات ويعيد القلب إلى نبضه أو إذا توقف القلب فإن إمرار صدمة كهربائية قد يعيد القلب إلى العمل.
3-
وهناك أيضًا جهاز منظم ضربات القلب Pace maker ويستخدم عندما تكون ضربات القلب بطيئة جدا بحيث إن الدم لا يصل إلى الدماغ بكمية كافية أو ينقطع لفترة ثوان أو لدقيقة ثم يعود وذلك يسبب الغشى (الإغماء) وفقدان الوعي المتكرر أو أن ضربات القلب مضطربة جدا كذلك بحيث إن ضخ الدم من القلب منخفضاَ بدرجة خطيرة تؤدي إلى اضطرابات في الوعي أو في درجة نشاط ذلك الشخص المصاب.
وهذه المنظمات أنواع عديدة فمنها ما يستعمل مؤقتا خارج الجسم في الحالات المؤقتة.. ومنها ما هو دائم العمل.. والدائم العمل منها يعمل بالبطاريات ومنها ما يعمل بالذرة.. وما يعمل ببطاريات الليثم يمكن أن يستمر في عمله لعشر سنوات وما يعمل بالذرة يمكن ان يستمر مدى الحياة وما يعمل بالبطاريات الأخرى يستمر لسنتين من الزمن.
والنوع الدائم يغرز تحت الجلد والسلك يوصل إلى القلب.. والأنواع تتطور كل يوم وفي الطب جديد اليوم يصبح قديما بعد بضع سنوات فقط.
4-
مجموعة العقاقير: التي يستخدمها الطبيب لإنعاش التنفس أو القلب أو تنظيم ضرباته إلى آخر القائمة الطويلة من العقاقير التي تستخدم في إنعاش المرضى.
وفي عمليات القلب المفتوح: التي تجرى بنجاح مطرد في مختلف عواصم العالم بما فيها مراكز القلب في المملكة العربية السعودية يتم إيقاف القلب كليا عن العمل وكذلك الرئتين طوال مدة العملية التي تبلغ بضع ساعات ويحرص الأطباء على أن لا تزيد المدة عن ساعتين كاملتين لأن المدة إذا زادت عن ذلك بدأت التأثيرات الضارة على عضلة القلب وحسب التعريف القديم فإن مثل هذا الشخص يعتبر ميتا أثناء إجراء العملية إذ أن قلبه وتنفسه قد توقفا تماما عن العمل.
ولكن الواقع أن هذا الشخص حي ويعود إلى وعيه بعد العملية ويعيش حياة طبيعية بعدها بل ويمارس نشاطه بدرجة لم يكن يستطيع أن يقوم بها قبل العملية.
وفي هذه العمليات يكون الدماغ حيا بطبيعة الحال وكذلك بقية الأعضاء وعند بدء العملية يقوم الجراح بتحويل الدم من الأوردة التي تأتى بالدم إلى القلب مثل الوريد الأجوف العلوي والسفلى إلى آلة تقوم بعمل القلب والرئتين فيذهب الدم غير المؤكسد إلى هذه الرئة الصناعية فتصفي الدم من ثاني أكسيد الكربون وتعطيه الأوكسجين بالدرجة المطلوبة وتعيده إلى القلب إلى الشريان الأبهر (الأورطي) عند قاعدته بواسطة أنبوبة خاصة. وبواسطة مضخ يدفع بالدم بضغط دم شبيه بضغط الدم العادي فيدفع الدم من الشريان الأبهر (الاورطي) إلى الدماغ وبقية أعضاء الجسم.
وفي هذه الأثناء يبرد الجسم حتى لا يحتاج إلى استهلاك كمية من الطاقة والأوكسجين كبيرة وتخفض درجة الحرارة إلى 25 مئوية.
أما القلب فيبرد تبريدا شديداَ حتى لا يحتاج إلى كمية من الطاقة والأوكسجين إلا في حدود ضئيلة يمد بها عبر الشرايين التاجية من الاورطي..
ويوقف عمل القلب بنفس الآلة المعروفة باسم مانعة الذبذبات Defibrillator وذلك بإعطائه صدمة كهربائية معينة
وهكذا يبقى المريض وقلبه متوقف عن العمل تماما وكذلك رئتاه وفي حالات عمليات نقل القلب يبقى المريض بدون قلب على الإطلاق لفترة من الزمن وقد يستبدل القلب الإنساني بقلب إنسان آخر أو قلب قرد أو قلب صناعي. ويعيش مثل ذلك الشخص بدون قلب!! أو بقلب قرد أو ربما كلب أو خنزير أو قلب من المطاط والسيلكون والبولين اثيلين (أي مركبات غازات البترول) .
وهذا يدل على أن معاني القلب الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة لا يقصد بها القلب العضلي الصنوبري الشكل الموجود في الجانب الأيسر من الصدر كما يقول الإمام الغزالي في الإحياء، وإنما المقصود به القلب المعنوي والنطفة الربانية.. والمعنى الذي يفقه من الإنسان ويعرف حقيقة الأشياء كما ذكر الإمام الغزالي في كتاب عجائب القلب من " إحياء علوم الدين ".
وتجري عمليات القلب المفتوح من أجل أغراض متعددة مثل إصلاح صمامات القلب التالفة، أو إزالة ورم بالقلب أو انسداد بشرايين القلب أو تضخم وتلف في عضلة القلب نتيجة جلطة القلب أو لعملية زرع قلب جديد أو لغير ذلك من الأغراض.
فإذا ما شارفت العملية على الانتهاء أعاد الطبيب حركة القلب بعد رفع درجة حرارته رويدا رويدا وذلك بالأقلال من تبريده وبتسخين الدم وتعاد حركة القلب بواسطة جهاز مانع الذبذبات Defibrillator وذلك بإعطاء القلب شحنة كهربائية معينة فيبدأ القلب بالتحرك ثم الضخ وفي نفس اللحظة التي تعود فيها حركة القلب يعاد الدم إلى القلب في حركة توافق وتناسق عجيبة متناغمة تدل على المهارة الفائقة والبراعة التامة وتناسق عمل الفريق الذي يقوم بالعملية.
هذا موجز سريع لأجهزة الإنعاش وأغراض استخدامها وأما المشكلة العويصة التي نتجت عن هذا الاستخدام فتأتي عندما يقوم الطبيب بإسعاف مريض توقف تنفسه فجأة لأي سبب من الأسباب (غرق، حرق، تنفس مواد سامة) أو توقف قلبه فجأة (مرض بالقلب، اضطرابات النبض، مواد سامة الخ) أو أصيب دماغ الشخص في حادثة سيارة مثلا أو أثناء عملية جراحية لإزالة ورم بالدماغ.
وفي هذه الأسباب جميعا يقصد الطبيب إعطاء المصاب فرصة قد يعود فيها تنفسه وقلبه ودماغه إلى الوضع الطبيعي أو إلى ما هو أدنى من ذلك أو أفضل مما كان عليه قبل الإصابة..
وما أن يضع الطبيب المنفسة ويتنفس بها الشخص المصاب فإن مشكلة جديدة تطرأ وهي هل من حق الطبيب أن يوقف هذه المنفسة؟ وإذا كان كذلك فمتى وما هي الشروط لذلك؟
وهل يعتبر إيقاف المنفسة نوعا من القتل لذلك الشخص المعتمد عليها؟ إن التعريف القانوني للحياة هو استمرار القلب في الضخ واستمرار الدورة الدموية واستمرار التنفس فإذا كانت هذه العناصر كلها موجودة فهل يعتبر مثل هذا الشخص حيا أم ميتا في نظر القانون والشرع رغم أن دماغه قد وقف تماماَ عن العمل؟
إذا قلنا بأن استمرار عمل القلب والتنفس دليل قطعي على الحياة فمإذا نقول في عمليات القلب المفتوح التي يوقف فيها عمل القلب والرئتين لمدة ساعتين أو اكثر؟ هل مثل ذلك الشخص في نظر الشرع أو القانون ميت؟ أن الأطباء يقررون أن مثل ذلك الشخص حي ولا يعتبرون أنه توفي إلا إذا توقف القلب بالكلية وتوقف الضخ إلى الدماغ ومات الدماغ نتيجة لذلك.
لهذه الأسباب ظهر مفهوم موت الدماغ، أو موت جذع الدماغ.
تكوين الدماغ: والدماغ Brain يتكون من Cerebrol hemis phenes
1-
المخ Cerebrum وهو بدوره يتكون من نصي المخ.
2-
المخيخ ووظيفته الأساسية توازن الجسم وإزالة المخيخ بكامله لا تسبب الوفاة
3-
جذع الدماغ Brain Stem
وفي المخ المراكز العليا.. ومراكز التفكير والذاكرة والإحساس.. والحركة والإرادة.. إلخ. وفي جذع الدماغ المراكز الأساسية للحياة مثل مراكز التنفس والتحكم في القلب والدورة الدموية.. فإذا مات المخيخ فإن الإنسان يمكن ان يعيش..
الحياة النباتية وأمثلتها كاترين كونيلان وسيسليا بلاندى:
وإذا مات المخ فإن الإنسان أيضًا يمكن ان يعيش وإن كانت حياته حياة غير إنسانية بل حياة نباتية Vegelative life. وهذا ما حدث لكارين كونيلان الي مكثت في غيبوبة منذ 14 أبريل 1975 حتى 13 يونيه 1985 عندما توفيت أخيرا وفي تلك الفترة الطويلة لم يكن لها من الحياة الإنسانية والإدراك شيء..
وفي بداية الأمر وضعت تحت أجهزة الإنعاش وظل تنفسها بالمنفسة وتدخل الأبوان وقسيس الأسرة وطلبوا من المستشفي والأطباء إيقاف الأجهزة طالما أنه لا يوجد أي أمل في عودتها إلى الوعي ذلك لأن دماغها قد مات أو بالأحرى معظم دماغها الذي يشمل المخ والمخيخ ماعدا أجزاء من جذع الدماغ ظلت حية. ورفضت إدارة المستشفي طلب الأبوين.. وتقدما إلى المحكمة.. وكانت أول قضية من نوعها في الولايات المتحدة بل وفي العالم وأثارت ضجة كبرى ظلت محل اهتمام أجهزة الإعلام والأطباء والقضاة.
وبعد مداولات بل واستفتاء للرأي العام قررت المحكمة العليا حق المريض أو المريضة المصاب إصابة خطيرة كهذه في دماغها بحيث لا يرجى برؤها.. ولا تعود لها بها حياة إنسانة.. قررت المحكمة حق المريض في الموت بكرامة.. وذلك في شهر مارس 1976.
وبعد أن أوقفت أجهزة الإنعاش بأمر المحكمة في مايو 1976 استمرت كارين آن كونيلان في حياتها النباتية لمدة عشرة سنوات تقريباً وهي تعيش على التغذية بالمحاليل.. وعلى أجهزة الأنعاش من حين لآخر
…
وأخيراً في 13 يونية 1985 انتقلت الى العالم الآخر فتاة أصيبت بنوبة من الإغماء بعد حفلة خمر وحبة فاليوم. وهي في عمر الزهور وقد حدث لها الإغماء عندما كانت في الواحدة والعشرين.. وفي الواحدة والثلاثن عاماً توفاها الله بعد أن أصيبت بالتهاب رئوي أصيبت بمثله وشفيت منه عشرات المرات أثناء غيبوبتها الطويلة.
كما أن مراكز الوعي منبثة ف شبكة الدماغ الأوسط Reticular formation of mid وتصاب هذه المراكز باصابات بالغة في الحالات التي يحدث فيها إغماء طويل مثلما حدث لكارين آن كونيلان ودسيسليا بلاندي.
وإذا تغير نشاط مناطق الوعي هذه فإن الإنسان يصاب بالنوم
…
ورغم أن عملية النوم لا تزال مجهولة في تفاصيلها إلا أنه بات من المعتقد أن النوم يبدأ عندما ينخفض نشاط هذه المراكز في الدماغ الأوسط.
وإذا تغير النشاط في هذه المناطق حدث نوع من الصرع يفقد فيه المريض وعيه ثم يصحبه بعد ذلك تشنج في العضلات نتيجة سريان النشاط الكهربائ الشاذ المفاجئ من الدماغ المتوسط الى مراكز الحركة.
وهناك نوع من الصرع آخر يعرف بأسم صرع جاكسون Jacksomian يبدأ من مركز حركي فتتحرك الإبهام اليسرى مثلاُ ثم تتحرك اليد ثم الذراع ثم العضد ثم الشق الايسر بأكملة ثم يفقد المريض الوعي وينتابه صرع وتشنجات للجسم بأكمله.
وسبب هذا النوع من الصرع هو موجات كهربائة طارئة على منطقة قشرة الدماغ في المخ Cerebrum لوجود ورم أو ندبة في منطقة محدودة. ثم يسري النشاط الكهربائي من المنطقة الحركية المحدودة في الدماغ حتى تصل الى منطقة الوعي وهي شبكة الدماغ الممتدة الى الدماغ الأوسط.
وهناك فرق كبير بين حالة الإغماء وبين حالة النوم.. ففي حالة النوم العميق يمكن أن يوقظ الشخص إما بصوت عال أو بتحريكة أو بوخزه.. أما في حالة الإغماء فإن الصوت العالي والضوء القوي والتحريك واللمس والوخز لا يؤثر في الشخص ولا يجعله يخرج من حالة الإغماء بل لا يبدو عليه أي إحساس نحو هذه الؤثرات إلا بدرجة طفيفة جدا.
ولذا فإن نوم أهل الكهف الطويل الذ جعله الله معجزة لهؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم وفروا من ملكهم الطاغية الى الكهف إن نوم هؤلاء الفتية لمدة ثلاثمائة وتسعة أعوام ليس نوعاً من الإغماء ولا نوعاً من الموت بل هو نوم طبيعي ولا غرابة أنه بلغ هذه الأحقاب المتطاولة.. وقد قص علينا رب العزة قصتهم في سورة الكهف قال تعالى {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} .
وحالة النوم هذه هي همود لنشاط مراكز الوعي في الخلايا الشبكية في الدماغ الأوسط، وإذا تنبهت هذه الخلايا عادت الى نشاطها السابق.
ولا نريد ها هنا الدخول في متاهات النظريات عن النوم فهي خارجة عن موضوعنا، ولكن أحببنا توضح فكرة موجزة عنها للتفريق بينها وبين الإغماء.
والإغماء الطويل الذي يمتد أشهرا وسنيناً متطاولة هو نوع من الموت يفقد فيه الشخص المصاب حياته الإنسانة وتبقى له حياته النباتة
…
ومع هذا فإن الشرع والطب والقانون يحتم في هذه الحالة اعتبار مثل هذا الشخص حيا
…
له حقوق الحياة كاملة.. وكل من يتعدى على هذه الحياة يعتبر مسؤلا فإن قتلها شخص اعتبر قاتلا مهما كان الغرض من وراء قتله حتى لو سمى ذلك قتل الرحمة.
فإن هذا الشخص لا يخاطب بالتكاليف الشرعية لفقدان وعيه.
الفصل السابع
موت الدماغ أو موت جذع الدماغ: الموقف القانوني والشرعي
لقد تبين مما سبق أهمية مفهوم موت الدماغ أو موت جذع الدماغ.. ونوجز فيما يلي الأسباب الداعية إلى استخدام موت الدماغ بدلا من موت القلب وتوقف الدورة الدموية.
إن الإصابات البالغة نتيجة الحوادث أو غيرها التي تصيب الدماغ قد تسبب موت الدماغ أو بالأحرى جذع الدماغ (وسنفصل فيما بعد في هذا المفهوم والفرق بينهما) وفي نفس الوقت فان أجهزة الإنعاش قد تجعل القلب يستمر في عمله والتنفس يستمر بواسطة المنفسة وبذلك تعمل كل أجهزة الجسم تقريبا ماعدا الدماغ الذي يكون قد مات.. ولهذا فان مثل هذا الشخص الميت يفرز البول أو الغائط وقد تنمو أظافره ويطول شعره وهو أمر يبدو غريبا على السامع.
المدة بين موت الدماغ وتوقف القلب:
والواقع أن الغرابة تزول إذا علمنا أن الدورة الدموية يمكن أن تستمر لعدة ساعات أو لعدة أيام بعد وفاة الدماغ وفي حالة موثقة نشرتها مجلة نيواتجلند جورنال الطبية المشهورة في 7 يناير 1982 أن شخصا توفي فجأة أثناء مشادة وتوقف قلبه وتنفسه وأدخل المستشفي بعد الإسعاف السريع واستمر تحت المنفسة وفي اليوم الثالث أوضحت كل الفحوصات أن دماغه قد مات.. واستمر التنفس الصناعي ليروا متى يتوقف القلب عن النبض.. واستمر قلب ذلك الشخص ينبض بوسائل الإنعاش الصناعي لمدة 68 يوما بعد موت دماغه ولم يتوقف عن النبض إلا بعد ان قام الأطباء بإيقاف وسائل الإنعاش الصناعي.. وهي أطول مدة مسجلة وموثقة في هذا الباب.
الأسباب التي تدعو إلى إيقاف وسائل الإنعاش:
1-
أن رعاية جثة وتنظيفها أمر يسبب آلاماَ مبرحة لأسرة ذلك الميت وللأطباء ولهيئة التمريض.
2-
والنقطة الأخرى الهامة هي أن تكاليف وسائل الإنعاش باهظة جدا.. وصرف ملايين الدولارات لجعل جثث تتنفس أمر ليس له معنى.
3-
كذلك فإن هذه الأجهزة باهظة الثمن وقليلة العدد.. ويحتاجها كثير من المصابين وتعطيلها على مجموعة من الجثث أمر يؤدى إلى فقدان مجموعة من الحالات التي كان بالإمكان إنقإذها لو استخدمت معهم وسائل الإنعاش في حينها.
وترك شخص يموت لعدم وجود وسائل إنعاش أو لأن وسائل الإنعاش موضوعة في شخص مات دماغه أمر ليس له ما يبرره
لهذا وجد الأطباء أنفسهم في حاجة إلى إيجاد مواصفات محددة لتعريف موت الدماغ وكذلك فإن مشاريع زرع الأعضاء تستدعى أن تنقل هذه الأعضاء من الموتى وهي في حالة جيدة أي أن خلاياها لا تزال حية وبما أن موت العضو لا يحدث دائما عند موت الشخص فإن هذه الأعضاء قد تبقى حية لفترة زمنية محدودة بعد موت العضو.
ومن المشاهد في الشاة بعد ذبحها أنها تتحرك بل إن ألياف عضلات اللحم تتحرك وتنبض بعد أن تسلخ الشاة ويقطع لحمها
وكذلك فإن القلب أو الكلى أو القرنية أو غيرها من الأعضاء الإنسانية المطلوبة في زرع الأعضاء يمكن أن تكون حية بعد وفاة الشخص.
وبما أن الفساد يسرى إليها فتصبح غير ذات فائدة بعد توقف الدورة الدموية فإن أخذ هذه الأعضاء مع وجود الدورة الدموية أو بعد لحظات من توقفها أمر يستدعى استمرار وسائل الإنعاش لحين أخذ هذه الأعضاء، وذلك بعد إعلان وفاة الشخص.
ولهذا لابد من توضيح موت الدماغ والاعتراف به في هذه الحالات الخاصة كعلامة على الموت وإصدار شهادة الوفاة بذلك بينما تبقى الجثة بعد ذلك تحت أجهزة الإنعاش حتى يتمكن الجراحون من أخذ الأعضاء المناسبة.
ولهذا الأمر محإذير.. ولذا ينبغي أن يكون الفريق الطبي الذي يعلن موت الدماغ لا مصلحة له ولا يشترك في أخذ الأعضاء المطلوبة، بل إن الفريق الذي سينقل الأعضاء ليس له الحق مطلقا في إعلان موت الدماغ.
وجوب الاعتراف بموت الدماغ:
إذن من الناحية الشرعية أو القانونية لابد من إجراء التغيير التالي:
الاعتراف بموت الدماغ بدلا من موت القلب كعلامة على موت الشخص في الحالات الخاصة التي تستدعي وضع أجهزة الإنعاش وبذلك يمكن إعلان الوفاة متى ما تم تحديد موت الدماغ والاتفاق عليه من قبل مجموعة من الأطباء المختصين وفي تلك الحالة يمكن إيقاف أجهزة الإنعاش وإبقاؤها على حسب الوضع المطلوب في المستشفي، فمثلا إذا كان المصاب قد أوصى قبل وفاته بتبرعه بأعضاء جسمه فإن الأجهزة يمكن أن تظل تعمل بعد إعلان وفاته لبضع ساعات أو ربما يوم كامل إذا كانت هناك حاجة للحصول على عضو أو أعضاء كاملة التروية لزرعها في مريض أو مرضى آخرين هم في أشد الحاجة إليها.
وقد كانت القوانين في العالم أجمع بما فيه الولايات المتحدة وأوربا تنص على أن الوفاة مرتبطة بتوقف القلب والدورة الدموية يقول قاموس بلاك القانوني إن الموت يعني توقف الدورة الدموية وتوقف الوظائف الأساسية للكائن الحي مثل التنفس والنبض.
وكان أول من نبه إلى موضوع موت الدماغ المدرسة الفرنسية عام 1959 فيما أسمته مرحلة ما بعد الإغماء Cama de passe وبدأ الأطباء الفرنسيون يحددون بعض المعالم لموت الدماغ بينما القلب لا يزال ينبض (1)
ثم جاءت المدرسة الأمريكية المتمثلة في لجنة آدهوك من جامعة هارفارد عام 1968 فوضعت مواصفات موت الدماغ (2)
(3)
وركزت على خمس مواصفات اعتبرتها العلامات الدالة على موت الدماغ وهي:
(أ) الإغماء الكامل وعدم الاستجابة لأي مؤثرات.
(ب) عدم الحركة (تلاحظ على الأقل لمدة ساعة) .
(جـ) عدم التنفس.
(د) عدم وجود أي من الانفعالات المنعكسة.
(هـ) رسم مخ كهربائي لا يوجد فيه أي نشاط.
وأثار قرار لجنة هارفارد اهتماما واسعا في مختلف مناطق العالم.. وفي نفس العام بحث المؤتمر الطبي العالمي الثاني والعشرون في سيدني استراليا موضوع الموت وتعريفه وموت الدماغ.
واستمر الجدل عنيفا وحادا في الدوائر الطبية والقانونية ومنذ بداية السبعينات كانت المستشفيات جميعها تواصل الإنعاش حتى يتوقف القلب تلقائيا وكان ذلك يشكل عبئا كبيرا على المستشفيات والأطباء والممرضين وعلى أسرة المصاب وفي كثير من البلدان كان على الأسرة أن تدفع تكاليف وسائل الإنعاش الباهظة الثمن طوال المدة التي كانت تستخدم فيها (حتى بعد موت الشخص المصاب) ولم تكن الأسرة تعاني فقط نفسيا بل ماديا أيضًا.
(1) Mollaret P ، Gouon M. Le coma Dé passé، Rev Neurol. 1959، 1 1:3-15
(2)
Ad Hoc committee of the harvard Med.School: Adefinition of irreversible Coma. JAMA 1968
(3)
Pallis C.، From Brain Death to Brain Stem Death. Br. Med. J 1982، 285: 1487 – 149
وفي بريطانيا اجتمعت لجنة من كبار الأطباء المختصين من الكليات الملكية للأطباء وكليات الطب في الجامعات البريطانية وأصدرت تعريفاتها لموت الدماغ عام 1977 وبذلك أمكن في بريطانيا إيقاف وسائل الإنعاش متى ما تم تشخيص موت الدماغ.
وفي عام 1981 أصدر الرئيس ريجان أمراَ بتكوين لجنة من كبار الأطباء والقانونين وعلماء الدين لدراسة موضوع موت الدماغ وأصدرت اللجنة قرارها في يوليو 1981 بالاعتراف بموت الدماغ قانونيا وكانت أول ولاية تعترف بموت الدماغ هي ولاية كانساس وذلك عام 1977 (1) ورغم ان 25 ولاية لم تعترف قانونيا بموت الدماغ إلا أن القضاة في تلك الولايات بصورة عامة يعترفون به
ويسخر الدكتور واكر من الوضع القانوني الغريب حيث يعتبر الشخص ميتا في ولاية بينما تعتبره ولاية مجاورة حيا (2)
وسيعرض الأمر على الكونجرس الأمريكي لإصدار قانون فيدرالي يشمل الولايات المتحدة بأكملها وفي استراليا يذكر الدكتور بول جيرير والدكتور جور أن القوانين تختلف من ولاية لأخرى في تعريف الموت اختلافا بينا ففي جنوب استراليا ومقاطعة فيكتوريا ونيو ساوث ويلز يعترف القانون بموت الدماغ كعلامة للموت. بينما لا تعترف بعض المقاطعات الداخلية بتعريف موت الدماغ إلا في حالة تبرع المصاب قبل وفاته أو موافقة أسرته على التبرع بأعضائه (3)
موقف الدول من موت الدماغ:
وازداد عدد الدول التي تعترف بموت الدماغ وان كانت تختلف في تفاصيل الفحوصات المطلوبة لتعريف موت الدماغ.
وكان الموقف في عام 1979 كما يلي (نقلا عن كتاب كريستوفر باليس ابجديات موت الدماغ)(4)
الدول التي تعترف بموت الدماغ:
الأرجنتين، النرويج، استراليا، إسبانيا، النمسا، كندا، بورتيريكو، تشيكوسلافكيا، الولايات المتحدة (33 ولاية عام 1982) ، فرنسا، المكسيك، إيطاليا
(1) Joyut R.A New look at Death. JAMA 1984 ; 252 (5) : 68 -682
(2)
Walker A.E Cerebral Death.ed 2، Munich، Germany ; Urban and schwarzenberg 1981
(3)
Gerber p، jur، D.، Med J. Of Aust. 1984 (july 21) : 13
(4)
C.Pallis: A.B.C of Brain stem death ، articles from B.M.J. london 1983
الدول التي تعترف طبيا بموت الدماغ ولكن لا يوجد قانون يعترف بموت الدماغ:
بلجيكا، ألمانيا، الهند، بريطانيا، ايرلندا، هولندا، جنوب إفريقيا، كوريا الجنوبية، سويسرا، تايلاند وبقية الولايات المتحدة، بوليفيا، البرازيل، بيرو، كولومبيا، فينزويلا، ارجواي، تركيا
الدول التي لا تعترف بموت الدماغ أو لا تعترف به كمساو لموت القلب:
الدينمارك، إسرائيل، اليابان، بولنده، السويد، الدول الإسلامية
الدول التي لم تدرس جديا موت الدماغ:
- معظم الدول الإسلامية
- بقية دول العالم الثالث بما في ذلك الصين
- الاتحاد السوفيتي
وقد بدأت كثير من الدول الإسلامية بحث موضوع موت الدماغ في الآونة الأخيرة ففي الكويت انعقدت ندوة بدء الحياة ونهايتها عام 1405 (1985) بإشراف المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وكذلك بحث المجمع الفقهي الإسلامي موضوع موت الدماغ في دورته الثامنة المنعقدة بمكة المكرمة (1405هـ) وأجل البت في الموضوع إلى الدورة التاسعة (1406هـ) لحين استكمال دراسة هذا الموضوع من الأعضاء والاستفادة من آراء الأطباء ودراستهم حول هذا الموضوع
وقد قام الدكتور أحمد شرف الدين بوضع كتاب باسم " الأحكام الشرعية للأعمال الطبية " وحاز به جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي 1981 ونشر الكتاب عام 1983 ولقد وضع الكاتب الفاضل فصلا عن الحدود الشرعية للإنعاش الصناعي كما تعرض لنقل الأعضاء من الموتى.
يقول المؤلف: " ولقد أثار الإنعاش الصناعي مشكلة دينية تتعلق بالقدرة على إعادة الحياة للموتى. فقد قيل إن هناك أشخاصًا ماتوا وأعيدت لهم الحياة بالوسائل الطبية "(1) وهو أمر غير صحيح فإن الأطباء لا يعيدون الحياة لمن ثبت موته ولكنهم ينقذون بإذن الله من كان به رمق من الحياة.
(1) C.Pallis: A.B.C of Brain stem death ، articles from B.M.J. london 1983
وتوقف القلب أو التنفس لدقيقة أو أكثر أو أقل لا يعني الموت، وذلك أن هذا التوقف قد يحدث تلقائيا كما أن عودة القلب والتنفس قد تعود تلقائيا دون تدخل طبي كما حدث في حالات عديدة موثقة..
والتدخل الطبي هو في إنعاش هذه الأعضاء الهامة التي توقفت ولذا فإن نسبة كبيرة جدا من الحالات التي تقدم لها وسائل الإنعاش تموت رغم وسائل الإنعاش.
والطب لم يستطيع منع الموت ولا إيقافه.. ففي كل يوم وفي كل لحظة يموت ملايين البشر وهذا وهم كبير أطلقته الصحافة وأجهزة الإعلام المثيرة والمشككة والتي يتحكم في معظمها إليهود وتلامذتهم بأن الأطباء أصبح في مقدورهم إعادة الموتى إلى الحياة فذلك أمر غير صحيح.. وهو لله وحده. قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى} [يس12]، وقال تعالى {وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان 3] . وقال تعالى:{قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران 168] والآيات في ذلك كثيرة والموت والحياة بيد الله وحده ولا يستطيع أحد أن يعيد الميت إلى الحياة إلا ما جعله الله معجزة لنبي أو كرامة لولي كما حدث لعزرا أو كما يجعله الله فتنة للناس كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال يفعله.
وقد أفاض الدكتور أحمد شرف الدين في الرد على هؤلاء وأوضح الحقيقة التي يعرفها الأطباء من أن الطبيب لا يعيد الميت إلى الحياة ولكنه بإذن الله قد ينجح في إنقإذ شخص معرض للموت، وتوقف قلبه وتنفسه ولكن دماغه بعد لم يمت.
أما إذا ماتت خلايا الدماغ كلها أو تلك المتحكمة في الوظائف الأساسية للحياة مثل التنفس والقلب والدورة الدموية فإن ذلك الشخص يكون قد مات حتى ولو كان قلبه ينبض ورئتاه تتنفس بواسطة أجهزة الإنعاش ولو تركت الأجهزة لتوقف القلب والتنفس فورا.
ويناقش الدكتور أحمد شرف الدين هذه القضية: هل إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي جائز شرعا وقانونا؟ فيقول: (إذا كان الشارع قد أباح العمل الطبي والجراحي لأنه يحفظ مصالح راجحة اجتماعيا تتمثل في المحافظة على الحياة وصيانة الصحة فان علة الإباحة تزول متى زالت الحياة التي تتوفر لها صفات الحياة الإنسانية ويتعين من ثم التوقف عن العمل (ولنا هنا تعليق سريع وهو أن تعبير الحياة الإنسانية غير محدد فإذا كان المقصود به التي فيها الوعي والتفكير والإدراك فان زوال هذه الصفات لا يعنى الموت فقد يبقى الشخص فاقد الوعي والتفكير والإدراك إما لجنون أو لإغماء لفترة طويلة قد تبلغ عشر سنوات أو تزيد كما سبق أن ذكرنا) .. وهذا الأمر يصدق على العمل الطبي المتمثل في الإنعاش الصناعي لإنسان ثبت موت مخه (وتعبير المخ أيضًا يطلق في الطب على جزء من الدماغ وهو Cerebrum وأما تعبير الدماغ Brain فيطلق على المخ والمخيخ وجذع الدماغ.. ولذا فالأصح هو القول موت دماغه) رغم تمتعه بحياة صناعية.. وبينما يعتبر علم الطب أن مثل هذا الإنسان قد مات فان الفقه والقانون (في كثير من البلدان) لا يعتبران إنسانا قد مات طالما قلبه ينبض ويلزم لاعتباره ميتا اتخإذ إجراءات معينة كتحرير شهادة الوفاة بعد توقف عن النبض تلقائيا..
وهذا الأمر قد تجاوزته القوانين في بعض البلدان التي اعترفت فعلا بموت الدماغ أو تلك التي اعترفت هيئاتها الطبية بموت الدماغ.. وتغاضى القانون عن التعريفات الأخرى وأوكل فيها الموت إلى الأطباء.
ولكن هل يمكن إيقاف أجهزة الإنعاش في البلاد التي لم تعترف بعد بموت الدماغ ولا تزال تتمسك بتعريف موت القلب وتوقف الدورة الدموية والتنفس كعلامة على الموت؟
إن إيقاف هذه الأجهزة في مثل هذه القوانين قد يعتبر قتلا.. لأن القلب لا يزال ينبض وإذا أوقفت الأجهزة فان القلب سيتوقف والدورة الدموية ستتوقف والتنفس سيتوقف فمتى إذن توقف الأجهزة في مثل هذه البلاد التي لم تسمح بعد بتعريف موت الدماغ؟
يبدو الوضع شبيها بما كان عليه في الستينات والسبعينات من هذا القرن في بريطانيا (عام 1977عندما صدر قرار الكليات الملكية بتعريف موت الدماغ)
ففي ذلك الوقت كان الأطباء يتركون الأجهزة تعمل حتى يتوقف القلب تلقائيا رغم وجود الأجهزة وكما ذكرنا فان القلب يتوقف عن العمل بعد موت الدماغ إما ببضع ساعات أو بضعة أيام في معظم الحالات وان كانت هناك حالة موثقة أمكن ان يستمر القلب فيها بالضخ والعمل رغم موت الدماغ لمدة 68 يوم (مجلة نيو انجلند ميدكال جونارل العدد 306 ص14ـ 16 في 7 يناير 1982)
وقد وضع الدكتور أحمد شرف نقاشه على نقطة هي أن من أصيب بموت المراكز المخية العليا لا يتمتع بحياة إنسانية جديرة بالحماية.. ونحن لا نوافق على هذا التعبير.
فموت المخ Cerebrum ليس موتا للدماغ Brain فالمخ قد يموت أو تموت أجزاء كبيرة منه ويبقى الشخص يتنفس وقلبه ينبض تلقائيا بدون آلات كما حدث لآلاف الأشخاص المغمى عليهم والمصابين إصابات بالغة.. والتي تمثلها اصدق تمثيل قصة كارين آن كونيلان التي استمرت في غيبوبتها الطويلة أكثر من عشر سنوات مع موت المخ Cerebrum وبقاء جذع الدماغ حيا.. وكذلك قصة الفتاة الإيطالية سيسيليا بلاندى التي تهشم مخها في حادثة سيارة وبقيت على قيد الحياة في غيبوبة طويلة استمرت 12 عاما..
ورغم ان المخ في كلا الحالتين كان قد مات إلا أن جذع الدماغ لم يمت ولذلك فان هاتين الحالتين لم تعتبرا من الأموات الا بعد توقف القلب عن العمل تلقائيا وما تبعه من موت الدماغ..
وقد ذكر الدكتور احمد شرف الدين ان (من توقف لديه عمل المراكز العصبية العليا التي تتحكم في وظائف الجسم لا يستطيع أن يتحكم في تعامله مع العالم الخارجي وتزول من ثم حياته الإنسانية ويصبح في حكم الأموات. ولما كان الإنعاش الصناعي لا يعيد للحياة الإنسانية مقوماتها، الإدراك والشعور والقدرة على الاتصال بالعالم الخارجي بعد ان ماتت خلايا المخ فلا يعد هذا العمل أيضًا جريمة قتل في حكم الشرع والقانون لان هذه الجريمة لا تقع إلا في محل هو حي بحسب تعبير الفقهاء أو في عبارة أخرى لان جريمة القتل تفترض وجود حياة إنسانية طبيعية)
وينتهي القول بأنه ليس في إيقاف عمل أجهزة الإنعاش الصناعي إذن بالنسبة لمن مات مخه ما يعتبر جريمة في حق الإنسانية، إذ أن موت المخ يعني انتهاء الحياة الإنسانية وانفصال هذه الحياة عن الحياة العضوية التي تحفظها هذه الأجهزة التي إذا أوقفت عن عملها فإن ما يحدث هو مجرد موت عضوي. فإذا ترك الطبيب أجهزة الإنعاش تعمل على جثة المريض بعد ذلك فإنه لا يفعل أكثر من إطالة الحياة العضوية بطريقة صناعية أي إطالة إحضاره وهذا ضرب من العبث طالما أنه لا فائدة منه لأحد يجب أن يتنزه عنه الطب. ويتعين من ثم فصل هذه الأجهزة لاستخدامها عند الأحياء. فهذا ما يقضى به القانون الإنساني الذي يعطى الأولوية لصالح الأحياء، لذلك فمن حق الأسرة من وجهة النظر الإنسانية أن تطلب إلى الطبيب إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي كما أن من حق الطبيب أن يوقف عملها فهذا ما يمليه عليه الواجب الإنساني ".
ونحن نوافق الدكتور شرف الدين فيما ذهب إليه لولا أن تعبير المخ ينبغي أن يستبدل بالدماغ إذ هناك فرق كبير بينهما. وكذلك تعبير الحياة الإنسانية من الإدراك والوعي والعقل. فإن هذه كلها قد تذهب كما في المجنون أو المغمي عليه ولا يقال لمثل هذا الشخص إنه ميت..
ولابد إذن من موت الدماغ بأكمله (الذي تنص عليه المدرسة الأمريكية) أو على الأقل موت جذع الدماغ (الذي تنص عليه المدرسة البريطانية) الذي به مراكز الحياة الأساسية والتي تتحكم في التنفس والدورة الدموية والقلب.
ولا يبدو لي أن الدكتور شرف الدين قد تنبه إلى هذه النقطة ولعله يعني بموت المخ موت الدماغ بأكمله كما تشير إلى ذلك بعض عباراته.
وهناك اتجاه محدود لدى بعض الأطباء يرون فيه أن فقدان الحياة الإنسانية بمعنى الإدراك والتفكير والإحساس هو الموت ومن هؤلاء دكتور ستيوار بونجر ودكتور إدوارد بارليت في مقالهما الذي نشرته مجلة Annals. Of int. Medicine عام 1983 (1)(299 ص 252-258) وقد ركزا فيها على أن فقدان الوعي والمعرفة التي لا أمل في عودتهما أساس كاف لفقدان الحياة الإنسانية وبالتالي إصدار حكم الموت وهو تعريف يسبب مشاكل عويصة في الحالات التي ذكرنا أمثلة لها مثل حالة كارين آن كونيلان وسيسليا بلاندي حيث عاشت الأولى عشر سنوات والثانية اثني عشر عاما بعد فقدان كل مقومات الحياة الإنسانية..
لذا فإن الدوائر الطبية والقانونية ترفض مثل هذا التعريف للموت ولكنها تسمح بإيقاف أجهزة الإنعاش عن مثل هذه الحالات التي تفقد إلى الأبد كل مقومات الحياة الإنسانية ولذا فإن هذه الحالات لا تستوجب استمرار أجهزة الإنعاش فيها إلى الأبد وبذلك حكمت المحكمة العليا في الولايات المتحدة في قضية كارين آن كوينلان وأمرت الأطباء بإيقاف أجهزة الإنعاش وقد صدر الحكم في مارس 1976 ورفعت الأجهزة في مايو 1977 ومع هذا استمرت كارين في الحياة النباتية حتى عام 1985.
ويتحدث الدكتور شرف الدين من الوجهة القانونية والشرعية فيقول هل إيقاف أجهزة الإنعاش يعد قتلا؟ فيقول " لا صعوبة في القول بأن إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي يعد قتلا إذا تم الإيقاف قبل موت مخ المريض وأنه على العكس لا يعد قتلا إذا كان تركيب الأجهزة قد تم بعد موت المريض فحياته هنا كانت غير متحققة فإن الصعوبة في الحقيقة في حالة ما إذا كانت هذه الأجهزة قد علقت على المريض قبل موت مخه – أي في وقت كانت حياته محققه وأوقفت عن العمل بعد ثبوت موت مخه فالمريض في هذه الحالة وإن كان قد فقد الحياة الطبيعية في رأي الطب الا أنه مازال يتمتع بها في نظر الفقه والقانون (في الدول التي لا تعترف بموت الدماغ) طالما لم يتخذ الإجراءات الرسمية لإعلان وفاته "
وهذه النقطة الأخيرة قد أمكن التغليب عليها بإعلان موت المريض عندما يموت دماغه (المدرسة الأمريكية) أو عندما يموت جذع الدماغ (المدرسة البريطانية) وبعد إعلان الموت توقف الأجهزة أو تستمر لحين استقطاع الأعضاء المطلوبة إذا كان المصاب قد تبرع بها قبل وفاته أو أن أسرته تبرعت بها بعد وفاته.
هل إيقاف أجهزة الإنعاش الصناعي يعد قتلا بدافع الشفقة (قتل الرحمة Euthanasi) معاقبا عليه؟
إن تعريف قتل الرحمة يعني السماح لشخص بالموت بدون إسعافه وهو قتل الرحمة السلبي Passive Euthanansia إذا كان يعاني من آلام مبرحة وإطالة حياته تسبب له تعذيبا وقد يكون قتل الرحمة إيجابيا بإعطائه كمية زائدة من العقار فترديه.
وهذا الفعل معاقب عليه قانونا وشرعا.. ويعتبر قتلا مهما أطلق عليه من أسماء ورغم ان دافعه الشفقة فإن هذا الدافع مرفوض شرعا وقانونا.
(1) Younger S. Bariette e. Human Doath and high technology the faiure of the whole Brain Formulation ، Annals of int Med `983. 99: 252-358
ولكن هذا الحكم لا ينطبق على حالات موت الدماغ. فهنا المصاب لا يشعر بأي آلام لفقدان الإحساس وهولا يتعذب ولا يوجد أي مبرر من هذه الناحية لإراحته.
ولذا فإن إيقاف أجهزة الإنعاش لا يدخل أبدا في مفهوم موت الرحمة.. وإيقاف الأجهزة ينبني على أن هذا الشخص قد مات دماغه وتوقفت خلايا هذا الدماغ أو على الأقل جذع الدماغ عن العمل البتة دون وجود أمل في عودتها لهذا فإن إعلان وفاة مثل هذا الشخص هو الإجراء السليم فإذا ما تم ذلك أمكن حينئذ إيقاف الأجهزة لأنها توقف عن شخص تم إعلان موته.
الفصل الثامن
الأسس العلمية التي ينبني عليها تشخيص موت الدماغ
منذ أن قدمت لجنة آدهوك عام 1968 (من جامعة هارفارد) مقترحاتها بتعريف موت الدماغ أخذت هذه القضية أبعادا عالمية. وقد قبلت معظم الولايات والمحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية (33 ولاية حتى عام 1982) بتعريف هذه اللجنة لموت الدماغ كما أخذت به كثير من الدول التي اعترفت بموت الدماغ وعدلت دول أخرى هذه المقترحات قليلا ومن تلك الدول بريطانيا
العلامات الدالة على موت الدماغ (مجموعة هارفارد)
وتتخلص العلامات الدالة على موت الدماغ في تعريف مجموعة هارفارد (1)(2) فيما يلي:
1-
الإغماء الكامل وعدم الاستجابة لأي مؤثرات لتنبيه المصاب مهما نبه ومهما كانت وسائل التنبيه قوية ومؤلمة ولو ظهرت من المصاب حركة ولو بسيطة أو موت ولو حشرجة دل ذلك على حياة المصاب.
2-
عدم الحركة التلقائية أو نتيجة وخز المصاب وذلك لمدة ساعة كاملة على الأقل من الملاحظة التامة.
3-
عدم التنفس لمدة ثلاث دقائق بعد إبعاد المنفسة ويشترط لإبعاد المنفسة أن يتنفس المصاب أوكسجين 95 % لمدة10 دقائق بواسطة المنفسة قبل إبعادها وبكمية 6 لترات في الدقيقة بواسطة قسطرة تدخل إلى القصبة الهوائية (الرغام) ويضاف إلى الأوكسجين 5 % ثاني أكسيد الكربون لها بحيث إن ذلك سيرفع مستوى ضغط ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى 40 مم زئبق وبما أن ثاني أكسيد الكربون يعتبر عاملا مهما في تنبيه مراكز التنفس فإن هذا الإجراء يعتبر ضروريا وقد اختلفت اللجان الطبية المختلفة في تقدير المدة المطلوبة بحيث لا يحدث تنفس رغم إبعاد المنفسة مجموعة هارفارد اقترحت ثلاث دقائق، مجموعة مينوسوتا اقترت أربع دقائق، أما المجموعة البريطانية فقد اقترحت عشر دقائق كاملة من الملاحظة بعد إيقاف التنفس بواسطة المنفسة (3)
4-
عدم وجود أي من الأفعال المنعكسة وقد ركزت اللجنة على الأفعال المنعكسة عن منطقة جذع الدماغ Brain Stem reflexes التي سنذكرها بإيجاز فيما بعد.
5-
عدم وجود أي نشاط كهربائي في رسم المخ isoelecteric E.E.G. (Flat) الكهربائي بعد إمراره بطريقة معينة متعارف عليها عند أهل هذا الفن..
ولا يعتبر هذا الشرط الأخير ضروريا إذ يمكن تشخيص موت الدماغ بوجود الأربعة الشروط الأولى فإذا استخدم هذا الجهاز فإنه يعتبر عاملا مؤكدا Confirmatory value وينبغي أن تعاد جميع هذه الفحوصات بعد 24 ساعة ولا يظهر فيها أي تغيير.
(1) Ad Hoc committed of the Harvard Medical School. A definition of lrreversible Coma JAMA 1968 ،2 5:85-88
(2)
Pallis C. From Brain Death to Brain Stem Death. B.M.J 1982 ، 285: 1486 – 149
(3)
Pallis C.Diagnosis of Brain Stem Death ii، B.M.J 1982; 1641-1644
مجموعة مينسوتا:
وقد وضع مجموعة من أخصائي جامعة مينسوتا (Minnesota Criteria) مواصفات مشابهة تختلف في التفاصيل عام 1971 وقد عرفت باسم مواصفات مينوستا هي كالتالي:
1-
أن يكون السبب المؤدي إلى موت الدماغ معلوما وقد كانت 2 حالة من ال25 حالة التي وصفوها ناتجة عن حوادث أدت إلى تهشيم الدماغ تهشيما لا أمل في عودته إلى سابق عهده بينما كانت الحالات الخمس الأخرى تعاني من إصابات داخلية بالدماغ معلومة ومشخصة قبل إعلان موت الدماغ وسنظهر فائدة هذا الشرط عندما نعرف أن توقف الدماغ عن العمل بتاتا لفترة محدودة قد ينتج عن المنومات وبالذات الباربيتورات وغيرها من المهدئات
2-
عدم وجود أي حركة ذاتية.
3-
توقف التنفس بعد إيقاف المنفسة لمدة أربع دقائق بالشروط المذكورة سابقا.
4-
عدم وجود أي أفعال منعكسة من منطقة جذع الدماغ وذلك يدل على موت جذع الدماغ.
5-
كل هذه الشروط ينبغي أن لا تتغير خلال اثنتي عشرة ساعة.
6-
رسم المخ غير ضروري.. ووجوده يعتبر عاملا ثانويا مساعدا ومؤكدا وينبغي أن يكون الرسم بدون أي نشاط كهربائي لخلايا المخ.
ومن المهم جدا والملاحظ أن عدم وجود الأفعال المنعكسة من منطقة جذع الدماغ لا يعني عدم وجودها من النخاع الشوكي. فمثلا الضرب على الأوتار في الأطراف العليا أو السفلي يؤدى إلى تحرك العضلات المرتبطة بهذا الفعل المنعكس فالضرب على وتر الرضفة (الركبة) يؤدي إلى تحرك عضلات الفخذ التي تغذيها الأعصاب القطنية (الثاني والثالث) 2،3 والضرب على وتر أخيل عند العقب يحرك عضلات سمانة الساق والضرب على وتر العضلة ذات الرأسين يحرك هذه العضلة في الذراع وذات الثلاثة رؤوس في العضد. وهكذا وإمرار المفتاح مثلا على راحة القدم بجعل الإبهام وأصابع القدم تتحرك..
ووجود هذه الأفعال المنعكسة جميعا أو بعضا منها يعنى أن النخاع الشوكي سليم ولكنه لا يعني أن الدماغ أو جذع الدماغ قد مات.
وهذا أمر يبدوا عسيرا حتى على الأطباء فقد قامت المجموعة الفرنسية عام 1959باشتراط فقدان هذه الأفعال المنعكسة وكذلك فعلت مجموعة هارفارد (1) في أول الأمر ثم اتضح للأطباء أن العلاقة ليست ثابتة بين موت الدماغ أو جذع الدماغ وبين موت النخاع الشوكي فقد يكون جذع الدماغ حيا بينما النخاع الشوكي ميتا وفي هذه الحالة يعتبر الشخص مشلولا ولكنه حي أما في حالة موت الدماغ وبالذات جذع الدماغ فإنه يعتبر ميتا رغم بقاء الأفعال المنعكسة من النخاع الشوكي.
وقد أكدت الأبحاث المتكررة بواسطة تصوير شرايين الدماغ توقف الدورة الدموية في الدماغ رغم وجود الأفعال المنعكسة من النخاع الشوكي (2)
ومن المتفق عليه أن توقف الدورة الدموية في الدماغ يعتبر علامة أكيدة لا نزاع فيها على موت الدماغ.
والشيء المثير للجدل هو وجود بعض الذبذبات الخفيفة التي تدل على وجود خلايا حية في الدماغ فوق مستوى جذع الدماغ
فالمدرسة البريطانية ترى أن وجود مثل هذه الذبذبات والنشاط الكهربائي الضئيل حتى على فرض التأكد أنه صادر من خلايا الدماغ وليس من الأجهزة الكثيرة القريبة من المصاب ترى المدرسة البريطانية أن هذه الذبذبات لا تغير من تشخيص موت الدماغ طالما أن الفحوص الأخرى المتتالية تدل على موت جذع الدماغ.
(1) c.Pallis: A.B.C Brain Stem Death، B.M.J.London 1983. P.G
(2)
Pallis C.ABC Brain Stem Death P.G
ويرى بعض الأطباء حرجا في مثل هذه الحالة.. ولذا يقترحون القيام بقياس الدورة الدموية الدماغ..
ويمكن معرفة ذلك بحقن شرايين الدماغ الأساسية الأربعة (شريانين سباتييد Carsted arteries وشريانين فقريين (Vertebral arteries) ورغم أن هذا الإجراء مجهد وقد يصعب إجراؤه في غرفة الإنعاش ويستدعي نقل المصاب إلى غرفة الأشعة فإن نتيجته قطعية بالموت أو الحياة.
وقد وجد الأطباء وسيلة أيسر وتؤدي نفس الغرض وذلك بحقن المصاب بمادة مشعة Radio nuclide ثم تصوير الدماغ وذكر مجموعة من الأطباء في بحثهم الذي نشرته مجلة JAMA الطبية الشهيرة (1) في 14 يناير 1983 أن استخدام مادة النيوكلايد المشعة ثم تصوير الدماغ تعطي معلومات دقيقة ووافية عن الدورة الدموية في الدماغ مما يتسنى بالحكم على موت الدماغ أو حياته وأن هذه الطريقة توازي طريقة حقن الأوعية الدموية للدماغ (الشرايين الأربعة) رغم ان الطريقة الأخيرة مجهدة ومن الصعب إجراؤها في غرفة الإنعاش بينما الطريقة التي تستخدم فيها المواد المشعة أسهل ولا تحتاج إلى نقل المريض إلى غرفة الإنعاش.
العلامات الدالة على موت الدماغ:
(المدرسة البريطانية) : قدمت لجنة الكليات الملكية البريطانية وكليات الطب مقترحاتها وتعريفاتها لموت الدماغ وذلك عام 1976 وعام 1979 وقد أكدت هذه التعريفات: أن موت جذع الدماغ يعني موت الدماغ عند وجود إصابة لا يمكن معالجتها بالدماغ (2)(3) وقد وصفت هذه المقترحات فحوصات إكلينيكية يمكن بواسطتها لأي طبيب أن يتأكد من وجود أو عدم وجود حياة في جذع الدماغ بشرط أن يكون الطبيب عارفا بتشخيص سبب فقدان الوعي والإغماء وأنه ليس ناتجا عن مجموعة من العقاقير أو نقص الأوكسجين.
وقد وصفت مذكرة 1979 موت جذع الدماغ وجعلته مساويا للموت (4) واعتبرت النقاط التالية:
1-
أن فقدان وظائف جذع الدماغ فقدانا تاما لا رجعة فيها يساوي توقف القلب وموته بالتعريف القديم
2-
أن فقدان وظائف جذع الدماغ يمكن معرفتها سريريا دون الحاجة إلى فحوصات معقدة مثل رسم المخ الكهربائي أو حقن شرايين الدماغ الأربعة أو المواد المشعة.
(1) Schwartz JA: Radios nuclide Cerebral lmaging confiming Brain Death.JAMA 1983 ; 249; 246-247
(2)
Confrence of Medical Royal Colleges and their Faculties in the U.K.Diagnosis or Death Br. Mad J. `976. (ii) : 1187-8.
(3)
Pallis C.، ABC Brain Stem death P.g
(4)
Scjwartz JA etai: Radis nuclid Cerebral imaging confirming Brain Death. JAMA
3-
أن معرفة أن فقدان هذه الوظائف أمر دائم أو مؤقت يرجع إلى:
أ) إبعاد كل الأسباب التي تؤدي إلى التوقف المؤقت في وظائف جذع الدماغ مثل العقاقير المنومة والمهدئة ونقص الأوكسجين والتسمم بغاز أول أكسيد الكربون.. إلخ
ب) وجود سبب مادي واضح لإصابة الدماغ إصابة مميتة والتأكد من ذلك بوسائل الفحص المطلوبة مثل الأشعة وغيرها.
وهكذا اتضح الأمر لدى المدرسة البريطانية أن مفهوم الموت قد تحول من موت القلب إلى موت الدماغ (كل الدماغ) ثم من موت كل الدماغ إلى موت جذع الدماغ.
تكوين الدماغ: قبل أن نتحدث عن وظائف جذع الدماغ والفحوص التي تجرى عليها سنتحدث بإيجاز شديد عن الدماغ وتقسيماته حتى يتضح ما هو المقصود بموت الدماغ وجذع الدماغ.
يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية وذلك حسب ظهورها في التكوين الجنيني.
1-
الدماغ المقدمي Fore Brain
ويشمل نصي المخ Cerebral hemispghenes وبكل نص مراكز هامة عديدة إذ يكونا مهد الفطنة والذكاء والعبقرية في الإنسان الذي يمتاز بوساطة المخ المقدمي على باقي المخلوقات إذ يحكم ويملك ويسيطر علاوة على وجود مراكز تتحكم في السيطرة على عضلات الجسم الإرادية وأخرى في السيطرة على الاحساسات المتباينة المختلفة وثالثة للحواس وضبط النفس ولكل مركز أو حاسة جزء خاص به " كما يقول الدكتور شفيق عبد الملك أستاذ التشريح بكلية الطب جامعة عين شمس (1)(القاهرة)
ولندخل في وظائف الدماغ المقدمي ولأقسامه المتعددة فهو خارج نطاق بحثنا هذا.
صورة للدماغ ويظهر فيه نصي المخ الأيمن وجزء من المخيخ والنخاع الشوكي
(1) مبادئ علم التشريح ووظائف الأعضاء ص 313
2-
الدماغ المتوسط Mld Brain
ويشمل فخذي المخ إلى الأمام والأجسام التوأمية الأربعة إلى الخلف وتتوسطهما القناة المخية المائية وفخذا المخ Cerebral peduncles يربطان قنطرة فارول pous بنصي المخ من جهة وبالنخاع الشوكي من جهة أخرى وبالمخيخ من جهة ثالثة. وتحتوي على مجموعة من الأنوية منها النواة الحمراء وعلى الأجسام التوأمية الأربعة Corpora quadrigemina ويختفي الجسمان العلويان منها بالإبصار والجسمان السفليان منها بالسمع. (مركز ثافون) وتوجد بها أيضًا التكوين الشبكي Reticular formation الذي يمتد إلى الدماغ المقدمي في الجهة العليا وإلى القنطرة والنخاع المستطيل في الجهة السفلى.. وأهمية هذا التكوين الشبكي تأتي في أنه مسئول عن اليقظة والوعي. فإذا تعبت خلاياها حدث النوم وإذا أصيبت فقد الوعي.
3-
الدماغ المؤخري Hind Brain
ويحتوي على:
أ- قنطرة فارول pous وهي تربط النخاع المستطيل بالمخ المتوسط والمخيخ وبها مجموعة من أنواء خاصة بها علاوة على أنواء الأعصاب المخية الخامس والسادس والسابع والثامن.
ب- النخاع المستطيل Medulla oblongata هو حلقة الاتصال بين النخاع الشوكي والدماغ وبه مراكز الحياة الأساسية التي تتحكم في التنفس والدورة الدموية والقلب.
ج- المخيخ Cerebellum ويتصل بالمخ المتوسط والنخاع المستطيل وقنطرة فارول وينحصر عمله في السيطرة على العضلات ويحفظ قوى اتزان الجسم وينظم الحركة العضلات الإرادية.
يسمى: الدماغ المتوسط
قنطرة جذع الدماغ
النخاع المستطيل
ويحتوي هذا الجذع على المراكز الحيوية وعلى جميع الأعصاب القحفية cranial nerves الأثنى عشر ولذا يسهل فحص الوظائف الحيوية.
الدماغ المتوسط Mid Brain
جذع الدماغ فخذا المخ crus crebri
النخاع المستطيل Meduilla oblongata
المخ المقدمي
المخ المتوسط
القنطرة
النخاع المستطيل
صورة توضح الأعصاب القحفية Caranial nerves
الاثنى عشر وجميعها تخرج من جذع الدماغ
Brain Stem ويسهل فحصها وبالتالي يمكن معرفة وظيفة جذع الدماغ.
مقطع إكليلي coronal في الدماغ يوضح اتصال جذع الدماغ بالمخ وعلاقته بالمخيخ ويتصل التكوين الشبكي Reticular formation
الموجود بجذع الدماغ بذلك الموجود في المخ limbit system وخاصة المجموعة cerebrum الحوفية والتكوين الشبكي مسئول عن اليقظة.. وقد ثبت أن إصابة سقيفة جذع الدماغ Tegmentum (في الدماغ المتوسط) على الجانبين تسبب إغماء طويلا وفقدان للوعي يستمر أبدا بعيدا.. أن الوعي والإدراك هو من وظائف المخ Cerebrum ولكن بدون الإشارات الآتية من جذع الدماغ (التكوين الشبكي) فإن المخ لا يستطيع أن يعي أو يدرك.. وهو يشبه زر النور الذي تضغطه لتسرى الكهرباء وتضاء الغرفة.. فبدون هذا الزر ووضعه في موضعه المناسب (ON) فان التيار لا يسري رغم أن الأسلاك جيدة واللمبة سليمة والتيار موجود ولكنه غير موصل ولا تتم دورة الاتصال إلا بوضع الزر على وضع (on)
ومن حسن الحظ ان المراكز الهامة في جذع الدماغ قريبة من بعضها ويمكن فحصها إكلينيكيا (سريريا) بسهولة.. ويتحكم جذع الدماغ في الآتي من المراكز الحيوية:
1-
التنفس
2-
الدورة الدموية وضربات القلب
وتمر فيه المسارات العصبية الحركية النازلة من قشرة الدماغ إلى النخاع الشوكي والمسارات العصبية الحسية الصاعدة من النخاع الشوكي إلى قشرة الدماغ وأي إصابة في جذع الدماغ تؤثر على هذه المراكز والمسارات. كما أن إصابة جذع الدماغ تخفض خفضا شديدا الدورة الدموية في الدماغ كله كما أنها تخفض عمليات الأكسدة في المخ الضرورية للاستقلاب Cerebral oxidative metabolism
ولذا فإن إصابة جذع الدماغ إصابة مميتة لا يوقف فحسب التنفس والدورة الدموية والمسارات العصيبة الحركية النازلة Descending motor tracts والمسارات العصيبة الحسية الصاعدة Ascending sensory tracts ولكنها أيضًا تسبب الموت للدماغ كله وإن كانت بعض خلايا المخ قد تكون حية لفترة محدودة بعد موت جذع الدماغ.
وكما ان موت القلب وتوقف الدورة الدموية وتوقف التنفس لا يعني موت كل خلية في الجسم في تلك اللحظة وإن كانت تلك الخلايا ستموت حتما إذا تركت في مكانها من الجسم فإن موت جذع الدماغ لا يعني أيضًا موت كل خلية في الدماغ على الفور وان كانت تلك الخلايا ستموت حتما خلال ساعات.
ولهذا تتجه المدرسة البريطانية إلى إعلان الموت عند موت جذع الدماغ رغم أن:
1-
بعض خلايا الدماغ قد تكون حية آنذاك إلا أنها في طريقها إلى الموت سريعا ويستدل على وجود بعض الخلايا حية بوجود نشاط كهربائي ضئيل في جهاز رسم المخ الكهربائي E.E.C.
2-
أن النخاع الشوكي Spinal Cord لا يزال به رمق حياة ولذا فان بعض الأفعال المنعكسة من النخاع الشوكي قد تكون موجودة مثل الأفعال المنعكسة من النخاع الشوكي قد تكون موجودة مثل الأفعال المنعكسة بضرب أوتار عضلات الطرف العلوي (العضلة ذات الرأسين والعضلة ذات الثلاث رؤوس) أو أوتار الطرف السفلي مثل وتر الرضفة Patellar terdon ووتر أخيل في العقب Tendoactillis
بينما نرى المدرسة الأمريكية (تقرير هارفارد عام 1968 Ad Hoc committee of the henvard Me. School. Adefinition of lrrev. coma. jAmA 1968 ، 2 6 – 88. وعام 1984 Ad hoc committee of the Harvard Med. School: A Def. of lrrev. Coma. JAMA 1984. 252-677-679.
تصر على:
1-
أن تكون جميع خلايا الدماغ ميتة عند إعلان الوفاة.. ولهذا فإن رسم المخ ينبغي أن لا يكون فيه أي نشاط آت من خلايا الدماغ.
2-
أن تكون الأفعال المنعكسة جميعها مفقودة بما في ذلك الأفعال المنعكسة من النخاع الشوكي.
أسباب موت جذع الدماغ: إن أهم أسباب موت جذع الدماغ تتلخص في الآتي:
1-
إصابات الحوادث والارتطام مثل حوادث المرور (السيارات) والطائرات والقطارات وحوادث العمل أو السقوط من حالق أو أثناء القفز من منط في مسبح أو في البحر حيث يقفز الشخص ويرتطم رأسه بحجر وهذه الحوادث تمثل 50 % من جميع الحالات تثمل التي شخص فيها موت الدماغ.
2-
نزف داخلي في الدماغ وعادة ما يكون ناتجا عن نزف تحت العنكبوتية Subarachnoid haemorrhage أو انفجار لأم الدم (انتفاخ في أحد الشرايين) Ruptured ameury sm وتمثل هذه الحالات 30 % من جميع حالات موت جذع الدماغ.
3-
تمثل 20 % الباقية مجموعة من الأمراض مثل الأورام والتهاب الدماغ والسحايا خراج الدماغ..إلخ
ويعتبر توقف القلب أو التنفس الفجائيين ونقص تروية الدماغ بالدم أسبابا نادرة لموت جذع الدماغ، وان كانت تسبب في الغالب موت المخ Cerebrum بينما يبقى جذع الدماغ حيا مما يؤدي إلى حياة نباتية Vegetative life بحيث يبقى المصاب حيا لكنه فاقد الوعي والإحساس والإدراك وهو في غيبوبة تامة Complete Coma
ويعتبر الشنق سببا هاما وإن كان نادرا لموت جذع الدماغ وفي الشنق يموت جذع الدماغ قبل موت المخ وقبل موت النخاع الشوكي. ولذا فإن الشنق أو القتل بالمقصلة أو الضرب بالسيف أعلى العتق يمثل تمثيلا واضحا المقصود بموت جذع الدماغ. ففي هذه الحالات جميعا يموت جذع الدماغ أولا بينما المخ أو بعض خلايا المخ لا تزال حية. وكذلك خلايا النخاع الشوكي ولذا فإن المذبوح أو المشنوق يتحرك وهي حركة أسماها الفقهاء " حركة المذبوح " ولا تدل على وجود الحياة.
صورة توضح مزفا شديدا مميتا في جذع الدماغ.
نزف في جذع الدماغ المخيخ نزف وتهتك في الدماغ فيما بين القنطرة Pons والنخاع المستطيل medulla oblongata كما يحدث في حالات الشنق.
وفي الشنق رغم أن المعتقد هو أن الفقرية السنية (الفقرة العنقية الثانية)
Odontoid تنخلع فتضغط بذلك على المقطعين الأولين من النخاع الشوكي إلا أن الواقع الذي وصفه البروفيسور سيبمس (أخصائي الطب الشرعي والباثلوجي للداخلية البريطانية) يدل على أن سبب الموت في حالة الشنق هو تهتك وانفصام جذع الدماغ فيما بين القنطرة pons
وفي الشنق يتوقف التنفس فورا نتيجة انفصام وتهتك جذع الدماغ بينما تبقى في بعض الأحيان تروية الدماغ حيث إن الشريان السباتي Carotid a. أو الشريان الفقرى vertebral a يظل أحدهما أو كلاهما مفتوحا وقد يستمر القلب في الضخ والنبض لمدة عشرين دقيقة كاملة بعد توقف التنفس وموت جذع الدماغ. بل ان بعض خلايا الدماغ وخاصة في المخ Cerebrum تستمر في الحياة لعدة دقائق وإذا وضع رسم المخ الكهربائي في مثل تلك الحالة فإنه سيسجل نشاطا كهربائيا لعدة دقائق.
فهل مثل هذا الشخص يعتبر حيا في الوقت الذي لا يزال قلبه ينبض وبعض خلايا دماغه تعمل؟
هذا هو السؤال الذي وضعه الدكتور كريستوفر باليس في كتابة أبجديات موت جذع الدماغ للرد على المدرسة الأمريكية والأشخاص الذين يطالبون بموت جميع خلايا الدماغ لإعلان موت الدماغ.
والواقع أن الفرق الزمني بين موت جذع الدماغ وبين موت كل الدماغ لا يعدو دقائق كما أن الفرق بين موت جذع الدماغ والنخاع الشوكي قد يصل إلى ساعة أو جزء من الساعة وكما أن القلب قد يستمر في العمل لعشرين دقيقة بعد الشنق وموت جذع الدماغ وذلك بدون أجهزة إنعاش فإن بعض خلايا الدماغ قد تستطيع الحياة لبضع دقائق بعد موت جذع الدماغ.. ولا تستطيع خلايا الدماغ المتبقية الحياة أكثر من ذلك لأن أجهزة الإنعاش تستطيع إبقاء هذه الخلايا حية بعد جذع الدماغ على عكس ما تفعله الأجهزة بالنسبة للقلب الذي تستطيع أجهزة الإنعاش في إبقائه بضعة أيام رغم موت جذع الدماغ (وفي الحالة الخاصة التي سجلت استمر القلب بنبض 68 يوما بعد موت الدماغ (1)
الفصل التاسع
تشخيص موت جذع الدماغ
يعتبر تشخيص موت جذع الدماغ أمرا أساسيا في تشخيص موت الدماغ حتى لدى المدرسة الأمريكية وغيرها من المدارس الطبية التي تطالب بموت كل الدماغ لإقرار موت الدماغ على عكس المدرسة البريطانية التي ترى أن موت جذع الدماغ كافيا لإصدار شهادة الوفاة كما قد بينا من قبل حيث أوردنا حجج كلا من الفريقين.
لهذا فإن تشخيص موت جذع الدماغ يعتبر حجر الزاوية في تشخيص موت الدماغ وبالتالي إعلان وفاة ذلك الشخص ومن ثم يتسنى إيقاف الأجهزة أو نزع الأعضاء الأساسية التي تبرع بها الشخص قبل وفاته أو وافق أهله وذويه على التبرع بها بعد وفاته.
ومن حسن الحظ أن تشخيص موت الدماغ أمر يسير نسبيا ولا يحتاج إلى أجهزة معقدة ويمكن لأي طبيب أن يشخص ذلك سريريا دون اللجوء إلى إجراء فحوصات معقدة.
الخطوات الأساسية لتشخيص موت الدماغ: وهناك ثلاث خطوات أساسية للوصول لتشخيص موت الدماغ هي:
أولا: الشروط المسبقة وتشمل الآتي:
1-
وجود شخص مغمي عليه لا يتنفس إلا بواسطة المنفسة
2-
وجود تشخيص لسبب الإغماء يوضح وجود مرض أو إصابة في جذع الدماغ لا يمكن معالجتها
ثانيا: عدم وجود سبب من أسباب الإغماء المؤقتة والناتجة عن:
(أ) الكحول والعقاقير.
(ب) انخفاض درجة حرارة الجسم.
ثالثا: الفحوصات السريرية التي تؤكد:
(أ) عدم وجود الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ.
(ب) عدم وجود تنفس من غير المنفسة.
وتعاد هذه الفحوصات بعد فترة زمنية..
وتجرى من قبل الطبيب المعالج وأخصائي الأمراض العصبية وبشرط أن لا يكون أحد هؤلاء الأطباء له علاقة بنقل عضو من أعضاء المصاب إلى شخص آخر.
وسنتحدث الآن عن هذه الثلاث الخطوات الأساسية بشيء من الإيجاز:
الشروط المسبقة: Pre – conditions
1-
الإغماء الكامل: وعدم الاستجابة لأي مؤثرات خارجية مثل الصوت القوى أو الضوء القوي أو هز المصاب أو إيلامه بقرصه أو شكه بدبوس أو إبرة بحيث لا تظهر من المصاب أي حركة ولو بسيطة ولا أي صوت ولو حشرجة فإذا وجدت أي حركة ولو بسيطة أو صوت ولو حشرجة أو أنه فإنه ذلك يعني أن المصاب ليس ميتا 2- عدم الحركة التلقائية وتلاحظ هذه لمدة ساعة كاملة على الأقل من قبل الطبيب ولا يكتفي في ذلك قول هيئة التمريض (وهذا هو شرط مدرسة هارفارد الأمريكية) 3- تشخيص سبب الإغماء ووجود أدلة على إصابة بجذع الدماغ (تهتك أو نزف) ويحتاج تشخيص السبب إلى إجراء فحوصات مخبرية وأشعة وينبغي أن يكون السبب من النوع الذي لا يمكن علاجه ولا برؤه وهذا يعني أن الأسباب الطارئة مثل الاحتقان والوذمة Dodoma كلها قد عولجت بحيث تبقى الأسباب الدائمة وحدها.
(1) Parisi J.E etal: Brain Death with prolonged Somatic Survival ، New Eng. J. Medicine 1982 ، 3 6 (1) : 14 – 16
كما أن الأسباب الطارئة للإغماء مثل العقاقير والكحول التي قد يكون المصاب تعاطاها قد أزيل أثرها من الجسم إما تلقائيا بمرور الزمن أو بواسطة العلاج. كذلك من الأسباب الطارئة انخفاض حرارة الجسم Hypothermia التي قد تحدث لشخص أصيب أثناء التزحلق على الجليد ففقد الوعي نتيجة ارتطامه وفي نفس الوقت ظل جسمه في الجو القارس في الثلج فترة جعلت درجة حرارة جسمه تنخفض إلى ما تحت 35 درجة مئوية.. فإن الإغماء الموجود لدى مثل هذا المصاب قد يرجع إلى عدة أسباب (وهذا أمر كثير الحدوث) فقد يكون هذا الشخص تناول خمرا قبل التزحلق على الجليد (وهو أمر دائم الحدوث) ثم أصيب أثناء تزحلقه وارتطم رأسه وتهشمت جمجمته.. وكان مثل ذلك الشخص في منطقة معزولة فبقى مغمى عليه لعدة ساعات أو لبضعة أيام في الثلج قبل العثور عليه مما نتج عنه انخفاض في درجة حرارة جسمه.. فلابد في مثل هذه الحالة أن تزال الأسباب المؤقتة المؤدية إلى الإغماء وهي:
(1)
شرب الخمر
(ب) برودة الجسم
وذلك يستدعى عدة إجراءات طبية بحيث تثبت المختبرات عدم وجود كحول في الدم وبحيث ترتفع درجة حرارة الجسم فيبقى آنذاك أثر الارتطام ومدى إصابة جذع الدماغ وحتى هذه فإن فيها أسبابا مؤقتة إضافية مثل الاحتقان والوذمة Congestion and oedoma وهذه ينبغي أيضًا أن تزال أولا للتأكد من بقاء الأسباب الدائمة فقط. كما ينبغي التأكد من الأسباب الأخرى التي يمكن أن تزال بإجراء عملية جراحية مثل تجمع الدم (من النرف) تحت أو خارج الأم الجافة Sub or extr dural Hematoma أو وجود ورم بالدماغ يمكن إزالته جراحيا ولهذا فان تشخيص السبب أمر في منتهى الأهمية وبالتالي تحديد هل هذا السبب من الأسباب المؤقتة التي يمكن أن تزال بإجراء طبي أو من الأسباب الدائمة التي لا يستطيع الطب حيالها شيئا.
ولهذا ينبغي أن يكون السبب المؤدى إلى الإغماء ليس وظيفيا functional فقط بل ينبغي أن يكون السبب المؤدي إلى الإغماء تركيب مادي نسيجي Stractural وأن يكون السبب المادي التركيبي النسيجى من النوع الذي لا يمكن إزالته بوسائل الطب الموجودة لدينا.
وأما الأسباب الوظيفية Functional فلا تعد أبدا من أسباب الإغماء الدائم لأنها يمكن أن تزال ومن ذلك:
1-
العقاقير وقائمتها طويلة وتشمل:
- الكحول.
- المنومات مثل الباربيتورات.
- المهدئات مثل الفاليوم والليبريم والنويريم والأتيفان.. إلخ.
- المخدرات المسكنات مثل الهيرويين والمورفين والبنقازوسين والبيثدين والميثادون.
- أدوية الصرع مثل الفينتون Pheniytion والكاربافزيبزين Carbanezepine
- الأدوية المضادة للكآبة مثل الايمبراين imipramine والتربتلين Tryptigline والنور تربتلين Nortyptyline
- المعقلات مثل الكلور برومازين.
- المسكنات مثل الأسبرين.
2-
برودة الجسم.
3-
نقص الهرمونات أو زيادتها في الجسم.
4-
نقص السكر أو زيادته في الجسم.
5-
زيادة البولينا في الجسم.
6-
التسمم نتيجة الغازات السامة وغاز أول أكسيد الكربون.
ولهذا فإن أصعب نقطة في تشخيص موت جذع الدماغ هي الوصول لمعرفة السبب الحقيقي للإغماء ومعالجة من ثم الأسباب المؤقتة.
وهذا يستدعي عمل فريق طبي متكامل ومجهز بكثير من الأجهزة الحديثة.
وفي هذه الأثناء يظل المصاب تحت المنفسة والإنعاش الصناعي ولا يمكن حسب التعريف الطبي (البريطاني والأمريكي) أن يشخص موت الدماغ قبل ازالة الأسباب الوظيفية المؤقتة التي تؤدي إلى الإغماء ولعل أهم سبب في هذه المجموعة المؤقتة هو تناول العقاقير مثل الكحول والمخدرات والأدوية المنومة (المرقدة) والمهدئات. (ونقصد بالمخدرات الأفيون والمورفين ومشتقاته) ورغم أن الكحول هو أكثر هذه الأسباب شيوعا إلا أن أثره المؤدي إلى الإغماء لا يزيد في الغالب عن ثماني ساعات. ولذا فان إصابة شخص مخمور في رأسه تشكل عائقا أمام تشخيص موت الدماغ. ولكن أثر الكحول يزول في الغالب بعد ثماني ساعات ويبقى بذلك أثر الإصابة في الدماغ فقط.
أما العقاقير الأخرى مثل الباربيتورات فقد تبقى في الدم بدرجة تركيز عالية مسببة للإغماء لعدة أيام.
على أية حال لابد من فحص الدم المتكرر في مثل هذه الحالات حتى يتبين ذهاب أثر العقار على الدماغ.
ولكن إذا فرض أن المستشفي المذكور لا توجد به إمكانيات فحص العقاقير في الدم ولا يوجد بالقرب منه مركز لإجراء هذه الفحوصات فإن الأغلبية الساحقة من العقاقير يخبو أثرها بعد مرور ثلاثة أيام من الإغماء ولهذا ينبغي أن يبقى المصاب تحت المنفسة طوال هذه المدة قبل التفكير في موضوع موت الدماغ حتى وأن كانت كل الفحوص الأخرى تدل على أن الدماغ قد مات إذ أن هذه العقاقير تستطيع أن تسكت الدماغ لمدة ثلاثة أيام كاملة ويكون في أثناء ذلك رسم المخ الكهربائي سلبيا صامتا لا يتحرك بأدنى حركة.
ولهذا لا ينبغي إجراء الفحوصات الدالة على موت الدماغ قبل التأكد أولا من التشخيص وزوال الأسباب المؤقتة للإغماء.
بعض الأسباب المؤقتة للإغماء مع توقف التنفس ومدتها:
1-
جراحة الدماغ الكبيرة اكثر من – 4 ساعات
2-
أم الدماغ anewlysur في الدماغ نزف تحت
الأم العنكبوتية أكثر من – 6 ساعات
3-
العقاقير: الاسبرين ربع – 3 ساعات
البارسيتامول (الباندول) 3 - 4 ساعات
داعينها يرامين (دواء حساسية) 4 - 10 ساعات
ايمبيرامين (دواء ضد الكآبة) 8 - 24 ساعة
مورفين 10- 60ساعة
نورتريتلكين (دواء ضد الكآبة) 15- 93 ساعة
دايزيبام (فاليوم) 24 - 96 ساعة
فينوباربيتال (منوم ضد الصرع) 50 - 140 ساعة
الكحول ساعة كل 10 مللتر من الكحول
4-
نقص الأوكسجين للدماغ نتيجة عرق أو غازات
سامة أو توقف فجائي للقلب أكثر من 24 ساعة بعد التأكد من الشروط المسبقة وعدم وجود سبب من الأسباب المؤقتة للإغماء أو عند وجودها التأكد من ذهاب تأثيرها تبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة وهي فحص وظائف جذع الدماغ.
وتتلخص هذه في وجود الآتي:
1-
إغماء
2-
عدم وجود وضع جسماني معين غريب abnormal posture مثل:
أ) وضع مفصول المخ decerebrate
ب) وضع مفصول قشرة الدماغ decorticate
وهي أوضاع جسمية خاصة يأخذها من فصل مخه عن بقية دماغه أو فصلت قشرة مخه عن بقية دماغه بواسطة إصابة أو مرض مثل التهاب أو ورم.
3-
عدم وجود أي هزات أو رجات صرعية No epiletic jerking
4-
عدم وجود الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ.
5-
عدم وجود تنفس تلقائي.
6-
عدم وجود " حركة الدمية ""no dolling" يقف الطبيب خلف رأس المصاب ويقبض على رأس المريض ويضع إبهام كل يد على جفن وحاجب فيرفعه إلى أعلى ثم يحرك الرأس إلى جهة اليمين ويبقى كذلك لمدة ثلاث أو أربع ثوان ثم إلى جهة اليسار في الشخص الواعي تتحرك العين مع حركة الرأس في خلال أقل من ثانية.. وفي الشخص الميت (الجثة) تتحرك العين والرأس معا أما في الشخص المغمي عليه والذي لا يزال جذع دماغه حيا فإن العين تتحرك في الاتجاه المعاكس لحركة الرأس لمدة ثانية أو ثانيتين تتبعها عودة سريعة من مقلة العين إلى اتجاه حركة الرأس ونفس الشيء يحدث عندما يتحرك الرأس إلى الجهة المعاكسة.
وهذا الفحص ببساطته ويسره يوفر وقتا طويلا فإذا فحص الطبيب المصاب ووجد أن الشخص المغمى عليه والموجود تحت أجهزة الإنعاش تتحرك مقلة عينه عكس حركة الرأس فإن ذلك يدل على أن جذع دماغه لا يزال حيا ولا داعي لإجراء مزيد من الفحوص.
فإذا كانت هذه الحركة المعاكسة غير موجودة والعين تتحرك مع حركة الرأس كما يحدث في الموتى فإن ذلك يستدعى إجراء الفحوصات التالية:
أ- الأفعال المنعكسة لجذع الدماغ: وتتلخص هذه في الآتي:
1-
عدم حركة بؤبؤ العين للضوء الشديد. يكون بؤبؤ العين (حدقة العين) واسعا لا يتغير بالضوء. ومن المعلوم أن إلقاء الضوء على حدقة العين الحية يؤدى إلى تضيق الحدقة.
2-
لا يرمش المصاب رغم وضع قطنه على قرنية العين.
3-
لا تتحرك مقلة العين رغم إدخال ماء بارد في الإذن.
4-
لا يقطب المصاب جبينه رغم الضغط الشديد على الجبين بالإبهام أو الضغط على أي منطقة في الجسم.
5-
عدم التكعم أو الكحة عند لمس الحنك وباطن الحلق بملعقة (خشبية أو من الصلب) Catheer أو لمس الحنجرة والقصبة الهوائية بواسطة القنطرة إن هذه الفحوص سهلة ويستطيع أي طبيب أن يجريها ولا تحتاج إلى أجهزة معقدة.
ب- فحص عدم التنفس: لإجراء فحص عدم التنفس التلقائي يفصل المصاب عن المنفسة ولكن قبل فصله عنها يعطى أوكسجين 95 % مع 5 % ثاني أكسيد الكربون (حسب المدرسة البريطانية) أو يعطى هواء الغرفة (حسب المدرسة الأمريكية) لمدة 10 دقائق ويفصل المصاب عن الآلة لمدة تختلف حسب آراء المجموعات الطبية
1-
3 دقائق لمجموعة هارفارد
2-
4 دقائق لمجموعة منيسوتا
3-
10 دقائق المدرسة البريطانية
ويشترط أن يصل ضغط ثاني أكسيد الكربون في الدم الشريان 40 مم من الزئبق على الأقل قبل فصل الآلة. وأن يرتفع إلى 50 مم من الزئبق بعد فصل الآلة (المدرسة البريطانية) .
ويمكن التأكد من ذلك بإجراء فحص الدم وقياس ضغط ثاني أكسيد الكربون في الدم الشرياني. وإذا لم يكن هذا الجهاز متوفرا لدى المستشفي (اصبح هذا الجهاز متوفرا في معظم مستشفيات المدن) فإن إعطاء المصاب 5 % غاز ثاني أكسيد الكربون قبل فصل الآلة لمدة عشر دقائق يضمن وصول ضغط ثاني أكسيد الكربون في الدم إلى 40 مم أو أكثر ويلاحظ المريض للمدة المقررة (3 دقائق في رأي مجموعة هارفارد وعشر دقائق في رأي المدرسة البريطانية) فإذا لم يحدث تنفس تلقائي خلال هذه المدة فإن ذلك يعني موت جذع الدماغ. ولكن قبل إعلان الموت لابد من:
1-
إعادة فحص وظائف جذع الدماغ بأكملها بعد مرور عدة ساعات حددتها مجموعة هارفارد بـ 24 ساعة وحددتها المجموعة البريطانية بست ساعات.
2-
أن يجرى الفحص فريق طبي ليس له علاقة بأخذ أعضاء من الجثة لزراعتها في شخص آخر
الفصل العاشر
محاذير ومطبات في تشخيص موت الدماغ
أن الأخطاء التي وقعت وأثيرت بسببها ضجة كبرى في الصحافة عن أشخاص أعلن الأطباء وفاتهم ثم قاموا يمشون ناتجة عن الأسباب التالية:
1-
عدم تحقق الشروط المسبقة وهي:
(1)
وجود شخص مغمى عليه لا يتنفس الا بواسطة المنفسة.
(ب) وجود سبب عضوي لإصابة جذع الدماغ بحيث لا يمكن برؤه بالوسائل الطبية المتاحة.
ويعتبر هذا أهم سبب لحدوث الأخطاء فمعظم الحالات التي أعلن أنها عادت إلى الحياة بعد إعلان موت دماغهم كانت تعد لحالات فقدان الوعي والتنفس بسبب الكحول أو المخدرات (الهرويين المورفين أو مشتقاتها) أو المرقدات (الباربيتورات) أو المهدئات (الفاليوم الليبيريم) أو مضادات الكآبة (الايمبرايمن أو التربتلين) .
وهذه جميعها أسباب مؤقتة لفقدان الوعي والتنفس ويمكن بوسائل الإنعاش الحديثة إنقاذ مجموعة كبيرة منها..
وبما ان مفعول الفينوباريبتون قد يستمر 14 ساعة مسببا بذلك الإغماء العميق وعدم التنفس فإن الوفاة قبل مرور هذه المدة خطأ وإذا كانت الوسائل متاحة فلابد من إجراء فحص الدم للتأكد من زوال هذه المادة من الدم وبما ان زوال هذه المادة من الدماغ يسبق في الغالب زوالها من الدم فإن زوالها من الدم يعني بالتالي زوالها من الدماغ.
2-
فحوص الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ قد يحدث خطأ من استخدام هذه الفحوص رغم بساطتها فمثلا إذا كان ضوء البطارية التي تسلط على العين لفحص حركة حدقة العين ضعيفا أو غير كاف فان الحدقة قد لا تتحرك رغم سلامة الأعصاب وجذع الدماغ.
وكذلك فإن الحدقة قد تكون متسعة ولا تتحرك لوجود دواء (قطرة الاتروبين مثلا في العين) أو أن الشخص تناول عقارا يسبب اتساع حدقة العين قبل حصول الإغماء كما يحدث في حالات التسمم لدى الأطفال عندما يأكلون خطأ ثمار شجرة البلادونا ست الحسن التي تشبه الكرز. أو كما يحدث عندما يتناول شخص ما عقار البلادونا أو مشتقاتها العديدة. أو الامنتيامين أو القات بكمية كبيرة ثم تحدث لمثل هذا الشخص حادثة تفقده الوعي.
وربما كان العصب المحرك لعضلة الحدقة مشلولا فيؤدي ذلك إلى اعتقاد الحدقة لا تتحرك بسبب موت جذع الدماغ.
وهكذا قل في بقية الفحوصات الأخرى التي ذكرناها وهي:
1-
فحص القرنية وعدم الارماش.
2-
عدم حركة مقلة العين عند صب الماء البارد على الإذن.
3-
عدم التكعم Gag reflex عند لمس باطن الحلق وعدم الكحة عند لمس الحنجرة أو القصبة الهوائية بواسطة القنطرة.
4-
عدم تقطيب الجبين Grimacing عند الضغط على الجبين أو أي موضع في الجسم ضغطا مؤلماَ.
ولكن من المستحيل ان تتحكم الأخطاء في هذه الفحوصات جميعا ويكون جذع الدماغ حيا إذا كان الطبيب الذي يجرى هذه الفحوصات مدربا عليها.
3-
الخطأ في فحص عدم التنفس:
إن المصاب إذا أعطى 100 % أوكسجين قبل نزع الآلة المنفسة فإن ارتفاع نسبة الأوكسجين في الدم وطرد ثاني أكسيد الكربون بواسطة التنفس الصناعي يؤدى إلى توقف التنفس لدى الشخص الذي لا يزال حيا. ذلك لأن أهم محرك للتنفس هو زيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم يليه انخفاض مستوى الأكسجين في الدم. لذلك ينبغي أن توضع هذه المحاذير وهي:
1-
رفع مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم وذلك بإعطاء المصاب 5 % ثاني أكسيد الكربون لمدة 10 دقائق قبل فصل الجهاز مع إعطاء المريض 95 % أوكسجين.
2-
الانتظار 10 دقائق كاملة حتى تعطي فرصة كاملة ليزيد مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم عن 50 مم زئبق وفي هذه الأثناء يعطى المصاب 100 % أوكسجين بواسطة قنطرة تدخل إلى القصبة الهوائية لكن دون تنفس بواسطة المنفسة.
وإذا أخذت هذه المحاذير بعين الاعتبار فإن توقف التنفس لمدة 10 دقائق مع عدم أي من الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ لدى شخص مصاب بالإغماء وتحت المنفسة ومعلوم سبب إصابته بحيث لا توجد أسباب مؤقتة مثل التسمم بالعقاقير فان ذلك يعنى موت جذع الدماغ وموت جذع الدماغ يعنى موت الدماغ بالتالي موت الجسد بكامله.
ومع هذا لا ينبغي إعلان الموت قبل إعادة الفحص ويستحسن أن يجرى الفحص فريق طبي آخر وذلك:
1-
لإبعاد أي مجال للخطأ في هذه الفحوص.
2-
إثبات وجود الحالة كما كانت عليه أي عدم وجود تغيير فيها.
وينبغي أن لا يكون أحد من الأطباء الذين يجرون الفحص له علاقة بأخذ عضو أو أعضاء من المصاب لنقلها إلى مريض آخر حتى لا توجد شبه استفادة من الإعلان المبكر للوفاة.
وأما الفترة بين الفحصين فقد كانت 24 ساعة (المدرسة الأمريكية) وأصبحت الآن بضع ساعات (المدرسة البريطانية والأوربية) ولكن لا يزال المفهوم الطبي حتى في بريطانيا يفضل إعادة الفحص بعد مرور 24 ساعة وأما رسم المخ الكهربائي فلا يعد ضروريا لا في المدرسة البريطانية ولا الأمريكية. ولكن يحبذ وجوده وخاصة لدى المدرسة الأمريكية. ويعتبر عدم وجود أي نشاط كهربائي للمخ علامة مؤكدة لموت الدماغ إذا لم تكن هناك أسباب مؤقتة مثل العقاقير. وكذلك لا حاجة لإجراء فحص الدورة الدموية بالدماغ والتي تجرى بواسطة:
1-
المواد المشعة Radionuclide
2-
حقن شرايين الدماغ الأربعة: الشريان السباتي (زوج) Carotid a. والشريان الفقري (زوج) Vertebral a.
وهذه الفحوص تجرى في ميدان البحث وكذلك يدعو إليها بعض الأطباء وخاصة أطباء الأطفال لصعوبة التحقق من موت الدماغ في الأطفال خاصة.
فإذا أخذت هذه المحاذير جميعا فإن موت جذع الدماغ أمر يمكن التحقق منه بالوسائل الطبية المتاحة.
وأما الأخطاء التي تحدث فتنتج غالبا عن عدم اتباع هذه الخطوات في التشخيص وفي الفحص..
المراجع العربية
التفاسير:
1-
تفسير ابن كثير
2-
تفسير الفخر الرازى (التفسير الكبير)
3-
تفسير الشوكاني: فتح القدير
4-
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي
الكتب الدينية العامة:
1-
ابن القيم الروح
2-
الغزالي (محمد بن محمد) إحياء علوم الدين
3-
العيدروسي (عبد الله بن أبي بكر) الدرر والجوهر مخطوط
4-
مرسين (إبراهيم محمد) النفس الإنسانية في القرآن الكريم
5-
د. أحمد شرف الدين - الأحكام الشرعية للأعمال الطبية
تاريخ الطب:
د محمود دياب: الطب والأطباء
أبو الفتوح التونسي: من أعلام الطب العربي محمود الحاج قاسم: الموجز لما أضافه في الطب والعلوم أبن أبي أصيبعة: عيون الأنبياء في طبقات الأطباء د يحيى الشريف: تاريخ الطب العربي الكتب الطبية:
ابن سينا (أبو على الحسين بن على) القانون في الطب
شفيق عبد الملك: مبادئ علم التشريح ووظائف الأعضاء
صحف ومجلات:
الشرق الأوسط 22\6\14 5هـ موافق 13/3/1985م
1-
الشرق الأوسط 8/1 /14 5هـ موافق 25/6/1985م
1-
Pallis ABC Brain Stem Death. Articles from the Br. Med J.Br Med
2-
J. London 1983paris ; JE et ai Brain Death with prolonged somatic Survival " New Engl. J. Med 1982،3 6: `4-16.
3-
Korien J. "Diagnosis of Brain Death Br. Med J. 281:1424.
4-
Mollaret.etal: coma de pass. Rev. Neurol. `959 1 1:3-15
5-
Ad Hoc committee of the Hrvard school of medicine " A Definition of irreversible coma " JAMA 1968. 2 6:85-88.
6-
Ad Hoc Committee of the Medicine " Adefinition of irrev. Coma" JAJA 1948 ، 252: 677-679.
7-
Conference of Medical Royal Colleges In U.K "Diag. Of Death " Br.Med J 1976 (2) 1187 – 8.
8-
Confrence of Medical Royal colleges in UK "Diag. Of death "Br.Mod. J `976 (2)332.
9-
Joynet R."Anew look at death" JAMA 1984 ، 252 (5) : 68 -682
10-
Walker A."Cerebral death " ed 2.Munich ، Germany، Urban and Schwarzenberg 1981.
11-
Yonger S.،Barlett E."Human Death and High Technology " the failure of the whole Brain Formulation " Annals of Int. Med ، 1983 ، 99: 252-258.
12-
Schwartz j-a. Et al: "Radionuclide Cerebral imaging confirming Brain Death " JAMA 1983. 249 ; 246 – 247
13-
Br. J.Clin. paych. 1984، May 23: 1 9-119.
14-
Practitioner 1983 (March)(1377) : 451 – 454.
15-
JAMA 1983 (Aug 5) 2 (5) : 612613.
16-
Am. J Dis. Child 1983 (June) . 1376 (6) : 545-6-547-5.
17-
P.M Arch. Int. Med 1983 (Jan) . 143 (1) : 121-3.