الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 58: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: كان عندي رغبة شديدة في طلب العلم منذ سنوات عديدة ولكن حال بيني وبين هذه الرغبة طلب المعاش الذي كان يستغرق النهار كله، والآن
لقد من الله علي بدخل يغنيني عن العمل، فهل لي أن أتفرغ للعلم مع أن عمري قد وصل الثلاثين سنة
؟
فأجاب بقوله: نقول: تفرغ للعلم ولو بلغت ثلاثين سنة، ألم تعلم أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يرسلون إلا إذا بلغوا أربعين سنة، فلا يخذلنك الشيطان، ويقول: تجاوزت الحد، بل اطلب العلم
ولو كان لك ثلاثون سنة؛ فنحث أخانا الذي مَنَّ عليه الله بالمال أن يبدأ بطلب العلم، ولكني أنصح ألا يجلس عند عالم دون أن يعرف عقيدته؛ لأن العقيدة مهمة، فقد يحضر عند مدرس عقيدته فاسدة
لكن الله أعطاه بياناً وفصاحة فيسحر الناس ببيانه وفصاحته كما جاء في الحديث: "إن من البيان لسحرًا"(1) .
فأقول اختر العالم المعروف بسلامة العقيدة أولاً.
وثانياً: المعروف بسلامة مقصده، فلا يقصد الرياء والفخر والعلو على الناس.
(1) رواه البخاري/كتاب النكاح/باب الخطبة/برقم (5146) . ومسلم/كتاب الجمعة/ باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869) .
وثالثًا: سلامة منهجه؛ لأن بعض العلماء عقيدته سليمة وإرادته سليمة فلا يريد العلو ولا الاستكبار لكن منهجه رديء يتكلم في عيوب غيره، ولا يتكلم في عيوبه.
فتجده مثلاً: يتكلم في العلماء، أو يتكلم في الأمراء أو يتكلم في ولاة الأمر، ولاشك أننا الآن في زمن بعيد عن عهد النبوة، فبيننا وبين عهد النبوة أربعة عشر قرنًا، ولولا أن الله عز وجل حمى هذا
الدين الإسلامي لانتكست الأمة كما انتكست الأمم، لكن لا تزال طائفة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الحق.
فأقول: إن البعض فيه رداة في المنهج فتجده مسلطًا على الكلام في أعراض العلماء، أو في أعراض الأمراء، كأنه موكل بتتبع عورات العلماء وعورات الأمراء.
ونحن لا نشك أن العلماء لهم أخطاء، وأنه ليس كل واحد منهم معصومًا، لكن إذا أخطأ العالم الذي يقتدى به فعلينا أن ننصحه فيما بيننا وبينه دون أن ننشر مساوئه؛ لأنك إذا نشرت مساوئ العالم
أسأت إليه شخصيًا، وأسات إلى الشريعة التي يحملها؛ لأن الناس إذا قلَّت ثقتهم في العالم لا يكون لقوله بينهم قيمة؛ فتهدم شريعة من الشرائع تأتي على لسان هذا العالم، فمن كان حقيقة ناصحًا فإنه
يناصح العالم فيما بينه وبين العالم، وليخاطبه بأدب واحترام. وليقل