الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 113: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: يقع من بعض الناس- هداهم الله تعالى- التقليل من شأن العلماء بدعوى عدم فقه الواقع، فما توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرًا ووفقكم لما يحبه
ويرضاه
؟
فأجاب بقوله: لاشك أن فقه الواقع أمر مطلوب، وأن الإنسان لا ينبغي أن يكون في عزلة عما يقع حوله وفي بلده، بل لابد أن يفقه لكن لا ينبغي بأي حال من الأحول أن يكون الاشتغال بفقه الواقع
مشغلاً عن فقه الشريعة والدين، الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: " من يرد
الله به خيرًا يفقهه في الدين " (1)، لم يقل: يفقهه في الواقع، فإذا كان عند الإنسان علم بما يقع حوله لكنه قد صرف جهده وجل أمره إلى الفقه في دين الله، فهذا طيب، أما أن ينشغل بالواقع والتفقه فيه- كما زعم - والاستنتاجات التي يخالفها ما يقع فيما بعد؛ لأن كثيرًا من المشتغلين بفقه الواقع يقدمون حسب ما تمليه عليهم مخيلتهم، ويقدرون أشياء يتبين أن الواقع بخلافها، فإذا كان فقه الواقع لا يشغله عن فقه الدين، فلا بأس به، لكن لا يعني ذلك أن نقلل من شأن علماء يشهد لهم بالخير وبالعلم وبالصلاح لكنهم يخفى عليهم
(1) رواه البخاري/كتاب العلم/باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، برقم (71) ، ومسلم/كتاب الزكاة/باب النهي عن المسألة، برقم (1037) .
بعض الواقع، فإن هذا غلط عظيم، فعلماء الشريعة أنفع للمجتمع من علماء فقه الواقع.
ولهذا تجد بعض الذين عندهم اشتغال كثير في فقه الواقع وانشغال عن فقه الدين لو سألتهم عن أدنى مسألة في دين الله عز وجل لوقفوا حيارى، أو تكلموا بلا علم، يتخبطون تخبطًا عشوائيًا.
والتقليل من شأن العلماء الراسخين في العلم المعروفين بالإيمان والعلم الراسخ جناية، ليس على هؤلاء العلماء بأشخاصهم، بل على ما يحملونه من شريعة الله تعالى أيضًا، ومن المعلوم أنه إذا قلَّت هيبة العلماء، وقلت قيمتهم في المجتمع فسوف يقل بالتبع الأخذ عنهم، وحينئذ تضيع الشريعة التي يحملونها أو بعضها، ويكون في هذا جناية عظيمة على الإسلام وعلى المسلمين أيضًا.
والذي أرى أنه ينبغي أن يكون عند الإنسان اجتهاد بالغ، ويصرف أكبر همه في الفقه في دين الله- عز وجل وأن يعرف ما حوله من الأمور التي يعملها أعداء الإسلام للإسلام.
ومع ذلك أكرر أنه لا ينبغي للإنسان أن يصرف جل همه ووقته للبحث عن الواقع، بل أهم شيء أن يفقه في دين الله عز وجل وأن يفقه من الواقع ما يحتاج إلى معرفته فقط- وكما أشرت سابقًا في أول
الجواب- أن من فقهاء الواقع من أخطئوا في ظنهم وتقديراتهم