المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الثاني

- ‌كلمة معالي سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌كلمة معالي الدكتور بكر أبو زيد

- ‌كلمة معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمة معالي الدكتور أحمد محمد علي

- ‌كلمة معالي الدكتور عبد الله عمر نصيف

- ‌كلمة سعادة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌زكاة الديونلفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الديونفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسىوفضيلة الدكتور عبد الحليم محمود الجندي

- ‌زكاة المستغلات العمارات والمصانع ونحوهافضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌زكاة المستغلاتفضيلة الدكتور علي احمد السالوس

- ‌أطفال الأنابيبفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌وثائق مقدمة للمجمعالحكم الإقناعي في إبطال التلقيح الصناعيوما يسمى بشتل الجنينالشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌بنوك الحليبفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي

- ‌بنوك الحليبالدكتور محمد علي البار

- ‌أجهزة الإنعاشالدكتور محمد على البار

- ‌الإنعاشفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌التأمين وإعادة التأمينفضيلة الشيخ رجب التميمى

- ‌خلاصة في التأمينالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌عقود التأمين وإعادة التأمين في الفقه الإسلاميدراسة مقارنة بالفقه الغربيفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌التأمين وَإعادة التأمينالشَيخ مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمَة للمؤتَمرالتأمين وَإعادة التأمينالشَيخ عبٌد الله بن زيد آل مَحمُود

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌حكم التعامل المصرفي المعاصر بالفوائدفضيلة الدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةالدكتور وهبة الزحيلي

- ‌أحكام التعامل في المصارف الإسلاميةفضيلة الشيخ محمد على عبد الله

- ‌بداية الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد على التسخيري

- ‌توحيد بدايات الشهور العربيةفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌رسالة بلغة المطالع في بيان الحساب والمطالعفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور

- ‌بدايات الشهور العربية الإسلاميةلفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌حول اعتماد الحساب الفلكيلتحديد بداية الشهور القمريةهل يجوز شرعا أو لا يجوز؟مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌وثائق مقدمة المجمعاجتماع أهل الإسلام على عيد واحد كل عاموبيان أمر الهلال وما يترتب عليه من الأحكامفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور بكر أبو زيد

- ‌دراسة حول خطابات الضمانللدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌خطاب الضمانفضيلة الدكتور زكريا البري

- ‌‌‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌خطاب الضمَانفضيلة الدكتور عَبد الستار أبو غدة

- ‌آراء حَول خطاب الضمَانفضيلة الشيخ محمد على التسخيرى

- ‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

الفصل: ‌جواز أخذ الأجر أو العمولةفي مقابل خطاب الضمانلفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

‌جواز أخذ الأجر أو العمولة

في مقابل خطاب الضمان

لفضيلة الشيخ / أحمد على عبد الله

أيا كان تكييف خطاب الضمان فلا اختلاف بين المعاصرين في جواز أخذ العمولة على إصدار خطابات الضمان باعتبارها خدمة من الخدمات المصرفية التي يؤديها البنك – كما يؤدى غيرها – ويأخذ في مقابلها أجرا مسمى. وليس في هذه المسألة خلاف، بل هي من البداهة بحيث لا تحتاج إلى بحث.

الأجر على الضمان نفسه:

أما جواز أخذ قدر زائد من الأجر على مصروفات الضمان الأصلية أي أجر في مقابل تقديم الضمان كخدمة من قبل الضامن – فهو محل الخلاف الكبير بين الفقهاء المعاصرين. وسنوجز في الأسطر التالية النظرية السائدة حتى الآن ثم نتبعها بنتائج هذا البحث.

لقد أصبح من المعلوم الآن أن خطاب الضمان ما هو إلا نوع من أنواع الضمان أو الكفالة بالمال. وهو يقضي بتحمل الضامن للالتزام المضمون به أو أي جزء منه في حالة عجز المضمون عن سداده في وقته وبناء على شروطه.

وجمهور الفقهاء-بل هناك من يقول بالإجماع – ينصون على أن الضمان يجب أن يكو محض معروف. وبما أنه تبرع فلا يجوز أن يأخذ الضامن عليه أجرًا.

حكى الحطاب: عن الأبهري قال: لا يجوز ضمان بجعل لأن الضمان معروف وفعل خيركما لا يجوز على صوم ولا صلاة لأن طريقها ليس لكسب الدنيا.

وقال مالك: لا خير في الحمالة بجعل (1) والحمالة هي الكفالة والضمان.

حكى ابن عرفة عن اللخمى: الضمان بجعل لا يجوز – ابن القطان عن صاحب الاسناد (2) .

وقال الدردير: (وأما صريح ضمان يجعل فلا خلاف في منعه لأن الشارع جعل الضمان والجاه والقرض لا تفعل إلا لله تعالى فأخذ العوض عليها سحت (3) .

(1) مواهب الجليل 5/111.

(2)

مواهب الجليل ص 113.

(3)

الشرح الكبير مع حاشية الدسوقى) 3/ 77

ص: 959

وحكى الطبري: (ولو كفل رجل على رجل بمال عليه لرجل على جعل جعله له المكفول عليه فالضمان على ذلك باطل. ولا يلزم الضامن للمضمون له شيء أن كان ضمن له ما ضمن على شرط جعل الذي عليه المال أو على المضمون له

) (وهكذا قول أبي حنفية وأصحابه)(1) .

والنصوص ناطقة بعدم جواز أخذ الأجر على الضمان. وبما أن خطابات الضمان نوع من الضمان والكفالة، فينطبق عليها الحكم وبالتالى لا يجوز أخذ اجر على الضمان باعتباره ضمانا.

خطابات الضمان بغطاء كلى أو جزئى:

إن خطاب الضمان قد يكون بغطاء أو بغير غطاء وأن الذي بغطاء قد يكون غطاؤه كليا أو جزئيا. وعليه فقد كيّف الفقهاء المعاصرون خطابات الضمان ذات الغطاء الكلي أو الجزئي بأن فيها جمعا بين الكفالة والوكالة. فهي كفالة باعتبار أصلها، وهي وكالة لأن المضمون قد دفع قيمة الضمان كليا أو جزئيا. فأصبح الضامن وكيلًا عنه في العلاقة التي تحكم المضمون بالمضمون له. إذ من خلاله سيفي المضمون بالتزاماته. وبما أن هذه العلاقة تضمّنت الوكالة والكفالة في أن واحد ومعلوم أن الكفالة لا يصح أن يؤخذ عليها أجر. اما الوكالة فيجوز أخذ الأجر عليها. وعليه يجوز أخذ الأجر على خطابات الضمان بغطاء.

يقول ابن قدامه: ويجوز التوكيل بجعل وغير جعل فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكّل أنيسا في إقامة الحد وعروة في شراء شاة وعمرا وابا رافع في قبول النكاح بغير جعل. وكان يبعث عماله لقبض الصدقات ويجعل لهم عمالة (2) .

ويقول ابن جزى: تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة، فإن كانت باجرة فحكمها حكم الإجارات، وإن كانت بغير أجر فهو معروف من الوكيل (3) .

وبما أنه يجوز من الناحية الشرعية أخذ الأجر على الوكالة فكذلك يجوز أخذ الأجر على الضمان إذا كان بغطاء جزئى أو كلى.

(1) اختلاف الفقهاء لمحمد بن جرير الطبري ص 9.

(2)

المغنى 5/210- 211

(3)

قوانين الأحكام الشرعية 345

ص: 960

وأعنى بالأجر هنا الأجر الزائد على مجرد المصروفات البنكية كما أوضحت سابقا. ولذلك نصّت فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي على الآتى: -

(لا يجوز للبنك أن يأخذ أجرًا في الحالة التي يكون فيها خطاب الضمان بغير غطاء إذا كان هذا الأجر نظير خطاب الضمان لأنه يكون قد أخذ أجرًا على الكفالة وهو ممنوع لأن الكفالة من عقود التبرعات. قال الحطاب: ولا خلاف في منع ضمان بجعل لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل إلا لله بغير عوض فأخذ العوض عليه سحت وعلّل ابن عابدين بأن الكفيل مقرض في حق المطلوب وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه فهو باطل لأنه ربا)(1) .

وجاء في الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: وبالنظر إلى هذا النوع من التعامل المصرفي – أي خطابات الضمان- وغحالته للعقود الشرعية الواردة في كتب الفقه فإنه يمكن رده إلى نوعين من العقود التي طرقها الفقهاء هما الكفالة والوكالة. وأخذ الأجرة على الوكالة جائز في الشريعة الإسلامية. (2) .

وهذا يعنى أن الضمان إذا كان بغطاء كلى أو جزئى يجوز أخذ الأجر عليه أما إذا كان بغير غطاء فلا يجوز عند هؤلاء.

(1) الفتاوى الشرعية

(2)

الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية المجلد الأول الجزء الشرعى 485

ص: 961

المذهب الثانى:

هناك من يرىجواز أخذ الأجر على الضمان نفسه سواء كان بغطاء أو بغير غطاء.

وينقسم هؤلاء إلى فريقين: -

(أ) فريق يرى أخذ الأجر على الكفالة بناء على أن بعض الفقهاء أجاز أخذ الأجر في مقابل الضمان الذي يترتب عليه استخدام الضامن جهدا ولو قل. تبنّت هذا الرأي ودافعت عته الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية حيث جاء فيها: -

(أما إذا قلنا بجواز أخذ الأجرة على الكفالة فإن هناك من العلماء من يجيز أخذ الأجر مقابل الضمان ما دام الضمان يترتب عليه استخدام جهد ولو كان ذلك الجهد مجرد مشى أو حركة. والضمان شقيق الجاه فإن تطور الحياة الاقتصادية أدى إلى اجتهاد بعض الفقهاء في جواز أخذ الأجر مقابل الضمان. فقد ذكر الهيثمى أن المحبوس ظلما إذا قال لمن يقدر على خلاصه: أن خلصتني فلك كذا، بشرط أن يكون في ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا) .

وفي حاشية الشرواني: أفتى المصنف بأنها جعالة مباحة وأخذ عوضها حلال.

ص: 962

ونقل النووي قول القفّال في الفتاوى: فيمن أراد استئجاره للخروج إلى بلد السلطان والتظلم للمستأجر وعرض حاله في المظالم. فقال: يستأجره من كذا ليخرج إلى موضوع كذا ويذكر حاله في المظالم ويسعى في أمره عند من يحتاج إليه فتصح الإجارة لأن المدة معلومة وإن كان في العمل جهالة.

وقد روي عن الشافعي أنه قال: ليس من الرشوة بذل مال لمن يتكلم مع السلطان مثلا في جائز فإن هذا جعالة جائزة.

وفي حاشية الدسوقى: قال أبو على المسناوي: محل منع الأخذ على الجاه إذا كان الإنسان يمنع غيره بجاهه من غير مشي ولا حركة وأن قول المصنف (وذي الجاه) مقيد بذلك أي من حيث جاهه فقط كما إذا احترم زيد مثلًا بذي جاه ومنع من أجل احترامه، فهذا لا يحل له الأخذ من زيد. ولذا قال ابن عرفة: يجوز دفع الصنيعة لذي جاه في حالة الضرورة أن كان يحمي بسلاحه فإن كان يحمي بجاهه فلا، لأنها ثمن الجاه وبيانه أن ثمن الجاه إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب ولا يجوز على الإنسان أن يذهب مع كل واحد.

وفي المعيار: سئل أبو عبد الله القوري عن ثمن الجاه فأجاب بما نصه: اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه. فمن قائل بالتحريم باطلاق، ومن قائل بالكراهة باطلاق، ومن مفصل فيه. وأنه إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة أو مشقة أو مسعى فأخذ أجر مثله فذلك جائز، وإلا حرم.

ص: 963

ومثل ذلك عن ابن عبد الله العبدوسي عمن يحرس الناس في المواضع المخيفة ويأخذ منهم على ذلك فأجاب: ذلك جائز بشرط أن يكون له جاه قوي.

وقد صح الحديث عن أخذ الجعل على رقية من القرآن. قال ابن تيمية: ولا بأس بجواز أخذ الأجر، على الرقية، نص عليه أحمد. فإذا كان يصح أخذ الجعل على الرقية من كتاب الله. وصاحب الرقية لا يبذل جهدًا كبيرًا. فلماذا لا يجوز أخذ الأجر في عملية خطاب الضمان الذي يترتب عليه جهد وعمل

(1) .

وبالرجوع لهذه النصوص والنقول اتضح أنها صحيحة. أما أنها تدل على جواز أخذ الأجر على الضمان كما أراد لها مؤلفو الموسوعة أم لا فذلك ما سنأتى له بعد قليل.

(ب) والفريق الثاني يرى جواز أخذ الأجر على الضمان باعتبار أن التعهد الذي يشتمل عليه خطاب الضمان يعزز قيمة التزامات العميل المضمون وبذلك يكون خطاب الضمان عملا محترما يصح أخذ أجر أو عمولة أو جعل عليه.

تبنى هذا الرأي محمد باقر الصدر ويبسطه كالآتى: -

(ولما كان تعهد البنك وضمانه للشرط يطلب من الشخص المقاول فيكون الشخص المقاول ضامنا لما يخسره البنك نتيجة لتعهده. فيحق للبنك أن يطالبه بقيمة ما دفعه إلى الجهة التي وجه خطاب الضمان لفائدتها، ويصبح للبنك الحق في أن يأخذ عمولة على خطاب الضمان هذا، لأن التعهد الذي يشتمل عليه هذا الخطاب يعزز قيمة التزامات الشخص المقاول. وبذلك يكون عملا محترما يمكن فرض جعالة عليه أو عمولة من قبل ذلك الشخص)(2) .

هذا ملخص ما جاء في جواز أو عدم جواز أخذ أجر على الضمان عمومًا وخطابات الضمان على وجه الخصوص.

(1) الموسوعة 5/ 488 وما بعدها

(2)

البنك اللا ربوي في الإسلام ص 131

ص: 964

مناقشة حجج المانعين للعوض

دعوى أن الضمان محض معروف:

أسست فكرة عدم أخذ الأجر على الضمان أو الكفالة على أن الضمان أو الكفالة محض تبرع ومعروف، ولذلك لا يجوز أخذ الأجر عليه. وهذه الدعوى أصبحت من المسلمات الفقهية، ويبدو لى أنها في واقع الأمر ليست كذلك. وأنها حجة ليست بقاطعة في موضوعها ولا قوية في مضمونها.

(أ) فمثلا قاس البهري الكفالة على الصلاة والصوم في عدم أخذ الأجر على كل. وصحيح أن الصلاة والصوم واجبان على العهد. المكلف يؤديهما لله سبحانه وتعالى. وهو واجب يثاب العبد على أدائه ويعاقب في الدنيا والآخرة على تقصيره كما هو معلوم. فالصلاة والصوم واجبان على كل مكلف، فلا أدري ما هو وجه الشبه وما هي العلة أو الحكمة المشتركة حتى نعطيهما حكما واحدا. بل الظاهر أن بينهما قياسا عكسيا لا طرديا وعليه فإذا منع الأجر في الصلاة والصوم لأنهما واجب فينبغى أن يجوز في الضمان لأنه غير واجب على الإنسان. فقد يحتاج المضمون إلى هذا الجعل (الضمان) ولا يجد من يتبرع له فيستأجر عليه لئلا تفوت منفعته ومصلحته. وفي عبارة الدسوقى في الموسوعة ما يفيد أن الجاه وبالتالى الضمان واجب وبذلك يمكن قياسه هنا على الصلاة والصوم. ولكنه سرعان ما نفي ذلك بقوله:

(وبيانه أن ثمن الجاه إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب ولا يجب على الإنسان أن يذهب مع كل أحد) .

ص: 965

هذا، ومع التسليم بان الأصل في الصلاة والصوم أن تؤدى كواجب إلا أنه يجوز تشجيع الإنسان على الصلاة والصوم بالنفع المادي فذلك غير محرم بل قد يكون مندوبا إليه، ولكن من حيث الأصل لا يجوز أخذ العوض المادي لها.

(ب) ومن ناحية أخرى يقول الدردير: إن الشارع جعل الضمان والجاه والقرض لا تفعل إلا لله تعالى، فأخذ العوض عليها سحت. ومعلوم أن الشارع قد جعل القرض تبرعا لا يفعل إلا لله، وأنه منع أخذ الجر عليه وجعل ذلك ربا. وكان كل قرض جرّ منفعة فهو ربا. فالعبارة صحيحة بالنسبة لكل من جوز ولكن الفقيه أعلم ما لم يرد نص شرعى يحرم العوض في الضمان أو الجاه. بل أن جمهور الفقهاء يجوزون أخذ العوض المادي وغيره في كثير من أوجه التبرع وحتى في أخصها كالهبة.

الهبة:

الهبة هي أساس عقود التبرعات. ولكن أجاز الجمهور فيها العوض وهو ما يعرف بهبة الثواب.

يقول ابن رشد: وأما هبة الثواب فاختلفوا فيها أجازها مالك وأبو حنيفة ومنعها الشافعي.. (1)

ويقول ابن جزي في أنواع الهبة: والثالث هبة الثواب على أن يكافئه الموهوب له وهي جائزة خلافا للشافعي. (2)

قال الحصكفي: الهبة شرعا (تمليك العين مجانا) أو بلا عوض لأن عدم العوض شرط فيه. قال ابن عابدين: هي كائن بلا شرط عوض على أن معنى العوض فيها غير شرط بخلاف البيع والإجارة (3) .

(1) بداية المجتهد 2/ 284

(2)

قوانين الأحكام الشرعية 386

(3)

حاشية ابن عابدين 5/ 687

ص: 966

فالأصل في الهبة أن تكون تبرعا ومعروفا ومجانا ولكن يجوز فيها فوق ذلك عند الجمهور أن تكون بعوض مادي. فإذا صح ذلك في الهبة وهي أصل تصرفات التبرع ففيما سواها ينبغى أن يكون أجوز.

الوكالة:

إن التصرف الواحد قد يكون من عقود المفاوضات وعقود التبرعات في آن واحد. والوكالة أوضح مثال لهذه الازدواجية. قال ابن جزي: تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة فإن كانت بأجرة فحكمها حكم الاجارات. وإن كانت بغير أجرة فهو معروف من الوكيل (1) . ولقد سبقت عبارة ابن قدامة في هذا المعنى حيث بينت أن الوكالة تجوز بأجر وبغير أجر.

واحسب أن الضمان يمكن أن يكون من هذا القبيل هو الأصل فيها أن تكون تبرعا.. ولكنها ليست بواجب على أحد. فإذا اشترى مؤديها عوضا لها جاز له ذلك دون تأثير على أنها في الأصل تبرع كالهبة. وبذلك يتضح لنا جليا أن الحكم على عدم جواز الأجر على الضمان باعتباره عقدا من عقود التبرعات حكم لا يسنده دليل. إذ اتضح أن كون العقد أو التصرف من قبيل التبرع لا ينفي عنه العوض. كل ما هناك أن العوض فيه ليس بشرط. كما يقول ابن عابدين. ولكن إذا شرط العوض فيه جاز.

وينبغى أن ننبه إلى أن معظم التصرفات السائدة في مجتمعنا اليوم باعتباره من قبيل التبرعات وتعتبر من وجوه التكافل في المجتمع المسلم كالمساعدات في الأفراح بأنواعها والأتراح بأنواعها إنما هي مبنية على معنى هبة الثواب – أي تبرعات بعوض وصحيح أن العوض ليس مشروطا فيها ولكنه معروف عرفا مستقرا. ونحن نعلم أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.

(1) قوانين الأحكام الشرعية 344- 345

ص: 967

فأرجو أن أكون قد وفقت إلى تبيان أن كون الضمان من عقود التبرعات لا ينافي – استنادا إلى أي نص تشريعي أو معنى فقهي – أخذ العوض أو الأجر عليه.

أخذ الأجر: سلف جر منفعة:

علل ابن عابدين – في عبارته السابقة ضمن فتوى بنك فيصل – عدم جواز الأجر على الضمان بأن الضامن مقرض للمضمون. فإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له زيادة على ما أقرضه وهو ربا.

ونقول ردا على ذلك أن الضمان ليس بقرض. ولا أحسب أن أحدا عدّ الضمان وجها من وجوه القرض. والضمان كما هو معروف عن المالكية- وهو المعنى المتمشى مع مفهوم خطابات الضمان والمتمشى أيضا مع القانون السوداني – وهو التزام بالوفاء بما في ذمّة المضمون: -

1-

عند حلول أجل الالتزام أو ما في حكمه.

2-

وعند عجز المضمون عن الأداء.

والقرض بالمقابل لا ينعقد مضافا إلى زمن ولا معلقا على شرط كما هو الشأن في الضمان. صحيح أنه إذا حلّ الأجل وعجز المضمون عن الأداء كان للمضمون الحق في أن يطالبه بالأداء. فإذا طالبه وأدى، فإنما يؤدى ما عليه من التزام مباشر تجاه المضمون له دون وساطة المضمون. ويجب عليه أن يفي بهذا الالتزام حتى وإن تحقق عسر المضمون أو موته. فإذا قلنا إنه قرض فهو غير مختار في إقراضه وقت الأداء، وإذا قلنا إنه قرض فهو غير مقرض للمضمون الذي توفي وليس في تركته وفاء. وكل هذه المعانى تنافي معنى القرض ابتداء وانتهاء.

ص: 968

ومع ذلك فللضامن –إذا أدى الالتزام بناء على عقد الضمان – الرجوع على المضمون إذا كان ذلك ممكنا. ولكنه رجوع نشأ عن تنفيذ الالتزام السابق ولم ينشأ عن قرض بين الضامن والمضمون.

وفي الختام نقول أن عقد الضمان عقد اسيثاق وليس عقد قرض. فإنه وإن شابه القرض في وجه فقد خالفه في وجوه كثيرة. ثم أن الأصل في عقود الاستيثاق توقع وفاء المضمون وأن الاستثناء هو تنفيذ الالتزام على عقد الاستيثاق. والحكم يبنى على الغالب لا على الاستثناء. وعليه، فإن أخذ الأجر على الضمان لا يدخل تحت محظورات كل قرض جر منفعة فهو ربا لأن الضمان ليس بقرض. ومع ذلك فقد يصح هذا القياس وتثار الشبهة لو طلب الضامن العوض أو الأجر عند وفائه بالتزام الضمان. أما اشتراط العوض ابتداء فليس من القرض في شيء كما قدمنا.

هذه ثلاث حجج اعتمد عليها الفقهاء في حكمهم بعدم جواز أخذ الأجر على الكفالة. واتضح لنا أن هذه الحجج لا تقوى دليلا على ذلكم الحكم. فما الذي دفع الفقهاء إلى الانقياد والتسلم بذلك.

في تقديري أن الذي قادهم لذلك ودفعهم إلى التسليم به هو العرف العملي. فالمعاملات كانت بسيطة وتتم في أسواق محصورة وبين الناس يعرف بعضهم بعضا، ولم تتسع المعاملات وتتعقد بالصورة التي عليها اليوم من حيث حجم العمل ومن حيث المدى الجغرافي بحيث يضطر الإنسان إلى أن يتعامل مع أشخاص ومؤسسات في الداخل والخارج وهو لا يعرفهم. بل يتم التعامل عن طريق المراسلات في كثير من الأحيان.

وحتى الوكالة فيبدو أن العرف فيها كان يجرى على اعتبارها عقد تبرع ثم لما تطورت أعراف الناس تجاريا بدأت تدخل الوكالة بأجر شيئا فشيئا حتى أضحت اليوم أمرًا عاديًا وأن الوكالة بأجر صارت هي الأصل.

ص: 969

وهو نفس العرف الذي لم يكن الناس يسوّقون به أخذ الأجر على تعليم القرآن وعلوم الشريعة فلما انقطع الناس لذلك وأصبحت لهم مهنة أجازوه دون أدنى حرج. وهو نفس العرف الذي دفع الحنفية إلى عدم اعتبار المنفعة مالا وخالفهم في ذلك الجمهور.

وما الضمان إلا واحد من هذه التصرفات التي مشى فيها الفقه بناء على العرف. وحيث أن العرف قد تبدّل اليوم كثيرًا فلا مناص من النظر في امر الضمان لاستنباط الحكم الذي يلائم حاجة ومصلحة الجماعة المسلمة.

ومما يدل على أن الحكم بعدم جواز أخذ الأجر على الضمان لم يكن صحيحا على إطلاق ما ثبت من بعض الفقهاء جوّزوا صورا من أخذ الأجر على الضمان تمشيامع تبريرات التعامل التي واجهتهم من ذلك مثلا:

في الخطاب:

1-

وفي التوضيح إذا كان رب الدين أعطى المديان شيئا على أن يعطى جميلًا فأجازه مالك وابن القاسم وأشهب وغيرهم. وعن اشهب في العتبية أنه لا يصح وعنه أيضا أنه كرَهه. وقال اللخمى وغير الجواز بين (1) .

2-

وقال ابن غازى أن الجعل لو كان من رب الدين للمديان لصح فأحرى إذا كان من غيره (2) .

3-

ولابن القاسم في العتبية لا بأس أن نقول: خذ هذه العشرة دنانير وأعطنى بما عليك حميلا ورهنا وعلى أحد أقوال مالك لا يجوز (3) .

4-

ولمحمد عن أشهب: من له على رجل عشرة دنانير لأجل فاسقط عنه قبل الأجل دينارين على أن يعطيه بالباقى رهنا أو حميلا فلا بأس به. وقال ابن القاسم لا يجوزه اللخمي لأن أخذه الحميل خوف عسر الغريم عند الأجل فيجب تأخيره فأخذه الحميل بما ضع مثل: ضع وتعجل (4) .

هذه النصوص تفيد بصورة أو أخرى أنه يجوز للغريم أي المدين أن يأخذ عوضا أو أجرا من الدائن على أن يقوم هذا الغريم بتقديم كفيل أو ضامن بالدين الذي عليه، طبعا على اختلاف بينهم على هذا الجواز وعدمه، وعلى اختلاف بين المجيزين في درجة جوازه. فلم جوّزوا العوض للغريم والضمان في تقديرهم ما زال من عقود التبرع. ولم جوزوه للغريم ولم يجّوزوه في حق الضامن الذي يتولى المسؤولية؟ أحسب أنهم أحسوا بالحاجة للضامن. ولم يروا أن يصادموا الحكم العام بعدم جواز الأجر على الضمان، فجعلوا العوض للمدين مع أن الدائن يستفيد من ضمان الضامن لا من المدين. فهو عندما دفع يريد أن يستوثق لحقه ويحصل على هذا الاستيثاق بتحرير الضمان لصالحه، فما يسعى له ويشتريه هو الضمان وهو المقابل لما دفعه من أجر. وليس هو شيئا عند المدين، لأنه لو رضي بالمدين فلا حاجة له بدفع العوض لأن الحق متعلق بذمته ابتداء.

(1) مواهب الجليل 5/ 112

(2)

5/113مواهب الجليل

(3)

مواهب الجليل 5/113

(4)

مواهب الجليل 5/113

ص: 970

وأظن أن إدخال عملية الوكالة هنا – وعلى فرض وجودها – مجرد حيلة لتجويز الأجر على الضمان. فإذا رأي الفقهاء أن هناك مقتضى لأخذ الأجر على الضمان فالأصلح أن يقرره مباشرة لا أن يتحيّلوا عليه بفرض ألا يطرد في حين أن الحاجة إلى العوض قد تطرد وبفرض الا يكون جزءا من الضمان.

5-

ولمحمد عن مالك وابن القاسم وأشهب وغيرهم: من قال لرجل ضع من دينك عند فلان وأتحمل لك بباقيه لأجل آخر، لا باس به لأن له اخذه بحقه حالًا. وروى أشهب عنه جوازه وكراهته. وقال مالك في العتبية: لا يصح كمن قال: أعطني عشرة دراهم وأتحمل لك، فالحمالة على هذا حرام والأول أبين (1) .

وها هنا يقول الضامن لصاحب الدين: ضع من دينك عن فلان وسأتحمل لك بباقيه إلى أجل آخر. فذلك لا باس به. ولكنه كالأمثلة الأولى فالمنفعة فيه وإن كانت مشروطة من قبل الضامن إلا أنها تذهب لصالح المضمون. وكل هذه الأمثال فيها أجر على الضمان ولكنه بدلا من أن يتحرك من المضمون للضامن من تحرك العوض من المضمون له إلى المضمون. وفيها شراء من قبل رب الدين للضامن بعوض فإذا جاز ذلك هنا وفيها ضيعة من الدين في مقابل الضمان فلم لا تجوز هناك يا ترى؟

(1) مواهب الجليل 5/ 133

ص: 971

أخذ الأجر مع الغطاء ومنعه مع عدم الغطاء:

ذهب بعض المجتهدين – كما رأينا في الموسوعة وفتوى بنك فيصل السوداني –إلى جواز أخذ الأجر على الضمان إذا كان خطاب الضمان مغطى بغطاء كليث أو جزئي. ومنعوا أن يؤخذ على خطاب الضمان أجر إذا لم يكن ثمّة غطاء. وبنوا ذلك - كما قدمنا – على أساس أن خطاب الضمان إذا بغطاء فإنه يشتمل على ضمان ووكالة، ويجوز الأجر على الوكالة ولذلك يجوز الأجر على خطاب الضمان في الجملة.

هذا الحكم يفيد أن العميل الذي يطلب خطاب ضمان من بنك التضامن مثلا لالتزامه تجاه بيت التمويل الكويتى في حدود مليون دولار لمدة ستة أشهر – يفيد أن هذا العميل يمكن أن يدفع أجرًا على خطب الضمان إذا كان الخطاب بغطاء كامل أو كان بغطاء جزئي. بمعنى أنه عندما يدفع للبنك كل قيمة الضمان أو جزءا منها – فتبقى عند البنك ويستفيد منها حتى يحل من أجلها – عند ذلك يجوز لهذا البنك أن يأخذ أجرا والحال أنه ليس ثمّة خطرعليه في حالة الغطاء الكامل، وقل خطره في حالة دفع الجزء. وعندما لا يدفع شيئًا فيزداد خطره يحرم من أخذ الأجر. فلماذا هذه التفرقة غير المنطقية؟ قيل لأنه عندما يدفع قيمة الضمان أو جزءا منها يكون وكيلًا ويجوز الأجر على الوكالة. ومهما يكن من أمر فإن الوكالة ليست شرطا في عملية الضمان. فإذا وردت تبعا ومصاحبة للضامن فيصح أخذ الأجر عليها باعتبارها وكالة منفصلة عن الضمان. ولا يعد أجرها أجرًا للضمان. ولكن سيظل وكيلًا في بعض حالات عقد الضمان، وخاصة في خطابات الضمان، لأن دفع الأقساط كثيرًا ما يتم عن طريق الجهة الضامنة وهي تقوم بذلك عن طريق الوكالة عندما يدفع لها المضمون قسطًا كما هو الحال عند دفع القسط مقدما. فليس ثمّة تفرقة بين الحالين. ففي كليهما يكون البنك – الضامن – وسيطا يتم من خلاله تنفيذ الالتزام. فإذا جاز الأجر في الأول كان جائزًا في الثاني، وعليه فلا أرى ثمة تفرقة حقيقية بين الصورتين حتى يجوز الأجر في الأولى ولا يجوز في الثانية. بل عن جوازه في الأولى ينافي كل منطق.

بذلك تنتفي – في تقديرى – كل الحجج التي اعتمد عليها المانعون لأخذ الأجر على خطابات الضمان. فماذا عن حجج المجوّزين؟

ص: 972

الذين بنوا جواز أخذ الأجر بناء على جوازه في الجاه:

النصوص العامة في الفقه الإسلامي تفيد أنه لا يجوز أخذ الأجر على الجاه والضمان. ولكن فريقا من الفقهاء المعاصرين قالوا بجواز أخذ الأجر على الجاه بناء على أقوال لبعض الفقهاء المتقدمين كما قدمنا. غير أن أقوال المتقدمين تتحدث عن جواز الأجر على الجاه بشروط. فهل أولًا الضمان كالجاه – كما قالوا: أن الضمان شقيق الجاه؟ وأحسب أن القياس صحيح. فالضمان والجاه يتمخضان عن معنى واحد. فالشخص الذي يتحلى بسمعة طيبة مبنية على درجة وفائه بإلتزاماته هو الذي يقبل ضامنًا. وبذلك يكون له وجه مقدّر عند الآخرين فيقبلون كلمته. فالجاه والضمان إذن بمعنى واحد.

ولكن معظم النصوص التي أوردها أصحاب هذا الرأي لا تسند حجتهم فكلها تتحدث عن عمل مادي، إما عمل معلوم فيكون إجارة أو عمل مجهول فتكون جعالة بل فيها نفي للأجر على الوجاهة إلا إذا ارتبط به عمل. فيكون الأجر إذن للعمل لا للوجاهة. وعليه فإن النصوص المستدل بها لا توصل إلى جواز أخذ الأجر على الوجاهة ومن ثّم على الضمان. ونأخذ هنا المثل العام على ما قررنا: جاء في حاشية الدسوقي: وفي المعيار سئل أبو عبد الله القوري عن ثمة الجاه فأجاب بما نصه اختلف علماؤنا في حكم ثمن الجاه فمن قائل بالتحريم بإطلاق ومن قائل بالكراهة بإطلاق ومن مفصّل فيه وأنه أن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر فأخذ أجر مثله فذلك جائز وإلا حرم. (1)

(1) حاشية الدسوقى 3 /224

ص: 973

والفريق الثاني يرى في عملية الضمان أنها خدمة محترمة يقدّمها الضامن فيعزز بها قيمة التزامات المضمون. وبما أنها خدمة محترمة ومقوّمة شرعا فيجوز أخذ الأجر عليها. وهذا تخريج وجيه في تقديرى يعززه:

1-

أن الحنفية والحنابلة والزيدية قد اجازوا شركة الوجوه. وهي شركة لا تعتمد على مال ولا على عمل وإنما تعتمد على وجاهة الشركاء وثقة الناس في درجة إلتزامهم. وبهذه الثقة فقط يستحقون الربح. ولذلك يحتج المانعون لعدم جواز شركة الوجاهة بان الربح لا يستحق إلا بالمال أو العمل وها هنا لا مال ولا عمل. وأجاز اولئك أن تكون الوجاهة والالتزام المترتب عليها سببًا للربح (1) فلم لا يكون سببًا للأجر في خطابات الضمان؟

يقول ابن رشد: وشركة الوجوه عند مالك والشافعي باطلة. وقال أبو حنيفة جائزة. وهذه الشركة هي الشركة على الذمم من غير صنعة ولا مال. وعمدة مالك والشافعي أن الشركة إنما تتعلّق على المال أو على العمل، وكلاهما معدومان في هذه المسألة والالتزام المترتب عليها سبب للربح فلم يكون سببًا في خطابات الضمان؟ وقال ابن رشد: وشركة الوجوه عند مالك والشافعي باطلة.

وقال أبو حنيفة جائزة. وهذه الشركة هي الشركة على الذمم من غير صنعة ولا مال. وعد مالك والشافعي أن الشركة إنما تتعلق على المال أو على العمل، وكلاهما معدومان في هذه المسألة مع ما في ذلك من الضرر، لأن كل واحد منهما عاوض صاحبه بكسب غير محدود بصناعة ولا عمل مخصوص، وأبو حنيفة يعتمد أنه عمل من الأعمال فجاز أن تنعقد عليه الشركة (2)

ويقول ابن جزي: وأما شركة الوجوه فهي أن يشتركا على غير مال ولا عمل وهي الشركة على الذمم بحيث إذا اشتريا شيئًا كان في ذمتهما وإذا باعا اقتسما ربحه، وهي غير جائزة خلافا لأبي حنيفة (3) .

(1) الشخصية الاعتبارية في الفقه الإسلامى 232 لأحمد على عبد الله

(2)

بداية المجتهد 2/ 192

(3)

قوانين الأحكام الشرعية 299/ 300

ص: 974

2-

ويعززه كذلك أن الشرع الإسلامي جعل الضمان واحدا من شروط استحقاق الربح، فإن الجمهور – وبناء على أحاديث اشتراط قبض المبيع قبل بيعه – قالوا لا يجوز بيع السلعة المشتراه قبل قبضها. وعلّلوا ذلك بأنه يقبض السلعة فإنها تدخل في ضمان البائع وتهلك عليه فيستحق إذن الربح في البيع مقابل خطر الضمان هذا. فهنا لم يكتف الشارع بمجرد ملكية السلعة وإنما اشترط فوق ذلك أن تدخل في ضمانه حتى يجوز له أن يبيعها ويستحق عليها الربح. فكان هذا مؤشرًا آخر على جواز أخذ الأجر بناء على الضمان كما جاز استحلال الربح هناك بناء على الضمان ومع الخلاف بين الضمانين إلا أن جوهرهما واحد.

3-

ثم هل الوجاهة عمل أم أنها ليست بعمل. معلوم أن الوجاهة والثقة في الشخص الطبيعى أو الاعتباري لا تأتي إلا بجهد عمل كبير ومضطرد وممتاز، بحيث يستقر ويتأكد بموجب هذا الفصل أن هذا الشخص أهل للثقة ويمكن الأعتماد عليه. ثم أن مسئوليته تجاه هذه الثقة والوجاهة ستزداد بعد أن يصبح أهلًا ومحلًا لثقة الآخرين. ولا يستطيع المحافظة عليها إلا بمزيد من العمل الممتاز المتمثل في الوفاء بالأمانة رغم كل الظروف الصعبة.

فالوجاهة وإن لم تكن عملا في ذاتها فهي نتاج عمل مسئول وممتاز. ولا يتصور خلق سمعة في وسط من الأوساط ولا يتصور المحافظة على هذه السمعة إلا بالعمل. فالعمل هو الأساس والثقة هي النتاج والمظهر. ولذلك عبّر أبو حنيفة – كما جاء في عبارة ابن رشد - عن هذه الوجاهة بأنها عمل من الأعمال.

ص: 975

4-

وعليه فإن المؤسسات المالية تبدأ مشوار بناء الوجاهة هذه بمشوار صعب تخضع فيه لكل أنواع الابتلاء من قبل الأفراد والمؤسسات. ويكلفها ذلك الكثير من المال والجهد والخسارة. ولكنها تتحمل ذلك من أجل بناء اسم في المحيط المحلي والخارجي، لأنه متى ما بنيت هذه السمعة وحافظت عليها فستجد كثيرًا من التسهيلات، فمثلًا بدأ بنك التضامن في علاقته بالمراسلين الأجانب وفي تجارة الاستيراد بخصم قيمة كل الاعتماد المطلوب من حساب أو على الأقل حجزه في حساب مقابل تعزيز هذا الاعتماد للجهة المصدرة. في حين أن المؤسسات الأخرى التي سبقت وبنت سمعة تستطيع أن تجد تسهيلات بما يعادل 10 % فقط من قيمة الاعتماد وهكذا. ليس ذلك فحسب بل أن البنك كان يخصم من حسابه كل قيمة الاعتماد حتى ولو اشترى التاجر البضاعة موضوع الاعتماد بتسهيلات صغر أو كبر مداها. ولقد جمّد بنك التضامن في هذه الفترة الأولى كثيرًا من أمواله التي كان يمكن أن يستغلها لصالح البنك. ولكن الوجاهة لا تأتى بلا ثمن وهذا ثمن هذه السمعة. حتى إذا ما اجتاز البنك هذه المرحلة بنجاح والحمد لله فإنه الآن محل ثقة كثير من المراسلين والكثير منهم يخطب التعامل معه بناء على الشروط السهلة التي تناسب الورقة. فهذا مثال واحد نوضح به أن البنوك التي تقدم ضمانا لطلابها لم تصل لهذه الدرجة بدون عمل وجهد وإنفاق. وأن المحافظة على السمعة التي وجدتها تحتاج إلى جهد لا يقل عن الجهد الذي حصلت به على هذه الوجاهة. فإذا قيّمت ذلك العمل المحترم بمال وأخذت عليه أجرا فإنما تأخذ على عمل مقوّم ومحترم ومشروع.

ص: 976

وهي في نفس الوقت الذي تقدم فيه خطاب الضمان المزين الذي يطلبه، إنما تقدم له خدمة مقدرة ومحترمة ويستطيع من خلال استخدامه لضمان البنك أن يتجاوز ذلك بجهده الخاص حتى يبني هو سمعته ويكون محل ثقة الجهات التي يتعامل معها، ولا يحتاج بعد ذلك إلى ضمان الآخرين. وهكذا تمضي الدورة. فكما بنى البنك هذه الثقة لبنة لبنة وكما دفع فيها ما غلا من الثمن مالا وزمنا كذلك يستطيع الفرد أن ينهج نفس النهج فيبني جاهه ولذلك ثمنه. ويكون الأجر الذي يدفعه للبنك الضامن جزءا من ذلك الثمن ويكون الوفاء بإلتزاماته في وقتها وبشروطها هو جزء آخر.

ومع قولنا أن الضمان يكون نتاج عمل مقوم ومحترم إلا أنه في ذاته يحتاج إلى عمل مادي من قبل الجهة المعطية للضمان كدراسة أحوال العميل ومعرفة مركزه المالي ودرجة التزامه ودراسة المشروع موضوع التمويل ومدى جدواه الإقتصادية والإجتماعية، ولكنا لا نقول كما قال المتقدمون: أن له أجر المثل في هذه الدراسات فحسب، وإنما له أخذ الأجر على عطية الضمان ككل ما كان منها عملا ماديًا وما كان منها جاها.

5-

ومما يدل على مالية الجاه اشتراط كثير من الفقهاء في الضامن أن يكون مليًا. إذن فالمقصود من الضمان ليس هو جاه أو مجرد ذمة الضامن وإنما جاهه المبني على سمعته المالية وذمته القادرة على الوفاء. وما دام المقصود هو ملاءته وما الجاه والثقة إلا مظهر من مظاهرها فلا معنى لأن يقول البعض إنه يجوز الأجر على الجاه إذا كان ثمة عمل كسعي ونفقة وغيره. أما إذا لم يكن شيء من ذلك فلا أجر على الجاه علمًا بأن الجاه لا يكون إلا منفعة من منافع العمل. ولعل الذي صرف الفقهاء عن اعتباره هو أن الخدمة المؤداة عن طريق الضمان وإن كانت خدمة جليلة ومحترمة تفوق في جلالها وقيمتها كثيرًا من القيم الأخرى المادية إلا أنها تبدو وكأنها خدمة ناتجة عن عمل غير مادي بل ناتجة عن منفعة عمل مادي. ولأنها منفعة فقد دقت على الفقهاء فيما مضى. غير أن المنافع والحقوق قد أصبحت اليوم من الوضوح والشخوص بحيث لا ينكرها أحد ولا تدق على فقيه كما كانت من قبل. ولقد مضى الزمن الذي لم تكن فيه المنافع مالا أو شيئا يقوم بالمال.

ص: 977

الخلاصة:

نخلص من كل ذلك:

1-

إلى أن دعوى أن التبرع والمعروف لا يجوز عليه العوض دعوى غير صحيحة. وأن ما ترتب عليها من أن الضمان تبرع ولذلك لا يجوز أخذ الأجر عليه نتيجة غير صحيحة هي الأخرى. فرغم أن الأصل في التبرع أن يكون مجانا وبلا عوض مادي إلا أنه إن شرط فيه العوض صح.

2-

وإلى أن الضمان ليس بقرض. ولذلك فلا يدخل تحت محظور المأثور: ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) . لما بينّا من أن الضمان استيثاق وأن الضامن غارم وأن قياس الضمان على القرض قياس مع الفارق. إذ ليس هناك منافاة بين الأجر والضمان ولا بين الأجر والغرم فقد يأخذ الأجير أجره والمضارب ربح عمله مع أنه قد يغرم ويضمن في بعض الحالات نتيجة تقصيره مثلًا. فإذا قصّر الأجير وترتّب على ذلك اعتداء طرف ثالث على أدوات عمله فهو غارم للمؤجر وضامن لقيمة هذه الأدوات وله في نفس الوقت الرجوع على المعتدى بالقيمة. ولا يؤثر ذلك في استحقاقه لأجرته ولا يحرمها.

3-

إذا انتفت الأسباب والعلل التي بنى عليها الفقهاء تحريم أخذ العوض في الضمان فالنتيجة الطبيعية أن يكون العوض في الضمان جائزًا إذا ما اشترط، إلا إذا أدى ذلك إلى محظور آخر. وفي تقديرنا أنه لا يوجد محظور. فالضمان عمل محترم يكلف الضامن مسئولية ويلقى عليه عبئا ويفيد المضمون فائدة كبيرة تفوق فائدته من دراسة جدوى المشروع من نواحيه الإقتصادية والفنية. ولذلك ينبغي أن يكون عملًا يمكن تقويمه بالمال ويمكن أخذ الأجر عليه بحسب اتفاق الأطراف المتعاقدة.

4-

وقولنا بجواز أخذ العوض على الضمان ليس قولا بإخراج الضمان من عقود التبرعات. بل نفضل أن يكون الضمان تبرعًا في عمومه وأن يجري بين الناس كواحد من عوامل التكافل الذي يقدم فيه الإنسان ضمانًا لأخيه الإنسان لوجه الله. وذلك مما يزيد من عرى الإخوة، بحيث يكون من ضمن عوض الإنسان هو أن هذا الآخر أو غيره سيضمنه إذا ما احتاج إليه. ولكن هذا لا يمنع من أن تؤدي المؤسسات المالية مثل هذه الخدمة تبرعًا وبعوض أن اختارت ذلك وقبل الطرف المتعامل معها: والله ولى التوفيق

ص: 978

من تقرير حول ندوة "البركة"

الثانية التي انعقدت بتونس

من 11-14 صفر 1405هـ

1-

مداولات الجلسة العامة:

دار النقاش أولًا حول توصيف خطاب الضمان هل هو كفالة أولًا. رأي البعض أن خطاب الضمان غير الكفالة لأن الكفيل يحل محل المكفول في الوفاء بالتزاماته بينما البنك الذي يقدم خطاب الضمان إلى مقاول مثلا لا يطلب منه أن يقوم بالأعمال المطلوبة من المقاول.

ورد آخرون بأن الكفالة يمكن أن تكون محدودة ولا يشترط أن يحل الضامن محل المكفول في كل أعماله.

ثم نوقشت مسألة استحقاق البنك مقدم خطاب الضمان لأجر. فأكد البعض ما سبق أن قيل (4-ب) من أن الضمان أخذ في عصرنا هذا صورا تختلف عما عرفه الفقهاء حينما وصفوه بأنه عقد تبرع. لذلك لا يرى هؤلاء مانعًا من أخذ البنك الإسلامي أجرًا عند تقديم خطاب الضمان.

وقال آخرون بأن خطاب الضمان كفالة وهي تبرع وكون العميل هو الذي لا يخرجها عن طبيعتها تلك. وقالوا إنه يجوز للبنك أخذ أجر شريطة أن لا يزيد عن التكلفة الحقيقية للخدمات المقدمة. أما مسألة الغطاء في خطاب الضمان فقد قيل أن البنك الذي يصدر خطاب ضمان غير مغطى يعتبر كفيلًا. أما إذا كان خطاب الضمان مغطى بالكامل فإن البنك له صفتان: هو وكيل بالنسبة للعميل طالب الضمان، وهو كفيل في علاقته مع الطرف الثالث المستفيد من خطاب الضمان. ويصح أخذ أجره في حالة التغطية لكون البنك وكيلًا.

ص: 979

2-

السؤالان المقدمان إلى لجنة العلماء.

السؤال الثامن:

هل يجوز للبنك الإسلامي أخذ عوض مقابل عمله المتمثل في إصدار خطاب الضمان المصرفي إما على أساس الأجر باعتبار أن هذا العمل توكيل مطلق لدفع مبلغ معين أو على أساس الوجاهة نظرًا لما يتمتع به البنك من ملاءة.

الفتوى:

تبين بعد المداولة في السؤال أن موضوع خطاب الضمان المصرفي يحتاج إلى مزيد من البحث ودراسة الواقع الذي يجري عليه العمل في البنوك الإسلامية.

السؤال الثاني عشر:

هل يجوز للبنك الإسلامي الذي دفع له مبلغ نقدي لخطاب الضمان أن يستثمره بموافقة المودع مضاربة بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.

الفتوى:

يجوز للبنك الإسلامي أن يستثمر بالمضاربة المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان الذي يصدره بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.

ص: 980

ندوة البركة الثالثة للاقتصَاد الإسلامي

المنعقدة باسطنبول

الفتوى في المسألة الأولى

أولًا – موضوع المسألة: خطاب الضمان المصرفي:

1-

خطاب الضمان المصرفي ومدى جواز أخذ الجر عليه.

2-

هل خطاب الضمان المصرفي كفالة بمفهومها الفقهي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة أم أنها توكيل بأداء مبلغ معين من النقود ضمن مدة محددة.

3-

إذا كان خطاب الضمان المصرفي كفالة وهو من أعمال التبرع فهل تنقلب أعمال التبرع إلى أعمال تؤدي بالأجر كما أفتى المفتون بذلك عن أعمال الطاعات مثل تعليم القرآن وإمامة الصلاة.

4-

إذا كان خطاب الضمان المصرفي وكالة فهل يجوز للوكيل أخذ الأجر نسبيًا بمقدار القيمة كما هو الحال في السمسار والمحامي.

ثانيًا – الأوراق التي نظرتها اللجنة وناقشتها:

1-

البحث المقدم من الدكتور سامى حسن حمود.

2-

الرأي المكتوب المقدم من فضيلة الشيخ زكريا البري.

ص: 981

ثالثًا – الفتوى في المسألة:

1-

خطاب الضمان:

(أ) إن جواز إصدار خطابات الضمان مشروط بأن يكون مرتبطًا بمشروعية الموضوع الذي يطلب خطاب الضمان لأجله.0

(ب) أن خطاب الضمان المصرفي إذا كان بدون غطاء نقدي كامل فهو كفالة ويخضع لأحكامها. وإذا قدم له غطاء نقدي كامل لدى البنك فهو وكالة بالنسبة للشخص المكفول، أما بالنسبة للجهة المكفول لها فإن خطاب الضمان حينئذ كفالة.

(جـ) يجوز للبنك في جميع الأحوال أن يأخذ أجرًا على خطاب الضمان بمقدار ما يبذله من جهد وعمل إجرائي دون أن يربط الأجر بنسبة المبلغ الذي يصدر به خطاب الضمان.

(د) أما أخذ الأجر على خطاب الضمان غير المغطى بنسبة مبلغ الضمان، كما هو معمول به في البنوك فقد رات اللجنة (باغلبية الآراء) انه يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتمحيص والإطلاع على النماذج المستعملة في مختلف الحالات والتي طلب من المختصين في البنوك تقديمها للنظر فيها، وخاصة أن موضوع خطاب الضمان المصرفي مطروح للبحث لدى مجمع الفقه الإسلامي في جدة ومدرج في جدول أعماله للدورة القادمة.

نقطة إيضاح من المقرر:

نظرًا لما قرره الأساتذة العلماء من ناحية تأجيل النظر في مسألة الأجر على خطاب الضمان غير المغطى وطلبهم تقديم البحث الذي اعده المقرر للنظر فيه أيضا من مجمع البحوث الإسلامية، فإن المقرر سيعمل على توسيع البحث المقدم وتقديم اسانيد إضافية لما يراه في خطاب الضمان من حيث تكييفه ومدى جواز أخذ الأجر عليه.

ص: 982

العرَض وَالمناقشَة

14 /4 /1406 = 26 /12 / 1985

الساعة 18.10 – 20.50

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، به تعالى نبدأ، وبه نستعين وعليه نتوكل بعد حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله، أما بعد، فبين ايديكم بحوث ودراسات بشأن خطاب الضمان، وهذه البحوث بما أنها متعددة وكثيرة، فسنكتفي ببعض منها لأن المراد هو استكمال التصور وتبادل وجهات النظر ثم بعد ذلك تجرى المداولة بشأن ما تسمعون من ملخصات. وأرجو من أصحاب الفضيلة أصحاب البحوث الذين ستطلب منهم ملخصات، ألا تتجاوز كلماتهم خمس عشرة دقيقة على الأكثر، وارجو من الشيخ عبد الستار أن يتفضل.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللهم أهدنا إلى ما اختلف فيه من الحق بإذنك.

خطاب الضمان من أهم أساليب التعامل المصرفي رغم أنه وسيلة ائتمان ويعتبر أيضا خدمة من الخدمات المصرفية، وهو عبارة عن استعداد للأداء عند الطلب، فهو في المئال تنفيذ للالتزام الذي ترتب في ذمة المكفول. ومن هنا يتبين أن خطاب الضمان فيه ضم ذمة إلى ذمة، ولا داعي للإطالة في تعاريفه وتصوراته فإنه اصبح معروفًا وسوف يتولى الآخرون الإشارة إلى تلك الصور. وحصيلة خطاب الضمان: أنه صك يتعهد بمقتضاه البنك المصدر له بان يدفع مبلغًا معينًا لحساب طرف ثالث لغرض معين. وقد يقال لماذا استخدمت كلمة صك هنا، مع أن المعروف في الشريعة الإسلامية أن العقود تتم بالإيجاب والقبول ولو شفاها، بدون كتابة، والحقيقة أن الإبقاء على كلمة صك هنا لوجود كلمة خطاب في الضمان، فإذا عرفنا خطاب الضمان فنحن مضطرون إلى أن نستخدم كلمة (صك) مع الاعتراف والتقرير بان الضمان يتم بمجرد إلتقاء الإرادتين الإيجاب والقبول ولو لم يكن مدونًا لأن الكتابة في نظر الشريعة عبارة عن توثيق وليست إنشاء للعقد. هذا هو النظر الفقهي، أما النظر القانوني فيختلف، فكثير من التصرفات تعتبر الكتابة والتوثيق فيها عنصرًا أساسيًا ومقومًا ضروريًا لنشوئها.

ص: 983

خطابات الضمان، أو فكرة الضمان، إما أن تكون ضمن معاملة أخرى مثل الضمان الذي يكون في الإعتماد المستندي، وإما أن يكون ضمانًا مستقلًا وهو الذي ينصرف إليه مدلول عبارة خطاب الضمان. إذا كان الضمان جزءًا من معاملة مصرفية أخرى، كالاعتمادات المستندية فلا إشكال في الأجر الذي يتقاضى على تلك العملية، لأن هناك أعمالًا عديدة يقوم بها المصرف منها الوكالة، ومنها التبليغ، ومنها المهمات الكثيرة التي يقوم بها لصالح طالب الاعتماد. ولذلك يعتبر الضمان تبعًا ولا يكون مفردًا بالذكر ولا مخصوصًا بالأجر. إنما تثور المشكلة إذا كان هناك خطاب ضمان مستقل وليس ضمن معاملة مصرفية متكاملة. كثير من الباحثين حاول أن يلتمس في معاملة خطاب الضمان عن عمل ينصب عليه هذا الأجر لكي تكون هناك معاوضة أجر لقاء عمل وليس أجرًا لقاء كفالة محضة. وهذه المحاولة حاولت أن أتحراها أو أتقصى أمرها فاستعنت ببعض العاملين في هذا المجال، وطلبنا صورًا كثيرة من خطابات الضمان المستخدمة في الميدان، فلم نجد فيها إلا فكرة الكفالة وضم الذمة إلى ذمة المدين الأصلي، فليس هناك عمل متميز يصلح أن ينصب عليه الأجر.

ص: 984

إذن خطاب الضمان عبارة عن كفالة محضة في شتى صوره ولو كانت هذه الكفالة أحيانًا تعتريها بعض القيود المعدلة للأصل المتبادر منها، كأن يكون من حق المكفول عنه أن يرجع على الكفيل بدون مطالبة الأصيل، وأحيانًا يرجع عليه ولو أدى الأصيل ما طلب منه لأنه ليس مطالبًا بالتثبيت والتحرى قصدًا لاستقرار التعامل، فهو يؤدي ما طلب منه ثم يرجع بما دفع. وقد يطالب أو يطلب دعوة جزائية على ذلك الذي أخذ البدل مع أن العميل الأصلي قد سقط والالتزام قد تحقق.

بعض الباحثين أراد أن يوجه خطاب الضمان وجهة أخرى فاعتبره وكالة ولا سيما إذا كان كفالة بالأمر، لأنه اعتبر هذا الأمر بمثابة توكيل والحقيقة أن الكفالة بالأمر لم تتغير فيها الحقيقة الشرعية وهي شغل ذمتين بحق واحد، ومعظم الكفالة التي تتم إنما بالأمر من المكفول عنه، وهذا الأمر لا يغير من الطبيعة الشرعية التي تقوم عليها الكفالة وإلا فنكون قد فرغنا الكفالة من محتواها ومن مضمونها لمجرد وجود هذا الأمر. الوكالة شيء والكفالة شيء آخر، الوكالة فيها التزام، أما الكفالة ففيها شغل ذمتين بحق واحد، كان الحق في ذمة الأصيل، فبوجود الكفالة انضمت ذمة أخرى إلى الذمة الأصلية لتوثيق هذا الحق.

إلا أن هناك صورة من خطاب الضمان وهي التي يكون فيها غطاء يعطي إلى الكفيل من المكفول عنه لكي يسد به الدين إذا طولب به. وهذا النوع من خطابات الضمان المغطاه أمكن تشخيصة وتكييفه إلى اعتبارين: فهو بين الدائن وبين المصدر لخطاب الضمان أو الضامن عبارة عن كفالة، لأن الدائن يشعر بأن ذمة هذا الكفيل قد شغلت بالدين الأصلي. وأما العلاقة بين الضامن وبين طالب الضمان وهو المكفول عنه، والذي قدم مقابلًا لهذا الضمان فإنه عبارة عن وكالة، لأنه أعطى مالًا وطلب من الضامن أن يدفع هذا المال عندما يطالب به. ولا يستنكر أن يكون للتصرف الواحد اعتباران، فهناك كثير من العقود تعتبر لازمة بالنسبة لطرف، وغير لازمة بالنسبة لطرف آخر ويكون لها اعتبار شرعي في مجال، واعتبار شرعي عندما تتغير المقتضيات والمضمون الذي تقوم عليه. فيما عدا هذه الصورة فإن خطاب الضمان يستقر أمره على أنه كفالة، سواء كان بطلب (كفالة بالأمر) أو بغير طلب. ولكن بعض الكتاب نظر في عبارات بعض الفقهاء وتصيد منها عبارة جاء فيها تشبيه الكفالة بالأمر بانها فيها وكالة وادعى أن كل كفالة بالأمر إنما هي وكالة لوجود هذا الأمر متغاضيًا أو متغافلًا عن أن هذا الأمر لم يغير من حقيقة الكفالة من انها فيها ضم ذمة إلى ذمة. والحقيقة أن هذا التشبيه إنما هو في النتيجة وليس في التكييف الشرعي، فالتكييف الشرعي بين الكفالة بالأمر وبين الوكالة مختلف كل الإختلاف.

ص: 985

لننظر الآن في خطاب الضمان الذي هو في حقيقته كفالة، هل يمكن أن يتقاضى عليه جعل أو أجر؟ إذا كان هذا الأجر منصبًا على أداء هذه الخدمة كإصدار هذا الخطاب والعمل الكتابي الذي يتكلفه مصدر خطاب الضمان بعيدًا عن المدة التي يسري لها هذا الخطاب وعن المبلغ الذي يتعلق به الدين فإن هذا لا يعدو أن يكون خدمة مصرفية، فهو إجارة على عمل فعلًاولا إشكال في تجويزه، والبنوك الإسلامية كلها تزاول هذا العمل، ولا ترى فيه بأسًا لأنه خدمة لقاء أجر، فهو من باب الإجارة ومن باب الوكالة بأجر.

أما ترتيب الأجر على خطاب الضمان منسوبًا إلى مدته وإلى مبلغه فهو عبارة عن عوض على الكفالة، وقد عرف من نصوص الفقهاء وتطبيقاتهم وتصريحاتهم أن الكفالة لا تقبل العوض وإنها في حقيقتها من عقود التبرعات وهي من باب المروءات فلا يجوز أخذ العوض عنها. ولم يصرح هؤلاء الفقهاء بنص في الموضوع وإنما صرحوا بما هو في معنى النص، أو بما هو من الأولويات. فقد أشار ابن عابدين ومن قبله ابن قدامة في المغني، إلى أن تحريم العوض على كفالة لأن الكفالة في مآلها تتحول إلى قرض إذا طولب الكفيل بالأداء فأدى ورجع على مكفولة فإنه يطالبه بهذا القرض. وإذا كانت الشريعة قد منعت أخذ الجعل أو العوض على القرض الفعلي نفسه، فمن باب أولى أن تمنع أخذ العوض على الاستعداد للإقراض، لأن هذا أشد ظلما.

ص: 986

فإذن الدليل على تحريم العوض على الكفالة مستمد من قواعد الشريعة واستقراء تطبيقاتها ونصوصها، فهو من تحقيق المناط ومن الأولويات التي تعتبر في مستوى النص والتصريح.

بعض الكتاب أراد أن يجعل من تبدل حال الكفالة وتغير ظروفها بين الماضي وبين الحاضر من أنها كانت في الماضي عملًا نادرًا وعملًا محدودًا، ولذلك لم يهتم الفقهاء بالتنصيص أو بالتصريح على جواز أخذ الجعل والأجر عليها، وأما في الوقت الحاضر فقد اصبحت عملًا مهما يتخصص له ناس وتعطيه وتولية البنوك حظًا من نشاطها، فإذن يتغير الحكم بهذا التطور، والحقيقة أن هذا لا يغير من واقع الأمر شيئًا، فالحكم الشرعي إذا لم يكن مرتبطًا بالعرف فإنه يبقى ثابتًا ولا يتغير بتغير هذا العرف. أما إذا كان الحكم الشرعي دائرًا على العرف ومرتبطًا به فحينئذ يدور معه.

والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار إذا كان الحكم في اصله مرتبطًا بهذا العرف.

بعض الكتاب أيضا أراد أن يقيس أخذ الأجر على الكفالة بما أفتى به العلماء والفقهاء من جواز أخذ الأجر على فعل الواجبات والطاعات إذا قل التبرع والتطوع بها كمهمة الإمامة والقضاء وغير ذلك من المهام التي يعود نفعها على المسلمين والتي هي في الأصل فرض على الكفالة عليهم، فلما ضعفت همم الناس في الإلتزام بهذه الواجبات أفتى العلماء بجواز أخذ الأجر عليها فيقاس عليها أمر الكفالة لأن همم الناس قد تقاصرت على المبادرة إلى فعل الكفالة بدون مقابل. والحقيقة أن هذا قياس مع الفارق لأن الكفالة ليست من الواجبات ولا من فرائض الكفاية. وإنما هي من المباحات شأنها شأن معظم المعاملات المالية.

ص: 987

وأخذ الأجر على تلك الواجبات والفروض الكفائية ليس في الحقيقة من باب الإجارة وإنما هو من باب الرزق والعطاء الذي يخصصه أولو الأمر من بيت المال لسداد هذه الثغرات وهذه المهمات التي يعود نفعها على المسلمين، فهي مشبهة بلإجارة لأنها توجد عند وجود العمل وتنقطع عند انقطاع الإنسان عن هذا العمل.

كذلك بعض الكتاب اراد أن يستخلص من عمل الكفالة أن فيه جهدًا في دعم المركز المالي للمكفول، فهو من قبيل الوجاهة ومن قبيل الشفاعة التي يتكلف فيها الإنسان جهدًا ومشقة. وقد جاءت بعض النقول الفقهية بأن الإنسان إذا قام بمهمة رفع ظلامة عن مظلوم وتجشم في سبيل ذلك بعمل ونقلة وسفر وارتحال له أن يأخذ عن هذا العمل ما يلاقيه من مقابل. والحقيقة أن هناك مفارقة كبيرة بين الوجاهة وبين هذا العمل وبين الكفالة لأن الكفالة عبارة عن ضم ذمة، أما ذلك الجهد الذي يبذله الإنسان فهو عمل وهو يستحق الأجر إذا كان فعلًا تكلف في ذلك مالًا ونفقة وعملًا.

بالإضافة إلى هذا كله فإن بقاء الكفالة على طبيعتها وحقيقتها من أنها عقد تبرع، يعتبر معلمًا من معالم الحياة الإجتماعية الإسلامية من أن هناك تكافلًا بين المسلمين وتعاضدا بينهم، فالذي يستطيع أن ينفع أخاه ينفعه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ((من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)) فلتبق هذه المعاملة على طبيعتها ولتكن شبيهة بطبيعة القرض من أنه مواساة، والكفالة أيضا استعداد للإقراض فهي من ذلك الباب.ولذلك هناك تشابه كبير بين ثلاث معاملات:

ص: 988

الأولى: هي أخذ الفوائد الربوية باعتبارها أجرًا للقرض الفعلي.

والثانية: تقاضي اجور وجعل على خطابات الضمان باعتبارها أجرًا للاستعداد للقرض عند المطالبة بحق الكفالة.

والمعاملة الثالثة: هي أقساط التأمين التجاري التبادلي، باعتبار هذه الأقساط اجرًا على ضمان وكفالة، لكنها كفالة من نوع خاص، فهي كفالة تبرعية ليس فيها رجوع وهي كفالة على أمر مستقبل وهو من قبيل ضمان الدرك أو الكفالة بالدرك.

وجدير بالتعامل المشروع الواجب بين المسلمين، أفرادًا ومصارف تطهير اموالهم من هذا الثالثوث وتنقية مجتمعهم من مفاسده الظاهرة والخفية، والله ولي التوفيق.

الشيخ حسن عبد الله الأمين:

شكرًا سيدي الرئيس

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا ومولانا محمد عبد الله ورسوله، وبعد،

لا أريد أن أثقل على المجلس وأن أكرر التعريف بخطاب الضمان وقد كفاني ذلك الأخ الدكتور عبد الستار أبو غدة، وإنما أريد أن أدخل في الموضوع من ناحية بيان أحوال خطاب الضمان ومحاولة تكييفه الشرعي.

فخطاب الضمان في وقتنا الحاضر يمثل موردًا كبيرًا من موارد البنوك والمصارف، وهو لذلك لا تستطيع البنوك الإسلامية أن تقف موقفا محايدًا عن تناوله، وهي لا تملك ذلك بحكم أن عملاءها يردون عليها بهذا الطلب كما يردون على البنوك الأخرى، وفي نفس الوقت الناحية المادية التي يمثلها كبيرة، في موارد المصارف، فهي تريد أن تعرف إلى أي حد يمكن لها أن تستفيد بهذا المورد، ومن هنا كانت أهمية الحديث عن هذا الموضوع وعن تكييفه الشرعي.

ص: 989

أحوال خطاب الضمان كما أشار إلى ذلك زميلي الدكتور عبد الستار، هي أحوال يكون منها حال ما إذا كان خطاب الضمان له رصيد يغطيه أو يكون طالب خطاب الضمان من المصرف ليس له رصيد يغطي هذا الخطاب، وقد اشار الأخ الزميل إلى حالة ما إذا كان هناك غطاء، فهو في هذه الحالة يمثل الخطاب كفالة من جهة في العلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين المصرف، ومن ناحية أخرى يكون كفالة بين الضامن وبين المكفول له. أما إذا كانت الحالة أن ليس هنالك غطاء، فهو كفالة يقوم بها المصرف عن طالب خطاب الضمان وعن المكفول له فما هو موقف الشرع من الأجرة على إصدار هذا الخطاب، وأبعد من ذلك على ما تعورف بين المصارف من أخذ مبالغ لا تقف عند حدود قيمة الإصدار التي بينها الزميل، مبالغ قد تكون يراعى فيها نسبة المبالغ المراد إصدار خطاب الضمان من أجلها. خطاب الضمان حينما يكون وكالة فإن الأجرة عليه جائزة ومشروعة، لأن الأجرة على الوكالة جائزة، قد تكون الوكالة بأجر وقد تكون بدون أجر. كما أن خطاب الضمان فيما يتعلق بقيمة العمليات الأولية المتعلقة بإصداره فقط فلا غبار عليها ولا خلاف بين الناظرين في هذا الأمر من إجازتها، إنما الأمر يتعلق بالأجرة على خطاب الضمان فيما يتعلق بالمبلغ المضمون والمبالغ التي تؤخذ عليه بنسبة هذا المبلغ 1 %، 2 % أيا كانت هذه النسبة، هذا هو الموضوع، هذا هو بيت القصيد كما يقولون.

ص: 990

خطاب الضمان حينما يكون بمعنى الكفالة فللفقهاء رأي محدد مدون في كتب الفقه واضح، ذلك أنهم يقررون أن الضمان تبرع وان التبرع لا يؤخذ عليه أجر، لماذا؟ لأنه من باب الواجب، الكفالة من باب الواجب، يعللون ذلك في بعض الأحيان، وأوردوا في ذلك هذه النصوص التي توضح هذا الاتجاه، منها قول الدسوقي في حاشية على الشرح الكبير للدردير قوله (وفي المعيار سئل أبو عبد الله القوري عن ثمة الجاه فأجاب بما نصه: اختلف علماؤنا في حكم الجاه، ذلك لأنهم يعتبرون الضمان نوعًا من الجاه، هذه جملة معترضة، أعود إلى قراءة النص من أوله – (وفي المعيار سئل عبد الله القوري عن ثمة الجاه فأجاب بما نصه:(اختلف علماؤنا في حكم الجاه، فمن قائل بالتحريم بإطلاق، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن مفصل فيه. وأنه أن كان الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر، فأخذ أجر مثله، فذلك جائز، وإلا حرم) قال أبو على المنياوي وهذا التفصيل هو الحق.

ومنها قال ابن عرفة: يجوز دفع الضيعة لذى الجاه، وللضرورة إن كان يحمي بسلاحه، فإن كان يحمي بجاهه فلا، لأنها ثمن الجاه، وبيان ذلك أن ثمن الجاه، إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب، ولا يجب على الإنسان أن يذهب مع كل أحد. التعليل هنا لأنه من باب الواجب، منع أخذ الأجر على الجاه لأن الجاه من باب الواجب.

ومن هذين النصين يتبين أن للمالكية –هؤلاء علماء المالكية الذين أنقل عنهم عدة أقوال عن ثمن الجاه، أحدهما بالتحريم مطلقًا، والثاني بالكراهة مطلقًا، والثالث فيه تفصيل: فإن احتاج الجاه إلى تعب ونفقة وسفر فيجوز أخذ الأجر أو أجر المثل عليه، وإن خلا من ذلك فلا يجوز. وعلى المالكية لعدم جواز الأجر على الجاه المجرد، بأن ذلك من باب أخذ الأجرة على الواجب.

ص: 991

ويتفق مذهب الشافعية مع القول الثالث المفصل للمالكية عن الأجر على الضمان، قال ابن حجر الهيثمى (وكقول من حبس ظلما لمن يقدر على خلاصة وأن تعين عليه، على المعتمد: أن خلصتني فلك كذا، بشرط أن يكون في ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا. وعلق الشرواني على قوله: لمن يقدر عليه بقوله: أي بجاهه أو غيره، وقال تعقيبًا على لزوم أن يكون في ذلك كلفة وتعب: والمراد بالتعب، التعب بالنسبة لحال الفاعل.

ونجد ابن عابدين الحنفي في حاشيته يقرر على ما تنسب إليه فتاوى بنك فيصل الإسلامي السوداني، لم أقف على هذا النص أنا إنما أعزوه إلى هذا المصدر فتاوى بنك فيصل الإسلامي السوداني: أن عدم جواز الأجر على الضمان لأن الضامن مقرض للمضمون، فإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل، فقد شرط له زيادة على ما أقرضه، وهو ربا.

وهنا نجد انفسنا أمام تعليل آخر وهو أن الضامن مقرض وشرط الجعل له الأجر على الضمان، زيادة على ما أقرض، وفيما عدا هذه التعليلات المختلفة لعدم جواز الأجر على الضمان فيما وقفنا عليه من أقوال الفقهاء لم نجد لهم دليلًا يعتمدون عليه من كتاب أو سنة، وإن كانوا يتفقون في ذلك اتفاقًا يشبه الإجماع.

ونعود إلى مناقشة هذه التعليلات للحكم الذي قرره الفقهاء لمنع الأجر على الضمان، ونبدأ بمسألة أن ثمن الجاه إنما هو من باب أخذ الأجرة على الواجب ونسأل: هل الجاه أو الكفالة أمر واجب على من يفعله ام أنه من أعمال التبرع؟ بداهة إنه ليس واجبًا إلا إذا تعين على شخص بعينه، وليس من هذا النوع الضمان المصرفي، إذ لا يتوقف على شخص معين أو حتى مصرف معين دون غيره. فقضية كون الضمان المصرفي من باب الواجب الذي لا يؤخذ عليه أجر غير واردة هنا.

ص: 992

ثم أن قاعدة عدم أخذ الأجرة على الواجب لا نراها مطردة عند هؤلاء الفقهاء، فقد رأيناهم يجيزون أخذ الأجرة على قبول حفظ الوديعة وحفظها وإن تعينت على شخص ما، وهو من باب الواجب. جاء في مغني المحتاج للشربيني: وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ أجرة الحرز. ومنعه الفاروقي وابن أبي عصرون، لأنه صار واجبًا عليه فأشبه سائر الواجبات، هذه هو النص والمعتمد الأول، كما هو ظاهر كلام الأصحاب. هذا هو نص الشربيني.

أفلا يصح أن يقاس الضمان على فرض أنه واجب على الوديعة الواجبة ويأخذ حكمها في جواز الأجرة عليه؟

فإذا انتقلنا إلى تعليل منع الأجرة على الضمان المنسوب لابن عابدين (من كون الضامن مقرضًا، فإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له زيادة على ما أقرض، وهذا ربا) . وجدنا أن هذا التعليل مقبول على وجه الاجمال ولكن عند التفصيل نجده لا ينطبق على خطاب الضمان الذي ينتهي بوفاء المضمون بتعهده دون حاجة إلى الضامن.

وتبقى بعد ذلك حالة واحدة يمكن أن ينطبق عليها تعليل ابن عابدين وهي حالة ماذا كان خطاب الضمان على المكشوف –غير مغطى- وتخلف المضمون عن الوفاء إلى أن قام به مصدر خطاب الضمان. ففي هذه الحالة فقط يصبح خطاب الضمان منطويًا على قرض والجعل فيه زيادة يجب منعها كما قال ابن عابدين.

وبناء على ما تقدم فيبدو لي أن خطاب الضمان يكون على الأوجه التالية:

1-

خطاب الضمان المغطى وهو كفالة تجاه المضمون له، ووكالة تجاه المضمون والعبرة بالعلاقة مع المضمون في تكييف حكمه فهو إذن وكالة، والوكالة تجوز بأجر وبدون أجر، وعليه فأخذ الأجرة عليه في هذه الحالة جائز.

ص: 993

2-

خطاب الضمان غير المغطى المكشوف الذي يقوم بالوفاء به المضمون نفسه دون الضامن مصدّر خطاب الضمان وهذا النوع هو كفالة وليس وكالة، كما أنه ليس فيه قرض لأن مصدّره لن يدفع شيئًا من المال للمضمون له. لقيام المضمون نفسه بالوفاء، وهو ليس من العمل الواجب القيام به لعدم تعيينه على شخص أو مصرف معين، لذلك فلا يدخل تحت قاعدة منع الأجر على أداء الواجب، فيصبح أخذ الأجر عليه على اساس انه عمل في تعامل رضائي. وعلى فرض أنه تعين وأصبح واجبًا على من تعين عليه القيام به، شخصًا أو مصرفًا فإنه يمكن قياسه على الوديعة الواجبة التي يجوز أخذ الأجرة على حفظها كما وضحنا، بحيث يصبح أخذ الأجرة عليه جائزًا لأن الضامن في هذه الحالة يبذل جهدًا كبيرًا في التحري وجمع المعلومات عن صلاحية المضمون لهذا الضمان. ويتحمل عبئًا نفسيًا وذهنيًا طوال فترة سريان الضمان حتى الوفاء به، خوف الإخلاف. وبذلك كله يهيء للمضمون ويمكنه من الحصول على منفعة محققة تتمثل في بلوغ مرامه بهذا الضمان الذي قد يعود عليه بالفائدة والنفع الكثير. ولا يوجد مبرر لإهدار هذا الجهد من الضامن وما يترتب عليه من مصالح ومنافع للمضمون دون مقابل.

الرئيس:

الذي يعود عليه بالفائدة أو الذي قد لا يعود عليه بالفائدة؟

الشيخ حسن عبد الله الأمين:

اقرأ الفقرة من الأول وبذلك كله يهيء للمضمون ويمكنه من الحصول على منفعة محققة تتمثل في بلوغ مرامه بهذا الضمان الذي قد يعود عليه – أنا كاتب هذا هل قرات غير ذلك؟

الرئيس:

أنا أتابع بدون قراءة.

الشيخ حسن عبد الله الأمين:

الذي قد يعود عليه بالفائدة والنفع الكثير. ولا يوجد مبرر لإهدار هذا الجهد من الضامن وما يترتب عليه من مصالح ومنافع للمضمون دون مقابل، إذ ليس ذلك من العدل في شي، والله أعلم. على أنه يلزم أن يكون الأجر في هذه الحالة والتي قبلها مراعى فيه عدم المبالغة والمغالاة بحيث يكون في حدود المعتاد عرفًا.

ص: 994

كما أنه يلزم أيضا التنبيه إلى أن المغالاة في هذا الأجر مهما بلغت، لا تدخل في نطاق الربا، لأنه ليس زيادة في عوض، وإنما هو اجر على عمل، غايته إذا تجاوز المعتاد أن يكون مكروهًا كراهة تنزيهية أو محرمًا وليس ربا بالتأكيد.

أما الحالة الثالثة التي يكون خطاب الضمان فيها مكشوفًا –غير مغطى – وتؤول مسئولية الوفاء به إلى الضامن دون المضمون. أنه يكون فيها قرضًا والجعل فيه يكون زيادة تمثل ربا، فلا يجوز. ولكن يجوز لمصدره أخذ أجرة الإصدار فقط، التكلفة الفعلية حسب ما يقدره المختصون دون الضامن نفسه المنطوي على معنى القرض.

هذا ما استطعت أن أصل إليه حتى الآن في هذا الموضوع، أرجو أن يكون فيه مساهمة لعلماء المجمع فيما يصدرونه من قرارات أو توصيات في هذا الموضوع الهام. والله نسأل أن يهدينا إلى سواء السبيل،،، والسلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ على السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، اللهم جنبنا الزلل في القول والعمل واهدنا لما تحب وترضى.

ولا أحب أن أكرر ما قيل ولكن أن أركز على بعض النقاط. قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((الزعيم غارم)) والزعيم هو الكفيل والكفالة التي كانت غرمًا لا أدري كيف تتحول في عصرنا إلى غنم.

الأمر الآخر أن الفقهاء جميعًا يشترطون في الكفيل أهلية التبرع وهم يجمعون على أن الكفالة بعوض لا تجوز ويحرمون هذا العوض سواء كان أجرًا أم جعلًا. والذي أرجوه من مجمعنا الموقر ألا نخرج على نص ثابت أو إجماع مستقر، حتى لو كان الإجماع بغير نص وصلنا، فإن شيخ الإسلام رحمة الله أثبت أن كل إجماع فيه بيان من السنة، وأوردت هذا في البحث، قال: استقرأت مواطن الإجماع فوجدتها – كل مواطن الإجماع منصوصة. وأخذ يضرب أمثلة في المضاربة وغيرها، وهذا موجود في البحث لا أريد أن أقرأه.

ص: 995

البنوك الربوية تأخذ فائدة على القروض وتأخذ فائدة على فتح الاعتماد وتأخذ فائدة هنا على ما يسمونه إقراض بالتوقيع، يسمونه هذا اقراضًا بالتوقيع. قد يحتاج عميل المصرف في بعض الأحيان إلى نوع من الاعتماد، فهنا إما أن يأتي الاعتماد العادي أو خطاب الضمان لأنه في النهاية نوع من الاعتماد، ولذلك، في الإقراض العادي يحسبون الفائدة في فتح الاعتماد. الفائدة من يوم أخذ العميل، في خطاب الضمان ينظرون إلى المبلغ المضمون، وإلى مدة المبلغ المضمون ويحسبون مبلغًا، نسبة ضئيلة مقابل المبلغ والزمن، فإذا تم الإقراض أخذوا الفائدة المعروفة.

المصارف الإسلامية عندما قامت لتطهير أموال المسلمين من الربا اتضحت الصورة أمامها بالنسبة للإقراض ولفتح الاعتماد، ولذلك فكرت في البديل الإسلامي، بالنسبة للإستقراض يبدو أن الصورة لم تكن واضحة عند بعضهم، ولذلك وجدنا من يسير مثل البنوك الربوية في جعل العمولة مقابل المبلغ والزمن، فإذا أقرض لا يأخذ ربا، ولمجرد الوعد بالإقراض يأخذ فائدة، فإذا أقرض بالفعل لا يأخذ، معناه أن الصورة غير واضحة. وبعض المصارف الإسلامية الأخرى لا تأخذ إلا ما يقابل العمل.

بالنسبة للكلام الذي نسب لابن عابدين. وكي لا يرد هذا القول إلى فتاوى بنك فيصل، أحب أن أقول أن كلام ابن عابدين مثبت وغير ابن عابدين ولذلك أقرأ هنا بعض ما يبين لماذا أجمع الفقهاء على أن الكفالة لا تجوز بأجر ولا بجعل. الإمام مالك كان يرى أن الكفالة من وجه الصدقة، الإمام الشافعي قال: الكفالة استهلاك مال لا كسب مال، وحكى عنه النووي: أن الضمان تبرع أو قرض محض. وقال الإمام النووي الضمان غرر كله بلا مصلحة وقال الكمال ابن الهمام: الكفالة عقد تبرع كالنذر. وقال الدردير. الضامن كالمسلف يرجع بمثل ما أدى. وقال ابن قدامة: الضمين والكفيل على بصيرة أنه لا حظ لهما. فاعتبر الكفالة كالنذر، ولذلك كما قلت أجمعوا على الكفيل لا بد فيه من أهلية التبرع. ثم بين ابن حزم أن الضمان استقراض، وغير ابن حزم كذلك. جاء في فتح القدير للكمال: إذا كان قضاء من جهة الذي أمر صار كما لو قال: اقض عني، ويتضمن ذلك استقراضًا منه، وفيه أيضًا. والحاصل أن الأمر في الكفالة تضمن طلب القرض إذا ذكر لفظ (عن) لأن هنا الحنفية يشترطون لفظ (عن) حتى يعوض الضامن على المضمون، وقال الكاساني: الكفالة بالأمر في حق المطلوب استقراض. إذن هنا ينصون على ذلك، ولذلك بين سبب المنع أكثر من فقيه. جاء في المغني، ذكر كلامًا للإمام أحمد والحنابلة: لو قال: اكفلني ولك كذا لم يجز؟ قال: فإذا أخذ عوضًا صار القرض جارًا للمنفعة، فلم يجز. وقال الدردير في أقرب المسالك: وعلة المنع أن الغريم أن أدى الدين لربه كان الجعل باطلًا، فهو من أكل أموال الناس بالباطل، وإن أداه الحميل لربه ثم رجع به على الغريم كان من السلف بزيادة. وقال الصاوي في شرحه: وقوله كان من السلف بزيادة، أي كان دفعه الدين وأخذه سلفًا والزيادة هي الجعل الذي أخذه. وقال: وحاصل ما في الشارح أن الجعل إذا كان للضامن فإنه يرد قولًا واحدًا. وقال ايضًا: علة المنع موجودة وهي السلف الذي جر نفعًا، وقال ابن عابدين في منحة الخالق على البحر الرائق الجزء السدس صفحة 242: الجعل باطل لأن الكفيل مقرض في حق المطلوب، وإذا شرط له الجعل مع الضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه، فهو باطل لأنه ربا. هذه ناحية.

ص: 996

الناحية الأخرى: أن الضمان لم يكن بعيدًا عن النشاط التجاري، وذكرت هذا أيضا في البحث (عهدة الدرك) ضمان الأسواق واجازه الأئمة ما عدا الإمام الشافعي، ضمان الأسواق المخاطرة فيه أكثر من خطاب الضمان الآن، وضمان الموزون والمكيل والمذروع

الخ. وما كان أحد يتصور أن يأخذ عن هذا أجرًا. ولذلك أخذ أجر على الضمان يعارض النص والإجماع، ولكن أخذ أجر على العمل المصاحب للضمان هذا يمكن، ثم يمكن كذلك إذا كان المصرف الإسلامي يريد أن يكون على اطمئنان، اقترحنا هنا أن يكون الغطاء النقدي وديعة استثمارية. خطاب الضمان المغطى الذي يمنع من الغطاء هو أن طالب الخطاب يعطل أمواله فلا يريد أن يضع الأموال في المصرف حتى لا تتعطل. فهنا قلنا واقترحنا على المصارف الإسلامية أن طالب إصدار الخطاب إذا كان له وديعة استثمارية يمكن أن تعتبر كغطاء للخطاب، أو يمكن أن يعتبر أي وديعة استثمارية أخرى قد يلجأ لصديق، لمعرفة، لأي أحد، وبالتالي المال لا يتعطل، فطالب إصدار الخطاب لا يتعطل ماله.

ثم الضمان المجرد هو الذي يمنع أخذ الجعل عليه فكذلك يمكن أن يدخل الضمان مع عقد آخر، يعني مثلًا صاحب رأس المال إنما يستحق الربح بالمال والضمان، في شركة الوجوه الضمان له ما يقابله، فكذلك هنا المصرف الإسلامي يمكن إذا وجد أن خطاب الضمان لمشروع يستطيع أن يدخله فيه، يمكن أن يدخل ولو بنسبة قليلة بحيث يشارك في الغنم والغرم، ويكون الضمان هنا له ما يقابله لأنه في عقد آخر، إنما الممنوع هو إذا كان الضمان مجردًا. لهذا أقترح الآتي بعد أن بحثنا هذا الموضوع والبحث أمام حضراتكم والبحث في كتاب موسع، أقترح الآتي:

أولًا: الكفالة المجردة لا أجر عليها وإنما الأجر على العمل المصاحب لها ويجوز أن يكون للضمان ما يقابله إذا دخل في عقد آخر.

ثانيًا: بالنسبة للغطاء النقدي، إذا كان للعميل حساب جار أو ودائع استثمارية فإن المصرف افسلامي يقبل جعلها غطاء نقديًا للكفالة على أن ينص على ذلك في التعاقد مع استمرار اشتراك ودائع العميل الاستثمارية في الأرباح.

هذه خلاصة والأخ الأستاذ الدكتور عبد الستار أغناني عن كثير. والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، والله أعلم بالصواب.

الرئيس:

بهذا ننتهي من استعراض ثلاثة من البحوث كنماذج لما بين يدي اصحاب الفضيلة من البحوث ونفتح المناقشة للجميع بما فيهم المشايخ الذين أعدوا بحوثًا ولم نستعرض بحوثهم، فإننا نفتح المناقشة للجميع بما فيهم المشايخ المذكورين. والشيخ زكريا.

الشيخ زكريا البري:

هذه المناقشة لا تغني عن النموذج المقدم منى.

ص: 997

الرئيس:

تفضل.

الشيخ زكريا البري:

بسم الله الرحمن الرحيم، أقدم وأمهد لرأيي بهذه المقدمات الأصولية والفقهية المشتملة على القواعد التالية:

أولًا: الأصل في الأشياء ومنها العقود والشروط والتصرفات، هو الإباحة والجواز والصحة، ولا يحرم منها إلا ما يقوم الدليل الخاص على تحريمه، هذه القاعدة وهذا الأصل الذي ذهب إليه بعض الأصوليين والفقهاء المحققين والذي انطلق منه الإمام العظيم والفقيه الحنبلي المجتهد ابن تيمية، إلى حرية التعاقد والإشتراط مستندًا في دعم رأيه الذي رفع به الحرج عن المسلمين وبصفة خاصة في العصر الحاضر، الذي استحدثت فيه الحياة عقودًا وشروطًا غير مسبوقة إلى ما يأتي:

ما جاء في القرآن الكريم من الأمر بالوفاء بالعقود بصفة عامة ومن ذلك قوله – جل ثناؤه – {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} وقوله - سبحانه - {وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا} .

فكل عقد أو شرط في عقد، ورد به نص أو لم يرد، هو التزام وعهد من العاقدين يجب الوفاء به.

والقول بعدم جوازه وعدم صحته من غير دليل مخالفة لهذه الآيات القرآنية العامة.

ثانيًا: ما جاء في السنة النبوية الصحيحة، من الأمر بالوفاء بالوعد وبالعهد، والتحذير من الغدر، مثل قوله – عليه الصلاة والسلام – ((أربع خلال من كن فيه كان منافقًا خالصًا، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)) .

ولو كان الأصل في العقود والشروط الحظر والمنع، إلا إذا قام الدليل الخاص على الحل، لم يذم الرسول إخلاف الوعد بهذا الإطلاق، ولم يذم الغدر بنقض العهد بصفة عامة، كما جاء في الحديث.

ثالثًا: أن التعاقد والاشتراط فيه مباح بحسب الأصل، والمباح إذا اوجبه الشخص على نفسه لغيره، صار واجبًا عليه لتعلق حق الغير به.

ص: 998

بعد ذلك يقول: (أن العقود والشروط من الأفعال والمعاملات العادية ولسيت من العبادات التي لا تجوز ولا تصح إلا بالتلقي من الله جل جلاله .

والله سبحانه وتعالى يقول {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} وهذا التفصيل يعم الأفعال والتصرفات، فإذا لم يكن العقد أو الشرط حرامًا بتحريم الشارع، فإنه لا يكون باطلًا، لأن البطلان إنما يترتب على التحريم.

بعد ذلك يقول: (إن الأصل في العقود والشروط قيامها على التراضي بين العاقدين، وتترتب آثارها عليها تبعًا لهذا التراضي) .

وفي ذلك يقول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، ويقول في المهر {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} .

فقد أحلت الآيتان الأموال فيهما بناء على الرضى في الاية الأولى، وطيب النفس في الاية الثانية، ما لم يكن هناك دليل خاص لتحريم عقد خاص أو شرط خاص.

بعد ذلك يقول: (إن العقود والشروط التي تتم بين الناس أمور مقصودة لهم، يرون فيها مصلحتهم التي لا تلحق الضرر بغيرهم، ولولا حاجتهم إليها ما عقدوها ولا اشترطوها. فيجب رفع الحرج والضيق والعنت عن الناس يتجويزها وتصحيحها وترتيب الاثار عليها، ومنع عقد أو شرط من غير دليل شرعي – مع هذه المصلحة وتلك الحاجةللمتعاقدين –يؤدي إلى الحرج والضيق والعنت الذي رفعه الشارع الإسلامي، في مثل قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} ، أي ما جعل وما شرع ما يحرج عباده كما جاء في الاية الأولى، وما يريد أن يجعل فيشرع باسمه سبحانه ما يحرج عباده وهو العليم الحكيم، الرؤوف الرحيم.

بعد ذلك يقول: (إن العقود والشروط المقترنة والمرتبطة بها لا يخلو حكمها من أحكام ثلاثة:

- الا تحل إلا بدليل خاص من كتاب أو سنة أو دليل يستند إليهما، فإذا حلت بهذه الصورة وجب الوفاء بها.

ص: 999

- أو ألا تحل إلا بدليل عام.

- أو أن تحل من غير دليل عام ولا خاص، مادام لم يوجد دليل على التحريم.

والفرض الأول غير صحيح، لإجماع المسلمين في العصر الأول على وجوب الوفاء بالعقود التي عقدت في الجاهلية، مادامت لا تشمل على أمر منهي عنه، فإذا اشتملت على أمر منهي عنه صح منها ما لم يرد نهي عنه.

فقد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم المال الثابت في العقود الربوية، وأبطل شرط الربا في هذه العقود، وقال:((ربا الجاهلية موضوع)) أي أسقطه والغاه المشرع الإسلامي.

أما الفرض الثاني فإنه يشهد للحل ويترتب عليه الوفاء بكل عقد أو شرط غير منهي عنه بدليل خاص، للأمر العام بالوفاء بالعقود.

وكذلك الفرض الثالث يشهد للحل، وهذا ما أراه أيضًا.

ثم أما بعد،

انه لا يوجد في أخذ الأمر على هذا الضمان المصرفي لتنفيذ أعمال مشروعة نص محرم من كتاب أو سنة، ولا دليل محرم. فلا يوجد له نظير يقاس عليه في التحريم لاشتراكهما في علته.

ثم لا يوجد عرف صحيح يحرمه ويمنعه، ولا توجد فيه مفسدة كما لا توجد مصلحة في تحريمه بل أن المصلحة في إباحته وحله وصحته، وفي إلزام المضمون به. وإذا قيل أن بعض كتب المذاهب الفقهية قد صرحت بتحريمه فاني أقول أن الدليل الذي استندوا إليه هو أن الضمان لم يشرع إلا على سبيل التبرع، وهو صورة من صور المصادرة، لأن نفس الدعوى هي نفس الدليل كأنهم يقولون أن أخذ الأجر غير مشروع لأنه غير مشروع.

وفد زادني ثقة بهذا ما سمعته جديدا من هذه البحوث الآن، وإذا قيل أن الإمام ابن تيمية الذي ذهب إلى أن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة والحل، قد ذهب إلى عدم جواز أخذ الأجر على الضمان، قلت: أني مع قاعدته العظيمة لقيام الأدلة عليها، ولست معه في عدم جواز أخذ الأجر على هذا الضمان إذا كان رأيه بالمنع يشمل الضمان المصرفي التجاري، للأسباب التي بينتها وأبينها.

والظاهر عندي أن هذه الفتوى المروية عنه لا تشمل الكفالات بهذه الصورة التجارية الجديدة التي تعاملت بها المصارف العامة، وتتعامل بها بعض المصارف الإسلامية.فلقد كانت الكفالة في العصور الماضية تتم ضمانا لمحتاج يستدين، وقد لا يجد من يسلفه إلا بضمان من ملئ لضعف ذمة المستدين المالية ونحو ذلك فيضمنه الغني تفريجا لكربه ورجاء لثواب الآخرة.

ص: 1000

وفي مثل هذا يقول الرسول الرحيم ((من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) .إما الآن فان هذه الضمانات تتم لشركات مالية كبرى، ولتجار أغنياء، ولابد في قبول العطاءات من هذه الشركات وهؤلاء الأغنياء من تقديم الضمان المصرفي.

وهذه العطاءات التي تقدمها الشركات والتجار للالتزام بأعمال معينة يتوقف قبولها –كما قلنا – على تقديم الضمانات، وهذه الأعمال تتوقف عليها تنمية المجتمع تنمية اقتصادية واجتماعية وعسكرية وسياسية بل أن البنية الأساسية للمجتمع من طرقات ومواصلات ومرافق مياه وصرف صحي وكهرباء تتصدر هذه الأعمال. وامتناع المصارف الإسلامية عن القيام بهذه الضمانات لأنها لا تستفيد منها ماليا وتجاريا يؤدي إلى لجوء المحتاجين إليها إلى البنوك الربوية في هذه الضمانات ثم في غيرها.

فإذا سادت المصارف الإسلامية –وهذه هدف أساسي لنا – استحال على هذه المصارف القيام بهذه الضمانات ما دام أخذ الأجر عليها غير مشروع لأنها إما أن تقوم بها مجانا وفي ذلك تعريض أموال المؤسسين والمساهمين فيها للضياع من غير فائدة تعود عليهم، واما أن تقوم بها باجر، ولا يرى الفقهاء جواز ذلك.

ويتعين –بناء على ذلك – القيام بهذه الضمانات وأخذ الأجر المناسب عليها من غير وكس ولا شطط ولا مغالاة، وفي ذلك كشف لمغالاة البنوك الربوية، يدعو إلى الإحجام عن التعامل معها في هذه الضمانات ثم في غيرها، وفيه من المصلحة ما فيه.

ص: 1001

ولقد أفتى المتقدمون من فقهاء بعض المذاهب بعدم جواز أخذ الآجر على تحفيظ القران وإمامة الصلاة بناء على انهما يدخلأن في العبادات والطاعات التي لا يجوز أخذ الأجر المادي عليها في الدنيا، والتي يستحق فاعلها الجزاء والثواب الأوفي في الآخرة، والآخرة خير وأبقى. وقد جرى المجتمع الإسلامي على ذلك حينا من الدهر، ثم اقتضت الثورات الاجتماعية تخصيص مسلم مؤهل للقيام بهذه الأعمال بحيث يتفرغ التفرغ اللازم والمناسب لها.

ووجد المتأخرون زمانا من فقهاء هذه المذاهب نفسها أن القول بعدم جواز أخذ الأجر في ذلك وفي أمثاله مؤد إلى ضياع حفظ القران الكريم حفظا سليما، والى ترك إمامة الصلاة لمن لا يحسنها نظرا لعدم التفرغ لهذه الأعمال الدينية اشتغالا بكسب العيش فأفتوا بأخذ الأجر. وعلى ذلك جرى ويجري العمل الآن في جميع البلاد الإسلامية.

ثم إذا كان مقتضى هذا الضمان المصرفي إلزام المصرف بالمغارم التي تترتب على هذ1 الضمان، تنفيذا لالتزامه، فلم لا يكون له غنم من المضمون يؤديه للمصرف الضامن نتيجة الاتفاق والرضا به؟

ومن القواعد الفقهية العادلة أن الغرم بالغنم، جرى عليها التعليل الفقهي في مثل وجوب نفقة الفقير العاجز على قريبه الغني الموسر، مغرما في حالة فقر القريب مقابلة للمغنم بميراثه في حالة يساره.

وإذا كان الأصل منع الأجر عند بعض الفقهاء فلم لا يجوز أخذه استحسانا واستثناء من القواعد الأصلية استنادا إلى المصلحة العامة والخاصة؟ وإذا قيل أن في إمكان الضامن-كما أشار الأستاذ السالوس – أي (المصرف) والمضمون أن يشتركا في نفس العمل الذي يضمنه المصرف، قلت: أن هذا ممكن إذا رأي الطرفان مصلحتهما فيه. ولكن قد يريان أو يرى أحدهما أن المصلحة في انفراد المصرف بالضمان واستحقاق الأجر عليه، وانفراد المضمون بنتيجة العمل ربحا أو خسرا.

ص: 1002

كما أن المجتمع الإسلامي كان يرى أن الوكالة عن الغير في عمل من الأعمال تكون مجانا وخدمة اجتماعية، ثم تطورت الأحوال تطورا حضاريا، ووجد المتخصصون الذين لا يقبلون الوكالة إلا بالأجر، كما في توكيل المحامي وتوكيل السمسار وكل منهما يتفرغ لهذا العمل ويكسب قوته من هذا الأجر.

بعد ذلك أرد على ما قاله العلامة أبو غدة من أن هذه واجبات فيجوز أخذ الأجر عليها، إما هذه فليست واجبات فلا يجوز أخذ الأجر عليها، أقول له يا سيدي إذا كان المنطق هو هذا فإنه إذا جاز أخذ الأجر على الواجب الديني جاز أخذ الأجر على المباح من باب أولي، وإذا قال أن هذا ليس أجرا إنما هو رزق، قلت: ما هذا؟

أقول: أن كل ما سمعته زادني ثقة بهذا الرأي ولهذا فاني رغم أنى ختمت كلمتي التي كنت أرسلتها إلى أمانة المؤتمر فان الأساتذة الأجلاء أعضاء المجمع الرائد يعلمون انه يستوي في الإثم تحريم الحلال وتحليل الحرام من غير دليل والله – سبحانه وتعالى –يقول {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

ثم أقول أيضا ومما زادني ثقة في هذا الرأي. هذا رأيي الذي اعرضه على حضراتكم، فان يكن صوابا فمن الله وبتوفيقه، وان يكن خطا فمني ومن الشيطان، استغفر الله وأتوب إليه. وأول درجات التوبة الرجوع إليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1003

الشيخ عبد اللطيف جناحي

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف المرسلين. اللهم لا تجري على لساني إلا صدقا ولا تجعلني أقول إلا حقا.

سيدي الرئيس، قبل أن أدخل في صلب الموضوع، أود أن اقرر بعض النقاط:

أولا: بنوكنا الإسلامية ليست صورة من البنوك الربوية، ونحن لا ننطلق من نفس المنطلقات التي ينطلقون منها، فلنا عقيدتنا التي ننطلق منها وتنبعث وتنبثق أفكارنا من أسسها، هذه حقيقة واحدة يجب أن نقرها.

ثانيا: ما كل ما يعمل في البنوك الربوية يجب أن نعمله ولسنا منافسين لهم أو مقلدين لهم، ولو دخلنا في مجال المنافسة وتفويت الأرباح علينا لطلبنا من العميل أن يستورد الخمر ويكتب عليه عصير عنب قديم.

ثالثا: المصارف الإسلامية ليست جهات تبرع، فأموال المسلمين لديها، وعليها أن تحافظ على هذه الأموال حق المحافظة. وان اضطرت إلى إصدار خطاب ضمان من غير اجر فعليها أن تبني ذلك على المصالح المشتركة التي بينها وبين العميل وليس على أساس خطاب الضمان المصدر.

رابعا: من خلال عملي واطلاعاتي المتواضعة البسيطة التي لا أستطيع أن انسبها إلى اطلاعاتكم من أقوال فقهائنا وجدت أن هناك شفافية إيمانية لدى السلف الصالح يجب أن نقف عندها إذا قالوا بالتحريم حتى ندرك سبب التحريم وتتكشف لنا الأمور ولا نستعجل في إصدار القرارات.

خامسا: أنا قصتي مع خطاب الضمان قصة طويلة، كنت من مؤيدي أخذ الأجر ولكن لم آخذ الأجر لأن رقابتي الشرعية لم تسمح بذلك، ودخلت معهم في نقاش طويل ثم قلت: لأذهب وابحث عن إثباتات لادحض رأيهم، وكتبت إلى عدد من العلماء الذين أثق بأيمانهم ومنهم أخي وزميلي علي السالوس الذي جاء رده برفض أخذ الأجر فقلت: أذن يجب أن اقف وقفة. هذا التجمع تجمع آراء السلف الصالح الذين اعتبر شفافيتهم الإيمانية اكثر من شفافيتي، لابد أن يكون هناك سبب وبدأت ابحث في الموضوع ولا أستطيع أن أقول أنني أكملت البحث لحد الأن، ولكن سأسرد لكم ما توصلت إليه.

ص: 1004

وجدت في سنة 82 تغير في شكل إظهار ميزانيات البنوك الأمريكية. العادة خطابات الضمان يعتبرونها من الحسابات المتقابلة، أي لا تظهر في الأصول فورا. الميزانية تقسم إلى قسمين: له وعليه، ويوضع في له مثلا عقارات أو كذا وكذا، وعليه ودائع لفلأن وعلان ويحسم، ثم تأتي الكفالات كل مسمى. حسابات متقابلة يسمونها حسابات نظامية لا تحسب على البنك إلا عند وقوعها. وإذا بعض المدققين في أمريكا قالوا لا يجب حسابات الضمان أو خطابات الضمان أن تدخل كمسؤولية هذا التغيير جعلني اقف وقفة، لماذا اصبحوا يفكرون في مسؤليتهم؟ قالوا لا هذه قاعدة للسحب، وبدأت استفسر واسألهم. وإذا بالأمر له خلفية هو صحيح ما التبس في الأمر أن نسبة أخذ الفائدة على خطابات الضمان ضئيلة جدا لا يمكن مقارنتها مع نسبة الفائدة الربوية. الفائدة الربوية 11 و12 و13 خطابات الضمان 1/8و 1/4 و 1/2 كيف تأتى ذلك؟ عبر الزمن، خطابات الضمان كونت حقيبة كبيرة من المال. لنفترض أننا كنا جميعا احتجنا إلى خطابات ضمان، كل من احتاج إلى 100 ريال خطاب ضمان، ونحن خمسون، في مائة اصبح خمسة آلاف ريال خطابات ضمان. هل الخمسة آلاف كلها ستسحب؟

لا! لدينا ناس ماليون ممكن أن يسددوا بأنفسهم أو يقوموا بالتزاماتهم. إذا كم في المائة من هذه الخطابات قد تسحب، ممكن واحد في المائة أو اثنان في المائة، إذا البنك الربوي يعزل هذا الواحد في المائة ويضعه مبلغا تحت الطلب عندما يفشل أحدنا في سدا التزاماته. هل هذا المبلغ ثمن أو لا؟ نعم لهذا المبلغ ثمن ربوي لابد أن يأخذ البنك عليه فائدة لأنه حجزه لصالح من سيفشل منا، قد يكون أنا قد يكون مليون شخص، كلما كبر البنك كلما قلت مخاطر خطابات الضمان فإذا هذه النسبة التي تؤخذ، في الحقيقة نسبة ربوية، ولكن تضائلت النسبة لا لأن المبلغ كبير ونأخذ عليه شيئا بسيطا، لا! لأن ما سيطلب قد يكون مبلغا بسيطا. وأرجو أن يكون هذا واضحا. وأنا أعتز برأي زكريا البري وإحبه حبا شديدا ولكن أود أن يسمح لي في مخالفته في هذا الرأي لا كفقيه ولكن كتلميذ من تلاميذه وابن من أبناؤه أحبه كأبي. فلذلك هي نسبة مئوية يحسبها البنك بأسس وقواعد ربوية هذه هي شكلية خطابات الضمان، وهذه هي الميكانيكية ورائها، ولكن للبحث في الموضوع لم يبحث في الميكانيكية، بحث في الشكل فقط، الشكل الظاهر، الحقيقة في بعض الأوقات قد يكون مضللا، قد لا يكون واضحا لأن ما توصل إليه خطابات الضمان توصلوا إليه عبر ما يكاد يكون قرنا فتكونت خبرة لقرن من الزمان لمائة سنة أو خمسين سنة أو ....الخ، ونحن عرفنا في مشرقنا البنوك الربوية يمكن من ستين سنة، فلننظر، وهذا ما سأحاول أن اصل إليه.

ص: 1005

سأرجع قبل ستين سنة، لأرى في منطقتنا العربية والإسلامية كم كانت نسبة خطابات الضمان؟ هل كان الثمن أو كانت اثنين أو ثلاثة في المائة أو أربعة في المائة..لماذا؟ لأنه ليس لديهم ثقة في مقاولينا وتجارنا. هذه قد تلقي بعض الضوء لدى العلماء وخاصة أن النظرة كما قلت لدى بعض مدققي الحسابات في أمريكا تغيرت.

وأرجو أن أكون قد وفقت بطريقة العرض بشكل يكون واضحا وألا أكون مقصرا فيما قلت. وأشكرك يا سيدي الرئيس.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم، اخواتي الأساتذة الكرام، في الواقع أني قضيت في الماضي زمنا طويلا متحيرا في هذا الموضوع، ذلك أني كنت أرى نصوص الفقهاء في منع أخذ الأجر على الكفالة وذلك من قبل أن تشيع قضية خطابات الضمان المصرفية، ثم شاعت خطابات الضمان المصرفية، وزادني الأمر حيرة ذلك أنني كنت أجد حاجة الناس تزداد وتكثر إلى خطابات الضمان في مناسبات قانونية وأعمال رسمية وتعهدات وما إلى ذلك، ونصوص الفقهاء مانعة، لا سبيل، كما سمعتهم، لا حاجة إلى إعادة شيء منها. بهذه الكثرة أصبحت أميل إلى القول بأنه: ما مستند الفقهاء والعلل التي سمعناها إنها تؤول إلى قرض وإنها في البداية تبرع؟ كلها لم اكن أجد فيها ما يروي الغليل، ويسند موضوع المنع، لأن كثيرا من الأمور يكون البدء فيها مشروطا بشرائط وفي النهاية تكون لها أحكام أخرى، يعني في النهاية يكون الشيء حكمه بدءا شيئا ونهائيا شيئا كما هو معروف في بعض الفروع الفقهية. فكنت في حيرة في الواقع زمنا طويلا في هذا الموضوع، ثم انتهيت في فترة ما غير بعيدة إلى إزالة هذه الحيرة، بالاستقرار على التحريم ذلك أني رأيت بعد تفكير طويل والتماس العلل، رأيت فكرة جاءت كشفت لي حكمة النصوص الفقهية بالتحريم.

ص: 1006

ذلك أنى قلت إذا جاز أخذ الأجر على الكفالة فان تحريم الربا يفقد حجيته. فلا يبقى هناك مجال أبدا لتعليل حكمة الربا، لماذا؟ لأننا نحرم على المقرض أن يأخذ فائدة، أو أي زيادة على مبلغ القرض، لماذا؟ لأنها ربا وهو محرم.

فكيف إذن نبرر ذلك إذا قبلنا أن الكفيل لمجرد تعرضه لأن يؤدي عن المكفول مالا في المستقبل وقد لا يؤدي، لا تقع المسئولية لمجرد هذا الالتزام وتعرضه إلى أن يؤدي عنه مالا في المستقبل سيصبح قرضا، أننا نسوغ له أخذ الأجر. ذاك المقرض الربوي الذي يدفع بالفعل ويتخلى عن جانب من ماله لمصلحة ذلك الآخر الذي يستعمل مال ذلك المقرض، نقول: لا يجوز أن يأخذ هذا المقرض زيادة عن ما اقرض، وإذا لم يقرض بالفعل ولكنه دخل تحت مسئولية تعرضه لأن يؤدي فيما بعد، وقد لا يحتاج إلى التأدية، نقول: يأخذ.هذا انكشف لي فيه تناقض إذا أقررنا جواز أخذ الأجر على الكفالة.

وزالت غمامة في فكري في الموضوع وظهرت لي حكمة اتفاق الفقهاء، وكنت اعجب لهذا الاتفاق لأنه قلما توجد مسالة فقهية ليس فيها خلافات في المذاهب والآراء بكثرة. هذه لم أجد فيها خلافات، فكنت اعجب من هذا الاتفاق فانكشفت لي بذلك الحكمة وقلت: هذا لو قبل أخذ الأجر فيه، لفقد الربا حجية تحريمه. واستقر فكري على هذا الموضوع. ولكني بقي في نفس شيء، كيف نعالج مشكلات العصر في هذا الشان ونحن نرى أن البعثات العلمية لا يمكن أن تقررها وتنفذها الحكومات إلا إذا قدم طالب البعثة خطاب ضمان مصرفي لكي يبعث للدراسوالعلم. المتعهدون لا يمكن أن يقبل منهم دخول في تعهد لأعمال حكومية ولمصالح تعميرية وإنشائية إلا إذا قدموا خطاب ضمان.

كثير من وظائف الدولة وهي أعمال عامة مشروعة إذا كان هناك فيها علاقة مالية فيها أمانة، وما إلى ذلك لا يوظف فيها الموظف إلا إذا قدم خطاب ضمان. مثلا أمين صندوق، النظم لا يمكن أن يعين أمين الصندوق في دائرة أو وزارة إلا إذا قدم خطاب ضمان. وهكذا كثير من الأعمال ربطتها النظم القائمة الحالية، ربطتها بتقديم خطابات ضمان، فكيف نعالج هذه المشكلة؟ الواقع زادني الأمر حيرة بعدما انشرح صدري في ذاك الوقت وأعطيت آراء كثيرة متعددة بالحرمة وبتوجيهها بهذا التوجيه، لكني في مواجهة المشكلة القائمة في الحياة الحاضرة والتي إذا سد فيها باب الأجر على خطابات الضمان تعطلت مصالح وتوقفت بعثات دراسية وتوقفت أعمال إنشائية ومقاولات وتعهدات ووظائف عديدة ....الخ كيف نعالج هذا؟ أن هذا مشكل يجب أن يعالج.

ص: 1007

العلاج الذي أورده أخونا العزيز الكريم الدكتور السالوس بان يدخلا شركة: الضامن والمضمون له، هذا لا يمكن أن يطبق، أولا لصعوبة تطبيقه ولما ذكره الأخ الكريم الدكتور البري أن هذا قد لا يرضاه الطرفان، ولا يكون فيه مصلحتهما. أزيد على ذلك انه في بعض الحالات لا يمكن تطبيقه، هذا يمكن لما يكون خطاب الضمان لأجل ممارسة أعمال استثمارية قابلة للشركة، لكن كيف يمكن أن يدخل الضامن والمضمون في شركة مثل البعثة الدراسية التي يجب على الطالب المبعوث لكي يبعث أن يقدم خطاب ضمان، كيف يدخل معه المصرف في شركة في مثل هذا الحال، هذا ليس بحل. والواقع أني في حيرة من هذا الأمر ولكني بدأت أميل من فترة إلى أن نميز خطاب الضمان عن موضوع القرض الربوي الذي قلت: انه لو أبحنا الأجر على الضمان لفقد الربا حجيته. ظهر لي فرق يمكن أن نفرق به بين الموضوعين، وعندئذ يمكن أن يكون مثل رأي أخينا الدكتور البري أن يكون مقبولا. ذلك أن القرض الربوي هو عمل احترافي يتخذ به المرابي هذا الشان طريقا لاكتسابه الحيوي، كما يأخذ كل ذي طريق اكتسابي فرعا من فروع الاكتساب كالتجارة والصناعة

الخ، فهو احتراف لامتصاص أموال الناس بدون عمل وبدون جهد عن طريق الإقراض بالربا. أما خطابات الضمان فهي لم يعهد حتى إلى يومنا هذا انه عمل احترافي مستقل تلجا إليه البنوك أو المصارف لكي تجعل طريق اكتسابها وأرباحها من خطابات الضمان، ولا سيما أن النسبة ضئيلة التي تؤخذ على ذلك فهي لا تصلح للاحتراف، وفي الواقع ليست هي طريق احتراف اكتسابي أصيل في عمل الناس المرابين كما هو واقع، بل هي أصبحت عملا جانبيا تشبه أن تكون كما سمعتم في النصوص التي أوردها الإخوان الباحثون الدكتور عبد الستار والدكتور السالوس وغيرهم انه إذا كان الخطاب ليس مستقلا وانما هو في ضمن عقد آخر، فإنه لا يصبح مقصودا بالذات وعندئذ يجوز أخذ الأجر عليه. هذا لعله باب يمكن حل المشكلة به.

ص: 1008

الرئيس:

هل يوجد خطاب ضمان مستقل؟

الشيخ مصطفي الزرقاء:

نعم البعثات أوردت خطاب ضمان مستقل، مبعوث طالب يريد أن يوفد للدراسة، لا يمكن أن يوفدوه إلا بخطاب ضمان.

الرئيس:

لكن إذا تعلق خطاب الضمان صار موجب الخطاب هو الابتعاث، كما أن موجب خطابات الضمان الأخرى هو المقاولات أو الإنشاءات أو ما جرى مجرى ذلك.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

ليس كله.

الرئيس:

قصدي له تعلق من وجه في الابتعاث.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

أمناء الصندوق يعينون في وظيفة مستقلة، لا يعين إلا بخطاب ضمان.

الرئيس:

سؤال سلمك الله، هل يوجد خطاب ضمان مستقل بدون أي علاقة؟

الشيخ مصطفي الزرقاء:

بدون أية علاقة، لا.

الرئيس:

لابد من موجب.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

لابد من سبب ولا شك، داعٍ يدعو الشخص المحتاج إلى خطاب الضمان أن يطلب هذا الخطاب. المهم أنني رأيت بعد تفكير أن هناك فرقا واضحا بين عمل المرابي الذي مهنته الإقراض بالربا وبين خطاب الضمان الذي نحن رأينا أن أخذ الأجر عليه يفقد الربا حجية تحريمه، فرق بينهما. خطاب الضمان عمل جانبي دائما، عمل جانبي تمارسه المصارف، ولا سيما صورته الحاضرة في عصرنا هذا كما أشار الأستاذ الدكتور البري.

لأن صورته الحاضرة في هذا العصر وكثرة طلباته التي أوجبتها القوانين بمختلف النواحي والمناسبات جعلت منه شانا جديدا، ولذلك من الممكن أن نقول، هذا أيضا تابع للبحث والمناقشة ولا اجزم به من الأن، من الممكن أن يقال بان هذا العمل عمل جانبي في المصارف وليس مراباة محترفة كما في القروض الربوية ولا سيما انه اصبح في عصرنا الحاضر أخذ طورا جديدا لم يكن له من قبل أبدا. وارتبطت به مصالح مشروعة لأناس إذا لم يمهد لهم سبيل أخذ خطاب الضمان تتوقف مصالحهم ومنافعهم المشروعة كالبعثات الدراسية مثلا وغيرها تتوقف مصالحهم عليها واصبح خطاب الضمان لكثرته ما عادت تقدم عليه البنوك أو الجهات التي يطلب منها ولو كان هناك داع إليه لأنهم لو فتحوا الباب لكثرت الطلبات عليهم جدا ولا يمكن أن يفعلوا هذا بدون لقاء. فلذلك اصبح وجود اللقاء وهو بسيط زهيد نسبة ضئيلة، هذا هو الذي يسهل على تلك المصارف إعطاء خطاب الضمان ويمشي مصالح هؤلاء المحتاجين، وهي مصالح مشروعة لهم واصبحوا الباب أمامهم مسدود لا يستطيعون الوصول إلى هذه المصالح إلا عن طريق فتح باب أخذ هذا الأجر الضئيل على خطاب الضمان.

ص: 1009

وعندئذ لا يرد ما أورده أخونا الجناحي الكريم من أن حسابات خطاب الضمان في المصارف الأجنبية، وان كانت هي في ظاهرها ضئيلة لا تهدف بالظاهر إلى الربا ولكن نظرا لأن المسؤولية لا تتحقق عليهم في كل خطاب ضمان يوجهونه ولكن تتحقق في حالات نادرة، فما يأخذونه، من المجموع الضئيل يغطي هذه المسالة، وان كانوا يحسبون هذا حسابا ربويا، نحن لا يهمنا أي طريقة من الحساب تحسبها البنوك الأجنبية، هذا لا يهمنا، وأنا كثيرا ما أفتيت. يسألني الناس، البائع يضع سعرا لسلعته فيقول كهذه بمائة نقدا وبمائة وعشر مؤجلا مثلا. فأقول لهم: هذا جائز، ونص الفقهاء عليه، ليس من عندي بل منصوص عليه، ولأن رغبات الناس تتفاوت بين أن يبيع الإنسان بنقد عاجل يأخذه ويعوض به البضاعة وبين أن يبيع بمؤجل، رغبات الناس في البيع، يعللونه الفقهاء هكذا (من تفاوت رغبات الناس في البيع)، يقولون لي السائلون: طيب هو يحسب الزيادة الذي يريدها على أساس الفائدة، هو يأخذ كم في العادة تأخذ المصارف مثلا، أو القروض يضعون عليها فائدة سنوية، فهو لأجل الثمن المؤجل مثلا سنة يضيف مثله، أقول لهم نحن لا يهمنا طريقة حسابه اليوم التاجر بدون أن يجعل سعرين للنقد والمؤجل لو جاء فوضع بضاعته أمامه ولا يبيع إلا بنقد لو فرضنا، وهو يحسب كم يجب أن يربح، أخذ هو طريق حساب الفوائد وقال ما دام البنوك تربح مثلا نفرض 10 %، فأنا اشتريه بمائة وأبيعه بمائة وعشرة، نحن هل نقول له يحرم عليك هذا لأنك بنيت الحساب على الفوائد البنكية، لا علاقة لنا بما يبني عليه حسابه.

فتبني البنوك الأوربية والأمريكية حسابها في نسبة ما تأخذ عن خطاب الضمان كما تشاء لا يهمنا، لكن نحن إذا وجدنا أن هذا الخطاب أصبح ضرورة وفيه وفاء لحاجة الناس ومنافع مشروعة، والطريق فيه مسدود لا يمكن إلا بهذا، وهذه النسبة لا تشكل قرضا ربويا وأن الخطاب نفسه اصبح عملا جانبيا وليس هو عمل مراباة أساسي كالمضاربين الذين يجعلون طريقة كسبهم لحياتهم هو الإقراض الربوي، كل هذه الملاحظات والفروض أصبحت ولحل المشكلة أميل إلى أن يقرر جواز خطاب الضمان. وعندئذ تصبح البنوك الإسلامية يزول حرجها. والسلام عليكم وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون صوابا.

ص: 1010

الرئيس:

يعني يجوز خطاب الضمان في البنوك الإسلامية فقط؟ قصدي يعني في البنوك الأخرى لا يجوز لها.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

متى أقررناه بهذا الشكل يقر للجميع، لأن البنوك الربوية لو أرادت أن تصدر خطاب ضمان بدون اجر، هل نمنعها لأنها ربوية؟ لا، ما جاز للبنوك الإسلامية يجوز لغير الإسلامية من باب أولى.

الرئيس:

انتم قيدتم.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

لا أقيده بالبنوك الإسلامية.

الشيخ محمد علي الزبير:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلي الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين. سماحة الرئيس سوف أكون موجزا بإذن الله.

أولا: يسمح لي أستاذي الدكتور البري أن أخالفه مخالفة صريحة في منهجيته للوصول الى الحكم والاستدلال بالطريقة التي استدل بها للوصول إلى الحكم الشرعي.

فالواقع هو أستاذنا في أصول الفقه، ولقد تعلمت منه الشيء الكثير. فليس كل عقد من العقود يمكن أن يقال انه مباح لأنه عقد مستحدث، وانما العقود تقاس وتكيف حسب العقود الموجودة قديما، ولابد أن نقيسها على العقود الموجودة في الفقه. فالواقع التكييف الشرعي كما كيفوه أساتذتنا الشيخ أبو غدة والشيخ السالوس هو تكييف صحيح: أن خطاب الضمان يمكن أن يكيف على ثلاث حالات:

الحالة الصرفة، أن يكون عقد كفالة، والكفالة كما هو مقرر في كتب الفقه لا يجوز عليها أخذ الجعل أو الأجر إذا كانت كفالة بحتة.

ص: 1011

الأمر الثاني: أن يكون المبلغ مغطى، إذا كان مغطى تغطية كاملة فيجوز أخذ الأجر على ذلك بان يكون البنك وكيلا وأن يقوم بالعملية بالوكالة، والوكالة يجوز فيها الأجر، وهنا تظهر مفارقات عجيبة، لأن البنك حينما يضمن بدون تغطية لا يعطي أجرا وإذا غطى المبلغ يعطي أجرا، وهذا ما يعترض عليه كثير من البنكيين الذين يقولون إن الفتوى عجيبة في حالة الضمان البحت الغير مغطى لا يؤخذ اجر على ذلك وفي حالة التغطية تؤخذ وكالة، وفي الواقع أن التغطية هنا أيضا لابد أن نقول أن هناك نوعان من التغطية، تغطية كاملة ويمكن أن يكيف العقد على أساس وكالة بحتة، وممكن أن تكون التغطية جزئية وهذا هو الواقع في البنوك وهذا هو مدار العمل في البنوك كلها.

أن تكون التغطية جزئية وليست كلية فهناك تغطية بنسبة الربع أو 25 أو 30 % من قيمة المبلغ الذي يراد أن يصدر له خطاب الضمان.

أستاذنا البري لو أراد أن يكيف القضية تكييفا شرعيا على وجه الاستحسان لسألناه ما هو دليل الاستحسان؟ وما هو الترجيح بين الأدلة؟ على الأقل أن يكون هناك دليلان، دليل أرجح من الدليل الآخر، واستطاع أن يرجح دليلا على آخر لوجه المصلحة بالاسترسال بالمرسل فهذا مقبول أيضا. ولكن يبدو لي انه ليس هناك دليل غير العقود القديمة التي يمكن أن يكيف عليها هذا العقد المستحدث. ثم إذا كانت المصلحة أو الحاجة تنزل على أساس أنها ضرورة من الضرورات وهنا أيضا الحكم يعتمد على الضرورة ويجب أن نكيفه على الضرورة، ولكن أين الضرورة؟ ممكن أن يوجد البديل ويمكن أن توجد البدائل وممكن للاقتصاديين أن يدرسوا الموضوع ويجدوا دليلا ومخرجا لا يمكن أن نتحرج منه.

القياس على الواجبات الكفائية أيضا مع الفارق الكبير جدا لأن الواجبات الكفائية عليها يستند عماد الدين، وإذا لم تقم بها الأمة فسدت الأمة ولهذا أجازوا من هذا المخرج، ولكن هنا ضمان، مجرد ضمان مالي يمكن أن نجد عددا من اوجه البدائل. واستغرب من أستاذي الدكتور مصطفي الزرقاء بدأ بأنه استقرت عنده الحرمية كلية، وكان معنا في مجلس من المجالس وفسر لنا وجهة النظر هذه القيمة التي استكشف فيها حجية منع الربا على الأساس الذي شرحه. ولكن في آخر الأمر رجع عن القول وبرره بالمصلحة، واعتقد بأنه ليس هناك مصلحة ملحة بحيث أننا نقول انه لا يوجد بديل. فعلى البنوك الإسلامية كلها أن تحاول إيجاد المخرج، وفي اعتقادي انه ممكن أن يوجد المخرج الذي يستطيع المسلمون أن يسيروا على هديه، والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1012

الشيخ أحمد البزيغ ياسين:

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه وحده نستعين، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد.

في الحقيقة عندي سؤال كنت أود أن أسأل فيه أستاذي وشيخي زكريا البري ولكن أستاذي الشيخ مصطفي جاوب عليه فأراحني. السؤال هو، إذا كان القرض بفائدة، وهو إنسان يدفع مالا ويأخذ عليه فائدة، هذا ربا، فكيف تكون الكفالة التي هي مجرد ورقة يصدرها البنك وهي مجرد كفالة مجردة محضة ليس فيها عمل، فكيف يكون جائزا بان يأخذ عليها فائدة؟ إذا كان الربا على النقود إذن هذا ربا على الوجاهة، أو ربا على ضمان أو ربا على كفالة. هذه لا تجوز وانتهينا إليها. ونصدر الآن كفالات في كثير من المصارف الإسلامية التي نحت هذا النحو لمجرد أن نأخذ قيمة القرطاس والورق مهما كانت الضمانة خمس دنانير، عشر دنانير، وهذه جلبت لنا مصالح كثيرة، جلبت لنا في الحقيقة مصالح كثيرة وأعمال كثيرة، ورأوا إنسانية العمل الإسلامي، وخلصنا كثيرا من الناس من أن يستغلوا من قبل المصارف الربوية، وتؤخذ عليهم أموال يجب ألا تؤخذ. إنما في الحقيقة يجب علينا أيضا أن نبين بأن تخريج أساتذتنا السالوس والصديق الضرير بأن الكفالة أو الضمان المغطى بمبلغ، في الحقيقة هذه ناحية فقهية وقاعدة فقهية أن أوكل إنسانا أن يسدد عني، وذلك وكالة يجب أن يأخذ عليها أجرا، يجب أن يكون هذا الأجر غير منسوب إلى مبلغ الكفالة. يكون الأجر محددا لنفس العمل، لنفس أخذ الأموال وتسديدها ما يكلف عليه الأجر، مجرد ما يكلف عليه المبلغ يعقد البنك لا بأس، إنما إذا كانت الأجرة ملحوظا فيها مبلغ الكفالة في النفس فيها شيء وان أفتاك الناس وأفتوك.

ص: 1013

لحل أشكال الكفالة البنكية، في الحقيقة نريد أن نبين لماذا تطلب الكفالة على المقاول وخصوصا على التاجر. تطلب الكفالة للأمور التالية:

الأمر الأول: جدية المقاول، ينظر في الجدية.

الأمر الثاني: ليشرك معه شركة ثانية ذات اختصاص وحتى تعاونه في دراسة المشروع وحتى ترشده وحتى تبين ربما انه عندما يأتي إلى المصرف لأخذ الكفالة والمصرف يسأله لماذا؟ ربما يبدي له النصح، إذن أصبحت الكفالة غير مجردة. الكفالة المجردة انتهينا منها إنما الكفالة غير المجردة المصحوبة في عمل يجب أن يوضع فيها نصوص أن يوجد فيها عقد وهذا العقد يبين فيها ماذا يقوم البنك فيها من عمل، إذا كان عمل دراسة، إذا كان استلام مستحقات، إذا كان ملاحظة المشروع، أي مشروع كان فهذا عمل يستحق عليه أجرا، وأود من السادة الفقهاء أن يجلسوا مع المختصين لعمل صيغة لمثل هذه الأمور، وهذه الصيغة تتضمن كفالة وتتضمن عملا يقوم فيه البنك كوكيل عن المضمون. وهذه في الحقيقة إلى الآن ما تمت، مع العلم بان في الكثير من المؤتمرات أوصت بها ولكن انشغال الجميع عطل هذا، وتعطيل هذا فيه تعطيل لأعمال البنك.

أما ما ذهب إليه أخي الجناحي فأنا أؤيده تماما: أن الضمانات في المصارف الأجنبية وحتى تؤخذ، والاعتمادات لا تسجل لا في الأصول ولا في الخصوم وإنما تسجل بالمعادلة، ولكن نحت المصارف بعد ذلك منحى آخر، بما أنها تتحمل الغرامة جعلت نسبة معينة في الخصوم، وهذه النسبة المعينة تستثمرها ربويا. طبعا هذا لا هو من شاننا ولا هو من اختصاصنا، إلا أنها أدركت بان عليها أن تقوم بواجبها وان تخصص مبالغ تستثمر في الربا، هذا لا شان لنا به، هي ربوية من اصلها، إنما الذي يجب علينا أن نعمله: أولا: أنا انصح إخواني في المؤسسات المصرفية بما يلي:

-الكفالة المجردة المحضة أن يأخذوا عليها الأجرالفعلي "قيمة الورق والقرطاس فقط" حتى لا تلصق بنا اتهامات من الآخرين.

ص: 1014

الكفالة المغطاة أيضا فيها في نفس الشيء، يجب أن يؤخذ فقط الأجرة التي يستحقها البنك على تغطية المبلغ فيما لو طلب منه ذلك وهذه نسبة بسيطة جدا لا تنسب إلى مبلغ الكفالة.

ثم الشيء الثالث الذي أنا أود أن المختصين أمثال الدكتور السالوس والأخ عبد الستار وشيخنا زكريا البري وشيخنا مصطفي الزرقاء مع المختصين في البنوك يعملون الصيغة الحقيقية للكفالة. هي كفالة تتضمنها دراسة مشاريع كاستلام مستحقات وملاحظة المشاريع، يعمل ويعرض في مجمعكم حتى ترون رأيكم شكرا، والله يحفظكم.

الشيخ أنس الزرقاء:

بسم الله الرحمن الرحيم، أود التعليق بإيجاز في شأن خطابات الضمان. في الحقيقة العقبة الكبرى، لا شك أبدا أن إباحة أخذ الأجر على الضمان المطلق لا شك انه فعلا يفقدنا السند في تحريم الربا وبالتالي لا يمكن قبول فكرة أخذ الأجر على الضمان المطلق بحال من الأحوال. ولكن المشكلة الكبرى ما هو البديل؟

في الحقيقة يبدو لي أن البديل في هذه الحالة هو عين البديل الذي وافق كل علماء المسلمين المعاصرين على الأخذ به في مسألة التأمين، إلا وهو التامين التعاوني. بعبارة أخرى البديل الإسلامي في قضية خطابات الضمان وما شابهها من الكفالات التي تتطلب جهة تصدرها، هو أن تنشا مؤسسة للتكافل التعاوني، لا يربح أحد منها شيئا على الإطلاق ولكن من يحتاج إلى كفالة وتكون طبيعتها لا تنطوي على عمل استرباحي يسهل دخول مصرف إسلامي مشارك فيه أو كل الحالات المشابهة التي لا يصح فيها شرعا أن تعطي الكفالة باجر، مثل هذه الحالات ينبغي أن يكون لها مؤسسة للتكافل التعاوني بنفس منطق وأساس التأمين التعاوني. كل من يطلب مثل خطاب ضمان أو كفالة معينة يطلب منه أن يؤدي مبلغا يقدر بطريقة ما حسب احتمالات ضخامة المبلغ، حسب احتمالات الخسارة ولكن هذا المبلغ لا ينتفع منه أحد ويذهب إلى صندوق هذه المؤسسة.فهو يقول إننا نحن مستعدون أن نكفلك بشرط أن تساعدنا على أن تكفل إخوانك الآخرين الذين سيحتاجون مثلك إلى خطابات الضمان. بهذه الحالة المؤسسة تكون مؤسسة لا ربحية أن شئتم أن نسميها وقفا أي شيء من هذا القبيل، ربما حتى المؤسسات المصرفية الإسلامية تساهم في إنشائها بطريقة أو بأخرى أو أنها تبدا مثل أي شركة تأمين تعاوني بالتالي ينتفي منها الاسترباح ولا يعود ما يؤخذ من الشخص هو أجر على الكفالة وطلب أننا نعين غيرك ولا يربح أحد منها.

ص: 1015

أنا لا أقول هذا إنه هو البديل الوحيد ولكنه جدير بالتأمل وأظنه من الناحية الشرعية إن شاء الله أن لا يكون عليه اعتراض جوهري.

الأن هناك حاجة كبيرة إلى وجود هذا البديل، حاجة كبيرة وهي التالية: إذا ضيقنا إمكان إصدار خطابات الضمان والكفالات بدون تغطية كاملة، إذا ضيقنا هذا. وهو الذي لا يسمح الشرع به كما قلت قبل قليل، يعني هذا لا يمكن الخلاف فيه، إذا ضيقنا وينبغي لنا أن نضيق لا تترك الشريعة مكانا غير ذلك هناك مفسدة جانبية خفية تنشا عن ذلك إذا لم يوجد البديل، وهي أنه عندما نسمح شرعا بأن تصدر خطابات الضمان المغطاة فقط، لأنها هي الوحيدة التي يمكن أن يصدروها، لن يصدر أحد إذا كان يريد الالتزام بالشريعة فنقول له: أن كان مغطى فلك أخذ اجر وان لم يكن مغطى فلا اجر لك، معناه يمتنع عن تقديمها بدون تغطية، هذا يؤدي إلى مفسدة مع أنه لابد من الالتزام به شرعا يؤدي إلى مفسدة خفية ولكنها كبيرة وهو أنه لا يستطيع الدخول في كثير من النشاطات الاقتصادية إلا الأغنياء فقط وكبار الأغنياء، لأن المناقصة التي تكون بخمسين مليون وبمائة مليون من يستطيع أن يتقدم لها، لا يستطيع أن يتقدم لها إلا من تكون ثروته أكبر من ذلك، فإذا لم نوجد البديل الإسلامي فان الالتزام بهذا الحكم الشرعي مع عدم إيجاد بديل سيؤدي إلى مفسدة أن يكون المال دولة بين الأغنياء، أكبر المشروعات وأهم المناقصات لا يمكن أن يتقدم لها إلا أكبر الأغنياء، فهذه مفسدة ولا مفر من أن نبحث عن البديل الإسلامي.

ص: 1016

الأمر الأخير الذي أريد أن اذكره، هناك من يقول: هناك تناقض بين أن نقول إذا كان الضمان مغطى فيجوز أخذ الأجر وإن لم يكن هناك تغطية فلا يجوز أخذ الأجر فهذا تناقض، هذا ليس تناقضا أبدا ومن الناحية الاقتصادية سهل شرحه.

الرئيس:

يا شيخ أنس في سؤال بسيط هنا: ما هو الذي تستهدفه الجهة المضمون لها من خطاب الضمان، أليست تستهدف الاطمئنان والملاءة؟.

الشيخ أنس الزرقاء:

نعم.

الرئيس:

تستهدف الاطمئنان والملاءة للمضمون عنه الذي سيتولى العملية ويقوم بالإنشاء والتعمير أو أية عملية إنشاء كانت، لكن أحيانا خطاب الضمان غير المغطى ملاءة وهمية، وهذه هي الملاءة الوهمية، ونتيجة لهذا، هؤلاء الذين يدخلون في المقاولات تحت ستار خطاب الضمان الملاءة الوهمية والثقة الوهمية ما يلبث أن ينكسروا ويخسروا ويفشلوا في العملية، فيكون عدة أطراف نكبت هو نكب لأن البنك أخذ عليه النسبة المقررة، ومن حيث الجهة الحكومية مثلا أو الشركة الكبيرة نكبت من حيث إن المشروع فشل وأخذ في دعاوى ومطالبات وفض منازعات، ومن حيث أنه انتهى، فقصدي أن الملاءة أحيانا تكون وهمية، خطاب الضمان مظنة للملاءات الوهمية، قصدي غير المغطى.

الشيخ أنس الزرقاء:

نعم جزاكم الله خيرا رأيته في بحثكم وأوافق على مضمونه الذي تفضلتم به، صحيح أن الذي يدخل دون ضمانة وهمية قد يؤول به الأمر إلى قروض ربوية فادحة ليغطي نفسه إذا خسر. ولكن وجود البديل الإسلامي ينفي ذلك لأنه سيكون في هذه الحالة له ضمان حقيقي وليس وهميا. على أية حال إذا سمحتم، الحقيقة أنني لا أدعي أن البديل الذي ذكرته بديل متكامل ولكن أرجو أن يكون جديرا بمزيد من البحث.

مسالة تثار اعتراضا على التناقض الظاهري بين أخذ الأجر على الضمان إذا كان مغطى وعدم الأخذ إذا كان بدون تغطية أقول من الناحية الاقتصادية ليس هناك تناقض على الإطلاق لأن الأجر ليس واحدا في الحالين، المعروف اقتصاديا انه لا يمكن في مجتمع تسير أحواله بدون عمليات احتكارية أن يكون الأجر واحدا في الحالين، مستحيل هذا. إذا كان مجتمع تصدر فيه كل خطابات الضمان بتغطية ويؤخذ الأجر عليها حسبما رأي العلماء انه جائز هذا الأجر سيكون أجرا ضئيلا لأنه يغطى ولا يحتاج المصرف أن يغطي إلا النفقات التي تضمن عملياته لتحويل ما قدمه من ضمان إلى مبلغ نقدي أما في حالة عدم التغطية مجتمع آخر يصدر على سبيل المقارنة الفكرية يصدر خطابات ضمان بدون تغطية سيكون أجرها أعلى بالضرورة، فالأجر ليس هو شيئا واحدا في الحالين، لذلك لا تناقض أبدا بين إباحة أخذ الأجر عند التغطية وتحريمه عند عدم التغطية من ناحية الاقتصاد لا تناقض على الإطلاق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1017

الشيخ على العصيمي:

بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة للحلول سواء بالوكالة كما اقترح الشيخ أحمد أو بالتبرع أو بجزء من الزكاة أو بنصيب من الدولة للبنك المقرض أو هذا الحل أو ذاك، هو لا بد من حل، لا ينبغي أن يخرج الأمر من أيدينا كما خرج بعض الأمور التي ناقشناها وتركناها للعام القادم. يجب أن يكون هناك حل لكن الحل يجب أن يبحث في لجنة ضيقة من الخبراء ومن العلماء ويأتون بحل حاصل نوافق عليه، المهم حل. هذا هو الذي ينبغي أن نخرج به، واقتراح الحل من الآن واختيار الأشخاص مسئولية الرئاسة الأن، هذا هو الحل، بدلًا من الإطالة.

الرئيس:

قضية الحل، ليست هي مجرد كتابة وليست مجرد فكرة عابرة، والإنسان جالس على كرسيه. هذا لابد من النزول في ميدان المعاملات الاقتصادية والمعاملات البنكية على جميع مستوياتها وسبر أحوالها، والنزول يكون من المختصمين وبجانبهم علماء من الشريعة وإذا حصل لدينا من المختصين ولا كان بودى أن أحول هذه الكلمة، أمثال هذين الشيخين الفاضلين الشيخ أحمد البزيع والشيخ عبد اللطيف جناحى، هذين المسلمين والشيخ أنس هؤلاء المشايخ وأمثالهم من الإخوان الغيورين الذين نزلوا في ساحات الاقتصاد وعرفوا أبعاده وعرفوا الربا ومخاطره يستطيعون بحول الله من خلال ما يصدر من هذا المجمع من قرار حيال هذه القضية الواقعة، يستطيعون بحول الله أن يكونوا بديلًا، وهذا البديل إن شاء الله تعالى تجرى دراسته في أي محفل علمي من محافل المسلمين.

الشيخ محمد عبده عمر:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

لى ملاحظة واستفسار، أما الاستفسار فهو، هل خطابات الضمان تكون على الأفراد وعلى المؤسسات وعلى البنوك، أم على البنوك فقط؟ أو من اختصاص البنوك فقط؟ هذا استفسار لأننا لو قلنا أن خطابات الضمان خاصة بالبنوك فالواقع أنها الآن منتشرة بالمجتمعات الإسلامية. وهذا موضوع واسع جدًا ويؤدي إلى إخطار فادحة وخطيرة.

ص: 1018

الملاحظة التي لي هي أن شيخنا مصطفي حفظه الله قال إنه قد توصل إلى قناعة تامة.

وفهم وحكمة اتفاق الفقهاء من عدم جواز أخذ الأجرة على الكفالة وقال إنه ما كان يعلم هذا وأنه اكتشفه وتحقق لديه، ثم رجع عن رأيه هذا وقال أن المجتمع قد ابتلى بهذه البلوى وإنه لابد من بديل إسلامي لجواز خطابات الضمان. أنا الإشكال الذي عندي هو أن كثيرًا من النقاش أو المناقشة أننا نخضعها لواقعنا، ومعلوم بأن الواقع الإسلامي معاملاته حسب ما هو عليه الآن أغلبيتها فاسدة، لا تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية، فإذا ما ابتلينا بأي أمر من الأمور وأخضعناه لأحكام الفقه الإسلامي، إلى أين ننتهي؟ هذه ملاحظة يجب أن تأخذ في الاعتبار.

الملاحظة الثانية، هو أن الأمور التي لم يكن فيها نص لا من كتاب ولا من السنة ولا من الإجماع ولا قياس صحيح إنما فيها اجتهادات بحتة، نناقشها بعيدًا عن الإجتهاد الأصولي. فإذا كانت المسألة ليس فيها نص من كتاب الله ولا من سنة نبيه عليه الصلاة والسلام ولا فيها إجماع، فلا بد وأن نلجأ في هذه الحالة إلى تلمس الأحكام التي تناط بها الأحكام ونفهم العلة ومناط الحكم فيها، ونفهم أيضا أن هذا القياس صحيح حتى نستنبط الحكم الفقهي الصحيح من مكانه الصحيح المتفق عليه أصوليًا. أيضا لا بد من البحث عن المصالح الحقيقية للشريعة الإسلامية، أيضا لا بد من البحث عن المقصد الصحيح من هذا الحكم الذي نتوخى الاجتهاد فيه والوصول إليه.

ص: 1019

فالخلاصة أن ملاحظتي حول بعض الأمور التي نوقشت، أنها نوقشت بعيدًا عن الجانب الأصولي وعن الجانب التعليلي ومع احترامي الفائق لبعض مشايخنا أنهم لا يعللون وجه الاستدلال لا بنص ولا بإجماع ولا بقياس صحيح، وإنما هو اجتهاد واستحسان، وحتى الاستحسان لا يوضحون فيه وجه الاستحسان فضلًا عن دليل الاستحسان الخفي كما هو معروف عن الأصوليين.

الرئيس:

وجه الاستدلال لا يعلل يا شيخ

الشيخ محمد عبده عمر:

وجه الاستدلال لابد أن يعلل.

الرئيس:

ما يعرف أن وجه الاستدلال لا يعلل.

الشيخ محمد عبده عمر:

أحب أن أقول أن الأمور التي لا نص فيها لا من كتاب ولا من سنة ولا من إجماع، يجب أن يكون الاجتهاد فيها منطلقه أصوليًا، أي العودة إلى المتفق عليه بين العلماء الذي هو مصدر الاجتهاد للفقهاء. هذه مسألة.

المسألة الثانية: يجب ألا نخضع الفقه الإسلامي ونخضع الاجتهاد لما هو سائد في شعوبنا الإسلامية من معاملات فاسدة.

النقطة الثالثة هو أن يجب ألا يغلب علينا الاستحسان الذي لا وجه له من سند خفي كما هو معروف ولا علة صحيحة يقاس عليها الحكم في مجال النص. والسلام عليكم.

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأزواجه وأصحابه أجمعين.

أثيرت جملة من الشبه، في الحقيقة أنا لم أقرأ البحوث ومع الأسف فاتني منها الكثير مما كان يهمني جدًا، ولكني تعلقت بجملة من الأقوال سمعتها هنا وأردت فقط أن أدلي بدلولي في هذا المجال:

أولًا: بعض الإخوان اعترف بإتفاق الفقهاء وإجماعهم على هذه المسألة إلا أنه قال أن الإجماع لا يستند إلى دليل. والإجماع لا يحتاج إلى دليل فهو يستند حتمًا إلى دليل كما نص عليه جميع الأصوليين قالوا أن الإجماع حجة وهو يستند على حجة ولو لم يستند إلى دليل معروف فهو يستند إلى دليل خفي، لابد وأن يقوم على دليل خفي، هذه قاعدة أصولية.

ص: 1020

فالإجماع حجة في حد ذاته لم يخالف في ذلك إلا النظام وطائفة قليلة لا يعتد برأيها. ولكن أريد أن أناقش هذا الإجماع، هذا الإجماع أيضا يستند إلى دليل من جملة أقوال الفقهاء. الفقهاء عللوا بعلتين كما ذكره الفقهاء المالكية خصوصًا البناني على حاشية الزرقاني وقد ذكر الأخ كلام الدردير أيضا وكلام الدسوقي، فالبناني على حاشية الزرقاني يقول (عند قول خليل لا بكجعل، أي لا يجوز الضمان بكجعل، قال لدورانه بين أكل اموال الناس بالباطل وبين قرض بزيادة القرض بمنفعة، لأن الضامن أو الكفيل إما أن يؤدي ويرجع على المضمون وحينئذ يكون هذا من باب قرض بزيادة، وإما الا يؤدي المكفول ويكون هذا من باب أكل اموال الناس بالباطل. حينئذ بزيادة. والإجماع قد يستند إلى القياس كما تعلمون وكما مشهور عند علماء الأصول، وأول إجماع استند على قياس هو إجماع الصحابة على خلافة أبي بكر رضي الله عنه قياسًا على الصلاة، كما يقوله علماؤنا وكما هو معروف لديكم.

الدليل الثاني: إذا يؤد الكفيل وأدى المضمون المال فإنه يكون من باب أكل أموال الناس بالباطل، هذا يستند إلى آية من كتاب الله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ما معنى الباطل؟ قد يقول البعض: أن الباطل هو الحرام، ولكن هذا ليس صحيحًا فالباطل له معان عدة منها الحرام ومنها العبث، يعني أكل أموال الناس بدون مقابل، كقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} أي عبثا، فكلمة باطل تعني عدم المقابل وتعني الحرام أيضا، فيكون الإجماع مستندا على هذه الآية.

ثالثا: المسألة وإن لم يرد فيها نص فإن العلماء يقيسونها على النصوص الموجودة لديهم وتكون من باب المشتبهات التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم والبخاري واللفظ هنا لمسلم ((إن الحلال بين وأن الحرام بين، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد أستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) وأخذت لفظ مسلم لأنه يقول وقع في الحرام أما لفظ البخاري يقول: ومن وقع في الشبهات كراع، ولا يقول: وقع في الحرام، ومعناه أن الشبهات تكون حرامًا، معناه أن الأمر إذا اشتبه علمناه ولم نعرف هل يدخل في قواعد الحلال أو قواعد الحرام فإنه يحكم له بحرمته إذا أخذناه برواية مسلم وهي قوله وقع في الحرام. طبعًا خلاف الشبهة معروف لديكم الماوردي يقول: أن الشبهة هي المكروه. وبعض العلماء يقول: إنه لا يحكم لها بحكم حتى تصنف تبعًا لأشباهها ونظائرها. لا أطيل عليكم في مسألة الشبهة فهي معروفة لديكم.

ص: 1021

مسألة أثارها الإخوان وهي مسألة الضيق والحرج ومسألة الضرورة. أعتقد أننا هنا نناقش مبدأ الجواز ومبدأ الحرمة. الضرورات لها أحكامها، عندما نصل إلى الضرورة لها حكمها ويقول العلماء رضوان الله عليهم: أن الضرورة لا تجوز الفتوى بها ولا تجوز الفتيا فيها، ما معنى ذلك، معناه أن الضرورة لا يتحققها إلا من نزلت به الضرورة. كما قال سيدي عبد الله رحمه الله تعالى وصحيح العزو وقد تحقق ضرر من الضرر به تعلق ونسب ذلك إلى المسناوي وفعلًا أن البناني في حاشيته علي الزرقاني نسب ذلك الكلام للمسناوي، نسب جزءا مما ذكره سيدي عبد الله في جواز الإفتاء بالضعيف نسبه إلى المسناوي. إذن الضرورة لها حكمها وهي تتعلق بمسألة بذاتها وبعينها. إذا كان شخص قد تحققت فيه الضرورة يعني يحتاج إلى هذا الأمر، وهو في ضرورة وفي حرج، هذه قضية عينية وتختص بهذا الشخص ولا يمكن أن تكون حكمًا مطلقًا. فنحن حينئذ نريد من شيخنا المجتهد ونقصد بذلك لا إطراء ولكن نعتقد فعلًا أن للشيخ الزرقاء ملكة جيدة جدًا، ملكة قياسية واجتهادية تعجبني وأعترف بهذا. إذا كان صاحب مذهب فإننا نميل إلى مذهبه الأول، نرجح المذهب الأول ونترك المذهب الجديد كما يفعل العلماء الشافعية وحتى المالكية. فإنني أميل إلى مذهب الدكتور الزرقاء القديم والغي مذهبه الجديد لأن مذهبه القديم يستند إلى مستندات صحيحة، ومذهبه الجديد مسألة الضرورة، الضرورة نقف بها عند حدها ولا نتجاوز بها حد الضرورة وهي تتعلق بكل مسالة بذاتها وبعينها.

بعض الإخوان قاس هذه المسألة على مسألة أخذ الأجر على كتاب الله، وهذه المسألة ليست مسألة مجانية ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله)) لماذا أخذ به العلماء وقالوا: أخذ الأجرة على القرآن من هذا النص وإن كان بعضهم قال ذلك في باب الرقية ولكن مالكًا وغيره أخذوا من هذا النص، فالمسألة ليست مجانية وهذا قد قام بعمله والآخر لم يقم بعمل، معناه باطل أي أنه لم يقم بعمل، ليس مقابل عمل، أجر وكراء هذا مقابل عمل وهذه ليس مقابل عمل إذن فالقضية من ناحية التأصيل فيما يبدو لي والله أعلم هذا الإجماع مستنده جيد من ناحية القياس ومن ناحية النصوص وأرى الرئيس يشير بيده، وأنا موافق على تكوين لجنة لبحث البديل الإسلامي مع الاعتراف بأصل الحكم، وشكرًا والسلام عليكم.

ص: 1022

الشيخ مصطفي الزرقاء:

أخواني أنا لم يكن لي مذهبان قديم وجديد، وأنا قلت بصراحة: لاني بعدما استقر رأيي وجدت أن هناك حاجات كثيرة ومصالح مشروعة إلى آخر ما ذكرت، ونظرًا لذلك رأيت انه يجب الحل وبدا لي فرق بين قرض المرابين وبين الكفالة، إنها عمل جانبي هذه من الأعمال المصرفية ولا تشكل طريقًا اكتسابيا. ولذلك هذا دعاني إلى التردد وقلت إنني لا أجزم، ذكرت هذا وقلت لا أجزم. ولكن من الممكن عندئذ أن يقبل رأي الدكتور البري ولو بتعليل آخر أنه استحسان للحاجة الملحة والتي أصحاب الحاجات المشروعة في هذا الموضوع يجدون طريقهم مسددًا ولا مخرج منه إلا بهذا، فيمكن أن تجوز. على أني أضيف أنه إذا أمكن وجود البديل مثلًا كالبديل الذي ذكره ابني الدكتور أنس أو أي بديل آخر، فأنا أقول بالحرمة متى وجد البديل وإذا لم يوجد فأنا متوقف لا أقول بإطلاق الجواز ولا أثبت على الحرمة.

الشيخ حسن عبد الله الأمين:

في الحقيقة فضيلة مولانا الشيخ عبد الله بن بيه قال أن هنالك من يرى أن الإجماع لا يكون إلا بدليل والإجماع في حد ذاته حجة. وأنا أقول ذلك لأنني قلت هذا الكلام ولكن ليس بهذه الصيغة وإنما قلت أن هذا القضية شبه إجماع بدليل أن المالكية أنفسهم لهم فيها ثلاثة أقوال وهم والشافعية لهم تعليل معين وللحنفية تعليل آخر أيدني فيه جزاه الله خيرًا الأخ الدكتور السالوس بما نقل من نصه. فأنا لم أقل أن الإجماع ليس بحجة ولا يحتاج إلى نص، وإنما قلت أن هذه القضية ليست مجمعًا عليها ولكنها شبه مجمع عليها ومتفق عليها إلى حد ما، وشكرًا.

ص: 1023

الشيخ الصديق الضرير:

الواقع أن هذا الموضوع كان من أوائل ما استفسر عنه في بنك فيصل الإسلامي هيئة الرقابة الشرعية، وقد أصدرت فيه فتوى أشار إليها بعض الإخوان وأود أولًا أن أوضح حقيقة هذه الفتوى باختصار.

أولًا من حيث التكييف، الهيئة نظرت في الاستفسار واطلعت على خطابات الضمان المعروفة في السودان والتي قدمها إليها المسئولون في البنك وانتهت منها إلى تكييف لهذه العملية. اقرأه عليكم بالنص – (أول شيء أجازت خطاب الضمان من حيث هو وخلاصة التكييف أن خطاب الضمان قد يكون بغير غطاء، وهنا يكون العقد عقد كفالة كاملة من كل الوجوه ما في هذا شك. الحالة التي يكون فيها بغطاء كلي أو جزئي، هذا يكون العقد عقد وكالة وكفالة معا، وكالة بالنسبة لعلاقة البنك مع العميل، لأن الغطاء الذي وضعه كأنه يقول: له إذا طلب منك فخذ هذا المبلغ وادفعه إلى الطالب. هذا بالنسبة للجزء إذا كان كله وكالة إذا كان جزء يكون وكالة فيما وكل فيه. ويكون كفالة بالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث حتى في هذه الحالة، في حالة وجود الغطاء فبالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث هو كفالة دائما لأن الطرف الثالث يطالب البنك.

ثم تعرضت المسألة لأخذ الأجر فنصت على أنه لا يجوز للبنك أن يأخذ أجرًا بالنسبة للحالة الأولى لأنها كفالة، إذا كان هذا الأجر نظير خطاب الضمان المجرد، لأنه يكون في هذه الحالة قد أخذ أجرًا على الكفالة وهذا ممنوع. وأقول هنا ليس كما قال بعض الاخوة أن هذا إجماع حكاه الفقهاء، يقول الخطاب: وهذا موجود في الفتوى ولا خلاف في منع ضمان بجعل وعلل هذا لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل ألا لله بغير عوض. فأخذ العوض عليه سحت. وقلنا هنا علل ابن عابدين المنع بأن الكفيل مقرض في حق المطلوب وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه، فهو باطل لأنه ربا. وصرح بأنه ربا وهو المقصود بكلمة سحت في كلام الخطاب. وعللوا هذا بأن الضمان من قبيل التبرعات كالقرض ولم يعللوه بأنه من قبيل الواجبات. فما اعترض به الأخ الأستاذ زكريا بموضوع الأمامة هو خارج عن الموضوع وقياس مع الفارق. في موضوع الإمامة، الإمام يعمل ومع ذلك في العصور الأولى منعوه مع قيامه بهذا العمل قالوا له: أده من غير أجر. فإذا أخذ أجرًا فإنه يأخذ الأجر على عمل، أما الكفيل كفالة مجردة لا يقوم باي عمل. هذا إذا كان الأجر على الكفالة المجردة هذا هو الممنوع، أما إذا كان الأجر الذي يأخذه البنك نظير ما قام به من خدمة ومصاريف خدمة فعلية ومصاريف فعلية تتطلبها إجراءات إكمال خطاب الضمان لا مانع منه شرعًا، هذا أجزناه بالنسبة للحالة التي يكون فيها غطاء، قلنا يجوز أن يأخذ البنك أجرًا في هذه الحالة التي يصدر فيها خطاب الضمان بغطاء.

ص: 1024

ومعنى مغطى: أن العميل وضع المال في البنك وقال له: أده لمن يطلبه عما يطلب منك ومع ذلك لم نقل إنه يأخذ أي أجر وبأي كيفية، هو يأخذ أجرًا كما يأخذ الوكيل أجرًا والمفروض أن الوكيل يأخذ الأجر بقدر ما يؤدي من عمل، فإذا أخذ أكثر من حقه هذا موضوع آخر. هذه هي خلاصة الفتوى التي أفتينا بها وكان أيضا من ضمن الحلول التي عرضناها على البنك موضوع المشاركة أنه إذا جاء شخص يريد أن يستثمر وطلب ضمانًا من البنك ممكن يدخل معه شريك وفي هذه الحالة يصدر خطاب الضمان باعتباره شريكًا.

النقطة التي آثارها الأستاذ الزرقاء أنه يكون هناك حالات ليس فيها استثمار، أقول أنه في هذه الحال لا مخرج إلا أن يؤدي البنك الكفالة بغير أجل، الطالب المسكين الذي يرسل في بعثة وليس عنده مال لم يطلب منه البنك الإسلامي مبلغًا على كفالته إذا اطمئن إلى حسن خلقه وإلى أن سيقوم بما يلتزم به. سأذهب إلى أبعد من هذا فأقول إنه يجب على البنوك الإسلامية أن تؤدي هذا العمل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص.

الشيخ مصطفي الزرقاء:

وهل تفعل؟

الشيخ الصديق الضرير:

نحن نقول لهم هذا ونرشدهم إلى ما يجب أن يكون، وقد فعلت. الأستاذ أحمد البزيع أخبرنا أنه أصدر حتى كفالات عادية بغير أجر وقد عادت عليهم بفائدة. وهذا أمر قد حصل، وكما قال الأخ الفاضل الدكتور عبد اللطيف يجب ألا نسير وراء البنوك الربوية ونتبعها في كل ما تفعل.

ص: 1025

في عبارة ابن عابدين التي ذكرتها، أستاذنا الرزقاء حفظه الله قد شرحها شرحًا وافيًا ولا حاجة إلى المزيد عما قاله في هذا الصدد، فهي تعبر عن رأي ابن عابدين تعبيرًا كاملًا. أخونا الأستاذ حسن قال إنه لم يقف على نص ابن عابدين نحن في الفتوى لم نقل أن هذه في حاجة ابن عابدين وإنما قلنا إنها في البحر الرائق كما قال أحد الأخوة. الشيخ على السالوس اقترح أن يكون الغطاء وديعة استثمارية أو أن يقبل البنك الوديعة الاستثمارية على أنها غطاء. الوديعة الاستثمارية هي عند البنك أمانة وغالبًا ما تكون مقيدة بزمن كما هو معروف في كثير من البنوك، مدة زمنية بسنة. فهنا قد يأتي أشكال: البنك قدم خطاب الضمان وحصلت المطالبة في أثناء السنة، وقبل أن تنتهي مدة الوديعة، فإذا دفع البنك المبلغ وانتظر إلى أن يأخذ الوديعة نقع في الحرج، هو أخذ أجرًا فكأنه اقرضه وانتظره إلى أن تنتهي مدة الوديعة. فلا أرى في هذا، ثم أن هذا الشخص الذي عنده وديعة استثمارية لِمَ لا يدعها وديعة حساب جار ويسدد منه وأحب أن أقول هنا مسألة، وقفنا عليها من إخواننا في البنوك في السودان قالوا أن أكثر خطابات الضمان تكون مغطاة. ويندر أن يقبل البنك إصدار خطاب ضمان لشخص ليس عنده مال. وحتى إذا أقدم على هذا فإنه يطالبه بضمان آخر، ضمان عيني يطالب برهن لكي يستوثق، وهذا هو الواقع كما قال السيد الرئيس إنه البنك أو أي شخص عندما يكفل شخصًا آخر هو لا يكفله إلا إذا اطمأن إلى أنه سيقوم بما التزم به سواء كان متعهدًا أو رجلًا مستثمرًا، لابد أن يتأكد من هذا أولًا، لأنه حتى الأجر مهما أجزناه ومهما كان بلغ لا يمكن أن يصل إلى تعويض الخسارة التي سيقع فيها البنك إذا لم يأخذ هذه الاحتياطات ويتأكد من العميل الذي يتعامل معه. كذلك قال الشيخ على السالوس، وفي الواقع إنني لم استطع فهمه فأبحثه معه، موضوع اتصال الضمان بعقد آخر لم أتبينه. أستاذنا زكريا أوافقه على القاعدة الأصولية التي ذكرها وأحب أن أقول للأخ الفاضل الدكتور الزبير أن هذا هو الأصل ولا نحتاج في العقود المستحدثة، لا نقول لمن يدعي الحل عليك تمسكًا بالأصل، عليك أن تقيسها على عقد من العقود الصحيحة، لا نقول له إذا خالفناه هذا العقد ممنوع لكذا، لأن الأصل القائل أن العقود صحيحة ما لم يرد نص ونص بالمنع. لكن هنا الرد على الأستاذ الزرقاء أنه فيه نصوص تمنع، والنصوص هذه ليست أقوال فقهاء مجردة، هي بلغت إلى درجة الإجماع عند الفقهاء، أنا لم أر أحدًا من الفقهاء جوز أخذ الأجر على الكفالة المجردة، لم أر هذا بتانًا، حتى الذين ادعوا هذا ونقلوا لنا بعض النصوص كانت معها وأرادوا أن يقيسوها على الجاه، لو قبلنا هذا مع أن القياس على الجاه غير سليم، قالوا: لابد أن يكون مع الجاه هذا حركة فيكون الأجر نظير هذه الحركة، وهذه حتى إذا صحت حيلة لا نقبلها. المهم انه ما فيه فقيه قال: يجوز أخذ الأجر على الكفالة المجردة.

ص: 1026

أستاذنا الزرقاء بعد ما بين لنا البيان الشافي الذي لو وقف عنده لأغنانا عن كل كلام لكنه عاد فنقض ما قاله وبنى كلامه في الأول على أن أخذ الأجر يعود على تحريم الربا ويفقد حجيته، هذا كله كلام صحيح لكن أراد أن يخرج الجواز بالتفرقة بين القرض الربوي أنه عمل احترافي وهذه مسالة قد تقودنا إلى مخاطر. الفوائد لو شخص يحترف الربا، هل معنى هذا أننا لا نحرم الربا إلا إذا كان الشخص الذي يعمل فيه محترفًا؟ لا أعتقد أن هذا يمكن أن يقال. مجرد أننا اقتنعنا أن العملية ربا، الأستاذ الزرقاء زاد على ذلك وقال إنها تفقد الربا حجيته، فكيف نقول بعد ذلك بجوازها؟ لا يمكن أن يكون هذا.

الرئيس:

إذًا، بقي من المشايخ اثنان: الشيخ علي تسخيري والشيخ عطا، أن سمحوا لنا بأن ننهي الموضوع لأن الأمر تقريبا فيه اتجاه عام، ولأن الآراء تكيفت هنا وسأعلن الرأي الذي اتجهت إليه الأكثرية ومن خلاله إذا كنتم مع ذلك فذاك.

الشيخ محمد عطا السيد:

بسم الله رب العالمين، اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك،،،

استجابة لرغبة الأخ رئيس الجلسة ما أحب أن أدخل في التفاصيل التي كنت أود الكلام فيها. وما أود أن أقوله وهم أنه تمحض لدينا أن هنالك شبهة إن لم تكن هنالك حرمة في موضوع أخذ الأجر على الضمان، فلا شك أن هناك شبهة قوية جدا في هذه المسألة. ونحن في السودان الآن وهو المجال الذي اتسعت فيه أعمال البنوك الإسلامية، نعلم الآن ونواجه حملة كبيرة من أعداء هذه الفكرة يقولون: أن هذه البنوك لا تختلف ينادى بهذا الكلام ويكتب عنه في الصحف، أن هذه البنوك لا تختلف عن البنوك الربوية في شئ، وحقيقة الواحد لو رجع قليلا يجد أن هذه البنوك من المبادئ الأساسية التي قامت عليها هذه البنوك الإسلامية ليس فيها فقط لإثراء المساهمين واستثمار أموالهم ولكن عليها واجبات منوطة بها نحو المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية، وهي أن هنالك عددا من الناس الضاربين في الأرض الذين لديهم أفكار تجارية قيمة ولديهم القوة للعمل، ولكن لا يملكون الأموال ولا يملكون بعض الضمانات، فلذلك أنا أرى أنه يجب على البنوك الإسلامية أقترح بناء على هذه الشبهة القوية التي قامت، أقترح إلغاء ما يؤخذ غير مصاريف الإجراءات الفعلية، ما يؤخذ على ثمن الضمان يجب أن يُلغى ذلك كبذرة طيبة من هذا المجمع نحو جمهرة المسلمين العاملين الضاربين في الأرض، وشكرًا.

ص: 1027

الشيخ علي تسخيري:

شكرا سيدي الرئيس، فقط أردت أن أشير إلى أن علماء الإمامية – وأرجو الانتباه لذلك – بالإجماع يجيزون أخذ الأجرة عن الكفالة فقط أنقل هذا الرأي لتسجيله وللعلم به فقط ولا أعارض قرار المجمع في أي شيء.

الشيخ مصطفي الزرقاء

أنا لم أقل أن الربا لا يحرم إلا على المحترفين للربا. قلت: أن المراباة عادة هي احتراف، وهذا معناه أن هذا الطريق طريق القرض بفائدة يصلح أن يكون بابًا اكتسابيًا أصليًا كما يسلكه المحترفون، أما تلك فأعمال جانبية، لكن ما قلت أن الربا لا يحرم إلا على المحترفين كما فهم الأستاذ أخونا الدكتور.

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد.

فإن الذي اتجهت إليه أنظار أصحاب الفضيلة على سبيل الإجمال في هذا المجمع حول خطاب الضمان بقسمية الابتدائي والإنتهائي، سواء كان من باب الوكالة أو من باب الكفالة، أي الضمان على اختلاف التعبيرين في بعض المذاهب الفقهية، هو ما يلي: -

أولًا: أن خطاب الضمان الذي اكتسب التغطية فإنه من باب الوكالة، ولهذا فإنه لا مانع من أخذ الأجر عليه بما يقابل الخدمات فقط وستصاغ هذه بالعبارة المناسبة التي تشير إلى ما تفضل به الأستاذ الفاضل الشيخ عطا حتى تزيل اللبس في المعاملة فيما هو جار في البنوك التجارية وما يقرره المجمع هنا.

ص: 1028

الأمر الثاني: أن خطاب الضمان إذا لم يكن مغطى فهو من باب الضمان، والمقرر لدى فقهاء الشريعة على سبيل الإجمال أنه لا يجوز أخذ الأجرة في ذلك وان المجمع يرى أنه لا مانع كما أشار الشيخ أحمد البزيع أنه لا مانع من أخذ إذا استطعنا أن نقول أجرة رمزية. وستصاغ بالأسلوب العلمي المناسب في القرار للتكاليف التي لا ترتبط بالمدة ولا ترتبط بالبلغ. هذا مع أنه هناك فقرة أولى رئيسية وهي أن خطاب الضمان في أصله لا غبار على جوازه.

وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 1029

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى اله وصحبه.

قرار رقم 5

بشأن

خطاب الضمان

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ، الموافق 22 –28 ديسمبر 1985م. بحث مسألة خطاب الضمان. وبعد النظر فيما أعد في ذلك من بحوث ودراسات وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة تبين ما يلي:

1-

ان خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فان كان بدون غطاء، فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيم يلزم حالا أو مآلا، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم:(الضمان) أو (الكفالة) .

وان كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي (الوكالة) والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له) .

2-

ان الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعا على المقرض، وذلك ممنوع شرعا.

ولذلك فان المجمع قرر ما يلي:

أولا: أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) ، سواء أكان بغطاء أم بدونه.

ثانيا: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعا، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.

والله اعلم.

ص: 1030

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 1

بشأن زكاة الديون

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ/ 22- 28 ديسمبر 1985م.

بعد أن نظر في الدراسات المعروضة حول "زكاة الديون" وبعد المناقشة المستفيضة التي تناولت الموضوع من جوانبه المختلفة تبين:

1-

أنه لم يرد نص من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يفصل زكاة الديون.

2-

أنه قد تعدد ما أثر عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من وجهات نظر في طريقة إخراج زكاة الديون.

3-

أنه قد اختلفت المذاهب الإسلامية بناء على ذلك اختلافًا بينًا.

4-

أن الخلاف قد انبنى على الاختلاف في قاعدة هل يعطي المال الممكن من الحصول عليه صفة الحاصل؟

وبناء على ذلك قرر:

1-

أنه تجب زكاة الدين على رب الدين عن كل سنة إذا كان المدين مليئًا باذلًا.

2-

أنه تجب الزكاة على رب الدين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسرًا أو مماطلًا.

ص: 1031

بسم الله الرحمن الرحيم

قرار رقم 2

بشأن

زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10 – 16 ربيع الثاني 1406هـ/ 22 – 28 ديسمبر 1985م.

بعد أن استمع المجلس لما أعد من دراسات في موضوع "زكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية".

وبعد أن ناقش الموضوع مناقشة وافية ومعمقة، تبين:

أولًا: أنه لم يؤثر نص واضح يوجب الزكاة في العقارات والأراضي المأجورة.

ثانيًا: أنه لم يؤثر نص كذلك يوجب الزكاة الفورية في غلة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية.

ولذلك قرر:

أولًا: أن الزكاة غير واجبة في أصول العقارات والأراضي المأجورة.

ثانيًا: أن الزكاة تجب في الغلة وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض مع اعتبار توفر شروط الزكاة، وانتفاء الموانع.

والله أعلم

ص: 1032

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 3

بشأن

أجوبة استفتاءات المعهد العالمي للفكر

الإسلامي بواشنطن

أما بعد:

فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10 – 16 ربيع الثاني 1406هـ/ 22 – 28 ديسمبر 1985م.

إذ ألف لجنة من أعضاء المجمع للنظر في الأسئلة الواردة من المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.

وبعد التأمل فيما قدم في الأمر من إجابات تبين منها:

- إن الإجابات قد صيغت بطريقة مختصرة جدًا لا يحصل معها الاقتناع وقطع دابر الخلاف أو الرفض.

- أنه لا بد من قيام المجمع بإزاحة الإشكالات الحاصلة لإخواننا المسلمين في الغرب.

قرر:

1-

تكليف الأمانة العامة بإحالة هذه الأسئلة على من تراه من الأعضاء أو الخبراء لإعداد إجابات معللة عن تلكم الأسئلة مستندة إلى الأدلة الشرعية، وأقوال من تقدم من فقهاء المسلمين وإبرازها في صورة مقنعة بينة.

2-

تكليف الأمانة العامة برفع ما تتحصل عليه إلى الدورة الثالثة.

والله أعلم

ص: 1033

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 4

بشأن القاديانية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م.

بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من "مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب أفريقيا " بشأن الحكم في كل من (القاديانية) والفئة المتفرعة عنها التي تدعى (اللاهورية) من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه، وبشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية.

وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن (مرزا غلام أحمد القادياني) الذي ظهر في الهند في القرن الماضي وإليه تنسب نحلة القاديانية واللاهورية.

وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين وبعد التأكد من أن (مرزا غلام أحمد القادياني) قد ادعى النبوة بأنه نبي مرسل يوحى إليه وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوى ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم من الدين بالضرورة كالجهاد.

وبعد أن اطلع المجمع (أيضًا) على ما صدر عن (المجمع الفقهي بمكة المكرمة) في الموضوع نفسه.

قرر ما يلي:

1-

إن ما ادعاه (مرزا غلام أحمد القادياني) من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتًا قطعيًا يقينيًا من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده، وهذه الدعوى من (مرزا غلام أحمد القادياني) تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام، وأما (اللاهورية) فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم (مرزا غلام أحمد القادياني) بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

2-

ليس لمحكمة غير إسلامية، أو قاض غير مسلم، أن يصدر الحكم بالإسلام أو الردة، ولا سيما فيما يخالف ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية من خلال مجامع علمائها، وذلك لأن الحكم بالإسلام أو الردة، لا يقبل إذا صدر عن مسلم عالم بكل ما يتحقق به الدخول في الإسلام، أو الخروج منه بالردة، ومدرك لحقيقة الإسلام أو الكفر، ومحيط بما ثبت في الكتاب والسنة والإجماع: فحكم مثل هذه المحكمة باطل.

والله أعلم

ص: 1034

قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة

القرار الثاني

بشأن

التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الثامنة المنعقدة بمقر رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 28 ربيع الآخر 1405 هـ إلى يوم الاثنين 7 جمادى الأولى 1405 هـ الموافق 19 – 28 يناير 1985 م، قد نظر في الملاحظات التي أبداها بعض أعضائه حول ما أجازه المجمع في الفقرة الرابعة من البند الثاني في القرار الخامس المتعلق بالتلقيح الصناعي وطفل الأنابيب الصادر في الدورة السابعة المنعقدة في الفترة ما بين 11 – 16 ربيع الآخر 1404 هـ ونصها:

"إن الأسلوب السابع الذي تؤخذ فيه النطفة والبويضة من زوجين وبعد تلقيحهما في وعاء الاختبار تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى للزوج نفسه، حيث تتطوع بمحض اختيارها بهذا الحمل عن ضرتها المنزوعة الرحم".

يظهر لمجلس المجمع أنه جائز عند الحاجة وبالشروط العامة المذكورة، وملخص الملاحظات عليها:

"إن الزوجة الأخرى التي زرعت فيها لقيحة بويضة الزوجة الأولى قد تحمل ثانية قبل انسداد رحمها على حمل اللقيحة من معاشرة الزوج لها في فترة متقاربة مع زرع اللقيحة ثم تلد توأمين ولا يعلم ولد اللقيحة من ولد معاشرة الزوج، كما لا تعلم أم ولد اللقيحة التي أخذت منها البويضة من أم ولد معاشرة الزوج كما قد تموت علقة أو مضغة أحد الحملين ولا تسقط إلا مع ولادة الحمل الآخر الذي لا يعلم أيضًا أهو ولد اللقيحة أم حمل معاشرة ولد الزوج، ويوجب ذلك من اختلاط الأنساب لجهة الأم الحقيقية لكل من الحملين والتباس ما يترتب على ذلك من أحكام، وإن ذلك كله يوجب توقف المجمع عن الحكم في الحالة المذكورة".

كما استمع المجلس إلى الآراء التي أدلى بها اطباء الحمل والولادة الحاضرين في المجلس والمؤيدة لاحتمال وقوع الحمل الثاني من معاشرة الزوج في حاملة اللقيحة واختلاط الأنساب على النحو المذكور في الملاحظات المشار إليها.

وبعد مناقشة الموضوع وتبادل الآراء فيه قرر المجلس سحب حالة الجواز الثالثة المذكورة في الأسلوب السابع المشار إليها من قرار المجمع الصادر في هذا الشأن في الدورة السابعة عام 1404 هـ بحيث يصبح قرار المجلس المشار إليه في موضوع التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب على النحو التالي:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في الدراسة التي قدمها عضو المجلس مصطفى أحمد الزرقاء حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب، الأمر الذي شغل الناس وكان من أبرز قضايا الساعة في العالم، واستعرض المجلس ما تحقق في هذا المجال من إنجازات طبية توصل إليها العلم والتقنية في العصر الحاضر، لإنجاب الأطفال من بني الإنسان والتغلب على أسباب العقم المختلفة المانعة من الاستيلاد.

ص: 1035

وقد تبين للمجلس من تلك الدراسة الوافية المشار إليها أن التلقيح الاصطناعي بغية الاستيلاد (بغير الطريق الطبيعي وهو الاتصال الجنسي المباشر بين الرجل والمرأة) يتم بأحد طريقتين أساسيتين:

- طريقة التلقيح الداخلي، وذلك بحقن نطفة الرجل في الموضع المناسب من باطن المرأة.

- وطريق التلقيح الخارجي بين نطفة الرجل وبويضة المرأة في أنبوب اختبار في المختبرات الطبية، ثم زرع البويضة الملقحة (اللقيحة) في رحم المرأة.

ولابد في الطريقتين من انكشاف المرأة على من يقوم بتنفيذ العملية.

وقد تبين لمجلس المجمع الفقهي من تلك الدراسة المقدمة إليه في الموضوع ومما أظهرته المذاكرة والمناقشة، أن الأساليب والوسائل التي يجري بها التلقيح الاصطناعي بطريقيه الداخلي والخارجي لأجل الاستيلاد هي سبعة أساليب بحسب الأحوال المختلفة، للتلقيح الداخلي فيها أسلوبان، وللخارجي خمسة من الناحية الواقعية، بقطع النظر عن حلها أو حرمها شرعًا، وهي الأساليب التالية:

في التلقيح الاصطناعي الداخلي

الأسلوب الأول:

أن تؤخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموضع المناسب داخل مهبل زوجته أو رحمها حتى تلتقي التقاء طبيعيًا بالبويضة التي يفرزه مبيض زوجته، ويقع التلقيح بينهما ثم العلوق في جدار الرحم بإذن الله، كما في حالة الجماع، وهذا الأسلوب يلجأ إليه إذا كان في الزوج قصور لسبب ما عن إيصال مائة في المواقعة إلى الموضع المناسب.

الأسلوب الثاني:

أن تؤخذ نطفة من رجل وتحقن في الموضع المناسب من زوجة رجل آخر حتى يقع التلقيح داخليًا، ثم العلوق في الرحم كما في الأسلوب الأول، ويلجأ إلى هذا الأسلوب حين يكون الزوج عقيمًا لا بذرة في مائه، فيأخذون النطفة الذكرية من غيره.

ص: 1036

في طريق التلقيح الخارجي

الأسلوب الثالث:

أن تؤخذ نطفة من زوج، وبويضة من مبيض زوجته، فتوضعا في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة، حتى تلقح نطفة الزوج بويضة زوجته في وعاء الاختبار، ثم بعد أن تأخذ اللقيحة بالانقسام والتكاثر تنقل في الوقت المناسب من أنبوب الاختبار إلى رحم الزوجة نفسها صاحب البويضة، لتعلق في جداره وتنمو وتتخلق ككل جنين، ثم في نهاية مدة الحمل الطبيعية تلد الزوجة طفلًا أو طفلة وهذا هو طفل الأنبوب الذي حققه الإنجاز العلمي الذي يسره الله، وولد به إلى اليوم عدد من الأولاد ذكورًا وإناثًا، وتوائم، تناقلت أخبارها الصحف العالمية ووسائل الإعلام المختلفة.

ويلجأ إلى هذا الأسلوب الثالث عندما تكون الزوجة عقيمًا بسبب انسداد القناة التي تصل بين مبيضها ورحمها (قناة فالوب) .

الأسلوب الرابع:

أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب الاختبار بين نطفة مأخوذة من زوج، وبويضة مأخوذة من مبيض امرأة ليست زوجته (يسمونها متبرعة) ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.

ويلجأون إلى هذا الأسلوب عندما يكون مبيض الزوجة مستأصلًا أو معطلًا ولكن رحمها سليم قابل لعلوق اللقيحة فيه.

الأسلوب الخامس:

أن يجري تلقيح خارجي في أنبوب اختبار بين نطفة رجل وبويضة من امرأة ليست زوجة له (يسمونهما متبرعين) ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى متزوجة، ويلجأون إلى ذلك حينما تكون المرأة المتزوجة التي زرعت اللقيحة فيها عقيما بسبب تعطل مبيضها، ولكن رحمها سليم وزوجها عقيم ويريدان ولدًا.

ص: 1037

الأسلوب السادس:

أن يجرى تلقيح خارجي في وعاء الاختبار بين بذرتي زوجين، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة تتطوع بحملها.

ويلجأون إلى ذلك حين تكون الزوجة غير قادرة على الحمل لسبب في رحمها ولكن مبيضها سليم منتج، أو تكون غير راغبة في الحمل ترفها، فتتطوع امرأة أخرى بالحمل عنها.

- هذه هي أساليب التلقيح الاصطناعي الذي حققه العلم لمعالجة أسباب عدم الحمل.

وقد نظر مجلس المجمع الفقهي فيما نشر وأذيع أنه يتم فعلًا تطبيقه في أوربا وأمريكا من استخدام هذه الإنجازات لأغراض مختلفة، منها تجاري ومنها ما يجري تحت عنوان (تحسين النوع البشري) ومنها ما يتم لتلبية الرغبة في الأمومة لدى نساء غير متزوجات أو نساء متزوجات لا يحملن بسبب فيهن، أو في أزواجهن، وما أنشئ لتلك الأغراض المختلفة من مصارف النطف الإنسانية التي تحفظ فيها نطف الرجال بصورة تقانية تجعلها قابلة للتلقيح بها إلى مدة طويلة، وتؤخذ من رجال معينين أو غير معينين تبرعًا أو لقاء عوض، إلى آخر ما يقال إنه واقع اليوم في بعض بلاد العالم.

ص: 1038

النظر الشرعي بمنظار الشريعة الإسلامية

هذا وإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد النظر فيما تجمع لديه من معلومات موثقة، مما كتب ونشر في هذا الشأن، وتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية ومقاصدها لمعرفة حكم هذه الأساليب المعروضة وما تستلزمه، قد انتهى إلى القرار التفصيلي التالي:

أولًا: أحكام عامة:

(أ) أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي لا يجوز بحال من الأحوال إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحًا لهذا الانكشاف.

(ب) أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها، أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبب لها إزعاجًا، يعتبر ذلك غرضًا مشروعًا يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج، وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة.

(جـ) كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحًا لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك، وإلا فامرأة غير مسلمة، وإلا فطبيب مسلم ثقة وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب.

ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى.

ص: 1039

ثانيًا: حكم التلقيح الاصطناعي:

1-

أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل، وحاجة زوجها إلى الولد، تعتبر غرضًا مشروعًا يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الاصطناعي.

2-

أن الأسلوب الأول (الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها في طريقة التلقيح الداخلي) هو أسلوب جائز شرعًا بالشروط العامة الآنفة الذكر، وذلك بعد أن تثبتت حاجة المرأة إلى هذه العملية لأجل الحمل.

3-

أن الأسلوب الثالث (الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامراة زوجين أحدهما للآخر، ويتم تلقيحهم خارجيًا في أنبوب اختبار، ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة) هو أسلوب مقبول مبدئيًا في ذاته بالنظر الشرعي، لكنه غير سليم تمامًا من موجبات الشك فيم يستلزمه ويحيط به من ملابسات فينبغي أن لا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد أن تتوافر الشرائط العامة الآنفة الذكر.

4-

وفي حالتي الجواز الاثنتين يقرر المجمع أن نسب المولود يثبت من الزوجين مصدري البذرتين، ويتبع الميراث والحقوق الأخرى ثبوت النسب، فحين يثبت نسب المولود من الرجل والمرأة يثبت الإرث وغيره من الأحكام بين الولد ومن التحق نسبه به.

5-

وأما الأساليب الأخرى من أساليب التلقيح الاصطناعي في الطريقين الداخلي والخارجي مما سبق بيانه فجميعها محرمة في الشرع الإسلامي لا مجال لإباحة شيء منها، لأن البذرتين الذكرية والأنثوية فيها ليستا من زوجين، أو لأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين.

هذا، ونظرًا لما في التلقيح الاصطناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصورتين الجائزتين شرعًا، ومن احتمال اختلاط النطف أو اللقائح في أوعية الاختبار، ولاسيما إذا كثرت ممارسته وشاعت، فإن مجلس المجمع الفقهي ينصح الحريصين على دينهم أن لا يلجأوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى، وبمنتهى الاحتياط والحذر من اختلاط النطف أو اللقائح.

هذا ما ظهر لمجلس المجمع الفقهي في هذه القضية ذات الحساسية الدينية القوية من قضايا الساعة، ويرجو الله أن يكون صوابًا، والله سبحانه وتعالى أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل وولي التوفيق.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد لله رب العالمين.

ص: 1040

[توقيع]

[توقيع]

نائب الرئيس

رئيس مجلس المجمع الفقهي

د. عبد الله عمر نصيف

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

متوقف في الأولى والثالثة أما بقية الصور الأربعة فلا خلاف في تحريمها

الأعضاء

[توقيع][توقيع]

محمد بن جبير عبد الله عبد الرحمن البسام صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

[توقيع][توقيع][توقيع]

محمد بن عبد الله بن سبيل مصطفى أحمد الزرقاء محمد محمود الصواف

متوقف في جواز الأسلوب الثالث

ص: 1041

القرار الرابع

حول موضوع التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب الموجود على جدول أعماله لهذه الدورة، واستعرض البحث الأصلي المفصل الذي أعده وقدمه بعض أعضاء المجلس حول هذا الموضوع في دورة سابقة، ونظر أيضًا فيما استقصاه أعضاء آخرون من كتابات جديدة حوله، وتدارس المجلس، في ضوء جميع المعلومات التي تجمعت لديه في هذا الموضوع من جميع جوانبه وأبعاده.

وبعد المداولة رأى المجلس أن هذا الموضوع شديد الحساسية من الناحية الشرعية، وذو أبعاد كثيرة، وله نتائج خطيرة وانعكاسات على حياة الأسرة والأوضاع الاجتماعية والأخلاقية في مختلف صوره وطرائقه التي قيل إنها تجرى اليوم في البلاد الأجنبية، كما أن له ارتباطات متشعبة في النظر الشرعي بأحكام من أبواب شتى فيما يتعلق بالحل والحرمة، وقواعد الاضطرار والحاجة، وقواعد النسب والشبهة، وفراش الزوجية، ووطء الحامل من الغير، وبأحكام العدة واستبراء الرحم، وحرمة المصاهرة، ثم بأحكام العقوبات في الإسلام من حد أو تعزير ارتكب فيه ما لا يجوز شرعًا من صور التلقيح الداخلي في المرأة، أو التلقيح الخارجي في الأنبوب الاختباري ثم الزرع في الأرحام، إلى غير ذلك من الاعتبارات التي تجعل هذا الموضوع الخطير في حاجة إلى مزيد من الدرس والتمحيص، ولاسيما بعد الكتابات الجديدة التي نشرها حوله أطباء متتبعون فتحوا بها أبوابًا من الشك على بعض وقائعه.

لذلك قرر مجلس المجمع الفقهي إرجاء البت فيه إلى الدورة القادمة ليتمكن من استيعاب أوسع وتمحيص أكثر في مختلف جوانبه واحتمالاته وأبعاده، وليأتي الرأي الفقهي فيه أبعد عن الابتسار، وأقرب إلى الصواب في معرفة حكم الشريعة الإسلامية بإذن الله تعالى، والله هو الموفق.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 1042

[توقيع]

رئيس مجلس المجمع الفقهي

عبد الله بن حميد

[اعتذر لمرضه]

نائب الرئيس

محمد علي الحركان

الأعضاء

[توقيع][توقيع][توقيع]

عبد العزيز بن عبد الله بن باز محمد محمود الصواف صالح بن عثيمين

[توقيع][تخلف عن الحضور][توقيع]

محمد بن عبد الله بن السبيل مبروك العوادي محمد الشاذلي النيفر

[توقيع][توقيع][توقيع]

مصطفى أحمد الزرقاء عبد القدوس الهاشمي محمد رشيدي

[تخلف عن الحضور][توقيع][تخلف عن الحضور]

أبو الحسن علي الحسني الندوي أبو بكر محمود جومي حسنين محمد مخلوف

[توقيع][تخلف عن الحضور][توقيع]

محمد رشيد قباني محمود شيت خطاب محمد سالم عدود

[مقرر المجمع الفقهي الإسلامي]

محمد عبد الرحيم الخالد

ص: 1043

القرار الخامس

حول

التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في الدراسة التي قدمها عضو المجلس مصطفى أحمد الزرقاء حول التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب، الأمر الذي شغل الناس وكان من أبرز قضايا الساعة في العالم، واستعرض المجلس ما تحقق في هذا المجال من إنجازات طبية توصل إليها العلم والتقنية في العصر الحاضر، لإنجاب الأطفال من بني الإنسان والتغلب على أسباب العقم المختلفة المانعة من الاستيلاد.

وقد تبين للمجلس من تلك الدراسة الوافية المشار إليها أن التلقيح الاصطناعي بغية الاستيلاد (بغير الطريق الطبيعي وهو الاتصال الجنسي المباشر بين الرجل والمرأة) يتم بأحد طريقين أساسيين:

- طريقة التلقيح الداخلي، وذلك بحقن نطفة الرجل في الموضع المناسب من باطن المرأة.

- وطريق التلقيح الخارجي بين نطفة الرجل وبويضة المرأة في أنبوب اختبار في المختبرات الطبية، ثم زرع البويضة الملقحة (اللقيحة) في رحم المرأة.

ولابد في الطريقين من انكشاف المرأة على من يقوم بتنفيذ العملية.

وقد تبين لمجلس المجمع الفقهي من تلك الدراسة المقدمة إليه في الموضوع ومما أظهرته المذاكرة والمناقشة أن الأساليب والوسائل التي يجرى بها التلقيح الاصطناعي بطريقيه الداخلي والخارجي لأجل الاستيلاد هي سبعة أساليب بحسب الأحوال المختلفة، للتلقيح الداخلي فيها أسلوبان، وللخارجي خمسة من الناحية الواقعية، بقطع النظر عن حلها أو حرمها شرعًا، وهي الأساليب التالية:

في التلقيح الاصطناعي الداخلي

الأسلوب الأول:

أن تؤخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموقع المناسب داخل مهبل زوجته أو رحمها حتى تلتقي النطفة التقاءً طبيعيًا بالبويضة التي يفرزها مبيض زوجته، ويقع التلقيح بينهما ثم العلوق في جدار الرحم بإذن الله، كما في حالة الجماع، وهذا الأسلوب يلجأ إليه إذا كان في الزوج قصور لسبب ما عن إيصال مائه في المواقعة إلى الموضع المناسب.

ص: 1044

الأسلوب الثاني:

أن تؤخذ نطفة من رجل وتحقن في الموضع المناسب من زوجة رجل آخر حتى يقع التلقيح داخليًا، ثم العلوق في الرحم كما في الأسلوب الأول، ويلجأ إلى هذا الأسلوب حين يكون الزوج عقيمًا لا بذرة في مائه، فيأخذون النطفة الذكرية من غيره.

في طريق التلقيح الخارجي

الأسلوب الثالث:

أن تؤخذ نطفة من زوج، وبويضة من مبيض زوجته، فتوضعا في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة، حتى تلقح نطفة الزوج بويضة زوجته في وعاء الاختبار، ثم بعد أن تأخذ اللقيحة بالانقسام والتكاثر تنقل في الوقت المناسب من أنبوب الاختبار إلى رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة، لتعلق في جداره وتنمو وتتخلق ككل جنين، ثم في نهاية مدة الحمل الطبيعية تلده الزوجة طفلًا أو طفلة وهذا هو طفل الأنبوب الذي حققه الإنجاز العلمي الذي يسره الله، وولد به إلى اليوم عدد من الأولاد ذكورًا وإناثًا وتوائم، تناقلت أخبارها الصحف العالمية ووسائل الإعلام المختلفة.

ويلجأ إلى هذا الأسلوب الثالث عندما تكون الزوجة عقيمًا بسبب انسداد القناة التي تصل بين مبيضها ورحمها (قناة فالوب) .

الأسلوب الرابع:

أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب الاختبار بين نطفة مأخوذة من زوج، وبويضة مأخوذة من مبيض امرأة ليست زوجته (يسمونها متبرعة) ثم تزرع اللقيحة في رحم زوجته.

ويلجأون إلى هذا الأسلوب عندما يكون مبيض الزوجة مستأصلًا أو معطلًا ولكن رحمها سليم قابل لعلوق اللقيحة فيه.

الأسلوب الخامس:

أن يجرى تلقيح خارجي في أنبوب اختبار بين نطفة رجل وبويضة من امرأة ليست زوجة له (يسمونهما متبرعين) ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى متزوجة.

ويلجأون إلى ذلك حينما تكون المرأة المتزوجة التي زرعت اللقيحة فيها عقيمًا بسبب تعطل مبيضها، لكن رحمها سليم وزوجها عقيم ويريدان ولدًا.

الأسلوب السادس:

أن يجرى تلقيح خارجي في وعاء الاختبار بين بذرتي زوجين، ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة تتطوع بحملها.

ويلجأون إلى ذلك حين تكون الزوجة غير قادرة على الحمل لسبب في رحمها ولكن مبيضها سليم منتج، أو تكون غير راغبة في الحمل ترفهًا، فتتطوع امرأة أخرى بالحمل عنها.

ص: 1045

الأسلوب السابع:

هو السادس نفسه إذ كانت المتطوعة بالحمل هي زوجة ثانية للزوج صاحب النطفة، فتتطوع لها ضرتها لحمل اللقيحة عنها.

وهذا الأسلوب لا يجرى في البلاد الأجنبية التي يمنع نظامها تعدد الزوجات، بل في البلاد التي تبيح هذا التعدد.

- هذه هي أساليب التلقيح الاصطناعي الذي حققه العلم لمعالجة أسباب عدم الحمل.

وقد نظر مجلس المجمع الفقهي فيما نشر وأذيع أنه يتم فعلًا تطبيقه في أوربا وأمريكا من استخدام هذه الإنجازات لأغراض مختلفة، منها تجاري ومنها ما يجرى تحت عنوان (تحسين النوع البشري) ومنها ما يتم لتلبية الرغبة في الأمومة لدى نساء غير متزوجات أو نساء متزوجات لا يحملن لسبب فيهن، أو في أزواجهن، وما أنشئ لتلك الأغراض المختلفة من مصارف النطف الإنسانية التي تحفظ فيها نطف الرجال بصورة تقانية تجعلها قابلة للتلقيح بها إلى مدة طويلة، وتؤخذ من رجال معينين أو غير معينين تبرعًا أو لقاء عوض، إلى آخر ما يقال إنه واقع اليوم في بعض بلاد العالم المتمدن.

ص: 1046

النظر الشرعي لمنظار الشريعة الإسلامية

هذا وإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد النظر فيما تجمع لديه من معلومات موثقة، مما كتب ونشر في هذا الشأن، وتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية ومقاصدها لمعرفة حكم هذه الأساليب المعروضة وما تستلزمه، قد انتهى إلى القرار التفصيلي التالي:

أولًا: أحكام عامة:

(أ) أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي لا يجوز بحال من الأحوال إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحًا لهذا الانكشاف.

(ب) أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها، أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبب لها إزعاجًا، يعتبر ذلك غرضًا مشروعًا يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج، وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة.

(جـ) كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحًا لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك، وإلا فامرأة غير مسلمة، وإلا فطبيب مسلم ثقة وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب.

ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى.

ثانيًا: حكم التلقيح الاصطناعي:

1-

إن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل، وحاجة زوجها إلى الولد، تعتبر غرضًا مشروعًا يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرق التلقيح الاصطناعي.

2-

أن الأسلوب الأول (الذي تؤخذ فيه النطفة الذكرية من رجل متزوج ثم تحقن في رحم زوجته نفسها في طريقة التلقيح الداخلي) هو أسلوب جائز شرعًا بالشروط الآنفة الذكر، وذلك بعد أن تثبت حاجة المرأة إلى هذه العملية لأجل الجمل.

3-

أن الأسلوب الثالث (الذي تؤخذ فيه البذرتان الذكرية والأنثوية من رجل وامرأة زوجين أحدهما للآخر، ويتم تلقيحهما خارجيًا في أنبوب اختبار، ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة نفسها صاحبة البويضة) هو أسلوب مقبول مبدئيًا في ذاته بالنظر الشرعي، لكنه غير سليم تمامًا من موجبات الشك فيما يستلزمه ويحيط به من ملابسات فينبغي أن لا يلجأ إليه إلا في حالات الضرورة القصوى، وبعد أن تتوافر الشرائط العامة الآنفة الذكر.

ص: 1047

4-

أن الأسلوب السابع (الذي تؤخذ فيه النطفة والبويضة من زوجين وبعد تلقيحها في وعاء الاختبار تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى للزوج نفسه، حيث تتطوع بمحض اختيارها بهذا الحمل عن ضرتها المنزوعة الرحم) يظهر لمجلس المجمع أنه جائز عند الحاجة وبالشروط العامة المذكورة.

5-

وفي حالات الجواز الثلاثة يقرر المجمع أن نسب المولود يثبت من الزوجين مصدر البذرتين، ويتبع الميراث والحقوق الأخرى ثبوت النسب، فحين يثبت نسب المولود من الرجل والمرأة يثبت الإرث وغيره من الأحكام بين الولد ومن التحق نسبه له.

أما الزوجة المتطوعة بالحمل عن ضرتها (في الأسلوب السابع المذكور) فتكون في حكم الأم الرضاعية اللمولود لأنه اكتسب من جسمها وعضويتها أكثر مما يكتسب الرضيع من مرضعته في نصاب الرضاع الذي يحرم به ما يحرم من النسب.

6-

وأما الأساليب الأربعة الأخرى من أساليب التلقيح الاصطناعي في الطريقين الداخلي والخارجي مما سبق بيانه فجميعها محرمة في الشرع الإسلامي لا مجال لإباحة شيء منها، لأن البذرتين الذكرية والأنثوية فيها ليستا من زوجين، أو لأن المتطوعة بالحمل هي أجنبية عن الزوجين مصدر البذرتين.

هذا، ونظرًا لما في التلقيح الاصطناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصور الجائزة شرعًا، ومن احتمال اختلاط النطف أو اللقائح في أوعية الاختبار، ولاسيما إذا كثرت ممارسته وشاعت، فإن مجلس المجمع الفقهي ينصح الحريصين على دينهم أن لا يلجأوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى، وبمنتهى الاحتياط والحذر من اختلاط النطف أو اللقاح.

(انظر القرار الثاني من الدورة الثامنة ص 150) .

ص: 1048

هذا ما ظهر لمجلس المجمع في هذه القضية ذات الحساسية الدينية القوية من قضايا الساعة، ويرجو من الله أن يكون صوابًا، والله سبحانه أعلم وهو الهادي إلى سواء السبيل وولي التوفيق.

[توقيع]

[توقيع]

نائب الرئيس

رئيس مجلس المجمع الفقهي

د. عبد الله عمر نصيف

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

متوقف في جميع الأحوال الثلاث لما في جوازها من الخطر أما الأحوال الأربع الأخرى فلا شك في تحريمها

الأعضاء

[توقيع][توقيع]

محمد بن جبير عبد الله عبد الرحمن البسام صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان

[توقيع][توقيع][توقيع]

محمد بن عبد الله بن سبيل مصطفى أحمد الزرقاء محمد محمود الصواف

متوقف في جواز الأسلوب الثالث

ص: 1049

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 5

بشأن

أطفال الأنابيب

أما بعد،

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م.

إذ استعرض البحوث المقدمة من السادة الفقهاء والأطباء الذين عرضوا موضوع "أطفال الأنابيب" من جانبيه الفقهي والفني الطبي، ناقش ما قدم من دراسات وافية، وما أثير من جوانب مختلفة لاستيضاح الموضوع.

وإذ تبين له أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من الدراسة طبيًا وفقهيًا، وإلى مراجعة الدراسات والبحوث السابقة، واستيفاء التصور من جميع جوانبه.

قرر:

1-

تأجيل البت في هذا الموضوع إلى الدورة القادمة للمجمع.

2-

يعهد لفضيلة الشيخ الدكتور بكر أبو زيد –رئيس المجمع- بإعداد دراسة وافية في الموضوع تلم بكل المعطيات الفقهية والطبية.

3-

توجيه الأمانة ما يصل إليها إلى جميع الأعضاء قبل انعقاد الدورة القادمة بثلاث أشهر على الأقل.

والله أعلم

ص: 1050

قرار رقم 6

بشأن

بنوك الحليب

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 1 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ /22 – 28 ديسمبر 1985م

بعد ان عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب

وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع تبين:

1-

أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية. ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها

2-

أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.

3-

أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقصي الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشرى في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب

وبناء على ذلك قرر:

أولا: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.

ثانيا: حرمة الرضاع منها

والله أعلم

ص: 1051

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 7

بشان

أجهزة الإنعاش

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10 -16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م

بعد أن نظر فيما قدم من دراسات فقهية وطبية في موضوع " أجهزة الإنعاش "

وبعد المناقشات المستفيضة، وإثارة متنوع الأسئلة، وخاصة حول الحياة والموت نظراَ لارتباط فك أجهزة الإنعاش بانتهاء حياة المنعش.

ونظرا لعدم وضوح كثير من الجوانب.

ونظرا لما قامت به جمعية الطب الإسلامي في الكويت من دراسة وافية لهذا الموضوع، يكون من الضروري الرجوع إليها.

قرر:

أولا: تأخير البت في هذا الموضوع إلى الدورة القادمة للمجمع.

ثانيا: تكليف الأمانة العامة بجمع دراسات وقرارات مؤتمر الإسلامي في الكويت وموافاة الأعضاء بخلاصة محددة واضحة له.

والله أعلم

ص: 1052

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 1

بشأن

استفسارات البنك الإسلامي للتنمية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406 هـ/22-28 ديسمبر 1985م.

بعد استماعه إلي عرض البنك الإسلامي للتنمية لجملة من الاسئلة والاستفسارات قصد الإفتاء بشأنها.

وبعد استماعه إلي تقرير اللجنة الفرعية التي تألفت أثناء الدورة من أصحاب الفضيلة الأعضاء الذين تقدموا بردود عن المسائل المستفسر عنها ومن انضم إليهم.

ولكون الموضوع يحتاج إلي دراسة أوسع وأكمل تقتضى الاتصال بالبنك وتداول النظر معه في مختلف جزئياته في لجنة مكونة من طرفه.

وبناء على ذلك قرر:

1-

إرجاء هذا الموضوع للدورة القادمة.

2-

مطالبة البنك بتقديم تقرير من هيأته العملية الشرعية.

والله أعلم..

ص: 1053

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 2

بشأن

التأمين وإعادة التأمين

أما بعد:

فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ/22 – 28 ديسمبر 1985م.

بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء والمشاركين في الدورة حول موضوع "التأمين وإعادة التأمين".

وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة.

وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه، والمبادئ التي يقوم عليها والغايات التي يهدف إليها.

وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن.

قرر:

1 – أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد. ولذا فهو حرام شرعا.

2 – أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون. وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.

3 – دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني، وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة.

والله أعلم.

ص: 1054

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 3 بشأن

حكم التعامل المصرفى بالفوائد

وحكم التعامل بالمصارف الإسلامية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ، الموافق 22-28 ديسمبر 1985 م.

بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر.

وبعد التأمل فيما قدم ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.

وبعد التعامل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيًا وكليًا تحريمًا واضحًا بدعوته إلى التوبة منه، إلى الإقتصار على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.

قرر:

أولًا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذى حل أجله وعجز عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد: هاتان الصورتان ربا محرم شرعًا.

ثانيًا: أن البديل الذى يضمن السيولة والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التى يرتضيها الإسلام – هو التعامل وفقًا للأحكام الشرعية.

ثالثًا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التى تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامى لتغطى حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.

والله أعلم

ص: 1055

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى اله وصحبه.

قرار رقم 4

بشأن

توحيد بدايات الشهور القمرية

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من10 - 16 ربيع الثاني 6 140 هـ /22 - 28 ديسمبر1985م. بعد أن استعرض البحوث المقدمة إليه من الأعضاء والخبراء حول توحيد بدايات الشهور القمرية.

وبعد أن ناقش الحاضرون العروض المقدمة في الموضوع مناقشة مستفيضة واستمعوا لعديد من الآراء حول اعتماد الحساب في إثبات دخول الشهور القمرية.

قرر:

ا - تكليف الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي بتوفير الدراسات العلمية الموثقة من خبراء أمناء في الحساب الفلكي والأرصاد الجوية.

2 -

تسجيل موضوع توحيد بدايات الشهور القمرية في جدول أعمال الجلسة القادمة لاستيفاء البحث فيه من الناحيتين الفنية والفقهية الشرعية.

3 -

تكليف الأمانة العامة باستقدام عدد كاف من الخبراء المذكورين وذلك لمشاركة الفقهاء في تصوير جوانب الموضوع كلها تصويرا واضحا يمكن اعتماده لبيان الحكم الشرعي.

والله أعلم

ص: 1056

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى اله وصحبه.

قرار رقم 5

بشأن

خطاب الضمان

أما بعد:

فان مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ، الموافق 22 –28 ديسمبر 1985م. بحث مسألة خطاب الضمان. وبعد النظر فيما أعد في ذلك من بحوث ودراسات وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة تبين ما يلي:

1-

ان خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فان كان بدون غطاء، فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيم يلزم حالا أو مآلا، وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم:(الضمان) أو (الكفالة) .

وان كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي (الوكالة) والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له) .

2-

ان الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعا على المقرض، وذلك ممنوع شرعا.

ولذلك فان المجمع قرر ما يلي:

أولا: أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) ، سواء أكان بغطاء أم بدونه.

ثانيا: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعا، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.

والله اعلم.

ص: 1057

استفتاء المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن

بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب السماحة

الشيخ الجليل الأستاذ: محمد الحبيب ابن الخوجة حفظه الله

لا يخفى على سماحتكم أن أمريكا الشمالية يعيش اليوم فيها ما يربو على ثلاثة ملايين من المسلمين كثيرون منهم قد استوطن أجدادهم وآباؤهم هذه البلاد منذ خمسين عامًا تزيد قليلًا أو تنقص. وبعضهم هداهم الله إلى الإسلام حديثًا وكانوا قبل ذلك على النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو الإلحاد. كما أن هناك آلافًا من الطلاب المسلمين يفدون إلى هذه البلاد للدراسة في جامعاتها المختلفة. وفي أوربا وأمريكا الجنوبية أعداد أخرى من هؤلاء المسلمين إن لم تزد عن أعدادهم في أمريكا الشمالية فلا تقل كثيرًا عنها، ولهذا النوع من المجتمعات خصائص وتأثيرات على من يعيشون فيها بشكل أو بآخر سلبيًا أو إيجابيًا، وبالتالي فإن للأقليات المسلمة حاجات فقهية وأسئلة قل أن يثار مثلها في بلاد المسلمين أو البلدان التي يشكل المسلمون فيها أغلبية كبيرة. ولندرة الفقهاء في هذه الأماكن وقصور الكثيرين منهم عن مستوى الفتوى، وتسرع البعض وقلة تثبته، أو ضعف فهمه لمدارك الفقهاء ومناحي مذاهبهم فقد تحول كثير من تلك المسائل إلى وسائل اختلاف، وإثارة منازعات بين المسلمين جعلتهم في وضع سيئ ينذر بعواقب وخيمة أقلها تفرق قد يؤدي إلى ذوبانهم في البيئات التي يعيشون فيها ثم نسيان انتمائهم إلى الإسلام والمسلمين لا قدر الله ذلك.

وبما أن الفتاوى الفردية، أو الفتاوى التي لا تقترن بالاستدلال والتعليل قليلة الأثر في هذه البيئات ونحوها فقد حرصنا على أن نجمع أهم المسائل التي تكثر إثارتها، وتشتد حاجة المسلمين إلى الوصول إلى القول الفصل فيها لنضعها بين أيديكم، ونحصل على أجوبة شافية عنها تقطع مادة الجدل والنقاش وتبصر المسلمين بأمور دينهم.. فنرجو التفضل بإيلاء هذه المسائل ما تستحقه من العناية وإجابتنا عنها لتوعية الدعاة وأئمة المساجد والمسلمين على أحكامها والإسهام في تقليل عوامل الفرقة والاختلاف بين المسلمين.

وتجدون سماحتكم شفع خطابنا هذا ثبتًا بتلك المسائل وفقكم الله ورعاكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. طه جابر العلواني

مدير الأبحاث والدراسات

وعضو المجمع الفقهي بجدة

د. طه جابر العلواني

ص: 1058

المسائل التي يكثر تساؤل المسلمين عنها

في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا

1-

ما حكم التجنس بالجنسية الأجنبية أمريكية كانت أو أوروبية. علمًا بأن معظم الذين قبلوا التجنس بهذه الجنسيات أو يعتزمون الحصول عليها يؤكدون أنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم قد أوذوا واضطهدوا في بلادهم الأصلية بالسجن أو التهديد ومصادرة الأموال وغيرها.

وبعضهم يرى أنه ما دامت الأحكام الشرعية والحدود معطلة في بلاده الأصلية فأي فرق بين أن يحمل جنسية ذلك البلد الذي اضطهده والبلد الذي اختار أن يستوطن فيه وفي كليهما لا تطبق الأحكام الشرعية، ولا تقام الحدود وهو في بلد مهجره مصانة حقوقه الشخصية دمه وماله وعرضه ولا يمكن سجنه أو تهديده إلا إذا فعل ما يستوجب ذلك؟

2-

لولادة الأبناء وتنشئتهم في أمريكا وأوروبا ونحوها من بلاد غير المسلمين مساوئ ومخاطر، وبعض المحاسن، واحتمال اكتسابهم من عادات أبناء النصارى واليهود الكثير احتمال قائم –خاصة- في حالة انشغال الوالدين أو وفاة أحدهما أو كليهما. مع ملاحظة أن كثيرًا من الناس هنا على الدوام يذكرون بأن أبنائهم في بعض البلدان الإسلامية التي كانوا يقيمون فيها يتعرضون لاحتمالات الردة باعتناق الشيوعية واللادينية أو نحوها من الأفكار الإلحادية التي تروج لها حكومات بعض البلدان الإسلامية وتدخلها في برامج التعليم والتوجيه العام، وتضطهد من يرفضها؟

ويؤكد المستوطنون –هنا- من المسلمين أنه لم يطلب من أحدهم أن يغير دينه، أو أنه وجه نحو دين آخر، وذلك لضعف الاهتمام بالناحية الدينية هنا.

3-

ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوفر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان، وأنهن مهددات بالانحراف، أو يعشن في وضع شديد الحرج؟

4-

ما حكم استمرار الزوجية والمعاشرة بين زوجة دخلت الإسلام وبقي زوجها على الكفر ولها منه أولاد تخشى عليهم الضياع والانحراف، ولها طمع في أن يهتدي زوجها إلى الإسلام فيما إذا لم يكن هناك طمع في إسلامه، ولكنه يحسن معاشرتها وتخشى لو تركته ألا تعثر على زوج مسلم؟

5-

ما حكم دفن المسلم في مقابر غير المسلمين، حيث لا يسمح بالدفن خارج المقابر المعدة لذلك، ولا توجد مقابر خاصة بالمسلمين في معظم الولايات الأمريكية والأقطار الأوربية؟

ص: 1059

6-

ما حكم بيع المسجد (إذا انتقل المسلمون عن المنطقة التي هو فيها وخيف تلفه أو الاستيلاء عليه) فكثيرًا ما يشتري المسلمون منزلًا ويحولونه مسجدًا فإذا انتقلت غالبية المسلمين من المنطقة لظروف العمل هجر المسجد أو أهمل، وقد يستولي عليه آخرون، ومن الممكن بيعه واستبداله بمسجد يؤسس في مكان فيه مسلمون، فما حكم هذا البيع أو الاستبدال؟ وإذا لم تتيسر فرصة استبداله بمسجد آخر فما أقرب الوجوه التي يجوز صرف ثمن المسجد فيها؟

7-

كثيرات من بنات المسلمين ونسائهم تدعوهن ظروف العمل أو الدراسة إلى السفر إلى ولايات أخرى (أبعد من مسافة القصر) بالطائرة أو غيرها من وسائل السفر، بدون محرم، ومن غير رفقة من نسوة تعرفهن أو يعرفنها غير رفقة المسافرين والمسافرات عادة فما حكم هذا السفر؟

8-

بعض النساء أو الفتيات تضطرهن ظروف العمل اوالدراسة إلى الإقامة بمفردهن، أو مع نسوة غير مسلمات، فما حكم هذه الإقامة؟

9-

كثيرات من النساء –هنا- يذكرن أن أقصى ما بإمكانهن ستره من أجسادهن هو ما عدا الوجه والكفين بعضهن تمنعهن جهات العمل أو الدراسة من ستر رؤوسهن وأعناقهن، فما أقصى ما يمكن السماح بكشفه من أجزاء جسم المرأة بين الأجانب في محلات العمل أو الدراسة؟

10-

يضطر كثير من الطلاب المسلمين إلى العمل في هذه البلاد لتغطية نفقات الدراسة والمعيشة لأن كثيرًا منهم لا يكفيه ما يرده من ذويه مما يجعل العمل ضرورة له لا يمكن أن يعيش بدونه. وكثير منهم لا يجد عملًا إلا في مطاعم تبيع الخمور أو تقدم وجبات فيها لحم الخنزير من المحرمات فما حكم عمله في هذه المحلات؟

11-

ما حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين؟ علمًا بأن بعض المسلمين في هذه البلدان قد اتخذوا من ذلك حرفة لهم.

12-

هناك كثير من الأدوية تحوي كميات مختلفة من الكحول تتراوح بين 1 % و25 % ومعظم هذه الأدوية من أدوية الزكام واحتقان الأنف والحنجرة والسعال وغيرها من الأمراض السائدة. وتمثل هذه الأدوية الحاوية للكحول ما يقارب 95 % من الأدوية في هذا المجال مما يجعل الحصول على الأدوية الخالية من الكحول عملية صعبة أو متعذرة، فما حكم تناول هذه الأدوية؟

13-

هناك الخمائر والجلاتين توجد فيها عناصر مستخلصة من الخنزير بنسب ضئيلة جدًا فهل يجوز استعمال هذه الخمائر والجلاتين؟

14-

يضطر معظم المسلمين إلى إقامة حفلات الزفاف لبناتهم في مساجدهم وكثيرًا ما يتخلل هذه الحفلات رقص وإنشاد أو غناء، ولا تتوفر لهم أماكن تتسع لمثل هذه الحفلات فما حكم إقامة مثل هذه الحفلات في المساجد؟

15-

بعض الحكومات النصرانية (خاصة في أمريكا الجنوبية) تفرض على رعاياها التسمي بالأسماء النصرانية، وتضع قوائم بأسماء اختارتها للأطفال ذكورًا وإناثًا ولا تسمح بتسجيل المواليد بأسماء تختار من غير هذه القوائم، فما حكم تسمي المسلمين بهذه الأسماء، وما الحلول التي تقترحونها في هذه الأحوال؟

ص: 1060

16-

ما حكم زواج الطالب أو الطالبة المسلمة زواجًا لا ينوى استدامته بل النية منعقدة عنده على إنهائه بمجرد انتهاء الدراسة والعزم على العودة إلى مكان الإقامة الدائم، ولكن العقد يكون –عادة- عقدًا عاديًا وبنفس الصيغة التي يعقد بها الزواج المؤبد، فما حكم هذا الزواج؟

17-

ما حكم ظهور المرأة في محلات العمل أو الدراسة بعد أن تأخذ من شعر حاجبيها وتكتحل؟

18-

بعض المسلمات يجدن حرجًا في عدم مصافحتهن للأجانب الذين يرتادون الأماكن التي يعملن أو يدرسن فيها، فيصافحن الأجانب دفعًا للحرج. فما حكم هذه المصافحة؟

وكذلك الحال بالنسبة لكثير من المسلمين الذين تتقدم إليهم نساء أجنبيات مصافحات، وامتناعهم عن مصافحتهن يوقعهم في شيء من الحرج على حد ما يذكرون ويذكرون؟

19-

ما حكم استئجار الكنائس أماكن لإقامة الصلوات الخمس أو صلاة الجمعة والعيدين، مع وجود التماثيل وما تحتويه الكنائس عادة. علمًا بأن الكنائس –في الغالب- أرخص الأماكن التي يمكن استئجارها من النصارى بدون مقابل؟

20-

ما حكم ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى وما يقدمونه من طعام في مطاعمهم مع عدم العلم بالتسمية عليها؟

21-

كثير من المناسبات العامة التي يدعى المسلمون لحضورها تقدم فيها الخمور ويختلط فيها النساء والرجال، واعتزال المسلمين لبعض هذه المناسبات قد يؤدي إلى عزلهم عن بقية أبناء المجتمع، وفقدانهم لبعض الفوائد، فما حكم حضور هذه الحفلات من غير مشاركة لهم في شرب الخمر أو الرقص أو تناول الخنزير؟

22-

بعض الأقطار في شمال أوروبا يقصر فيها الليل كثيرًا ويطول فيها النهار كثيرًا، حيث تصل ساعات الصيام في بعض هذه البلدان إلى عشرين ساعة أو تزيد، وكثير من المسلمين يجدون مشقة زائدة في الصيام. فهل يجوز اللجوء –في هذه البلدان- إلى التقدير، وما نوع التقدير الذي يمكن اعتماده إذا كان جائزًا، وهل يكون التقدير بساعات الصيام في مكة أو بساعات النهار في أقرب البلدان اعتدالًا، أو بماذا؟

وإذا لم يكن ذلك جائز فهل يعتبر هذا النوع من المشقة من المشاق التي يجب على المسلم احتمالها والصبر عليها مع احتمال الضرر، وهل يجب عليه أن يترك عمله في شهر الصيام إذا لم يكن بمقدوره الصيام إلا بترك العمل من قبيل ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب.

ص: 1061

23-

في كثير من الولايات الأمريكية وكذلك الأقطار الأوربية تصعب أو تتعذر رؤية هلال رمضان أو شوال، والتقدم العلمي الموجود في كثير من هذه البلدان يمكن من معرفة ولادة الهلال بشكل دقيق بطريق الحساب، فهل يجوز اعتماد الحساب في هذه البلدان؟

وهل تجوز الاستعانة بالمراصد وقبول قول الكفار المشرفين عليها علمًا أن الغالب على الظن صدق قولهم في هذه الأمور؟

ومما يجدر بالملاحظة أن اتباع المسلمين في أمريكا وأوروبا لبعض البلدان الإسلامية المشرقية في صيامها أو إفطارها قد أثار بينهم اختلافات كثيرة، غالبًا ما تذهب بأهم فوائد الأعياد، وتثير مشكلات شبه دائمة، وفي الأخذ بالحساب ما قد يقضي على هذا في نظر البعض أو يكاد؟

24-

ما حكم عمل المسلم في دوائر وزارات الحكومة الأمريكية أو غيرها من حكومات البلاد الكافرة، خاصة في مجالات هامة كالصناعات الذرية أو الدراسات الاستراتيجية ونحوها؟

25-

ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علمًا بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟

26-

كثير من العائلات المسلمة يعمل رجالها في بيع الخمور والخنزير وما شابه ذلك، وزوجاتهم وأولادهم كارهون لذلك علمًا بأنهم يعيشون بمال الرجل، فهل عليهم من حرج في ذلك؟

27-

ما حكم تبرع المسلم فردًا كان أو هيئة لمؤسسات تعليمية أو تنصيرية أو كنيسة؟

28-

ما حكم شراء منزل السكنى، وسيارة الاستعمال الشخصي، وأثاث المنزل بواسطة البنوك والمؤسسات التي تقرض ربحًا محددًا على تلك القروض لقاء رهن تلك الأصول، علمًا بأنه في حالة البيوت والسيارات والأثاث عمومًا، يعتبر البديل عن البيع هو الإيجار بقسط شهري يزيد في الغالب عن قسط الشراء الذي تستوفيه البنوك؟

ص: 1062

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 3

بشأن

أجوبة استفتاءات المعهد العالمي للفكر

الإسلامي بواشنطن

أما بعد:

فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني من 10 – 16 ربيع الثاني 1406هـ/ 22 – 28 ديسمبر 1985م.

إذ ألف لجنة من أعضاء المجمع للنظر في الأسئلة الواردة من المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن.

وبعد التأمل فيما قدم في الأمر من إجابات تبين منها:

- إن الإجابات قد صيغت بطريقة مختصرة جدًا لا يحصل معها الاقتناع وقطع دابر الخلاف أو الرفض.

- أنه لا بد من قيام المجمع بإزاحة الإشكالات الحاصلة لإخواننا المسلمين في الغرب.

قرر:

1-

تكليف الأمانة العامة بإحالة هذه الأسئلة على من تراه من الأعضاء أو الخبراء لإعداد إجابات معللة عن تلكم الأسئلة مستندة إلى الأدلة الشرعية، وأقوال من تقدم من فقهاء المسلمين وإبرازها في صورة مقنعة بينة.

2-

تكليف الأمانة العامة برفع ما تتحصل عليه إلى الدورة الثالثة.

والله أعلم

ص: 1063

استفسارات حول الطائفة القاديانية

فضيلة القاضي محمد تقي عثماني

قرارات المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى فضيلة العلامة المحقق الشيخ الحبيب ابن الخوجه، حفظه الله تعالى ورعاه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

فإن الطائفة القاديانية، كما تعرفون، من الفرق الزائغة المنحرفة التي لا تألوا المسلمين خبالًا، وقد صدرت من معظم البلاد الإسلامية فتاوى العلماء في تكفيرهم، وفي الأخير أدخلت حكومة باكستان تعديلًا في دستورها، قررت فيه أن هذه الطائفة من الأقليات غير المسلمة، وذلك في سنة 1974م، ثم اتبعته في العام الماضي بقانون يمنعهم من استعمال المصطلحات الإسلامية "كالمساجد" و"الأذان" و"الخلفاء الراشدين" و"الصحابة" و"أمهات المؤمنين" وما إلى ذلك، كما قررت رابطة العالم الإسلامي في قرارها الصادر سنة 1973م أنها فرقة كافرة منحرفة.

وبعد هذا كله، فإن هذه الطائفة قد رفعت إلى المحكمة العالية بكيب تاون من جنوب أفريقيا، قضية ضد المسلمين، أن المسلمين يحكمون عليهم بالكفر، ويمنعونهم من الصلاة في مساجدهم وعن دفن موتاهم في مقابرهم، وطلبوا من المحكمة أن يصدر حكمًا ينهى المسلمين عن كل ذلك ويقرر أنهم مسلمون.

وكانت المحكمة قد أصدرت في مبدأ الأمر حكمًا على المسلمين بأن لا يمنعوا القاديانيين من دخول مساجدهم إلى أن تبلغ القضية نهايتها فرفع المسلمون طلبًا إلى المحكمة بإلغاء هذا الحكم وأن لا يمنع المسلمون من وضعهما السابق إلى أن تبت المحكمة بالحكم في القضية، فسافرنا من باكستان –ونحن عشرة رجال- إلى جنوب أفريقيا - لنساعد إخواننا المسلمين هناك، والحمد لله الذي رزقنا النجاح في هذه المرحلة الابتدائية، وقد ألغت المحكمة حكمها السابق بعد سماع دلائل الفريقين، وكانت القاضية إذ ذاك امرأة نصرانية سمعت دلائلنا بكل عناية وإصغاء.

ثم رفع المسلمون طلبًا آخر، أن الحكم بكفر القاديانيين وإسلامهم، إنما هو أمر ديني بحت، لا ينبغي لمحكمة علمانية أن تتدخل فيها، بعد ما أجمع سائرالمسلمين في بقاع الأرض أن أتباع مرزا علام أحمد كلهم خارجون عن ملة الإسلام، ولم يبق هذا الأمر بعد ذلك موضوع نقاش أو جدال.

ص: 1064

وإن هذا الطلب رفع إلى قاض يهودي، وأنكم تعرفون أن القاديانيين لهم مركز في إسرائيل، ولهم مع اليهود صلات قوية، وزادت الضغث على الإبالة أن هذا القاضي اليهودي يعد من فرقهم المبتدعة التي أخرجها الأرتودكسيون عن دائرتهم، فبطبيعته كان ميالًا إلى مواساة القاديانيين، فحكم في جواب هذا الطلب خلاف المسلمين، وقال في حكمه: إن المحكمة العلمانية هي المصدر الوحيد الذي يستطيع أن يحكم في هذه المسألة الدينية حكمًا لا يتأثر بعواطف العصبية المذهبية، فيجب عليها أن تتدخل في هذا الأمر وتبت فيه برأي غير منحاز.

فاضطر المسلمون بعد هذا الحكم أن يعرضوا أمام المحكمة دلائل تكفير القاديانيين من الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.

وقد طلب القاديانيون من المسلمين إثبات أن علماء المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يعتبرون القاديانية كفرًا، وذكروا للمحكمة أنه ليس هناك في العالم الإسلامي مجلس يمثل علماء جميع الدول الإسلامية، حتى يقال: إن المسلمين أجمعوا على ذلك.

وفي هذا الصدد يحتاج المسلمون في هذه القضية إلى فتوى من مجلس دولي للعلماء يمثل جميع البلاد الإسلامية، ولاشك أن مجمع الفقه الإسلامي هو أعظم ما وجد حتى الآن من المجالس في هذا الشأن، فيريد المسلمون في جنوب أفريقيا إن يصدر المجمع فتوى يصرح بتكفير أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ليكون سندًا لهم عند دعواهم الإجماع على ذلك.

وإن هذه القضية ستشرع المحكمة في سماعها للخامس من شهر نوفمبر هذا العام، ونرجو انعقاد مجلس المجمع قبله، فمن المناسب جدًا أن يصدر المجمع فتوى من قبل مجلسه العام في جلسته القادمة.

وإني، نظرًا إلى أهمية الموضوع، قد سودت هذه الفتوى، لتكون ورقة عمل لشعبة الإفتاء أولًا، وللمجلس ثانيًا.

فالمرجو أن ترسلوا هذه الفتوى إلى جميع الأخوة الأعضاء، كورقة عمل للجلسة القادمة، وأرجو أن الإخوة الأعضاء نظرًا إلى أهمية الموضوع، يسامحون عن عدم دخول هذا الموضوع في اللائحة التي أعدتها شعبة التخطيط.

وأرجو أيضًا أن تخبروني عن وصول هذه الرسالة، وإدخال الموضوع في لائحة الجلسة القادمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[توقيع]

(محمد تقي العثماني)

ص: 1065

بسم الله الرحمن الرحيم

استفتاء

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

إن طائفة القاديانية التي تسمي نفسها "الأحمدية" تتبع في أمور دينها رجلًا اسمه مرزا غلام أحمد القادياني، وأن مرزا غلام أحمد القادياني رجل ولد في قاديان، قرية من قرى الهند، وادعى أنه نبي مرسل من الله سبحانه، وأنه بروز لسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن نبوته لا تنافي كون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ثم إن هذا الرجل لم يكتف بادعاء النبوة، بل ادعى أنه أفضل من سائر الأنبياء السابقين، وأنه هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان، وأن كتاباته مليئة بمثل هذه الدعاوى، وبإهانة عدة من الأنبياء عليهم السلام، وصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن عدة مقتبسات مترجمة من مكتبه مجموعة على سبيل المثال في ضميمة "ألف" من هذا الاستفتاء.

وأن أتباع مرزا غلام أحمد القادياني ينقسمون إلى فرقتين:

1-

الفرقة القاديانية: وهي التي تؤمن بنبوة مرزا غلام أحمد القادياني، بكل معنى الكلمة، وتكفر كل من لم يؤمن بنبوته، وتسمى زوجته "أم المؤمنين" وأتباعه الذين بايعوا على يده "صحابة" وخلفاؤه "الخلفاء الراشدين".

2-

الفرقة اللاهورية: وهي التي تؤمن بأن مرزا غلام أحمد القادياني هو المسيح الموعود، وأنه المجدد للقرن الرابع عشر، وأن جميع ما كتبه في مؤلفاته حق يجب اتباعه، وأنه كان ينزل عليه وحي يجب تصديقه واتباعه، وأن كل من يكذب مرزا غلام أحمد القادياني أو يكفره فهو كافر.

غير أنهم يقولون: إن مرزا غلام أحمد لم يكن نبيًا بمعناه الحقيقي، وإنما كانت نبوته ظلية أو مجازية، وكان وحيه وحي ولاية، دون وحي نبوة، وأن مجرد عدم الإيمان بمرزا غلام أحمد القادياني لا يكفر الإنسان، ولكن يكفره الاعتقاد بكذبه، أو كفره.

وإن كلتا الفرقتين من أتباع مرزا غلام أحمد القادياني متفقتان في أمور:

1-

أن مرزا علام أحمد القادياني هو المسيح الموعود الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنزوله في آخر الزمان.

2-

أنه كان ينزل عليه وحي يجب على جميع الناس تصديقه واتباعه.

3-

أنه كان ظلًا وبروزًا للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه في آخر الزمان.

4-

أنه كان محقًا في جميع دعاويه، وفي كل ما تكلم به، أو كتبه في مؤلفاته.

5-

كل من كذبه في دعاويه، أو كفره فهو كافر.

ص: 1066

ولذلك اتفق علماء الهند وباكستان على كفر مرزا غلام أحمد القادياني وكلتا الفرقتين من أتباعه، منذ نحو خمسين عامًا، ووافقهم على ذلك علماء البلاد الإسلامية الأخرى، حتى صدر قرار من رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة سنة 1973م بتكفيرهم بإجماع 144 منظمة من المنظمات الإسلامية في سائر بقاع الأرض، ثم صدر في باكستان تقنين دستوري أعلن بكفر كلتا الفرقتين من القاديانيين، وبذلك حكمت المحكمة العالية في باكستان، وحدث مثل ذلك في ماليزيا، وقد رفع هؤلاء القاديانيون الآن قضية ضد المسلمين في المحكمة العالية من كيب تاون، جنوب أفريقيا، وطلبوا منها أن تعلن بإسلامهم وبتخطئة من يكفرهم.

فنرجو من أصحاب الفضيلة أعضاء مجمع الفقه الإسلامي الإجابة عن الأسئلة التالية:

1-

هل يعد مرزا غلام أحمد القادياني بعد ادعاء نبوته من المسلمين أو يحكم بكفره وارتداده.

2-

هل الفرقة القاديانية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟

3-

هل الفرقة اللاهورية من أتباعه مسلمة، أو كافرة؟

4-

هل يجوز لمحكمة علمانية أن تحكم بإسلام رجل أو بكفره؟ ولئن حكمت فهل ينفذ حكمها على المسلمين؟

وندعو الله سبحانه أن يسدد خطاكم في سبيل نشر الدعوة الإسلامية.

ويوفقكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين

[توقيع]

نظيم محمد

رئيس مسلمي جودثل كونسل

ص: 1067

ضميمة "الف"

دعوى النبوة

1-

يقول في "دافع البلاء" هو الإله الحق الذي أرسل رسوله في قاديان (1)

2-

يقول في "نزول المسيح" أنا رسول ونبي، أي أنني باعتبار الظلية الكاملة مرآة فيها انعكاس كامل للصورة المحمدية والنبوة المحمية (2)

3-

وقال في تتمة "حقيقة الوحي": "والذي نفسي بيده إنه أرسلني وسماني نبيًا"(3)

4-

وقال في "أيك غلطى كا ازاله""إن زهاء مائة وخمسين بشارة من الله وجدتها صادقة إلى وقتنا هذا، فلماذا أنكر اسمي نبيًا ورسولًا، وبما أن الله هو الذي سماني بهذه الأسماء، فلماذا أردها، أو لماذا أخاف غيره؟ "(4)

5-

وقال في هامش "حقيقة الوحي": "إن اله تعالى جعلني مظهرًا لجميع الأنبياء ونسب إلي أسماءهم، أنا آدم، أنا شيث، أنا نوح، أنا إبراهيم، أنا إسحاق، أنا إسماعيل، أنا يعقوب، أنا يوسف، أنا عيسى، أنا موسى، أنا داود، وأنا مظهر كامل لمحمد صلى الله عليه وسلم، أي أنا محمد وأحمد ظليًا (5)

6-

وقال في صحيفة "بدر": "دعواي أنني رسول ونبي "(6)

7-

وقال في "نزول المسيح": "إن الأنبياء وإن كثروا إلا أنني لست أقل منهم في المعرفة"(7)

8-

وكذلك كان اعتقادي أولًا: "أين أنا من المسيح ابن مريم؟ فإنه نبي ومن المقربين، فلو ظهر أمر دل على فضلي اعتبرته فضيلة جزئية، ثم تتابع علي الوحي كالمطر، فجعلني لا أستقر على هذه العقيدة، وخاطبني بالنبي صراحة بحيث إنني نبي من ناحية ومن الإسلام من ناحية أخرى.. وأومن بوحيه الطاهر كما أومن بجميع وحي الله الذي جاء قبلي، وأنا مطيع لوحي الله تعالى، ومادام لم يأتني منه علم كنت أقول كما قلت في الأول، ولما جاءني منه علم قلت خلاف ذلك (8)

9-

لاشك أن عقيدة المرزا المتنبي الذي مات عليها: أنه نبي، وقد جاء ذلك في خطابه الأخير الذين نشر في يوم وفاته في جريدة "أخبار عام"وصرح فيه ما يلي:"أنا نبي حسب حكم الله ولو جحدته أكون آثمًا، وإذ سماني الله نبيًا فكيف يمكن لي جحوده، وأنا على هذه العقيدة حتى أرحل عن هذه الدنيا"(9) كتب هذا الخطاب في 23 مايو 1908م ونشر في 26 مايو في "أخبار عام"وفي ذلك اليوم مات المرزا المتنبي.

10-

أنا هو النبي خاتم الأنبياء بروزيًا بموجب آية: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} وسماني الله محمدًا وأحمد، في "براهين أحمدية" قبل عشرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولانني محمد ظليًا، ولذا لم ينفذ ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا، وانعكسات الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله (10)

(1) ص 11 الطبعة الثالثة، قاديان 1946م

(2)

في الهامش (ص 3) الطبعة الأولى، قاديان 1909م

(3)

(ص68) طبعة قاديان سنة 1934م

(4)

(ص8) طبعة قاديان سنة 1901م

(5)

(ص 72) طبعة قاديان سنة 1934م

(6)

5 مارس 1908م، و "حقيقة النبوة"(1 – 272) ذيل رقم 3

(7)

(ص 97) الطبعة الأولى، قاديان سنة 1909م

(8)

"حقيقة الوحي"(ص 149 و 150) طبعة قاديان سنة 1934م

(9)

"أخبار عام" 26 مايو 1908م، و"حقيقة النبوة"(ص 271) لمرزا محمود و "مباحثة راولبندي"(ص 136)

(10)

(ص 10 و 11) طبع ربوة

ص: 1068

11-

يقول ابن المتنبي الأوسط – مرزا بشير أحمد القادياني-: هذا الذي يظن بعض الناس أن النبوة الظلية والبروزية من أدنى أنواع النبوة، إنما هو خداع النفس ولا حقيقة له، لأنه لابد للنبوة الظلية أن يستغرق صاحبها في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينال درجة:"صرت أنا أنت وأنت أنا" وفي هذه الحالة يرى هو أن الكمالات المحمدية تنزل على نفسه في صورتها العكسية، ثم يزداد هذا القرب حتى يلبس رداء النبوة المحمدية، وعندئذ يقال له: النبي الظلي، وإذا كان الظل يقتضي أن يكون صورة كاملة لأصله وعليه إجماع جميع الأنبياء، فعلى الأحمق الذي يرى نبوة المسيح الموعود الظلية من أدنى أنواع النبوة أن ينتبه ويفكر في أمر إسلامه، لأنه هجم على شأن النبوة هي تاج سائر النبوات، ولا أفهم لماذا يتعثر الناس في نبوة المسيح الموعود؟ ولماذا يراه الناس نبوة ناقصة؟ فإني أرى أنه كان نبيًا ظليًا لبروزه للنبي صلى الله عليه وسلم ومكانة هذه النبوة الظلية العالية.

ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون –بالضرورة- كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداه قلة أوكثرة، إلا أن المسيح الموعود أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال:"النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود بل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم (1)

(1)"كلمة الفصل" و "ريويو آف ريليجنز" مارس وأبريل 1915م

ص: 1069

مسودة الجواب المقترح

محمد تقي العثماني

عضو القسم الشرعي للمحكمة العليا باكستان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله خاتم النبيين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

1 و 3 – إن نصوص القرآن والسنة مطبقة على أن النبوة والرسالة قد انقطعت بعد بعثة النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن كل من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم فهو كاذب خارج عن ملة الإسلام، وأن هذه العقيدة من المبادئ الأساسية التي لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، فإنها ثابتة بنصوص القرآن الكريم والواضحة البينة المراد، والأحاديث النبوية المتواترة القطعية، يقول لله سبحانه وتعالى:

{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] .

وهناك أحاديث متواترة أكثر من مائة تثبت هذه العقيدة القطعية، نذكر منها على سبيلا المثال ما يلي:

أ- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، وأنا خاتم النبيين)) . (1)

ب –عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول)) (2)

جـ – عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يقتل فئتان، فيكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة، ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبًا من ثلاثين، كلهم يزعم انه رسول الله)) (3) .

(1) رواه البخاري في كتاب الأنبياء، ومسلم في الفضائل، ج 2 ص 248

(2)

رواه البخاري في كتاب الأنبياء ج 1 ص 491: ومسلم في كتاب الأمارة، وأحمد في مسنده ج 2 ص 297

(3)

رواه البخاري ومسلم وأحمد

ص: 1070

وعلى أساس هذه النصوص القطعية قد اجتمعت الأمة الإسلامية على أن كل من ادعى النبوة والرسالة أو بأنه ينزل عليه وحي يجب اتباعه كحجة شرعية، فإنه كافر خارج عن الملة.

يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى في الشفاء (ص 362 طبع الهند) ، "لأنه أخبر أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره أن مفهومه المراد به دون تأويل ولا تخصيص، ولا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعًا إجماعيًا وسمعًا" يقول الشيخ علي القاري في شرح الفقه الأكبر ص 202:

"ودعوة النبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع ".

ولم يفرق هذه النصوص القطعية ولا الإجماع المنعقد على هذه العقيدة بين دعوى النبوة التشريعية وغير التشريعية، فكل منهما كفرلا مجال له في الإسلام.

وبما أن مرزا غلام أحمد القادياني قد ادعى لنفسه النبوة والرسالة كما هو ظاهر من مقتبسات كتبه المذكورة في ضميمة "الف" من الاستفتاء، فإنه كافر خارج عن الإسلام، وأما ما تأول به من أن نبوته ظل لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذا التأويل لا يفيد في هذا الصدد شيئًا، وذلك لوجهين:

الأول: أننا قد ذكرنا أن عقيدة ختم النبوة لا تقبل أي تأويل أو تخصيص، ولذلك أبدًا عن تأويل يتأول به، ولا دليل يعتمد عليه، وإنما حكمت بكفره وخروجه عن الإسلام بمجرد ادعائه النبوة، ولذلك قاتل الصحابة رضي الله عنهم مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وطليحة بن خويلد المتنبئين الذين كان عندهم تأويل ما يدعونه من النبوة والرسالة.

والوجه الثاني: النبوة الظلية أو البروزية التي تأول بها المتنبي القادياني ليست في زعمه نبوة دون نبوة الأنبياء الآخرين، وإنما هي نبوة تفوق درجة على نبوة جميع الأنبياء بني إسرائيل فإن هذه النبوة كما يزعمها المتنبي القادياني لا يعطاها أي أحد من الناس، حتى يجوز جميع فضائل سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بين جميع أوصاف كماله، بحيث يصبح ظهورًا ثانيًا لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذلك ادعى هذا المتنبي الكذاب في كتابه "ايك غلطى كا ازاله" (ص 10 و 11) :

"وسماني الله محمدًا وأحمد في "براهين أحمدية" قبل عرين عامًا، واعتبرني وجود محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ولذا لم يتزلزل ختم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بنبوتي، لأن الظل لا ينفصل عن أصله، ولأنني محمد ظليًا، ولذا لم ينفض ختم النبوة، لأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لم تزل محدودة على محمد، أي بقي محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا لا غير، أعني لما كنت محمدًا صلى الله عليه وسلم بروزيًا وانعكست الكمالات المحمدية مع النبوة المحمدية في اللون البروزي في مرآتي الظلية، فأي إنسان منفرد ادعى النبوة على حياله؟ "

ويقول ابنه مرزا بشير أحمد القادياني في كتابه "كلمة الفصل" وريويو آف ريلجينز مارس أبريل، 1915م:

"ومن الواضح أن الأنبياء في العصور الماضية لم يكونوا يجمعون بالضرورة –كل الكمالات التي جمعت في محمد صلى الله عليه وسلم، بل كل نبي كان يعطى من الكمالات حسب عمله واستعداده قلة وكثرة إلا أن المسيح الموعود (يعني به مرزا غلام أحمد القادياني) أعطي النبوة عندما اكتسب جميع الكمالات المحمدية، واستحق أن يقال له "النبي الظلي" فالنبوة الظلية لم تؤخر قدم المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) قبل قدمتها إلى الأمام، إلى أن أقامته جنبًا إلى جنب مع النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 1071

يقول ابنه وخليفته الثاني مرزا بشير الدين محمود:

"فالنبوة الظلية والبروزية ليست نبوة بسيطة، لأنها لو كانت كذلك لما قال المسيح الموعود (يعني المتنبي القادياني) في أحد أنبياء بني إسرائيل، اتركوا ذكر ابن مريم فغلام أحمد خير منه.

( [القول الفصل] ص 16، طبع ضياء الإسلام، قاديان 1915م) .

وصرح بذلك القاضي ظهور الحق اكمل، وكان مدير المجلة القاديانية "ريويو آف ريليجنز" في أبياته التي نشرت في صحيفة "بدر" 25 أكتوبر 1916م:

"إن محمدًا قد نزل فينا ثانيًا، وهو أعلى شأنًا من الأول، من كان يريد رؤية محمد، فلينظر غلام أحمد في قاديان".

وقد أعلن هذا الرجل نفسه في مجلة "الفضل" القاديانية المعروفة (22 أغسطس 1916م) أنه عرض هذه الأبيات على مرزا غلام أحمد القادياني، فأثنى عليه بقوله جزاك الله، وأخذها إلى بيته، وذكرهذا الرجل أنه قد استلهم مفهوم هذه الأبيات من "الخطبة الإلهامية" للقادياني التي قال فهيا:

"الحق أن روحانية عليه السلام في آخر الألف السادس –أعني في هذه الأيام- أشد وأقوى من تلك الأعوام، ولذلك لا تحتاج إلى الحسام ولا إلى حزب المحاربين، ولذلك اختار الله سبحانه لبعث المسيح الموعود (بعني به القادياني نفسه) عدة من مئات كعدة ليلة البدر من هجرة سيدنا خير الكائنات لتدل تلك العدة على مرتبة كمال تام من مراتب الترقيات، وهى أربع مائة بعد الألف من خاتم النبيين.

(الخطبة الإلهامية ص 47 طبع الجمعية الأحمدية لاهور) .

فتبين من هذه المقتبسات أن النبوة الظلية كما يزعمها القادياني وأتباعه، نوع من النبوة يفوق نبوة سائر أنبياء بني إسرائيل، بل هو أقوى وأكمل من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم –والعياذ بالله العظيم- فادعاؤه مثل هذه النبوة كفر صريح لا شبهة في كونه منافيًا للنصوص القطعية الدالة على أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثبت أن مرزا غلام أحمد القادياني وأتباعه القاديانيين خارجون عن ملة الإسلام دون أي شك وتردد.

3-

لما ثبت أن مرزا غلام أحمد القادياني كافر خارج عن ملة الإسلام بسب ادعائه النبوة، فإن كل من يصدقه في دعاويه ويعتبره إمامًا في الدين يجب إطاعته واتباعه، فإنه كافر أيضًا، فضلًا عن اعتباره المسيح الموعود والمهدي والمجدد، وبما أن ااطائفة اللاهورية من أتباع مرزا غلام أحمد القادياني المتنبي تعتبره المسيح الموعود والمهدي والمجدد، أنه كان ينزل عليه وحي يجب اتباعه، فحكمها في الخروج عن الإسلام كحكم الطائفة القاديانية سواء بسواء، وإن الدراسة الدقيقة لمعتقدات هذه الطائفة اللاهورية، تدل على أنه ليس هناك فرق أساسي بين معتقدات الطائفتين، وإنما هو فرق لفظي إنما نشأ لأسباب أساسية.

ص: 1072

وتوضيح لذلك أنه لم يكن هناك أي فرق بين الطائفتين في حياة مرزا غلام أحمد القادياني ولا في عهد خليفته الأول حكيم نور الدين، وكان جميع أتباع مرزا غلام أحمد القادياني خلال هذه المدة الطويلة يلقبونه نبيًا ورسولًا، وبقي محمد علي اللاهوري (رئي الطائفة اللاهورية) برهة من الزمن رئيس تحرير لمجلة ريويو آف ريليجنز، ولم يزل في كتاباته في تلك المجلة يلقب مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا ورسولًا، ويعترف له بجميع صفات النبوة دون أي فرق بينه وبين أتباع مرزا الآخرين، فيقول مثلًا:

"مهما يفسر المخالف، إلا أننا قائلون: إن الله قادر على أن يخلق نبيًا ويختار صديقًا.. والذي بايعناه (أي المرزا) كان صادقًا، وكان رسول الله المختار المقدس".

(مجلة "الفرقان" يناير 1942 م نقلًا عن جريدة "الحكم" 18 يوليو 1908م) .

وقد نشرت صيحفة الجماعة اللاهورية "بيغام صلح" بيانًا عن الجماعة اللاهورية كلها، وهذا نصه:

"نحن نرى حضرة المسيح الموعود والمهدي المعهود نبي هذا العصر ورسوله ومنقذه".

(بيغام صلح 16 أكتوبر 1913م بحوالة "الفرقان" يناير 1942م) .

ولكن عندما توفي الخليفة الأول حكيم نور الدين، واختار كثير من الناس مرزا بشير الدين خليفته الثاني، حدث هناك نزاع سياسي بين محمد علي اللاهوري ومرزا بشير الدين محمود، واعتزل محمد علي اللاهوري عن الجماعة القاديانية، وأسس هناك جماعته، وأصدر من قبلها قرارًا وهذا نصه:

"إنا نجيز اختيار مرزا بشيرالدين محمود كأمير لمجرد أن يبايع غير الأحمديين باسم أحمد، ويدخله في السلسة الأحمدية، ولكن لا نرى أن الحاجة إلى أن يبايعه الأحمديون ثانيًا.. وليس للأمير أن يتصرف في حقوق رئيس الجمعية الأحمدية وامتيازاته التي منحها له حضرة المسيح الموعود، واختاره لنفسه ثانيًا".

(الفرقان يناير 1942م نقلًا عن "بيغام صلح" 24 مارس 1914م)

قد تبين من هذا القرار أن الجماعية اللاهورية لم يكن لها أي اعتراض على الجماعة القاديانية ولم ير مرزا بشيرالدين غير أهل للخلافة، وإنما كان النزاع في أن تفوض كل الاختيارات إلى الجماعة اللاهورية لا إلى الخليفة.

وبناء على هذا الخلاف السياسي لما بدأت الجماعة القاديانية تضطهد الجماعة اللاهورية في مجالات الحياة، اضطرت الجماعة اللاهورية إلى اكتساب عطف المسلمين، وبدأوا يقولون إنهم لا يرون مرزا غلام أحمد القادياني نبيًا، بل يعتبرونه المسيح الموعود والمهدي والمجدد من غير أن يعلن برجوعه من كتاباته السابقة.

والحق أن تقولهم هذا ليس إلا حيلة لفظية، فإن الجماعة اللاهورية تقصد من لفظ المسيح الموعود والمهدي والمجدد، عين ما تقصده الجماعة القاديانية من لفظ النبي الظلي و"البروزي" وهذا محمد علي اللاهوري يقول في كتابه "النبوة في الإسلام" وقد ألفه بعد انفصال جماعته عن الجماعة القاديانية:

"إن المسيح الموعود في كتاباته السابقة واللاحقة قرر أصلًا واحدًا، وهو أن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه، ولا نقول: إن باب النبوة مفتوح، بل نقول إن باب النبوة مسدود، غير أن نوعًا من النبوة مازال باقيًا ويستمر إلى يوم القيامة، ولا نقول: إنه يمكن لشخص أن يصير نبيًا، بل نقول إن نوعًا من النبوة يمكن الحصول عليه عن طريق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي سمي بالمبشرات في مكان، وبالنبوة الجزئية في مكان آخر، وبالمحدثية في موضع، وبكثيرة المكالمة في موضع آخر، ومهما تغيرت الأسماء فقد تقررت علامته، وهي أنه يحصل باتباع الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم، وبالفناء في الرسول، وهو مستفاض من النبوة المحمدية، وهو نور المصباح النبوي، وليس شيئًا مستقلًا بل هو ظل"

(النبوة في الإسلام ص 158) .

ص: 1073

أليس هذا تلاعب بالألفاظ لبيان فلسفة الظل والبروز التي سبق ذكرها في عبارات الجماعات القاديانية؟ فإن كان الأمر كذلك –وهو كذلك- فهل يبقى هناك فرق بين الجماعة القاديانية والجماعة اللاهورية؟ ثم إن هذا ليست عقيدة محمد علي فحسب، بل هي عقيدة الجماعة اللاهورية كلها، فقد صرح مندوب الجماعة اللاهورية في المناقشة التي جرت بين الفريقين في راولبندي، وقد نشرها الفريقان على نفقتهما قائلًا:

إن حضرته –المرزا- ظل كامل من ظلال النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك سميت زوجته – "بأم المؤمنين" – وهذا أيضًا مرتبة ظلية".

واعترف أيضًا قائلًا:

إن حضرة المسيح الموعود ليس نبيًا، غير أن نبوة محمد علي صلى الله عليه وسلم انعكست عليه"

(مباحثة راولبندي ص 196) .

وكل هذه العقائد يؤمن بها الجماعة اللاهورية حتى اليوم، وقد تبين من هذا أن الخلاف بين الجماعتين هو خلاف لفظي فقط، فالجماعة اللاهورية وإن كانت تسمى المرزا بلقب "المسيح الموعود" و"المجدد" غير أنها تعني من هذه الكلمات نفس المعنى التي تعنيه الجماعة القاديانية من ألفاظ "النبي الظلي" و"البروزي" أو "النبي غير التشريعي" أو "النبي من الأمة".

ولا فرق بين الطائفتين، من حيث إن كلتيهما تعتقدان أن مرزا غلام أحمد القادياني المتنبئ كان ينزل عليه وحي "يجب اتباعه على سائر الناس، وأن جميع ما كتبه أو ادعاه في كتاباته حق، يجب إطاعته على كل مسلم، بل يصرح محمد علي اللاهوري في مقدمة كتابه "النبوة في الإسلام" أن الطائفة اللاهورية أشد إيمانًا بالمرزا غلام أحمد بالنسبة إلى الطائفة القاديانية، فيقول مخاطبًا الطائفة القاديانية:

"إنكم بجعله – أي المرزا- نبيًا كاملًا، لا تعترفون له برتبة أعلى مما نعترف به نحن، بجعل نبوته جزئيًا، والحق أننا نؤمن بوجوب اتباع وحيه إلى حد مساو لما تؤمنون، بل إننا نؤمن به عملًا، أكثر مما تؤمنون به".

(النبوة في الإسلام، ص 23 طبع لاهور 1915م)

ص: 1074

وأما المسألة الثانية التي تدعى الطائفة اللاهورية أنها تمتاز فيها عن الطائفة القاديانية هي مسألة تكفير المسلمين، فتدعي الطائفة اللاهورية أنها لا تكفر مسلمًا لا يؤمن بمرزا غلام أحمد القادياني، بينما الطائفة القاديانية تكفر جميع المسلمين الذين لا يؤمنون به، والحقيقة أنه لا فرق بين الطائفتين عملًا من هذا الجهة أيضًا، لأن الطائفة اللاهورية تقول: لا نفكر من لم يؤمن بمرزا، ولكن نكفر من "كذبه" أو "كفره" وظاهر أن كل من لا يؤمن بمرزا غلام أحمد فإنه يكذبه في دعاويه، ولا يوجد على وجه الأرض من لا يؤمن بمرزا بعد علم بدعاويه ثم يزعمه صادقًا ولا يكذبه، فهناك بين العارفين بمرزا غلام أحمد قسمان لا ثالث لهما، إما المؤمنون به، وإما المكذبون إياه، وكل من يكذب بمرزا غلام أحمد فهو كافر عند الطائفة اللاهورية فيقول محمد علي الللاهوري في كتابه "رد تكفير أهل القبلة".

"إن حضرة المسيح الموعود لم يعتبر إنكاره أو إنكار دعواه سببًا للكفر وإنما جعل سب التكفير هو أنه كفره مفتريًا، فعاد عليه الكفر بناء على الحديث الذي يرد الكفر على المكفر إذا لم يكن هو كافرًا".

ويضيف إلى ذلك قائلًا:

لأن المكفر والمكذب متساويان معنى، أي من يكفر المدعي –المرزا- ومن يكذبه متساويان معنى أي كلاهما يكفرانه فلذلك كلاهما داخلان في الكفر في ضوء هذا الحديث".

(رد تكفير أهل القبلة ص 29 و 39 طبع 1926م)

ص: 1075

ومن هذه الجهة فإنه لا فرق بين الطائفتين من أتباع المرزا في مسالة التكفير أيضًا، وبعد إثبات ما ذكرنا فإنه يوجد في الطائفة اللاهورية أسباب تالية يكفي كل واحد منها في تكفيرهم.

1-

لقد ثبت قطعًا أن مزا غلام حمد ليس هو المسيح الذي وعد به عند قرب الساعة، وأن الاعتراف بكونه ذلك المسيح تكذيب للقرآن الكريم، والسنة المتواترة وإجماع الأمة، ولما كانت الطائفة اللاهورية تؤمن بأن المرزا هو المسيح الموعود فإنها كافرة خارجة عن الإسلام.

2-

قد ثبت قطعًا أن مرزا غلام أحمد القادياني ادعى النبوة في تقولاته وكتاباته، وأهان الأنبياء عليهم السلام وفضل نفسه على جميع الأنبياء، فلا يبقى مسلمًا من اعتبره إمًاما في دينه.

3-

سبق أن ذكرنا أن الجماعة اللاهورية تعتقد أن مرزا غلام أحمد القادياني ظل وبروز للنبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله وأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قد انعكست فيه، وبهذا الاعتبار يصح إطلاق النبوة عليه، وأن هذه العقيدة لا تسعها دائرة الإسلام أبدًا.

4-

وعلاوة على دعوى النبوة، فإن مؤلفات مرزا غلام أحمد القادياني مليئة بالكفريات الأخرى وإن الجماعة اللاهورية تؤمن بجميع هذه الكفريات وتعتبر كتب هذا المتنبئ حجة واجبة الإطاعة، فتشارك مرزا غلام أحمد القادياني في جميع كفرياته.

4-

السؤال الرابع:

أن كون رجل مسلمًا أو كافرًا يتوقف على عقائده وأفكاره، وإن هذه المسألة مسألة عقيدية وكلامية بحتة، ولا يجوز أن يتدخل فيها رجل ليس له معرفة بعلم القرآن والسنة ولا يجوز "لمحكمة علمانية " أن تحكم في هذه المسألة الدينية الخالصة، ولاسيما بعد ما بت المسلمون في مسألة إسلام القاديانيين برأي انعقد الإجماع عليه، فلو حكمت محكمة علمانية بحكم مضاد لما أجمعت عليه الأمة الإسلامية لن يقبل حكمها في ذلك شرعًا، وأن رأيها في ذلك لا يوازي حبة خردل.

والله سبحانه وتعالى أعلم

وعلمه أحكم وأتم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ص: 1076

قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة

القرار الثالث

حكم القاديانية والانتماء إليها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:

فقد استعرض مجلس المجمع الفقهي موضوع الفئة القاديانية التي ظهرت في الهند في القرن الماضي (التاسع عشر الميلادي) والتى تسمى أيضًا (الأحمدية) ودرس المجلس نحلتهم التي قام بالدعوة إليها مؤسس هذه النحلة مرزا غلام أحمد القادياني 1876م مدعيًا أنه نبي يوحى إليه، وأنه المسيح الموعود، وأن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم (كما هي عليه عقيدة المسلمين بصريح القرآن العظيم والسنة) ، وزعم أنه قد أنزل عليه، وأوحى إليه أكثر من عشرة آلاف آية، وإن من يكذبه كافر، وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان، لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان (براهين أحمدية) وفي رسالته التي نشرها بعنوان (التبليغ) .

واستعرض مجلس المجمع أيضًا أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القادياني وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى (آينية صداقت) من قوله "إن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود (أي والده مرزا غلام أحمد القادياني) سواء سمع باسمه أو لم يسمع فهو كافر وخارج عن الإسلام (الكتاب المذكور صفحة 35) وقوله أيضًا في صحيفتهم القاديانية (الفضل) فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه إنه قال:"إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، فى الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة وبيننا خلاف جوهري في كل ذلك"(صحيفة) الفضل في 30 من تموز/ يوليو 1931م.

وجاء أيضًا في الصحيفة نفسها (المجلد الثالث) ما نصه "إن ميرزا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم " زاعمًا أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام (ومبشرًا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد)"كتاب إنذار الخلافة ص 21"، واستعرض المجلس أيضًا ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجًا كليًا.

ص: 1077

وبناء على ذلك اتخذ المجلس النيابي الإقليمي لمقاطعة الحدود الشمالية في دولة باكستان قرارًا في عام 1974 بإجماع أعضائه يعتبر فيه الفئة القاديانية بين مواطني باكستان أقلية غير مسلمة، ثم في الجمعية الوطنية (مجلس الأمة الباكستاني العام لجميع المقاطعات وافق أعضاؤها بالإجماع أيضًا على اعتبار فئة القاديانية أقلية غير مسلمة.

يضاف إلى عقيدتهم هذه ما ثبت بالنصوص الصريحة من كتب مرزا غلام أحمد القادياني نفسه ومن رسائله الموجهة إلى الحكومة الإنكليزية في الهند التي يستدرها ويستديم تأييدها وعطفها من إعلانه تحريم الجهاد، وأنه ينفي فكرة الجهاد ليصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية المستعمرة في الهند لأن فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين تمنعهم من الإخلاص للإنكليز، ويقول في هذا الصدد في ملحق كتابه (شهادة القرآن) الطبعة السادسة ص 17 ما نصه ((أنا مؤمن بأنه كلما ازداد أتباعي وكثر عددهم قل المؤمنون بالجهاد لأنه يلزم من الإيمان بأني المسيح أو المهدي إنكار الجهاد) تنظر رسالة الأستاذ الندوي نشرة الرابطة ص 25.

وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة وتحويل المسلمين عنها تحويلًا وتضليلًا، قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضًا بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجًا كاملًا، وأن معتنقيه كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتابًا ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم وبالله التوفيق.

[توقيع]

[توقيع]

نائب الرئيس

الرئيس

محمد علي الحركان

عبد الله بن حميد

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي

رئيس مجلس القضاء الأعلى

في المملكة العربية السعودية

الأعضاء

[توقيع][توقيع][توقيع]

عبد العزيز بن عبد الله بن باز محمد محمود الصواف صالح بن عثيمين

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد في المملكة العربية السعودية

[توقيع][توقيع]

محمد بن عبد الله السبيل محمد رشيد قباني

[توقيع][توقيع][توقيع]

مصطفى الزرقاء محمد رشيدي عبد القدوس الهاشمي الندوي

[سافر قبل التوقيع]

أبو بكر جومي

ص: 1078

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 4

بشأن القاديانية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م.

بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من "مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب أفريقيا " بشأن الحكم في كل من (القاديانية) والفئة المتفرعة عنها التي تدعى (اللاهورية) من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه، وبشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية.

وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن (مرزا غلام أحمد القادياني) الذي ظهر في الهند في القرن الماضي وإليه تنسب نحلة القاديانية واللاهورية.

وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين وبعد التأكد من أن (مرزا غلام أحمد القادياني) قد ادعى النبوة بأنه نبي مرسل يوحى إليه وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوى ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم من الدين بالضرورة كالجهاد.

وبعد أن اطلع المجمع (أيضًا) على ما صدر عن (المجمع الفقهي بمكة المكرمة) في الموضوع نفسه.

قرر ما يلي:

1-

إن ما ادعاه (مرزا غلام أحمد القادياني) من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتًا قطعيًا يقينيًا من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده، وهذه الدعوى من (مرزا غلام أحمد القادياني) تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام، وأما (اللاهورية) فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم (مرزا غلام أحمد القادياني) بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

2-

ليس لمحكمة غير إسلامية، أو قاض غير مسلم، أن يصدر الحكم بالإسلام أو الردة، ولا سيما فيما يخالف ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية من خلال مجامع علمائها، وذلك لأن الحكم بالإسلام أو الردة، لا يقبل إذا صدر عن مسلم عالم بكل ما يتحقق به الدخول في الإسلام، أو الخروج منه بالردة، ومدرك لحقيقة الإسلام أو الكفر، ومحيط بما ثبت في الكتاب والسنة والإجماع: فحكم مثل هذه المحكمة باطل.

والله أعلم

ص: 1079

استفسارات

من البنك الإسلامي للتنمية – جدة

بسم الله الرحمن الرحيم

يسر البنك الإسلامي للتنمية أن يضع أمام المجمع الفقهي الإسلامي الموقر بعض الاستفسارات برجاء أن تكون موضع عناية أصحاب السماحة والفضيلة أعضاء المجمع، وهي تتعلق بما يلى:

أولا: عمليات القروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية لمشروعات البنية الأساسية في الدول الأعضاء بالبنك وبدون فوائد. والمبلغ المقطوع الذي يتقاضاه البنك مقابل خدماته لتغطية مصاريفه الإدارية.

والقروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية للدول الأعضاء لتمويل مشروعات البنية الأساسية هي قروض طويلة الأجل إذا تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عاما. والتزاما بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض. غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية نفقاته الإدارية.

وقد رأى البنك أن يتم تحديد رسم الخدمة في ضوء التكلفة الإدارية الفعلية التي سوف يتحملها البنك في تقويم المشروعات التي يمولها وأيضا تكلفة متابعة تنفيذها، ولما كان من الصعوبة بمكان تحديد وضبط التكلفة الإدارية الفعلية التي يتحملها البنك في كل مشروع من المشروعات التي يمولها على حدة لذا فإن البنك لحد الآن وإلى أن يصبح من الممكن عمليا تحديد التكلفة الإدارية التي يتحملها في كل مشروع على حدة على وجه الدقة يكتفى بإجراء تقدير تقريبي لتكاليف الخدمة الإدارية والتي رأى أنها تتراوح بين 2.5 و3 في المائة حسب حالة المشروع وظروفه. وبناء على ذلك فإن البنك – في حدود النسبة التقريبية المذكورة – يتقاضى مبلغا مقطوعا يلتزم المقترض بالوفاء به لتغطية هذه التكاليف الإدارية.

ص: 1080

ثانيا: عمليات الإيجار التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية لتمويل شراء ثم إيجار وسائط النقل مثل ناقلات البترول. والبواخر أو لتمويل شراء ثم إيجار معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء.

وطبقا للأسلوب المعمول به في البنك يتم الإيجار على الأسس التالية:

(أ) بعد التحقق من الجدوى الفنية والمالية للمشروع الذي ينظر البنك في المساهمة في تمويله عن طريق الإيجار يبرم البنك اتفاقية مع الجهة القائمة على المشروع (المستأجر) ويفوض البنك بموجبها إلي تلك الجهة التعاقد باسمه مع الموردين على شراء المعدات المطلوبة (والتي يتم تعيينها وتحديد تكلفتها التقديرية في الاتفاقية) ويقوم البنك وفقا لما يتم إبرامه من عقود مع الموردين بدفع قيمة المعدات مباشرة للموردين في الآجال التي تحددها تلك العقود.

(ب) تقوم الجهة المستفيدة (المستأجر) نيابة عن البنك باستلام المعدات وفحصها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات المتعاقد عليها ثم تقوم بالإشراف على تركيبها – متى كان التركيب لازما – للتأكد من أن ذلك يتم بطريقة سليمة حسبما تم التعاقد عليه مع الموردين.

(ج) بناء على المعلومات المتوافرة لدى الجهة القائمة على المشروع وتقديرات الفنيين بها وبالبنك تحدد الاتفاقية الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ عملية شراء المعدات وتركيبها حتى تصبح صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها. وبناء على ذلك تنص الاتفاقية على موعد بدء الإجارة بحيث يقع ذلك بعد انتهاء الفترة المقدرة لكي تصبح المعدات محل الإيجار صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها.

ص: 1081

(د) أثناء مدة الإجارة يقوم المستأجر بدفع الأقساط المحددة في عقد الإجارة (أي الاتفاقية الخاصة بالإيجار) كما يلتزم بصيانة المعدات والحفاظ عليها والتأمين عليها لصالح البنك.

(هـ) يلتزم البنك بموجب هذه الاتفاقية بأن يبيع المعدات للمستأجر بثمن رمزى متى انتهت المدة ودفع المستأجر كل الأقساط المتفق عليها وتم وفاؤه بجميع التزاماته الأخرى بموجب الاتفاقية.

ثالثا: عمليات البيع لأجل التي يقوم بها البنك لشراء وبيع معدات وأجهزة لمشروعات صناعية لصالح الدول الأعضاء بالإضافة إلي عمليات الإيجار بدأ البنك مؤخرا في استعمال أسلوب البيع لأجل كوسيلة إضافية لتمويل شراء ثم بيع المعدات والأجهزة التي تحتاجها المشروعات الصناعية في الدول الأعضاء حيث يقوم البنك بتوكيل الجهة الراغبة في هذه المعدات والأجهزة بالتعاقد بشرائها باسمه ونيابة عنه ويقوم البنك بدفع ثمنها مباشرة للمورد ويتم الاتفاق مع المورد بأن يتم شحنها مباشرة للجهة الراغبة في شرائها في الدولة العضو المعنية. وبعد أن تقوم تلك الجهة باستلامها بصفتها وكيلا عن البنك، يقوم البنك ببيع المعدات لها بثمن يزيد عن ثمن شرائها، على أن يتم دفع هذا الثمن على إسقاط في مدة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات.

رابعا: عمليات تمويل التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء التي يقوم بها البنك الإسلامي للتنمية مستخدما أسلوب بيع المرابحة – مع الأجل والتقسيط – وذلك لتوفير المواد الوسيطة لاحتياجات الدول الأعضاء.

والأصل في عمليات التجارة الخارجية أن تطلب إحدى الدول الأعضاء بالبنك شراء سلعة ذات صبغة تنموية فيقوم البنك الإسلامي للتنمية بشرائها بعد دراسة الطلب والموافقة عليه ثم بيعها لها. ويقوم البنك لتحقيق ذلك بإبرام اتفاقية يكون أطرافها بالإضافة إلي البنك الجهة المستفيدة في الدولة المعنية وجهة أخرى في تلك الدولة يعينها البنك بموجب الاتفاقية وكيلا عنه في شراء السلعة المطلوبة ثم بيعها بعد استلامها للجهة المستفيدة بالثمن الذي حدده البنك وهو ثمن الشراء الذي دفعه البنك للموردين وفقا للعقود التي أبرمها الوكيل نيابة عنه مع زيادة ربح يقرره البنك، ويغلب في اتفاقيات التجارة الخارجية أن يكون الوكيل الذي يعينه البنك كفيلا أيضا بأداء ثمن إعادة البيع المستحق على المستفيد.

خامسا: النظر في تقرير اجتماع بعض علماء الشريعة والخبراء في المصارف هذا الاجتماع الذي انعقد في مقر البنك الإسلامي بجدة وبدعوة منه في العاشر من ربيع الأول عام 1399 هـ. وكان الغرض من الاجتماع النظر في حكم الشريعة في الفوائد المتجمعة من إيداع البنك الإسلامي للتنمية أمواله في المصارف بالدول الأجنبية (مرفق صورة من التقرير) .

ص: 1082

وفي ضوء التوصيات الواردة في تقرير العلماء الأفاضل قرر مجلس محافظي البنك تخصيص خمسين في المائة (50) للاحتياطي الخاص وذلك من مجموع المبالغ المتحصلة من ودائع البنك لدى المصارف العاملة في الأسواق الدولية والاحتياطي الخاص المشار إليه مخصص لمواجهة ما قد يطرأ على انخفاض قيمة أرصدة البنك نتيجة لتذبذب العملات المودعة بها تلك الأرصدة من العملات، كما قرر المجلس أن تخصص الخمسين في المائة الأخرى لأغراض المعونة الخاصة.

وبناء على قرار مجلس المحافظين صارت هذه المعونة تقدم لأغراض هي:

(أ) التدريب والبحوث التي تهدف إلي مساعدة وإرشاد الدول الأعضاء في تعديل مسار نشاطها الاقتصادي والمالي والمصرفي بما يتواءم وأحكام الشريعة الإسلامية. ولتحقيق ذلك تم إنشاء المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة منذ عام 1401 هـ (1981م) وهو الآن يقوم بأداء رسالته في مجالي البحوث والتدريب.

(ب) توفير وسائل الإغاثة في شكل السلع والخدمات المناسبة لتقدم للدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في حالة التعرض للكوارث أو المحن.

(ج) توفير المساعدات المالية للدول الأعضاء من أجل دعم وتأييد القضايا الإسلامية.

(د) تقديم المساعدة الفنية للدول الأعضاء.

ص: 1083

تقرير عن اجتماع بعض علماء الشريعة والخبراء في المصارف بمقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة في العاشر من ربيع الأول 1399 هـ

للنظر في حكم الشريعة الإسلامية في الفوائد المتخصصة للبنك في المصارف الأجنبية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه.

أولا: واجه البنك الإسلامي للتنمية بعض المشكلات التي تحتاج إلي حلول متفقة مع الشريعة الإسلامية ومن بينها مشكلة فوائد ودائع البنك في المصارف الأجنبية. ولقد نهج البنك المنهج الإسلامي السديد، حيث طرح هذه المشكلة التي واجهته على بعض علماء الشريعة الإسلامية لبيان الحكم الشرعي الذي يطبق في هذه المشكلة

ثم عهد إلي فضيلة الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء الأستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية – بيان عدد من العلماء في العالم الإسلامي من المتخصصين في الشريعة الإسلامية والخبرة المصرفية طالبا منهم الحضور في هيئة اجتماع محدود بصفة شورى عملية لمناقشة موضوع هذه الدراسة، والانتهاء إلي بيان الحكم الشرعي.

ص: 1084

ثانيا: في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء العاشر من شهر ربيع الأول 1399هـ (الموافق 7/2/1979م) انعقد اجتماع الهيئة المدعوة بمقر البنك الإسلامي للتنمية بجدة. وقد ضم الاجتماع السادة:

1-

الدكتور حسن علي أحمد الشاذلي مصري وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر (القاهرة)

2-

الدكتور سامي حمود أردني رئيس البنك الإسلامي الأردني (عمان)

3-

الشيخ صالح الحصين سعودي مستشار بديوان مجلس الوزراء

4-

الشيخ عبد الرحمن شيبان جزائري عضو المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر

5-

الشيخ عبد الله بن سلميان بن سبع سعودي القاضي بمحكمة التمييز بمكة المكرمة

6-

الشيخ محمد برهان الدين هندي أستاذ الحديث والتفسير بدار العلوم لندوة العلماء (الهند)

7-

الإمام محمود محمد علي الهاشمي عراقي من علماء البحث

8-

الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء سوري كلية الشريعة – الجامعة الأردنية (عمان)

واعتذر عن عدم الحضور السادة:

الشيخ أبو بكر جومر

عن اليوم الأول وناب عنه الشيخ محمد برهان الدين

الشيخ أحمد حمانى

وأناب عنه الشيخ عبد الرحمن شيبان

الشيخ محمد باقر الصدر

وأناب عنه الشيخ محمود الهاشمى

ص: 1085

وبعد افتتاح الاجتماع بتلاوة آيات من كتاب الله تعالى ابتدأ الحديث الدكتور أحمد محمد علي مرحبا بالمجتمعين، ثم اختار المجتمعون الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي لإدارة جلسات الاجتماع، وفي خلال جلستين متتاليتين في اليوم نفسه (10/3/1399هـ) ألقيت الكلمات والبحوث التالية: كلمة السيد الأستاذ الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية الذي بين أهداف البنك والأسس التي قام عليها، والمشكلة التي واجهته وهي (الفوائد المتراكمة لحساب البنك الإسلامي للتنمية في المصارف الأجنبية)(مرفق رقم1) .

1-

دراسة الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء (مرفق رقم 2) .

2-

بحث سماحة الإمام أحمد علي الشافعي (مرفق رقم 3) .

3-

بحث فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن سبع (مرفق رقم 4) .

4-

بحث الدكتور سامي حمود (مرفق رقم 5) .

5-

بحث الأستاذ الشيخ عبد الرحمن شيبان (مرفق رقم 6) .

6-

بحث فضيلة الشيخ محمد برهان الدين (مرفق رقم 7) .

7-

بحث السيد الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي (مرفق رقم 8) .

8-

بحث فضيلة الشيخ صالح الحصين (مرفق رقم 9) .

ثالثا: وفي صباح يوم الخميس الحادي عشر من ربيع الأول 1399 هـ (الموافق 8 فبراير 1971م) اجتمع المتشاركون في هذه الندوة، وحضر الاجتماع سماحة الشيخ حسن علي أبو الحسن الندوي، وأتم المجتمعون مداولاتهم ومناقشاتهم في ضوء الدراسة والبحوث المقدمة في هذا الموضوع، وانتهوا إلي اقرار التوصيات التالية بالإجماع:

(أ) التأكيد من أن إيداع البنك الإسلامي للتنمية أمواله لدى البنوك الأجنبية لا يلجأ إليه إلا في حالة الضرورة وبقدر ما تزول به دون اعتبار هذا الأسلوب الاستثماري طريقا مناسبا بالنظر الشرعي لتحقيق أي مورد للبنك الإسلامي للتنمية.

ص: 1086

وبناء على ذلك فإن المشاركين في هذا الاجتماع يرون مواصلة سعي البنك الإسلامي للتنمية في سبيل التخلص من إيداع أمواله لدى البنوك الربوية وذلك بمتابعة الوسائل التي يسلكها حاليا لهذه الغاية، والبحث عن وسائل أخرى على ذلك.

(ب) الاحتفاظ بالفوائد المتجمعة في الحساب الخاص المنفصل عن موارد البنك لإنفاقها في مصالح المسلمين، مثل إعانة فقرائهم في الدول الأعضاء وغير الأعضاء، وإعانة الجماعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء لتمكنهم من المحافظة على مقومات شخصيتهم الإسلامية وحقوقهم المشروعة.

هذا وإن المشاركين في هذا الاجتماع – إذ يقدرون للأستاذ الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك، وللسادة المديرين التنفيذيين، جهودهم المبرورة لارساء قواعد العمل التأسيسي في هذه المؤسسة المصرفية الدولية على أسس الشريعة الإسلامية – يسألون العلي القدير أن يكتب لهم دوام التوفيق ويأخذ بأيديهم ويجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون. والله الموفق والهادي إلي سواء السبيل.

11 من ربيع الأول 1399 هـ.

8 من فبراير 1979م.

ملحق استفسارات

البنك الإسلامي للتنمية

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا: يقدم البنك الإسلامي للتنمية قروضا طويلة الأجل للدول الأعضاء من أجل تمويل مشروعات البنية الأساسية فيها، ويتقاضي بالإضافة إلي المبلغ المقرض رسوم خدمة سنوية مقطوعة تتراوح بين 2.5-3 في المائة حسب حالة المشروع وظروفه، وتبعا لمقدار المبلغ المقرض بحيث ترتفع تلكم النسبة وتنخفض ضمن الحد المذكور بنسبة طردية مع كثرة المبلغ المقرض وقلته وطول المدة وقصرها.

ويلاحظ:

(أ) أن الغاية من إلزام المستقرض برسوم الخدمة توفير المبالغ الكافية لتغطية النفقات الإدارية للبنك.

(ب) وأنها لا تقدر في كل قرض على حسب نفقاته الإدارية الفعلية على الخصوص، وإنما تقدر افتراضا منذ بداية القرض بصورة إجمالية تقريبية مقطوعة بالنظر إلي مجموع القروض.

ص: 1087

ثانيا: يضاف إلي فقرة (د) من (ثانيا) ما يلي:

لا يحتمل المؤجر ما يأتي:

-أي ضرر أو خسارة تنشأ بطريق مباشر أو غير مباشر عن التأخير في تسليم المعدات أو تركيبها إذا كانت تحتاج إلي التركيب أو عن الفشل في تسليمها أو اتخاذ الترتيبات اللازمة لتركيبها بطريقة مرضية وكل التكاليف والمصاريف وأي مبالغ أخرى يتكبدها فيما يتصل بأي مطالبات يقوم بها بموجب ذلك.

-تبعة كل المخاطر التي تتعرض لها أي من المعدات من تاريخ تسليمها له.

- التأمين، إن لم يقم به مقام المؤجر على حساب المستأجر.

-تبعة أي عيب فيها أو ضرر أو نفقات أو عدم كفاية، وعليه في هذه الحالة دفع أقساط الإيجار المستحقة، مع تحمل كل التكاليف والمصاريف ونفقة المبالغ والاستبدال والاستهلاك والتلف

الخ.

-إذا زاد ثمن الشراء عن مبلغ مقدر يتعهد المستأجر بأنه سيقوم بتأدية المبالغ الإضافية المطلوبة.

-إذا لحقت بالمعدات خسارة شاملة حقيقية أو خسارة شاملة حكمية بسبب ضياعها أو سرقتها أو تلفها لدرجة تجعل تكاليف إصلاحها تفوق قيمتها أو لأي سبب آخر تنتهي هذه الاتفاقية.

وفي هذه الحالة يكون من حق المؤجر أقساط الإيجار المستحقة في مواعيدها المبينة في اتفاقية الإيجار.

ثالثا: يتعامل البنك مع الدول الأعضاء بعقود بيع لأجل مركبة على النحو التالي:

(أ) يوكل البنك الجهة الراغبة بمعدات وأجهزة معينة بشراء تلكم السلع للبنك، ويكون العميل نائبا عن البنك في إجراء العقد وقبض المبيع.

ص: 1088

(ب) يلتزم الطرفان بعد إكمال العقد وتحقق القبض من قبل العميل بصفته وكيلا عن البنك بأن يتعاقد فور ذلك على بيع تلكم الأعيان من مالكها (وهو البنك) لوكيله وهو (العميل) بثمن مؤجل يزيد على الثمن المسمى في العقد (بنسبة مئوية يتفق عليها) وذلك في مواعدة بالبيع تقارن الوكالة الأولي.

(ج) يعتبر قبض المبيع من قبل الوكيل (وهو العميل) في عقد الشراء السابق نائبا مناب قبضه له بموجب عقد البيع اللاحق، ولا يحتاج إلي تجديد تقابض.

(د) يكون ضمان المبيع (بمعنى تحمل تبعة الهلاك والنقصان والعيب ونحوها) في مسؤولية المشترى بمجرد تسلمه على سبيل النيابة عن البنك في قبضه من الجهة المصدرة ولا يلحق البنك من ضمان ذلك المبيع البتة.

رابعا: يتعامل البنك مع الدول الأعضاء بعقد من نوع جديد سماه أسلوبا من بيع المرابحة وهو كما يلي:

(أ) تطلب الجهة الراغبة بالسلعة (ذات الصفة التنموية) من البنك شراء سلعة معينة منضبطة بالأوصاف المطلوبة لا يملكها البنك وقت الطلب ولا يحوزها بأية صفة.

(ب) بناء على ذلك يقوم البنك بشراء تلك السلعة، ويفوض وكيلا عنه في قبضها في بلد الجهة الراغبة بها (يكون شخصا ثالثا غير الطالب) .

(ج) بعد أن يقبض الوكيل المبيع، يفوض البنك نائبه المشار إليه ببيع هذه السلعة من طالبها بثمن مؤجل يزيد عن الثمن الذي اشتراها به ثم بتسليمها للمشتري الذي طلبها بعد أخذ كفيل بالمال منه يضمن ذلك الثمن، أو قيام ذلك الوكيل البائع بضمان الثمن لموكله البنك، فيقوم الوكيل بالنيابة عن البنك في إبرام هذه العقود وتنفيذها.

(د) يقارن طلب الجهة الراغبة بالسلعة وموافقة البنك على هذه المعاملة في البداية التزام بطريق المواعدة من الطرفين تنفيذ ما سبق.

خامسا: يقوم البنك بإيداع قسم من أمواله في بعض البنوك الأجنبية ويتقاضى من هذه البنوك الربا المقرر فيها. ثم تقسم هذه الزيادة الربوية نصفين:

(أ) يتفق شطرها (50 %) منها في بعض المصالح التي يراها البنك (أشير إليها في ص4 من أصل الاستفسار) .

(ب) يضاف شطرها الثاني (50 %) إلي أموال البنك كاحتياطي مخصص لمواجهة ما قد يطرأ من انخفاض على قيمة أرصدة البنك نتيجة تذبذب العملات المودعة بها تلك الأرصدة.

ص: 1089

تقرير

لجنة استفسارات البنك الإسلامي للتنمية

10-

16 ربيع الثاني 1406هـ-28 ديسمبر 1985م

ملحق رقم (2)

ب. د/1-2/1406هـ (1985)

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

إنا نهنئ القائمين على البنك الإسلامي للتنمية بتصميمهم على تطبيق شرع الله في معاملاتهم المالية وحرصهم على الرجوع إلي أهل الاختصاص للاطمئنان على سلامة سيرهم في الحدود التي يرضى عنها الله.

كما ننوه بما جاء في مقدمة السؤال من التزام البنك عدم تقاضى فوائد على القروض وأن أجر النفقات "الكتابة والدراسة والمتابعة" تقع على المدين.

وبناء على ذلك فالسؤال الموجه هو أنه هل يمكن تحديد مبلغ مقطوع من أول العقد محسوب على أساس من نسبة معينة من رأس المال قدرها فيما بين 2.5 % و3 % يلتزم المدين بدفعها مقابل تلكم الخدمات نظرا لعدم تمكن البنك من تحديد التكلفة الإدارية لكل مشروع على انفراد.

وجوابا على ذلك فإن الآية القرآنية الواردة في سورة البقرة: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} صرحت بأن كل زيادة طفيفة كانت أو كثيرة هي ربا محرمة. كما أن تحايل المدين على رب الدين لينقص من رأس مال السلف هو حرام أيضا، روى أبو داود عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع:((ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)) .

ص: 1090

يقول القرطبي: "فردهم تعالى مع التوبة إلي رؤس أموالهم وقال لهم: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} .

ومعنى هذا أن كل زيادة هي محرمة وهي في تقدير الإسلام بمقاييسه الحق: "ظلم".

ومن قواعد الشريعة أن الشك في المماثلة هو كتحقيق التفاضل وفي تقدير الخدمات كما أسلفنا بنسبة معينة كل سنة من رأس المال، زيادة محققة يتقاضاها البنك وإن سماها أجرا وذلك:

1-

أن ربطها بنسبة رأس المال لا مبرر له لأن ما يتطلبه الدين من حيث الوثائق والقيام على الاستخلاص – وتقديم وصولاته لا تختلف بمستوى النسبة بين دين ودين، فجعله واحدا أمارة على أن العملية غير قائمة على العدل.

2-

أن جعل النسبة واحدة بين السنة الأولي وما لحقها من السنوات، هو أمر آخر لا نرى له وجها إذ أن السنة الأولي كما جاء في نص السؤال تشمل الدراسة وما تبعها أما في السنوات اللاحقة فلم يبق من الأعمال إلا الاستخلاص أو المراقبة – فإجراؤها على قياس واحد هو أمر غير مقبول. ولذا فإن على البنك أن يعمل على ضبط نسبة أكثر دقة وتعبيرا على تحديد النفقات موزعة على أنواع الخدمات التي يقوم بها.

السؤال الثاني: بشأن عمليات الإيجار والتي يقوم بها البنك:

تنحل هذه الصفقة بعد التأمل فيها إلي أربعة عقود:

1-

عقد توكيل.

2-

عقد بيع أول.

3-

عقد إجارة.

4-

عقد بيع ثان.

العقد الأول: عقد بيع قد يكون على شيء حاضر ولا إشكال فيه وقد يكون على شيء غائب على الخيار لا على البت إذ أن المؤسسة التي باعت المعدات بمسؤولية عن تسليم المبيع طبق المواصفات المتفق عليها. وإذا لم تتوفر فللمشتري رفض الصفقة.

ص: 1091

يقول الخطاب عاطفا لما يجوز وغائب ولو بلا وصف على خياره بالرؤية أن لم يبعد كخرسان من افريقيا وبيع الغائب على مذهب ابن القاسم جائز ما لم يتفاحش. ج4 ص297.

العقد الثاني: عقد توكيل: وهو عقد صحيح إذا توافرت فيه كل الأركان.

العقد الثالث: عقد إجارة طويلة الأمد.

وعقد الإجارة لمدة طويلة جائز. قال في المدونة: ويجوز شراء سلعة إلي عشر سنين أو عشرين وإجارة العبد عشر سنين. (الحطاب ج4 ص389) .

لكن لا يحتمل المستأجر قيمة التأمين وإنما للمؤجر أن يوكل الجهة المستفيدة (المتسأجر) بالقيام بالتأمين ودفع أقساطه نيابة عن البنك.

العقد الرابع: بيع المعدات بعد انتهاء المدة إلي المكترى بثمن رمزي وهذا العقد فيه ناحيتان:

الناحية الأولي: اجتماع عقد بيع وعقد إجارة. وهذا أمر مختلف فيه، يقول الحطاب أن الإجارة مع البيع ليست بفاسدة بل يجوز اجتماعهما والخلاف في كونه على إطلاقه أو فيما إذا كان المبيع غير المؤاجر عليه.

ولما كانت المسألة غي مجمع عليها فإنه اعتماد قول القائل بجواز اجتماع عقد الإجارة والبيع في شيء واحد (ج5 ص396) .

ويقول ابن رشد: واختلفوا في اجتماع البيع والإجارة فأجازه مالك ومنعه الشافعي البداية (ج2 ص225) .

أما الناحية الثانية فهي أن هذا البيع غير معلوم العوضين إذ أن المثمن غير معلوم الصفة يوم بيعه، والأجل بعيد. ولا يجوز بيع شيء بعيد الأجل إذا كان معينا كقضية الحال، وإنما يجوز ذلك فيما كان في الذمة فقط.

يقول الحطاب: وإنما يجوز تأخير السلعة ولو إلي عشر سنين إذا كانت السلعة مضمونة في الذمة على شروط السلم. وأما إذا كانت معينة فلا يجوز تأخيرها أكثر من ثلاثة أيام _ج4 ص389) .

والحل الشرعي أن يلتزم البنك بهبة المعدات للمكترى عند انتهاء الأجل وخلاص كل المستحقات ويحرر هذا العقد على انفراد.

والسؤال الثالث: البيع إلي أجل:

إن هذا الذي بسطه البنك في السؤال هو بيع العينة عند المالكية.

قال في المقدمات: والممنوع من العينة أن يقول له: اشتر سلعة كذا بكذا وأنا أربحكم فيها كذا أو أبتاعها منك بكذا.

وقال في التنبيهات: الحرام الذي هو ربا صراح أن يراوض الرجل الرجل على ثمن السلعة التي يساومه فيها ليبيعها منه إلي أجل ثم على ثمنه الذي يشتريها به منه بعد ذلك نقدًا أو يراوضه على ربح السلعة التي يشتريها له من غيره فيقول:؟ أنا أشتريها على أن تربحني فيها كذا أو للعشرة كذا. قال ابن حبيب: فهذا حرام. وكذا لو قال: اشترها لي وأنا أربحك وإن لم يسم ثمنا. قال: وذلك كله ربا ويفسخ هذا وليس فيه إلا رأس المال آهـ. مواهب الجليل (ج4 ص405) .

أما عند غير المالكية فالحنابلة والحنفية يمنعون هذا العقد أيضا ولا يسمونه عينة. وأما الشافعية والإمامية فإنهم يجيزون هذا العقد ولا ينظرون إلا إلى الصورة الظاهرة التي هي عبارة عن بيع إلي أجل بثمن محدد يدفع أقساطا ولا مانع منه.

ص: 1092

السؤال الرابع: بشأن عمليات تمويل التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء التي يقوم فيها البنك على أساس بيع المرابحة.

إن هذا العقد هو شبيه بسابقه، إلا انه ينحل إلي ثلاثة عقود:

1-

عقد بيع صاحب البضاعة، والبنك الإسلامي.

2-

عقد وكالة مع اشتراط الضمان.

3-

عقد بيع بين البنك الإسلامي والجهة المستفيدة.

العقد الأول: هو عقد جائز متى توفرت فيه شروط البيع وأركانه المعروفة.

العقد الثاني: جائز أيضا، ويجوز للموكل أن يشترط الضمان على الوكيل.

العقد الثالث: هو نظير ما جاء في السؤال الثالث واختلاف المذاهب فيه.

السؤال الخامس:

إن ما جاء في فتوى السادة العلماء عن الفائدة الربوية التي تجمعت من الإيداعات هي الحق الذي نقول به.

أما تصرف البنك الإسلامي في هذه الأموال بتخصيص نصفها للاحتياطي فيجب التوقف في هذا التصرف، ذلك أن الاحتياطي إذا كان لا بد منه للبنك فيكون تخصيص هذا الجزء له تحصين البنك لعمله بالفوائض الربوية وهو لا يجوز، نظير دفع الإنسان أموال زكاته للفقير الذي تلزمه نفقته. أما إذا كان الاحتياطي غير ضروري لسير البنك فلا بد من تقرير وجه صرفه إلي الجهات العامة التي جاءت في الفتوى.

والله أعلم.

ص: 1093

الشيخ محمد المختار السلامي الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

الشيخ د. عبد الله إبراهيم الشيخ هارون خليف جيلي

الشيخ عبد الله بن عبد العزيز آل محمود القاضي محمد تقي عثماني

الشيخ دوكورى بوبكر الشيخ محمد عبده عمر

جدة في: 14/4/1406هـ الموفق 26/12/1985م.

وقد أجاب عن هذه الاستفسارات جمع من الأعضاء الموقرين هم أصحاب الفضيلة:

الشيخ محمد عبد الرحمن والقاضي محمد تقى العثماني والشيخ محمد عبده عمر والشيخ محمد المختار السلامى والأستاذ تجاني صابون محمد والدكتور بوبكر دوكورى والشيخ محمد على التسخيري والدكتور عبد الله إبراهيم والشيخ هارون خليف جيلي.

وللتوقف في كثير من النقاط التي تحتاج إلي استبيان البنك واستيضاحه بشأنها أرجئ النظر في هذا الموضوع وصدر بشأنه القرار التالي:

ص: 1094

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

قرار رقم 1

بشأن

استفسارات البنك الإسلامي للتنمية

أما بعد:

فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406 هـ/22-28 ديسمبر 1985م.

بعد استماعه إلي عرض البنك الإسلامي للتنمية لجملة من الاسئلة والاستفسارات قصد الإفتاء بشأنها.

وبعد استماعه إلي تقرير اللجنة الفرعية التي تألفت أثناء الدورة من أصحاب الفضيلة الأعضاء الذين تقدموا بردود عن المسائل المستفسر عنها ومن انضم إليهم.

ولكون الموضوع يحتاج إلي دراسة أوسع وأكمل تقتضى الاتصال بالبنك وتداول النظر معه في مختلف جزئياته في لجنة مكونة من طرفه.

وبناء على ذلك قرر:

1-

إرجاء هذا الموضوع للدورة القادمة.

2-

مطالبة البنك بتقديم تقرير من هيأته العملية الشرعية.

والله أعلم..

ص: 1095

مشرُوع لمنهج سير عمل المجلس

ومناقشاته وإدارة جلساته

بعد دراسته وتعديله من قبل ممثلي شعب المجلس

في اجتماعهم يومي 2 و 3 رجب 1406 هـ

12 و 13 / 3/1986 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين، وبعد

فقد اجتمعت اللجنة المشكلة من مجلس المجمع لوضع مشروع منهج لسير عمل المجلس ومناقشاته وإدارة جلساته، بحضور كامل أعضائها واتفقت على ضرورة مراعاة القواعد التالية:

أولًا: ضرورة الالتزام بالنظام الأساسي للمجمع واللائحة التنفيذية التزامًا كاملًا، وتوصى اللجنة بتوزيعها على الأعضاء في ملفات خاصة، ليطلعوا عليها ويتقيد الجميع بها.

ثانيًا: في الأمور والأعمال التي تسبق اجتماعات المجلس:

1-

استكمال دراسة الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المجلس عن طريق إعداد الأعضاء والخبراء بحوثًا كافية فيها مستوفية للشروط العلمية المعروفة.

2-

أن يقدم الباحثون خلاصات علمية محررة لبحوثهم ترفق بالبحوث.

3-

ضرورة إعداد ورقة عمل تقدم خلاصة عن جميع البحوث التي قدمت في الموضوع الواحد.

4-

تبذل الأمانة وسعها في جمع المواد ذات العلاقة بالموضوع المعروض على المجمع والتي تم بحثها سابقًا في مجامع أو مؤتمرات أو ندوات علمية، في أي مكان من العالم، وتجري الأمانة العامة الاتصالات اللازمة لتحقيق ذلك أولًا بأول.

ص: 1096

5-

تتولى الأمانة العامة تزويد الأعضاء بكل ما يتعلق بموضوعات جدول الأعمال من بحوث وملخصات وأوراق عمل قبل شهرين على الأقل من اجتماع المجلس.

6-

في نهاية كل دورة تحدد الموضوعات التي ستبحث في الدورة التالية بقرار من المجلس بناء على اقتراح من شعبة التخطيط.

7-

يقدم كل عضو اقتراحاته مرفقة بما يبين عناصر الموضوع الأساسية والأسباب الداعية إلى بحثه بخصوص الموضوعات التي يرغب أن يتولى المجمع دراستها إلى شعبة التخطيط عن طريق الأمانة العامة

8-

عند ترشيح شعبة التخطيط بعض الموضوعات لتبحث في دورة ما لابد أن ترفق بكل عنوان ورقة عمل تبين عناصره الأساسية بحيث يتضح المقصود منه.

9-

تعد الدراسات والبحوث المقدمة إلى المجمع من الأعضاء والخبراء إعدادا علميًا مستوفي وبخاصة فيما يلي:

(أ) المذاهب الفقهية وأدلتها.

(ب) تخريج الأحاديث النبوية.

(جـ) عزو الأقوال لأصحابها.

(د) التوثيق الكامل للمعلومات من مصادرها المعتمدة.

(هـ) بيان الباحث لوجهة نظره ما أمكن في الموضوع المطروح مدعومة بالدليل.

ص: 1097

10-

تقدم البحوث والدراسات إلى الأمانة العامة في الوقت الذي تحدده ولها أن لا تعرض ما ورد متأخرًا منها.

11-

تتولى الأمانة العامة استعراض البحوث المقدمة من الخبراء لعرض ما هو مناسب منها على المجلس.

12-

ضرورة دعوة الأمانة العامة عددا كافيا من الخبراء المختصين في الموضوعات المطروحة للبحث عند الحاجة.

13-

إعداد مشروع جدول الأعمال من الأمانة العامة بحيث تتناسب الموضوعات المطروحة مع أوقات الجلسات.

14-

تنظم اجتماعات المجلس بحيث لا يحرم أعضاء الشعب واللجان –حين عقد جلساتها الخاصة – من الاشتراك في المناقشات العامة، فيجري تخصيص أوقات مناسبة لاجتماعات الشعب واللجان، وأوقات مناسبة لاجتماعات المجلس.

ثالثًا: في الأمور والأعمال التي تراعى أثناء اجتماعات المجمع:

15-

جلستا الافتتاح والاختتام تنظمها الأمانة العامة حسب الأعراف المتبعة

16-

يجرى في الجلسة الأولى المغلقة التحقق من العضوية والتأكد من اكتمال النصاب.

17-

تقوم الأمانة العامة بتسجيل الجلسات وكتابتها وفق الأعراف المتبعة.

18-

التأكيد على التمييز بين الجلسات العلنية والمغلقة وفق ما نصت عليه المادة السابعة من النظام الأساسي.

19-

يعين مقرر عام لكل دورة ومقرر لكل موضوع من الموضوعات المطروحة في الدورة باختيار رئيس المجمع والأمين العام.

20-

بعد أن يقر المجلس جدول الأعمال لا يجوز إجراء أي تغيير عليه إلا بموافقة المجلس.

ص: 1098

21-

تقسيم أوقات الجلسات بحيث يخصص وقت لكل بحث، ووقت للتعقيب والمناقشة.

22-

تقوم رئاسة الجلسة في نهاية كل جلسة بتقديم خلاصة عن حصيلة النقاش وما توصل إليه المجلس.

23-

تتكون لجنة الصياغة من المقرر العام للدورة بالإضافة إلى اثنين من اعضاء المجمع يعينهما المجلس، وتستعين اللجنة بمقرري الموضوعات في صياغة القرارات.

24-

تصدر قرارات المجمع بالإجماع أو بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين وللمخالف من الأعضاء أن يسجل مخالفته في محاضر الجلسات وكذلك المتوقف وتعلن قرارات المجمع بدون إشارة إلى الإجماع أو الأكثرية.

التاريخ: الخميس 14 ربيع الثاني 1406 هـ / 26 /12 /1985.

أعضاء اللجنة

الشيخ عمر جاه د. طه جابر العلواني د. عبد السلام البعادي

الشيخ محمد هشام برهاني د. عبد الستار أبو غدة د. عبد الله إبراهيم

انتهي بحمد الله وحسن عونه طبع أعمال المؤتمر الثاني لمجمع الفقه الإسلامي بجدة (10- 16 ربيع الثاني 1406/ 22- 28 ديسمبر 1985)

ص: 1099

من تقرير حول ندوة "البركة"

الثانية التي انعقدت بتونس

من 11-14 صفر 1405هـ

1-

مداولات الجلسة العامة:

دار النقاش أولًا حول توصيف خطاب الضمان هل هو كفالة أولًا. رأي البعض أن خطاب الضمان غير الكفالة لأن الكفيل يحل محل المكفول في الوفاء بالتزاماته بينما البنك الذي يقدم خطاب الضمان إلى مقاول مثلا لا يطلب منه أن يقوم بالأعمال المطلوبة من المقاول.

ورد آخرون بأن الكفالة يمكن أن تكون محدودة ولا يشترط أن يحل الضامن محل المكفول في كل أعماله.

ثم نوقشت مسألة استحقاق البنك مقدم خطاب الضمان لأجر. فأكد البعض ما سبق أن قيل (4-ب) من أن الضمان أخذ في عصرنا هذا صورا تختلف عما عرفه الفقهاء حينما وصفوه بأنه عقد تبرع. لذلك لا يرى هؤلاء مانعًا من أخذ البنك الإسلامي أجرًا عند تقديم خطاب الضمان.

وقال آخرون بأن خطاب الضمان كفالة وهي تبرع وكون العميل هو الذي لا يخرجها عن طبيعتها تلك. وقالوا إنه يجوز للبنك أخذ أجر شريطة أن لا يزيد عن التكلفة الحقيقية للخدمات المقدمة. أما مسألة الغطاء في خطاب الضمان فقد قيل أن البنك الذي يصدر خطاب ضمان غير مغطى يعتبر كفيلًا. أما إذا كان خطاب الضمان مغطى بالكامل فإن البنك له صفتان: هو وكيل بالنسبة للعميل طالب الضمان، وهو كفيل في علاقته مع الطرف الثالث المستفيد من خطاب الضمان. ويصح أخذ أجره في حالة التغطية لكون البنك وكيلًا.

ص: 1100

2-

السؤالان المقدمان إلى لجنة العلماء.

السؤال الثامن:

هل يجوز للبنك الإسلامي أخذ عوض مقابل عمله المتمثل في إصدار خطاب الضمان المصرفي إما على أساس الأجر باعتبار أن هذا العمل توكيل مطلق لدفع مبلغ معين أو على أساس الوجاهة نظرًا لما يتمتع به البنك من ملاءة.

الفتوى:

تبين بعد المداولة في السؤال أن موضوع خطاب الضمان المصرفي يحتاج إلى مزيد من البحث ودراسة الواقع الذي يجرى عليه العمل في البنوك الإسلامية.

السؤال الثاني عشر:

هل يجوز للبنك الإسلامي الذي دفع له مبلغ نقدي لخطاب الضمان أن يستثمره بموافقة المودع مضاربة بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.

الفتوى:

يجوز للبنك الإسلامي أن يستثمر بالمضاربة المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان الذي يصدره بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.

ص: 1101

من تقرير حَول ندوة البركة الثانية

التي انعقدت بتونس

حول خطاب الضمان المغطى – وخطاب الضمان المكشوف – وأن الأول وكالة يصح أخذ الأجرة عنها، والثاني لا يصح أخذ الأجرة عنها.

قال الخطاب: أن في هذا شيئًا من عدم الاستقامة في المنطق والتطبيق العملي لا يخفي، فمن يضع غطاء أخذ منه أجر، ومن لم يضع غطاء لا يؤخذ منه؟ والواقع أنه ليس هناك شيء من عدم الاستقامة في المنطق، عند التأمل المتأني في تكييف العلاقة الشرعية بين خطاب الضمان المغطى، والآخر المكشوف، حيث يقع الضمان في الأول على الغطاء لا على البنك وإنما دور البنك هنا هو دور الوكيل في هذه الحال، ومن حق الوكيل شرعًا أن يتقاضى أجرة على القيام بعمل الوكالة، أما الكفالة فإن الضمان فيها يقع على البنك. ودوره هنا دور المقرض، فأخذ الأجرة في هذه الحالة يمثل زيادة على القرض وهو حرام ومن هنا كان الفرق بينهما – والكفالة –المالية قيل فيها معنى التبرع والمتبرع لا يطلب مقابلًا، وقيل فيها معنى المعاوضة، بدليل أنه يرجع بما يؤدي، وكلا الأمرين غير الأجرة.

ويتساءل الخطاب: لماذا لا نبحث عن مخرج آخر وهو عقد الوجاهة مثلًا، ولكن هل الوجاهة شيء غيرالكفالة على وجه التبرع؟.

إن أخذ البنك وديعة استثمارية عامة أو خاصة مقابل إصداره خطاب الضمان غير المغطى ربما يمثل ضمانًا لما يمثله خطاب الضمان غير المغطي من مالية، ومن هنا يكون جائزًا، وربما يمثل منفعة مشترطة لما يمثله خطاب الضمان غير المغطى من مالية، وهو في معنى القرض فيكون قرضًا جر نفعًا، وكل قرض جر نفعًا فهو حرام.

كما تقول القاعدة الفقهية العامة، (الحديث: كل قرض جر نفعًا فهو حرام) الذي لم يثبت صحته.

قال في المغني: وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود، أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، وربما دخل هذا الصنيع في إطار النهي عن بيع وسلف.

قال ابن قدامة: وإن شرط في القرض أن يؤجره داره. أو يبيعه شيئًا أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن بيع وسلف، ولأنه شرط عقدًا في عقد فلم يجز كما لو باعه بشرط أن بيعه لآخر داره.

وربما يرجح التفسير الثاني، أن الوديعة لا تظل جامدة كضمان وإنما تستخدم للحصول على منفعة منها، ربما لصاحبها في المقام الأول وللبنك في المقام الثاني.

ص: 1102

خطاب الضمان المصرفي ومدى جواز أخذ الأجر عليه (1)

مقدمة الموضوع:

- يعتبر خطاب الضمان المصرفي حالة من الحالات التي اختلف فيها الآراء لدى مختلف البنوك الإسلامية بين المجيزين والمانعين والمتوقفين في المسألة بانتظار القول الواضح والصريح.

- وقد جاء اللبس في الغالب بسبب الاسم المعطي للعملية، وهو، الضمان ومعناه اللغوي – الكفالة – وتعتبر الكفالة في النظر الفقهي أنها ضم ذمة. وقد اختلفت الآراء الفقهية في مفهوم هذا الضم من حيث كونه مقتصرًا على المطالبة فقط أم أن الضم يشمل الدين كذلك.

فقد جاء في كتاب الهداية شرح بداية المبتدي للميرغيناني في ذلك (قيل هي (أي الكفالة) ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة، وقيل في الدين والأول اصح) (راجع الجزء الثالث، صفحة (70) الطبعة الأولى – المطبعة الخيرية 1326هـ –مصر) .

وجاء في شرح فتح القدير كتعقيب على ما قاله صاحب الهداية أنه (لا يثبت الدين في ذمة الكفيل خلافًا للشافعي ومالك وأحمد في رواية) ثم قال الشارح مقررًا (ولكن المختار ما ذكرنا أنه في مجرد المطالبة لا الدين)(راجع فتح القدير لابن الهمام وتكملته لشمس الدين أحمد المعروف بقاضي زاده طبعة المكتبة التجارية الكبرى – مصر) .

(1) مقدمة لندوة البركة الثالثة للاقتصاد الإسلامي المنعقدة في استنبول 9 – 12 محرم 1406 = 23 – 26 أيلول (سبتمبر) 1985

ص: 1103

- ويتبين من هذه الشروح والآراء الفقهية أن الكفالة المبحوثة فيها عند الفقهاء هي كفالة التوثيق المبنية على وجود دين في ذمة تنضم إليها ذمة أخرى في الاستعداد للمطالبة والالتزام بالوفاء.

- وأن مفهوم الضم بين الذمتين يتطلب التوافق في الالتزام. فالمدين بالمال مثلًا، يقدم كفيلًا ليلتزم كفيله بالدفع في الموعد الذي يستحق فيه الأداء وكذلك الملتزم بالقيام بعمل أو باحضار شخص يوم المحاكمة مثلًا، فإن الكفيل يلتزم بأن تقوم بذات العمل أن يحضر ذات الشخص.

- فهل تنطبق هذه الخصائص على خطاب الضمان المصرفي تمامًا حتى يقال أن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة وتسري عليه ما تسري على الكفالة من أحكام؟

ولو فرضنا أن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة حقًا، وأن الكفالة التي بحثها الفقهاء الأقدمون تعتبر عملًا من أعمال التبرع لا يستحق فاعلها أجرًا، فهل يستمر هذا الحكم ساريا رغم اختلاف الظروف والأحوال مع أنه اجتهاد فقهي بحسب ما رآه الفقهاء –رحمهم الله وفقًا لظروف زمانهم؟ وهذا الاجتهاد ليس قرآنًا محفوظًا ولا سنة مروية، ولكنه رأي يمكن أن يعارض بمثله وأن يتغير بتغير زمانه.

فما هو الموقف الذي نراه بخصوص هذه المعاملة المصرفية المستجدة؟

أولًا – هل خطاب الضمان المصرفي كفالة بحسب مفهومها الفقهي..؟

ص: 1104

- يستطيع الناظر المتجرد في خطاب الضمان المصرفي أن يميز بين الكفالة الخالصة الي تتعلق بضمان دين ثابت في الذمة في الحال أو المآل وبين خطاب الضمان المصرفي الذي هو توكيل بدفع مبلغ معين لمستفيد معين عندما يطلب ذلك المستفيد المذكور في الخطاب سواء كان هناك دين مستحق ام لم يكن هناك أي دين.

- ولعل أهم ما يوضح هذه المسألة يتمثل في دراسة خطاب الضمان المصرفي الذي لا تختلف نصوصه كثيرًا بين بنك وآخر في معظم عقود المقاولات ودخول المناقصات، حيث تتمثل صيغته المبسطة بالعبارات التالية:

(نموذج لخطاب ضمان مصرفي)

إلى: الجهة الوسيطة.

من: بنك كذا (البنك المصدر لخطاب الضمان)

بناء على طلب السيد / السادة ...........................................................................

نتعهد بأن ندفع لكم فور تسلمنا أول مطالبة منكم مبلغًا وقدره

...........................................................................................................

على أن نتسلم مطالبتكم في أو قبل تاريخ ..............................................................

وتفضلوا بقبول احترامنا

عن بنك كذا

........................

ص: 1105

- وتتضمن القواعد المصرفية أن صدور خطاب الضمان بهذا الشكل يعطي المستفيد (المضمون له) حقًا مباشرًا تجاه البنك للمطالبة بقيمة الخطاب كلها أو جزء منها، كما أن هذا الحق لا يتأثر بأي طلب أو ادعاء قد يقدمه طالب الخطاب يتعلق بعدم تحقق أي التزام في ذمته للمستفيد. وهذا هو الأساس الذي يختلف فيه خطاب الضمان أي التزام في ذمته للمستفيد. وهذا هو الأساس الذي يختلف فيه خطاب الضمان المصرفي عن الكفالة بحسب مفهومها الفقهي.

- ذلك أن من الواضح أن الكفالة العادية هي عقد تابع، ومعنى العقد التابع أن وجوده مرتبط بوجود دين أو التزام في ذمة المكفول. فإذا ثبت أنه ليس هناك دين فإن الكفالة لا تعود صالحة للمطالبة. وبناء على ذلك فإن الكفيل من حقه أن يثبت عدم تحقق الدين لأنه يدفع عن نفسه عناء التعرض للمطالبة والالتزام بالوفاء.

وإذا كان موضوع الكفالة هو قيام بعمل ما، فإن الكفيل يستطيع أن يدفع عن نفسه المطالبة إذا قام بالعمل الذي بنيت عليه الكفالة، مثل إحضار شخص معين أو إزالة اعتداء على ملك الغير. فهل تنطبق هذه الخصائص على خطاب الضمان المصرفي حتى يقال أن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة بمفهومها الفقهي المعروف.؟

- إن المقرر في القواعد الفقهيية أن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني، وتطبيقا على هذه القاعدة فإنه لو استعمل لفظ الهبة في مبادلة مال بمال فإنه يطبق على هذه العلاقة حكم البيع لأن الهبة هي المال المدفوع بلا عوض، فإذا كان هناك مقابل المال انتقل الوضع من اللفظ إلى المبنى وأصبح الحكم هو البيع الذي هو مبادلة مال بمال.

ص: 1106

- وإن ما ينطبق على هذه الصورة من إنقلاب الهبة إلى البيع يمكن أن يطبق على خطاب الضمان المصرفي الذي استعمل فيه لفظ الضمان ظاهرًا رغم أن الحكم فيه أنه كوكيل يدفع مبلغًا معينًا لشخص معين وذلك بشرط معلق على تقديم المطالبة من ذلك الشخص المسمى.

- وإن ما يرجح في نظرنا هذا الوصف هو المفارقات التالي: -

1-

أن خطاب الضمان والذي هو توكيل بدفع مبلغ محدد بشرط معلق على مطالبة المستفيد يعطي لذلك المستفيد المسمى في الخطاب حقًا مباشرًا تجاه البنك المصدر ولا يسقط هذا الحق أو يتأثر بسقوط التزام طالب خطاب الضمان أو انتهائه أو إثبات الوفاء بما تعهد به.

أما الكفالة فإنها عقد تابع والعقد التابع يدور مع المتبوع وجودًا وعدمًا. فإذا أثبت الكفيل أن مكفوله غير مدين فإن كفالته تسقط تبعًا لذلك وهذا يخالف واقع العمل في خطاب الضمان المصرفي حيث لا يملك البنك أن يناقش العلاقة القائمة بين المستفيد وطالب إصدار الخطاب.

2-

أن المبلغ الذي يدفعه الكفيل في الكفالة العادية يعتبر وفاء للدين المضمون ويحتمل بعد ذلك أن يعود الدافع على من دفع عنه إذا كانت الكفالة قد تمت بطلب من المكفول، وهذا بخلاف الوضع في خطاب الضمان المصرفي حيث يكون المبلغ المدفوع من البنك بمثابة تأمين مدفوع باسم طالب الخطاب ولكنه ليس وفاء وإنما هو أداء تحت الحساب، فإذا ثبت أن ذمته ليست مشغولة فإنه يسترد المبلغ المدفوع عنه، كما أن البنك يرجع في جميع الأحوال على طالب الخطاب بما يدفعه عنه.

ص: 1107

3-

أن الكفيل في الكفالة المالية مخير بين أن يقوم بالعمل الذي كلفه أو أن يدفع المال وكان الأصل لو أن البنك يضم ذمته إلى ذمة المقاول في المقاولة أن يكون هناك إلزام بأن يقوم البنك بإكمال البناء الذي تعهد به المقاول على سبيل المثال.

ولكن الحال في خطاب الضمان المصرفي مختلف جدًا، فقد يكون التزام المقاول أعلى أو أقل كثيرًا من خطاب الضمان ولا يملك البنك أي حق في أن يعرض إنجازما هو منسوب من نقص في المقاولة.

4-

أن من الثابت أن المطالبة بالدفع في الكفالة لا تتحقق إلا في موعد استحقاق الدين أو الالتزام لأنها مرتبطة به من الأساس، أما في خطاب الضمان المصرفي فإن المطالبة بالدفع ليس لها علاقة بموعد تحقق الالتزام على طالب خطاب الضمان وذلك لأن خطاب الضمان له أجل ممتد من يوم إصداره إلى يوم انتهاء الحق في المطالبة به، ويملك المستفيد الذي يصدر له خطاب الضمان أن يطالب البنك بالدفع من أول يوم سواء كانت له تجاه طالب الخطاب التزامات مستحقة أم لم تكن.

5-

فإذا كان خطاب الضمان المصرفي ليس عقدًا تابعًا كالكفالة ولكنه التزام ناتج عن توكيل تعلق به حق الغير يتضمن دفع مبلغ معين من النقود خلال مدة محددة إذا طالب بها شخص معين فإن معنى هذا أننا أمام نوع خاص من الوكالة، وبما أن الوكالة من الأعمال التي يمكن أن تقابل بالعوض فإن العمولة التي يتقاضاها البنك لقاء إصداره خطاب الضمان المصرفي تعتبر بمثابة الأجر في أي عمل من أعمال الوكالة وأما كون العمولة محسوبة بالنسبة المئوية 1 % مثلًا، فإن ذلك لا علاقة له بالمديونية لأن العرف قد جرى على حساب الأجر بنسبة من قيمة العمل كالمحامي والسمسار أو الدلال.

- هذا مع ملاحظة واجب البنك الإسلامي بأن لا يخلط بين إصدار خطاب الضمان المصرفي والإقراض، فإذا كان هناك خطاب صادر فالعمل شرعي والعمولة كأجر جائزة، أما إذا تمت المطالبة بخطاب الضمان فإن المبلغ المدفوع يصبح دينًا في ذمة طالب الخطاب وعندها لا يجوز للبنك أن يتقاضى أي رسم أو عمولة مهما كان الاسم والمسمى لأن وجود عنصر المديونية يجعل الربا قائمًا في كل زيادة مأخوذة فوق قدر الدين.

ص: 1108

- وتبقى نقطة أخيرة جديرة بالإشارة لبيان التناقض الذي وقع فيه بعض القائلين من إخواننا العلماء بأن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة لا يجوز فيها الأجر إلا إذا قدم طالب الخطاب غطاء نقديًا كاملًا حيث يصبح العمل كأنما هو توكيل بدفع المال، وبما أن الوكالة تقبل الأجر فيكون للبنك أن يتقاضى أجرًا على خطاب الضمان المصرفي المدفوعة قيمته بالكامل، أما خطاب الضمان غير المغطى فلا يجوز فيه دفع الأجر.

- وهكذا نكون أمام تناقض واضح وذلك أن من يدفع ما عليه من التزام سلفًا وبكامل القيمة المحتملة التحقق يكون عليه أن يدفع فوق ذلك عمولة وأجرًا، أما من لا يدفع شيئًا فإن البنك يتبرع له بالضمان مجانًا.

- ومع علمنا بإستحالة هذا المطلب من الناحية العملية لأن من يملك المال لا يكون أصلًا بحاجة إلى خطاب الضمان، إلا أن هذا القول واضح في تناقضه – مع كامل الاحترام للعلماء الذين قالوا به -، ذلك أن التوكيل بأداء مبلغ معين من النقود يصح أن يكون بناء على دفع مسبق كأن أقول لك: خذ هذه الألف دينار وادفعها إلى فلان، أو أن يكون الأمر مبنيًا على وعد بالدفع اللاحق كأن أقول لك: ادفع لفلان مئة دينار وسأدفعها لك فور قيامك بهذا، فاي فرق بين العملين من ناحية التوكيل بالأداء؟

هل يمكن أن يقول لنا أحد أن القبض المسبق شرط في التوكيل في الأداء وأن الوكالة كالتبرع الذي يشترط فيه القبض لإتمامه

؟

إننا لا نظن أحدًا يطبق على الوكالة هذا الشرط بلا سند أو دليل.

ثانيًا: إذا سلمنا جدلًا بأن خطاب الضمان المصرفي كفالة حقًا وأنها من أعمال التبرعات كما قال الفقهاء القدبمون فهل يمتنع انقلاب العمل من التبرع إلى المعاوضة.

- إن الملاحظ في الفقه أن أعمال التبرعات محكومة بالعرف وليس بالنص، ودليلنا على ذلك انقلاب العديد من أعمال التبرعات إلى أعمال تؤدي بالأجر في عهود الفقهاء الذين لم يروا ما يحول دون هذا التحول الذي تتطلبه الظروف.

ص: 1109

- فقد كانت إمامة الصلاة والأذان وتعليم القرآن مثلًا من أعمال التبرعات التي انقلبت تدريجيًا إلى أعمال تؤدي بالأجر بعد أن أصبح الإمام والمؤذن والمعلم بحاجة إلى المال الذي يستحقونه لقاء حبسهم أنفسهم عن العمل.

- كذلك كانت الضيافة من أعمال التبرع فكان الضيف يحل على الرحب والسعة آكلًا وشاربًا ونائمًا في بيت مضيفه دون أجر يدفعه، ولكننا نجد الفنادق هذه الأيام تؤوي الناس بالأجر وتؤكلهم بالثمن، وما من فقيه قال بأنه لا يجوز أخذ الأجر على النوم ولا دفع الثمن على الطعام إذا كان الوافد ضيفًا وإلا لأغلقت الفنادق أبوابها من الصباح الباكر.

- وإذا كانت الكفالة التي لا يجوز فيها أخذ الأجر هي الكفالة الشخصية المبنية على الشهامة أو دفع الكرب عن الناس، فإن الضمان المصرفي ليس فيه من هذا المعنى شيء لأنه عمل يؤدي لفئة من رجال الأعمال الذين يعملون في قطاعات العمل الكبير من بناء وإنشاء، وهم لا يطلبون شفقة ولا إحسانًا ولكن يطلبون خدمة تيسر لهم أعمالهم ومعاملاتهم وفق اللوائح والقوانين المطبقة عليهم.

ثالثًا: هل يجوز شرعًا إجبار الناس على قبول ما لا يرتضون من المشاركات دون أن يكونوا بحاجة إلى ذلك.؟

- ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى القول بأن الحل في خطاب الضمان المصرفي هو أن يدخل البنك شريكًا مع المقاول قياسًا على شركة الوجيه مع الخامل.

- وهذا الاتجاه مع غرابته في الواقع الذي يحياه الناس من ناحية ومع استحالة تطبيقه عمليًا في مختلف الأحوال التي يستخدم فيها خطاب الضمان يعتبر بحسب نظرنا خروجًا على قاعدة التراضي في العقود التي يقوم عليها الأساس الشرعي لاحترام سلطان أفراده في الفقه الإسلامي.

- فإذا كانت علة النهي عن بيعتين في بيعة مبنية على مظنة القبول بإحدى البيعتين على غير رضا، فهل يجوز لقائل أن يتصيد حاجة المقاول لخطاب الضمان المصرفي بمبلغ 1 % من قيمة المقاوله لكي يفرض عليه المشاركة في هذه المقاولة كلها وما يتبع ذلك من كشف للأسرار والأرقام والحسابات.

- فإذا كان المقصود لدى بعض العلماء الذين رأوا ذلك هو تجنب أخذ الأجرعلى خطاب الضمان المصرفي فإنهم ومن حيث لا يدرون قد فتحوا بابًا أشد ضررًا للاستغلال الذي قد يتعرض له المقاول من جانب البنك الذي يفرض عليه مشاركته في المقاولة التي يتقدم لها بخبرته وعمله وماله. فأين المشاركة التي يقدمها البنك إذا لم تكن هناك حاجة إلى الجهد ولا إلى المال؟

الا تعتبر المشاركة المفروضة من أجل التقدم بطلب خطاب الضمان المصرفي اعتداء على حرية أفراده التي ضمن سلامتها الإسلام.

ص: 1110

خلاصة القول

يستخلص مما سلف بيانه ما يلي: -

1-

أن الإصرار على القول بأن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة بمفهومها الفقهي القديم ينطوي على تحميل لهذا العقد بما لا يحتمل للأسباب التالية: -

(أ) أن الكفالة عقد تابع والتزام ملحق بالأصل، وأما خطاب الضمان المصرفي فإنه عقد مستقل والتزام البنك فيه منفصل عن التزام طالب الخطاب، لذلك فإن خطاب الضمان يكون أقرب للوكالة بأداء مبلغ معين من النقود عند تحقق شرط المطالبة به.

(ب) أن الكفالة عقد قائم على التبرع إبتداء والمعاوضة انتهاء إذا كانت بناء على طلب المكفول. وهذا بخلاف الحال في خطاب الضمان حيث أن نية التبرع ليست قائمة لا في الحال ولا في المآل.

(جـ) أن الكفالة تعطي الكفيل حق الخيار في أن يقوم بعمل المكفول أو يدفع المبلغ المطلوب وهذا بخلاف الحال في خطاب الضمان المصرفي حيث لا يملك البنك مثل هذا الخيار. وكل ما عليه هو أن ينفذ التوكيل بالدفع نظرًا لتعلق حق الغير به.

2-

أن آراء بعض العلماء المطروحة لإيجاد حل لمشكلة الإصرار على وصف خطاب الضمان المصرفي بأنه كفالة يوجد في واقع الأمر مشكلتين بدلًا من المشكلة الواحدة..

(أ) فإذا قال البنك لعميلة أن يدفع كامل قيمة الخطاب (100 %) ليأخذ منه أجرًا فوق ذلك فإن البنك لا يجد عميلًا واحدًا يرضى بهذا التناقض حيث سيناقش البنك بأن يصدر له خطاب الضمان دون غطاء ودون أجر.

(ب) وإذا اراد البنك أن يجبر عملية على مشاركته في أعمال دون رغبة أو حاجة من ذلك العميل فإنه قد يدفعه بذلك إلى اللجوء إلى البنوك غير الإسلامية وما يتبع ذلك من استسهال للربا. فيكون الحال هنا كمن تبقى شبة بحسب ما يظن ليوقع الناس في الحرام الصريح.

ذلك أن أقوال الفقهاء هي آراء واجتهادات، وإن الاجتهاد يعارض بمثله، أما ما حرمه الله في كتابة وسنة نبيه فلا مجال للإجتهاد فيه بل هو خضوع وتسليم، فكيف يجوز للبعض أن يتمسك بشبهة الاجتهاد الفقهي حتى لو أدى الأمر إلى دفع الناس إلى تجاوز حدود ما أنزل الله.

إن المسألة تتطلب النظر المؤمن المتبصر بالعواقب والنتائج وإن الله يهدي من يشاء.

ص: 1111

3-

أن العمولة التي يتقاضاها البنك في حالة إصداره خطاب الضمان هي أجر على العمل الذي يقوم به طالما أنه لا توجد علاقة الدائنية والمديونية التي هي ركن من أركان تحقق الربا في الديون (وجود دين وزيادة مشروطة يدفعها المدين للدائن) فإن الأجر يمكن أن يكون مقطوعًا بمبلغ محدد بالمقدار مثل عشرة دنانير أو مائة ريال أو أن يكون مبلغًا محددًا بالنسبة مثل 1 % أو 2 % حيث لا عبرة بالنسبة التي هي طريقة للمحاسبة طالما لم تكن هناك علاقة بين دائن ومدين، وهذا كله بشرط أن يتم الأجر وحسابه على العمل الذي يقع قبل تحقق شرط الدفع أو المطالبة بالأداء، وأما ما يتم بعد الدفع أو المطالبة فلا يجوز للبنك الإسلامي أن يأخذ أي أجر سواء كان محددًا بمبلغ مقطوع أو بنسبة مئوية لأن تحقق الركن الأول للربا وهو عنصر المديونية يمنع الأجر أو ما هو في حكمه حيث تدخل شبهة الربا وعلى البنك الإسلامي أن يتقي الشبهات بابعد ما يستطيع.

هذا هو ما هداني إليه الله من القول في هذه المسألة وهو اجتهاد يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب. وإننا نتعامل مع رب كريم يعطي حتى لمن يخطئ في اجتهاده اجرًا واحدًا ويثيب المصيب بأجرين، وإن أقل القليل من رحمة الله الكريم لكفيل بأن يغمر القلب المؤمن بالنعمة والهناء.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 1112

القسم الثالث

تَقريرْ اجْتماع ممثلي شعب المجلس

2 -

3 رجب 1406هـ / 12 – 13 مارس 1986 م.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى به وسار على دربه إلى يوم الدين. وبعد

1-

فقد عقد اجتماع لممثلي شعب مجلس المجمع للإعداد للدورة الثالثة للمجمع التي ستعقد في مطلع العام القادم.

وقد تم هذا الاجتماع بحمد الله وتوفيقه في الفترة بين 2 – 3 رجب 1406هـ الموافق 12 – 13 مارس 1986م.

2-

وترأس هذا الاجتماع معالي رئيس المجمع الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد وحضره معالي الأمين العام للمجمع الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة، وكل من:

-فضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي مساعد رئيس المجلس

-فضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسى رئيس شعبة الإفتاء

-فضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف الفرفور رئيس شعبة التخطيط والترجمة

-فضيلة الدكتور إبراهيم بشير الغويل مقرر شعبة التخطيط والترجمة

-فضيلة الدكتور محمد ميكو مقرر شعبة الإفتاء

-فضيلة الدكتور محمد شريف أحمد مقرر شعبة الدراسات والبحوث

-فضيلة الدكتور عجيل جاسم النشمى عضو مكتب المجلس

-فضيلة القاضي محمد تقى عثماني عضو مكتب المجلس

-سعادة السفير سيدي محمد يوسف جيري عضو مكتب المجلس

-فضيلة الدكتور روحان مباي عضو مكتب المجلس

-فضيلة الشيخ محمد المختار السلامي عضو

-فضيلة الشيخ خليل محي الدين الميس عضو

-فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود الجندي عضو

-فضيلة الدكتور محمد مصطفي شلبي عضو

-فضيلة الدكتور عمر جاه عضو

-فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غده عضو

-سعادة السفير التيجاني الهدام عضو

3-

افتتح الاجتماع بآيات من الذكر الحكيم ثم ألقى رئيس المجمع كلمة رحب فيها بالمشاركين وشكر الأمانة العامة على خطتها في دعوة ممثلي الشعب لحضور هذا الاجتماع تجميعًا واختصارًا

ص: 1113

4-

وفي الجلسة الأولى ثم إقرار جدول الأعمال كما قدمتها الأمانة العامة:

1-

عرض نشاطات المجمع بعد الدورة الثانية للمجلس.

2-

موضوعات الدورة الثالثة.

3-

المشاريع العلمية.

(أ) إحياء التراث:

- إعداد قائمة بالمحققين الذين يمكن تكليفهم بتحقيق الكتب الفقهية المقررة من قبل شعبة التخطيط.

- تعيين لجنة علمية لتقويم التحقيقات.

(ب) مدونة أدلة الفقه الشرعي من القرآن والسنة وأقوال الصحابة

- معلمة القواعد الفقهية.

(جـ) الموسوعة الفقهية:

- تحديد موضوعاتها.

- المستكتبون.

- لجنة المراجعة العلمية.

4-

مشروع المنهج لسير عمل ومناقشات وإدارة جلسات المجلس.

5-

ما يستجد من أعمال.

5-

تم اختيار الدكتور عبد السلام داود العبادي نائب رئيس المجمع مقررًا لهذا الاجتماع.

6-

عرض معالي الأمين العام النشاطات التي قام بها المجمع بعد الدورة الثانية للمجلس وحتى انعقاد اجتماع ممثلي شعب المجلس هذا.

وبعد أن أنجز معالي الأمين العام عرضه أشاد المشاركون في الإجتماع بجهد الأمانة وتوجهوا بالشكر والتقدير لمعالي الأمين لما بذل من جهد وأتم من إنجازات.

ص: 1114

7-

استعرض المجتمعون الموضوعات المقترحة من قبل أمانة المجمع للبحث في الدورة الثالثة للمجلس وهي: -

في مجال البحوث والدراسات:

توحيد بدايات الشهور القمرية – الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة – أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة – سندات المقارضة وسندات التنمية والاستثمار – استفسارات البنك الإسلامي للتنمية.

في مجال الفتوى:

استفسارات المعهد العالي للفكر الإسلامي بواشنطن –أطفال الأنابيب – أجهزة الإنعاش – زكاة الأسهم في الشركات – توظيف الزكاة في مشاريع بلا تمليك فردي للمستحق.

وقد تم إقرارها كما وردت من الأمانة العامة مع إضافة موضوع واحد لموضوعات الفتاوى هو: (زواج المسلمة بغير المسلم، والمسلم بنساء الفرق الخارجة عن الإسلام) .

وهو من الموضوعات التي اقترحت من شعبة التخطيط في اجتماعها الأول بتاريخ 22- 25/8/1405 هـ الموافق 12- 15/ 5/1985 م.

9-

أعلم معالي الأمين العام الاجتماع بأنه قد بدأ العمل بتحقيق كتاب (الجواهر الثمينة) لابن شاس وطلب الموافقة على أن يقوم بإجراء الاتصالات اللازمة للبدء بتحقيق بقية الكتب الداخلة في خطة المجمع وفق قوائم تعرض على الدورة الثالثة للمجمع. وقد وافق المجتمعون على ذلك ووافقوا على إضافة كتاب (معرفة السنة والآثار) للبيهقي إلى كتب التحقيق، وقد وعد الدكتور بكر أبو زيد بتقديم نسخة منه للمجمع بغرض التحقيق.

ص: 1115

10-

وقد وافق المجتمعون على اقتراح الأمين العام على أن يجري المجمع الاتصالات العلمية اللازمة مع المفتين في العالم الإسلامي ومجالس الإفتاء ولجانه فيه. كما وافقوا على أن يجري المجمع الاتصالات مع الجامعات الإسلامية والتنسيق معها للقيام بمشاريع محددة في مجال البحوث وتحقيق كتب التراث الإسلامي الداخلة في خطة المجمع وفي إعداد قوائم من الباحثين والمحققين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.

11-

وقد أبدى المجتمعون كل الاهتمام بفكرة نشرة المجمع وطلبوا من الأمانة العامة إعطاءها الأولوية للتعريف بالمجمع في أوساط المسلمين الرسمية والشعبية.

12-

وقد بحث المجتمعون في الاقتراح المقدم من معالي رئيس المجمع للقيم بعملين علميين كبيرين هما:

أولا: مدونة لأدلة الفقه الإسلامي من القرآن والسنة النبوية الشريفة وأقوال الصحابة.

ص: 1116

ثانيا: معلمة للقواعد الفقهية.

وقد وافق المجتمعون على التوصية بإدخال مشروع معلمة القواعد الفقهية ضمن المشاريع العلمية الي يتبناها المجمع.

وأما بخصوص مدونة الأدلة فقد وافق المجتمعون على التوصية بهذا المشروع من ناحية المبدأ على أن يقدم معالي رئيس المجلس: الدكتور بكر أبو زيد ما يقترحه بخصوص المنهج الخاص بإعدادها وخطة عملها ويرسل بذلك إلى الأمانة العامة لموافاة الأعضاء بها ثم تعرض على المجمع في دورته القادمة.

13-

ثم بحث المجتمعون في مشروع المنهج المقترح لسير عمل المجلس ومناقشات وإدارة جلساته المقدم من اللجنة التي شكلها المجلس في دورته الثانية والمكونة من:

- الدكتور عبد السلام داود العبادي.

- الدكتور طه جابر العلواني.

- الدكتور عمر جاه

- الدكتور عبد الستار أبو غدة

- الدكتور عبد الله إبراهيم

- الشيخ محمد هشام البرهاني.

وبعد مناقشات موسعة واستعراض المشروع مادة مادة تمت الموافقة على التوصية به وفق الصيغة المرفقة ليعرض على اجتماع المجلس في دورته القادمة.

14-

عرض معالي الأمين العام، ما تم بخصوص مشروع الموسوعة الفقهية، وقدم الدكتور عبد الستار أبو غدة التصور الذي أعده بخصوص الموسوعة الفقهية وقد جرت مناقشة ذلك بتوسع وتمخض النقاش عن الحاجة بتشكيل لجنة علمية لوضع تصور تفصيلي واضح بخطة الموسوعة ليعرض على المجمع في دورته القادمة.

ص: 1117