المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني

- ‌كلمة معالي سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمة معالي الدكتور أحمد محمد علي

- ‌كلمة معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف

- ‌كلمة سعادة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌زكاة الديونلفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسىوفضيلة الدكتور عبد الحليم محمود الجندي

- ‌زكاة المستغلات العمارات والمصانع ونحوهافضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌زكاة المستغلاتفضيلة الدكتور علي احمد السالوس

- ‌أطفال الأنابيبفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌وثائق مقدمة للمجمعالحكم الإقناعي في إبطال التلقيح الصناعيوما يسمى بشتل الجنينالشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌بنوك الحليبفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌بنوك الحليبالدكتور محمد علي البار

- ‌أجهزة الإنعاشالدكتور محمد على البار

- ‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌خلاصة في التأمينالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌عقود التأمين وإعادة التأمين في الفقه الإسلاميدراسة مقارنة بالفقه الغربيفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌التأمين وَإعادة التأمينالشَيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمَة للمؤتَمرالتأمين وَإعادة التأمينالشَيخ عبٌد الله بن زيد آل مَحمُود

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةالدكتور وهبة الزحيلي

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله

- ‌بداية الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد على التسخيري

- ‌توحيد بدايات الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌رسالة بلغة المطالع في بيان الحساب والمطالعفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌بدايات الشهور العربية الإسلاميةلفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌حول اعتماد الحساب الفلكيلتحديد بداية الشهور القمريةهل يجوز شرعا أو لا يجوز؟مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمة المجمعاجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عاموبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكامفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور بكر أبو زيد

- ‌دراسة حول خطابات الضمانللدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور زكريا البري

- ‌‌‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌آراء حَول خطاب الضمَانفضيلة الشيخ محمد على التسخيرى

- ‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

الفصل: ‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

‌الإنعاش

فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

تفضل سيادة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي رعاه الله بإحالة السؤال التالي في شكل عنوان حسب إعداد اللجنة التحضيرية. ولما لم يكن السؤال محددا فإني سأحاول بحثه من جوانب متعددة.

أولا: مفهوم الإنعاش

لا غنى للباحث عن تحديد مفهوم الإنعاش. وما يقصد الجهاز الطبي من هذا الإطلاق والإنعاش في عالم الطب يقصد به المعالجة المكثفة التي يقوم بها طبيب أو مجموعة من الأطباء ومساعدوهم لمساعدة الأجهزة الحياتية حتى تقوم بوظائفها، أو لتعويض بعض الأجهزة المعطلة قصد الوصول إلى تفاعل منسجم بينها.

والأجهزة الحياتية الأساسية للإنسان هي – المخ – القلب – التنفس – الكلي – الدم للتوازن بين الماء والأملاح

ثانيا:

يستنتج من هذا التعريف أن الإنعاش هو نوع من أنواع العلاج يقوم به الاختصاصي أو المجموعة لإنقاذ حياة المصاب الذي يكون في حالة ستفضي به حتما إلى الموت. إذا لم يتلق العناية التي تنتشله من وضعيته الخطيرة التي هو عليها.

ثالثا: حكم الإنعاش:

أنه بناء على هذا التحليل تكون وضعية المصاب هي كوضعية الغريق الذي يصارع الموج وهو لا يحسن السباحة، أو كوضعية من وقع تحت ركام من الهدم، فالإنقاذ واجب كفائي.

ص: 332

وخاصية الواجب الكفائي أن الخطاب يتوجه إلى كل فرد من الأفراد المؤهلين للقيام بالعمل وإذا قام به البعض وتحققت المصلحة سقط الطلب وهذا يقتضي:

(أ) أن إعداد الاختصاصيين في الإنعاش واجب تأثم الأمة كلها إذا لم تعن بتخريج هذا النوع من الأطباء.

(ب) أن إعداد الأجهزة وأدوية الإنعاش بالقدر والممكن من الاستفادة منه هو واجب كفائي أيضًا. تتحمله الدولة أولا.

(جـ) أن واجب الاختصاصي أو المجموعة موالاة رقابة المصاب مراقبة تحقق الهدف من الإنعاش. وهناك يكون كل تقصير متعمد موجبا لتحمل المقصر مسئولية نتائج التقصير.

رابعا: الإنعاش والتداوي:

الإنعاش والتداوي شيئان وليسا أمرا واحدا. وبهذا فإن أحكامها مختلفة. فالتداوي قد وقف منه السلف موقفين مختلفين الواضح والراجح والمشهور أن التداوي واجب كلما كانت الحياة والعضو معرضا إلى الخطر. وأنه مرغب فيه إذا كان دون هذا المستوى من الحدة.

الموقف الثاني هو ما ذكره الغزالي أن بعض السلف رغب عن الدواء وذلك لغرض من الأغراض الستة التي فصلها في الإحياء.

أما الإنعاش فانه يبدو انه واجب ذلك انه لا تختلف حالة الإنعاش عن أية حالة من الحالات الاضطرار التي تقلب حتى حكم التحريم إلى الوجوب حفاظا على الحياة.

ثاني المقاصد الضرورية الخمسة على أن المصاب في كثير من حالات الإنعاش يكون فاقدا للوعي أو هو تحت تأثير وطأة الإصابة لا يتمكن من أخذ القرار المبنى على التأمل.

خامسا:

إذا تم إسعاف المصاب بوضعه تحت المعالجة المكثفة فمتى توقف عنه الإنعاش؟ الأحوال ثلاثة – يختلف الحكم في كل واحدة منها.

الحالة الأولى: أن تعود أجهزة المصاب إلى حالتها الطبيعية عودا يطمئن معه القائم على العلاج أن الخطر قد زال ولا يوجد ما يوجب استمرار مواصلته فهو البرء التام أو الأخذ في طريق النقاهة. وهنا يكون رأي الاختصاصي واجب الاحترام. وهو التوقف عن المواصلة.

ص: 333

الحالة الثانية: أن تتعطل الأجهزة الحياتية ويحدث الموت فيتعطل الدماغ والقلب فلا يتحرك القلب للقبول والضخ. ولا يقبل المخ ما يرد إليه من غذاء.

ومع الموت لا فائدة من مواصلة العلاج المكثف.

الحالة الثالثة: أن يتوقف الدماغ عن قبول أي غذاء، وتستمر الأجهزة الأخرى في العمل بواسطة القيام بالمعالجة المكثفة فالآلة تحرك الرئتين والتعديل الدموي يقوم به المراقبون ويتبع هذا أن المصاب يجرى الدم في عروقه ويفرز افرازاته وقد تدوم هذه الحالة الشهر والشهرين فالحياة الذاتية قد ذهبت إلى غير رجعة وهي الحياة الحيوانية التي يقودها المخ توزيعا وتنظيما لان مركز القيادة قد دمر تدميرا كاملا وتبقى حياة صناعية أو نباتية كما يعبر عنها، وهذه الحالة التي هي بين عمل بعض الأجهزة الأساسية بواسطة الإنعاش. وتوقف بعضها توقفا كاملا لا أثر لتدخل الطبيب في إعادته إلى أي نوع من أنواع نشاطه على أي مستوى كان ولو ضعيفا هذه الحالة التي فيها بعض ظواهر الحياة وفاقدة للظواهر الأساسية قد عالجها الفقهاء من قبل.

ص: 334

يرى الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه أن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حيا ولو تنفس أو بال وتحرك. ومعنى هذا أنه لا يحكم له بالحياة لمجرد التنفس حتى يقرن بها البكاء. وقال ابن الماجشون إن العطاس يكون من الروح والبول من استرخاء المواسك فما لم يكن الفعل إراديا استجابة لتنظيم الدماغ لا يعتبر أمارة حياة (الزرقاني على خليل ج2 ص112) .

حكم توقيف الإنعاش في هذه الحالة أن توقيف الإنعاش في هذه الحالة الثالثة لا يمكن في نظري أن نعطيه حكما مطلقا بل نقول:

1-

إذا كانت أجهزة الإنعاش التي خصصت لهذا الذي مات مخه والتي أبقيناها على هذا الجسم قد ورد من هو في حاجة إليها فلا نتردد في فصلها وربطها بمن بقيت فيه الحياة كاملة.

2-

إذا كانت النفقات التي يتطلبها مواصلة الإنعاش تلتهم من الرصيد المالي ما يعود بالضرر على مستوى العلاج بالنسبة لبقية المرضى كحالة الدول التي لا تملك قوة مالية فإنه يتحتم أيضًا فصلها وصرف العناية للمرضى من الأحياء.

3-

إذا وفر المال وتوفرت الأجهزة والقائمون على الإنعاش فهل تستبقى الأجهزة ويستمر الجهاز الصحي في مواصلة العلاج المكثف إلى أن يحصل الدمار الكامل للأجهزة الأساسية كلها، أو ترفع العناية بمجرد تحقق الموت للمخ؟ يقول الأطباء إنه إذا رفض المخ قبول التغذية مات الإنسان وإذا أزلنا أجهزة الإنعاش فلن يستمر القلب في النبض والرئتان في الحركة أو الكلي في التصفية إلا مدة لا تتجاوز خمس دقائق على اكثر تقدير وبناء على ذلك فإن الذي يبدو أنه يمكن الإعلان عن الموت بمجرد ثبوت موت المخ. وما يترتب على الموت من أحكام تبدأ من هذا التاريخ والله اعلم.

ص: 335

ملحق توضيحي حول الأجهزة الأساسية

1-

المخ: التدخل لضمان تغذيته بالدم الحاوي لكل العناصر الضرورية ليقوم بوظائفه.

2-

القلب: التدخل لتقوية عضلة القلب بالتمسيد المنشط لإرجاع القلب للعمل، أو لتحقيق غذاء عضلة القلب بالدم من الشرايين. أو الاعتماد على الأجهزة الكهربائية المساعدة له على القيام بعمله بصفة منتظمة لا اضطراب فيها.

3-

التنفس: التدخل للتنفس الاصطناعي بواسطة جهاز كهربائي يرتبط بالرئتين ليغذيهما بالهواء الصالح أعنى المركب تركيبا يستجيب لما تكشف عنه التحاليل الدموية. كما يمكن أن يكون أتوماتيكيا.

4-

الكلي: التدخل، أدوية قوية جداَ لتنشيط الكليتين للقيام بوظائفهما إذا كان الخلل عارضا. أما إذا كان نهائيا فالتدخل يتمثل في تصفية الدم آليا.

5-

الدم: التدخل بتعويض ما نقص من الكمية الدموية اللازمة للجسم أو نقص بعض المكونات الأساسية للدم.

6-

التوازن العام: التدخل إعطاء حقن تعيد للدم توازنه المختل عن طريق الجهاز الهضمي أو عن طريق الشرايين.

يتم التحقق من موت المخ بالتسجيل الكهربائي. ولا بد من إعادة الكشف بهذا التسجيل فلا يعطي الطبيب حكمه بموت المخ إلا بعد التأكد من ذلك. كما أنه لابد من التأكد مقدما أن الجهاز المستخدم للغرض جهاز سليم يقوم بوظائفه. فإذا تم التسجيل مكررا وكانت النتيجة سلبية فانه لابد من التأكد بواسطة تصوير الشرايين المغذية للمخ. ذلك أنه إذا مات المخ فان الشرايين المغذية تقف عند مدخل المخ ولا يمر شيء مما تحمله إلى المخ الميت.

ص: 336

العرض والمناقشة

11/4/1406هـ - 23/12/1985 م

الساعة 40 ر17 – 30 ر19

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، به نبدأ وبه نستعين بعد حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، ونصلى ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله أما بعد،

فإن أمامنا على جدول الأعمال مبحث أجهزة الإنعاش وقد اعد فيه بحثان أولهما من الدكتور محمد على البار والثاني من فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي، فنأمل من الدكتور البار أن يتفضل بإعطاء ملخص للبحث المذكور وأهم المعالم فيه.

الدكتور محمد على البار:

سماحة الرئيس، أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 337

كنت أود أن يكون في هذه الجلسة أكثر من طبيب لأن الفقهاء يختلفون وكذلك الأطباء يختلفون. وخاصة في هذا الموضوع الحساس الذي يسمى " أجهزة الإنعاش أو نهاية الحياة ""إعلان الموت" وبين يدي مناقشات ومداولات ندوة الحياة الإنسانية بدايتها ونهايتها في المفهوم الإسلامي، إصدار المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية. واستغرق ذلك منهم قرابة سبعمائة صفحة. ولست أدري إن كنت أستطيع أن ألخص هذه المواقف العويصة كلها في موضوع عويص وفي بضع دقائق فأرجو أن تحتملوا مني بعض الإطالة قليلا لأن الموضوع صعب وشائك ومعقد وما لم تكن هناك صورة واضحة لهذا الموضوع المعقد الشائك سيكون الحكم دون ريب مهزوزا.

بسم الله الرحمن الرحيم. الموت والحياة لغز من الألغاز لم يدرك الإنسان كنههما رغم أنه شاهد هذه التجربة مرارا وجربها ملايين من البشر منذ خلق الله الإنسان على ظهر الأرض، ولم يكن الأمر يحتاج إلى طبيب ليعلن بدء الحياة أو نهايتها. الملايين من النساء أنجبن أطفالهن دون تدخل طبيب والملايين من البشر خرجوا من هذه الحياة دون الحاجة لشهادة من طبيب تثبت وفاتهم، وبدأت الحياة في التعقيد وتبين أن تحديد الحياة بدءا ونهاية أمر ليس بالسهولة التي يمكن ان تترك للقابلة أو للأشخاص المجريين، وكان إثبات الوفاة بالنسبة للقدماء أصعب ما يكون بالنسبة للمواليد وموضوع وفاة الجنين. وقد تحدث بعض الفقهاء في هذا الكلام واعتبروا أن الجنين ميت ما لم يستهل صارخا. واعتبر بعضهم أن الرضاعة ليست بدليل كاف على حياة الطفل بينما اعتبر آخرون العطاس دليلا كافيا على الحياة واستدلوا على ذلك بأن آدم عليه السلام لما نفخت فيه الروح عطس. وتعتبر نظرة الفقهاء الذين لم يكتفوا بالحركة كدليل على الحياة أو خروج بعض الإفرازات من مخارج الجسم مثل البول والغائط والمخاط من الأنف أو الزبد من الفم كدليل على الحياة، تعتبر نظرة هؤلاء الفقهاء موافقة للطب الحديث. فقد يتحرك المقتول أو المذبوح، ومن المشاهد ان الدجاجة تقفز وتتحرك بعنف بعد ذبحها، وكذلك بقية الحيوانات.

ص: 338

وهناك صورة ليست موجودة هنا لكنها صورة لدجاجة ذبحت بحيث فصل رأسها ومع هذا ظلت تمشى وتتحرك وتتنفس لمدة أسبوع كامل. ذلك لأن موضع الذبح كان عاليا بحيث بقى جزء من النخاع المستطيل من جذع الدماغ حيا وهو الذي يتحكم في التنفس وكذلك نفس الصورة هذه بالنسبة للمشنوق أثناء عملية الشنق، يتم الشنق فيضغط العمود الفقري على أول النخاع المستطيل فيسبب موت جذع الدماغ فيكون مثل هذا الشخص بقية دماغه المخ لا يزال حيا واسفل من ذلك لا يزال حيا والقلب ينبض لا شك أن القلب ينبض لمدة دقائق قبل ان تنتهي حياة هذا الشخص الذي حكم عليه بالإعدام. كذلك هناك صورة أخرى، فالموت كان مفهومه ولا يزال توقف التنفس وتوقف القلب. لكن مع التقدم الطبي في السنوات الأخيرة يمكن في ال15 سنة الماضية بدأ هذا يتسع وبدأت المفاهيم تضطرب. يمكن الآن إيقاف القلب كما هو معلوم لديكم وخاصة في عمليات القلب المفتوح، أي طبيب قد حضر هذه العمليات يعرف أن القلب يوقف إيقافا تاما وكذلك يوقف التنفس توقفا تاما لمدة تزيد على الساعتين قد تصل إلى ثلاث أو أربع ساعات ويستبدل هذا القلب في هذه الفترة الحرجة. ليست هذه عملية نقل القلب لكن هذه عمليات الآن تجرى في كل مكان حتى في المملكة العربية السعودية هنا تجرى وقد شاهدتها عدة مرات للاطلاع على هذا الموضوع الشائك، العملية تجرى لإصلاح صمامات القلب ولإصلاح العيوب الخلقية وما أكثرها ولإعادة شرايين للقلب بدل الشرايين التالفة، وهذه العملية تجرى كل يوم، يعني هناك آلاف من هذه العمليات قد أجريت في المملكة العربية السعودية وفي غيرها من بلدان العالم، يعني في المملكة العربية السعودية قد أجريت عدة آلاف من هذه العمليات. فالحالة ليست جديدة كل الجدة وهي واردة. في مثل هذه الحالات جميعا يوقف القلب توقفا تاما ويوقف التنفس توقفا تاما لمدة بضع ساعات، يذهب الدم إلى مضخة والمضخة هذه تدفعه إلى رئتين صناعيتين تصفي القلب وتأخذ منه ثاني أكسيد الكربون وتعطيه الأوكسجين وتعيده مره أخرى إلى الشريان الاورطي " الشريان الأبهر" الذي كان بعض القدماء يسمونه " نياط القلب " وبعضهم يسميه " الوتين " فيذهب من الوتين أو الأبهر أو الشريان الأورطى إلى الدماغ. هذا الشخص بكل المقاييس حيى وتعود له الحياة احسن مما كانت قبل العملية. كثير من الأطفال الذين أجريت لهم عمليات عيوب خلقية أو صمامات تالفة عادوا إلى حياة طبيعية عادية تماما، ليست في باب الإنعاش، هذه عمليات ذكرتها لكم لأوضح أن القلب لم يعد في مفهوم الطب هو مصدر الحياة. وهناك فرق بين القلب المعنوي وبين القلب العضلي الصنوبري، قد فرق بينهما الإمام الغزالي كما تذكرون وفرق بينهم العلماء من زمان. القلب الصنوبري الموجود في الجانب الأيسر كما ذكر الإمام الغزالي في " الإحياء " في كتاب عجائب القلب " هذه عضلة موجودة لدى الحيوانات وليست متعلقة تعلقا مباشرا بالقلب المعنوي. هناك لها نوع تعلق، كذلك القلب المعنوي موضوع آخر ولا نستطيع الدخول في تفاصيله لصعوبة الموضوع. نحن الآن في موضوع " موت الدماغ ".

ص: 339

هناك أسباب، يعني جميع الوفيات التي تحدث لا تزال حتى الآن تعتمد على التنفس والقلب. ولكن هناك حالات محدودة نسبيا وتزداد كل يوم. مثلا في بريطانيا يتوفى حوالي نصف مليون شخص، الآن حوالي 1 % من هؤلاء لا يدخلون في تعريف، يعنى عندما يعلم موتهم، يعلن موتهم نتيجة موت الدماغ. وكذلك الآن في معظم بلدان العالم. موت الدماغ يحدث نتيجة تهشيم في الغالب نتيجة حوادث سيارات أو ارتطام بالرأس أو أن الشخص يقفز من حالق أو في حمام سباحة أو أن هناك نزيف في الدماغ أدى إلى وفاة الدماغ أو ورم بالدماغ أدى إلى موت خلايا الدماغ في هذه الحالات جميعا يكون الدماغ قد مات. وهناك تعبير تسمية المخ، في الحقيقة ينبغي أن نفصل بين المخ والدماغ. الدماغ يشمل كل الدماغ بما فيه فصي المخ، وكذلك الدماغ المتوسط والدماغ المستطيل بأنواعه. المخ يطلق على فصي المخ فقط التي يعتقد أن فيها مراكز الإرادة والتفكير والإحساس. مراكز الوعي هي منبثة في جذع الدماغ فإذا تعبت هذه المراكز حصلت اليقظة، إذا زاد نشاطها حصل نوع يسمى الصرع، كلكم يعرفه، إذا حصل نشاط كهربائي زائد مصدره هذه المراكز الموجودة في جذع الدماغ يحصل صرع إذا توقف نشاطها تماما حصل إغماء قوي فهناك فرق بين النوم والإغماء ومختلف أنشطة جذع الدماغ. خلاصة هذا الموضوع أن هذه المناطق المخية المسئولة عن الوعي قد تتأثر إما بمرض شديد نتيجة إصابة تحطم الدماغ نفسه أو تهشمه في حادثة سيارة أو حادثة طائرة وغيرها من الحوادث أو أن هذه الحوادث التي تحدث، هناك نزف حصل، لم تكن هناك حادثة ولكن حصل نزف في داخل الدماغ أدى إلى موت الدماغ بالذات جذع الدماغ، أو أن هناك ورما في هذه المنطقة أدى إلى موت هذه الخلايا، هناك حوادث أخرى قد يكون فيها سبب إصابة القلب، أن يصاب القلب ويتوقف النبض، فإذا توقف القلب وتوقفت تروية الدماغ من دقيقتين إلى أربع دقائق يموت الدماغ.

ص: 340

وهذا الذي أتى بالإشكالات المشهورة، هناك قصة كارين كونيلان وأظن أن كلكم يعرفها أغلبكم يعرفها، هذه فتاة أمريكية شربت خمرا ثم أخذت حبوب منومة " فاليوم " ثم قاءت وأثناء هذا القيء الطويل انقطع الدم عن الدماغ. حدثت هذه الحادثة سنة 1975م وأغمي عليها إغماء تاما، أخذت إلى المستشفي ووضعت تحت أجهزة الإنعاش، كان المخ قد مات ولكن جذع الدماغ لم يمت بعد حصل إشكال بين أبوي الفتاة والمستشفي حيث طلب الأبوان من الأطباء ان يوقفوا أجهزة الإنعاش وحكمت المحكمة العليا بعد ضجة كبرى في الولايات المتحدة في مارس 1976 بإيقاف أجهزة الإنعاش. فعاشت هذه الفتاة بعد إيقاف أجهزة الإنعاش تسع سنوات أخرى وتوفيت في يونية 1985 قبل ستة اشهر تقريبا. توفيت هذه الفتاة بعد ان قضت عشر سنوات كاملة في إغماء تام. فهذه الفتاة كانت في إغماء تام، لا تأكل ولاتشرب، لاتحس، لاتشعر، لا تفكر، كل علائم الحياة الإنسانية الواعية المدركة مفقودة. كذلك هناك قصة فتاة إيطالية صغيرة تسمى سيسليا بلاندي هذه الفتاة صدمت بسيارة فتهشم دماغها ومات الدماغ ما عدا جزع الدماغ وبقيت على قيد الحياة اثني عشر عاما هناك حالات كثيرة مسجلة في الطب عاشت فترة طويلة من الزمن. هذا هو الذي يسبب الالتباس أمام الناس، هل هذا الشخص حيى أم ميت؟ حصلت بعض الأخطاء من الأطباء قبل أن يحددوا مواصفات محددة شديدة لموت الدماغ، وأقربها حالة أذاعها التلفزيون البريطاني قناة (B.B.C) في 13 أكتوبر 1980 وفي هذه الحالة جاءت الفتاة إلى مقر التليفزيون وقصت قصتها، وهذه القصة أنها أخذت مجموعة من الحبوب المنومة للانتحار فأخذت هذه إلى المستشفي وتوقف تنفسها توقفا تاما وأعلن الأطباء في هذه الحالة أنها ميتة بعد أن رأوا رسم المخ الكهربائي متوقفا تماما عن العمل، وكل الفحوص تدل على موت الدماغ. فرفض أهل الفتاة هذا الحكم وأتوا بفرقة أخرى من الأطباء، في ذلك الوقت كان بدء تأثيرات حبوب المنوم تقل عن الدماغ وواصلوا أجهزة الإنعاش، وخرجت هذه المادة بواسطة الكلى وإفرازات الكلى من جسمها وعادت إلى الوعي بعد قرابة مائة وأربعين ساعة. انخفض تأثير المنوم وبدأت تعود تدريجيا إلى الوعي ثم ذهبت بعد ذلك إلى التليفزيون لتقص قصتها وتقول إنها لم تكن ميتة مع أن الأطباء أعلنوا وفاتها.

ص: 341

لهذا صدرت أبحاث شديدة جدا وابتدأت هذه مجموعات الأطباء تدرس هذا الموضوع دراسة مكثفة جدا ووصلت إلى قرارات. هناك المدرسة الأمريكية وكل المدارس الآن تشترط وجود سبب عضوي لموت الدماغ وليس سببا وظيفيا، السبب الوظيفي مثل شخص شرب كحول ممكن أن يفقد الوعي، شخص أخذ حبوب مرقدة بكمية كبيرة كما يحدث كثيرا في الغرب لمحاولة الانتحار مثل هذا الشخص يتوقف دماغه فترة من الزمن وتكون كل العلائم بما في ذلك رسم المخ الكهربائي متوقفا عن النشاط. وجود شخص في البرد الشديد لاي ظرف من الظروف يجعل أجهزة الجسم تنخفض في نشاطها بما في ذلك الدماغ لدرجة يصعب معها أن يجد الطبيب أي نشاط كهربائي أو أي نشاط للدماغ، لكن هذه الأسباب المؤقتة يجب أن تزول أولا قبل إعلان موت الدماغ. ولابد أن يكون هناك تشخيص لسبب الحالة مثل أن يكون تهشيم في الدماغ ويكون ذلك واضحا من الناحية التشخيصية، وهناك أمور أصبحت واضحة أمام الأطباء لابد أن تكون موجودة قبل إعلان موت الدماغ. لو كان هذا الشخص قد شرب الكحول وأصيب في حادثة مثلا فإنهم يتوقفون أولا حتى يذهب كل اثر للكحول من الدم، لو هذا الشخص اخذ مواد مرقدة ثم أصيب بحادثة فلا بد من الانتظار أولا حتى ينتهي كل اثر لهذه المواد التي تستطيع ان تثبط نشاط المخ. فلابد أن يكون إعلان موت الدماغ، ان تكون الإصابة إصابة عضوية، تصيب العضو نفسه وتحطمه تحطيما لا عودة فيه، تصيب الأنسجة والخلايا بحيث لا يكون هناك أمل في عودتها بوسائلنا الطبية المتاحة. وأما الأسباب الوظيفية فهي مرفوضة في تشخيص موت الدماغ الآن وأصبحت من الدقة بحيث إن معظم بل كل في الحقيقة، فيه إحصاء هنا فيه حوالي ألف حالة لم يوجد بينها حالة واحدة حصل فيها خطأ بعد هذه الاحتياطات. فيه إحصاء عن ألف حالة في تشخيص موت الدماغ لم يحدث خطأ في واحدة من هذه الحالات الألف بعد التأكد من الشروط الجديدة التي وضعها الأطباء.

ص: 342

إلى متى يستمر القلب في النبض والتنفس الصناعي بعد موت الدماغ؟

في الواقع أن هذا الاستمرار يكون أحيانا لبضع ساعات وأحيانا لبضعة أيام، وقد نشرت مجلة طبية " ميديكال جورنال " أن هناك حالة واحدة موثقة استمرت مدة 68 يوما، استمر القلب ينبض لمدة 68 يوما رغم أن الدماغ كان قد مات بكل المقاييس الطبية

لماذا نطلب إيقاف هذه الأجهزة؟

إيقاف هذه الأجهزة مطلوب لعدة أسباب:

أولا: ليس من مصلحة أحد أن تستمر الأجهزة لشخص قد توفي، وهذا مرهق للأطباء وأهل المريض، فلابد أن نضع حدا لتعريف الموت فإذا وصلنا إلى هذا التعريف يمكن قفل الجهاز وتحويله إلى شخص أكثر حاجة من هذا الشخص الذي انتقل إلى العالم الآخر.

ص: 343

ثانيا: وهو أن تكاليف وسائل الإنعاش باهظة جدا وصرف ملايين الدولارات لجعل جثة تتنفس أمر ليس له معنى.

ثالثا: أن هناك الآن موضوع زرع الأعضاء. فكما تعلمون جميعا أن في اللحظات التي تكلمت فيها معكم، يقدر في الدقيقة الواحدة يخلق الله ويميت وحوالي مائة مليون خلية في كل دقيقة. في كرات الدم الحمراء يخلق الله ويميت في كل دقيقة 2 مليون كرة دم حمراء وأكثر منها من خلايا الجلد وأكثر منها من خلايا الجهاز الهضمي، كل الخلايا ماعدا خلايا الجهاز العصبي يخلقها الله ويمتها في كل لحظة وآن. وعملية الخلق والأماتة والإحياء مستمرة في كل واحد فينا باستمرار. لكن الموت يكون موت الإنسان ككل وخروج الروح، وهذه لا نعلم عنها شيئا، لكن نعلم أن توقف الأجهزة الأساسية، الدماغ أساسا، أو جذع الدماغ الذي يتحكم في القلب، ثم بعد ذلك توقف القلب ثم توقف التنفس يؤدي إلى موت الإنسان ككل. هذه الأعضاء لا تموت بمجرد الموت، إذا مات الإنسان موتا كاملا ككل فإن هذه الأعضاء تبقى لدقائق حية وتختلف طبعا من عضو إلى آخر، العظم ممكن أن يبقى حوالي 24 ساعة بينما القلب ممكن أن يبقى دقائق، دقائق حيا في درجة حرارة عادية، لهذا بالذات في عمليات نقل القلب أو الكلى أو الأعضاء الحساسة، يفضل الأطباء أن تكون مستمرة بالتروية بالدم، مستمرة ترويتها بالدم حتى قبل أن تقفل وسائل الإنعاش، تؤخذ هذه الأعضاء وهي بحالة جيدة، لأنه لا معنى لأخذ قلب قد ابتدأ فيه الفساد وبدأ يموت ثم نأخذه وننقله إلى شخص آخر، هذه الحالة أنت تنقل قلبا لا يستطيع الصمود أبدا وتصبح العملية نوعا من العبث. ففي هذه الحالات، عمليات نقل القلب، يفضل الأطباء المختصون بعد إعلان موت الدماغ وأن الشخص هذا ميت ولكن قلبه لا يزال ينبض فتستمر الدورة مستمرة ويؤخذ القلب وهو لا يزال حيا كعضو ومعلوم لديكم أن العضلات أو ذبح الشاه لا تزال عضلاتها تنبض وتتحرك حتى بعد سلخها.

ص: 344

كلكم شاهد ذلك، والذي قام بالذبح يستطيع ان يدرك هذا بسهولة. إن موت الأنسجة وموت الخلايا ليس مرتبطا بموت الكل، لكن ممكن أن تموت الخلايا والإنسان لا يزال يعيش وبالعكس ممكن أن يموت الإنسان ككل وتبقى خلاياه أو أعضاؤه حية، وهذا ما يحدث الآن بالفعل وهذه هي من الأسباب الهامة التي تجعل مفهوم موت الدماغ مفهوما مهما في الطب وذلك لاستخدامه أيضًا في موضوع زرع الأعضاء. ولذلك من المحاذير التي وضعت ألا يكون الأطباء الذين يعلنون موت الدماغ لهم علاقة بعملية نقل الأعضاء.

وينبغي أن يكون فريق آخر وليس له أي مصلحة من أي نوع كان في إعلان وفاة مثل هذا الشخص.

أظن بهذه العجالة وضعت صورة قد تكون ضبابية ولكنها قد تساعدكم في فهم هذا الموضوع الشائك المعقد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس:

شكرا أرجو من الدكتور محمد على البار، معلوم أن غرف الإنعاش منتشرة ومعنى هذا أن أجهزة الإنعاش لا تعنى غرف الإنعاش، هل هذا المفهوم صحيح أم لا.

ص: 345

الدكتور محمد على البار:

أجهزة الإنعاش كثيرة تبدأ بجهاز التنفس وجهاز ذبذبات القلب وأدوية وعقاقير ومنظم ضربات القلب هذه منتشرة لكن ليس شرطا أن معناها. وهي منتشرة بحمد الله.

الرئيس:

لا أنا قصدي أقول سلمك الله أقول على المستوى العام مثلا على أرض المملكة العربية السعودية مثلا، غرف الإنعاش منتشرة في جميع أنواع المستشفيات الحكومية والخاصة وهذا واضح، لكن الذي يظهر من عرضكم أن أجهزة الإنعاش أنها عملية دقيقة خاصة لا تعني كل ما تدخله غرفة الإنعاش.

الدكتور محمد على البار:

هو في غرفة الإنعاش هذه الأجهزة ستكون موجودة، ففي هذه القضية الأجهزة ستكون موجودة استعدادا لأي طارئ يحدث وقد تستخدم في إنقاذ المريض، إذا لم تكن موجودة فلا داعي لها، ولا تسمى أجهزة إنعاش ولا تسمى هذه غرف إنعاش.

الرئيس:

قصدي سلمك الله أن غرف الإنعاش منتشرة ويدخلها عشرات البشر ويخرجون بنجاح لكن هؤلاء الذين يدخلون غرف الإنعاش هم الذين ينسحب عليهم ما هو موجود لدينا في بحث أجهزة الإنعاش.

الدكتور محمد على البار:

لاينسحب عليهم.

ص: 346

الرئيس:

نفهم من كلامكم كأن الذي ينسحب عليهم تحت أجهزة الإنعاش هم الذين يصابون في الأجهزة الرئيسة كالدماغ والقلب والدم والكلى والتنفس. هذه هي الأجهزة الرئيسية التي يصابون فيها. لكن أنا أريد أن تتفضلوا بإيضاح، هل من إشكال لدى الأطباء في هذا حلا وحرمة؟ وهل أتى إليكم أحد أو سمعتم على أحد مرتادي المستشفيات من يستشكل هذا حلا وحرمة؟ ثم هل يقع عند الأطباء تردد في أن تكون هذه الأجهزة ضارة ومؤثرة على حياته أو أن الأصل الإسعاف والإنقاذ بأي سبيل من سبل الإسعاف والإنقاذ؟

الدكتور محمد على البار:

هذه النقطة، أولا هذه الأجهزة لا تستخدم إلا للإنقاذ والإسعاف. أما موضوع الحل والحرمة فهذه نقطة شائكة وأدت إلى نقاش طويل ومجادلات في المجال الطبي ولم يتوصلوا فيها إلى هذه النقطة المحددة إلا بعد مرور عشرين سنة تقريبا، لأن المدرسة الفرنسية ابتدأت في ذكر هذا الموضوع عام 1959 " موضوع موت الدماغ " ولم يستطع الأطباء أن يتوصلوا إلى مفهوم محدد إلا في بداية الثمانينات في سنة 1977 كانت الصورة تتضح بصورة واضحة لدى أغلب الأطباء، لكن لا شك أنها أثارت قضايا في المواقف القانونية في تلك البلاد لأن تعريف الموت عندهم أيضًا مثل ما هو عندنا، توقف القلب. القاموس القانوني " قاموس بلاك " هذا قاموس قانوني عندهم من القواميس المشهورة يحدد الوفاة بأنه وفاة توقف القلب وتوقف التنفس وكما هو معروف توقف الدورة الدموية لم يتحدث أبدا عن موت الدماغ. لكن موت الدماغ أمر طارئ وأضطرت الدول التي حدث فيها أن تناقشه من الناحية الدينية ومن الناحية القانونية ومن الناحية الطبية.

ص: 347

في الولايات المتحدة إلى الآن لم توافق كل الولايات على مفهوم موت الدماغ. يعني الآن معظم الولايات وافقت لكن حتى عام 83 كانت 33 ولاية فقط هي التي وافقت على تعريف موت الدماغ من الناحية القانونية.

الرئيس:

على كل حال أنا أهدف من وراء هذا، نحن الآن سنرفع الجلسة لأداء صلاة المغرب ثم تستأنف الجلسة بإذن الله، لكن أنا أريد من وراء هذا أن يحصل تأمل أصحاب الفضيلة. هل هناك ما يدعو إلى بحث الموضوع وترتيب حكم شرعي فيه أم أن الموضوع ليس هناك ما يدعو إلى إصدار قرار فيه من المجمع؟

الدكتور محمد البار:

فضيلتكم، هذا الموضوع في منتهى الحساسية لأنه قد حدث بالفعل في الرياض، شخص أعلن موت دماغه وأخذت منه كليتاه نتيجة تعريف موت الدماغ. يعني نفذ هذا بالفعل وقد كان الدكتور حسان رفا كاد أن يأخذ جثة شخص أصيب في حادثة سيارة ليعمل عملية نقل قلب. هذه واردة وحادثة بالفعل. أما نقل الكلى من شخص توفي نتيجة حادثة سيارة فقد حدثت هذه الحادثة بالفعل.

ص: 348

الرئيس:

لكن هذا الحدوث هل هو على سبيل الندرة أو أنه على سبيل التكاثر؟

الدكتور محمد على البار:

لاشك أنه سيزداد.

الرئيس:

إن قصدي في الوقت الحاضر هل هو على سبيل الندرة أو على سبيل التكاثر.

الدكتور محمد على البار:

هذه الحالات لابد مع وجود الإنعاش في كل مستشفي كما ذكرتم وعلمتم فلاشك أنه سيدخل فيها مجموعة من الحوادث التي تندرج تحت هذا التعريف بشكل أو آخر، لابد من الوصول إلى حكم. هل هذا الشخص ميت أو حي سواء لنقل أعضائه أو لغير نقل الأعضاء، إلى متى نستمر في الأجهزة هذه، هي تعمل عليه وكل يوم تكلف مبالغ طائلة والشخص هذا ميت، وخاصة أن المستشفيات الخاصة طبعا تكاليفها باهظة جدا كما تعلمون. إلى متى يستمر هذا الشخص يكون تحت أجهزة الإنعاش وهي متوفرة الآن في جميع المستشفيات، شخص أصيب بحادثة سيارة وحوادث السيارات عندنا طبعا اكبر رقم في العالم بالنسبة لعدد السكان كما تعلمون أكبر رقم في العالم هو في المملكة وفي منطقة الخليج. طبعا إصابات الشباب يكون قلبه سليما ويتهشم دماغه وبيوضع تحت أجهزة الإنعاش فإلى متى يستمر. هل يتوقف؟ هل يستمر؟ لابد من وجود حد فاصل بين الحياة والموت. أما أننا ننتظر، طبعا ممكن أن ننتظر خمسة أيام أو أسبوع أو 68 يوما كما حدثت الحادثة التي ذكرتها وهي أطول حادثة ذكرتها المجلات الطبية موثقة 68 يوما استمر القلب ينبض بعد موت الدماغ. لكن 68 يوم في كل يوم على الأقل 10 آلاف ريال مبلغ خيالي سيطالب به المستشفي.

ص: 349

الرئيس:

شكرا وترفع الجلسة حتى نعود من الصلاة إن شاء الله تعالى

(بعد صلاة المغرب)

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، نأمل من فضيلة الشيخ السلامي أن يعرض ما لديه حول هذا الموضوع.

الشيخ المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

لما أحال لي سيادة الأمين العام هذا السؤال وجدت نفس لا افهم المقصود به ولذلك عمدت إلى جمع أساتذة أطباء من أفضل ما يوجد في بلدي في تونس. جمعت أستاذا في الجراحة وأستاذ في الإنعاش وأستاذا في التصوير. وشكر الله لهم لبوا طلبي وأخذت أسألهم واستمع إليهم إلى أن حصل لي تصور، هو هذا الذي سأعرضه عليكم.

فأول أمر هو مفهوم الإنعاش ذلك أنه لا غنى للباحث عن تحديد مفهوم الإنعاش، وما يقصد الجهاز الطبي من هذا الإطلاق والإنعاش في عالم الطب يقصد به المعالجة المكثفة التي يقوم بها طبيب أو مجموعة من الأطباء ومساعدوهم لمساعدة الأجهزة الحياتية حتى تقوم بوظائفها، أو لتعويض بعض الأجهزة المعطلة قصد الوصول إلى تفاعل منسجم بينها. والأجهزة الحياتية الأساسية للإنسان هي: المخ، القلب، التنفس، الكلى، الدم الضامن للتوازن بين الماء والأملاح.

يستنتج من هذا التعريف أن الإنعاش هو نوع من أنواع العلاج يقوم به الاختصاصي أو المجموعة لإنقاذ حياة المصاب الذي سيكون في حالة تفضي به حتما إلى الموت، إذا لم يتلق العناية التي تنتشله من وضعيته الخطيرة التي هو عليها.

ص: 350

وإذ تبين وتصورنا المفهوم فما هو حكم الإنعاش؟

إنه بناء على هذا التحليل تكن وضعية المصاب هي كوضعية الغريق الذي يصارع الموج وهو لا يحسن السباحة، أو كوضعية من وقع تحت ركام من الهدم، فالإنقاذ واجب كفائي، وخاصية الواجب الكفائي أن الخطاب يتوجه إلى كل فرد من الأفراد المؤهلين للقيام بالعمل وإذا قام به البعض وتحققت المصلحة سقط الطلب. وهذا يقتضي أمورا:

أولا: أن إعداد الاختصاصيين في الإنعاش واجب تأثم الأمة كلها إذا لم تعن بتخريج هذا النوع من الأطباء.

ثانيا: أن إعداد الأجهزة وأدوية الإنعاش بالقدر الممكن من الاستفادة منه هو واجب كفائي أيضًا تتحمله الدولة أولا.

ثالثا: أن واجب الاختصاصي أو المجموعة هو موالاة رقابة المصاب مراقبة تحقق الهدف من الإنعاش. وهنا يكون كل تقصير متعمد موجبا لتحمل المقصر مسئولية نتائج التقصير.

الإنعاش والتداوي: الإنعاش والتداوي شيئان وليسا أمرا واحدا، وبهذا فإن أحكامهما مختلفة فالتداوي قد وقف منه السلف موقفين مختلفين: الواضح والراجح، والمشهور أن التداوي واجب كلما كانت الحياة أو العضو معرضا إلى الخطر، وأنه مرغب فيه، إذا كان دون هذا المستوى من الحدة. الموقف الثاني، هو ما ذكره الغزالي أن بعض السلف رغب عن الدواء وذلك لغرض من الأغراض الستة التي فصلها في الإحياء

ص: 351

أما الإنعاش فإنه يبدو لي أنه واجب، ذلك أنه لا تختلف حالة الإنعاش عن أية حالة من حالات الاضطراب التي تقلب حكم التحريم إلى الوجوب حفاظا على الحياة، وثاني المقاصد الضرورية الخمسة، على أن المصاب في كثير من الحالات الإنعاش يكون فاقدا للوعي أو هو تحت تأثير وطأة الإصابة، لا يتمكن من أخذ القرار المبنى على التأمل.

خامسا: إذا تم إسعاف المصاب بوضعه تحت المعالجة المكثفة فمتى توقف عنه الإنعاش؟ الأحول ثلاثة يختلف الحكم في كل واحدة منها:

الحالة الأولى: أن تعود أجهزة المصاب إلى حالتها الطبيعية عودا يطمئن معه القائم على العلاج أن الخطر قد زال ولا يوجد ما يوجب استمرار مواصلته فهو البرء التام أو الأخذ في طريق النقاهة. وهنا يكون رأي الاختصاصي واجب الاحترام، وهو التوقف عن المواصلة للاستغناء.

الحالة الثانية: أن تتعطل الأجهزة الحياتية ويحدث الموت فيتعطل الدماغ والقلب فلا يتحرك القلب للقبول والضخ، ولا يقبل المخ ما يرد إليه من غذاء. ومع الموت لا فائدة من مواصلة العلاج المكثف.

الحالة الثالثة: أن يتوقف الدماغ عن قبول أي غذاء، وتوقف القلب عن قبول أي غذاء يكون بأمرين معا ولابد منهما:

أولا: بواسطة الراديو " التصوير" الذبذبات ولابد من التأكد لا أقل من مرتين في هذا.

ص: 352

ثانيا: بحقن الدم وبعثه إلى الدماغ مرتين ولا يصل. لأن المخ إذا مات لا يتقبل شيئاَ من الدم المغذي والمخ لا يبقى إلا ثلاث دقائق على ما قيل لي بدون غذاء ثم يندمل.

أن يتوقف الدماغ عن قبول أي غذاء، وتستمر الأجهزة الأخرى في العمل بواسطة القيام بالمعالجة المكثفة فالآلة تحرك الرئتين والتعديل الدموي يقوم به المراقبون ويتبع هذا أن المصاب يجرى الدم في عروقه ويفرز إفرازاته وقد تدوم هذه الحالة الشهر والشهرين فالحياة الذاتية قد ذهبت إلى غير رجعة، وهي الحياة الحيوانية التي يقودها المخ توزيعا وتنظيما. لأن مركز القيادة قد دمر تدميرا كاملا وتبقى حياة صناعية أو نباتية كما يعبر عنها. وهذه الحالة التي هي بين عمل بعض الأجهزة الأساسية بواسطة الإنعاش وتوقف بعضها توقفا كاملا لا اثر لتدخل الطبيب في إعادته إلى أي نوع من أنواع نشاطه على أي مستوى كان ولو ضعيفا. هذه الحالة التي فيها بعض ظواهر الحياة وفاقدة للظواهر الأساسية قد عالجها الفقهاء من قبل.

يرى الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه أن المولود إذا لم يصرخ لا يعتبر حيا ولو تنفس أو بال وتحرك. ومعنى هذا أنه لا يحكم له بالحياة لمجرد التنفس حتى يقرن به البكاء. وقال ابن المايجشون إن العطاس يكون من الريح ويكون البول من استرخاء المواسك، فما لم يكن الفعل إراديا استجابة لتنظيم الدماغ لا يعتبر أمارة حياة.

ص: 353

حكم توقيف الإنعاش في هذه الحالة: أن توقيف الإنعاش في هذه الحالة الثالثة لا يمكن في نظري أن نعطيه حكما مطلقا بل أقترح:

أولا: إذا كانت أجهزة الإنعاش التي خصصت لهذا الذي مات مخه والتي أبقيناها على هذا الجسم قد ورد من هو في حاجة إليها فلا نتردد في فصلها وربطها بمن بقيت فيه الحياة كاملة.

ثانيا: إذا كانت النفقات التي يتطلبها مواصلة الإنعاش تلتهم من الرصيد المالي مايعد بالضرر على مستوى العلاج بالنسبة لبقية المرضى كحالة الدول التي لا تملك قوة مالية فإنه يتحتم أيضًا فصلها وصرف العناية للمرضى من الأحياء.

ثالثا: إذا توفر المال وتوفرت الأجهزة والقائمون على الإنعاش فهل تستبقى الأجهزة ويستمر الجهاز الصحي في مواصلة العلاج المكثف إلى أن يحصل الدمار الكامل للأجهزة الأساسية كلها، أو ترفع العناية بمجرد تحقق الموت للمخ؟ يقول الأطباء أنه إذا رفض المخ قبول التغذية مات الإنسان وإذا أزلنا أجهزة الإنعاش فلن يستمر القلب في النبض والرئتان في الحركة أو الكلى في التصفية إلا مدة لا تتجاوز خمس دقائق على أكثر تقدير وإذا بقى أكثر من هذا فمعنى ذلك أن المخ ما يزال حيا، وبناء على ذلك فإن الذي يبدو أنه يمكن الإعلان عن الموت بمجرد ثبوت موت المخ وما يترتب على الموت من أحكام تبدأ من هذا التاريخ، أي من ميراث ومن عدة، إلخ والله أعلم.

ص: 354

الشيخ عبد الله البسام:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد،

أرى أننا نستمر في بحث هذا الموضوع حتى إن شاء الله ننتهي منه بخير، لأن الموضوع هذا أصبح الآن موجودا، وموجودا الآن في جميع المستشفيات، فكل مستشفي من المستشفيات يوجد فيه غرفة للإنعاش وتركيز العناية. والمرضى والمصابون بالحوادث كثيراَ ما يدخلون فيه منهم من يخرج سليما ومنهم من ينتهي أجله بهذا نعرف أن أجهزة الإنعاش هذه أصبحت لها فائدة وفائدة واضحة. وبناء عليه فإني أرى أن نستمر فيه وحتى ننتهي منه إلى شيء، هذه نقطة.

النقطة الأخرى: أن أجهزة الإنعاش هذه والحمد لله ونحن مسلمون نعلم أنها لا تقدم الحياة ولا تؤخر فما هي إلا سبب من الأسباب كالأدوية. فكوننا وضعنا أجهزة الإنعاش وامتد مثلا المريض في حياته أشهرا أو سنين أو أياما ليس معناه ان حياته انتهت بوجود الحادث الذي صار عليه أو بوجود الجلطة التي أصابته وإنما معناه أن الله سبحانه وتعالى قدر له هذه الحياة التي لا نعلم متى تنتهي بوجود هذه الأسباب، فخالق الأسباب خالق المسببات. والله تبارك وتعالى قال:{فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} لكن هذا أنا لا أعرف كلام الأطباء في تقدم موت المخ على القلب أو تقدم موت القلب على المخ وبقى يضخ ساعات أو دقائق أو أياما ولكنني أعرف أن الموت شرعا هو مفارقة الروح للجسد، هذا هو الموت الشرعي، الموت الشرعي أن الروح التي لا نعلم كنهها، الله يعلمها سبحانه وتعالى مفارقتها للجسد هو الموت الحقيقي، وهذا الموت هو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية.

ص: 355

من أنه يورث ومن انقطاع علاقات الزوجية ونحو ذلك. وقلبه مادام في هذه الحالة، حالة الإنعاش فهو في حكم الأحياء فزوجته لا تزال باقية في عصمته ولو تقدم على موته موت قريب له لورثه ولو اعتدى عليه اعتبر الاعتداء على حي، فبناء عليه أنه في حالة معدود في حكم الأحياء، سواء كانت حياته ميئوس منها أو سواء كانت مرجوة، بقى بعد هذا، إذا علمنا هذا فكيف أننا مثلا نجهز عليه ونقضي على حياته بسحب هذه الأجهزة. فما سحب هذه الأجهزة إلا كترك غريق في لجة البحر أو كترك حريق يحترق في النار، لا فرق بين هذا وهذا كلهم قابل للحياة. ثم إذا نظرنا إليها من الناحية الدينية والناحية الإيمانية لا ننظر إليها نظرة مادية بحتة، ننظر إلى هذه الحياة على أنها حياة رائحة وفانية، وأن أمامنا أموراَ أعظم منها، ننظر بأن هذا مأجور وأن الله سبحانه وتعالى ربما ما مد في حياته في هذه الحالة لتكفير عن سيئاته، رفع في درجاته، وكذلك نفس الممرضين من أصحابه وأقاربه وذويه هم أيضًا مأجورون على هذه العناية وعلى هذا التمريض ومأجورون على الإنفاق.

من هذا كله أنا أخلص إلى أجهزة الإنعاش، أرى أنها تبقى في المريض مهما كانت حالته ومهما كان مرضه، تبقى فيه حتى تنتهي حياته نهاية طبيعية وشكرا.

ص: 356

الرئيس:

في الواقع أن الاستشكال الذي كنت أوردته في أعقاب كلمة الدكتور محمد على البار نفسه كان موجودا لدى فضيلة الشيخ المختار السلامي لأنه قال في صدر بحثه " ولما لم يكن السؤال محددا " في أول الأمر هل كان الإشكال قائما هل السؤال عن حكم رفع أجهزة الإنعاش؟ فأنا الآن أرجو من فضيلة الشيخ المختار ومن فضيلة الشيخ عبد الله أن يحددوا لنا السؤال الذي يتعين طرحه بالتحديد في هذه القضية وإن كان يبدو أن المراد أن السؤال هو ما حكم رفع أجهزة الإنعاش عن المتلبس بهذه الحالة.

الشيخ عبد الله البسام:

أنا أعتقد أنه يوجد حالات يقرر الأطباء فيها يأسا من الحياة لكن أنا حتى في هذه حالة أرى عدم رفع أجهزة الإنعاش حتى في هذه الحالة.

الرئيس:

كأن السؤال الوارد الآن ما حكم رفع أجهزة الإنعاش؟

الشيخ عبد الله البسام:

ما حكم رفع أجهزة الإنعاش مطلقا سواء كانت الحياة مرجوة أو ميئوسة؟

الرئيس:

يعنى في حالاتها.

ص: 357

الشيخ عبد الله البسام:

أنا أحكي لكم في أمر رأيته. أجهزة الإنعاش هذه تختلف. أنا رأيت إنسانا أصيب بجلطة في الدماغ، هذه الجلطة أفقدته الإحساس كليا إلا أنه لا يتحرك ولا يتكلم ولا ينطق، هذا توقف عنه النزيف، نزيف الجلطة وقف وسلم منها وسلم من الموت إلا أنه بقى من أجهزة الإنعاش، هو انه يدخل أنبوب من الأنف إلى المعدة لإطعامه ويسحب منه البول. فهذا الرجل الذي أصيب ومكث اكثر من ثلاثة أشهر لو سحبنا عنه آلة الإطعام وآلة البروستاتا لكان مات من عدم التغذية أو من توقف البولينا مات من هذا ولم يمت من الجلطة التي أصابته، يعني أننا قتلناه ولم نحسن القتلة.

الرئيس:

يعنى من المفهوم أن السؤال المحدد ما حكم رفع أجهزة الإنعاش؟

الشيخ المختار السلامي:

شكرا على التوضيح المطلوب، وأعتقد أن ما جاء من إثارة فضيلة الشيخ عبد الله البسام هو غير وارد أصلا. لأنه إذا بقيت الحياة فلا يجوز رفع أجهزة الإنعاش أصلا. قال الشيخ عبد الله البسام إن نهاية الحياة هي ذهاب الروح لكن الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وذهابها له إمارات، فما هي الأمارة الحقيقية الدالة على أن الروح قد ذهبت؟ ها هنا يقول الأطباء ويجمعون وقلت إنهم من خيرة الأساتذة أنه إذا توقفت التغذية عن المخ فإن المخ لا يستطيع أن يبقى إلى دقائق ويدمر تدميرا كاملا ويتحلل، القلب يستطيع أن يبقى مدة أكثر بدون تغذية الرئتان كذلك، أجهزة الكلى كذلك، اختلاط الدم كذلك، المادة الوحيدة أو الجهاز الوحيد في الإنسان الذي يدمر بمجرد ما تنتهي عنه التغذية هو الدماغ. فإذا دمر فلن يستطيع أحد أن يعيده إليه لأن القلب يمكن تنشيطه فيعود، التنفس يمكن إعطاؤه أجهزة، فعندما يدمر المخ ماذا يبقى؟ تبقى آلة تنفخ الرئتين وتجذب منها الهواء وآلة أخرى تبعث الدم تأخذه وأطباء يوازنون في الكميات الموجودة من الدم لا اكثر من ذلك.

ص: 358

فهو صناعة يتحرك، لكن لا يتحرك إنسانيا أو حيوانيا. هذا المفهوم الذي فهمته من الأطباء. الأمر الثاني السؤال، السؤال وقلت في أمرين الأمر الأول بينت أن حكم إيجاد هذه الأجهزة له حكم شرعي. وأن حكم إعطاء هذه الأجهزة أو تمكين المصاب من المداواة، له حكم شرعي وبينته، ثم أن هذه الأجهزة التي وصلناها بالمصاب حتى نضمن له الحياة، متى نرفعها عنه؟ نرفعها عنه إذا وقعت تعطل كل شيء.

الرئيس:

إذن يا شيخ مختار كأن الموضوع ذو شقين أو ذو مسألتين: الأولى في حكم توفير هذه الأجهزة للإنقاذ، والثانية في حكم رفع الأجهزة في مثل الحالات المستعصية أو على جميع أحوالها.

الدكتور محمد على البار:

يبدو أن هذا الموضوع معقد لدرجة أو أن شرحي كان غير واضح لدرجة أن الشيخ عبد الله البسام لم يفهم ما كنت أقصده. الحالة التي ذكرها الشيخ عبد الله البسام شخص أصيب بجلطة ويتنفس تنفساَ طبيعيا ولا يحتاج سوى إدخال أنبوب بسيط لإطعامه وأنبوب آخر لإخراج البول منه، هذه لا تدخل حتى في باب الإنعاش، هذا أصلا تعتبر حالة طبيعية جداَ، وكل طبيب يعرفها وكل طبيب جرب عشرات الحالات مثل هذا النوع. هذه أصلا خارج موضوع البحث أساسا.

ص: 359

الرئيس:

ولهذا يا دكتور محمد أنا أوردت سؤالا وقلت لكم ما هو الفرق بين ما هو منتشر كانتشار الأطباء من غرف الإنعاش وما هو الفرق بين أجهزة الإنعاش هذه المكثفة، لأن مثل التي ذكرها الشيخ عبد الله قد تكون لا تدخل في غرف الإنعاش.

الدكتور محمد على البار:

هذه ممكن تكون في الغرفة العادية البسيطة لا تحتاج إلى جهاز التنفس ولا جهاز ضربات القلب ولا متابعة ضربات القلب، هذا أمر عادي وبسيط جداَ. وممكن أن يكون في المنزل بدون حاجة إلى النقل إلى المستشفي مطلقا. مثل هذه الحالة ممكن ان تمرض في المنزل. وهذه حالة بسيطة جدا لا تدخل ولا تندرج أبدا تحت باب أجهزة الإنعاش. لأنه ممكن أن تمرض مثل هذه الحالة في المنزل ويبقى هذا الشخص له قسطرة وتأتي ممرضة أو ممرض وممكن لا يحتاج إلى طبيب. يمكن الآن، ممكن أن تدربهم على أنهم يحقنوا الأكل المعمول على هيأة سوائل يعطى هذا المريض بحقنه بأنبوب بسيط يدخله الطبيب إلى المرىء وإلى المعدة، ثم يستمر هذا في المنزل أشهرا وسنين. وقد ذكرت لكم حالات متعددة التي عاشت سنين وهي اعقد من هذه. يعني حالات اكثر تعقيدا من هذه وعاشت سنين، وحالة أخرى اكثر تعقيدا من هذه: امرأة أصيبت، كانت حاملا وأصيبت بحادثة سيارة ونقلت إلى المستشفي بقيت تحت أجهزة الإنعاش وهي حامل واستمر حملها حتى بلغ ستة أشهر ثم ولدت ولادة طبيعية وهى فاقدة لكل أثر من آثار الحياة وهي تحت أجهزة الإنعاش. الأطباء لا يناقشون في هذا. طالما كان هناك رمق من حياة فالأطباء أحرص الناس على إبقاء هذه الحياة وليسوا مستعجلين لإعلان الوفاة يعني كلما كانت الحالات ميئوسا منها لا نعتبرها حالة وفاة، والذي تحدث عنها الشيخ البسام أو حتى التي تكون أكثر تعقيدا منها، هذه تدخل تحت باب آخر يسمى قتل الرحمة. يعني الحالات المعقدة الشديدة مثل الحالات التي وصفتها لكم حالة سيسليا بلاندي أو كارين انكويلان، مغمي عليها إغماء تاما وفاقدة لكل أثر من آثار الحياة تماما ما عدا لا يزال التنفس، أحيانا تتنفس بغير الآلة وأحيانا تحتاج إلى الآلة مؤقتا، لا يزال جذع الدماغ مجودا.

طالما أن جذع الدماغ موجود لا يطلق على مثل هذا الشخص ميت حتى ولو بقى سنين طويلة، مثل هذه الحالات ما كان يمكن من سابق أن تبقى سنين طويلة، عشر سنين أو 12 سنة أو 15 سنة وهي في إغماء تام وتغذى تغذية صناعية بالأنابيب يفرز منها أيضًا بالأنابيب، مثل هذه الحالات في السابق كانت تتوفي لعدم وجود الرعاية الطبية والإمكانيات الكافية لكن الآن مثل هذه الحالات لا تدخل تحت باب موضوعنا الذي نتحدث عنه.

موضوعنا التي نتحدث عنه هو إذا مات الشخص بالفعل هذا الشخص مات بالفعل، توقف دماغه كلية، ليس جزءا من دماغه، الدماغ شيء كبير جدا هناك المخ.

الرئيس:

يا دكتور محمد الموضوع الذي نحن نتحدث عنه وأنت الآن وصلت إلى بيت القصيد، هل هو ذو صور أو صورة واحدة

ص: 360

الدكتور محمد على البار:

لا أنه له صور متعددة لكن الصورة التي نريد أن نصل إليها هي الصورة: أن هذا الشخص مات كل دماغه، أو على الأقل جذعه الأساسي، مات كل الدماغ بما فيه الجذع الذي فيه المراكز الحيوية، إذا مات كل الدماغ وبقى الجذع فهو لا يزال حيا بجميع التعريفات الطبية، إذا بقى جذع الدماغ حيا فهو لا يزال حيا وأمثلته كثيرة موجودة الآن، وهذا سبب الأخطاء، ثم الدماغ كله ممكن أن يتوقف وظيفيا كما أخبرتكم بسبب العقاقير القوية، أو شخص تعرض في الثلج وبقى تحت الثلج فترة طويلة من الزمن، ممكن أن يتوقف الدماغ كلية. ولكن هذا التوقف يسمى توقف وظيفي، وهذا التوقف الوظيفي لا يعطينا الحق في إعلان الوفاة، لابد أن يكون التوقف توقف أنسجة، نسيجى، جميع الأنسجة الموجودة بما في ذلك جذع الدماغ الذي يتحكم في القلب والدورة الدموية والتنفس. هذه إذا انتهت وماتت عندئذ يأتي موضوع إعلان موت الدماغ ونضطر لذلك في هذا الإعلان لعدة أسباب:

أولا: أن القلب ممكن أن يستمر بالأجهزة لعدة ساعات أو أحيانا لعدة أيام أو أحيانا وهي حالة نادرة سجلت 68 يوما، يرى الأطباء أن هذا نوع من العبث إن أنفق هذه الآموال كلها وهذه الجهود على جثة، هم يحددون أن هذه الجثة ميتة ليس لها من الحياة رمق ليست ميئوسا منها، ليس موضوع ميئوسا منها، أما الميئوس منه فلا يجوز قتله حتى يسمى " قتل الرحمة السلبي " يعنى توقف عنه الأدوية وتوقف عنه العقاقير وتوقف عنه أجهزة الإنعاش هذا غير مقبول في الدوائر الطبية كلها، هناك يسمى قتل رحمة إيجابي وقتل رحمة سلبي، جميع وسائل قتل الرحمة سواء كانت سلبية بإيقاف علاج معين أو إيجابية بإعطاء المريض حقنة بكمية زيادة من دواء حتى تقضى عليه، هذه مرفوضة تماما في جميع الدوائر الطبية، مرفوضة تماما لا أحد يتحدث عنها لأنها مرفوضة الآن في جميع الدوائر الطبية.

ص: 361

يبقى أمامنا شخص انتهت حياته وتوفي إلى رحمة الله متى يعلن وفاته؟ هل ننتظر حتى يقف القلب أو أننا نوقف الأجهزة هذه ونعلن وفاته لأن هذا الدماغ قد مات وبالتالي مات قلبه، ولا بد من إجراء الفحوص، من هذه الفحوص أن هذه المنفسة والأجهزة توقف دقائق وينتظر الطبيب هل هناك أمل في عودة التنفس ويعاد هذا الفحص مرات يعني مرتين على الأقل بفريقين مختلفين من الأطباء مع مجموعة أخرى من الفحوص مذكورين هنا في صلب البحث مفصلة لكم. فهذه الأنواع المختلفة من الفحوصات تؤكد أن هذا الدماغ وجذع الدماغ قد انتقل إلى العالم الآخر، قد مات. فإذا مات هذا الشخص فهل يجب أن ننفخ في جثة هامدة لمدة أسبوع أو مدة أيام أو مدة كذا، هو السؤال الآن مطروح بين أيديكم.

الشيخ المختار ولد أباه:

محاولة لإجابة السؤال الذي طرحته أريد أن أخبر السادة المشايخ، أنني قبل شهر كنت قد التقيت بأحد الأطباء المسلمين المختصين بأمراض القلب واسمه داود جوف من السنغال وطرح على مجموعة من الأسئلة تخص هذه الحالة التي نتحدث عنها الآن. منها الوقت الذي يجوز فيه للطبيب أن ينزع أجهزة الإنعاش عن المريض ويحدد ذلك هو بعد توقف الدماغ وبعد أن يكون الرسم الدماغي يبين أن الدماغ قد مات تماما، طبعا هذا السؤال هو الذي تناوله أستاذنا وصديقنا محمد المختار السلامي وأعتقد أنه شفي فيه الغليل.

السؤال الثاني: في الفترة بين موت الدماغ وبين الوفاة الكاملة لجميع الأعضاء، هذا الطبيب يسأل، هل يجوز نزع عضو من المصاب قبل توقف القلب مثلا. إذا كان، كالقلب أو الكلى أو البنكرياس إلى غير ذلك، إذا كان هذا جائز هل يتوقف على إذن من المصاب نفسه قبل وفاته. إذا كان المصاب لا يستطيع أن يعطى إذنا لأنه كان مصابا في حادثة سيارة، هل يجوز لوليه أن يعطى هذا الإذن، لاستئصال هذا العضو لزرعه في جسم آخر. إذا لم يإذن الولي أو المصاب قبل وفاته هل يجوز للطبيب في حالات استثنائية خاصة أن يتصرف بنفسه وأن يبادر في استئصال العضو الصحيح ليزرعه في جسم آخر لمريض قد ينقذ به، هذه أسئلة أربعة وشكرا.

ص: 362

الشيخ محمد عمر الزبير:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

السؤال المطروح حقيقة، متى تحقق الوفاة، وهل القرار، قرار يصدر من الأطباء الذي يحكمون على أساس الوفاة، فهذه هي موطن ثقة وتحال القضايا التي من اختصاصهم إليهم لأنهم أهل الاختصاص وأهل الخبرة في هذا الفن. فإذا تحقق أن الوفاة – معنى الوفاة هو موت الدماغ مع بقاء الحياة الظاهرة الشكلية من تنفس وضخ للدم – فهذا التحديد وهذا التعريف من قبل الخبراء يكفي لنا أو يكفي للفقهاء أنهم يكيفون الحكم الشرعي على هذا الأساس. وفي اعتقادي والله اعلم يمكن أن يكون القياس على أساس قضية الإجهاض أيضًا. لأن أنواع الحياة ثلاثة، الحياة الكاملة التي هي الحياة النباتية، والحياة الحيوانية، والحياة الروحية العقلية. وفي الواقع أن مناط التكليف هو العقل ولكن تبقى إنسانية الإنسان قائمة محترمة معتبرة شرعا حتى بالحياة الحيوانية. لأنه قد يفقد الإنسان عقله ويبقى أيضًا ليس مسئولا بالتكليف ولكن يبقى على أساس أنه إنسان: تصان حياته، الحياة الحيوانية، لكن الحياة النباتية، حياة النمو في الواقع فقط نمو، ونمو اصطناعي أو قد يكون نموا لا إرادي الدكتور يستطيع أن يصحح لي تصوري، الحياة النباتية هي قد تظهر علامات النمو حتى في الحالات الميتة التي أسعفت بالأجهزة الإسعافية أن تظهر بوادر النمو، مثلا يظهر الشعر إذا حلقنا شعرا ينمو الشعر والله أعلم لا أدرى، السؤال موجه إلى الأساتذة إلى الدكاترة ولكن حتى مع ظهور هذا النمو لا يكفي لإعطاء معنى الحياة الشرعي لهذا النوع من الحياة لأن هذا معناه قابلية وإمكان. وفي قضية الإجهاض إذا فكر الفقهاء في ذلك أنه في الفترة الأولى أو الـ40 يوما يمكن أن يحدث الإجهاض مع وجود هذه القابلية، قابلية النمو فهناك في الفقه حالات مشابهة لهذه القضية الواقع أن الحالتين اللتين ذكرهما الأستاذ المختار ليستا مجالا للنقاش لأنه واجب كفائي أن نسعف في جميع الحالات، هذا واحد، وواجب أيضًا أن ننزع الأجهزة في حالة التحقق من الوفاة. والمقارنة يجب ألا تكون أيضًا في حالتين، حالة الاضطرار، أن ننزع هذه الأجهزة لأجل قضية إسعاف آخر وإعطاء أولويات ولكن حتى بعدم وجود هذه الضرورة لابد أن يصدر حكم شرعي بقضية الوفاة. هل تتحقق الوفاة بمجرد موت الدماغ مع وجود الظواهر الحياتية النباتية وأقولها النباتية وليست الحيوانية وليست الحياة بكاملها.

ص: 363

الشيخ عبد الله البسام:

احب أن اوجه إلى سعادة الدكتور محمد على البار حين حدد لنا الوفاة وقال الوفاة هي موت المخ موت الدماغ كاملا، وأنه إذا لم يبق إلا نبض القلب وحركات الخلايا وأنه في هذه الحالة يعتبر من عداد الأموات وأنه في هذه الحال تنزع منه أجهزة الإنعاش. أحب أن أسأل لو بقيت أجهزة الإنعاش في هذه الحالة فهل أعراض الموت التي ذكرها العلماء توجد مع وجود الأجهزة، مثلا ارتخاء المفاصل وتغير الرائحة وميلان الأنف، وما قالوا عن ذلك وسكوت النبض. فهل يصل إلى هذه الدرجة؟ إذا كان وصل إلى هذه فهذا هو الموت الشرعي وهذا هو الذي تتعلق عليه الأحكام الشرعية. أما مادام أجهزة الإنعاش يمكن أن تبقى أياما أو اكثر من أيام وهو في هذه الحالة ومع هذا جسمه في عداد الأحياء فأنا أعتقد وأرى أنه من الناحية الشرعية أن هذا لا يزال يعتبر حيا وأن له حكم الأحياء، فأنا أحب من سعادة الدكتور أن يوضح هذه النقطة.

الدكتور محمد على البار:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحقيقة ما كان يعتبره الفقهاء علامات الموت قد لا يعتبره الأطباء علامات الموت، يمكن تكون القضية معكوسة ما تعتبرونه ارتخاء أعضاء وكذا يعتبره الأطباء، أن هذا الشخص لا يزال حيا ولا شك أن هناك أخطاء لو تركنا تشخيص الموت للشخص العادي، نحن واثقون تماما أن الشخص العادي ممكن أن يخطئ في تشخيص موت شخص ويعتبره ميتا إذا لم تكن لديه خبرة كافية كطبيب متمرس. لا شك أن كثيراَ من الأشخاص ستعلن وفاتهم وهم أحياء. النقطة الحقيقية بعكس ما تقولون وأن الوضع عكس ما تقولون تماما.

النقطة الأساسية أنكم تعتبرون مثلا شخصا ارتخت أعضاؤه، هذه ليس لها قيمة عندنا ممكن ترتخي أعضاؤه وتحرك رجله ترتمي وليس لها قيمة أصلا لأنه ممكن أن تسمع نبضات قلبه بإذنك العادية أن ترى أو تسمع هذه النبضات أو تضع يدك على النبض ولا تحس هذا النبض. نحن تعدينا هذه المرحلة. يعني ما كان يحكم به أن هذا الشخص ميت كثير من الأحكام الذي بنى عليها الفقهاء أن فلانا ميت أن هذا الطفل يعطس، حتى الرضاعة اختلفوا فيها. هذه لاشك أنهم حكموا بموت آلاف الأشخاص بينما كانوا أحياء، الطب تقدم في هذا الميدان إلا أننا نقول لكم أنتم ما تعتبرونه علامات موت مؤكدة هو في الواقع ليس علامات موت مؤكدة هو في الواقع ليس علامات موت مؤكدة.

ص: 364

لكن إذا أخذنا باب الأجهزة ونحن عندما قلنا إذا مات دماغ هذا الشخص كاملا بما فيه جذع الدماغ وتوقف تنفسه إذا تركنا الجهاز وأخذنا الجهاز، توقف التنفس، توقف القلب وأصبح هذا الشخص ميتا، بجميع الاعتبارات، هذا الشخص ميت، فلماذا نقول انه حي وانه ميت أما إذا كان تنفسه مستمرا بدون الجهاز أو عندما توقف الجهاز، هذا لاشك أنه حي وهذا ما يحدث وهو أحد شروط الفحوص التي يعملها الأطباء وبشروط أخرى مؤكدة لابد أن يعطوه كمية من الأكسجين 100 % أوكسجين يتنفسه في فترة ثم يعطى ثاني أكسيد الكربون لتنبيه مراكز الدماغ المسئولة في جذع الدماغ عن التنفس لابد من تنبيهها بأقصى ما يمكن رغم هذا التنبيه المستمر يصبح القلب غير قادر على الحركة والتنفس غير قادر على الحركة مع شرط ألا يكون ذلك ناتجا عن أدوية أو عقاقير، لا بد أن يذهب لو عملنا هذه الفحوص والشخص أخذ مجموعة من العقاقير مثلا " بارفيترين " أو غيرها أو كحول أو غيرها من الأدوية هذه أو كان في الثلج هذا توقف وظيفي يسمى، هذه الفحوص تعتبر كلها لاغية غير مطلوبة وليس من حق الطبيب ان يجرى هذه الفحوص في مثل هذه الحالة، لأنه لو أجراها لأعلن موت الدماغ وإنما لابد وان تجرى بعد أن تزال الأسباب الوقتية التي ممكن أن تذهب، فإذا أزيلت جميع الأسباب الوقتية كان لدينا تشخيص محدد بسبب وفاة الدماغ مثلا تهشم هذا الدماغ، وعندنا صور لها شعاعية كاملة، وأن الدورة الدموية لا تسرى فيه وأن الدماغ قد مات بجميع الفحوصات الموجودة والمذكورة في التفاصيل في هذا البحث أمامكم، إذ انتهينا من هذه التفاصيل العلمية كلها بالشروط العلمية وبالاحتياطات التي يتخذها الأطباء الآن فإن موت الدماغ يعنى موت الجسم ككل.

ص: 365

والفرق بينهما هو إما أن يكون دقائق أو ساعات. إذا أوقف هذا الجهاز فإن القلب سيتوقف خلال دقائق لاشك في ذلك والتنفس سيتوقف لا شك في ذلك. لكن المشكلة هل نبقى مستمرين بهذا الجهاز حتى يستمر التنفس فإذا استمرينا بالجهاز رغم موت الدماغ لابد أن يقف القلب أيضًا ويقف التنفس رغم كل الأجهزة. لا تتصورا أن بعد موت الدماغ يستمر القلب وتستمر الأجهزة تعمل. الأجهزة ستتوف، سيتوقف التنفس رغم كل الأجهزة التي لدينا. الفرق فيها أن هناك فترة زمنية قد تطول حتى تصبح شهرين كما حدث في حالة نادرة وقد تبقى بضعة أيام، في هذه الأيام مادام الشخص ميتا لماذا نستمر في نفخ رئتي شخص ميت، هذا هو السؤال فقط. شخص ميت لماذا نستمر في نفخ رجل قد مات وانتقل إلى العالم الآخر. في هذا مشقات كثيرة، مشقة على الأهل، مشقة على الأطباء، مشقة على أهل التمريض، ثم الفائدة الأخرى التي ترجى هي في موضوع نقل الأعضاء كما ذكرها الشيخ. إذا عرفنا ان الأعضاء هذه تتلف إذا توقفت عنها الدورة الدموية فترة فإن هذه الأعضاء ينبغي أن نأخذها وخاصة مثل القلب، الأعضاء الحيوية الهامة، هذه الأعضاء نحتاج لأخذها وهي لا تزال كعضو به خلاياها لا تزال حية. إذا ماتت هذه الخلايا لا فائدة ترجى منها أصلا في النقل، فمن هنا يأتي هذا المفهوم أن نؤخذ هذه الأعضاء وهي لا تزال قابلة للعمل، هي لا تزال قابلة للحياة كأعضاء. فإذا انتهت حياتها كأعضاء فلا فائدة ترجى منها.

ص: 366

الشيخ محمد على تسخيرى:

بعد هذه التوضيحات الضافية التي أعطانا إياها الدكتور البار ونحن في مقام الحكم الشرعى، بالنسبة للسؤالين اللذين طرحهما الأستاذ السلامي، السؤال الأول واضح لا يحتاج إلى بحث: هل يجب علينا أن نجهز أجهزة الإنعاش أم لا؟ هذا أمر لا ريب فيه ولاشك فيه ولا يحتاج إلى بحث. المسألة في حكم رفع هذه الأجهزة وحكم رفعها يتم بعد حصول الموت. الموت مفهوم شرعي موضوع جاء في النصوص الإسلامية ورتبت على هذا الموضوع أحكام. هذا الموضوع يجب أن نتأكد من تحققه عرفا حتى نرتب عليه أحكامه. كيف يمكن التأكد من حصول هذا الموضوع للحكم أو الأحكام المترتبة عليه. الواقع الذي أعتقده أن هناك أمرين يجب أن يلحظا في تحقق موضوع الحكم الأمر الأول، هو ما يقوله العلم، وقد رأينا أن الدكتور البار بر بتوضيحاته، وأوضح أن العلم يقول بأن موت الدماغ موتا كليا أو موت الجذع هو الموت الذي لا يحتملون معه أي احتمال ضعيف في عودة حياة أو سلامتها فهذا هو العلم، العلم واضح في هذا المعنى. لكن لكي نتأكد من تحقق الموضوع العرفي حتى يترتب الحكم، نحتاج إلى إضافة في هذا المعنى هذه الإضافة أيضًا نأخذها من العرف بعد أن نوقف هذه الأجهزة أو نفترض الإيقاف حتى نتأكد، إذا افترضنا ان هذه الأجهزة أوقفت فهل ستطرف عين أو تتحرك رجل أو يتحرك قلب أم لا؟ هذه العلامات التي أشار إليها والتي جاءت أيضًا في بعض الروايات التي يستدل بها العلماء في مجال مفهوم الشرط عندما يريدون أن يعرفوا أن هذه النطيحة التي نطحت أو الحيوانات التي سقطت من شاهق هل بقيت حية حتى تذبح وأم لا؟ يقولون إذا طرفت العين أو تحركت الرجل وما إلى ذلك. نفترض أننا أوقفنا أجهزة الإنعاش فهل يتحرك البدن أم لا؟ إذا كانت الحركة في البدن مازالت موجودة، العرف هنا مازال يفترض عدم تحقق موضوع الموت.

ص: 367

أما إذا افترضنا أننا أوقفنا هذه الأجهزة لم تطرف عين ولم تتحرك رجل ولم ينبض قلب بشكل طبيعي لا بتحريك من أجهزة الإنعاش. حينئذ الذي أعتقده أن موضوع الحكم قد تحقق لدى العرف، وحين إذن بشكل كامل تترتب كل الأحكام، يمكننا أن نرفع أجهزة الإنعاش وما إلى ذلك، يعني هذه الإضافة احتياط عرفي للتأكد من تحقق الموضوع. وشكرا

الأمين العام: الشيخ الحبيب ابن الخوجة

شكرا سيدي الرئيس ما سمعته من حديث حول هذا الموضوع الذي طال النقاش فيه قد اطمأنيت إلى حقائق علمية لابد من أخذها بعين الاعتبار. فإن التفصيل الذي ذكره الدكتور البار جزاه الله خيرا والحديث الذي أفضى به إلينا الشيخ مختار السلامي ثم المناقشات كلها انتهت بنا إلى تحديد الموضوع المستفسر عنه شرعا. وهذا هو الذي يتناقض أو يتعارض مع ما تفضل به فضيلة الشيخ محمد على تسخيرى

ص: 368

قضية الموت الحقيقي والموت العرفي هو محل النزاع. الذي اضطررنا إلى البحث فيه هو أن نقل العضو من جسد ميت وهو موت حقيقي لكن به بقية آثار أو حركة تدل على أنه لم يمت عرفا هو الذي نحتاج فيه إلى النقل، لأننا إذا استللنا هذه الأجهزة، أجهزة الإنعاش فسوف يموت، لا تبقى حركة. وإذا نحن لم نقم بنقل العضو الذي نريده إلى جسد أخر يعيش به فإننا إذا ترقبنا الموت النهائي ووقوف القلب لا تكون الأعضاء التي ننقلها صالحة، لأن الجسد كله يموت. إذا مات الدماغ، قبل كل شيء أريد أن أذكر بأن الموضوع طرح في مؤتمر كامل شارك فيه علماء شرعيون كما شارك فيه الأطباء في العام الماضي بالكويت تحت مظلة وزارة الصحة. فهذا الموضوع تحديد الموت عند الفقهاء عند الأطباء جميعا هل هو موت الدماغ، لا عبرة لهذه الآثار الأخرى التي لا يمكن أن تستمر أم لا بد من أن يكون موت الدماغ متبوعا بهذه الحالة العرفية التي سميتموها عرفاء؟ الظاهر من الناحية الشرعية أو العلمية، أن المقصود من الموت، موت الدماغ حتى يتسنى بعد ذلك أن ننقل الأعضاء، لأن هذا هو بيت القصيد، نقل الأعضاء من جسد الميت حقيقة وعلما إلى جسد يحتاج إلى تلك الأعضاء في وقت مناسب وإلا فإن العضو لا فائدة من نقله، قد تفضل الدكتور البار بالكشف عن هذه الحقيقة وشكرا

ص: 369

الشيخ عبد السلام العبادي:

بسم الله الرحمن الرحيم كنت طلبت الحديث في الواقع قبل قليل من أجل لما كان الحديث يدور حول تحديد المسألة المطروحة للبحث، الواقع جاء اللبس من اختيار العنوان " أجهزة الإنعاش"، في الواقع عنوان موهم في هذه المسألة، الموضوع ليس موضوع أجهزة الإنعاش، الموضوع هو هل يعتبر الإنسان بما يسمى موت خلايا وأجهزة الدماغ هل يعتبر ميتا أم لا؟ هذا الموضوع بحث بالتفصيل كما أشار وتفضل معالي الأمين العام في الكويت، عقدت ندوة ومؤتمر في عمان أيضًا قبل أشهر وبحث هذا الموضوع بالتفصيل. مدار النقاش كله حول قضية مدى القطع الطبي في هذا المجال. الفقهاء حذرون في هذا الأمر من أجل الاستيثاق من هذه النقطة حتى الدكتور البار في أول كلامه تمنى أن يكون معه عدد من الأطباء وألحق هذه الكلمة بعبارة " لأننا في المجال الطبي مختلفون كما أنتم في مجال الفقه قد تختلفون "

لذلك في ندوة الكويت أو في مؤتمر الكويت قدمت أبحاث كما تفضل هو وأشار هناك حوالي 700 صفحة في هذا الموضوع وحوله تقريبا. وانتهى إذا أردت أن تصنف ما قيل في هذه المسألة تجد أن بعض الفقهاء منع رغم التفصيل الذي قدمه الأطباء في هذا المجال. لابد ان نسمع وجهة نظرهم ونرى ما الذي جعلهم يتمسكون بما سماه الشيخ على الموت العرفي. بعضهم يفصل بين الأحكام الطبية والأحكام الشرعية الأخرى. قال للأغراض الطبية، أنا أعتبر موت الدماغ لكن للأغراض الشرعية الأخرى فيما يتعلق بالعدة الزوجية والإرث وغيرها، لا أنا أتمسك بالموت العرفي. وله وجهة نظر وأتى بأدلة بعضهم حكم بالوفاة كاملا ورتب جميع الأحكام إن كانت طبية أو شرعية على ما سمى بموت الدماغ. فلذلك في ظني هذا المجمع لم توفر له في هذه الجلسة كل هذه المعلومات الضرورية، لابد في الواقع من عدد من الأطباء ليس خبيرا واحدا لابد من مجموعة من الخبراء، حتى يزداد الوثوق في قضية القطع الطبي في هذا المجال، لابد من أن تكون هناك أبحاث شرعية بين أيدينا تعرض وجهات النظر المختلفة ومن ثم تتاح لنا فرصة الحكم بهذا. إذا كان جهات علمية خصصت لهذا الموضوع ندوات مستقلة ولم تبت فيه بشكل قاطع ونهائي، فلا يمكن في جلسة واحدة وأمام هذه المعلومات القليلة في هذا المجال وهذا النقص إن كان في مجال الخبرة أو في مجال البحوث الشرعية أن ينتهي المجمع إلى قرار في هذا المجال. لذلك أقترح بشكل محدد أن تكلف الأمانة العامة باستجماع كل هذه المعلومات وأن يكون إحدى الموضوعات الكبرى الأساسية التي تبحث في دورة المجمع القادمة إن شاء الله. شكراَ

ص: 370

الرئيس:

عندي عدد من كلمات المشايخ الأعضاء ولكن إذا سمحتم لي أن نصل إلى نهاية أرجو أن تكون مرضية للجميع. وهذه النهاية هي نهاية الاستقطاب واستكمال التصور. وقبل هذا إنني أدعو لجنة التخطيط إذا وضعت موضوعا من المواضيع التي ترى طرحها على هذا المجمع أن تحدد نقطة السؤال بصياغة أهل العلم. أما أن يكون الجدول المدرج أجهزة الإنعاش فهذا سؤال موهم. ولهذا نفس الباحثين وفي مقدمتهم الشيخ المختار السلامي استشكل هذا ولكنه أعمل نفسه حتى تصل إلى ما توصل إليه مما أعطانا تجلية لجانبين من الموضوع إضافة إلى التصورات الطبية التي أضفاها الدكتور البار ثم تحصل لدينا مبحث ثالث أثاره الشيخ محمد المختار فصار أمامنا الآن ربما نفترض ثلاثة أسئلة

السؤال الأول: حكم توفير أجهزة الإنعاش وهذا أمره ميسور.

الثاني: حكم رفع أجهزة الإنعاش، هذا يستدعى تحديد الصورة على لسان الطب بما يقبله الفقيه بمعنى ان تكون بصفة معتصرة بأسطر معينة حتى يكون التصوير واضحا وجليا أمامنا.

ص: 371

ثم يأتي سؤال ثالث حكم نزع عضو من المصاب وهو تحت الإنعاش والحالة هذه هذا شئ

الأمر الثاني تجلى أمامنا من المناقشة ومن خلال المداولة ان هذه المسالة بحثت موسعة تحت مظلة وزارة الصحة في دولة الكويت في محفل حضره جمع من الأطباء ومن العلماء فصار في هذا محاضر وقرارات ووجهات نظر وأبحاث. ولهذا فإذا رأيتم أن اعرض على أنظاركم الوجهة التالية وهى التثنية على ما ذكره الشيخ عبد السلام من ان يطلب من الأمانة أن تستحصل على ما تم بحثه في الكويت مع ما هو موجود لدينا من بحوث قدمت إلينا مع ما يمكن استقطابه والوصول إليه سواء من جهة الأطباء أو من جهة الفقهاء، ثم بعد ذلك يوضع في فقرات معينة مرتبة سواء من حيث التصور الطبي أو من حيث ترتيب الحكم الشرعي ويوزع البحث حتى يكون أمامنا بحث يحصل فيه تمام التصور وأنتم ترون الآن أن التصورات اختلفت فيما بين الأعضاء وبين الدكتور الطبيب وبين بعض معدي البحوث وهكذا، بل أن البعض ومنهم بصراحة العبد الفقير لم يحصل لي تمام التصور لا في موضع السؤال أولا وإن كان تجلى أخيرا، ولا في نفس الصورة التي يعنيها السؤال وهي هي أم البحث الصورة التي يعنيها السؤال وهي رفع أجهزة الإنعاش.

ص: 372

ولهذا أرجوأن تتقبلوا وجهة النظر هذه بأن يعهد إلى الأمانة باستحضار ما لدى وزارة الصحة في الكويت مع البحوث الموجودة هنا مع ما يمكن الحصول عليه ومن هنا نستطيع أن ننطلق انطلاقة أهل العلم باستكمال التصور مع ترتيب المبحث الفقهي وعليه يمكننا باطمئنان بحول الله أن نرتب الحكم الشرعي لهذه النازلة وبالله التوفيق.

الرئيس:

إذن كأنني أرى موافقة

الشيخ محمد عبد اللطيف فرفور:

شكراَ سيادة الرئيس أود من الصديق العزيز الدكتور البار كطبيب أن يتفضل فيوضح لنا قضية سمعتها في دمشق من أستاذ في كلية الطب بجامعة دمشق وهو صديق لي سألته قبل مجيئي إلى هذا المجمع الموقر عن العلامة الرئيسية أو الرئيسة بالفصحى عن الموت، عن الوفاة. وتعلمون حضراتكم أن الموت لا يعرف، ماهيته، لا يمكن تعريفها إطلاقا. إنما له أسباب منه موت الدماغ ومنها موت القلب ومنها موتهما معا وكل ذلك أسباب كما أشار الشاعر " تعددت الأسباب والموت واحد ". أما العلامة القاطعة عند الأطباء على هذا هو وجود مادة تظهر على جلد الميت الذي انتهى أجله قطعا مائة بالمائة في خلال غضون اقل من 24 ساعة أثبتها الطب الشرعي وتسمى التوثف أو التغير الجيفي، لا ترى بالعين المجردة وإنما ترى عن طريق المجهر، الميكروسكوب ويظهر بعض آثارها من الصفرة وما شابه ذلك على الميت ومن خلالها يتعرف الطبيب الشرعي على مدة الوفاة من متى توفي هذا الإنسان؟ هذه المسألة تتعلق بجوهر الطب، وددت من صديقنا الدكتور البار حفظه الله وهو بار بدينه وبعلمه أن يوضح لنا هذه القضية فقد أخذتها من مصدر موثوق وهو أستاذ في علم التشريح في جامعة دمشق وعالم فاضل متدين حافظ لكتاب الله، وعلى هذا الأساس فقد انتهى النقاش في هذه المسألة بالنسبة لقضية الموت. متى وجدت هذه المادة، فقد مات الإنسان سواء مات دماغه أو مات قلبه ودماغه معا، فقد انتهى زيته من الدنيا وبدأت حياته الأخروية. أما قضية زرع الأعضاء فمسالة أخرى تترب على هذه المسألة وبينهما تداخل ولكن ما أظن الآن الوقت يتسع لها. وشكرا

الرئيس:

شكراَ وبهذا على وجهة النظر التي أبديتها وقد لمست موافقة أصحاب الفضيلة ترفع الجلسة وأرجو من الأمانة الاهتمام في هذا الموضوع كعادتها. وشكرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ص: 373

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 7

بشان

أجهزة الإنعاش

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10 -16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م

بعد أن نظر فيما قدم من دراسات فقهية وطبية في موضوع " أجهزة الإنعاش "

وبعد المناقشات المستفيضة، وإثارة متنوع الأسئلة، وخاصة حول الحياة والموت نظراَ لارتباط فك أجهزة الإنعاش بانتهاء حياة المنعش.

ونظرا لعدم وضوح كثير من الجوانب.

ونظرا لما قامت به جمعية الطب الإسلامي في الكويت من دراسة وافية لهذا الموضوع، يكون من الضروري الرجوع إليها.

قرر:

أولا: تأخير البت في هذا الموضوع إلى الدورة القادمة للمجمع.

ثانيا: تكليف الأمانة العامة بجمع دراسات وقرارات مؤتمر الإسلامي في الكويت وموافاة الأعضاء بخلاصة محددة واضحة له.

والله أعلم

ص: 374