الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شئون قريبهم الميت، لأنهما شاهدان، رأيا، وسمعا، على حين أن أهله غائبون عنه، لم يروا ولم يسمعوا..
وفى قوله تعالى: «فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ» تحريض للشاهدين على أن يؤدّيا الشهادة على وجهها، وأنهما بما احتملا من أمانة الشهادة، أصبحا بهذه المنزلة من الميت، وأنهما أقرب من قرابته وأولى منهم بكلمة الفصل فى شئونه، ولكنهما إذا خانا الأمانة، ولم يؤديا الشهادة على وجهها، زحزحا عن هذا الموقف، وانتقلا من منصّة الحكم، إلى موقف الاتهام.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى «ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ» .. أي فى هذا التدبير الحكيم بإقامة شاهدين من أولياء الميت مقام هذين الشاهدين، عند العثور على خيانتهما- فى هذا ما يدعوهما إلى الحرص على أداء الشهادة، أقرب ما تكون إلى الحق، إن لم يكن ذلك عن ديانة وإيمان، كان عن خوف من الفضيحة والاتهام والخزي أمام الناس.
وقوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» هو دعوة للشاهدين، ولأولياء الميت، ثم لكل مؤمن، بتقوى الله، والامتثال لأمره ونهيه، فمن خرج عن شريعة الله، فهو فى ضلال دائم، لا يهتدى إلى خير أبدا.. «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ» (35: الرعد) .
الآية: (109)[سورة المائدة (5) : آية 109]
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَاّمُ الْغُيُوبِ (109)
التفسير: الظرف فى قوله تعالى: «يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ» متعلق بقوله تعالى فى الآية السابقة: «وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ» أي أن الله لا يهدى الفاسقين، إلى رضوانه، ونعيم جناته، يوم القيامة، يوم يجمع الله الرسل..
وسؤال الرسل يوم القيامة، يكون فى مواجهة من أرسلوا إليهم، ومن دانوا بشريعتهم، حيث يقول الله تعالى:«فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ» (5: الأعراف) .
وفى هذا الجمع بين الرسل وبين من أرسلوا إليهم، وفى هذه المساءلة فى مواجهتهم، تحذير من هذا الموقف، الذي يجزى فيه من وقف من رسل الله موقف المحادّة والعناد، حيث لا يجد الضالّون والمعاندون ما يقولونه، وحيث لا يكون قول الرسل فيهم إلا وبالا عليهم، وخزيا وفضحا لهم..
وقوله تعالى: «ماذا أُجِبْتُمْ» أي ماذا أجبتم به ممن دعوتموهم إلى الإيمان؟ وهل استجابوا أم أبوا؟ ومن استجاب منهم ومن أبى؟
وفى قوله تعالى: «قالُوا لا عِلْمَ لَنا» وفى التعبير بلفظ الماضي عن إجابتهم، ما يشير إلى أن ذلك هو قول الرسل دائما، إذا سئلوا من قبل الله عن شىء! إن علمهم بهذا الشيء لا يعتبر علما إلى علم الله، الذي يعلم الشيء ظاهرا وباطنا، وحقيقة وكونا.
وقوله تعالى: «إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» .. الغيوب جمع غيب، وهو بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى شىء واحد، واقع تحت علمه، أما بالنسبة للرسل وغيرهم، فهو غيب وغيوب.