المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني

- ‌كلمة معالي سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمة معالي الدكتور أحمد محمد علي

- ‌كلمة معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف

- ‌كلمة سعادة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌زكاة الديونلفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسىوفضيلة الدكتور عبد الحليم محمود الجندي

- ‌زكاة المستغلات العمارات والمصانع ونحوهافضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌زكاة المستغلاتفضيلة الدكتور علي احمد السالوس

- ‌أطفال الأنابيبفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌وثائق مقدمة للمجمعالحكم الإقناعي في إبطال التلقيح الصناعيوما يسمى بشتل الجنينالشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌بنوك الحليبفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌بنوك الحليبالدكتور محمد علي البار

- ‌أجهزة الإنعاشالدكتور محمد على البار

- ‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌خلاصة في التأمينالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌عقود التأمين وإعادة التأمين في الفقه الإسلاميدراسة مقارنة بالفقه الغربيفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌التأمين وَإعادة التأمينالشَيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمَة للمؤتَمرالتأمين وَإعادة التأمينالشَيخ عبٌد الله بن زيد آل مَحمُود

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةالدكتور وهبة الزحيلي

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله

- ‌بداية الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد على التسخيري

- ‌توحيد بدايات الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌رسالة بلغة المطالع في بيان الحساب والمطالعفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌بدايات الشهور العربية الإسلاميةلفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌حول اعتماد الحساب الفلكيلتحديد بداية الشهور القمريةهل يجوز شرعا أو لا يجوز؟مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمة المجمعاجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عاموبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكامفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور بكر أبو زيد

- ‌دراسة حول خطابات الضمانللدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور زكريا البري

- ‌‌‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌آراء حَول خطاب الضمَانفضيلة الشيخ محمد على التسخيرى

- ‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

الفصل: ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله

‌أحكام التعامل في المصارف الإسلامية

فضيلة الشيخ محمد على عبد الله

لقد ورد في وثيقة استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، بأن عمليات القروض التى يقدمها البنك الإسلامي للتنمية لمشروعات البنية الأساسية هى قروض طويلة الأجل، تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عامًا. والتزامًا بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض، غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية مصاريفه الإدارية.

وبناء على ما ورد من وثيقة البنك الإسلامى فإن المصارف الإسلامية تقوم كغيرها من المصارف العالمية بقروض لحرفائها، ونحن نعلم أن القرض هو دفع مال معلوم عينيا كان أو عرضًا أو حيوانًا في مماثل الذمة لغرض نفع المعطى له (بالفتح) فقط دون المعطى (بالكسر) ، وهو المطلوب شرعًا لأنه من التعاون على البر المعروف.

وهذا النوع من التعامل هو الذى كان أهل الورع يتهربون منه بمجرد شم رائحة النفع، وهو يعرف في الفقه الإسلامى بـ (سلف جر نفعًا) وهو محرم بإجماع المسلمين، مما أدى إلى التهرب من كل ما عسى أن يكون في النهاية مؤديًا إلى هذا النفع عملًا بما ورد في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه)) . وقد ورد في صدد الربا قوله تعالى: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . والربا لغة الزيادة واصطلاحًا هو ما كانت العرب تفعله من قولهم للغريم: أتقضى أو تربى، فكان الغريم يزيد في المال، ويصبر عليه الطالب. وهذا محرم باتفاق الأمة.

ونحن نخشى أن لا يكون هناك فرق فيما تقدمه المصارف العصرية من قروض مع الفائض أي زيادة وما تقدمه المصارف الإسلامية من قروض. خصوصًا إذا ما شهدنا وأن هنالك نوعا من الغموض فيما يتعلق بالمبلغ المقطوع الذى يتقاضاه المصرف الإسلامي للتنمية مقابل خدماته لتغطية مصاريفه الإدارية. وحسب رأيي يحتاج هذا إلى نوع من تبين وإيضاح لا شبهة فيه.

وخلاصة القول إذا ما كانت المصارف الإسلامية تقدم خدماتها وفقًا للشريعة فهذا يكون متمشيًا مع الدين الحنيف. وإلا فحكمها يكون كحكم المصارف المعاصرة الربوية. وعلى هذا الأساس أقول بصفة التنبيه: أن الله تعالى قد أوصى الأغنياء بالفقراء أو جعل لهم حقًا معلومًا في أموالهم، وشرع القرض لإغاثة الملهوفين وإعانة المضطرين.

ولا شك أن للمصارف الإسلامية دورًا فعالًا لتنشيط هياكل الاقتصاد للدول الإسلامية النامية وتوحيد شمل المسلمين وانتشالهم من السعي وراء الاقتصاد الذى يريد أصحاب رؤؤس الأموال الربوية فرضها على المسلمين لحملهم على التخلى عن عقيدتهم بفتح باب الشهوات لضعاف الإرادة والقضاء على ما بقي من ثرواتهم وبالتالى من الواجب على المصارف الإسلامية افتراض وجودها على الصعيد العالمى لحمل راية الإسلام في المعارك الاقتصادية. فاعملوا فسيرى الله عملكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 645

العرض والمناقشة

13/4/1406=25/12/1985

الساعة: 17.2- 19.10

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد قد ترون من المناسب أن نبدأ (بحكم التعامل المصرفى المعاصر بالفوائد) والدراسات التى لدينا في حكم التعامل المصرفى المعاصر بالفوائد من المشايخ، الشيخ الصديق الضرير والشيخ على السالوس والشيخ محمد على عبد الله والشيخ حسن عبد الله الأمين، وأرجو من الشيخ الصديق أن يتفضل بإعطاء ملخص وموجز عن البحث المذكور.

الشيخ الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد،

من أهم طرق الاستثمار في البنوك التجارية المعروفة هو الاستقراض بفائدة أو بغير فائدة في الحسابات الجارية وإقراضها بفائدة أكبر من الفائدة التى اقترض بها البنك والاستفادة من الفرق بين الفائدتين، وهذه الفائدة تكلم فيها الفقهاء المحدثون وأصدروا فيها عدة فتاوى فردية وجماعية بالتحريم. وكان لكتابتى هذا البحث سبب هو أن أحد الأساتذة كتب عن الأوراق النقدية فقال: أن الأوراق النقدية ليست من الأموال الربوية ولهذا يجوز إقراضها بفائدة وما تفعله البنوك ليس ربا. ولهذا جاء ردى لهذه الدعوى بعنوان (الفائدة التى تتعامل بها البنوك من ربا القرض الثابت تحريمه بالكتاب والسنة والإجماع) وتحدثت عن أنواع الربا فبينت أن الربا نوعان: ربا الديون، وربا البيوع.

ربا الديون يشمل ربا الجاهلية وربا القرض الذى نتحدث عنه، أما ربا البيوع فهو ربا النسيئة وربا الجاهلية هو الذى جاء فيه قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} فهذه الآية هى أول ما نزل في تحريم الربا، والمراد بالربا فيها هو ربا الجاهلية المعهود، (ال) هنا للعهد، هو الربا المعهود عند المخاطبين عند نزول هذه الآية. وهذا الربا كما صوره ابن جرير الطبرى هو أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل وإذا حل الأجل طلبه من صاحبه فيقول الذى عليه المال: أخر عنى دينك وأزيدك على مالك، فيفعلان ذلك. وروى هذا التفسير لربا الجاهلية عن عطاء ومجاهد وقتادة، وأيضا القرطبى تعرض لهذا فقال "إن العرب كانت لا تعرف ربا إلا ذلك، فكانت إذا حل دينها قالت للغريم: إما أن تقضى وإما أن تربى" فربا الجاهلية على هذا التفسير الذى صوره لنا الطبرى والقرطبى كان في اقتضاء الدين بعد حلول الأجل، وهذا الدين قد يكون أصله بيعا إلى أجل وقد يكون قرضا أيضا إلى أجل وقد يكون بزيادة أول الأمر أو بغير زيادة، فإذا حل الأجل طالب البائع أو المقرض المدين فإن لم يف قال له: إما أن تقضي وإما أن تربي.

ص: 646

أما ربا القرض فهو القرض الذى تكون فيه منفعة للمقرض مشروطة في العقد، وهذا الربا صوره كثيرة منها أن يقرضه مالا على أن يرد له أكثر منه. وهذه هى الصورة المتعارفة والمتعامل بها بين الناس وبين البنوك التى تتعامل بالفائدة وهى الفوائد المقصودة بالحديث، الزيادة هذه في القبض، السؤال هنا: هل ربا القرض هذا من ربا الجاهلية؟، واضح أن ما نقلته عن الطبرى والقرطبى يدل على أن ربا القرض في المرة الأولى قبل أن يحل الأجل لا يدخل في ربا الجاهلية. وقد اقتضى هذا التفسير الشيخ محمد رشيد رضا وقال في ذلك بعد أن نقل كلام الطبرى: أن هذا هو المروي عن عامة أهل الأثر ومنه عبارة الإمام أحمد الشهيرة وهي أنه لما سئل عن الربا الذى لا يشك فيه قال: " هو أن يكون دين فيقول له: تقضى أم تربي، فإن لم يقض زاده في المال وزاده هذا في الأجر"، حتى الربا بهذا التصوير يدخل فيه ربا القرض في بعض صوره وهي ما إذا أقرض شخص مبلغا ثم طالبه به عند حلول الأجل فأمهله نظير زيادة يدفعها إليه المقترض، هذه الصورة هى ربا الجاهلية بعينه وهي معروفة ومتعامل بها في البنوك ومتعامل بها حتى بين الدول التى تتعامل بالربا ولها اسم معروف هو (الربح المركب) أو (الفوائد على الفوائد) ويسمونها (الفوائد التأخيرية) ، فهذه لاشك في دخولها في ربا الجاهلية، ثم هل ما قاله الطبري في تفسير ربا الجاهلية هو كل ما روي عنه عن ربا الجاهلية؟ الواقع أن بعض المفسرين غير الطبري ذكر تفسيرا لربا الجاهلية يدخل فيه ربا القرض أي القبض في العقد الأول الذى هو القبض بزيادة مشروطة في القرض الذى هو القبض بفائدة، من هؤلاء: الجصاص وأبوبكر الجصاص يقول: " الربا الذى كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به" ويقول أيضا: "ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على الوجه الذى ذكرنا من قبض دراهم أو دنانير إلى أجل مع شرط الزيادة " ويقول في موضع آخر: " معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة فكانت الزيادة بدلا من الأجل". أيضا فخر الدين الرازى يتفق مع الجصاص في هذا ويقول: اعلم أن الربا قسمان، ربا النسيئة وربا الفضل.

ص: 647

أما ربا النسيئة فهو الأمر الذى كان مشهورًا متعارفًا في الجاهلية، وذلك أنهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا ويكون رأس المال باقيًا ثم إذا حل الدين طالبوا المدين برأس المال فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل، فهذا هو الربا الذى كانوا في الجاهلية يتعاملون به.

الألوسى أيضا يقول: " روي عن غير واحد أنه كان الرجل يربى إلى أجل فإذا حل الأجل قال للمدين: زدنى في المال وأزيدك في الأجل فيفعل. وهكذا عند كل أجل، فيستغرق بالشئ الضعيف ماله بالكلية، فنهوا عن ذلك". هذه الروايات واضحة وصريحة في أن ربا الجاهلية كان يأخذ شكل القرض بزيادة كما يأخذ شكل الزيادة في الدين عند حلول الأجل.

ونخرج من هذه الروايات بأن كلا النوعين كان موجودًا في الجاهلية عندما نزلت آية التحريم، فإذن كلاهما محرم بهذه الآية. فنستطيع أن نقول بكل اطمئنان: أن ربا القرض من ربا الجاهلية، وهذه هي ربا الديون، حكم ربا الديون ثابت بالقرآن والسنة والإجماع، وهذا لا يحتاج إلى تطويل في الاستدلال عليه، آيات الربا معروفة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} وهذه كما قلنا، هي أول آية نزلت وليس المراد من التقييد في الربا المنهى عنه بالأضعاف وإنما المراد منها كما يقول الفقهاء هو بيان الواقع الذى كان موجودًا عندهم، وآية {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ومنها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ثم جاءت آية {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} جاءت مبينة بيانًا شافيًا أن أخذ أي زيادة على رأس المال غنم منهي عنه.

ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ((وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)) وواضح أن هذا الحديث تأكيد لما جاء في القرآن، وحديث آخر ما روي من أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قرض جر منفعة وفي روايات قال صلى الله عليه وسلم:((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) . هذا الحديث وإن كان في سنده مقال إلا أن معناه مقبول ويؤيده القرآن، ولهذا اتفقت المذاهب الأربعة على العمل بهذا الحديث بأن كل قرض جر منفعة فهو ربا، ولكنهم يختلفون في المنفعة التى تجعل القرض ربا، لكنهم لم يختلفوا في أن الزيادة في القرض ربا. الإجماع نقل عن أكثر من واحد في كل مذهب من المذاهب، نجد من حكى الإجماع على تحريم الربا الذى هو ربا الدين أو ربا الديون، أكتفى بعبارة القرطبى يقول:" أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف، كما قال ابن مسعود: ولو حبة واحدة، هذا هو ربا الديون".

ص: 648

أما ربا البيوع فهذا ثابت بحديث عبادة المشهور ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل سواء بسواء، يدا بيد، فإن اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) فهذا الحديث بين الأصناف الربوية، وربا البيوع هذا يشمل كما قلنا ربا النسيئة وربا الفضل، وليس هذا موضوع الحديث ولكن سقته لأمر هام وهو لأن نبين أن ربا البيوع لا يجرى إلا في الأموال الربوية وهى الأصناف الستة المذكورة في الحديث وما يلحق بها عند جمهور الفقهاء، بعضهم قصرها على الأنواع الستة، أما ربا الديون فيجرى في الأموال الربوية وفى غيرها باتفاق الفقهاء، وهذا هو محط الكلام في هذا الموضوع، هذه التفرقة. وهو السبب الذى أوقع بعض الباحثين في الخطأ والقول بأن الأوراق النقدية ليست من الأموال الربوية ولهذا أرادوا أن يجوزوا فيها القرض بفائدة ظنا منهم أن القرض يدخل في ربا البيوع.

أوردت هنا عددًا من النصوص تدل على أن ربا القرض أو ربا الديون يجرى في الأموال الربوية وفى غيرها، منها ما روي عن زيد أنه كان يقول:"إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن والربا المعروف في الجاهلية هو ربا الديون، كان في التضعيف وفي السن – يريد بالسن أسنان الإبل – يكون للرجل فضل دين فيأتيه إذا حل الأجل يقول له: تقضني أو تزيدني، أن كان عنده شئ يقضيه قضاه وإلا حوله إلى السن التى فوق ذلك أن كانت ابنة مخاض حولها ابنة لبون في السنة الثانية ثم حقة ثم جذعة" فهذا هو ربا الحيوان وهذا نص صريح، ثم بعد ذلك يقول بعدما تكلم عن هذا:" وفى العين – ويقصد بالعين الذهب والفضة – يأتيه فإن لم يكن عنده أضعفه في العام المقابل، فكان ربا الجاهلية عندهم يكون في الحيوان كما يكون في الذهب والفضة".

أما ربا القرض فهذا يجرى في كل ما يجوز فيه القرض، سواء أكان في الأموال الربوية أم من غيرها، ونصوص الفقهاء صريحةوواضحة في هذا، كل ما يجوز فيه القرض يجرى فيه هذا الربا. فلا يجوز قرض أي مال من الأموال بزيادة مهما كان هذا المال سواء كان من النقود أو من غير النقود.

أكتفى بعبارة هنا لفقهاء الشافعية، الرملى يقول:" ولا يجوز قرض نقد أو غيره إن اقترن بشرط رد زيادة على القدر المقرض" وفي قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} ما يفيد أن ربا الديون الذى وردت فيه الآية يكون في كل مال {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} والنقود الورقية التى كان فيها مثار الشبهة هذه مال من غير شك.

ص: 649

فيظهر لنا من هذا أن الفائدة التى تدفعها البنوك عند الاقتراض من الغير والفوائد التى تأخذها عند قرض الغير هى ربا محرم بإجماع سواء اعتبرنا النقود الورقية من الأموال الربوية – وهذا هو الحق وفيه كلام كثير لبعض المحدثين – أو لم نعتبرها، حتى لو قلنا أنها ليست من الأموال الربوية، فلا يصح قرضها بأي زيادة مهما كانت هذه الزيادة لأن هذه الزيادة ربا فتدخل في ربا الديون وليست من ربا البيوع. وهذه الحرمة في ربا القرض المعروف في البنوك تشمل كل أنواع التعامل بفائدة. فتشمل القرض بفائدة قليلة أو كثيرة. ولقد سمعنا ابن مسعود "ولوحبة " وتشمل الفائدة البسيطة والمركبة كماتشمل القرض للإستهلاك والقرض للإنتاج، وهذه كلها مسائل حدثت فيها مجادلات بين العلماء وحصلت فيها فتاوى وانتهى فيها الأمر إلى ما أقوله: " هذه ليست فتواي لوحدي وإنما هي فتوى عدد كبير من العلماء وعدد من الندوات والمؤتمرات، وتشمل أيضا الحرمة فتح الاعتماد بفائدة، وتشمل أيضا خصم الأوراق التجارية التى تكون مستحقة بعد شهر ويدفع أقل مما في هذه الورقة، أقل من قيمتها، كأنه يقرض صاحبها مبلغًا ليأخذ أكثر منه بعد شهر، وهذا هو القرض بفائدة. وشكرًا لكم.

ص: 650

الشيخ عبد اللطيف جناحى:

بسم الله الرحمن الرحيم

في الواقع ما أورده فضيلة الشيخ لن أعلق عليه من الناحية الفقهية فهذا أمر متروك لمجمعنا الفقهي ولكن ما أود أن أشير إليه بأن النظام المتبع، نظام سعر الفائدة، بأن يحدد سعر أدنى لقيمة النقد عندما يودع مبلغ في البنك ويكون هناك حد أدنى للمبلغ، هذا هو ما أوصل العالم إلى الكوارث الاقتصادية اليوم نتيجة لهذا الاقتصاد الوضعي الغربي فيه 800 بليون دولار ديون على دول أمريكا اللاتينية خدمة هذا الدين 100 بليون دولار سنويًا، فعملية الربا وعملية سعر الفائدة هي التى أدت التضخم فوصلنا إلى الباب المسدود حتى أن الكنز نفسه صاحب (النظرية الكنزية) نادى (بالزيرو انترست) أي الفائدة تكون صفرًا. فهل ما نادى به ما رجع عنه كنز نعود إليه نحن، ما رجع عنه أصحاب النظرية نعود إليه نحن. القضية قضية الربا كنا بالأمس نعتقد أنها ظلم الغني للفقير، لا، قضية الربا هي قضية تحطيم الاقتصاد العالمي، تحطم الاقتصاد العالمي من وراء سعر الفائدة ومن وراء تحديد نسبة مهما كانت صغيرة، هذه قاعدة. وصلنا إلى التضخم والتضخم اللامعقول، أنا أعطيكم نموذجًا بسيطًا، قيل لنا أن سبب التضخم هو العجز في ميزان المدفوعات، سنة 72 العجز في ميزان المدفوعات الأمريكية وهى أكبر دولة كان 0.08 % وسنة 74 كان العجز في ميزان المدفوعات 4.5 % وسنة 78 كان العجز في ميزان المدفوعات فاصلة خمسة من مائة يعنى بشكل هرمى، بينما التضخم وهو المشكلة العالمية كان يمشى في ازدياد، لما جاء الاقتصاديون يبحثون السبب الرئيسي وجدوه سعر الفائدة.

موضوع آخر جدير بالإشارة، إنها عملية تؤخذ لأغراض تجارية ومن قال أن المصارف التجارية لديها القدرة على ضبط مسار المال، ما حصل لدينا في سوق الكويت من انهيار سوق المناخ مثلا وما حصل من البطر الذى حصل من وراء الاقتراض من البنوك كانت كلها أسعارًا لفائدة تؤخذ الأموال، هناك ضمانات موجودة، ثم صفيت هذه الضمانات وفلست المجموعة. فالعملية ليست عملية ننظر إليها في حيز ضيق على أنها ظلم الغني للفقير، لان العملية ننظر إليها كاقتصاد عام ككل، ماذا يكون نتيجة سعر الفائدة بعد استخدام من سنة 40 فقط إلى اليوم، كانت هناك دورات اقتصادية من سنة 40 إلى سنة 70، سعر الفائدة كانت هى عامل الحذر، وعندما نأتى إلى قضية الأضعاف المضاعفة، تظهر صورها في أشكال عديدة جدًا، البنك عندما يقترض من زيد من الناس أو يودع زيد من الناس لديه مبلغ مائة ريال بسعر أقل سعر 2 %، هذا البنك هل يقرضه لمنتج؟ لا! يقرضه لبنك آخر ويقول له: كلفنى المائة ريال 102 كم تعطينى بزيادة؟ قال له: أعطيك 103 جيد جدا، فيذهب البنك الثانى إلى البنك الثالث ويقول له: أنت محتاج إلى مائة ريال كلفنى هذا 103 كم تعطينى زيادة؟ قال له: 104، انظروا كيف تسير المضاعفة، هذه زاوية من الزوايا.

الزاوية الأخرى، هذا الثوب الذى ألبسه أنا الآن، كان صوفًا على ماعز أو على خروف، اجتز ومول من قبل البنك بنسبة 14 % ثم ذهب إلى محلج ومول 14 % صار 28 ثم ذهب إلى بائع الجملة ومول 14 %، احسبوها تصلون إلى أضعاف مضاعفة التى وردت في القرآن، الحقيقة مع تطور الزمن نرى عظمة هذا الكتاب كيف في عصرنا هذا نراه يتجسد أمامنا ويتجسم بعدما كبرت مشاكل العالم الاقتصادية، فالعملية حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع وانتهى ((فلكم رءوس أموالكم)) وانتهى الموضوع فأخذ رأس المال وليس فيه فلس زيادة.

لدي في الحقيقة تعليقات أخرى لكن أنا أحببت أتعرض فقط من زاوية فنية ضيقة حتى أوضح لكم أن العالم اليوم في انهيار اقتصادى، وفى جدولة ديون وفى مشاكل لا أول لها ولا آخر، والسبب في الدرجة الأولى يعود إلى هذه النسبة البسيطة التى كانت في يوم 4، 5، 2 %. وشكرا سيدى الرئيس.

ص: 651

الشيخ أحمد البزيع ياسين:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه وحده نستعين، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدى رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الكرام الغر الميامين وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد،

عندما نريد أن نتكلم عن المصارف الإسلامية أو المصارف العادية، أود قبل ذلك أن أدعو بالرحمة والغفران على إمام المسلمين الملك فيصل بن عبد العزيز رحمة الله على مبادرته التاريخية وعزمته الإسلامية في تأسيس بنك التنمية الإسلامي الذى جمع الأمة الإسلامية في مصرف. وقصده من هذا القضاء على الربا والتعاون فيما بين الدول الإسلامية فغفر الله له ورحمه وجزاه خيرًا عن الإسلام والمسلمين، ثم بعد ذلك أقول:

إن أستاذى العزيز صاحب البحث جزاه الله خيرًا لم يقل عن بحثه: أنه فتوى إنما قال هو مجرد بحث، وأنا أود أن أبين بأن البحوث المتكررة السابقة التى مرت على كثير من علماء المسلمين في أقطار الأمة الإسلامية جميعًا انتهت على أن الفائدة البنكية هى عين الربا وانتهى الكلام، والربا محرم في الكتاب والسنة ونحن مسلمون فعلينا أن نلتزم فلا نقاش في ذلك.

ثم بعد ذلك أود أن أبين الحالة التى تعانيها المصارف إيضاحًا للصورة وما تأتي على المصارف العالمية في العالم زيادة عن ما قال أخي وزميلي الأخ عبد اللطيف فأقول:

أولًا: القروض سواء كانت قروضًا استثمارية ويؤخذ من الأغنياء الفائدة دائما يدفعها الفقير، لأن الغنى المستثمر يضيف الفائدة التى يأخذها ككلفة على رأس المال فإذن دائمًا الذى يدفع كلفة الفائدة المستهلك، والمستهلكون أغلبهم من أصحاب الدخول المتوسطة والفقراء. ثم أن البنوك ممنوع عليها أن تتاجر في نظمها الحالية، وإذا استطعنا أن نحولها إلى بنوك مضاربة فهذا خير كثير، علينا أن نعد لها شروط وقواعد المضاربة الإسلامية ونسلمها لها ونطلب منها أن تلتزم بالمضاربة الشرعية.

ص: 652

والمضاربة الشرعية لها شروطها ولها قواعدها ولها أساتذتها، إذا استطعنا أن نحول هذه المصارف الموجودة المعاصرة التى تسمى بالتجارية هي ليست تجارية، هي تشتري النقود وتبيع النقود والنقود في مفهوم الاقتصاد وحدة قياسية تقاس بها الأثمان شأنها شأن الوحدات القياسية الأخرى التى تقاس بها الأطوال، المتر وحدة قياسية للطول، الكيلو وحدة قياسية للوزن، فلا يجوز أن نقول: كيلو يساوى كيلو وربع، ولا يجوز أن نقول: مائة متر تساوى مائة وعشر أمتار، هذه من الناحية الاقتصادية البحتة، فلذلك لا يجوز أن نقول: أن المائة دينار تساوى مائة وعشرة دنانير أو مائة ريال تساوى مائة وعشرة ريالات، فالبنوك عندما تأخذ الأموال من الناس وتعطيهم الفائدة عليها، كأنها تقول: مائة دينار كم أعطيكم بدلها مائة وعشرة بدون عمل. فالوحدة القياسية عندما تقاس مع ذاتها تساوى ذاتها، كذلك بالنسبة لقضية الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، هى في الحقيقة بُدِئى بقرض حسن وليس بقرض فائدة، يعنى أخذ المبلغ من العراق كما سمعته من مشايخنا على أساس أن يردوه في المدينة بعينه، وذلك اجتهد القائد وقال بدلا من أن أتحمل أنا المسؤولية وأولى أن يتحملوا المسؤولية اجتهادًا منه أعطاهم المبلغ على أن يردوه بنفسه وليس بزيادة، فلما جاءت البضاعة وربحت الربح الطائل تورع عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال: هلا عملت هذا لجميع المسلمين؟ قال: لا. قال: إذن لا يجوز لأبناء أمير المؤمنين أن يأخذوا. هذا من باب الورع، وأظن أن الإمام علي رضي الله تعالى عنه أشار بأن تكون المسألة قرضًا، فبداية القرض هو قرض حسن واجتهاد من القائد ثم بعد ذلك عمل قراضًا. ثم مبدأ الربا إذا أقر مبدأ الربا هنا تأتي الأضعاف المضاعفة يعنى السيارة الموجودة في المعرض لابد أنكم تعلمون إذا كانت قاعدة الربا موجودة، السيارة أخذ عليها من الربا من بداية صنعها كمادة خام، الشركة التى تأخذ الحديد تقترض من البنوك وعليها فائدة تضيف الفائدة، القطار الذى يحمل أو اللوري الشاحنة التى تحمل، إذا كان مبدأ الربا قائمًا فتؤخذ في الحقيقة تشتري اللوري بربا فيضيف سعر النقل، ثم المصنع الذى يصب الحديد كذلك أيضا دخل فيه الربا. فتجد السيارة الموجودة في المعرض للبيع دخل فيها الربا منذ بدايتها كمادة خام إلى أن تصل إلى المستهلك. هذه في الحقيقة أمور يجب علينا أن ننبه لها كناس نشتغل في هذا الميدان.

ص: 653

ثم أود أن أبين أننا لسنا في حاجة، والحاجة هنا منتفية إلى المصارف الربوية، منتفية تمامًا بل أن العالم يعاني، وأود أن أبين حيلة عالمية في المصارف العالمية. لمعلومكم موجودات المصارف العالمية الآن هي ديون على الناس، عاجزين هؤلاء الناس على الوفاء بها، فعندما تعمل الميزانيات، المحاسبون القانونيون يعتبرون الدين ميتًا إذا كانت لا تسدد عليه الفوائد. وأكثر المدينين ليس عندهم هذه الفوائد لتسديدها، عملوا لهم حيلة، قالوا: نقرض لكم الفوائدوتسددونها لنا حتى المحاسبون القانونيون يعتبرون بأن ما عندنا من ديون على المدينين ديون محترمة، يقدر الدائنون الوفاء بها بدليل أن الفائدة تدفع، والفائدة في الحقيقة هى قروض أيضا تعطى لهم ثم يعيدونها للبنك تسديدًا عما عليهم من فوائد، فهذه في الحقيقة مصداق لقوله تعالى {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ، ثم أود أن أبين مسألة، لو أن المسلمين أصحاب رؤوس الأموال يلتزمون بدينهم ولا يرابون ولا يضعون الأموال حبيسة في البنوك الأجنبية لاضطرهم ذلك إلى استثمارها في البلاد الإسلامية، وعدم استثمارها في البلاد الإسلامية، جعلها موجودة سجينة في البنوك الأجنبية مما أدى إلى الحروب الناشئة في بلادنا، لأن أصحاب المصارف الأجنبية عندما رأوا هذه الأموال الطائلة العظيمة قالوا: لو أراد أصحابها أخذها ونحن لسنا بقادرين على إرجاعها ماذا نعمل إما أن نفلس، نعلن إفلاس اقتصادنا أو أننا نجمد هذه الأموال؟ فكلا الحالتين مضر بنا، إذن نجعل في بلادهم الفتن والحروب حتى عن طريق الفتن والحروب يستوردون منا آلة الحرب التى تكلفهم بأرخص الأثمان ويبيعونها علينا بأغلى الأثمان لابتزاز أموالنا فهنا يأتي تفسير قوله تعالى {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فأذنوا، هل لنا طاقة في حرب مع الله ورسوله، الحرب القائمة الآن هي حرب مع الله ورسوله، أسبابها الربا وأسبابها إيداع أموالنا في البنوك وفي البنوك الأجنبية، وللأسف هذه الحروب امتصت هذه الأموال، لا أريد أن أقول أكثر مما قلت كإنسان أعايش تلك المسألة، ثم إننى في الحقيقة تورطت في السابق وكنت من مؤسسى بنك ربوي وعملت على أموال وهمية لا وجود لها مجرد قيود حسابات، تبت إلى الله سبحانه وتعالى وأعلنت التوبة ثم أردت أن أكفر عن ذنبي بالدعوة إلى المصارف الإسلامية التى عن طريقها نستقل استقلالًا تامًا في جميع الميادين، ثم كنت عضوًا في البنك المركزى الكويتى على أساس معارض لعنصر الفائدة فقيل: كيف تجعلونه عضوًا وهو يعارض؟ قالوا: نحن نريده أن يثبت هذا، ثم بعد أن صار من التزامات المصرف الكويتي بنك التنمية من أعماله ومن مهامه تحديد الفائدة قدمت استقالتي أيضا وأود أن أبين في الحقيقة بأن الأجانب عندما لايريدون لنا تطبيق الشريعة الإسلامية هم ليسوا بذلك حريصين على يد السارق تقطع، أو شفوقين على عنق قاتل يقتل، إنما يعلمون تمام العلم بأن المسلمين إذا طبقوا شريعتهم وأقاموا الحدود، طبقوا شريعتهم في الميدان السياسي والاجتماعي والأخلاقي والسلوكي والاقتصادي فإذا طبقنا شريعتنا الإسلامية في جميع هذه الميادين صرنا قادة وصرنا أصحاب الريادة، فلذلك لا يريدون منا أن يبعدونا عنهم ويريدون منا أن نقلدهم في كل شئ، فنحن أمة إسلامية متميزة لها عقيدتها ولها كيانها ولها تاريخها ولها أمجادها فيجب علينا أن نتمسك بعقيدتنا وألا تخور عزائمنا وأن ننطلق كما انطلق الصحابة الأوائل عندما قال لهم المصطفى صلى الله عليه وسلم:((أول ربا أبدأ به ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب قالوا: سمعًا وطاعة)) ، نحن أمة نحتاج إلى إيمان، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

ص: 654

الرئيس:

أصحاب الفضيلةن أمامنا في هذا الموضوع عدة بحوث كلها في مسار واحد على نحو ما ذكره مختصرًا الشيخ الصديق الضرير. فلدينا بحث الشيخ على السالوس والشيخ محمد على عبد الله والشيخ حسن الأمين، وكل هذه البحوث في مسار واحد على نحو ما سمعتم من فضيلة الشيخ الأمين الضرير، ولعلنا نكتفى في قضية العرض في البحوث إذا رأيتم ذلك ونطرح الموضوع إذا كان لأحد وجهة نظر في هذا وإلا نعلن ما تم عليه.

الشيخ وهبة الزحيلى:

بعد هذه النفحةالإيمانية الطيبة التى سمعناها من الأخ مدير بيت التمويل الكويتي الإسلامي وبعد أن عرفنا المصائب الكبرى التى تهز كيان العالم برمته وتصيب المسلمين والدول النامية بالذات بشكل أخطر بكثير مما يصاب به العالم الغربي، أري أن نطوي البحث في هذا الموضوع ونعلن ما أعلنه في كلمته الأخيرة أن موضوع الفائدة قد انتهى وطوي عليه الزمن ونحترم نصوص القرآن والسنة وإجماع الأمة ونعلنها صريحة مدوية أننا أمة نحترم كرامة الإنسان وأننا أمة الرحمة وأمة التعاون ولا داعى للبحوث الجزئية خصوصًا بعد أن وجد البديل الإسلامي والحمد لله وهي البنوك الإسلامية كما قلت في قضية التأمين وليكن قرارنا إجماعيًا حتى يكون لهذا الموضوع أهميته الكبرى بعد وجود النصوص القطعية في القرآن الكريم {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وهنا الربا يشمل أي فائدة ولو كانت نصفا في المائة فلا داعي بعد هذا البيان الكافي الشافي في نصوص كتابنا وسنة نبينا، وبعدما سمعناه من بيان الأضرار على يد المتخصصين مديري بنك الكويت والبحرين. وشكرًا والله يوفقنا لما فيه الخير.

ص: 655

الشيخ عبد الله ابراهيم:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرًا لفضيلة الرئيس، وفى الواقع إننى مسرور جدًا إلى النداء الأخير الذى سمعناه من الشيخ أحمد والدكتور الزحيلي، فأنا أؤيد كل التأييد مثل هذا النداء.

الرئيس:

أصحاب الفضيلة يظهر لي أن هناك اتفاقًا على ما انتهى إليه أصحاب الفضيلة المشايخ الباحثون والذين لم يأتونا برأي جديد بل هو ما جرى عليه إجماع أهل العلم سلفًا وخلفًا، وأن هذا ربا وأنه ربا الديون المحرم بنص الكتاب والسنة وعليه إجماع أهل العلم.

وبهذا انتهى هذا الموضوع، وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 656