الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 129: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ماذا يجب عليَّ تجاه أحد الأساتذة عندما يخطئ وخصوصًا في المواد الدينية، وأنا متأكد من الجواب الصحيح
؟
فأجاب بقوله: هذا سؤال مهم حيث نجد أن بعض الأساتذة لا يريد لأحد أن يخطئه مهما ارتكب من الخطأ، وهذا ليس بصحيح، فكل إنسان معرض للخطأ، والإنسان إذا أخطأ ونُبّه فهذا من نعمة
الله عليه، حتى لا يغتر الناس بخطئه، ولكن ينبغي للطالب أن يكون عنده شيء من اللباقة، فلا يقوم أمام الطلبة يرد على هذا المدرس فهذا خلاف الأدب، ولكن يكون ذلك بعد انتهاء الدرس، فإن اقتنع المدرس فعليه أن يعيد ذلك أمام الطلبة في الدرس المقبل وإن لم يقتنع فعلى الطالب أن يقوم أمام الطلبة في الدرس المقبل، ليقول: يا أستاذ إنك قلت: كذا وكذا وهذا ليس بصحيح.
س 130: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: البعض - هداهم الله- يقلل من العلماء بحجة عدم معرفة الواقع ويقدم الدعاة وطلبة العلم عليهم؛ لأنهم على اطلاع واسع بخلاف العلماء فما قولكم
؟
فأجاب بقوله: رأيي أنه يجب على الإنسان أن يحكم بين الناس
بالقسط، فمن استحق شيئاً أُعطي إياه، ومن لم يستحق شيء فلا يُعطى إياه.
ونحن نرى: أن من علماء الشريعة من لديهم علماً كثيراً ويكون عند بعضهم تفريط في بعض العبادات، أو في بعض الأخلاق، أو في بعض المعاملات، فهؤلاء يجب أن يُعطوا حقهم، فيُحمدون على ما عندهم من العلم، ويذمون على ما لديهم من التقصير، لكن ليس معناه أننا نغتابهم بل نناصحهم بأدب وتقدير واحترام.
ونرى أيضاً من الدعاة من عنده قدرة على الدعوة وعلى التأثير فينتفع الناس به، لكن نرى من بعض الدعاة من يغلو في بعض الأمور وتحمله العاطفة على سلوك ما لا ينبغي أن يسلكه.
أما بالنسبة لعموم الناس فإننا نقول لهم: الواجب أن تنظروا إلى العلم؛ لأن العلم هو الأصل.
وأما القدرة على التأثير وعلى الدعوة فهذا باب آخر، فكم من إنسانٍ جاهلٍ في ميزان أهل العلم بالشريعة، لكن عنده قوة تأثير حينما يتكلم بوعظٍ أو ما أشبه ذلك، فالواجب على الإنسان ألا يأخذ
دينه إلا ممن هو أهل للأخذ منه، كما قال بعض السلف:(إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)(1) .
(1) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه/باب بيان أن الإسناد من الدين (1/14، 15) من قول محمد بن سيرين.
ولا يكفي الإنسان أن يكون قوي الحجة عظيم البيان. فالواجب أن ينظر إلى ما عنده من العلم وما عنده من السلوك.
أما ما يقدح به بعض الناس في العلماء الكبار من أنهم لا يفقهون الواقع، فلا شك أن هذا من باب الافتراء، ومن باب قفو ما ليس له به علم.
فهل هم ناقشوا هؤلاء العلماء ووجدوا أنه ليس عندهم فهم للواقع؟
وهل الفقه الذي يُحمد عليه الإنسان أن يفقه الواقع؟
كم من إنسان كافرٍ ملحدٍ في الدول الغربية أو غيرها عنده من معرفة أحوال الواقع ما ليس عند كثير من الناس، فهل يحمد الإنسان على مجرد أن عنده علماً من الواقع؟!
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين"(1) ولم يذكر فقه الواقع، فالفقه الذي يُحمد عليه الإنسان هو: الفقه في الدين.
ونقول أيضاً: الفقه في الواقع يقع من إنسان عابد لله عز وجل معظم لله، ويقع ممن ليس في قلبه دين إطلاقاً، وهذا شيء مشاهد.
ولو نظرنا في كلام الساسة مما ينشر في الإذاعات ويقرأ في
(1) رواه البخاري/كتاب العلم/باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين/برقم (71) ، ومسلم/كتاب الزكاة/باب النهي عن المسألة/برقم (1037) .
الصحف، لوجدوا عندهم من معرفة الواقع ما لا يوجد عند كثير من المسلمين.
ثم إن دعوى: أن العلماء الكبار لا يفقهون الواقع: قول بغير حق، أو لأن العلماء صامتون، ويرون أنه من الحكمة أن لا يُثار الشعب على الولاة.
فمنْ يصف العلماء بأنهم لم يفقهوا الواقع، هل ناقشهم؟
فقد يكون عند العلماء من علم الواقع ما ليس عند منْ وصفهم بقلة فقه الواقع الذي قد انغر به من انغر من الناس. والله المستعان.