الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 204: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: ما توجيهكم حول ما يحصل من البعض من التفرق والتحزب
؟
فأجاب بقوله: لاشك أن التحزب والتفرق في دين الله منهي عنه محذر منه، لقوله تعالى:(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(1) وقوله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(2) .
فلا يجوز للأمة الإسلامية أن يتفرقوا أحزابًا، لكل طائفة منهج مغاير لمنهج الأخرى، بل الواجب اجتماعهم على دين الله على منهج واحد وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الصحابة المرضيين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة"(3) .
وليمس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم أن
(1) سورة آل عمران، الآية:105.
(2)
سورة الأنعام، الآية:159.
(3)
رواه أحمد 28/367 (17142) ، والترمذي/كتاب العلم/باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، برقم (2676) ، وأبو داود/كتاب السنة/باب في لزوم السنة، برقم (4607) ، وابن ماجه في المقدمة/باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، برقم (42) .
تتفرق الأمة أحزابًا لكل حزب أمير ومنهج، وأمير الأمة الإسلامية واحد، وأمير كل ناحية واحد، من قبل الأمير العام.
وإنما أمر النبي ظَ باتخاذ أمير في السفر؛ لأن المسافرين نازحون عن المدن والقرى التي فيها أمراء من قبل الأمير العام، وربما تحصل مشاكل لا تقبل التأخير إلى وصول هذه المدن والقرى، أو مشاكل
صغيرة لا تحتمل الرفع إلى أمراء المدن والقرى، كالنزول في مكان والنزوح عنه، وتسريح الرواحل وحبسها ونحو ذلك، فكان من الحكمة أن يؤمِّر المسافرون أحدهم لمثل هذه الحالات.
ونصيحتي للأمة أن يتفقوا على دين الله ولا يتفرقوا فيه، وإذا رأوا من شخص أو طائفة خروجًا عن ذلك نصحوه، وبينوا له الحق، وحذروه من المخالفة، وبينوا له أن الاجتماع على الحق أقرب إلى
السداد والفلاح من التفرق.
وإذا كان الخلاف عن اجتهاد سائغ فإن الواجب ألا تتفرق القلوب وتختلف من أجل ذلك، فإن الصحابة الكرام- رضي الله عنهم حصل بينهم خلاف في الاجتهاد في عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعده، ولم يحصل بينهم اختلاف في القلوب أو تفرق، فليكن لنا فيهم أسوة،
فإن آخر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها.
وفقنا الله إلى ما يحبه ويرضاه.
رسالة
حول الاجتماع والاختلاف وترك التفرق والاختلاف الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم على نبيا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العظيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (1) فأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نذكر نعمة الله علينا، إذ كنا أعداء فألف بين قلوبنا، فأصبحنا بنعمته إخوانًا، فعلينا جميعًا أن نشكر الله على هذه النعمة
وأن نحرص كل الحرص على أن تكون كلمتنا واحدة.
لأننا بذلك نكون أمة قوية مرموقة، وأما إذا تنازعنا وتفرقنا فإنه بلا شك سوف نفشل وتذهب ريحنا، كما قال الله تعالى:(وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(2)
والواجب على طلبة العلم خاصة، وعلى المسلمين عامة أن يدعوا
(1) سورة آل عمران، الآيتان: 102، 103.
(2)
سورة الأنفال، الآية:46.
الأحقاد والأضغان، وأن يكون هدفهم واحد ودعواهم واحدة، وألا يظهروا الشماتة بأنفسهم بالتفرق والتنازع، والتنابز بالألقاب، والكراهية والبغضاء، فإن ذلك أعظم سلاح فتاك يبطل هيبة
المسلمين، ويوجب أن يتسلط عليهم أعداؤهم فيقفون متفرجين عليهم ينظرون إليهم وهم يتنازعون ويتخاصمون ويقولون: كفينا أن نفسد بين المسلمين.
وإنه يجب على كل واحد منا أن يعذر أخاه فيما طريقه الاجتهاد، فإن اجتهاد كل واحد ليس حجة على الآخر، والحجة ما قاله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الخلاف سائغًا لم يظهر فيه العصيان والتعصب للنفس، فإن الواجب أن تتسع صدورنا له، ولا مانع حينئذ من المناقشة الهادئة التي يراد بها التوصل إلى الحق، فإن هذا هو طريق الصحابة رضي الله عنهم، وأما أن نتخذ من الخلاف السائغ مثارًا للكراهية والبغضاء والتحزب، فإن ذلك خلاف طريق السلف
الصالح، ولينظر الإنسان وليتفكر في هذه الشريعة الإسلامية فإنها جاءت بما يوجب الألفة والمحبة، ونهت عن كل ما يوجب التفرق والبغضاء، فكثير من العبادات يشرع فيها الاجتماع كالصلوات،
وكثير من الأشياء نهى الله عنها لأنها توجب العداوة والبغضاء كالبيع على بيع المسلم، والخطبة على خطبته وغير ذلك.
فنصيحتي لإخواني أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم وفي أمتهم، وألا يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحهم.
وأسأل الله لنا جميعًا التوفيق لما يحب ويرضى.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حرر في 29/3/1416 هـ
رسالة
سماحة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لا يخفى على فضيلتكم كثرة الأحزاب في الساحة، فما توجيهكم حفظكم الله تعالى؟
فأجاب بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا شك أن تحزب المسلمين إلى أحزاب متفرقة متناحرة، مخالف لما تقتضيه الشريعة الإسلامية من الائتلاف والاتفاق، موافق لما يريده الشيطان من التحريش بين المسلمين، وإيقاع العداوة
والبغضاء، وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، قال الله تعالى:(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)(1) . وفي الآية الأخرى: (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)(2) . وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(3) . وقال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(4) .
(1) سورة الأنبياء، الآية:92.
(2)
سورة المؤمنون، الآية:52.
(3)
سورة آل عمران، الآية:103.
(4)
سورة آل عمران، الآية:155.
فاجتهدوا في جمع الكلمة، وترك التنابذ والتفرق، فإن التنازع والتفرق سبب للخذلان والفشل.
أسال الله تعالى أن يصلح أمور المسلمين ويجمع كلمتهم كل الحق، إنه على كل شيء قدير.
كتبه محمد الصالح العثيمين
في 13 صفر سنة 1419 هـ.