الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا لم يكن لديه شهادة، فإنه لن يقام له وزن، وطالب العلم إذا طلب العلم في الجامعة من أجل أن ينال شهادة يستطيع بها أن يصل إلى مناصب قيادية، فهذه نية طيبة وليس فيها شيء من الشرك في النية.
ولهذا لو اجتمع شخصان: أحدهما معه الشهادة الجامعية.
والثاني: ليس معه شهادة، والثاني أعلم من الأول، فأنه يُقدّم في الوظائف القيادية منْ معه الشهادة.
وحيئذ أرى أنه إذا تزاحمت الدروس في الكليات الشرعية مع دروس المساجد فإنه يقدّم الطالب الدراسة الجامعية، أما إذا لم تتزاحم بأن تكون الدراسة في المساجد موافقة للدراسة في الجامعة، فالأمر ظاهر أنه يمكن أن يجمع بين هذا وهذا، على أن الدراسة في المساجد الآن أصبحت ميسرة؛ إذ إن غالب الذين يدرسون في المساجد يكون عندهم مسجِّل يسجِّل كلماتهم وأسئلة الطلاب وأجوبتهم، فإذا أخذ الإنسان من هذه الأشرطة وصار يستمع إليها في وقت فراغه فكأنه لم يفُته شيء.
س 62: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: عمن لا يحب دراسة العقيدة خصوصًا مسألة القدر خوفًا من الزلل
؟
فأجاب بقوله: هذه المسألة كغيرها من المسائل المهمة التي لابد
للإنسان منها في دينه ودنياه، لابد أن يخوض غمارها وأن يستعين بالله تبارك وتعالى على تحقيقها ومعرفتها حتى يتبين له الأمر؛ لأنه لا ينبغي أن يكون على شك في هذه الأمور المهمة، أما المسائل التي لا تخل بدينه لو أجلها، ولا يخشى أن تكون سببًا لانحرافه، فإنه لا بأس أن يؤجلها مادام غيرها أهم منها، ومسائل القدر من الأمور المهمة التي يجب على العبد أن يحققها تمامًا حتى يصل فيها إلى اليقين.
وهي في الحقيقة ليس فيها إشكال- ولله الحمد- والذي يثقل دروس العقيدة على بعض الناس هم أنهم مع الأسف الشديد يرجحون جانب "كيف" على جانب "لِمَ" والإنسان مسؤول عن
عمله بأداتين من أدوات الاستفهام "لِمَ" و "كيف"، فلم عملت كذا؛ هذا الإخلاص. كيف عملت كذا؛ هذا المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأكثر الناس الآن مشغولون بتحقيق جواب "كيف" غافلون عن تحقيق جواب "لم" ولذلك تجدهم في جانب الإخلاص لا يتحرون كثيرًا، وفي جانب المتابعة يحرصون على أدق الأمور، فالناس الآن مهتمون كثيرًا بهذا الجانب، غافلون عن الجانب الأهم وهو جانب العقيدة وجانب الإخلاص وجانب التوحيد.
لهذا تجد بعض الناس في مسائل الدين يسأل عن مسألة يسيرة جدًا جدًا وقلبه منكب على الدنيا غافل عن الله مطلقًا في بيعه
وشرائه، ومركوبه، ومسكنه، وملبسه، فقد يكون بعض الناس الآن عابدًا للدنيا وهو لا يشعر، وقد يكون مشركًا بالله في الدنيا وهو لا يشعر، لأنه مع الأسف الشديد لا يهتم بجانب التوحيد وجانب
العقيدة، وهذا ليس من العامة فقط، ولكن من بعض طلاب العلم وهذا أمر له خطورته.
كما أن التركيز على العقيدة فقط بدون العمل الذي جعله الشارع كالحامي والسور لها خطأ أيضًا، لأننا نسمع في الإذاعات ونقرأ في الصحف التركيز على أن الدين هو العقيدة السمحاء وما أشبه ذلك من العبارات، وفي الحقيقة أن هذا يخشى أن يكون بابًا يلج منه من يلج في استحلال بعض المحرمات بحجة أن العقيدة سليمة، ولكن لابد من ملاحظة الأمرين جميعًا ليستقيم الجواب على "لِمَ" وعلى "كيف".
وخلاصة الجواب: أنه يجب على المرء دراسة علم التوحيد والعقيدة، ليكون على بصيرة في إلهه ومعبوده- جل وعلا- على بصيرة بأسماء الله، وصفاته، وأفعاله، على بصيرة في أحكامه الكونية،
والشرعية، على بصيرة في حكمته، وأسرار شرعه وخلقه، حتى لا يضل بنفسه أو يضل بغيره.
وعلم التوحيد هو أشرف العلوم لشرف متعلقه ولهذا سماه أهل