الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرجت من فم صاحبها ملكته، وإذا كانت عنده ملكها.
فليحذر الإخوة الذين هم في ريعان طلب العلم من التعجل، وليتأنوا حتى تكون فتواهم مبنية على أسس سليمة، وليس العلم كالمال يتطلب الإنسان فيه الزبائن ليدرك من يشتري منه، بل العلم
إرث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فيجب على الإنسان أن يكون مستشعرًا حين الفتوى شيئين:
الأول: أنه يقول عن الله- عز وجل وعن شريعة الله.
الثاني: أنه يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء.
س 105: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ما قول فضيلتكم في بعض الطلاب الذين يدرسون من أجل الوظيفة والراتب، وكذلك ما يفعله البعض من استئجار من يكتب لهم البحوث، أو
يعد لهم الرسائل، أو يحقق بعض الكتب فيحصلون به على شهادات علمية
؟
فأجاب بقوله: يجب على طالب العلم إخلاص النية لله- عز وجل وأن يعتقد أنه ما قرأ حرفًا ولا كلمة، ولا أتم صفحة في العلم الشرعي إلا وهو يقربه إلى الله عز وجل.
ولكن كيف يمكن أن ينوي التقرب إلى الله بطلب العلم؟
الجواب: يمكن ذلك؛ لأن الله أمر به، والله إذا أمر بشيء ففعله الإنسان امتثالاً لأوامر الله، فتلك عبادة الله؛ لأن عبادة الله هي امتثال أمره، واجتناب نهيه، وطلب مرضاته، واتقاء عقوبته.
ومن إخلاص النية في طلب العلم أن ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره من الأمة، وعلامة ذلك أن الرجل تجده بعد طلب العلم متأثرًا بما طلب، متغيرًا في سلوكه ومنهاجه، وتجده حريصًا على نفع
غيره، وهذا يدل على أن نيته في طلب العلم رفع الجهل عنه وعن غيره فيكون قدوة، صالحًا مصلحًا، وهذا ما كان عليه السلف الصالح، أما ما عليه الخلف اليوم فيختلف كثيرًا عن ذلك، فتجد الأعداد الكبيرة من الطلاب في الجامعات والمعاهد، منهم من نيته لا تنفعه في الدنيا والآخرة، بل تضره، فهو ينوي أن يصل إلى الشهادة لكي يتوصل بها إلى الدنيا فقط، وقد جاء التحذير من الرسول صلى الله عليه وسلم فقال:"من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة"(1) . أي ريحها.
(1) رواه أحمد 14/169 (8457) ، وأبو داود/كتاب العلم/باب في طلب العلم لغير الله، برقم
(3664)
، وابن ماجه/كتاب الطهارة وسننها/باب الانتفاع بالعلم والعمل به، برقم (252) .
وهذا خطر عظيم، علم شرعي تجعله وسيلة إلى عرض الدنيا، هذا قلب للحقائق.
والطالب إذا أخلص النية جاءته الدنيا تبعًا ولن يفوته شيء وسيخرج هو ومن يريد الشهادة للدنيا على حد سواء، بل المخلص أكثر تحصيلاً للعلم وأبلغ رسوخًا فيه.
وإن مما يؤسف له- كما ذكر السائل- أن بعض الطلاب يستأجرون من يعد لهم بحوثًا أو رسائل يحصلون بها على شهادات علمية، أو من يحقق بعض الكتب فيقول لشخص حضر لي تراجم
هؤلاء، وراجع البحث الفلاني، ثم يقدمه رسالة ينال بها درجة يستوجب بها أن يكون في عداد المعلمين أو ما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة مخالف لمقصود الجامعة ومخالف للواقع، وأرى أنه نوع من
الخيانة؛ لأنه لابد أن يكون المقصود من الرسالة هو الدراسة والعلم قبل كل شيء، فإذا كان المقصود من ذلك الشهادة فقط فإنه لو سئل بعد أيام عن الموضوع الذي حصل على الشهادة فيه لم يجب.
لهذا أحذر إخواني الدين يحققون الكتب، أو الذين يحضرون رسائل على هذا النحو من العاقبة الوخيمة، وأقول: إنه لا بأس من الاستعانة بالغير ولكن ليس على وجه أن تكون الرسالة كلها من صنع غيره، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، إنه سميع مجيب.