الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب بقوله: هذا الطالب إن كان هناك ضرورة لبقائه عندهم فهذا أفضل، مع أنه يمكنه أن يبقى عندهم مع طلب العلم؛ لأن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله، والعلم من الجهاد وبالتالي
فيكون بر الوالدين مقدمَا عليه إذا كانا في حاجة إليه، أما إذا لم يكونا في حاجة إليه، ويتمكن من طلب العلم أكثر إذا خرج فلا حرج عليه أن يخرج في طلب العلم في هذه الحال، ولكنه مع هذا لا ينسى حق الوالدين في الرجوع إليهما وإقناعهما إذا رجع، وأما إذا علم كراهة الوالدين للعلم الشرعي فهؤلاء لا طاعة لهما، ولا ينبغي له أن يستأذن منهما إذا خرج؛ لأن الحامل لهما كراهة العلم الشرعي.
س 24: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: هل يجوز للمرء أن يترك عمله ويتفرغ لطلب العلم، فيكون عالة على أبيه وأخيه
؟
فأجاب بقوله: لا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل هو من الجهاد في سبيل الله، ولا سيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم، وبدأ الجدل من كثير من الناس، فهذه ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم:
أولاً: بدع بدأت تظهر شرورها.
ثانيًا: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
ثالثًا: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم.
فمن أجل ذلك فنحن في ضرورة إلى أهل علم عندهم رسوخ وسعة اطلاع، وعندهم أيضًا فقه في دين الله، وعندهم حكمة في توجيه عباد الله؛ لأن كثيرًا من الناس الآن يحصلون على علم نظري
في مسألة من المسائل ولا يهمهم النظر إلى إصلاح الخلق وإلى تربيتهم، وأنهم إذا أفتوا بكذا وكذا صار وسيلة إلى شر أكبر لا يعلم مداه إلا الله.
وهاهم الصحابة- رضي الله عنهم أحيانًا يلزمون بأشياء قد تكون النصوص دالة على عدم الإلزام بها من أجل تربية الخلق.
عمر بن الخطاب- رضي الله عنه ألزم الناس بإمضاء الطلاق الثلاث، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، كان الطلاق الثلاث أي في مجلس واحد واحدًا، لكن هو محرم أي طلاق المرأة ثلاثًا في مجلس واحد؛ لأنه تعدى
حدود الله- عز وجل قال عمر- رضي الله عنه: أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وجعل الطلاق الثلاث ثلاثًا لا واحدًا بعد أن مضى عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
وعهد أبي بكر، وسنتان من خلافته- رضي الله عنه ألزم الناس بالطلاق الثلاث، مع أن الإنسان لو راجع زوجته بعد هذا الطلاق لكان رجوعه صحيحًا في العهدين السابقين لعهد عمر وسنتين من خلافته، لكن رأى أن المصلحة تقتضي إمضاء الطلاق الثلاث، ومنع الإنسان من الرجوع إلى زوجته.
أيضًا عقوبة الخمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل الشارب فيضرب بطرف الثوب أو بالجريد أو النعال نحوًا من أربعين جلدة، وفى عهد أبى بكر يجلد أربعين، وفي عهد عمر يُجلد أربعين، ولكنه لما كثر الشرب جمع الصحابة واستشارهم فقال: عبد الرحمن بن عوف:
أخف الحدود ثمانون. فجعل عمر عقوبة شارب الخمر ثمانين جلدة (1) . كل هذا من أجل إصلاح الخلق فينبغي للمسلم أو المفتي والعالم في مثل هذه الأمور أن يراعي أحوال الناس وما يصلحهم.
(1) رواه البخاري/كتاب الحدود/باب ما جاء في ضرب شارب الخمر/برقم (6773) .
ومسلم/كتاب الحدود/باب حد الخمر/برقم (1707) .