الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 2: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: يقول الله تبارك وتعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(1) فكيف يعرف العالم
؟
فأجاب بقوله: يعرف العالم بكونه يقول في الأشياء بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وشهادة الناس له بأنه عالم، أما الخشية فمحلها القلب، وكم من عالم قد سلب من قلبه الهدى فلم يخش الله، واستكبر عن عبادة الله- والعياذ بالله- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القرآن حجة لك أو عليك "(2) لكن العالم حقًا لابد أن يخشى الله- عز وجل إذا عرف قوته وسلطانه وشدة عقابه للمخالف خشى الله وخاف منه؛ ولهذا تجد أكثر الناس ورعًا من كان أعلم، وفي المقولة المشهورة (من كان بالله أعرف، كان منه أخوف) .
س 3: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ما المقصود بالعلماء في قوله تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(3)
؟
فأجاب بقوله: المقصود بهم: العلماء الذين يوصلهم علمهم إلى خشية الله، وليس المراد بالعلماء من علموا شيئاً من أسرار الكون كأن
(1) سورة المجادلة، الآية:11.
(2)
رواه مسلم/كتاب الطهارة/باب فضل الوضوء/برقم (223) .
(3)
سورة فاطر، الآية:28.
يعلموا شيئاً من أسرار الفلك وما أشبه ذلك، أو ما يسمى بالإعجاز العلمي، فالإعجاز العلمي في الحقيقة لا ننكره، لا ننكر أن في القرآن أشياء ظهر بيانها في الأزمنة المتأخرة، لكن غالى بعض الناس في الإعجاز العلمي، حتى رأينا من جعل القرآن كأنه كتاب رياضة، وهذا خطأ.
فنقول: إن المغالاة في إثبات الإعجاز العلمي لا تنبغي؛ لأن هذه قد تكون مبنية على نظريات، والنظريات تختلف، فإذا جعلنا القرآن دالاًّ على هذه النظرية، ثم تبين بعد أن هذه النظرية خطأ، معنى ذلك أن دلالة القرآن صارت خاطئة، وهذه مسألة خطيرة جدًّا. ولهذا اعتني في الكتاب والسنة ببيان ما ينفع الناس من العبادات والمعاملات، وبين دقيقها وجليلها حتى آداب الأكل والجلوس
والدخول وغيرها، لكن علم الكون لم يأتِ على سبيل التفصيل.
ولذلك فأنا أخشى من انهماك الناس في الإعجاز العلمي وأن يشتغلوا به عما هو أهم. إن الشيء الأهم هو تحقيق العبادة؛ لأن القرآن نزل بهذا، قال الله تعالى:(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(1) .
(1) سورة الذاريات، الآية:56.
أما علماء الكون الذين وصلوا إلى ما وصلوا إليه فننظر إن اهتدوا بما وصلوا إليه من العلم، واتقوا الله- عز وجل وأخذوا بالإسلام صاروا من علماء المسلمين الذين يخشون الله، وإن بقوا على كفرهم، وقالوا: إن هذا الكون له محدث، فإن هذا لا يعدو أن يكونوا قد خرجوا من
كلامهم الأول إلى كلام لا يستفيدون منه. فكل يعلم أن لهذا الكون محدثاً؛ لأن هذا الكون إما أن يحدث نفسه، وإما أن يحدث صدفة، وإما أن يحدثه خالق وهو الله- عز وجل فكونه يحدث نفسه مستحيل؛ لأن الشيء لا يخلق نفسه؛ لأنه قبل وجوده معدوم فكيف يكون خالقاً، ولا
يمكن أن يوجد صدفة لأن كل حادث لا بد له من محدث، ولأن وجوده على هذا النظام البديع والتناسق المتآلف والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها وبين الكائنات بعضها مع بعض يمنع منعاً باتاً أن يكون وجوده صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده فكيف
يكون منتظماً حال بقائه وتطوره؟ وإذا لم يمكن أن توجد هذه المخلوقات نفسها بنفسها ولا توجد صدفة تعين أن يكون لها موجد، وهو الله رب العالمين.