المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني

- ‌كلمة معالي سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمة معالي الدكتور أحمد محمد علي

- ‌كلمة معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف

- ‌كلمة سعادة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌زكاة الديونلفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسىوفضيلة الدكتور عبد الحليم محمود الجندي

- ‌زكاة المستغلات العمارات والمصانع ونحوهافضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌زكاة المستغلاتفضيلة الدكتور علي احمد السالوس

- ‌أطفال الأنابيبفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌وثائق مقدمة للمجمعالحكم الإقناعي في إبطال التلقيح الصناعيوما يسمى بشتل الجنينالشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌بنوك الحليبفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌بنوك الحليبالدكتور محمد علي البار

- ‌أجهزة الإنعاشالدكتور محمد على البار

- ‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌خلاصة في التأمينالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌عقود التأمين وإعادة التأمين في الفقه الإسلاميدراسة مقارنة بالفقه الغربيفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌التأمين وَإعادة التأمينالشَيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمَة للمؤتَمرالتأمين وَإعادة التأمينالشَيخ عبٌد الله بن زيد آل مَحمُود

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةالدكتور وهبة الزحيلي

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله

- ‌بداية الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد على التسخيري

- ‌توحيد بدايات الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌رسالة بلغة المطالع في بيان الحساب والمطالعفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌بدايات الشهور العربية الإسلاميةلفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌حول اعتماد الحساب الفلكيلتحديد بداية الشهور القمريةهل يجوز شرعا أو لا يجوز؟مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمة المجمعاجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عاموبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكامفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور بكر أبو زيد

- ‌دراسة حول خطابات الضمانللدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور زكريا البري

- ‌‌‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌آراء حَول خطاب الضمَانفضيلة الشيخ محمد على التسخيرى

- ‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

الفصل: ‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

نحمدك الله على ما هديتنا إليه من أسباب المعرفة واليقين، ورفعتنا به ووفقتنا له من طرق العزة والتمكين، فجعلت لنا من مجمعنا هذا ملتقى لأئمة الملة من كل دولة، ومنتدى لعلماء الشريعة من كل بقعة، يوحدون صف الأمة الإسلامية ويجمعون كلمتها بما يدرسون من قضاياها ومشاكلها وما تتعرض له من أحوال في حياتها اليومية في مختلف أقطارها وديارها، فيبذلون لها النصيحة ويهدونها السبيل الأقوم، ويجنبونها الخطل، ويحمونها من مواقع الزلل، بفضل استبصارهم أمور ديناهم واستبانتهم أحكام دينهم، بعد استقراء لنصوص الشريعة الغراء، وتتبع لمصادرها ومواردها، وإمعان النظر في معاقدها وقواعدها، وإحاطة بكلياتها وجزئياتها، وإدراك لمقاصدها وغاياتها.

ونستمنحك اللهم فضائل صلواتك ونوامى بركاتك وأتم سلامك على إمام الأمة وقائدها ووليها وهاديها الذي أخرجت به الناس من الضلالة، وأنقذتهم به من الجهالة، فهديت به قلوبًا غلفًا وعيونًا عميًا، النبي الأكرم والرسول الأعظم سيدنا ومولانا محمد ابن عبد الله ورسوله إلى الناس كافة وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

حضرة صاحب السمو الأمير ماجد بن عبد العزيز الموقر أمير منطقة مكة المكرمة

معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي

أصحاب المعالي والسماحة

أصحاب السعادة والفضيلة أعضاء المجمع الموقرين

حضرات الأساتذة والخبراء الأكارم

ضيوفنا الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد فها هي دورة مجلسكم الثانية تلتئم بحمد الله تعالى بعد أن كان الأمل في عقدها غير قائم أو ضعيفًا. وهذا ما يفسر تأخر اجتماع مؤتمركم هذا عن موعده ثلاثة أشهر من شهر محرم الحرام الذي كان موعدًا لذلك إلى شهر ربيع الثاني هذا. وأن الأسباب لذلك غير خافية على أحد، ومؤسستكم ما تزال في أولى خطواتها، ولكنها ثابتة العزم، مصممة على القيام بدورها، مستعينة بالله في تحقيق أهدافها، والقيام بما أنيط بها، والاضطلاع بما ائتمنتها عليه الدول الإسلامية جمعاء. ولئن بدأت متعثرة ككل طفل لم يبلغ طور الفتوة فقد كان لها من الرعاية الإلهية الفائقة، والعناية الربانية السابغة ما أعانها على التحرك والعمل الوفاء بما التزمت به خلال سنة من عمرها.

ص: 13

وإنه لمن الواجب بهذه المناسبة الشريفة أن نرفع إلى حامي الأمة وناصر اللمة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك المعظم فهد بن عبد العزيز كل آيات التقدير والإجلال والعرفان والامتنان على ما أولانا ويولينا من عطف وكرم ودعم وتشجيع. فإلى مكرمته السخية، والتفاتته السامية الملكية، يرجع فضل انعقاد الدورة الثانية لمجلسكم الموقر بهذا القصر المنيف الذي جعله جلالته مقرًا لمؤسستكم ومركزًا لنشاط مجمعكم.

وقد تفضل مشكورًا أيده الله ونصره بقبول الرئاسة الشرفية لهذا المؤتمر، وندب إلينا للإشراف عليه سمو الأمير الجليل ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة زاده الله سنى وسناء ورفعة وشرفًا. فحبانا من لطف سجاياه، وكريم خلقه، وحسن بيانه ما نعده تكريمًا لمجمعنا، ودعمًا لمسيرتنا من طرف الحكومة الرشيدة كلها، حكومة جلالة الملك المعظم أعزه الله وأكرمه.

ولا أنسى في أثر هذا أن أتقدم بجزيل الشكر لمنظمة المؤتمر الإسلامي وأمينها العام معالي سيد شريف الدين بيرزاده على ما يجده المجمع من المنظمة الأم، ومنه خاصة، من رعاية مستمرة في هذا الظرف الذي نمر به، كما لا أنسى لرابطة العالم الإسلامي ولأمينها العام معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف، ولبنك التنمية الإسلامي ورئيسه معالي الدكتور أحمد محمد، على حسن تعاونهما وجميل رعايتهما للمجمع، ولمشاريع المجمع.

أصحاب المعالي والسماحة.

حضرات الأساتذة

قبل الشروع في الحديث عن مسيرة مجمعكم الموقر طوال سنة من تاريخ مباشرتنا للعمل به حتى الآن حسب ما تقتضي ذلك لائحته التنفيذية، أريد أن أرفع إلى الدول الإسلامية الأعضاء عظيم تقديري واحترامي للجهود الكبيرة التي ما فتئت تبذلها كلها لتحقيق الغد الأفضل والمستقبل الأسعد للأمة جمعاء. وإن عنايتها كلها بجمع كلمة الأمة، وتوحيد صفها، والتذكير بما نادى به الإسلام من وجوب توثيق أواصر الأخوة بينها، والاجتماع على أصول الهداية الإسلامية والمبادئ العالية والقيم الخالدة لديننا الحنيف، مما يسهر هذا المجمع على تحقيقه، ويعتز بنشره، ويدعو إليه، ليحملنا على الإشادة بتلك الجهود العظيمة ومن بينها ما تقومون به حضرات الأعضاء الأكارم من فحص لمشاكل المجتمع الإنساني بعامة والإسلامي بخاصة، وما يبذله حضراتكم والخبراء المتخصصون معكم من طاقات في الدرس والبحث والتوجيه وعرض الحلول ومناقشتها، ليستقيم بعد ذلك كل أمر من أمورنا، في عالمنا الإسلامي ومجتمعاتنا الكبيرة والمنتشرة وفي كل مجالات الحياة بيننا، على المنهج الإلهي الرشيد وعلى هدى من الله {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} .

ص: 14

مضت سنة على انعقاد الدورة الأولى لهذا المجمع. وقد كانت بحمد الله دورة مشهودة وتاريخية بفضل خبرة وحسن إدارة رئيس مجلسنا هذا، فضيلة الدكتور بكر أبو زيد لمداولاتها، وبفضل تعاون الأعضاء الأكارم الذين شهدوا أعمال المؤتمر الأول وأسهموا فيه إسهامًا مرموقًا ساعد على وضع اللائحة التنفيذية للنظام الأساسي للمجمع، وعلى إقرار الخطة العامة الشاملة والمتكاملة لسيره التي صدرت عن الشعب الثلاث للمجلس: شعبة التخطيط، وشعبة الدراسات، وشعبة الفتوى.

فسار بحمد الله مجمعكم في ما قام به من نشاط خلال هذه الفترة مستنيرًا بتلك الخطة الدقيقة، مستعينًا بالله عز وجل على كل الصعاب والعقبات التي تقف في طريقه، مستلهمًا من المبادئ والأهداف التي رسمها قادة الأمة لهذا الصرح الجديد من صروح العلم والفكر والعالم الإسلامي، عزمًا ثابتًا وإرادة قوية، تؤذن إن شاء الله بتحقيق الغاية من هذا المجمع، تلك الغاية التي أعلن عنها سمو الأمير ماجد في خطابه المنهجي الذي افتتح به الدورة الأولى لمؤتمركم نيابة عن جلالة الملك المعظم أعزه الله حين قال:

لقد أنشئ هذا المجمع الفقهي كجهاز من أجهزة منظمة المؤتمر العالم الإسلامي لييسر للقاصدين معرفة دينهم، ومعاملات دنياهم على منهج جماعي موحد.

وقد اتجهت من جمادي الأولى 1405هـ / يناير 1985م نشاطات المجمع إلى وجهتين أساسيتين:

أما الوجهة الأساسية الأولى فربط الصلة المستمرة بالأعضاء الأكارم والدارسين والخبراء من رجال الجامعات ومراكز البحث وذلك قصد موافاتنا بالتصورات للمشاريع والأعمال التي حددتها الخطة العامة لعمل المجمع وكذلك بما يحضرهم من آراء ومقترحات بشأنها وذلك توفيرًا للمادة الأساسية التي يمكن درسها واعتمادها من طرف شعبة التخطيط.

وفعلًا تلقت الأمانة العامة للمجمع شاكرة لكل الذين أسهموا بهذا الجهد مجموعة كبيرة من ذلك تتعلق بمشاريعها المتنوعة مثل تحديد موضوعات البحث والفتوى، وبيان التصورات والمقترحات بشأن الموسوعة الفقهية، والمعجم العام لمصطلحات الفقه، وتقنين الشريعة، وإحياء التراث ومجلة المجمع وغير ذلك.

ص: 15

وقد قمنا إثر هذا بتدوين الحصيلة الكبيرة للآراء والمشاورات التي وصلتنا أو قمنا بها في وثيقة هامة اعتمدت في أول اجتماع عقده المجمع لأعضاء شعبة التخطيط فيما بين 22 و25 شعبان 1405هـ / 12- 15 مايو 1985م بمقر المجمع بجدة. وقد شاركت فيه ثلة من الشخصيات الإسلامية العلمية المرموقة. وتمخض ذلك اللقاء عن برنامج عمل تمثل في:

1-

تحديد موضوعات البحث والدراسات التي ستعرض في الدورة الثانية لمجلس المجمع وعددها 11 موضوعًا.

2-

تحديد الموضوعات في مجال الفتوى وعددها 14 موضوعًا.

3-

تحديد طريقة المنهج المتميز الذي ينبغي أن تسير عليه الموسوعة الفقهية.

4-

تحديد طريقة وضع منهج للمعجم العام للمصطلحات الفقهية.

5-

تحديد الموضوعات المقترحة للبحث في ندوات أو لقاءات بالتعاون مع مؤسسات إسلامية تشترك مع المجمع في معالجة بعض المسائل المستحدثة في حياة المجتمعات الإسلامية.

6-

تحديد الكتب والمخطوطات الفقهية التي لها الأولوية في النشر والتحقيق.

7-

تحديد منهج المجلة العلمية للمجمع.

وفور انتهاء شعبة التخطيط من دورتها، وزعت موضوعات البحوث والدراسات وموضوعات الفتوى على كافة أعضاء المجمع من جهة، وعلى ثلة من أبرز العلماء المسلمين والأخصائيين في بعض المسائل المرتبطة بالفقه أو الاقتصاد أو الطب من جهة أخرى، وذلك لاستكتابهم جميعًا في كل الموضوعات المعروضة وفقًا لتوجيهات شعبة التخطيط، قصد عرض الدراسات والفتاوى على هذه الدورة لمناقشتها واتخاذ الموقف المناسب من القضايا والمشاكل المطروحة.

وقد اتصلت الأمانة العامة بنحو أربعين بحثًا شارك في إعدادها ستة عشر عضوًا وتسعة من الخبراء. ولكثافة المادة اضطررنا إلى اختصار عدد القضايا المعروضة للدرس والمناقشة فجلعناها ستة للفتوى بدل أربعة عشر، وسبعة للبحوث والدراسات بدل أحد عشر. وأملنا أن يكون في الوقت متسع لدراسة عميقة ينتهي فيها إلى الأخذ بالأقوى حجة ودليلًا، والأوفق والأصلح وجهًا وحكمًا. ولا ينبغي بحال لدارس أو لمجتهد في المسائل في مثل هذا المجمع الذي يقضى فيه للجماعة، جماعة أهل الحل والعقد لا للفرد، أن يتعصب لمذهب بعينه أو لرأي بذاته. وقد قال إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني من قبل في هذا الشأن:"من ترقى إلى رتبة الفتوى واستقل بمنصب الاستبداد في الاجتهاد فلا يتصور في مطرد الاعتياد انطباق فتاويه واختياراته في جميع مسائل الشريعة على مذهب إمام من الأئمة. فإن مسالك الاجتهاد وأساليب الظنون كثيرة وجهات النظر لا يحويها حصر".

ص: 16

وبإزاء مآخذ الأحكام المتناهية في مقابلة الحوادث والوقائع غير المتناهية يقول رحمه الله: "للشرع مبنى بديع، وأس هو منشأ كل تفصيل وتفريع، وهو معتمد المفتي في هداية الكلية والدراية، وهو المشير إلى استرسال أحكام الله على الوقائع مع نفي النهاية، وذلك أن قواعد الشريعة متقابلة بين النفي والإثبات، والأمر والنهي، والإطلاق والحجر، والإباحة والحظر، ولا يتقابل قط أصلان إلا ويتطرق الضبط إلى أحدهما وتنتفي النهاية عن مقابله ومناقضه".

وإني لأرجو أن تكون دورة مجلسكم هذه دورة مرموقة لما سيناقش فيها من موضوعات هامة متصلة بحياة أمتنا حاضرًا ومستقبلًا، وسيحاول المجمع بإذن الله معالجتها بما تستحقه من تبصر واحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وذلك كي يكون المسلمون حيث ما وجدوا، على بينة من أمر دينهم.

أما بخصوص المشروعات العلمية للمجمع فإن المنتظر من المجلس في هذه الدورة أن يحدد الطرق الكفيلة بالشروع فيها. وذلك من حيث المنهج والوسائل، ويكون هذا بإمعان النظر في مقترحات شعبة التخطيط في هذا الشأن، ودراسة تقارير لجنة الموسوعة، ولجنة المعجم الفقهي، والانتهاء إلى تكليف طائفة من المحققين والدارسين لإحياء أمهات كتب الفقه والمصادر فيه، وإعداد التآليف والبحوث في جملة من الدراسات المقترحة، والقيام من الآن بتوفيرما يلزم لإصدار مجلة المجمع. ثم بحث المشاريع الأخرى المعروضة لأول مرة على مجلسكم الموقر في هذه الدورة.

ص: 17

وهذا هو الجانب الأول الذي قام به مجمعكم ودعا إلى تحقيقه وسدد وجهته الأولى إليه.

وإنه ليطيب لي هنا أن أنوه بما تضمنه محضر جلسة العمل التي عقدناها بجامعة القرويين بالمغرب، من استعداد المجلس العلمي بها لإعداد معجم فقهي مالكي متى صدرت إليه الإشارة بذلك من المجمع، واستعداده كذلك لفهرسة ما يقترحه عليه مجمعكم الموقر من أمهات كتب الفقه المالكي، واعتقادنا أن تحقيق مثل هذا العمل سوف يدعم قدرات مجمعنا على توفيرالمراجع النفيسة لعامة العلماء، كما يغني المكتبة الإسلامية بأهم ما تحتاج إليه من تصانيف ومؤلفات.

وأما الوجهة الأساسية الثانية التي سار فيها المجمع فتتمثل في العلاقات التي ربطناها ببعض وزارات الأوقاف والثقافة في الدول الأعضاء، وببعض الجامعات والهيئات والمؤسسات الإسلامية فيها، وذلك قصد التعريف بالمجمع، واستكشاف آفاق التعاون معها في كل ما يتصل بتحقيق خطة العمل المرسومة لمجمعنا.

ومن ثم فقد شرفنا بلقاء أصحاب المعالي وزراء الأوقاف والثقافة في العدد من الأوطان، في المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتونس والجزائر والمغرب، وكانت كلها لقاءات مباركة جنى ويجني منها المجمع بإذن الله خيرًا كثيرًا.

وحرصنا خلال هذه السنة على الاتصال بما أمكن من الجامعات الإسلامية، وعقدنا جلسات عمل مع هيئاتها العلمية، وحددنا إمكانات التعاون معها بخصوص الاشتراك في الأعمال العلمية المجمعية، والاستفادة مما تنشره مراكز البحث فيها من كتب التراث، والرسائل العلمية الجامعية المتصلة بالمسائل الفقهية ونحوها.

ص: 18

وربطنا الصلة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الأزهر الشريف بمصر، وجامعة القرويين بالمغرب، وجامعة الزيتونة بتونس، ومركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، والجامعة الإسلامية بماليزيا والجامعة الوطنية بها.

كما ربطنا علاقات وثيقة بالمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وبالموسوعة الفقهية بالكويت، ومؤسسة دار القبلة بجدة، والبنك الإسلامي للتنمية، ومنظمة الطب الإسلامي بالكويت، وبرئاسة المحاكم الشريعة والشؤون الدينية بالدوحة.

وشاركنا في ندوة البركة الثانية للاقتصاد الإسلامي التي انعقدت بتونس، وحضرنا مؤتمر مجمع الحضارة الإسلامية بالأردن، وقدمنا بحثًا في مؤتمر الشريعة الإسلامية في ماليزيا في محرم 1406هـ، وأسهمنا في الملتقى الذي انعقد بجدة في ربيع الأول 1406هـ والذي نظمته رابطة العالم الإسلامي ومنظمة الصحة العالمية حول التغذية، كما قدمنا تقريرًا كتابيًا وعرضًا شفويًا عن المجمع في الدورة الثانية للجنة الوزارية للثقافة والإعلام التي انعقدت في صفر 1406هـ بداكار تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي وبرئاسة فخامة الرئيس عبدو ضيوف رئيس جمهورية السنغال، وقدمنا مثل ذلك أمام اللجنة الإسلامية للثقافة والاقتصاد التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي انعقدت بجدة في ربيع 0الأول 1406هـ.

وسعينا في كل هذه المحافل أن نعرف مندوبي الدول الإسلامية بأعمالنا ونحثهم على دعم مسيرتنا التي تستهدف تحقيق الخير لأمتنا من خلال خدمة شريعتنا المطهرة.

ولعل من المفيد أن نلاحظ بصفة خاصة العلاقات المتميزة التي تربط مجمعكم الدولي الموقر بالمؤسستين العتيدتين مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة، ومنظمة الطب الإسلامي بالكويت.

أما المؤسسة الأولى فإنكم تعلمون جميعًا ولا شك أن مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة قد شرفنا بانتداب أحد أعضائه من العلماء الجلة للعضوية بمجلسكم هذا، وهو إلى جانب مشاركته الإيجابية في نشاطاتنا قد أسهم إسهامًا مرموقًا فيما تجمع لدينا من دراسات وبحوث وفتاوى مما هو الآن بين أيدي حضراتكم.

كما أن مقررات المجمع الفقهي بمكة المكرمة التي لها صلة بموضوعات دورتنا هذه، قد أدرجت ضمن الوثائق المعروضة على حضراتكم لتؤخذ بعين الاهتمام والاعتبار فهي حصيلة جهود عليمة قيمة وأثر مناقشات مستفيضة شاركت فيها ثلة من علماء المسلمين الأجلاء جزاهم الله كل خير.

ص: 19

ومجمعكم أيها الإخوة يشرف من جهته في شخص أمينه العام بتمثيل مؤسساتنا الفتية في المجمع الفقهي بمكة المكرمة، وقد شارك في اجتماعاته في السنة الماضية وهو يعتزم بإذن الله الإسهام في البحوث والدراسات المزمع تقديمها هذا العام أثناء دورته القادمة.

وأما المؤسسة الثانية: فهي المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت، التي تتخذ من تعاليم الإسلام وأصول ديننا الحنيف أرضية لدراستها وتفكيرها، وتعني بالتزام ذلك كله في علاج مختلف الأمراض البدنية والنفسية والوقاية منها، وتقوم بتشجيع العاملين في مجال العلوم الطبية الإسلامية موفقة بين الجهود العلمية الطبية وبين الأحكام الشرعية الفقهية بهدف الوصول إلى رأي سليم موحد في تطبيق ما يستجد من طرق العلاج الطبي الحديث، واختيار وإيجاد البدائل الصحيحة للوسائل والعقاقير المحظور استعمالها إسلاميًا. وقد تمت عدة اتصالات بين المجمع وبين هذه المنظمة عن طريق معالي الدكتور رضا محمد سعيد عبيد عضو مجلس أمنائها ومدير جامعة الملك عبد العزيز.

وقد حرص المجمع بخصوص الموضوعات المعروضة عليه والمتصلة بالطب أو العلاج، أن يتعاون بشأنها مع العلماء والأخصائيين في هذه المنظمة ومن بينهم الأساتذة الأطباء من أبناء المملكة العربية السعودية، وذلك رغبة في الاستفادة من علمهم وتجاربهم وقصدًا إلى تحقيق قدر من التنسيق في المواقف إزاء المسائل المعروضة في وقت واحد على المجمع وعلى المنظمة.

ويصار الآن إلى إيجاد صيغة للتعاون مع المنظمة ومع بعض العلماء في بعض الجامعات لربط برامج الدراسات الطبية بالقيم التي ارتكزت عليها الحضارة الإسلامية وتعاليم الشريعة السمحة. وهو عمل دقيق وطويل نسأل الله أن يوفق مجمعنا إلى إنجازه. كما يستعد مجمعكم للمشاركة بإذن الله في الملتقى الذي تعقده المنظمة بباكستان السنة القادمة وذلك بتقديم بحث حول موضوع الطب والإسلام.

ص: 20

وتنفيذًا للخطة التي رسمها المجمع في اجتماع شعبة التخطيط في شهر شعبان الماضي سعت الأمانة العامة وتسعى في نطاق التعاون مع الدول الأعضاء إلى الاتصال بوزارات الأوقاف والشؤون الدينية ووزارات العدل وذلك لعرض برامج الملتقيات العلمية التي ينوي المجمع عقدها في شكل أيام دراسية على الأولى. وهكذا وقع التفكير في الاستفادة مثلًا من الملتقيات والندوات الإسلامية التي تقوم بها الجزائر سنويًا وخاصة منها ملتقى الفكر الإسلامي. والتفاهم يجري الآن مع الوزارة بشأن تحديد موضوع الندوة، أما الاتصال بوزارات العدل فبقصد أن تتكون لجنة أو لجان فقهية تنظر فيما أعد من مشاريع تقنين الشريعة فتستكمل الجوانب الباقية التي لم تبحث أو تضبط بعد، وتراجع بقية المواد. وعلى هذا الأساس يصبح تطبيق الشريعة ميسورًا في عامة البلاد لا يثير قلقًا ولا يستوجب ترددًا بل يعم نفعه وتدرك على الوجه الدقيق أهميته ونجاعته. وقد بدأ تدوين أحكام الفقه من وقت انتباه العالم الإسلامي لهذا الأمر الجليل، وظهرت محاولات كثيرة مختلفة. ومن أجل ذلك يحرص المجمع اليوم على جمعها كما يطلب من وزارات العدل في الدول الأعضاء كافة أن تمده بما قد يتوفر لديها من مشاريع التقنينات. وقد وصلنا بالفعل من بعض الدول ما زودتنا به منها. وأملنا أن تستحث هذه الدورة بقية الدول الأعضاء لموافاتنا بالمطلوب في هذا الشأن حتى نتمكن من تحقيق الغاية المنشودة.

وقد قام المجمع خلال هذه الفترة القصيرة أولًا بإعداد مكاتب لما قد ينشأ من فرق العمل به في الموسوعة، والمعجم، وللشروع متى أذنتم وسمحت الظروف بإصدار المجلة المجمعية الفقهية الإسلامية التي تكون بحول الله لسانكم الناطق بألوان نشاطكم والناشر لبحوثكم ودراساتكم وفتاويكم وأهم قراراتكم. وثانيًا بتجهيز قاعة للاجتماعات والمؤتمرات ومكتبة تكون نواة لما نقدر أن يكون مثلها للمجمع. ويرجع الفضل في إنجاز ما حققناه من خطوات في هذه السبيل إلى تيسير الله وفضله ثم إلى ثلة من المؤمنين المنقطعين إلى العمل الإسلامي منهم معالي وزير العدل في المملكة العربية السعودية الذي تكرم بتزويدنا بعدد من الكتب القيمة، وسماحة مدير رئاسة إدارات البحوث العليمة والإفتاء والدعوة والإرشاد في الرياض، ومعالي الدكتور عبد الله التركي مدير جامعة محمد ابن سعود الإسلامية، ومعالي الدكتور رضا محمد سعيد عبيد مدير جامعة الملك عبد العزيز، ومعالي الدكتور راشد الراجح مدير جامعة أم القرى، ومعالي الدكتور صالح بن عبيد مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ومعالي الدكتور الأحمدي أبو النور وزير الأوقاف في جمهورية مصر العربية، ومعالي الدكتور عبد الكبير المدغري وزير الأوقاف في المغرب، ومعالي الشيخ عبد الله الأنصاري رئيس إدارة إحياء التراث الإسلامي بقطر، فكلهم تكرموا جزاهم الله خيرًا بتزويد مكتبتنا ووضع النواة الأولى لها. ولا يفوتني في هذا المقام أن أشكر كلًا من دولة قطر، وسلطنة عمان، وجمهورية إيران الإسلامية، ومجمع اللغة العربية بمصر ووزارة الثقافة بتونس، على ما زودوا به المجمع من كتب ومراجع هامة مختلفة، وأريد هنا أن أخص بالذكر والثناء معالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية لما وجدناه لديه من تفهم ولما قدمه لنا من مساعدة، وذلك حيث خصص للمجمع مبلغ ستين ألف ريال سعودي اقتنينا حتى الآن بنصف المبلغ منها كتبًا هامة إسلامية ومتخصصة وجدناها متوفرة في السوق السعودية.

ص: 21

أصحاب المعالي والسماحة

حضرات السادة

إن ما سبق عرضه من أعمال لا يعدو أن يكون خطوات أولى على درب طويل يتطلب اجتياز مراحله جهدًا متواصلًا ودعمًا كبيرًا وقويًا على قدر نبل الغايات التي نهدف إلى تحقيقها جميعًا.

وإنكم لتدركون حق الإدراك أن إنجاز المشاريع العلمية الأساسية للمجمع ونهوضه بالمهمات الموكلة إليه أمر جليل وبعيد، جليل لما فيه من خدمة للمجتمعات الإسلامية، وبعيد لعدم توفر ما يحتاج إليه من موارد وإمدادات، ولا يتسنى إدراك الغايات السامية من تأسيس هذا المجمع إلا بتوفر الإمكانات المادية. وهذا للأسف ما يقوم اليوم في طريقنا عقبة كأداء يتعين علينا أن نتعاون جميعًا على تخطيها. وإنكم لتلاحظون في التقرير المالي الذي بين أيديكم أن المجمع لم يتلق من الإسهامات الإلزامية في ميزانية عامه الأول إلا نسبة سبعة عشر بالمائة مما هو مقرر له من قبل الدول الأعضاء في مؤتمر وزراء الخارجية الخامس عشر بصنعاء، وهذه النسبة الضعيفة مما حصل عليه لا تفي حتى بالتكاليف الإدارية الأساسية. لذلك فإني أهيب بكم جميعًا أن تكثفوا السعي مشكورين لدى حكوماتكم الموقرة لدعم المجمع، فيستطيع بحق أن يضطلع برسالته الدقيقة ويسهم في إنارة سبيل المسلمين في حياتهم اليومية ويجمع كلمتهم على الخير والعمل الصالح.

وإنه ليسعدني في ختام هذا العرض أن أعرب لكم جميعًا عن جزيل الشكر والثناء وعظيم الامتنان لما تجشمتموه من مشقة السفر ومتاعبه من أجل حضور هذه الدورة ولما أعددتموه من دراسات وبحوث وفتاوى تعرضونها على مجلس المجمع، وتتولون بحسن عنايتكم وسديد نظركم مناقشتها وتحريرها. وإني لأقول لحضراتكم: نزلتم سهلًا برحاب مجمعكم في هذه الأرض المباركة الطيبة، ولقيتم أهلًا يعرفون فضلكم ويقدرون منزلتكم.

وإني باسم المجمع وباسمكم جميعًا يشرفني أن أشيد بالتسهيلات التي وفرتها للقائنا هذا، حكومة صاحب الجلالة الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله، وأخص بالذكر منها ما قدمه لنا من رعاية صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، وما وجدناه من مختلف الإعانات من صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ومن إدارته، بالرياض وجدة. فإليهم جميعًا أرفع باسمكم آيات الشكر والعرفان والتقدير والامتنان. والله أسأل أن يوفق أعمالنا ويسدد خطانا لخدمة الإسلام والمسلمين وإعلاء كلمة الدين. وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وصلى الله على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 22