الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثائق مقدمة للمجمع
الحكم الإقناعي في إبطال التلقيح الصناعي
وما يسمى بشتل الجنين
الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود
الحمد لله رب العالمين، وبه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أما بعد فقد عرض على مقالة أصدرتها مجلة العربي بالكويت في عددها رقم 232: ربيع الأول عام 1398 هـ الموافق شهر مارس 1978 م وهي صادرة من فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي كرد منه على الدكتور حسان حتحوت.
تتضمن استفتاء علماء فقه الشريعة على عملية شتل الجنين وهو أن يجامع الرجل الغريب امرأته التي هي غير صالحة للحمل ثم ينقل ماؤه منها إلى امرأة ذات زوج بطريقة فنية فينمو إلى نهاية وضعه، ويكون الجنين ابنًا لهذا الرجل الغريب الذي لقح به منيه وانبًا لزوجته، أما الأم التي حملت به وولدته وكذا زوجها الذي ولد الجنين على فراشه فإنهما يعتبران أجنبيين منه وتنقطع صلته بينهما فلا يرثهما ولا يرثانه، وتكون أمه الحقيقية هي التي أتت بالمني وزوجها أي صاحب المني هو أبوه الحقيقي، ويطلب رأي الفقه الشرعي في موضوعه.
فأجاب الشيخ يوسف القرضاوي في نقده وفي مقدمة مقالته ببطلان التلقيح الصناعي، وهو أن يؤخذ مني الرجل الغريب ويوضع في فرج المرأة ذات الزوج قائلًا:"إن هذا حرام بطريق اليقين لكونه يلتقي مع الزنا في اتجاه واحد، حيث إنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب" ثم استطرق في كلامه عملية الشتل فأنحى عليها بالملام، وتوجيه المذام، وبين ما ينجم عنها من المساوئ والإجرام، مما يقتضي إلحاقها بالأمر الحرام، وكونه لا يرحب بها شرع الإسلام بكلام استقصى فيه غاية الغرض والمرام، مما يوافق أحكام شرم الإسلام.
فلو اقتصر على حده ولم يتجاوزه إلى ضده، لقلنا: قرطس فأصاب ووفق للحكمة وفصل الخطاب، قال: والذي أرى أن الفقه الإسلامي لا يرحب بهذا الأمر المبتدع ولا يرضى عن فعله وآثاره.
لكنه تصدي لهدم ما بناه ومحا محاسن ما كتبت يداه، فعاد إلى إصدار حكم منه في القضية يتضمن جواز هذه العملية لاعتبار أنه أحد فقهاء الشريعة الإسلامية الذين وجه إليهم الخطاب فعقد للحكم فصلًا سماه:(ضوابط وأحكام) فعاد إلى القول بإباحته بعد جزمه بتحريمه من كون الجنين متى نشأ من هذه النطفة فإنه يكون ابنًا للرجل الذي أخذ منه قطرة المني والتي تكون زوجته التي لم تحمل ولم تلد هي أم الجنين الحقيقية، أما أمه التي حملت به وولدته فإنها ليست له بأم فلا يرثها ولا ترثه بزعمه وكذلك زوجها الذي ولد الغلام على فراشه فإنه ليس أبًا للجنين بزعمه وشرط لعملية الشتل:
أن يكون مع امرأة ذات زوج
وأن يكون بإذن زوجها ورضاه
وأن تستبرئ حالة التلقيح أي تعتد عن زوجها للعلم ببراءة رحمها.
ثم أخذ يخلط ويخبط في الأحكام، وأمور الحلال والحرام، بدون بينة ولا برهان، بل بكلام يعد من الفضول، تمجه العقول، ويناقض النصوص والأصول، قد أبطل به صريح حكمه بعد إحكامه وعاد إلى نقضه بعد إبرامه فكان {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [سورة النحل الآية 92] .
وبما أن الباطل شجون يستدعي بعضه بعضًا وحيث فتح الشيخ باب هذه الفتنة فإنه سيأتي من يبني على حكمه فيقول بجواز عملية التلقيح مع الأبكار العذارى، ومع الثيبات الخليات من الأزواج لكون الحكم في الجميع واحدًا فيتسع الخرق على الراقع، وإنني بمقتضى الرد عليه اتكلم في بطلان التلقيح بنوعيه:
نوع التلقيح بمني الرجل الغريب بلا واسطة.
ونوع الشتل.
فكلا الأمرين في البطلان سيان، إذ الأمر فيهما يدور على نقل مني رجل غريب في رحم امرأة غريبة منه ليست بزوجته والتي من واجبها أن تصون نفسها عن اختلاط ماء الغير بها، إذ هو نظير الزنا ونفس التلقيح الصناعي بلا فرق.
فلو بقي الأمر فيها مستورًا غير منشور لآثرنا غلق بابه على خبيئة خطئه واضطرابه، ولم نتعرض لنشر هذا الشر وأسبابه، لكن القضية صارت منشورة وحكمه فيها مشهور حتى صارت حديث الجمهور في مجالسهم ومدارسهم فأخذوا يخوضون في موضوع حقيقته، وفي غرابة الحكم بإباحته.
لهذا وجب علينا حتمًا أن نبين للناس ما نزل إليهم من ربهم وما شرعه لهم نبيهم في موضوع هذه القضية نفسها فإن شريعة الإسلام كفيلة بحل المشاكل كلها، والله سبحانه وتعالى قد أوجب على العلماء البيان وحرم عليهم الكتمان.
قال الشيخ يوسف في تفصيل ما حكم به مع فرض وقوعه فقال: (ضوابط وأحكام) إن من الشروط أن تكون الحاضنة أي التي فيها التلقيح:
أولًا: ذات زوج.
وثانيًا: أن يكون هذا الفعل برضي الزوج.
ثالثًا: يجب أن تستوفى المرأة الحاضنة العدة من زوجها خشية أن يكون قد علق برحمها بويضة ملقحة، فلابد أن تضمن براءة رحمها منعًا لاختلاط الأنساب.
رابعًا: نفقة المرأة الحاضنة وعلاجها ورعايتها طوال مدة الحمل والنفاس على أبي الطفل، أي الملقح للبويضة، أو على وليه من بعده، لأنها غذت الجنين من دمها، فلابد أن تعوض عما فقدته ثم استدل بقوله {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [سورة الطلاق: الآية 6] .
خامسًا: جميع أحكام الرضاعة وآثارها تثبت من هنا من باب قياس الأولى أي للمرأة الأجنبية صاحبة المني.
أما زوج المرأة الحاضنة، أي زوج التي حملت وولدت فليس له أي علاقة بالجنين، انتهى كلام الشيخ يوسف.
وأقول: إن هذا التقرير الصادر منه هو صريح في الحكم منه لصحة عملية الشتل مع العلم أنه عالم يقتدى به، وينتهي أكثر الناس إلى رأيه، وفي هذا الرأي من التغرير المخالف لتقريره السابق ما لا يخفى على أحدٍ.
وحكمه بهذا هو حكم باطل في نفس الأمر والواقع.
لا وافق الحكم المحل ولا هو استوفى الشروط فكان ذا بطلان (1)
(1) انظر (توضيح المقاصد في شرح قصيدة ابن القيم) للشيخ أحمد بن عيسى 1/ 38
إن الأصل الفاسد لا يقاس عليه، إذ القياس على الفاسد فاسد، وهذا الحكم إنما نشأ عن عدم تفكير وحسن تدبير فهو خطرات من وساوس فكرته ليس له أصل يستند إليه ولا نظير يقاس عليه وهو مخالف للحق والحقيقية والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:((من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)) [حديث متواتر] وحاصله: أنه رأى منه، وليس برواية، والرأي يخطئ ويصيب.
إن الشيخ يوسف أشار في مقدمة مقالته أن الدكتور حسان حتحوت تساهل في إباحة الشتل نظرة منه إلى رحمة المرأة الفاقدة للأولاد، وقد وقع الشيخ يوسف في نفس ما عاب به حسان حتحوت من القول بإباحة هذا الفعل، الذي جزم سابقًا بتحريمه، وكأنه خرج منه مخرج المصانعة لهذه المرأة، وللقوم الذين يحبون أن تشيع مثل هذه الفاحشة بين الناس، فأحب أن يتقدم بالقول بإباحتها تنشيطًا لهم على الإتيان بما هو أكبر وأنكر منها، وأظن أنه لم يسبق إلى القول بإباحتها أحد.
وما أسرع ما نسى هذا الإنسان، وأين قوله:
(إذا كان الإسلام قد حرم التبني، وانتساب الإنسان إلى غير أبيه فاجدر به أن يحرم التلقيح المذكور لأنه يلتقي مع الزنا في اتجاه واحد ويفضي إلى اختلاط الأنساب) .
فهذا الذي نطق به هو الحجة لنا عليه، ولا نقبل نقضه بما يخالفه، ومتى كان هذا قوله في التلقيح الصناعي وأنه حرام بيقين فإن الشتل مثله إذ التلقيح الصناعي هو نقل مني الرجل الغريب إلى المرأة ذات الزوج بلا واسطة.
أما الشتل فإنه ينقل إليها بواسطة مروره على المرأة الفاقدة للأولاد ولن يتغير هذا المني عن حالته بمروره عليها وما ذكروه من تلقيح البويضة فإنه سيكون من رحم المرأة المنقول المني إليها فينتهي ويستقر برحمها ومني الرجل هو الأصل في إيجاد الجنين يقول الله تبارك وتعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) } [سورة القيامة: 38] ومثله كل فحل فقد ثبت بمقتضى التجربة في البهائم وخاصة البقر فإنها تحمل بمجرد نقل مني الثور إلى فرجها، بدون مروره على شيء آخر.
فمتى علم ذلك فإن التلقيح بالشتل يثبت له من العلل والمساوئ ما ثبت للتلقيح الصناعي إذ حقيقته نقل مني رجل غريب إلى رحم امرأة ليست له زوجة، والتي من واجبها صيانة رحمها عن مشاركة الأغيار، فيترتب عليه اختلاط نسب أجنبي بنسب أهلي إذ هذا المقصود الأكبر في تحريم الزنا، وانتساب الرجل إلى غير أبيه وأمه، وهو واقع في التلقيح بنوعيه.
وما كنا نسمع بهذا الشيء قبل اليوم، ولكن الناس متى بعدوا عن الدين فإنهم يتوسعون في البدع والزور وأعمال الشرور والفجور ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئًا، ومتى كان هذا التلقيح زنا فكيف يطلب فيه إذن الزوج به ورضاه عنه، فإنه متى رضى به وأذن فيه فإنه ديوث، يقر السوء على أهله، وتعتبر امرأته زانية لأنه متى ذكر العلماء في حكمه تحريم الزنا أنه منع لاختلاط الأنساب، فالمقصود الأكبر في وسيلة اختلاط الأنساب هو نقل مني رجل غريب إلى رحم امرأة ليست له بزوجة بأي طريقة، أو بأي صفة يصل فيها المني إلى غايته من رحم هذه المرأة فيتخلق منه إنسان يلتحق بنسب المرأة الأجنبية ونسب زوجها وهو رجل أجنبي عنهما، فيترتب عليه اختلاط نسب أجنبي بنسب أهلي، إذ هذا المقصود الأكبر في تحريم الزنا، وهو حقيقة التلقيح بنوعيه في إيصال مني الرجل الغريب إلى امرأة ذات زوج، إن هذا لشيء عجاب.
حكم الفقه الإسلامي
في موضوع القضية عند فرض وقوعها
إن الشريعة الإسلامية بأحكامها كفيلة بحل مشاكل العالم ما وقع في هذا الزمان وما سيقع بعد أزمان {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} لكن الغوص إلى استنباط الحكم من مظانه يحتاج إلى علم واسع، وفكر ثاقب، ودراسة عميقة متخصصة في معرفة العلوم والفنون، فلا يقع بين الناس مشكلة ذات أهمية من مشكلات العصر ومعضلات الدهر إلا وفي الشريعة الإسلامية طريق حلها، وبيان الهدى من الضلال فيها، كما أنه لا يأتي صاحب باطل بحجة باطلة إلا وفي الشريعة الإسلامية ما يدحضها ويبين بطلانها.
والشريعة مبنية على حفظ الدين والأنفس والأموال والأعراض أي الأنساب والعقول التي حرم الخمر من أجل حفظها وحمايتها، ذلك بأن دين الإسلام قد نظم حياة الناس أحسن نظام بالحكمة والمصلحة والعدل والإحسان.
وقد اختلف العلماء فيما ثبت به لحوق نسب الولد بأبيه فمنهم من قال: إنه يلتحق بأبيه بمجرد العقد الصحيح بأمه، فمتى أمكن دخوله بالمرأة التي عقد عليها فإنه يلتحق به الولد الذي حملت به وولدته سواء علم دخوله بها أو لم يعلم احتياطًا لحفظ الفراش والنسب، وهذا هو ظاهر مذهب الحنابلة، والمالكية، والشافعية، واشترطوا لصحة إلحاقه مضي ستة أشهر فأكثر من عقده بها، ومنهم من قال: لا يلتحق به نسبه إلا بعد الدخول المحقق بزوجته أم ولده وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والعلامة ابن القيم، وهو الصحيح المعمول به، فبعد تحقق الدخول بها فإن كل حمل تحبل به فإنه يحكم به لأبيه حكمًا احتياطيًا جازمًا صيانة للفراش والنسب، حتى لو فرض أنها حملت به زنا أو بطريق الغصب، أو وطء الشبهة، فإنه يحكم به لأبيه الذي هو زوج أمه، ولا ينظر إلى ما يخالفه، ويفهم منه التحاقه بطريق التلقيح بنوعيه، أي التلقيح الصناعي والشتلي، فيكون الولد لأبيه أي زوج أمه التي حملت به وولدته، فلا يتغير هذا الحكم عن أصله لكون الأحكام مبنية على الظاهر والله يتولى الحكم في السرائر إذ ليس كل الناس خرجوا من أصلاب آبائهم.
وقد حكم رسول الله بهذا في مثل هذه القضية عند فرض وقوعه فلا حكم لأحد بعد حكمه ومتى جاء سيل الله بطل نهر معقل.
ففي البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) ويعني بالعاهر الزاني، ويعني بالفراش الزوجة التي في عصمة الزوج فإن حملت بهذا الغلام فإنه يحكم به لزوجها المذكور حرصًا على رعاية حفظ النسب وحماية حرمة النكاح الشرعي.
وتسمية المرأة فراشًا هو جار على ألسنة العرب لكونه يفترشها عند إرادة قضاء حاجته منها، كما قيل:
إذا رمتها كانت فراشًا يقلني وعند الفراغ منها خادم يتملق
كما أن الله سماها حرثًا في قوله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [سورة البقرة: الآية 223] وهذا الحديث أي قوله: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر)) هو نص في الحكم في هذه القضية وهو قاعدة عامة كلية من قواعد الشرع، يحفظ به حرمة النكاح، وطريق اللحاق بالنسب جوازًا وعدمًا، فهو يوجب قطع النزاع ويعيد الخلاف إلى مواقع الإجماع في مثل هذه القضية، فمتى حملت امرأة ذات زوج بالتلقيح الصناعي، أو الشتل، أو الزنا، أو الغصب، أو الوطء بالشبهة فإن حملها يعتبر للزوج ولزوجته التي حملت به ووضعته، ولا علاقة للغاصب أو الزاني أو المأخوذ منه المني فيه.
وهذا الحديث يفسره ما ذكر بسببه، فقد روى البخاري أنه تنازع سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة عند النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جارية زمعة فقال سعد: إنه ابن أخي عتبة عهد إلي أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه فقبضته فقال عبد بن زمعة: إنه أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراش أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة)) لما رأى قرب شبهة بعتبة مع العلم أنه أخو سودة لأبيها في ظاهر الحكم، وقد أدرجه البخاري في باب اتقاء الشبهات من صحيحه، فلم يكن وطء عتبة لهذه المرأة مغيرًا للحكم في الولد.
إن الأصل الباطل يتفرع عنه فنون من الباطل، وأن التلقيح بالشتل هو نفس التلقيح الصناعي، ما عدا أن التلقيح الصناعي هو نقل مني الرجل الغريب إلى المرأة ذات الزوج بلا واسطة فينشأ عنه الولد.
أما التلقيح بطريق الشتل فإنه يكون بواسطة امرأة الرجل الغريب التي هي غير صالحة للحمل، فيمر عليها وينقل منها إلى المرأة ذات الزوج الصالحة للحمل ومرور هذه النطفة بها لا يغير شيئًا من أوصافها، ولا ينبغي أن يقاس على شتل الشجر بعد نموه وكبره فينقل إلى مكان آخر فإن هذا شيء وذاك شيء آخر، مع العلم أنه لم يثبت التاريخ وجوده، وإنما ثبت وجود التلقيح الصناعي عن طريق الحيوان حيث يلقح البقر بمني الثور بطريقة فنية بحيث يوضع المني في شيء شبه الأنبوب، ويولج في فرج البقرة فتلقح.
وليس ما يصلح للحيوان يعتبر صالحًا لبني الإنسان، يقول الله:{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [سورة الزمر: الآية 6] وقال سبحانه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [سورة الحج الآية 5] .
وهذا معنى ما في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك)) أي أربعين يومًا، والعلقة قطرة دم ((ثم يكون مضغة مثل ذلك)) أي قطعة لحم ((ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح)) أي في الشهر الخامس.
وهذا الشتل إما أن يكون في حالة كونه نطفة، أو في حالة كونه علقة، أو في حالة كونه مضغة، فإنه يحكم بأنه للأم التي حملت به وولدته وزوجها هو أبوه الذي ولد هذا الغلام على فراشه، لحديث ((الولد للفراش)) .
ويعتبر التلقيح بطريق الشتل بمثابة العرق الظالم، أي لا حق لمدعيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((ليس لعرق ظالم حق)) وهذا من حديث رواه أبو داود وأهل السنن أن رجلين اختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم في أرض غرس أحدهما فيها نخلًا والأرض للآخر، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للأرض لصاحبها وقال:((ليس لعرق ظالم حق)) .
وقد سمى الله المرأة حرثًا فقال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [سورة البقرة الآية 223] فكل ما تحمل به المرأة ذات الزوج بأي طريقة فإنه ينسب إلى زوجها لكونه نماء حرثه وقد ولد على فراشه ولأن نكاحه لها هو مما يزيد في نمو الولد في بطنها.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل مجخ عند باب فسطاط فقيل له: إن هذا الرجل عنده جارية هي حبلى من غيره وهو ينكحها فقال: ((لقد هممت أن ألعنه لعنًا يدخل معه في قبره كيف يطؤها وهي لا تحل له وكيف يورثه وهو لا يحل له)) .
ثم نهى أن يسقى الرجل ماءه زرع غيره.
وخلاصة البحث: أنه لو نقل بطريق الشتل وهو نطفة أو علقة أي قطعة دم أو مضغة وهو قطعة لحم فنما في بطن المرأة ذات الزوج حتى نفخ فيه الروح وحتى أتمت مدة حملها به فوضعته فإنه يكون ولدًا لها ولزوجها لعموم حديث ((الولد للفراش)) .
وهي قاعدة شاملة حتى لو طابت نفس الأم التي حملت به، وطابت نفس الاب بجعله للمرأة التي لم تحمل ولم تلد ولزوجها فإنه لا يجوز ذلك لكونه حرًا لا تجوز هبته ولما يترتب على هذا التصرف من قطع صلته بنسب أبيه، وقطع صلته بأمه التي قاست الشدة والمشقة حيث حملته كرهًا ووضعته كرهًا، فيقطع نسبه بها ويجعلها أجنبية عنه، وهو من باب قطع ما أمر الله به أن يوصل، ثم يلحق بأب أجنبي ليس بأب له فينسب إلى غير أبيه، وفي الحديث:((من انتسب إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام)) .
ومن قواعد الفقه: أنه لا شبهة مع فراش، أي لا حكم لأي وطء وقع من الزنا، أو الشبهة، أو الإكراه، أو الشتل، أو التلقيح الصناعي، فمهما كان من ذلك فإن الولد للزوج الذي ولد على فراشه، والأم الحقيقية هي أمه التي حملت به ووضعته.
وقد ذكر الفقهاء صورة في نقل المني، وهي ما لو استلطفت امرأة ذات زوج بمني رجل غريب، أو برداء فيه مني فحملت من ذلك، فهذا القول قد سيق مساق التوسع في تقرير ما لا يقع، وإلا فإن المني متى ظهر للهواء فإنه يفسد بذلك وتبطل حقيقته، فلا حجة لدعوى المرأة المحتجة به.
وقد كفانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشفانا من كف هذه الفتنة التي أكثر الناس من الخوض في موضوعها فقال: ((الولد للفراش)) .
وحرم التبني وهو واقع فيه بكل حالاته.
كما حرم انتساب الرجل إلى غير أبيه، وهو واقع فيه.
إن حاكم القضية يروج في أذهان الناس بأن العلم أثبت بأن هذا المني الذي ينقل بطريق الشتل أنه جنين، وهو تدليس منه على الأذهان، وتلبيس على ضعفة العقول والأفهام، وإلا فإن موضوع الحكم والكلام وهو في المني الذي يلقح به الإنسان بويضة المرأة فلا يسمى جنينًا، وإنما يسمى منيًا كما قال سبحانه:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) } [سورة الطارق: 6] وقال: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) } [سورة القيامة: 38] .
ثم إنه في حالة كونه نطفة ثم علقة ثم مضغة قد تقذفه الرحم كما قال سبحانه: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [سورة الحج الآية 5] فلا يكون جنينًا حتى ينفخ فيه الروح.
قال في القاموس: والجنين هو الولد في البطن- سمى جنينًا لاستجنانه- أي استتاره في الرحم، أما كون المني يصير جنينًا بإذن الله فهذا مما تعرفه العجايز فضلًا عن العلم ولم تأت هذه المرأة بجنين حتى تنقله ثم تدسه في فرج المرأة ذات الزوج، وقبل مضي الأطوار الثلاثة يعتبر كحكم الميت حتى ينفخ فيه الروح فيكون إنسانًا حيًا، ومن أحيا أرضًا ميتة فهي له.
ومثله تسمية الحامل، حاضنة، فإن هذا من باب قلب الحقائق، فإنه لا حضانة إلا للطفل الصغير متى خرج إلى الوجود حيًا، ومادام في بطن أمه فإنه يسمى: حملًا، وأمه: حاملًا، لا يقال حاضنة، والله أعلم.
العرض والمناقشة
الاثنين 11/ 4/ 1406 هـ – 23/ 12/ 1985 م
الساعة: 9.35 – 12.00
الرئيس:
بسم الله الرحمن الرحيم، نبدأ وبه نستعين وعليه نتوكل بعد حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله، ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله، وبعد،
فنفتتح الجلسة الصباحية ليوم الاثنين وأعمال هذه الجلسة هي: أطفال الأنابيب بنوك الحليب، أجهزة الإنعاش والبحوث قد قدمت إليكم وأمامنا الآن البحوث المعدة في أطفال الأنابيب وهذه البحوث مقدمة من الشيخ عبد الله البسام، الدكتور محمد علي البار، الشيخ رجب التميمي، الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، وأرجو من سعادة الدكتور محمد علي البار أن يعطينا ملخصًا لبحثه وما لديه حول أطفال الأنابيب.
الدكتور محمد علي البار:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين.
أصحاب السماحة، أصحاب الفضيلة،
موضوع التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب موضوع أثار الجدل الشديد ليس على المستوى الإسلامي فقط وإنما على مستوى العالم بأجمعه حيث تفرعت عنه قضايا عديدة، ومنذ أن نجح الدكتور سيفت والدكتور إدواردز في تلقيح بويضة السيدة ليزلي براون بماء زوجها في 10 نوفمبر 1977 وأدى ذلك إلى نجاح أول حمل وولادة أول طفلة أنبوب وهي لويزا براون في 25 يوليه عام 1978، قامت حملات إعلامية منظمة شغلت الناس صباح مساء ثم خفت الضجة وانضم إلى نادي أطفال الأنابيب عشرات الأطفال حتى جاوز الرقم في نهاية 84 حوالي 1000 طفل أنبوب من بينهم 56 توائم ثنائية و8 توائم ثلاثية واثنان من التوائم الرباعية، نقلًا عن مجلة التايم الأمريكية في 10 سبتمبر 1984، وتحول الأطباء وأجهزة الإعلام إلى مواضيع أكثر إثارة مثل تجميد الأجنة المخصبة ونقل البويضة الملقحة من امرأة إلى أخرى وهو ما عرف باسم "الرحم الظئر" وبدأت المشاكل الأخلاقية والدينية تظهر على السطح، وقد صرح الدكتور ادواردز العالم الفسيولوجي الرائد في أطفال الأنابيب بقوله إن هناك حاجة صارخه إلى وضع إطار لآداب وأخلاقيات هذا الميدان، إن كل مؤسسة تجري العملية المذكورة يجب أن تكون لديها لجنة آداب خاصة، ولقد تم بالفعل ولادة أول طفلة من الرحم الظئر، وهناك شركات تجارية لما يسمى بالرحم الظئر في الولايات المتحدة تستأجر الفتيات في الغالب غير متزوجات يحملن أطفالًا من حيوانات منوية وبويضات من أناس متزوجين ويعانون من العقم، وتحولت القضية إلى مشاكل إعلامية ومادة للإثارة، وانشغل بها القضاء، وهناك قضية أخرى إذ أن إجراء محاولة إيجاد أطفال أنابيب تتم بإعطاء المرأة أدوية وعقارات مثل الكولوميده وغيرها تزيد من إفراز البويضات فيأخذ الطبيب عدة بويضات ويلقحها ويزرع عددًا منها في اليوم الثالث إلى الخامس في رحم المرأة، ولذا كثرت ولادة التوائم في أطفال الأنابيب وذلك تحسبًا للفشل، كما أن الطبيب يحتفظ بمجموعة من البويضات الملقحة مثلجة ومجمدة، فإذا فشلت المحاولة الأولى أعاد الكرة، وإذا نجحت المحاولة فماذا يتم في الأجنة المجمدة؟ سؤال أثار ضجة كبرى في الإعلام الغربي، هل يسمح بإجراء التجارب على هذه الأجنة، وذلك قد يفيد الإنسانية في معرفة بعض الأمراض الوراثية والمتعلقة بالصبغيات وغيرها، وقد نشرت الصحف أخيرًا، بعد كتابة هذا البحث، أنه قد أجرى بالفعل أبحاث على هذه الأجنة المجمدة وبديء بالبحث فيها حتى لمعرفة بعض الأسرار أو بعض الأمراض الوراثية، فهذه هي إحدى القضايا الأخلاقية والدينية الشائكة، وفي بريطانيا تكونت لجنة من البرلمان والمختصين ورجال الدين، عرفت باسم لجنة "ورانك" وأنيط بها دراسة هذه المشكلة، واقترحت هذه اللجنة بعد خلاف طويل حاد بين أعضائها، أن استخدام الأجنة يسمح به لمدة أسبوعين فقط وذلك قبل أن تتشكل أول بداية للجهاز العصبي الذي يناط به تكوين الدماغ والنخاع.
وتفرعت مشاكل عديدة كلها جديدة مثيرة تستحق الدرس والبحث، وإذا كانت هذه المشاكل لا تزال في الغرب فإنها ستفد إلينا في القريب العاجل بل إن بعضها قد وفد بالفعل، وقد أعلنت إحدى المستشفيات الخاصة في جدة قيامها بمشروع أطفال الأنابيب حسب الشريعة الإسلامية، وأن عددًا من النسوة قد حملن بهذه الطريقة ولا يزلن ينتظرن الولادة، كما تم توليد أول امرأة سعودية تحمل بواسطة الأنابيب في جدة بواسطة جامعة الملك عبد العزيز وذلك بعد أن تم التلقيح في بريطانيا، أما بالنسبة للتلقيح الاصطناعي فليس هناك مشكلة في الغرب، يتبرع المانح بمائة فيحفظ في بنك المني، ثم تأخذه امرأة ما، في الغالب غير زوجته وقد تكون غير متزوجة أصلًا، وقد نشرت النيوزويك في 18 مارس 1985، أن هناك ما لا يقل عن ربع مليون طفل، ولدوا نتيجة التلقيح الصناعي بماء غير آبائهم، ولا غضاضة عند هؤلاء القوم في كل هذا فالفوضى الجنسية ضاربة أطنابها ونادرًا ما يستطيع الشخص هناك أن يجزم بأن فلانًا أبوه، لشيوع الزنا، فأكثر من 80 % من الزوجات والأزواج قد اعترفوا بالخيانة الزوجية، والتبني نظام شائع معترف به عندهم، والأم تبيع طفلها في المحكمة، وتتنازل عنه لأسرة تدفع لها ثمنه.
فيطرأ سؤال لماذا طفل الأنبوب؟ وأولًا ما هو طفل الأنبوب؟
إن فكرة طفل الأنبوب في حد ذاتها سهلة ميسورة، وتعتمد الفكرة على أخذ البويضة من المرأة عند خروجها من المبيض وذلك بواسطة مسبار خاص يدخله الطبيب في تجويف البطن عند موعد خروج البويضة من المبيض فيلتقطها ثم يضعها في طبق وفي هذا الطبق سائل فسيولوجي مناسب لبقاء البيضة، ثم يؤخذ مني الرجل ويوضع في الطبق مع البويضة فإذا تم تلقيح البويضة بأحد الحيوانات المنوية، وذلك يمكن مشاهدته تحت الميكروسكوب، تركت هذه البويضة الملقحة لتنقسم انقساماتها المعروفة المتتالية، الخلية الأمشاج، الزيجوت أو اللقيحة المكونة من التحام نواة البويضة ونواة الحيوان المنوي، ثم تؤخذ التوتة عندما تصبح ثمان خلايا وتغرز أو توضع في الرحم، والمدة التي تبقى فيها البويضة في الطبق لا تعدو يومين أو ثلاثة.
هذه هي الفكرة ببساطة، أخذ البويضة من الأم في الوقت المناسب وتلقيحها في الطبق وإعادتها إلى الرحم بعد يومين أو ثلاثة لتنمو نموًا طبيعيًا، ورغم أن الفكرة بسيطة سهلة ميسورة ولكن التنفيذ هو العسير ويحتاج إلى دقة ومهارة، ومع هذا فإن من بين 85 % إلى 90 % من محاولات الاستيلاد بطريق طفل الأنبوب تفشل، وهذه الصعوبات تتلخص في الآتي:
- معرفة موعد خروج البويضة.
- بعد أن يتم شفط البويضات ينبغي أن توضع في محلول مناسب.
- تلقيح البويضات وملاحظة مرورها بمراحل النمو المختلفة.
- وإعادة غرز البويضات في الرحم.
ومعظم حالات غرز البويضات يرفضها الرحم ثم إذا تم غرزها في الرحم هناك من 30 إلى 35 % يتم فيها الإجهاض حتى إذا انغرزت يرفضها الرحم بعد أن تنغرز فيه وهي حالة إجهاض مبكر.
لماذا طفل الأنبوب؟
إن المشكلة عويصة حقًا، فعدد النساء العواقر في أوروبا والولايات المتحدة والبلاد المتقدمة في ازدياد مطرد، وكما تقول النيوزويك فإن كل واحدة من كل سبعة يعانون من العقم وهم في زمن الإنجاب، وفي الولايات المتحدة هناك أكثر من مليون امرأة عاقر، وأهم أسباب العقم الرئيسية انتشار الأمراض الجنسية نتيجة الولوغ في الزنا، وأهم مرض يسبب انسداد الأنابيب والتهاب حوض الرحم ناتج عن ميكروب يسمى الكلاميديا والمايكوبلازما، وفي الولايات المتحدة يقدر مركز اتلانتا للأمراض المعدية عدد المصابين في الولايات المتحدة بالكلاميديا بستة ملايين شخص سنويًا، وتذكر التايم في 10/ 8/ 1985 أن أهم سبب للعقم في الولايات المتحدة هو انتشار الزنا والأمراض الجنسية حيث تسبب الكلاميديا 50 % من حالات انسداد الأنابيب ويسبب السيلان 25 % من جميع حالات انسداد الأنابيب، نفس المشكلة منتشرة في بريطانيا وفي الدول الغربية، ومعظم الدول التقنية، وعدد حالات السيلان في العالم تقدر حسب تقدير منظمة الصحة العالمية عام 1977، 250 مليون حالة سنويًا، وعدد حالات الكلاميديا 500 مليون حالة، لهذا نتوقع ازدياد حالات العقم في العالم كله.
السبب الثاني هو اللولب لمنع الحمل، ويعتبر إدخال اللولب السبب الثاني لالتهاب الأنابيب، والتهاب الحوض المؤدي إلى انسداد الأنابيب، وبالتالي العقم.
السبب الثالث الإجهاض، والإجهاض الجنائي وليس الطبي منتشر في العالم –طبعًا لم يصبح جنائيًا لأن معظم دول العالم اباحته- ذكرت مجلة التايم في 6 أغسطس سنة 1984 أن عدد حالات الإجهاض الجنائي في العالم تزيد عن 50 مليونًا، اكثر من نصفها في البلاد النامية.
هناك أيضًا أمراض أخرى، مثل تأخر سن الزواج إلى الثلاثين أو إلى ما بعد الثلاثين يعني كلما تأخر سن الزواج كلما زاد احتمال الإصابة بالعقم خاصة بالنسبة للمرأة، هناك أيضًا أمراض أخرى تعتبر نادرة في الغرب ولكنها غير نادرة في البلاد النامية، مثل الدرن الذي يصيب الجهاز التناسلي، والجماع أثناء الحيض أيضًا من الأسباب التي تسبب إقفال الأنابيب أو انسداد الأنابيب، والتعقيم بقطع الأنابيب وربطها ثم بعد ذلك يلجآن إلى الأطباء لمحاولة إعادة فتح هذه الأنابيب، وتذكر بعض المصادر أن عمل المرأة وممارسة الأعمال العنيفة والرياضة والرقص العنيف من أسباب العقم أيضًا.
باختصار إن أهم أسباب ثلاثة تؤدي إلى قفل الأنابيب هي: انتشار الزنا – استعمال اللولب – الإجهاض – هذه الأسباب الثلاثة الرئيسية والعلاج في نظري ينبغي أن يتجه أساسًا إلى معالجة الأسباب التي تزداد انتشارًا لأن معالجة هذه المشكلة لا تتم، رغم أن طفل الأنبوب من الناحية الفنية التقنية إجراء فني بارع جدًا ولكنه لا يحل هذه المشكلة لأنه باهظ التكاليف وأن نسبة نجاحه محدودة إلى الآن وحتى ولو ازدادت نسبة النجاح لا يمكن معالجة ملايين النساء العواقر بهذه الطريقة، وهذه الطريقة هي إحدى الطرق الفنية العويصة والتي من المعتقد أنها ستتقدم من الناحية الفنية يومًا بعد يوم لكنها لن تحل هذه المشكلة، والعلاج الأساسي هو منع انتشار الزنا واستعمال اللولب والإجهاض، المسببة لمئات الملايين من حالات العقم في العالم، مئات الملايين من النساء تعانين من انسداد الأنابيب بسبب هذه الأسباب الأساسية نستطيع حينئذ أن يبقى العدد محدودًا وهناك وسائل عديدة طبعًا من بينها استخدام طفل الأنابيب لأنه أحد الوسائل المتعددة، ومن بينها وسيلة التلقيح الاصطناعي الداخلي، ولا أريد أن أطيل عليكم لأنه هناك وقتًا أظنه ضيق فقد أعطيت عشر دقائق أو خمس عشرة دقيقة فقط.
هناك تفاصيل عن طفل الأنبوب وهناك مشاكل متعددة تنتج عن طفل الأنبوب أو التلقيح الاصطناعي الداخلي أو الخارجي، التلقيح الاصطناعي الداخلي: يؤخذ مني الرجل ويحقن في مهبل المرأة أو في رحم المرأة مباشرة وهذا يستخدم عندما يكون هناك عيب في مني الزوج، الحيوانات المنوية قليلة، أو أن المهبل يقتل هذه الحيوانات المنوية وهناك تضاد بينهما، ففي هذه الحالة يستخدم التلقيح الاصطناعي الداخلي لكن نتج عنه كما أخبرتكم تلقيحًا صناعيًا.
هناك بنوك للمني منشرة في الغرب وشركات تجارية وهناك 250 ألف امرأة قد تم حملهن وولادتهن دون أن يعرف اسم الوالد الحقيقي، يعني تستخدم نفس الطريقة التي استخدمت في الثيران، كانوا تجار المواشي يقتلون الثيران ويذبحونها لأن لحم الثور غير صالح للأكل ويبقون ثورًا واحدًا فقط لتلقيح ألف بقرة، ما يستطيع الثور أن يلقح ألف بقرة فكانوا يأخذون هذا المني "فكرة التلقيح الصناعي " ويجمع ويحفظ ثم يلقح به ألف بقرة وألفين بقرة وخمسة آلاف بقرة، الآن نفس الوضع يعود إلى الغرب ثم هناك أيضًا نوع ما يسمى –بدأت هذه الفكرة في أمريكا - وهناك بنك لاختيار بنك مني العباقرة، وبالفعل كان هذا الرجل يشتري المني من العباقرة –رجل ناجح في عمل فني معين، كيمائي، طبيب مشهور حائز على جائزة نوبل، أو رياضي، أو موسيقي- فتذهب المرأة وتقول أنا أريد من مني الرجل الموسيقي المعروف أو الكيميائي أو الرجل الطبيب وقد تم استيلاد مجموعة من النساء بهذه الطريقة وهو نكاح الاستبضاع الذي كان معروفًا في الجاهلية والذي وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها والذي أخرجه البخاري في كتاب النكاح، وأنتم جميعًا تعلمونه وأنتم الفقهاء فلا حاجة لي أن أعيد لكم نص الحديث الطويل المشهور في باب النكاح في كتاب البخاري، يعتزل الرجل زوجته فتذهب إلى رجل معين مشهور بالقوة أو بالكرم أو بغيرها من الصفات التي يريدها، فتبقى معه حتى تحمل فإذا تبين حملها أتاها زوجها إن شاء وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، هذا الآن حاصل في الولايات المتحدة وفي غيرها من الدول لكن دون تحديد للأب بصفة خاصة، وطبعًا حصلت مشاكل تأخذ منيًا ويطلع فيه مرض " الإيدز " وهذا قد حصل في استراليا بالفعل، حالتين اخذ المني من البنك الصناعي وتبين فيما بعد أن هذا المني من شخص كان لديه مرض " الإيدز " وهناك أيضًا مشاكل أخرى تأخذ منيًا يطلع مثلًا هي تريد شخص معين يطلع شخصًا معتوهًا أو شخصًا متخلفًا عقليًا، مسألة تجارية لها مردودات خبيثة جدًا، كذلك فيه احتمال، قذفة الرجل فيها خمسمائة مليون حيوان منوي أمامها حواجز كثيرة فلا يصل إلى البويضة إلا حوالي 500 في النكاح الطبيعي ويختار الله سبحانه وتعالى ويصطفي أحد الحيوانات المنوية ثم يصطفي ويختار من الأشهر ومن الأيام ومن الناس، كذلك يصطفي من الحيوانات المنوية حيوانًا منويًا واحدًا، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:((ما من كل الماء يكون الولد)) في الحديث الذي أخرجه مسلم وإنما من جزء يسير من الماء، هذا معنى الحديث، وكذلك الله سبحانه وتعالى يقول {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} فهو جزء يسير من المني ويقول تعالى {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} والسلالة كما تعلمون جميعًا هو ما يستل أي الخلاصة، يعني خلاصة هذا الماء المهين، كما نعلم جميعًا أن الحيوانات المنوية فيها حيوانات منوية مشوهة وتحمل كروموزمات فيها خلل، فإذا استمر هذا التلقيح الصناعي لأسباب كما هو موجود في الغرب الآن بهذه الفوضى، فإن ذلك قد يؤدي إلى انتشار ولادة الأولاد المشوهين، لأن هذا يزيد من احتمال أن يلقح حيوان منوي به عيوب في الصبغيات بويضة فيؤدي إلى ولادة أولاد مشوهين وإلى زيادة تشوه الأجنة، هذا احتمال موجود وذكره الأطباء وكذلك حتى في طفل الأنبوب هذا الاحتمال وارد وهو تحت الدرس الآن ويعتقد أن سبب زيادة الإجهاض في ولادة أطفال الأنابيب قد يرجع إلى كون هذه الأجنة فيها زيادة احتمال تشوه ناتج عن تشوه موجود في الصبغيات، هذه خلاصة هذا الموضوع المعقد الطويل وأترك لكم المجال لمناقشته، وهنا بجانبنا والحمد لله الأستاذ الدكتور عبد الله باسلامة وهو أحد الرواد في هذا الباب وأستاذ أمراض النساء والولادة ويعتبر من الشخصيات الفذة في هذا الميدان، وله مشاركات عديدة وهو أول من ولد طفلة أنابيب في المملكة العربية السعودية بل في العالم الإسلامي.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس:
أرجو من الدكتور باسلامة الإيضاح عما يلي:
أولًا: الصور في قسميها من التلقيح الداخلي أو الخارجي والتي سبق طرحها على بعض المجامع العلمية وذكرت في البحوث الموجودة بين أيديكم.
ثانيًا: أن يعطينا تصورًا مختصرًا لهذه الصور السبع ثم بعد هذا يرد سؤال مهم، هل الاكتشافات أو الاجتهادات الطبية تجاوزت هذه الصور السبع إلى ما عداها من الصور؟ وهل يمكن تصويرها؟ وهل جاء لها واقع ملموس أم لا؟
السؤال الثالث: أرجو من سعادة الأستاذ أن يعطينا الفرق بين الأسلوب الأول من القسم الأول وبين الأسلوب الثالث من القسم الخارجي.
الدكتور عبد الله باسلامه:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب الفضيلة.. بصفتي طبيب من واجبي أن أضع القضية كقضية إنسانية تواجه الطبيب وتواجه رب الأسرة وتواجه المرأة وتواجه المجتمع، قضية العقم قضية إنسانية ولا أشك أنها الشغل الشاغل للأسرة وفي بعض الأسر على استعداد لأن تبحث العلاج لهذه القضية حتى ولو في الصين.. والآن العالم الغربي له معطيات كثيرة في مجالات شتى بما فيها الطب، والإنجازات الحديثة في الطب أصبحت متطورة بشكل كبير، والإنسان المسلم والأسرة المسلمة ليس في أمان من هذه المعطيات، والانتقال بين الدول وبين المجتمعات أصبح بسهولة، فالأسرة المسلمة أمامها حلول لمشاكلها في عالم غربي ملحد بعيد عن ديانتها، الدوافع الداخلية قوية، فكثير من الأسر أصبحت الآن تشتري تذكرة سفر وتذهب إلى أي مركز من المراكز العالمية لتبحث عن علاج، فواجبنا أن نضع ما يريح ضمير هذه الأسر، عندما تريد أن تبحث عن علاج أو نبين لها الطريق إذا كان في الوسائل التي تستعملها، هل جائز أو غير جائز أو محرم؟ وإجابة على سؤال فضيلتكم، الموضوع يجب أن ينقسم إلى ثلاثة مجاميع رئيسية:
- المجموعة الأولى وهي المسماة بطفل الأنابيب.
- المجموعة الثانية وهي التلقيح الصناعي وفرق بين الاثنين.
- المجموعة الثالثة وهي الرحم الظئر.
طفل الأنابيب:
هو الأكثر شيوعًا أو الأكثر طرحًا على وسائل الإعلام وبين الأسر والناس في هذه الأيام، التلقيح الصناعي أقدم من طفل الأنابيب، والرحم الظئر نتج نتيجة التطور في الحالتين، العقم له أسباب كثيرة لكن هذه الذي نحن بصددها اليوم هي علاج لنوع واحد من العقم أو لسبب من أسباب العقم، وأنا أقصد عندما نناقش طفل الأنابيب فإننا نناقش علاجًا لنوع واحد من أسباب العقم، وهو العقم الناتج عن تلف في البوقين اللذين من خلالهما تمر الحيوانات المنوية فتصل إلى البويضة، في التلقيح الطبيعي يضع الرجل النطفة في مهبل المرأة فتسري الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم وتنتقل من داخل الرحم خلال البوقين إلى أن تلتقي بالبويضة في الجزء الآخر من البوق، عندما يحدث انسداد أو تلف في هذا الجزء الموصل للبوقين يتعذر الحمل، هناك طريقتان لهذا العلاج، لعلاج العقم الناتج عن تلف البوقين أحدهما وهو الآن أكثر شيوعًا، التدخل الجراحي، معظم المستشفيات في داخل المملكة وفي خارجها أو في العالم الآن أول ما تبحث عنه، تبحث عن وسيلة علاجية جراحية لتسليك هذا البوق لفتحه لإعادة التوصيل، لكن هناك حالات يصعب وتفشل الجراحة فيها ويصبح لا مفر من أن تصبح هذه الأسرة عقيمة أو أن تجد لها مخرجًا في طفل الأنابيب، وقد شرح أخي وزميلي الدكتور محمد علي البار طريقة العلاج بطفل الأنابيب، وهو كما قال أن يتخطوا البوق المسدود بأن تؤخذ من مبيض المرأة وهو في الجزء الآخر من الأنبوبة البويضة، ويؤخذ الحيوان المنوي من الرجل ثم بعد أن يتم اللقاء بينهما يدخلان في الرحم، إذن طفل الأنابيب لن يعالج العقم بأسبابه المختلفة وإنما جزء عندما يتعذر العلاج الجراحي، وهنا أحب أن أنوه ليسمح لي الدكتور البار أنه ليست أسباب قفل البوقين كلها ناتجة عن الزنا أو الإجهاض أو اللولب، ففيه أسباب كثيرة ومتعددة وهو ذكرها ولكن بسرعة لكن أنا أرمي من هذا لأن فيه أسر عربية ومسلمة أيضًا تعاني من هذه المشكلة لم يكن لهذه العناصر الثلاثة سبب أو دخل في الانسداد.
نأتي لقضية طفل الأنابيب، أنا أعتقد أن طفل الأنابيب إذا أخذت البويضة من الزوجة وأخذ الحيوان المنوي من الزوج فهي وسيلة من وسائل علاج العقم بحيث تغلب بواسطة الطب الحديث على انسداد البوقين، على أن يتم ذلك في قيام الزوجية، لكن المشكلة تتفرع من الآتي.
عندما تسافر الأسرة المسلمة إلى المراكز التي هي الآن لها خبرات طويلة في هذا المجال فإن العملية قد تتطلب بقاء الأسرة أشهرًا، لأنه كما قال الدكتور البار النجاح محدود، لا يزال في حدود 10 إلى 20 % ففي بعض المراكز كما علمت بحكم تخصصي قد يعرض على الزوجين أنه هنا بويضة جاهزة أو هنا حيوان منوي جاهز فهل هناك استعداد بأن نضع هذا الجاهز وترجعوا إلى وطنكم، طبعًا في الغرب قد يكون هذا السؤال يقابل بترحاب لكن الأسرة المسلمة قد لا تعرف الأحكام الشرعية عندما تقبل هذا العرض، إذا كان الطبيب الذي يقوم بإجراء هذه العملية طبيبًا مسلمًا وملتزمًا فهو طبيعيًا لن يعرض مثل هذا السؤال على الأسرة عندما تذهب لعلاج هذه الحالة بطفل الأنابيب، هذا واحد من المحذورات التي قد تنشأ من تعميم إجازة طفل الأنابيب من غير أن نبين للناس بوضوح ما قد يطرأ عليه من محاذير، الجزء الآخر في هذه العملية وهو كما ذكر الدكتور البار عادة تسحب أكثر من بويضة، لأن في عملية طفل الأنابيب تحضر تبويض صناعي فيمكن أن يتم إخصاب أكثر من بويضة ووجود أكثر من جنين، وفي العادة يوضع ثلاثة من الأجنة ويترك اثنان أو ثلاثة آخرين في الثلاجة قد تستعمل بعد شهر أو شهرين لنفس الزوجة، إذا فسدت الثلاثة التي وضعت في المرة السابقة، الآن القائم في الغرب أن الأجنة الفائضة والموجودة الآن في الثلاجات، أرادوا أن يستخدموها للأبحاث العلمية، وأنا أذكر في مؤتمر دولي من شهرين، مؤتمر أمراض النساء والتوليد كان يتحدث أول رائد في هذا المجال البروفسور ادوارد ويطالب من العالم كله أن يدله متى تبدأ الحياة في الأجنة حتى يتسنى له قبل بدء الحياة أن يجري تجاربه على البويضات الملقحة والموجودة في الثلاجات، هو لم يستطع في مختبره ولا بأجهزته أن يعرف متى تبدأ الحياة، قيل له إنه بعد 18 يومًا، إنه عندما يبتدئ الحبل الشوكي، وقيل له أكثر من ذلك لكن الرجل ذو ضمير حي، وأراد أن يعمل ما يريحه، وقد كنا في مؤتمر سابق وحاولت القيام ببعض المجهودات، أن أجد بعض التفسيرات عن بدء الحياة، لكن هذا مجال آخر ويجب أن نضعه في الحسبان وهو الفائض من الأجنة، والأجنة المسلمة وهي نواة إنسان مسلم.
الموضوع الآخر وهو موضوع التلقيح الصناعي، إذن فهذا طفل الأنابيب وهذه هي الحالة الأولى ونعتقد أنها الحالة التي يجب أن نركز عليها فقط عندما نناقش طفل الأنابيب، بين زوج وزوجة وفي أثناء قيام الزوجية، أما التلقيح الصناعي، الغرض فيه كان لمعاجلة نوع آخر من أنواع العقم وهو العقم الذي لا يوجد له سبب، الأنابيب لا تزال مفتوحة والرحم جيد والنسبة المئوية للحيوانات المنوية جيدة، ولكن لسبب ما يتعذر حدوث الحمل، يقول بعض الأطباء إن السبب يكون راجعًا لوجود مضادات ضد الحيوانات المنوية في عنق الرحم، فهنا طريقة أخرى للتغلب على هذه المضادات بأن تؤخذ الحيوانات المنوية من الزوج وتحقن رأسًا داخل تجويف الرحم، وهذا نوع من التلقيح الصناعي، إذن فهو مجرد وضع حيوانات منوية الزوج بدل أن يضعها في المهبل توضع رأسًا في تجويف الرحم، هذا التلقيح الصناعي الداخلي، في الغرب توسع في هذا المجال ووجد أن المادة التي توضع يمكن أن تؤخذ من الزوج ومن غير الزوج أو من بنك أو كما تفضل الدكتور البار أصبح هناك حتى اختيار لنوع النطفة التي تؤخذ وهذه المحاذير بدون تضييع أي وقت أو جدل فيهما، لن نرتضيها ولا نقبلها، لكن هي القضية الثانية التي نحن بصددها، هي إذا أخذ من الزوج للتغلب على وضع معين في عنق الرحم ووضع داخل تجويف امرأة، أنا أعتقد هذه هي القضيتان.
أما الرحم الظئر فهي بين وجود طرف ثالث عندما تتعدى القضية عن الزوج والزوجة إلى طرف ثالث كأخذ حيوان منوي من طرف ثالث أو أخذ بويضة من امرأة أخرى حتى ولو كانت زوجة أخرى أو استعارة رحم آخر لوضع البويضة الملقحة فيه وهو الرحم الظئر، عند وجود طرف ثالث أعتقد أن هذه القضية خرجت من يد الأسرة المسلمة، وعليها أن ترضى بما كتبه الله عليها إذا كان أمر يتطلب هذا، أرجو أن أكون واضحًا فيما سردت.
الرئيس:
سعادة الدكتور، الذي يتلخص من كلامكم أن المجموعات ثلاث، المجموعة الأولى طفل الأنابيب وله صورة واحدة، المجموعة الثانية التلقيح الصناعي وله صورتان أي بين الزوجين فقط لا يتجاوز الزوجين، المجموعة الثالثة الرحم الظئر وهي التي يخل فيها طرف آخر غير الزوجين.
الدكتور عبد الله باسلامه:
المجموعة الأولى في رأيي وهو طفل الأنابيب الذي بين الزوج والزوجة في قيام الزوجية.
الرئيس:
هي صورة واحدة فقط في طفل الأنابيب.
الدكتور عبد الله باسلامه:
والصورة الممكنة في رأيي في التلقيح الصناعي هي صورة واحدة فقط وهو من مني الزوج يدخل في رحم الزوجة فقط ولا يستعان بأي مني من أي بنك أو أي وسيلة أخرى.
الصورة الثالثة، عندما يدخل طرف ثالث كبويضة أو كرحم ظئر أو كنقل مبيض كل ما بعد ذلك أعتقد أنه لا يمكن أن نسميها صورة ثالثة وأنا لا أعتقد أنها واردة.
الرئيس:
المهم التلقيح الصناعي له صورة واحدة أو صورتان؟
الدكتور عبد الله باسلامه:
صورة واحدة.
الرئيس:
صورة واحدة فقط، وهو من زوج إلى زوجة، طيب ما وجه تسمية الرحم الظئر للمجموعة الثالثة؟
الدكتور عبد الله باسلامه:
هو في الغرب عندما يكون العقم لسبب غير الذي ذكرناه لا هو انسداد في الأبواق أو تلف في عنق الرحم وإنما يكون رحم المرأة في ذاته غير قابل لأن يتحمل وضع الجنين فيه أو حمل الجنين فيه، فهنا تؤخذ البويضة من الزوجة والحيوان المنوي من الزوج وتلقح في انبوبة وتستأجر امرأة أخرى بمبلغ معين من المال يوضع في داخلها الجنين الناتج، وعلى المرأة الثالثة هذه أن تتقبل الحمل والتغيرات الطارئة عن الحمل وبعد الولادة عليها أن ترسل الطفل إلى الأب والأم، وهو يعني عبارة عن استئجار رحم لفترة معينة.
الرئيس:
يا سعادة الدكتور، هل يمكن أن نعرف وجوه الفرق بين الأسلوب الأول الذي هو طفل الأنابيب وبين التلقيح الصناعي الذي هو أن تؤخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموقع المناسب داخل مهبل زوجته، هذه هي التلقيح الصناعي.
طفل الأنابيب:
أن تؤخذ نطفة من زوج وبويضة من مبيض الزوجة فتوضعا في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة حتى تلقح نطفة الزوج بويضة الزوجة في وعاء الاختبار ثم بعد أن تأخذ اللقيحة في الانقسام والتكاثر تنقل في الوقت المناسب من أنبوب الاختبار إلى رحم الزوجة نفسها، كأن الفرق بين الأسلوبين أن التلقيح الصناعي ليس فيه مرحلة في الوسط، وإنما هو ينقل من الزوج إلى مهبل الزوجة رأسًا، أما طفل الأنبوب ففيه مرحلة تبقى بين أخذ الطفة من الزوج ومن مبيض الزوجة ثم تكون في وعاء أو في أنبوب ثم بعد ذلك بعد مضي مدة معينة تحقن في مهبل الزوجة؟
هل يمكن معرفة ما يحيط بالأسلوب الأول من مخاطر؟ أما الأسلوب الثاني قد أوضحتم ما يحيطه من مخاطر لاسيما إذا كان على صعيد دولة لا تدين بدين الإسلام يعني إذا كان على يد طبيب غير مسلم أو كان على يد طبيب مسلم غير ملتزم، لكن بالنسبة للأسلوب الأول الذي هو التلقيح الصناعي؟
الدكتور عبد الله باسلامه:
التلقيح الصناعي في الأسلوب الذي ارتضيته من الزوج فقط، هذا مخاطرة أنه لو أعطى السائل المنوي في المختبر لعامل المختبر أو في بلاد أخرى وقد يختلط بعينة شخص آخر وهذا نادر جدًا أو قد يكون الطبيب في بلاد غير مسلمة يرى أن هذا الزوج عنده مني لكن ليس فيه حيوانات منوية.
الرئيس:
يعني قد يعتريه ما يعتري طفل الأنابيب.
الدكتور عبد الله باسلامه:
أقل شيء.
الرئيس:
يعني قد يعتريه ولكن بدرجة أقل، إذن يبقى سؤال وإن كان سؤال جانبي هل ممكن معرفة مدى التكاليف المالية؟ وهل فيها مطمع للذين يتولون العملية سواء على الصعيد الغربي أو الشرقي عند الأطباء المسلمين وعند غيرهم؟ ممكن معرفة التقدير الإجمالي أو التقريبي لطفل الأنبوب أو للتلقيح الصناعي الذي بين الزوجين؟
الدكتور عبد الله باسلامه:
التلقيح الصناعي قد لا يكلف شيئًا، خاصة إذا أجري في مستشفيات تابعة للدولة أو التأمين الصحي، وقد يكلف جزءًا بسيطًا لا يتعدى مائتي ريال ثلاثمائة خمسمائة ريال.
طفل الأنابيب، الطفل الذي أشرفت على ولادته هنا كلف الأسرة مائة ألف ريال في بريطانيا إجراء العملية الآن كما سمعت في بعض المستشفيات هنا التجربة الواحدة تكلف عشرة آلاف ريال وقد تحتاج في المتوسط من 5 إلى 6 تجارب، لكن أنا ما أنظر فقط إلى الناحية المالية، لأن الأسر عندما تريد أن تعالج قضيتها تستدين وتعرض نفسها لأشياء كثيرة في سبيل أن تحصل على الحمل، الوجهة الشرعية أهم في رأيي من التكلفة.
الرئيس:
شكرًا، أرجو من فضيلة الشيخ عبد الله البسام اختصار البحث الذي تفضل بإعداده.
الشيخ عبد الله البسام:
لم تتضح لي المخاطر التي قال عنها سعادة الدكتور من ناحية التلقيح الصناعي المباشر، المخاطر والمخاوف لم تتضح لي، لأنه ذكر المختبرات، والمختبرات يمكن أن يؤخذ مني الرجل إذا أراد فحصه ويجعله في المختبر ولكن حين التلقيح يستبدل بمني آخر حال إجراء العملية، فأحب أن أعرف إن كان فيه شيء من المخاطر لأننا تعرضنا لهذا الموضوع وأبحنا بعض الصور، فإذا كان هناك محاذير فالرجوع إلى الحق فضيلة.
الرئيس:
جزاكم الله كل خير، لعل الدكتور باسلامه يتفضل.
الدكتور عبد الله باسلامه:
بسم الله الرحمن الرحيم، المخاطر نظريًا واردة وهي التي ذكرها فضيلة الشيخ البسام، الذي يجري الآن في مستشفيات الدول المسلمة وبالذات المستشفيات التي نعمل بها تصر على أن نعطي الزوج غرفة مجاورة لغرفة الفحص التي يجرى فيها الحصول على المني من أجل قطع كل هذه المحاذير، أعتقد أن هذه ممكن تداولها، يعني هذه ممكن في بعض البلدان المسلمة أو المستشفيات الملتزمة ممكن، فالخوف هنا وارد إذا تركت وعممت في مجالات، أصبحت في يد عيادات ومختبرات عادية ممكن، لكن في مستشفيات ملتزمة وعند أطباء متخصصين، أعتقد هذا المحذور قد لا يكون ذا أهمية كبيرة.
الرئيس:
المهم أنه الذي يحصل في المحاذير التي تحيط بالأسلوب الأول منها ما هو مدون وموجود في بحث فضيلة الشيخ عبد الله البسام وهو قضية انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل لها، والخلوة بها، كما أن هذه المحاذير موجودة في بحث فضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء، إضافة إلى ما تفضلتم به من أن المحظور الذي قد يرد في الأسلوب الثالث وهو طفل الأنابيب قد يكون موجودًا في الأسلوب نفسه الذي هو التلقيح الصناعي لكن كما تفضلتم أخف وقد يكون على سبيل الندرة، لكن الذي يظهر والله أعلم أنه افتراض على سبيل الندرة وهو مجرد افتراض وقد يكون إذا كان الطبيب غير مسلم ملتزم أو كان الجهاز بأجمعه من الطبيب إلى من في المختبر إلى أصحاب العملية غير مسلمين ملتزمين، نفس المخاطر تنتقل، ما الذي يمنع أن تكون المخاطر التي هنالك في طفل الأنبوب أن تنتقل هنا رأسًا في نفس التلقيح الصناعي، وأرجو أن يكون الأمر قد اتضح لفضيلة الشيخ عبد الله البسام، وإذا كان كذلك فتتفضلون بإعطاء ملخص.
الشيخ عبد الله البسام:
الملخص الذي أريده كله يدور حول أن الأنواع التي يمكن ممارستها، هي ستة أساليب درست هذه الستة أساليب وظهر أن أربعة منها حرام وأنها لا تجوز لما فيها من مشابهة الزنا واختلاط الأنساب من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها زرع ناعم في غير حرثه، والذي أجيز في ذلك هو الأسلوبان اللذان تعرضنا لهما وهما طفل الأنبوب هذا بمحاذيره ومخاوفه والتلقيح الصناعي، أما تلقيح الأنبوب هذا وشرحه سعادة الدكتور وكما هو موجود في البحوث أن فيه مخاطر كبيرة وكثيرة، أيضًا وأنه يخشى له العواقب، وأما التلقيح الصناعي هذا فهو أخف من الأول بكثير، وهناك حالات كثيرة يستدعي الأمر لها، وهي الحالات التي بها العقم كانسداد في المجاري وكضرر في المجاري يقتل الحيوانات أو نحو ذلك أو أن يكون الرجل هو نفسه غير مستطيع للعملية فيه الماء الملقح ولكن هو ليس عنده استعداد لذلك، العنة أو نحو ذلك هذه أشياء وأمور تستدعي الحقيقة الإقدام على هذا النوع وهو التلقيح الصناعي فقط إذا كان هذا لا يوجد مخاوف ولا مخاطر لأنه "درء مفاسد مقدم على جلب مصالح" والله سبحانه وتعالى قسم الناس ووصفهم إلى أربعة أقسام: منهم من يرزق الذكور ومنهم من يرزق الإناث، ومنهم من يزرق النوعين، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} هذا الحال من حالات الحياة يعني يرضخ لها الإنسان ويسلم هذا مع وجود المخاوف والمخاطر التي تحف بالموضوع، أما في حالة عدم وجود مخاوف ولا مخاطر ولا يخشى لها من عواقب ففيها إسعاف وتلبية لرغبة الأمومة والأبوة ما في ذلك شك.
هذا ما أردت عرضه حول الموضوع، وهو موضوع معروف ومبحوث والحمد لله، فنحن نحب أن نعرف رأي إخواننا الأطباء والخبراء في هذا النوع لأنهم أدرى منا بالمخاوف التي تحيط بالموضوع، وأعرف منا بهذا الشيء وهم الذين نحب أن يتناولوا هذا ونحب مثلًا إن كان عندهم بحوث لنستفيد منها لأننا علينا على رجال الشرع أنهم يحكمون ولكن الحكم فرع عن التصور لا نستطيع أننا نحكم ببحث شيء حتى نعلم عنه ونكون على ضوء ما يظهر من بحوثهم ومما كتبوه ومن بيانهم نستطيع أن نقول هذا حرام وهذا حلال، وأسأل الله التوفيق، وشكرًا.
الرئيس:
أرجو من الدكتور البار أن يتفضل بما لديه أولًا ثم أن يجسد لنا قضية المخاطر التي تحف بالتلقيح الصناعي وهل هي توازن المخاطر التي تحف بطفل الأنابيب أم لا؟
الدكتور محمد علي البار:
بسم الله الرحمن الرحيم، عرض على فضيلتكم أستاذنا الدكتور عبد الله باسلامه الصور التي يمكن أن تكون مباحة في الإسلام أما الصور الأخرى التي لا شك في حرمتها فأعرض عنها، فأنا أحب أن أوضح لكم الصور جميعها لا لتحكموا بحلها أو بحرمتها ولكن لتكونوا على بينة من أنواع الصور المختلفة التي تحدث في هذا الموضوع لأنها واضحة الحرمة في الحقيقة، هي طريقتان، الاستيلاد غير الطبيعي، هو التلقيح الصناعي داخل الرحم والطريقة الأولى فيه كما ذكر الدكتور عبد الله بسلامه، أن يؤخذ مني الزوج ويحقن في رحم زوجته حال قيام عقد الزوجية.
الصورة الثانية منها وهذا حدث بالفعل وقد ثارت قضية في فرنسا ويحدث كثيرًا الآن، أن الزوجة بعد أن توفي زوجها ذهبت إلى المحكمة وطلبت أن تلقح بمني زوجها الموجود في البنك، فسمح لها بذلك وولدت طفلًا في العام الماضي، وهناك عديد من الحالات تعد بالآلاف الآن اللائي لقحن بمني الزوج بعد وفاته أو بأزواج غير معروفين، هذه صورة لاشك أن الفقهاء الأجلاء سيرفضونها لأنها بعد انحلال عقد الزوجية، بعد انتهاء عقد الزوجية سواء بالموت أو بالطلاق أو بغيرها.
الصورة الثانية أيضًا في هذا الباب: يحقن ماء رجل غريب في الزوجة فتحمل الزوجة، وهذا لاشك في حرمته.
الصورة الثالثة: يحقن ماء الزوج في امرأة أخرى غير زوجته فتحمل وتلد، وبعد الولادة تتنازل عن الطفل لمن يدفع الثمن.
الصورة الرابعة: يتم تلقيح امرأة ما ليست زوجته بمني رجل غريب عنها وفي اليوم الخامس يجري غسيل للرحم يسمى (Lavage) وإذا تم العثور على البويضة الملقحة يغرز في رحم الزوجة العاقر، ويستخدم هذا الإجراء عندما يكون الرجل وزوجته عقيمين ولكن رحم زوجته سليم ويمكن أن يتقبل اللقيحة.
الصورة الخامسة: يتم تلقيح امرأة ما بمني الرجل الذي يريد الإنجاب وفي اليوم الخامس يجري غسيل للرحم فإذا تم العثور على اللقيحة أخذت وغرزت في رحم الزوجة العاقر، وهذه تشبه الطريقة السابقة إلا أن المني هنا أيضًا للزوج العاقر.
الرئيس:
لو تكرمت يا شيخ الصورة هذه.
الدكتور محمد علي البار:
الصورة الرابعة: تلقيح امرأة بمني رجل غريب عنها كلاهما غريب عن الآخر التلقيح صناعي، يعني داخل الرحم، يحقن كل هذا داخل الرحم داخلي يسمى (التلقيح الداخلي) وفي اليوم الخامس يجرى غسيل للرحم على اعتبار إن البويضة الملقحة قد وصلت إلى الرحم في اليوم الخامس والسادس فيجرى هذا الغسيل، فإذا استطاعوا أن يجدوا البويضة الملقحة أعادوها إلى رحم الزوجة العاقر وطبعًا زوجها أيضًا عاقر كلاهما عقيم.
أما الصورة التي بعدها: فتلقح هذه المرأة الغريبة المتبرعة بمني الزوج لأن الزوج غير عقيم لكن زوجته عاقر وفي اليوم الخامس تؤخذ البويضة الملقحة بواسطة غسيل في الرحم تؤخذ هذه الصورة إلى طبق وتعاد إلى الزوجة العاقر، هذه كلها تسمى تلقيحًا صناعيًا داخليًا.
التلقيح الصناعي الخارجي: خارج الرحم وله صور عديدة أيضًا الأولى التي ذكرها الدكتور عبد الله باسلامه وهي التي قبلت من الفقهاء الأجلاء، أن تؤخذ بويضة الزوجة ويؤخذ مني الزوج في حال قيام الزوجية أيضًا، يشترط ذلك، ثم تلقح في أنبوب أو في طبق في الواقع، ثم تعاد في اليوم الثالث إلى رحم الزوجة، بهذه الشروط هناك طبعًا محاذير كثيرة في صور مختلفة.
الصورة الثانية:
تؤخذ بويضة المرأة وتلقح بمني مانح غير زوجها في طبق ثم تعاد إلى رحمها لتنمو فيه، وتستخدم هذه الطريقة عندما تكون الزوجة عقيمًا بسبب انسداد قناتي الرحم بينما مبيضها سليم، ولكن زوجها عقيم أيضًا وليس لديه حيوانات منوية.
الصورة الثالثة:
تؤخذ بويضة امرأة ممن يسمونها مانحة (donner) وتلقح بماء رجل متزوج بامرأة مصابة بالعقم بسبب مرض في مبايضها وتلقح البويضة في طبق ثم تؤخذ اللقيحة وتوضع في رحم المرأة العقيم المتزوجة.
الصورة الرابعة:
عندما يكون كلا الزوجين عقيمًا، ولكن رحم الزوجة سليم بينما مبايضها مريضة ولا تفرز بويضات، وفي هذه الحالة تؤخذ بويضة امرأة ما يسمونها "مانحة" وتوضع في طبق وتلقح بماء رجل ما يسمونه "مانح" ثم توضع هذه اللقيحة في رحم الزوجة العقيم ذات الرحم السليم.
الصورة الخامسة:
يكون الرجل "الزوج" سليمًا بينما تعاني زوجته من العقم بسبب مرض شديد في مبايضها ورحمها بحيث إنها لا يمكن أن تفرز بويضات ولا يمكن لرحمها أن يستقبل اللقيحة، فيؤخذ مني "الزوج" ليلقح بويضة من امرأة ما غير زوجته وبعد تلقيح البويضة تعاد اللقيحة إلى رحم المتبرعة أو متبرعة أخرى بالبويضة فتحمله فتكون بذلك أمه الطبيعية من جهتين، فهي صاحبة البويضة وهي التي حملت وولدت ومع هذا تقوم بتسليم وليدها إلى المرأة العاقر ليدعى ابنها حسب القوانين الغربية الغريبة، وذلك مقابل أجر تدفعه المرأة الثرية، وفي بعض الأحيان تؤخذ اللقيحة وتوضع في رحم امرأة مستأجرة فيكون للطفل بذلك ثلاث أمهات الأم صاحبة البويضة، والأم صاحبة الرحم، والأم التي دفعت الثمن.
الصورة السادسة:
مثل الحالة السابقة إلا أن الزوج أيضًا عقيم فتؤخذ بويضة امرأة مانحة وتوضع في طبق وتلقح بماء رجل آخر ثم توضع البويضة الملقحة في رحم امرأة أخرى وعند الولادة يسلم الطفل للزوجين العقيمين اللذين دفعا ثمن هذه العملية، وفي هذه الحالة يكون للطفل ثلاث أمهات وأبوين كالآتي: الأم صاحبة البويضة –الأم صاحبة الرحم المستأجر- الأم العاقر التي دفعت الثمن واستلمت الطفل الأب المانح صاحب المني الأب الذي دفع الثمن واستلم الطفل، وهذه الطريقة أشد إيغالًا في الحرمة وهي متبعة في الغرب.
الصورة السابعة:
الزوجة لها مبيض سليم ولكن رحمها قد أزيل بعملية أو به عيوب خلقية شديدة بحيث لا يمكن أن تحمل، وزوجها سليم، وفي هذه الحالة تؤخذ بويضة الزوجة وتوضع في طبق وتلقح بماء زوجها وتوضع اللقيحة في رحم امرأة أخرى يسمونها "الرحم الظئر" أو الأم المستعارة، وعندما تلد الطفل تسلمه للزوجين مقابل أجر معلوم.
وقد افترض طبعًا الشيخ الزرقاء أن التي تحمل اللقيحة في رحمها قد تكون زوجة ثانية للرجل وتتبرع بحمله في رحمها وعند الولادة يسلم الطفل إلى ضرتها، وقد أباحها المجمع الفقهي بمكة المكرمة بالأغلبية، وهذه الطريقة فيها نزاع بين الفقهاء المعاصرين فمنهم من ذهب إلى أن أم الطفل التي يرثها وترثه هي صاحبة البويضة ومنهم من ذهب إلى أن أم الطفل هي التي حملت وولدت لا صاحبة البويضة، واتفقوا على أن تكون الأخرى بمثابة الأم من الرضاع.
الصورة الثامنة:
الزوجة لها مبيض سليم ورحمها قد أزيل بعملية وزوجها عقيم فتؤخذ بويضتها وتوضع في طبق وتلقح بماء رجل غريب يسمى مانحًا ثم توضع اللقيحة في رحم امرأة متبرعة يسمونها "الرحم الظئر" فإذا تم الحمل وولدت تنازلت عن الطفل لصاحبة البويضة لقاء أجر من المال.
هذه خلاصة للصور المختلفة التي وجدت الآن في الغرب والتي ذكرتها مجلة التايم في عددها الأخير عندما لخصت موضوع التلقيح الصناعي بأنواعه الداخلي والخارجي، وكما قال الدكتور عبد الله باسلامه، هناك صورتان مقبولتان لدى كثير من الفقهاء بالنسبة للتلقيح الصناعي الداخلي، أن يكون من الزوج إلى الزوجة فقط مع أخذ المحاذير: في حال قيام عقد الزوجية، أما إذا انتهى، كما يحدث في الغرب، فالأمر مرفوض.
والصورة الثانية، هو التلقيح الصناعي الخارجي وهي أن تؤخذ البويضة من المرأة وتلقح بماء زوجها حال قيام عقد الزوجية ثم تعاد إلى الزوجة فتنمو في رحم الزوجة لا رحم امرأة أخرى، هاتان الصورتان اللتان عرضهما الدكتور عبد الله باسلامه عرضًا واضحًا جليًا هما اللتان اتفق عليهما في كثير من المباحث الفقهية وهي تعاد إليكم مرة أخرى، أما الصورة الأخرى فهي صور غريبة ولا يمكن أن يكون هناك مجال لقبولها أصلًا بين فقهاء الإسلام.
الشيخ رجب التميمي:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن طفل الأنابيب أو التلقيح الصناعي هما من المواضيع التي يبحثها الفقهاء المسلمون في هذا العصر، وهي من المواضيع التي نقلت إلينا من الغرب، نقلت إلينا من الغرب المادي الذي يريد أن يأخذ الإنسان بصفة الحيوان، وكأن الإنسان الذي كرمه الله وجعله خليفة في الأرض وأنزل عليه الرسل والأنبياء وأتم عليه نعمه بدين الإسلام الذي بعث الله به سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم للناس كافة ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم إلى العدالة إلى الكرامة الإنسانية، إن الغرب المادي يريد أن يضع الإنسان كالحيوان في الخانات وفي المصانع وفي التجارب، هذا الموضوع الغريب الذي ابتلي به المسلمون وهم خير أمة أخرجت للناس كرمهم الله وجعل مجتمعهم مجتمعًا ينزع إلى الفضل وإلى الكمال، لا إلى المادية البحتة ولا إلى الحيوانية، أختصر أو أحدد كلامي في طفل الأنابيب في الصورتين اللتين ذكرهما الدكتور، بأن يؤخذ مني الرجل "الزوج" ويوضع بالتلقيح الصناعي في رحم المرأة أثناء قيام الزوجية، أو طفل الأنابيب الذي يأخذ مني الرجل ويوضع مع بويضة الزوجة في طفل الأنابيب لمدة، هذان الموضوعان أو هاتان الصورتان اللتان نبحثهما، لأن بقية الصور هي حرام شرعًا بالإجماع، لأنه في حكم السفاح وفي حكم الزنا، إن التلقيح الصناعي وطفل الأنابيب أمر صناعي، الحياة الزوجية التي أرادها الله للإنسان، والولد، إنجاب الولد إنما يكون بالمعاشرة بين الزوجين معاشرة طبيعية بينهما، لا بواسطة أخرى.
إن طفل الأنابيب أو التلقيح الصناعي يحصل بواسطة شخص ثالث أو طرف ثالث وهو الطبيب الذي يأخذ المني ويضعه في رحم المرأة هذا أولًا انتهاك لحرمة الإنسانية، لحرمة الزوجية، لأن العلاقة الزوجية والمعاشرة الزوجية بين الزوجين يجب أن تكون في إطار سري كامل، لا يجوز للرجل أن يتكلم أو المرأة أن تتكلم أو تتحدث بما يحصل بينهما، فكيف والأمر انكشف لدى شخص ثالث، هذا أمر فيه انتهاك لحرمة المعاشرة الزوجية، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} ، إذن الإتيان بين الزوج والزوجة في المعاشرة الزوجية لا بواسطة طرف ثالث، وطبعًا يحصل الحمل والإنجاب بالطريق الطبيعي، ثم هناك أمر آخر، نحن في مجتمع إسلامي، إن الأسرة الإسلامية لا تقبل أن ينتسب إليها طفل الأنابيب أو طفل التلقيح الصناعي، لأن هذا يثير القيل والقال، القيل والفتنة والشكوك خصوصًا كما ذكر سعادة الدكتور أن هناك محاذير والناس ليسوا بملائكة، والطرف الثالث ليس ملكًا ولكنه إنسان يعتريه ما يعتري الإنسان من شهوة وهوى وخروج عن الالتزام الذي التزمه فليس هناك عصمة، هذا يؤدي إلى أن طفل الأنابيب أو طفل التلقيح الصناعي ينظر إليه في الأسرة نظرة غير طبيعية، يشيرون إليه ولو من طرف خفي، إن هذا أتى عن طريق التلقيح الصناعي أو طفل الأنابيب وهناك تكون الشكوك وتكون الريب ويكون الفساد، والله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نغلق باب الفتن وباب الفساد، وسد الذرائع "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".
هناك أمر آخر، فلقد سمعت من سعادة الدكتور قد ذكر أن طفل الأنابيب أو التلقيح الصناعي كثيرًا أو أغلبية كبيرة ما يكون مشوهًا وما يكون به عوارض لا يمكن أن تؤدي به إلى الحياة إلا في النادر، وحكم النادر لا قيمة له، إننا نشاهد الحياة الغربية التي نريد أن نقلدها، فيها من المخازي، وفيها من المصائب، وفيها من البلايا، ما انتهكت به الحرمات كلها من الإنسانية وهم يصيحون ولا يقدرون على أن يرجعوا عنها، أنا أحذر إخواني العلماء وأحذر نفسي أيضًا، أن فتح هذا الباب، ندخل به إلى مجتمعنا أمرًا لا نقدر عليه في المستقبل، أمرًا سيؤدي إلى أن يكون هناك في المستشفيات وبين الأطباء آلات للتلقيح والتفريخ كما نشاهد في مزارع الدواجن.
أنا أحذر إن فتح هذا الباب لن تقدروا على سَدِّهِ، وكونوا في هذا الأمر حريصين على كرامة المجتمع الإنساني وكرامة المجتمع الإسلامي، فأنتم مسؤولون أمام الله، إني أحذركم ألا تأخذوا فتوى أو قرارًا في هذا الأمر، ولنرجع إلى ما اتخذ من قرارات سابقة فنعمل على إلغائها لأن المجتمع الإسلامي والإسلام لا يرضى أن يكون الإنسان متعرضًا لهذه الإهانات.
أيها الإخوة، أيها الأفاضل، أيها العلماء، أنتم حملة الشريعة والله سبحانه وتعالى كرم بني آدم والله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز بقوله {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الله سبحانه وتعالى أراد العقم لإنسان أو إنسانة، فليرض بقضاء الله، لأن المؤمن يرضى بقضاء الله في جميع أموره ويتحمل، ولا يجوز لعاطفة أن تتحكم في الأحكام الشرعية، هذا الحكم الذي سبق وأن وافق عليه بعض العلماء كان نتيجة لناحية عاطفية، لن يتصور أن المرأة تكون عقيمًا لأنها تريد الولد، ولا من الناحية الإنسانية فيها، الناحية العاطفية تريد الولد فيجيء لها بأي ولد، الله سبحانه وتعالى حرم التبني، حتى هذه العاطفة التي كانت موجودة في الجاهلية حرمها الله، وأنى لكم أن تجزموا بصحة النسب ولو واحد في المليون فيه شك، يجب أن يمنع، واحد في المليون وليس واحد في الألف ولا العشرة آلاف، واحد في المليون إن كان هناك محذور يجب أن يمنع، لأن الأنساب كريمة والإسلام حفظ الإنسان وكرمه وبين له الطريق الواضح.
ولا أريد أن أطيل عليكم وأكتفي بهذا القدر من تحذير إخواني العلماء فهم مسؤولون أمام الله هم مسؤولون أمام الله، وسيحاسبهم الله وإياكم أن تنجروا وراء ما في الغرب من مفاسد ومن ماديات سببت أن يكون العالم في قلق واضطراب وهو في قلق واضطراب بسبب ماديتهم البحتة، ونحن المسلمون حملة الرحمة والعدل في العالم إن تمسكنا بديننا وعملنا بما يرضاه ربنا، ولا أريد أن أذكر ما يحصل من محاذير بسبب التلقيح وما حصل من مفاسد في المجتمع، وشكرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أحب مبدئيًا إخواني الأساتذة الكرام أن أنبه إلى نقطة، فقد جاء في كلام الأخ الكريم الدكتور البار أن حالة الظئر الضرة، ولما أقول حالة الظئر فلا أحتاج لشرحها فقد صارت معروفة، إن هذه الحالة قد أجازها المجمع الفقهي في مكة إضافة إلى الحالتين اللتين أقرهما وهما التلقيح الصناعي الداخلي بين ماء الرجل وزوجته يحقن حقنًا، وحالة التلقيح الخارجي في أنبوب الاختبار بين بذرتين من زوجين في حالة قيام الزوجية بينهما تلك الحالتان أقرهما المجمع، ففهمت من كلام أخي الكريم الدكتور البار أن المجمع أقر الحالة الثالثة وهي عندما تكون الظئر أو الأم المستعارة ضرة لأخرى لا تحمل، وأن التلقيح يكون بين بذرة زوجها وبويضة تلك الضرة وكلتاهما لزوج واحد، طبيعي واضح، أريد أن أقول وأنبه نعم أن المجمع الفقهي في مكة كان أقر في دورته قبل السابقة الحالة الثالثة هذه، ولكنه في الدورة السابقة قد رجع عن هذا القرار بالنسبة لحالة الظئر الضرة، وذلك لأن الأستاذين الكبيرين الدكتور البار والدكتور باسلامه كانا حاضرين في هذه الدورة السابقة وأقرا ما ذكره بعض الأعضاء نقلًا عن بعض الأطباء أن هذه الحالة يمكن أن يحصل فيها اختلاط في النسب فيما إذا تصورنا أن البويضة من إحدى الضرتين التي أخذت ولقحت في أنبوب الاختبار بمني زوجها وبعد التلقيح في أنبوب الاختبار زرعت اللقيحة في الضرة الأخرى المتبرعة بالحمل، وهي أيضًا زوجة للرجل نفسه، أنه في هذه الحالة من المحتمل، وإن كان على بعد، أن يحصل اتصال بين الزوج والضرة الظئر التي تبرعت بالحمل في مرحلة بعد مرحلة الزرع في الرحم وعندئذ لا يدرى إذا علق الطفل وكبر وولد، هل هو من الزرع من بويضة ضرتها أو هو من بويضة ذاتية منها نتيجة اتصال زوجها بها، هذا الاحتمال أثير في الدورة السابقة للمجمع الفقهي بمكة، وأقر الأطباء الكرام إن كان هذا وإن كان على بعد كبير لكنه حالة محتملة نادرة، وبناء على ذلك رجع المجمع الفقهي في دورته السابقة عما كان أقره في الدورة التي قبلها من جواز هذه الحالة الثالثة، حالة الظئر الضرة، فأحببت أن أنبه إلى هذه الناحية، ثم أحب أن أنبه أيضًا تنويرًا لاخواني الكرام أن المجمع الفقهي في مكة لم يطلق إباحة الحالتين اللتين أقرهما عندما تكون البذرتان من زوجين وفي حال قيام الزوجية، هذه الحالتان الخارجية والداخلية لم يقرهما بإطلاق، وإنما المجمع الفقهي الكريم قرر قبل الكلام على الصور، قرر مبادئ عامة، من جملة تلك المبادئ أن كل انكشاف لامرأة على شخص أجنبي هذا محظور شرعًا ولا يباح إلا لحالات الضرورة، وكذلك أقر أن من جملة الحالات التي لا ضرورة فيها ولا يباح فيها حتى الحالتان الجائزتان ما إذا كان هناك أولاد للزوجين أو للمرأة التي تريد ولكنها تريد المزيد، فهذه أيضًا لا يكون لها مبرر ولو في الشروط المبينة في الحالتين، كذلك من المبادئ العامة التي أقرها أنه كلما ساغت حالة من الحالات الجائزة وأريد تنفيذها يجب أن يتولى عملية التنفيذ طبيبة امرأة إن كان ذلك ممكنًا، امرأة مسلمة، فإن لم يكن ذلك موجودًا فامرأة غير مسلمة، لأن انكشاف أحد الجنسين على الآخر كما هو معروف فقهًا أهون من انكشافه على جنس آخر، وأيضًا إذا لم يتوافر ذلك فطبيب مسلم ثقة عدل يؤمن عليه الكذب والتلاعب والاحتيال، وهكذا أقر عدة مبادئ، هذه كشرائط عامة في الموضوع.
الرئيس:
فضيلة الشيخ، من الذي يكيف أن هذا هو الطبيب المسلم الثقة؟ من الذي له الحق؟
الشيخ مصطفى الزرقاء:
حالته المعروفة بين الناس يعني أن يكون رجلًا متدينًا ملتزمًا محافظًا على واجباته الشرعية يعني ما هو معروف من الناس أن هذا رجل متدين صالح، وهذا على خلاف ما يعرفه الناس من ذلك.
والشيء الأخير أيضًا الذي ينبغي أن أكرره تكرارًا، وقد ذكر على ألسنة الأساتذة، أن الجواز محصور في حالتين فقط كما أقره المجمع الفقهي في مكة من بين سائر الحالات الكثيرة والتي تضاعفت أيضًا صورها بين حين وآخر، وتتولد صور كثيرة كما أشار إليه الدكتور البار حفظه الله أن الجواز محصور فقط بهاتين الصورتين لا يتعداهما وبالشروط التي تتحقق بها المبادئ العامة كما ذكرت، وهما التلقيح الصناعي الداخلي بين مني الرجل والمرأة، يحقن حقنًا فيها عندما يكون لا يحصل الحمل بالحال الطبيعي في زوجته يعني في حال قيام الزوجية، والحالة الثانية حالة طفل الأنابيب، لما تكون البذرتان من زوجين، البويضة من زوجة والحيوان الذكري من زوجها ويلقحان في أنبوب اختبار ثم يزرعان في الزوجة نفسها لا في ضرتها، هذا ما أحببت التنبيه إليه مع ملاحظة حالة الضرورة بوجه عام.
الشيخ علي السالوس:
كنت أريد أن أستفسر عن الحالة الخاصة بالظئر الضرة والحمد لله أستاذنا الدكتور بين هذا، ثم كنت أريد أن أقول أن الحالتين اللتين وافق المجمع الفقهي بمكة بالشرائط المذكورة قد لا يحتاج إلى نقاش طويل حيث إنني لا أرى فيه أي مانع شرعي، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد.
الرئيس:
بعد هذه المداولات والإيضاح التام سواء من جهة التصور على يدي الطبيبين الكريمين أو من جهة البحوث المعدة على يد المشايخ الأجلاء، فإنني أستسمحكم في أن أعطي عرضًا موجزًا لنتائج هذه المداولات ثم الخيار متروك إليكم، لكن أحب من الطبيبين الكريمين أن ألقي عليهم سؤالًا كالآتي:
أنواع التلقيح كانت تدخل تحت فئتين: التلقيح الداخلي والتلقيح الخارجي بأنواعه السبعة التي هي قابلة للتكاثر، ثم سمعنا الأستاذ باسلامه أنه ينبغي التقسيم إلى ثلاث مجموعات – مجموعة طفل الأنابيب – مجموعة التلقيح الصناعي – مجموعة الرحم الظئر.
لكن أنا أسأل الطبيبين الكريمين أنه بدا لي أنه يكون هناك تقسيم رئيسي لتدخل فيه هذه الصورة وما يستجد، ومن ضوء المداولات الفقهية، وهذا التقسيم يكون كالآتي:
- التلقيح الذي يكون بين الزوجين فقط، سواء كان بواسطة الحقن أم بواسطة طفل الأنابيب أم بأي واسطة يكتشفها الطب في أي فترة أخرى.
- القسم الثاني التلقيح الذي يكون فيه طرف من غير الزوجية القائمة.
فما أدري نظر الأستاذ باسلامه لأنه هو الذي أوحى بالمجموعات حول هذا التقسيم.
الدكتور عبد الله باسلامه:
بسم الله الرحمن الرحيم.. هنا يجب أن ننظر، ويبدو لي المفهوم العلمي واللغوي للكلمات، إذا قصرنا المفهوم اللغوي والعلمي، التلقيح بين الزوجين، التلقيح في عرفنا الطبي ولا أستطيع أن أخوض فيه لغويًا، هو أن تلتقي البويضة بالحيوان المنوي فيتم التلقيح، لكن هذا لو أخذناه كجزء وحده لا يمنع أن يتم التلقيح وتؤخذ خلاصة التلقيح وتوضع في طرف ثالث، فيجب هنا أن ننوه أو على الأقل أن نضع بين قوسين ما نقصد بالتلقيح، وهو التلقيح ثم حضانة ما في التلقيح في الزوجة.
الرئيس:
نحن نستطيع أن نحذف كلمة التلقيح إذا رأى المشايخ ذلك، وتكون التوليد أو الولادة أو الحمل، لكن أنا قصدي أنه المجموعات من حيث النظرة الشرعية إما أن تكون بين زوجين فقط أو أن هناك طرفًا ثالثًا فهذا هو المنطلق الأصل في قضية التوالد، فهل من اعتراض من وجهة نظر الأطباء على مثل هذا التقسيم.
الدكتور عبد الله باسلامه:
لو قلنا التلقيح والحمل بين الزوجين يمكن تكون أفهم، والوضع الآخر هو في وجود طرف ثالث.
الشيخ عبد الله البسام:
الطرف الثالث هذا يحتمل أن يكون هو الطبيب المجري للعملية سواء كانت عملية في الأنبوب أو عملية التلقيح الصناعي ويحتمل أن يكون الطرف الثالث هذا امرأة مستعارة أو رجلًا مستعارًا.
الرئيس:
المراد من لهم أثر، المراد الذي ينطلق منه الماء سواء كان ذكرًا أو أنثى، لكن أنا قصدي أننا لو جعلناه تحت هاتين المجموعتين، لأنني انطلقت من هذا من شيء واحد لأن الطبيبين الفاضلين ذكروا أنه جاء صور بعد هذه الصور السبع متعددة، فطالما أنه هناك صور، فالمنطق الشرعي إذا كان الماء من زوجين فهذا قسم مستقل بنفسه بصوره وإذا كان من زوجين بينهما طرف ثالث، ماء رجل ثالث أو ماء امرأة ثالثة، فهذا قسم يدخل تحته الصورة القائمة وما يأتي من الصور المستقبلة التي أشار إليها على سبيل الإجمال الطبيبان الفاضلان.
الشيخ عبد الله البسام:
لماذا لا نجعل التقسيم من باب الحكم، مادمنا أننا في مجمع الفقه الإسلامي.
الرئيس:
أنا أريد يا فضيلة الشيخ هو هذا، أن أصل إلى هذا، نتيجة لهذا أستسمحكم في أن أذكر خلاصة ما دار فإن رأيتموه مناسبًا فذاك وإذا لم يكن مناسبًا فالأمر متروك إليكم والموضوع ما طرح إلا ليعطي البحث المهم الجاد وتتلاقح فيه الفهوم والآثار قبل تلاقح النطف.
الشيخ محمد علي التسخيري:
معذرة، إذا طرحنا التقسيم طبق ما تفضلتم، هناك صور قد تطرح ويختلف فيها أحيانًا النطفة من الرجل والبويضة من المرأة ثم تنميان في رحم صناعي وهذا شيء محتمل رحم صناعي بدل الأنبوبة تحمل وتصل إلى مستويات وربما العلم يصل إلى هذا المستوى، إذا أصدرنا حكمًا عامًا لهذا العنوان العام ربما نختلف.
الرئيس:
أنا لا أريد أن أصدر حكمًا عامًا، أنا أريد عنونة للصور الواقعية، أنا عندي مسألة: طفل الأنبوب الآن ركز على أنه بين الزوجين حسب الصورة الثالثة الموجودة لدينا، لكن طفل الأنبوب من الجائز جدًا أن يكون بين زوج وامرأة أجنبية أو بين امرأة أجنبية وزوج، هذا من الجائز جدًا، لكن لعله لوحظ في هذا أصل المنشأ، أن طفل الأنبوب أصل نشأته إنما هو بين زوجين وإلا فمن الجائز جدًا أن يكون طفل الأنبوب بين زوج وامرأة أجنبية أو أن هناك رجلًا أجنبيًا هذا جائز جدًا ومتصور وقد ذكر الأطباء هذا التصور بل من المخاطر التي تحيط بطفل الأنبوب حينما يكون بين زوجين.
الشيخ مصطفى الزرقاء:
بسم الله الرحمن الرحيم.. إخواني الأساتذة الكرام، سيادة الأخ المدير أنا أستطيع أن أرد جميع حالات الجواز إلى حالة واحدة ولكن لها شروط، كل شيء له شروط، ممكن أن نقول إن حالة الجواز واحدة وهي ما إذا كانت البذرتان اللتان يتكون منهما الجنين مأخوذتين من زوجين في حال قيام الزوجية بشرط أن تكون المرأة التي تحضنهما هي الزوجة نفسها لا سواها، سواء بعد ذلك أكان بطريق التلقيح الداخلي وهو طريقة حقن ماء الرجل بدلًا من الجماع الطبيعي في رحم المرأة أو كان بطريق التلقيح في الأنابيب ثم زرعه في رحم المرأة نفسها، يعني حالة واحدة ولكن بشروط، أن يكون من زوجين في حال قيام الزوجية وتكون التي تحمل هي الزوجة نفسها سواء بطريق التلقيح الداخلي أو الخارجي، وأما إذا قلنا فقط أن تكون البذرة من زوجتين فيبقى احتمال ولابد من وضع شرط وهو أن يزرع في رحم صاحبة البذرة وإلا لو لم نضع هذا الشرط يبقى احتمال أن تؤخذ البذرتان من زوجين وتزرعا بعد التلقيح في امرأة ظئر، وهذه قد أخرجت من الجواز، فلو حصرنا الموضوع في حالة واحدة وبشرائط يكون أجمع وكل ما سوى ذلك يقال من مختلف الصور مهما تنوعت هو حرام.
الشيخ عبد الله البسام:
أؤيد ما قاله فضيلة الشيخ مصطفى، بأنه لو حدثت أحوال أخرى وهو تحت قاعدة أن النطفتين –مني الرجل الزوج والزوجة- لو حدثت أمور أخرى استطعنا واستطاع أي إنسان أن يبحث ويدخلها تحت هذه القاعدة، لأننا لا نعرف لأن فيما بعد يأتي صور أخرى كهذا، فإذا قعدناها على هذا الأساس مهما أتت من الصور دخلت تحت هذا وما عدا نطفة الزوج ونطفة الزوجة في امرأة زوجة واحدة هي صاحبة البويضة.
الشيخ المختار السلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد في هذا المقام أنه لابد من الوضوح الكامل حتى لا تكون القرارات محل تأويل، وعندنا أمران منفصلان: المنشأ والمحضن، فالمنشأ لابد من التنصيص على أنه من زوجين في حالة قيام الزوجية بينهما، والمحضن: لابد أن يكون هو الأم الذي منها البويضة، والتنصيص عليهما وإن كان فيه تطويل لكن هو مؤكد حتى لا يختلط هذا بهذا وحتى لا يكون محل تأويل، وشكرًا.
الرئيس:
يعني لابد من وجود شروط.
الشيخ المختار السلامي:
طبعًا، المحضن والمنشأ.
الشيخ محمد شريف أحمد:
بسم الله الرحمن الرحيم.. في الحقيقة إني أقدر العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع أطباءنا المسلمين الملتزمين بإثارة الموضوع لدى هذا المجمع الفقهي الكبير ولكني أود فقط أن أثير ملاحظة وهي أن هذا الطفل المصنع بالتلقيح الصناعي أو طفل الأنابيب سيكبر حتمًا ويصبح إنسانًا مسلمًا ويستمع إلى القرآن الكريم، أود أن أثير هذه الملاحظة، فماذا سيكون شعوره عندما يسمع إلى القرآن الكريم يقول:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} أقصد التركيز على كلمة "دافق"{يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} والآية الثانية {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} وأيضًا على {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} مجرد ملاحظة لا أقل ولا أكثر، وشكرًا.
الشيخ محمد عبده عمر:
بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد..
فإنني أقدم الشكر والامتنان للسادة الأفاضل الأطباء الذين أفضوا علينا بيانهم في هذا الموضوع الشائك والمهم للأمة الإسلامية، وأنا أعتقد أن العلم مقدس في الإسلام وأننا مأمورون كمسلمين أن نستفيد منه في كل نواحي حياتنا، وأنا مع الرأي الذي يؤيد هاتين الصورتين: أطفال الأنابيب، وأطفال التلقيح الصناعي، أما المحاذير فيمكن كما تفضل الشيخ مصطفى الزرقاء، أن نضع لهما الشرائط الصحيحة والسليمة والتي نضمن منهما الحكم الشرعي الصحيح، فأنا أضم رأيي إلى رأي الشيخ مصطفى الزرقاء في جواز هاتين الحالتين، وأيضًا لا ننسى أنه قد تكون من الحالات ألا يكون هناك طرف ثالث، لا طبيب ولا طبيبة أجنبي بل قد يكون الزوج هو الطبيب، وقد تكون الزوجة هي الطبيبة، وفي هذه الحالة ما فيه أي محذور من إدخال جنس ثالث على هذه العملية وشكرًا.
الشيخ عبد السلام العبادي:
بسم الله الرحمن الرحيم.. في الواقع لا أريد أن أكرر ما دار من نقاش، فقط أحب أن أشير إلى موضوع لم يوقف عنده في المناقشة إذ هو الأمر الذي يجري الآن بالنسبة لأطفال الأنابيب على أخذ أكثر من بويضة وإعداد أكثر من جنين كتسهيل لعملية الحصول على الولد والتي تسمى "الأجنة المجمدة" ما وقفنا عند هذه القضية يعني هي موضوع بداية الحياة، هناك كثير من الآراء الفقهية الآن خاصة في موضوع الحديث عن الإجهاض تصر على أن بداية الحياة هي من لحظة اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، وبالتالي إذا أخذنا اللقيحة الأولى المرشحة ووضعناها في الرحم، وتم الإنجاب، تلك ستتلف أو ستذهب إلى الاختبارات فما هو حكم الإجهاز عليها؟ هل هذا يرشح قيدًا جديدًا على الذين أجازوا بأن تتم العملية بالتدريج، بويضة بحيوان منوي، فإذا فشلت بدأنا بالعملية من جديد وأنه لا يجوز أن نحضر مجموعة كبيرة من الأجنة نقتل ما غير ناجح منها أو غير ما تم زرعه في الرحم وتم منه الولد، خاصة أن عملية الإجهاض الآن عملية نعاني منها معاناة كبيرة وأيضًا تسبب محاذير كثيرة، فإذا أجزنا عملية قتل الأجنة في هذه الحالة بعد أن نأخذ واحدًا منها وتتم عملية الولادة، فإننا يجب أن نأخذ هذا المنحى أيضًا في موضوع الإجهاض ونبيح عملية قتل الأجنة في المراحل الأولى وهو ما يتحفظ بعض العلماء عليه كثيرًا في هذه الأيام، وشكرًا.
الشيخ عبد الله البسام:
أحب أن أعلق على ما قاله فضيلة الشيخ الشريف أنا أشكره على هذه الغيرة من ناحية القرآن من هذه الناحية ولكن أحب أن أقول إن هذا العمل وهذا الاكتشاف أننا لو قلنا إنه ينافي آيات القرآن سواء استعملناه أو لم نستعمله، لو قلنا كذا لصار فيه ثغرة على معاني القرآن ولكن معاني القرآن ما تزال باقية، لا تزال باقية حتى في هذه الحالة، فالطفل خلق من ماء دافق ما خلق إلا من ماء دافق، وأيضًا سيجعل في قرار مكين إلى أجل معلوم أو إلى قدر معلوم، لأنه سينقل وهو بذرة صغيرة سينقل إلى قرار مكين، فأحب أن أقول أن آيات القرآن والحمد لله باقية وأنه لا يعتريها شيء وأنه تنزيل من حكيم حميد، فمهما كانت الحال فالقرآن باق بمعانيه سواء استعملنا هذا العلم أو سواء تركناه لمحاذير أخرى، فالقرآن والحمد لله باق لأنه تنزيل من حكيم حميد.
الشيخ محيي الدين قادي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قضية التلقيح الصناعي أو طفل الأنابيب تؤصل أولًا ثم يفتى فيها ثانيًا، التأصيل أن النسل نعمة من الله من بها على أفضل خلقه وهم الرسل والأنبياء {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} .
والأمر الثاني أن النسل سبب لخلود البشر، الحديث الشريف ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)) فعدم النسل لأية أسرة هو موقع في الحرج والمشقة، فالنسل إذن لكل أسرة على انفراد هو حاجة، والحاجة راعتها الشريعة الإسلامية، وثالثًا لا نقول بأن هذه المرأة عاقرًا أو هذا الرجل عقيم، لأن العقم الطبيعي لا يعالج، وهو الذي أشارت إليه الآية الكريمة {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} إنما الذي يعالج هو أمراض مانعة من الحمل لخصها لنا أهل الذكر وهم الأطباء فعليهم أن يشرحوا لنا من الوجهة الطبية وعلى السادة الفقهاء أن يتأملوا جيدًا ويصدروا الحكم، والذي يبدو لي ولست بالضليع وإنما أنا ضالع أنه متى دعت الحاجة إلى ذلك كعلاج لمرض يمنع من النسل مع وضع كل ما أدى إليه عدم الإنجاب من اللجوء إلا الغرب ومن اللجوء إلى مستشفيات غير مسلمة وغير ملتزمة بالأخلاق، يعني نضع هذا وكانت الزوجية قائمة بين الزوج والزوجة وتحققنا من ماء الزوج في التلقيح الصناعي ونظافة الأنبوب وعدم إضافة أي ماء إليه ولا أقول دواء، وحصل المني بالطرق الحلال وهو وطء الزوجة ووضع في محله الذي هو محل الحرث وكان الطبيب ثقة في مهنته وإن وجدت المرأة فلا يتعدى ذلك إلى الرجل وإن لم توجد تعدينا إلى الطبيب المسلم، وكذلك الأمر في طفل الأنبوب ونزيد قيدًا وهو مراقبة عملية النمو في الأنبوب ويكون ذلك تشريعًا متقبلًا في مستشفياتنا وصائغًا لأنه حرص من فقهاء الإسلام على كلية من كليات جميع الشرائع التي هي حفظ النسب والتي جاءت شريعة الإسلام بالحفاظ عليها للأفراد والجماعات وزاد الإسلام برعاية التطبيق لها، والسلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ محمد علي التسخيري:
شكرًا سيدي الرئيس، أود أن أقول هنا بكل اختصار أننا تارة نبحث عن الحكم الأولي لهذه الحالة وأخرى نلاحظ الحكم الثانوي التي تفرضه حالات مقارنة، أما بالنسبة للحكم الأولي فلا أتصور أن هناك أي مانع من قيام هذا التلقيح، ولا أعتقد أن هناك دليلًا معينًا إجماعًا أو شيئًا من هذا القبيل يعارض هذا المعنى، الكلام كله ينصب على العوارض وعلى الظروف الثانوية التي تستدعي حكمًا ثانويًا، والفقيه عليه أن يلاحظ العوارض بشكل دقيق، العوارض التي ذكرها أخونا الكريم والكبير الشيخ التميمي يمكنها أن تنفر الإنسان الفقيه من الحكم بهذا المعنى لكنها لا تستطيع أن تمنعه ولا يمكنها أن تؤدي إلى احتياط مقبول، مثلًا مسألة أن العائلة قد ترفض هذا الشخص مسألة الكرامة الإنسانية قد لا تحفظ هنا قد يأتي وضع طبيعي يحتفظ بالكرامة هنا والعائلة تقبل هذا المعنى، مسألة الشكل، الاعتراض على قضاء الله باعتبار أنه أراد الله العقم وينبغي أن نسير مع هذه الإرادة، الكلام هو من قال أن الله أراد العقم هنا مع أنه يحتمل وجود طريق طبيعي للتخلص من هذه الحالة، وكما أشار أخي محيي الدين، العقم قد يكون هنا العقم الكامل، مسألة الشك في صحة النسب، إذا استطعنا أن نثبت الطريق الشرعي فلا يبقى شك في صحة النسب ولا واحد بالمليون إذا كان الطريق شرعيًا.
يبقى مسألة الإجهاز على اللقيحة الإضافية هذا الإشكال وارد ويجب أن يبحثه العلماء هل يجوز الإجهاز على لقيحة ولو قبل لحظات أم لا، وهل تحل الحياة الحقيقية لا الحياة العرفية في هذه اللقيحة أم لا؟ إشكال وارد وربما أدى إلى أن يقول إنسان ما بدية من هذا القبيل إذا توسعنا في مفهوم الدين، هذا المعنى يجب التأكد منه دقيقًا وإذا لم نتأكد يمكننا أن نفترض أن العملية تتكرر، تؤخذ البويضة وتلقح وإذا لم تنتج تتكرر من جديد، وإلا فالإشكال الشرعي باق هنا.
النقطة الأخرى مسألة الظئر، هذه المسألة لا نستطيع أن نقول بها بضرس قاطع بعد أن كان الماء من الزوج والبويضة من الزوجة والحمل في رحم مباحة للزوج، فيجب أن نبحث، الإشكال مطروح أنه يحتمل أن الزوج يواقعها ويشتبه الأمران، يمكننا أن نفرق ونشترط على الزوج ألا يتصل بزوجته إلا بعد تبين الحمل بشكل طبيعي ولا يأتي هذا المحذور بعد ذلك، الشيء الآخر هناك فروض أعتقد أننا قد نبتلى بها الآن ولكن من الطبيعي جدًا أن نبتلى بها في المستقبل وهو الفرض الذي أشرت إليه، قد يفترض أن العلم ينمى أو يضع رحمًا صناعيًا، وهذا الرحم الصناعي ليست كمجرد أنبوب وإنما تحتضن الطفل منذ اللقيحة وحتى الولادة، قد يمكن أن يتوصل، نحن يجب أن نلحظ هذه الجوانب أيضًا ولا نغلق الأبواب تمامًا وبعد ذلك نضطر إلى فتحها من جديد، لا أدري إذا كان الإخوة يسمحون أم لا، يمكن أن نحتمل العلم أن العلم يتوصل إلى نطفة صناعية تؤخذ من النباتات وما إلى ذلك، هي أمور يجب أن نلحظها.
الخلاصة، المحاذير التي ذكرت ثانوية كلها ولكنها واقعية يجب أن نلحظها بعين الاعتبار، وعلينا أن نحتاط لديننا ونحتاط لنسلنا، ولكن الاحتياط يجب أن يكون احتياطًا طبيعيًا، الاحتياط المضيق قد يؤدي إلى تحريم حلال، فنغلق الباب أمام حلال شرعي تمامًا كما قد نحلل حرامًا قد نحرم حلالًا وكلاهما مرغوب عنه، وشكرًا.
الرئيس:
أحب أن أضيف إلى كلمة الشيخ أن الفتيا أو تقرير الجواب لن يتجاوز الصور المطروحة أمامنا، نفس الصور المطروحة أمامنا هي التي تعطينا التصور الكامل للوقائع في هذا التلقيح وفي طفل الأنابيب، فنحن أمام صور واقعة أمامنًا وإذا وجد صور مستقبلية أو طرأ على هذه الصور نفسها ما يغير مسارها الذي شخص أمامنا، فالعلم والإيمان مكانهما إلى يوم القيامة وأهل العلم موجودون.
الشيخ أحمد محمد الخليلي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شكرًا معالي الرئيس، في الواقع ما كنت أردت أن أتحدث في هذا الموضوع لأنه مما قيل الحكم على الشيء فرع تصوره، فالشخص الذي لا يتصور الشيء تمام التصور ينبغي أن يقف دون الحكم له أو عليه، والله تعالى يقول {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ولكن من خلال البحث أخذت بعض الفائدة وفهمت شيئًا من صورة التلقيح الصناعي أو طفل الأنابيب، وأردت أن أنبه على شيء، وهو أن الله سبحانه وتعالى بحكمته خلق الإنسان من أبوين من ذكر أو أنثى وجعل بين النسل والأصل رباطًا هذا الرباط يتمثل في هذه العاطفة، عاطفة الأبوة والأمومة من ناحية، ومن ناحية ثانية عاطفة البنوة، وجعل الله سبحانه وتعالى سبب وجود هذا الإنسان بحسب حكمته التلاقي ما بين الزوجين، وهذا التلاقي تصحبه مشاعر الود، مشاعر الرحمة، مشاعر التعاطف بين الزوجين بحيث يكونان كالشخص الواحد بحيث تتحد مشاعرهما تكون كمشاعر الإنسان الواحد، لا ريب أن في ذلك حكمة كبرى من الله سبحانه وتعالى في خلق هذا الإنسان بهذا السبب، فإذا ما فقد هذا الأمر فقدت هذه المشاعر في تكوين هذا الإنسان، ماذا عسى أن يكون مستقبل هذا الإنسان الذي يتولد بهذه الطريقة التي تفقد هذه المشاعر ما بين أبويه في حالة تكوينه، فهل يكون هذا الإنسان في المستقبل إنسانًا طبيعيًا أو تتغير حالته؟ ما أظن أن الأطباء ولا غيرهم يستطيعون أن يجزموا في هذا بحكم، ومن القواعد الشرعية المسلمة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" ومن المعلوم قطعًا أن انكشاف المرأة للرجل الأجنبي حتى ولو كان عدلًا ثقة بل حتى ولو كان نبيًا مرسلًا، لا يصح إلا لضرورة لا محيص عنها، ومادامت المنفعة وهمية، لأن إلى الآن لا نستطيع إن نقول أن المصلحة حاصلة، فالأطباء أنفسهم يقولون أن 80 % من التجارب تبوء بالفشل، فإذن المصلحة إلى الآن هي وهمية، مصلحة مظنونة بينما المفسدة مفسدة متيقنة، وهي اطلاع الرجل الأجنبي مهما كانت حالته في الصلاح والاستقامة على عورة المرأة، وفي نفس الوقت هذه القيود التي ذكرت، طبعًا هي قيود نبعت من أفكار أناس فيهم الغيرة على دين الله تعالى وعندهم حصافة الرأي وعندهم العلم الواسع، ولكن هذه القيود هل نحن نستطيع أن نفرضها؟ إلى الآن طبعًا الحمل يكون في أمريكا أو في أوربا، أين الطبيب المسلم الثقة أو أين الطبيبة المسلمة الثقة؟ هل هناك موجودة، وكون الزوج نفسه طبيبًا والزوجة طبيبة هذه حالات نادرة، والنادر لا حكم له، والإسلام يحرص على أن تكون الأنساب أنسابًا سليمة لا يشوبها أي شك وحسب ما سمعت بأن التلقيح يكون تلقيح عدة بويضات من عدة حيوانات لأجل الاحتياط وهذه يحتفظ بها في الثلاجات هناك، فإذا كان الأمر كذلك هل نحن نأمن بعد ذلك أن يتم لقاح آخر بعدما تم هذا التلقيح ما بين بويضة وحيوان منوي من زوجين بقية البويضات والحيوانات، هل نحن نأمن مادامت هي موجودة في ثلاجات عند ناس غير مؤمنين ناس غير مسلمين لا نأتمنهن بحيث لا يستغلون هذه البويضات وهذه الحيوانات التي تم تلقيحها في توليد عند ناس آخرين، أظن الشيء هذا لا نستطيع أن نجزم فيه خصوصًا بما أن إلى الآن كل شيء يتم في الغرب ولو كانت ولادة مثل التي هنا في السعودية لكن التلقيح تم في الغرب، فمادام الأمر كذلك فيجب أن نتبصر وأن ننظر أيضًا إلى مستقبل هذا الطفل هل يكون مستقبله طبيعيًا أو غير طبيعي، وقد قدم النصيحة فضيلة الشيخ رجب التميمي ويجب أن ينظر إلى هذه النصيحة نظرة اعتبار وتقدير لأنه يجب علينا أن لا نندفع وراء العواطف وأن نقول هذا عمل إنساني أو نقول أننا نريد أن يظهر الإسلام بمظهر التقدم العلمي، لا، الإسلام أجل من ذلك، فالقضية مطروحة للنظر والتأمل، وشكرًا لكم.
الرئيس:
في الواقع هذا الموضوع حصل حوله مداولات كثيرة وكبيرة ومثرية جدًا، فشكر الله لأصحاب الفضيلة ذلك.
وتعرفون أنه استغرق من الزمن الشيء الكثير وليس بكثير على مثل هذا الموضوع الحساس المهم، لكن مثل هذا الموضوع الذي سبق أن أعطى حقه من الدراسة العميقة المتأنية من مجمع فقهي فيه عدد كبير من أصحاب الفضيلة العلماء ودرس في عدة دورات إن لم يكن في اربع ثلاث دورات أو أربع أو خمس دورات ثم توصلوا إلى القرار الأخير، ولهذا أرجو قبول أن أحسم الموضوع وأن أبين الاتجاهات التي حصلت في جلستكم هذه ثم نصوت على الرأيين الموجودين أمامنا من خلال هذه المداولات والمناقشات. مناقش يطلب الكلمة.
الرئيس:
كلنا يبغي دقيقة يا شيخ رجائي التصويت والرأي رأيكم، يا فضيلة الشيخ عندي عدد مسجلين حوالي ثمانية من المشايخ لم يتكلموا ولا مرة واحدة، فأنا طالما أن المسألة سيتكون فيها عرض لملخص لما جرى وفيها تصويت فإذا رأيتم أنه ينتهي الأمر على هذا لأنه لو تابعنا الكلام قد لا ينتهي والنتيجة فيها وضوح تقريبًا حيث تتجه في مسارين.
أصحاب الفضيلة.. إن الذي يتمثل أمامنا الآن هو أمران مهمان: الأمر الأول شبه إجماعي من مجمعكم هذا كما أجمع عليه مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة وهو:
- أن الصور الأربع والتي يكون فيها ماء أجنبي من رجل أو امرأة فإنها محرمة ولا مجال لإباحة شيء منها.
- بعد هذا أمامنا ثلاث صور، صورة كان مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة أفتى بأنه ينسحب عليها ما ينسحب على الصورتين الأوليين وهو في طفل الأنبوب بين الزوجين وفي التلقيح الصناعي الداخلي بين الزوجين، ثم إنه بعد أن استجد لديهم ما يوجب الرجوع والرجوع إلى الحق فضيلة، قرروا رجوعهم فبقي الجواز في الصورتين اللتين أشرت إليهما فقط، والصورة الثالثة هذه قرر المجمع إلحاقها بالصور الأربع من حيث المنع نظرًا لما يحيط بها من العوامل التي ترجح جانب الحظر على جانب الجواز.
هذا مسار يظهر لي أن مجمعكم الموقر هذا شبه موافق إن لم يكن بالإجماع فهو موافق بالأكثرية، أما من ناحية الصورتين اللتين قرر فيهما مجمع مكة الجواز مع ملاحظة أنه لم يطلق الجواز فيهما وإنما أحاطهما ببعض الشروط والضوابط إضافة إلى أن هذه الشروط ربما عند المتجهين في هذا المجمع ستعمق وسيضاف إليها شيء من مزيد الضبط، وإذا سمحتم أن نأخذ بجانب التصويت، فإن الذي يظهر لي والله تعالى أعلم، وقد حصل لي تأمل في هذا الموضوع من جميع صوره سواء على صعيد مجمع الفقه الإسلامي بمكة في وقت كنت فيه عضوًا أو على صعيد مجمعكم هذا أو من خلال الدراسات الحرة، فإن الذي يظهر لي أن الصور الأربع هي محرمة لذاتها كما أجمع عليه المجمع وأما الصور الثلاث ومنها الصورتان اللتان أجازهما مجمع الفقه الإسلامي بمكة بشروط وضوابط، فالذي يترجح لدي هو القول بالمنع نظرًا لما يترتب عليهما من آثار وما يحيط بهما من ملابسات وشكوك، والشرع أتى بحفظ الأنساب وبحفظ ارتباط المجتمعات وتماسكها إلى غير ذلك من التعديلات الفقهية التي سأذكرها بوجهة نظري ومن يكون معي من الأخوة وأعطي الرأي بعد هذا إلى فضيلة الأمين العام. مناقش يطلب الكلمة.
الرئيس:
إذا كان يسمح الإخوان نعطي فضيلتكم ولا ينفتح الباب، هذا عن طريق التنازل إذ تتنازلوا وإلا ليس لي الحق، وله أرى بعض الإخوان يطلب الكلمة فاعذرني يا شيخ وإذا اتاكم الدور ممكن.
فضلًا أرجو أن تكون الآراء موجزة والإفادة برأي موجز.
اختصارًا. الصور الأربع التي قرر أنها محرمة لذاتها. هل من معارض؟
إذن اكتسب هذا الاتفاق من أصحاب الفضيلة.
يبقى لدينا ثلاث صور:
الصورة الأولى: وهي أخذ النطفة الذكرية من رجل متزوج وتحقن في الموقع المناسب داخل مهبل زوجته أو رحمها حتى تلتقي النطفة التقاء طبيعيًا بالبويضة والتي يفرزها مبيض زوجته التقاء إلى آخره، هذه الصورة مع الصورة المشابهة لها إلا أن بينهما فترة وهيمن كان لديه تحفظ، توقف أو ممانعة في هاتين الصورتين فليتكرم برفع يده.
الشيخ رجب، الشيخ أحمد الخليلي، الشيخ الشريف، الشيخ آدم، الشيخ صابون، الشيخ إبراهيم الغويل، الشيخ جيري، الشيخ هارون خليفة، الشيخ علي العصيمي، الشيخ عبده عمر.
يبقى الذين يرون من أصحاب الفضيلة الأخذ بما أخذ به مجمع الفقه الإسلامي من جواز الحالتين، الأسلوب الأول والأسلوب الثاني، فارجو الذين يرون الجواز من غير زيادة أي شروط أو تحفظات أو ضوابط أن يتكرموا برفع أيديهم، من غير زيادة، الزيادة كأنني لاحظت أن طبيبًا مسلمًا ثقة والذين يباشرون العملية بأجمعهم سواء الطبيب أو الذي يناوله في المختبر أن يكونوا مسلمين ثقات كأنني لاحظت أن هذا الشرط غير مجسد في مجمع الفقه الإسلامي بمكة، ونحن نريد مسلمًا ثقة، حيث إنه إذا كان عدلًا وليس بمسلم، العدالة إنسانية وليست إسلامية، يجب القول إذا كان مسلمًا عدلًا فعلى أصحاب الفضيلة الذين يرون الجواز كما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي بمكة، أرجو أن يتكرموا برفع أيديهم.
الشيخ مصطفى الزرقاء ، الشيخ عبد الله البسام ، الشيخ عبد السلام العبادي ، الشيخ عبد الحليم ، الشيخ عبد الستار ، الشيخ علي التسخيري ، الشيخ عبد اللطيف آل سعد ، الشيخ السلامي ، الشيخ روحان مبايان مباي، الشيخ محمد عطا السيد ، الشيخ عبد الله آل محمود ، الشيخ عجيل ، الشيخ عبد العزيز عيسى.
مناقش:
أرجو أن يكون هناك رفع الأيدي للمتوقفين أيضًا.
الرئيس:
سيكون..
الدكتور محمد علي البار:
هل هناك أصوات للأطباء أو ليس لهم أصوات.
الرئيس:
المراد هم الأعضاء العاملون سيشار في القرار إلى أن إشارة بدون تحديد أسماء إلى توجهات الأطباء والخبراء والباحثين، والقرار لن يخرج عن قرار مجمع الفقه الإسلامي بمكة وهذه أمانة.
الشيخ المختار السلامي:
مع افتراض أن الذي يتولى العملية يكون مسلمًا ثقة وعلى هذا صوتنا.
الرئيس:
الشيخ طه، الشيخ تقي، الشيخ عبد الرحيم، الشيخ ابو بكر، الشيخ صالح طوغ.
الشيخ عبد اللطيف الفرفور:
بسم الله الرحمن الرحيم شكرًا سيدي الرئيس، خرجت من ذلك كله بأن هذا الأمر قد يبدو ظاهره سليمًا ولكنه ذريعة لفساد كبير قادم ينبني عليه ضياع الأسر وتفككها وضياع الأنساب ووجود بنوك نطف، وهذا ما حدث في أوربا وستقدم علينا هذه المفاسد إن عاجلًا أو آجلًا ويكفي هذا فما بالكم بما وراءه من اطلاع الأجنبي على العورات من غير ضرورة ولا حاجة عامة معتبرة شرعًا، فتح هذا الباب، فتح باب لا يسد، فمن باب سد الذرائع الفاسدة حرم الإسلام كما تعلمون بعض الحلال كالنظر إلى الأجنبية بلا عذر شرعي والخلوة بها وحرم النظر إلى المرأة بشهوة ونفى سيدنا عمر نصر ابن حجاج لا لشيء إلا لأن العواتك تتغزل به في خدورهن بعد أمره إياه بحلق شعر رأسه وتنقبه رضي الله عنهم جميعًا، الشاطبي يقول كما تعلمون "ما غلب ضرره فهو ضرر محض وما غلب نفعه فهو نفع محض، ولا تتمخض الأشياء في هذه الدنيا لجانب النفع ولا للضرر" وهنا غلب الضرر فلا يصح أبدًا الجواب فيه بالفتيا من الله، بالفتيا عن الله بالجواز، إننا مسؤولون يا أيها الأخوة بين يدي الله العزيز الكبير غدًا يوم القيامة عن علمنا هذا الذي تعلمناه وعن فتيانا التي نفتي بها، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} إنني أرى أنه لا يجوز هذا ولا فتح هذا الباب أصلًا في أي صورة مطلقًا لا في المتفق عليه من الصور ولا في المختلف به منها لا في الأولين ولا في الآخرين، لأن هذا يجر بعضه بعضًا، وفتح الباب هنا يؤدي إلى فتح باب الفساد في الأعراض والانساب وهذا شر مستطير، وإن سلم بأنه لم يوجد في الصورتين الأولين في ذاتهما قبح أو ضرر في ذاتهما، فهما محرمان لقبح في غيرهما أو في جوارهما كما ذكر ذلك الأصوليون، وأنا أرى ما يراه معالي الرئيس على بياض، وشكرًا.
الرئيس:
في الواقع فيه بعض المشايخ ما سمعنا أصواتهم.
الشيخ عبد العزيز عيسى:
أنا موافق على فتوى مجمع مكة بشرط أن يكون عند الضرورة الملزمة وبشروطها لأنني لا أريد أن اصدر فتوى أو اصدر قرارًا بجواز استخدام أطفال الأنابيب سواء بالصورة الجائزة، وأقول بشروطه وهو أن يكونا زوجين وفي أثناء قيام الزوجية ويكونان هما صاحبي البويضتين لأنه يترتب على ذلك المخاطر.
الرئيس:
فضيلة الشيخ، أصحاب الفضيلة، مجمع الفقه بمكة في الواقع ما أطلقوا الجواز وإنما جعلوا له الشروط الضيقة التي تضيق دائرته وتحفظه في نظرهم ومنها إذا توفرت الضرورة، أظن أن هذا واضح يا شيخ عبد الله.
الشيخ عبد العزيز عيسى:
إن هذا غير موجود.
الرئيس:
إن هذا موجود في نص قرار مجمع مكة، وعلى كل، أصحاب الفضيلة الذين ذهبوا إلى الأخذ بما رآه مجمع مكة هم أربعة عشر فإذا كان لأحد من أصحاب الفضيلة أرجو أن تقرأوا ما في قررا مكة فإن كان لأحد من أصحاب الفضيلة مزيد من شرط أو ضابط فإنني أرجو التكرم بتحريره وبعثه إلى الأمانة العامة، وأما إذا كان يرى أن ما جعل من الشروط والضوابط في قرار مكة كافيًا فلا حاجة إلى البحث في هذا، والقرار إن شاء الله تعالى سوف يصاغ بالتوجهات الأربعة، الثلاثة التي حصلت من حيث وجهة المانعين ووجهة المجيزين ووجهة المتوقفين، وأرجو من أصحاب الفضيلة المتوقفين أن يصوغوا صورة قرار في توقفهم.
الشيخ عبد الله البسام:
هذا نصه، ونظرًا إلى احتمال التلقيح الصناعي بوجه عام من ملابسات حتى في الصور الجائزة شرعًا ومن المحتمل اختلاط النطف أو اللقائح في أوعية الاختبار ولاسيما إذا كثرت ممارسته وشاعت، فإن مجلس المجمع ينصح الحريصين على دينهم ألا يلجأوا إلى ممارسته إلا في حالة الضرورة القصوى، وبمنتهى الاحتياط والحذر من اختلاط النطف أو اللقائح.
الرئيس:
على كل، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيد الجميع إلى ما فيه خير صلاح العباد والبلاد وأن يوفق الجميع، وأرجو من أصحاب الفضيلة الذين أبدوا توقفهم وهم الشيخ طه، والشيخ تقي العثماني، والشيخ عبد الرحيم والشيخ ابو بكر والشيخ صالح طوغ أن يجتمعوا بجلسة جانبية ويتفضلوا بصياغة مشروع قرار ويضعوا فيه النقاط التي أوجبت توقفهم.
الشيخ محمد علي التسخيري:
صورة الظئر لم تطرح.
الرئيس:
طرحت، وهو أن الذين رأوا قرار مكة أجازوا فقرتين فقط.
الشيخ محمد علي التسخيري:
طرحت صورتان أما الصورة الثالثة فلم تطرح.
الرئيس:
أنتم تحركتم قليلًا، فلعل في وقت تحرككم..
الأمين العام:
الأستاذ الشيخ محمد علي تسخيري انتم تتجهون إلى أي رأي من الآراء الثلاثة.
الرئيس:
هل إلى قرار مكة أو إلى الآراء الأخرى.
الشيخ محمد علي التسخيري:
موافق على قرار مكة ما عدا مسألة صورة الظئر الضرة فلا مانع فيها.
الرئيس:
يعني إضافة إلى الثلاث.
الشيخ محمد علي التسخيري:
إضافة إلى الاثنتين الصور الثلاثة أوافق عليها.
الرئيس:
يعني قرار مكة الأول، شكرًا، وبهذا ترفع الجلسة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد الصلاة أرجو أن تتفضلوا بالعودة إلى هنا مباشرة لنتم البحث في بقية الجدول وشكرًا.
بعد الصلاة
الرئيس:
أصحاب الفضيلة، في الواقع أنه حصل لي شيء من الاستخارة في موضوع أطفال الأنابيب، ومن المحادثات الجانبية مع بعض أصحاب الفضيلة الأعضاء ومن جانب الإخوان الأطباء، وأعرض عليكم وجهة نظر إذا رأيتموها سليمة فهي، حتى لا نستعجل في امر لنا فيه أناة، والذي أراه أن هذا الموضوع انقسمت فيه الآراء إلى أربعة اقسام: المنع للحالات كلها – الجواز لحالتين فقط – الجواز لثلاث حالات – القول بالتوقف ثم إن القول بالمنع قريب النصاب من القول بالجواز ما عدا فارق شخص أو شخصين، هذا شيء، الشيء الثاني أن الأطباء ذكروا أن لديهم حالة جديرة بالاهتمام وربما تكون مؤثرة على بعض الأحوال التي حصل البت فيها، واستعدوا بأنهم سيقدمون بحثًا من ناحية نظر الطب في هذا الموضوع، والذي تبين لي إذا رأيتم وتفضلتم أن هذا الموضوع لا نستعجل فيه وأنه نظرًا للخلاف الحاصل، ولأن هناك بعض الأطباء فإنني ارى تأجيل الموضوع إلى الدورة القادمة بإذن الله تعالى، ومن ثم فإذا رأيتم وعهدتم إلي وإلى فضيلة الشيخ عبد الله البسام وإلى الطبيب الأستاذ محمد علي البار وإلى فضيلة الأمين العام محمد الحبيب ابن الخوجة، أن أعد أنا بحثًا استخلصه من جميع هذه البحوث التي لديكم سواء من وجهة التصور طبيًا أو من وجهة ترتيب الحكم الشرعي عليها، ومما لدي من البحوث لبعض العلماء وبعض المفاتي في جهات متعددة، ثم بعد ذلك يحصل لي اجتماع بأصحاب الفضيلة الذين ذكرت أسماءهم أو عن طريق المراسلة بطريقتي الخاصة حتى أصل وإياهم إلى صيغة نهائية للبحث الذي لا يكون فيه من التبدد الذي لا يحصل به التصور، حتى أجمع بين نقاط التصور النظرية الطبية ثم ترتيب الحكم الشرعي من خلال كلام الفقهاء وكلام أهل العلم، ثم بعد ذلك يبعث هذا البحث بصفة متكاملة إلى كل عضو من أصحاب الفضيلة في بلده وقبل الدورة المقبلة إن شاء الله تعالى ببضعة شهور لا بشهر ولا بشهرين بل ببضعة شهور حتى يكون هناك دراسة متأنية.
وهذا الموضوع طالما أنه جلس عمرًا طويلًا لم يفت به، فليس هناك ما يمنع أن يزيد سنة ويكون فيه شيء من الحكمة والإحكام، والحقيقة ليس من المقبول أن يصدر رأي في مسألة وهي بهذه المثابة الشائكة جدًا ثم بأربعة آراء وفي أوائل ميلاد المجمع، فإذا رأيتم هذا مناسبًا فلعلكم توافقون عليه، ولهذا نتوقف عن اتخاذ القرارات، وشكرًا.
- الموافقة بالإجماع.
الرئيس:
شكرًا أكرمكم الله، إذن تمت الموافقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
قرار رقم 5
بشأن
أطفال الأنابيب
أما بعد،
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 – 16 ربيع الثاني 1406 هـ / 22 – 28 ديسمبر 1985م.
إذ استعرض البحوث المقدمة من السادة الفقهاء والأطباء الذين عرضوا موضوع "أطفال الأنابيب" من جانبيه الفقهي والفني الطبي، ناقش ما قدم من دراسات وافية، وما أثير من جوانب مختلفة لاستيضاح الموضوع.
وإذ تبين له أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من الدراسة طبيًا وفقهيًا، وإلى مراجعة الدراسات والبحوث السابقة، واستيفاء التصور من جميع جوانبه.
قرر:
1-
تأجيل البت في هذا الموضوع إلى الدورة القادمة للمجمع.
2-
يعهد لفضيلة الشيخ الدكتور بكر أبو زيد –رئيس المجمع- بإعداد دراسة وافية في الموضوع تلم بكل المعطيات الفقهية والطبية.
3-
توجيه الأمانة ما يصل إليها إلى جميع الأعضاء قبل انعقاد الدورة القادمة بثلاث أشهر على الأقل.
والله أعلم