الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة سعادة الدكتور عبد السلام داود العبادي
نيابة عن أعضاء مجلس المجمع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلاة وسلامًا على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه ومن التزم بهديه وسار على دربه إلى يوم الدين.
صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز المعظم
أيها الحفل الكريم
ها هي وفود من علماء المسلمين قد أقبلت من كل أنحاء العالم إلى الديار المقدسة مهبط الوحي وموطن الدعوة والإيمان الأول، ومدرج محمد صلى الله عليه وسلم وموئل تطبيق رسالته..
ها هي وفودهم قد حطت رحالها إلى جوار البيت العتيق لتعمل الفكر في كتاب الله جل وعلا، وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.. فهمًا ونظرًا، واستنباطًا منهما للأحكام الناظمة لواقع الأمة الحياتي، واستمدادًا منهما للحلول الناجعة لمشكلاتها المستعصية.
في أيام تتعرض فيها أمتنا لما يهدد وجودها ويمس ذاتيتها ويعرض كيانها لأشد أنواع الأخطار والتحديات.. مما هو معلوم للجميع، وفي فترة فقدت فيها البشرية توازنها واتزانها.. فتاهت وتخبطت، واضطربت المفاهيم، واختلطت التصورات، وضاعت الحقوق، وهانت حياة الإنسان وكرامته، وتفككت الأسرة وعلاقات المجتمع وانتشرت الجريمة، وعمت مظاهر الانحلال والانحراف..
نعم أقبلت هذه الوفود إلى مملكتكم العامرة لتشارككم اهتمامكم بقضايا الأمة الإسلامية وتؤكد معكم على كل ما من شأنه إعلاء كلمة المسلمين وتحقيق مصالحهم وتوحيد جمعهم ودحر أعدائهم واستنقاذ مقدساتهم وأراضيهم تحرير مسجدهم الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
صاحب السمو الملكي
إن مجمع الفقه الإسلامي بما حمل من مسؤولية، وتصدى له من مهمات يدل دلالة أكيدة على أن هذه الأمة ستظل أمينة على شرع الله سبحانه، حريصة على تطبيقه والسير وفق هداه. كيف لا، وهي التي تحمل شريعة الهداية والسعادة، شريعة إنقاذ البشرية من كل معاني الضلال والشقاء.. {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} ، فكانت بذلك خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله العلي العظيم.
ثم إن مجمع الفقه الإسلامي بتمثيله الشامل لشعوب الأمة الإسلامية يجسد وحدة هذه الأمة وضرورات التقاء شعوبها على دين الله وشريعته سبحانه، تلك الوحدة التي كانت عنوان قوتها، ورمز عظمتها وأساس بقائها وقدرتها على مواجهة التحديات والوقوف في وجه الأعداء. {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} .
ومجمع الفقه الإسلامي مؤسسة اجتهاد جماعي تواجه القضايا المعاصرة والمشكلات الحادثة بالنظر العميق والبحث الرصين وفق منهجية الحوار الإسلامي التي تقدم قوة الدليل ومردود الخير والمصلحة على جماعة المسلمين وعامتهم {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} .
والفقه الإسلامي في مسيرته الخيرة عبر القرون كان النتاج الدائم والعطاء المستمر والثمرة اليانعة لتحكيم شريعة الله سبحانه وتعالى في حياة الناس وواقعهم.. وبقدر ما يدرك الفقهاء روح الشريعة وحكمها وأسرارها ويعون أحكامها وأدلتها يبينون كل ذلك للناس بقدر ما يظهر ثراء هذه الشريعة وقدرته الفذة على تنظيم الواقع الإنساني ووضع الحلول لما يواجه من مشكلات وقضايا في كل الأماكن العصور تطبيقًا لقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} . ومن هنا تعظم رسالة هذا المجمع وتبرز واجباته في خدمة الشريعة الإسلامية.
وإن في احتضان المملكة العربية السعودية لهذه المؤسسة الفقهية الإسلامية الدولية على ثرى الأرض المقدسة وإلى جوار البيت العتيق تأكيدًا لكل هذه المعاني ومكرمة أخرى تضاف إلى عقد مكارم هذا البلد الأمين في خدمة الإسلام والمسلمين والمحافظة على أحكام الدين.
وإنني باسم هذه النخبة المتميزة من علماء المسلمين ومفكريهم لأعبر عن الشكر الجزيل والامتنان العظيم لما يلقاه هذا المجمع من رعاية واهتمام من حكومة المملكة العربية السعودية بتوجيه مباشر وتأكيد مستمر من خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد المعظم.. فلجلالته باسمهم جميعًا أعظم آيات الشكر وكل معاني التقدير.. ولصاحب السمو الملكي الأمير المعظم الذي تفضل بافتتاح الدورة الثانية لمجلس المجمع الفقهي الإسلامي شكر أعضاء المؤتمر فردًا فردًا وتقديرهم البالغ واحترامهم العميق.
وإنني لأدعو الله سبحانه وتعالى أن يسدد على الحق خطاهم وأن يأخذ بأيديهم وسائر حكام المسلمين لإعلاء كلمة هذه الأمة ونصرة دينها وتحقيق أهدافها، وأن يوفق مجمعنا لأداء واجبه خير أداء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
…