الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التأمين وَإعادة التأمين
الشَيخ مصطفى أحمد الزرقاء
رسالة إلى فضيلة الأمين العام للمجمع
حول التأمين وإعادة التأمين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
فى اجتماع شعبة التخطيط (22_25/8/1405هـ) أحلتم إلى عهدتى تقديم بحث واف عن نظام التأمين وعقوده وحكمه بالنظر الشرعى في الإسلام، وهو من أهم قضايا الساعة التى اختلفت فيها أنظار الفقهاء المعاصرين.
وأفيد فضيلتكم أننى أصدرت في هذا الموضوع كتابًا جديدًا نشر في العام الماضى عنوانه: (نظام التأمين – حقيقته، والرأى الشرعى فيه) . مضافًا إليه نظرات في الموضوع من زوايا جديدة. وسبعة ملحقات في القسم الأخير منه، عرضت فيها جميع الشبهات التى أثيرت حول التأمين بعد صدور كتابى الأول، وناقشت هذه الشبهات جميعًا ورددت عليها بالتفصيل، وبخاصة شبهة الغرر التى هى أقوى وأهم الشبهات التى يتذرع بها المنادون بتحريم التأمين.
وخلاصة رأيى في الموضوع أن نظام التأمين في ذاته مقبول، بل مستحب في ظل الشريعة الإسلامية، بأنواعه الثلاثة:(التأمين على الأشياء من مختلف الأخطار، والتأمين من المسئولية الذي يسمونه تأمينًا ضد الضرر. والتأمين على معونة أسرة المستأمن بعد موته. وهو الذي يسمونه خطًا: تأمينًا على الحياة) .
فالتأمين، بجميع أنواعه الثلاثة، فيه تعاون نافع على تفتيت المصائب وإزاحتها عن رأس من تقع عليه، وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من المتعاونين وهو مجموع المستأمنين. فلا يعقل قبول فكرة تحريم هذا التعاون شرعًا.
وحجة القائلين بالتحريم أن هذا التعاون قد أصبح تجارة تديرها شركات مستغلة وتحفها مسالك منحرفة عن الطريق الشرعى. وفيه غرر، ويؤخذ فيه قسط مالى دون مقابل إذا لم يقع الخطر، كما يأخذ المستأمن أضعافًا كثيرة زيادة عن قسط التأمين إذا وقع الخطر، مما يجعله كالمقامرة أو الربا، علاوة على أن شركات التأمين قد تشترط في التأمين على الحياة شروطًا ربوية، وهى دائمًا تستثمر احتياطى أموالها لدى المصارف الربوية.
وقد رددت في كتابى الأول والثانى على هذه الشبهات بما فيه الكفاية، وأوضحت ضرورة التمييز بين نظام التأمين في ذاته إذا خلا عقده من شروط منافية لقواعد الشريعة في التعاقد، وبين ما يشترط في عقوده التطبيقية من شروط غير مقبولة شرعا، ربوية أو سواها. فحينئذ نحكم بتحريم ذلك العقد بخصوصه، لا بتحريم نظام التأمين كليًا. وذلك كالبيع الذي أحله الله تعالى نظاما لتبادل الأموال وفاء لحاجة الناس، فإذا تضمن بعض عقوده التطبيقية شرطا ربويًا فإننا نحكم بحرمة هذا العقد لا بحرمة نظام البيع كليًا، وتبادل الأموال بوجه عام.
أما التمييز بين تأمين تعاونى يباح، وتأمين تجاري يحرم، فقد أوضحت خطأه في مخالفتى لقرار المجمع الفقهى بمكة المكرمة الذي ذهب إلى هذا التمييز، ومخالفتى هذه المشار إليها مثبتة بنصها مع قرار المجمع المؤقر، ومنشورة في كتابى الجديد المشار إليه الصفحات/151_153.
وأما شبهة الغرر- وهى الشبهة الوحيدة الجديرة بالوقوف عندها للنظر والتمحيص فقد بين لى، بحمد الله تعالى، أنها شبهة داحضة لا ناهضة، وأوضحت في عقد التأمين تخريجًا فقهيًا وتكييفًا ينفيان وجود الغرر فيه. ثم عرضت آراء المذاهب الفقهية في الغرر، بما يكفئ لإقناع من همه البحث عن الحقيقة العلمية بتجرد، أنه لا ينبغى أن يكون للغرر المزعوم في عقد التأمين تأثير مانع على فرض وجود غرر فيه. (ينظر تفصيل ذلك في كتابى الجديد تحت كلمة (غرر) في حرف الغين من الفهرس الهجائى، في المواطن المحال عليها فيه) .
هذا، وقد بدا لى أن كتابة بحث الآن عن التأمين، وبيان وجهة نظرى فيه بعد صدور كتابى الجديد المذكور، لن يكون سوى تكرار لبعض ما استوفيته فيه، أو اختصار تغيب فيه قوة الحجة ونصاعتها، ولن يغنى عن الرجوع إلى الكتاب لاستيعاب التفصيل حول كل نقطة من نقاط الموضوع ليتسنى تكوين فتوى نيرة صادرة عن بصيرة.
لذا رأيت أن أكتفى بتقديم نسخة منه مع هذه الكلمة التوضيحية لتروا ما تستحسنون من تصوير نسخ عنها توزعونها على الأعضاء الكرام. أو طلب العدد اللازم لهم من نسخ الكتاب من دار النشر التى نشرته في مدينة عمان، وهى دار البشير بمنطقة العبدلى في عمان من المملكة الأردنية.
وأرسل الآن نسخة من الكتاب المذكور بالبريد المسجل الجوى إلى فضيلتكم في وقت واحد مع هذه الرسالة.
ويرى في آخر الكتاب، بعد فهرس المراجع فهرس هجائى مستوعب للألفاظ العنوانية وللأعلام المذكورة فيه بمناسبة آراء منقولة عن أحدهم، ثم فهرس موضوعى تفصيلى، فيستطيع الباحث أن يرجع بواسطتها إلى أية فكرة أو ناحية عولجت أو نوقشت في الكتاب، فيرى التفصيل فيها بمنتهى السهولة.
وأختم بالتحيات الطيبات مشفوعة بمزيد الاحترام لفضيلتكم، ومد الله تعالى في أثركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.