الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طرق تحصيل العلم
من المعلوم أن الإنسان إذا أراد مكانًا فلابد أن يعرف الطريق الموصل إليه، وإذا تعددت الطرق فإنه يبحث عن أقربها وأيسرها، لذلك كان من المهم لطالب العلم أن يبني طلبه للعلم على أصول،
ولا يتخبط خبط عشواء، فمن لم يتقن الأصول حرم الوصول، قال الناظم:
وبعد فالعلم بحور زاخرة
…
لن يبلغ الكادح فيه آخره
لكن في أصوله تسهيلاً لنيله
…
فاحرص تجد سبيلاً
اغتنم القواعد الأصولا
…
فمن تفُته يحرم الوصولا
فالأصول هي: العلم، والمسائل فروع، كأصل الشجرة وأغصانها، فإذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك.
لكن ما هي الأصول؟ هل هي الأدلة الصحيحة؟ أو هي القواعد والضوابط؟ أو كلاهما؟
الجواب: الأصول هي أدلة الكتاب والسنة، والقواعد والضوابط المأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة، وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم.
مثلاً: المشقة تجلب التيسير هذا من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة، من الكتاب من قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
حَرَجٍ) (1) ومن السنة: قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنه: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب "(2) . وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم "(3) هذا أصل لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة
لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل، لكن لو لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان أشكل عليك الأمر.
ولنيل العلم طريقان:
أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألفها علماء معروفون بعلمهم، وأمانتهم، وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات.
وأخذ العلم من بطون الكتب لابد أن الإنسان يصل فيه إلى غاية ما. لكن هناك عقبتان:
العقبة الأولى: الطول، فإن الإنسان يحتاج إلى وقت طويل، ومعاناة شديدة، وجهد جهيد حتى يصل إلى ما يرومه من العلم،
(1) سورة الحج، الآية:78.
(2)
رواه البخاري/كتاب تقصير الصلاة/باب إذا لم يطق قاعداً صلي على جنب، برقم (1117) .
(3)
رواه البخاري/كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288) . ومسلم/كناب الحج/باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337) .
وهذه عقبة قد لا يقوى عليها كثير من الناس، لاسيما وهو يرى من حوله قد أضاعوا أوقاتهم بلا فائدة، فيأخذه الكسل ويكل ويمل ثم لا يدرك ما يريد.
العقبة الثانية: أن الذي يأخذ العلم من بطون الكتب علمه ضعيف غالبًا، لا ينبني على قواعد أو أصول، ولذلك نجد الخطأ الكثير من الذي يأخذ العلم من بطون الكتب؛ لأنه ليس له قواعد وأصول يقعد عليها، ويبني عليها الجزئيات التي في الكتاب والسنة.
نجد بعض الناس يمر بحديث ليس مذكورًا في كتب الحديث المعتمدة من الصحاح والمسانيد، وهذا الطريق يخالف ما في هذه الأصول المعتمدة عند أهل العلم، بل عند الأمة، ثم يأخذ بهذا الحديث
ويبني عقيدته عليه، وهذا لاشك أنه خطأ؛ لأن الكتاب والسنة لهما أصول تدور عليها الجزئيات، فلابد أن ترد هذه الجزئيات إلى أصول، بحيث إذا وجدنا في هذه الجزئيات شيئًا مخالفًا لهذه الأصول مخالفة لا يمكن الجمع فيها، فإننا ندع هذه الجزئيات.
الثاني من طرق تحصيل العلم: أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه، وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم؛ لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب.
أما الطريق الثاني فيكون فيه المناقشة والأخذ والرد مع المعلم فينفتح بذلك للطالب أبواب كثيرة في الفهم، والتحقيق، وكيفية الدفاع عن الأقوال الصحيحة، ورد الأقوال الضعيفة، وإذا جمع
الطالب بين الطريقين كان ذلك أكمل وأتم، وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم، وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها، حتى يكون مترقيًا من درجة إلى درجة أخرى، فلا يصعد إلى درجة حتى يتمكن من التي
قبلها ليكون صعوده سليمًا.