الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له، ولا حقيقة له، لكن حسد وبغي، ولاشك أن الحسد من أخلاق اليهود أخبث عباد الله.
ثم إن الحسد لا يستفيد منه الحاسد إطلاقًا، بل لا يزيده إلا غمًا وحسرة، ابغ الخير للغير يحصل لك الخير، واعلم أن فضل الله يؤتيه من يشاء، لو حسدت فإنك لن تمنع فضل الله، ربما تمنع فضل الله
عليك بمحبتك زوال فضل الله على غيرك وكراهتك نعمة الله على غيرك، لذلك الحاسد من طلبة العلم مشكوك في نيته وإخلاصه في طلب العلم؛ لأنه إنما حسد لكون الثاني صار له جاه عند الناس، وله كلمة والتفَّ الناس حوله فحسده، لكونه يريد الدنيا، أما لو كان يريد الآخرة حقًا، ويريد العلم حقًا، لسأل عن هذا الرجل الذي التفّ الناس حوله وأخذوا بقوله. تسأل عن علمه لتكون مثله أيضًا، تجيء أنت لتستفيد منه، أما أن تحسده وتشوه سمعته، وتذكر فيه من العيوب ما ليس فيه فهذا لاشك أنه بغي وعدوان وخصلة ذميمة.
س 108: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: نحن طلبة نتلقى العلم، وندرس العقيدة على معلمين يدرسونا العقيدة الأشعرية، ويفسرون يد الله تعالى بقدرته أو نعمته، واستواءه على عرشه بالاستيلاء عليه ونحو ذلك، فما حكم الدراسة على هؤلاء المعلمين
؟
فأجاب بقوله: هؤلاء الذين يفسرون القرآن بهذا التفسير سميناهم أشعرية أو غير هذا الاسم، لاشك أنهم أخطئوا طريقة السلف الصالح. فإن السلف الصالح لم يرد عنهم حرف واحد فيما
ذهب إليه هؤلاء المتأولون، فليأتوا بحرف واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي- رضي الله عنهم أجمعين- أنهم أولوا اليد بالقدرة أو بالقوة، أو أولوا الاستواء بالاستيلاء، أو أولوا الوجه بالثواب، أو أولوا المحبة بالثواب أو بغير الثواب، ليأتوا
بحرف واحد عن هؤلاء أنهم فسروا هذه الآيات وأمثالها بما فسر به هؤلاء، فإذا لم يأتوا فيقال: إما أن يكون السلف الصالح وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إمام المتقين عليه الصلاة والسلام إما أن يكونوا على جهل بمعاني هذه العقيدة العظيمة، وإما أن يكونوا على
علم، ولكن كتموا الحق وكلا الأمرين لا يمكن أن يوصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه الراشدين ولا من صحابته المرضيين، فإذا كان ذلك لا يمكن في هؤلاء وجب أن نسير على هديهم.
وإن نصيحتي لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل، وأن يدعوا قول فلان وفلان، وأن يرجعون إلى كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، وأن يعلموا أن لهم مرجعًا يرجعون إلى الله تعالى فيه، ولا يمكن أن يكون لهم حجة فيما قال فلان وفلان،
والله إنهم لن يغنوا عنهم من الله شيئًا، إن الله تعالى يقول:(وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)(1) ولم يقل: (ويوم يناديهم فيقول: ماذا أجبتم فلان وفلان) وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العظيم: (فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(2) فأمر بالإيمان به واتباعه وإذا كان كذلك فهل يمكن أن يكون الإنسان مؤمنًا بالله ورسوله تمام الإيمان ثم يعدل عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في عقيدته بربه، ويحرف ما
وصف الله به نفسه في كتابه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد وهميات يدعونها عقليات؟
إنني أنصحهم أن يرجعوا إلى الله- عز وجل وأن يدعوا كل قول، لقول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنهم إن ماتوا على ذلك ماتوا على خير وحق وإن خالفوا ذلك فهم على خطر عظيم، ولن يغنوا عنهم من الله شيئًا، قال الله تعالى:(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)) (3) .
أكرر النصيحة لكل مؤمن أن يرجع إلى كتاب الله تعالى وسنة
(1) سورة القصص، الآية:65.
(2)
سورة الأعراف، الآية:158.
(3)
سورة النحل، الآية:111.