الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب بقوله: لا تتعلم القرآن من مبتدع؛ لأنه يخشى منه أن يقلده المتعلمون منه، والناس سواه كثيرون.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 29/1/1419 هـ.
س 103: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: هل يعذر طلبة العلم الذين درسوا العقيدة على غير مذهب السلف الصالح محتجين بأن العالم الفلاني أو الإمام الفلاني يعتقد هذه العقيدة
؟
فأجاب بقوله: هذا لا يعذر به صاحبه حيث بلغه الحق؛ لأن الواجب عليه أن يتبع الحق أينما كان، وأن يبحث عنه حتى يتبين له.
والحق- ولله الحمد- ناصع، بيِّن لمن صلحت نيته، وحسن منهاجه، فن الله- عز وجل يقول في كتابه:(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)(1) ولكن بعض الناس- كما ذكر الأخ السائل
- يكون لهم متبعون معظمون لا يتزحزحون عن آرائهم، مع أنه قد ينقدح في أذهانهم أن آراءهم ضعيفة أو باطلة، لكن التعصب والهوى يحملهم على موافقة متبوعيهم، وإن كان قد تبين لهم الهدى.
(1) سورة القمر، الآية:17.
س 104: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: من الملاحظ في الصحوة الإسلامية الاتجاه إلى العلم ولله الحمد والمنة، وخصوصاً علم السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ومن
الملاحظات:
أ- التعرض للصحيحين (البخاري ومسلم) نقدًا، تضعيفًا وتصحيحًا من قبل بعض طلبة العلم الذين لم ترسخ أقدامهم في هذا العلم، علمًا بأن هذين الكتابين من أصول أهل السنة والجماعة
وقد تلقتهما الأمة بالقبول.
ب- رواج مذهب الظاهرية عند غالبية الشباب، والأعراض عن كتب فقهاء الأمة.
جـ- انشغال بعض طلبة هذا العلم الشريف به عن العلوم الضرورية لطلبة العلم الشرعي مثل القرآن الكريم، واللغة العربية، والفقه والفرائض.. إلخ.
د- شيوع ظاهرة التعالم والتصدر للتدريس والفتيا من قبل بعض طلبة العلم الذين لا يعرف لهم شيوخ ولا قدم ثابتة في العلم وإنما هي القراءة ومطالعة الكتب.
فما توجيهكم حفظكم الله ورعاكم؟
فأجاب بقوله: الجواب على الملاحظة الأولى: لاشك أن هذه الصحوة صاحبها ولله الحمد حب اتباع السنة والحرص عليها، ولكن كما ذكرت صار ينتهج هذا المنهج قوم لم يبلغوا ما بلغ أهل
العلم من قبلهم في التحري والدقة، وربط الشريعة بعضها ببعض، وتقييد مطلقها، وتخصيص عامها، والرجوع إلى القواعد العامة المعروفة في الشريعة، فصاروا يلتقطون من كل وجه حتى من
الأحاديث الضعيفة التي لا يعمل بها عند أهل العلم لشذوذها ومخالفتها لما في الكتب المعتمدة بين الأمة.
تجدهم يتلقفونها ويحتدون فيها، وفي العمل بها وفي الإنكار على من خالفها، وكذلك أيضًا تجدهم قد بلغ ببعضهم العجب إلى أن صاروا يعترضون على الصحيحين أو أحدهما من الناحية الحديثية،
ويعترضون على الأئمة من الناحية الفقهية، الأئمة الذين أجمعت الأمة على إمامتهم وحسن نيتهم وعلمهم، فتجد هؤلاء الذين لم يبلغوا ما بلغه من سبقهم يتعرضون لهؤلاء الأئمة، ويحطون من
قدرهم، وهذه وصمة عظيمة لهذه الصحوة، والواجب على الإنسان أن يتريث، وأن يتعقل وأن يعرف لذوي الحق حقهم ولذوي الفضل فضلهم، وإنما يعرف الفضل من الناس أهله، نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق.
وأما الجواب على الملاحظة الثانية فنقول: هذا أيضًا من البلاء، ولعل في جوابي السابق ما يدل عليه؛ لأن مذهب الظاهرية كما هو معروف مذهب يأخذ بالظاهر ولا يرجع إلى القواعد العامة النافعة،
ولو أننا ذهبنا نتتبع من أقوالهم ما يتبين به فساد منهجهم، أو بعض منهجهم لوجدنا الكثير، ولكننا لا نحب أن نتتبع عورة الناس.
والجواب على الملاحظة الثالثة: فلا شك أن الأولى بطالب العلم أن يبدأ أولاً بكتاب الله- عز وجل فإن الصحابة- رضي الله عنهم كانوا لا يتعلمون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من
العلم والعمل (1) ، ثم بالسنة النبوية، ولا يقتصرون على معرفة الأسانيد والرجال والعلل إنما يحصرون على مسألة فقه هذه السنة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "رب مبلغ أوعى من
سامع" (2) . ويقول "رب حامل فقه ليس بفقيه" (3) . والناس الآن في
(1) رواه أحمد برقم (22384) .
(2)
انظر: صحيح البخاري/كتاب الفتن/باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفاراً) ، برقم (7078) . وصحيح مسلم/كتاب القسامة/باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض
والأموال، برقم (1679) .
(3)
رواه أحمد 35/467 (21590) . والترمذي/كتاب العلم/باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، برقم (2656) . وأبو داود/كتاب العلم/باب في القصص، برقم (3666) . وابن ماجه/المقدمة/باب من بلغ علماً، برقم (230) .
ضرورة إلى معرفة الأسانيد وصحتها، وفي ضرورة أيضًا إلى الفقه في هذه السنن الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على القواعد وأصول الشريعة حتى لا يضل الإنسان ويضل غيره.
الجواب على الملاحظة الرابعة: يجب أن يعلم الإنسان المفتي، أنه سفير بين الله وبين خلقه، ووارث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد أن يكون عنده علم راسخ يستطيع به أن يفتي عباد الله، ولا يجوز للإنسان أن يتصدر للفتوى والتدريس وليس معه علم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"(1) . والحمد لله، الإنسان الذي يريد الخير ويتأنى حتى يدركه وينشره، إن فسح له الأجل حتى أدرك ما
أراد فهذا هو مطلوبه، وإن لم يفسح له في الأجل وقف الله عليه الموت، فإنه كالذي يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله.
وكم من إنسان تعجل في التدريس والفتيا فندم، لأنه تبين له أن ما كان يقرره في تدريسه أو يفتي به في فتواه كان خطأ، والكلمة إذا
(1) رواه البخاري/كتاب العلم/باب كيف يقبض العلم، برقم (110) ، ومسلم/كتاب العلم/باب رفع العلم وقبضه، برقم (2673) .