الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائد
فضيلة الشيخ محمد علي عبد الله
المراد هنا من كلمة الفوائد لغة الزيادة التي تحصل للإنسان من مال أو علم، وهي عبارة عن ربح المال في زمن محدد وبسعر محدد. ونحن نعلم أن الربا يعتبر من البيوعات الفاسدة المنهي عنها نهيا مغلظا ويعبر عن الربا بالزيادة. وذلك لقوله تعالى:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} أي علت وارتفعت. وقوله تعالى: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} أي أكثر عددا.
وقد عرف الفقهاء الربا اصطلاحا بأنه زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض.
وينقسم الربا المشار إليه إلى قسمين: 1 – ربا النسيئة. 2 – ربا الفضل.
ويعتبر ربا النسيئة أكثر رواجا في عصرنا الحاضر وهو الذي تتعامل به المصارف في وقتنا هذا.
ويقصد بربا النسيئة زيادة أحد البدلين المتجانسين مقابل تأخير الدفع. وهو على عموم الفقهاء كبيرة من الكبائر، حرمه الله تعالى بقوله عز وجل:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} .
والربا المقصود به هنا هو الربا المعروف لدى العرب في الجاهلية؛ إذ كان العربي في ذلك العصر إذا داين شخصا لأجل وحل موعده فإنه يقول لمدينه: أعط الدين أو أرب، أي إما أن تعطي الدين أو تؤخره بالزيادة، ومثاله أيضا ما كان متعارفا عندهم من أن يدفع أحدهم للآخر مالا لمدة ويأخذ كل شهر قدرا معينا، فإذا حل موعد الدين ولم يستطع المدين أن يدفع رأس المال أجل له مدة أخرى بالفائدة التي يأخذها منه وهو الربا الغالب في عصرنا، تتعامل به أغلبية المصارف العصرية من إعطاء ما يؤجل بفائدة سنوية أو شهرية على حسب المائة. وهذا النوع من الربا حرمه الله عز وجل ونهى عنه كافة الأمم؛ لما فيه من إرهاق المضطرين، والقضاء على عوامل الرفق والرحمة بين الناس كما ينزع التعاون والتناصر بين الناس. فيصبح الإنسان ماديا يستغل أخاه ويرده إلى أرذل العمر. رغم أن الله تعالى قد أوصى الأغنياء بالفقراء وجعل لهم حقا معلوما في أموالهم. وشرع القرض لإغاثة الملهوفين وإعانة المضطرين.
وقد ورد النهي عن الربا في آية آل عمران في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . فالله تعالى في هاته الآية الكريمة يلفت نظر المرابين لما قد يؤول إليه أمر الربا من حصر الأموال في فئة المرابين مع تحطيم المدين وذلك بإضعاف ماله من جراء تراكم فوائد الربا، وعندما يصبح عاجزا عن تسديد ديونه يقع الحوز على بقية أمواله وبذلك يقع القضاء على ما بقي في المدين من حياة.
ومن الملاحظ أن بعض الفقهاء أردف بأن القرض بفائدة يعد ربا وبالتالي اقتراض المال مع التسديد بفائدة لا يعد بيعا. في حين أن الربا عقد بيع لا بد له من صيغة أو ما يقوم مقامها.
وقد أردف عليهم جمهور الفقهاء بحجتهم على اعتبار أن القرض بالفائدة ينجر عنه أكل أموال الناس بالباطل وبالتالي فإن مضار الربا متوفرة فيه وعلى هذا الأساس تكون حرمته كحرمة الربا.
والنوع الثاني من الربا هو ربا الفضل وهو بيع أحد الجنسين بمثله بدون تأخير في القبض وهذا النوع من الربا حرام أيضا.
ومن الملاحظ أن مثل هذا الربا ليس له تأثير في المعاملة لقلة وقوعه.
وخلاصة القول أن تعامل المصرفي المعاصر بالفوائد يدخل ضمن البيوع الفاسدة التي تقوم على الربا وهذا حرام، والله جل جلاله جعل المرابين خارجين عليه، ومحاربين له ولرسوله، ومن يقدم على ذلك فإنه يعرض نفسه للتهلكة.