الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات: (14- 16)[سورة الأنعام (6) : الآيات 14 الى 16]
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)
التفسير: الولىّ: السيد، والمعين.. فاطر السموات والأرض: أي خالقهما ابتداء.
وقوله تعالى: «قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا» استفهام إنكارى، وكأنه ينكر على نفسه أن تدعوه إلى أن يتخذ من دون الله وليّا ومعينا، أو ينكر على غيره أن يدعوه إلى تلك الدعوة المنكرة..
والمعنى: إنى لا أتخذ وليّا ومعتمدا أعتمد عليه، وأستعين به، غير الله، ذى الحول والطول، وذى القدرة التي لا يعجزها شى.. تلك القدرة التي كان من صنعتها هذا الوجود كلّه، فى سماواته وأرضه، أوجدهما- سبحانه- ابتداء على غير مثال «فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» .
وهذا الاستفهام الإنكارىّ، أقوى قوة، فى إظهار الولاء الخالص لله، والثبات عليه- من الخبر التقريرىّ بالولاء، إذ فيه إنكار لموالاة غير الله أولا، ثم إقبال على موالاته سبحانه، ثانيا، وفى هذه العملية إثارة للعقل وتحريك للوجدان، ومواجهة لمن يدعوهم الدّاعون أن يتخذوا أولياء من دون الله.. حتى إذا أنكرهم العقل ولفظهم الشعور، أقبل المرء على الله، وقد صفّى حسابه مع هذه الضلالات القائمة على طريقه إلى الله، فيلقى ربّه بكيانه كله، ويلقى إليه بولائه خالصا..
وقوله تعالى: «وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ» أي فالله المستحقّ لأن يتخذه الناس وليّا، ومعتمدا، هو الذي فطر السموات والأرض، وهو الذي يقوت
المخلوقات ويطعمها، ويمدّها بما يحفظ وجودها، دون أن يكون لهذا مقابل..
وإنما هو فضل وكرم من ربّ العالمين، المستغنى عن كلّ عون، الغنىّ عن كل مخلوق.. وكيف لمن كان مصدر العطاء أن يكون محتاجا إلى عطاء؟
وكيف لمن يستمدّ منه العون أن يكون محتاجا إلى معين؟ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وقوله سبحانه: «قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ» هذا ما أمر به النبىّ من ربّه، وهو أن يكون أول من أسلم وجهه لله، وأول من ألقى بنفسه بين يديه، ووالاه.. إذ كان صلى الله عليه وسلم هو مفتتح دعوة الإسلام، وحامل رسالتها إلى المسلمين، فكان أول من آمن بها، واستقام على هديها.. وذلك بعد أن استدلّ على خالقه بتفكيره فى خلقه، وأنكر أن يتحذ وليّا من دونه، وهو الذي فطر السموات والأرض.. وهو الذي يطعم ولا يطعم، فإذا جاءت دعوة الله تعالى إليه صادفت تلك الدعوة قلبا مستقبلا لها..
والأمر هنا، هو الدعوة إلى الإيمان بالله، من الله، وإلى نبى الله، وليس فى هذا الأمر إلزام ولا قهر، ولكن النبىّ الكريم فى استجابته لربّه، وفى مبادرته إلى الاستجابة، واحتفائه بها، وشدّ نفسه إليها، وعقد قلبه عليها كل أولئك قد جعل الدّعوة الإلهية أمرا يتلقّاه النبىّ بكيانه كله، ويعطيه كل ما قدر عليه من قوة وعزم.
وقوله تعالى: «وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» هو عطف على الأمر المفهوم من قوله تعالى: «أُمِرْتُ» أي أن الله سبحانه وتعالى أمرنى بأن أكون أول من أسلم، فقال لى: كن أول من أسلم، ونهانى عن أن أشرك به فقال لى: ولا تكوننّ من المشركين..
وقوله تعالى: «قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ»