الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» (62: الأحزاب) والسفاهة. خفة الحلم والطيش.
والبسطة فى الخلق: الزيادة فى بناء الجسد، وقوته. ذلك نعمة من نعم الله، إذا صادفت عقلا راشدا، وقلبا سليما..
والآلاء: النعم، وهى جمع: إلى، على وزن معى، وألى على وزن قفا..
والرجس: القذر والنجس..
ووقع عليهم: أي حلّ بهم، وأصابهم.
والدابر: ظهر الشيء وخلفه.. ودابر القوم: آخرهم.. والمراد أنهم أخذوا عن آخرهم، فلم تبق منهم باقية.
والقطع: الاستئصال من الجذر..
وفى قوله تعالى: «وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ» إشارة إلى أنهم لن يكونوا أبدا من المؤمنين، ولو جاءتهم كل آية.. حتى يروا العذاب الأليم.
الآيات: (73- 79)[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 79]
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (76) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)
التفسير: وبعد «هود» جاء «صالح» إلى قومه «ثمود» .
وتتكرر الأحداث، ويشهد صالح ما شهد النبيّان الكريمان من قبله، نوح، وهود.. من البهت والتكذيب، والإصرار على الضلال والكفر..
وتجىء الخاتمة المنتظرة.. غضب الله وعذابه للقوم المجرمين، ورحمته وإحسانه للرسول ولمن اتبعه من المؤمنين..
ولدعوة التي يحملها الأنبياء إلى أقوامهم دائما، هى الإيمان بالله، والانخلاع عن عبادة لأوثان والأصنام:«اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» . تلك هى رأس دعوتهم.
ويجىء صالح إلى قومه بآية محسوسة يضعها بين أيديهم: «هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» .
والناقة التي جاءهم بها صالح- عليه السلام هى البينة، وهى الآية، التي تشهد له بأنه رسول الله، وقد اختلف فى أوصاف هذه الناقة، وفى الوجه الذي جاءت منه، فقيل إنهم اقترحوا عليه ناقة تخرج من صخرة أشاروا له إليها، فخرجت منها الناقة. وقيل إنها كانت على شىء عظيم من بسطة الجسم، حتى لقد كانت تشرب الماء الذي كان يشربه القوم كلهم فى يوم.. وقد حملوا هذا
المعنى على قوله تعالى: «هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» .
(155: الشعراء) .
وليست العبرة فى خلق الناقة، ولا فى أوصافها التي كانت عليها، وإنما العبرة فيما ابتلوا به منها.. إنها ناقة الله.. وربما لا يكون فيها شىء يختلف عن جنسها من النياق، ولكن هكذا أضافها الله إليه تكريما وتشريفا، لتكون معلما من معالم الحق، له احترامه، وتوقيره.. والبلوى فيها هو ألا يمسوها بسوء.. فإن هم مسوها بسوء أخذهم العذاب.. وهذا هو وجه التحدي من تلك الآية، وتلك هى المعجزة المتحدية منها.
ولم يصبر القوم على هذا البلاء، ولم يدعوا الناقة تأكل فى أرض الله كما تأكل جميع النياق، ولكنهم تحدوا هذه المعجزة، واستعجلوا العذاب الذي يأتيهم من جهتها، فمقروها. وقد أغراهم على ذلك ما أغرى أباهم آدم بالأكل من الشجرة التي نهى عن أكلها.. وإنه لو لم ينه عنها فلربما لم يلتفت إليها ولم يأكل منها.. وكذلك هم، كان نهيهم عن ترك الناقة تأكل فى أرض الله إلفاتا لهم إليها، وابتلاء لهم بعدم الامتثال لما أمروا به فى شأنها.. «فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ» أي مقلوبين على وجوههم، كما يجثم الطائر على الأرض والرجفة التي أخذتهم هى الزلزلة.. وقد وصفت بالطاغية فى قوله تعالى:«فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ» (5: الحاقة) ووصفت بالصيحة فى قوله تعالى: «وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ» (68: هود) وفى قوله تعالى: «قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ» إشارة إلى أن صالحا كان ذا جاه فى قومه، وأن سفاءهم لم يواجهوه مواجهة بالتجريح والتكذيب، بل