الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمة كذلك بحاجة إلى دعاة تغرسُ في الناس حب الخير والاتجاه إليه، ولكن الحاجة ماسَّة إلى دعاة حكماء يعرفون كيف يضعون الكلمة وكيف يمسكونها؛ لأن من الدعاة من تحمله الغيرة على
إطلاق كلمات قد يكون من الحكمة ألا تُذكر.
أما الفقهاء فلا شك أنهم هم الذين يبحثون في دُرر معاني الكتاب والسنة من أجل أن يهدوا بها الأمة، فلكل مجال عمله، والأمة محتاجة إلى هؤلاء وهؤلاء.
أما احتياج الداعي للعلم فلا شك أنه محتاج إليه، فالعلم في حقه ضروري، وكيف يدعو إلى ما لا يعلم؟ أليس الله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم:(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)(1) أي: على علم من الشرع الذي يدعو إليه، وعلم بحال المدعوين، وعلم بما يناسب الحال
والوقت والمكان، فلا بد للداعي من هذا العلم.
فالأمة الإسلامية محتاجة إلى علماء وإلى دعاة، وإذا منَّ الله على العبد أن يكون داعية وفقيهاً عالماً؛ فهذا من نعم الله عز وجل عليه.
س 214: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله: لقد ظهرت دعوات كثيرة منها الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي، فكيف
(1) سورة يوسف، الآية:108.
يكون ذلك التجديد؟
فأجاب بقوله: هذا التجديد الذي ذكره السائل إن أراد به: مقترحه أن يُجدّد التبويب، وعرض المسائل الفقهية، حتى يكون ملائمًا وقريباً لأفهام المعاصرين، فهذا لا بأس به، وما هو إلا تغير
أسلوب من حال إلى حال ليقرب المعنى إلى أذهان الناس.
على أن التجديد على هذا الوجه له مساوئ منها: أن نرى كثيرًا من المعاصرين الذين يكتبون فيما كتبه السابقون يطيلون الكلام والتفصيلات حتى يذهب آخر الكلام أوله، ويضيع الإنسان بين
هذه التقسيمات وبين الكلام الذي يعتبر حشوًا، وهذه سيئة عظيمة تُبدّد الفكر، بل يضيع للإنسان نصف الوقت الذي يقضيه في قراءة هذه الكتب الجديدة، ولا أقول: إن هذا وصف لكل كتاب جديد بل في كثير من الكتب المصنفة الجديدة ما يكون على هذا النمط.
وإن أراد مقترحوا التجديد الفقه أن يغير بهذا التجديد ما دلت النصوص على حكمه، فإن هذا مبدأ خطير ومبدأ باطل؛ إذ لا يجوز للإنسان أن يغير شيئًا من أحكام الله عز وجل، فإن أحكام الله تعالى باقية ما بقي هذا الدين، وهذا الدين سيبقى إلى يوم القيامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة"(1) .
(1) رواه مسلم/كتاب الأيمان/باب نزول عيسى ابن مريم، برقم (156) .