الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من دعوة إلى أناس كلّهم طلاب علم، ولكنّهم درجات متفاوتة، فيما يعلمون!.
النجوم
…
«لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» .
وخلق الناس من نفس واحدة
…
«لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ» .
والماء وأثره فى الحياة، وفى عالم النبات.. «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» .
فهذه النظرات المردّدة فى الكون.. تجىء أول ما تجىء بالعلم، فإذا كان لصاحب هذا العلم نظرة تجمع الحقائق الجزئية، وتقيم منها حقائق كلية.. كان علمه هذا فقها. فإذا اتخذ من هذه الفقه مادة لجمع الحقائق الكلية ودرجها تحت حقيقة كليّة كبرى، كان فقهه هذا هو الإيمان..
الإيمان القائم على النظر الاستدلالي، والبحث الاستقصائى، لا على الإيمان التقليدى، الذي يعتمد على مشاعر غامضة، ووجدانات باهتة، لا تصل الإنسان بالله إلا بخيط واه ضعيف ينقطع عند أول هزّه تمرّ به.
الآيات: (100- 103)[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
التفسير: وإذ انتهت المعارض التي عرضها الله سبحانه وتعالى فى الآيات السابقة، شاهدا يشهد لوجوده، ودليلا يدل على قدرته وعلمه وحكمته- إذ
انتهت هذه المعارض بأرباب العقول إلى أن يهتدوا بها، ويؤمنوا بالله على هديها- فإن كثيرا من الناس قد عموا عن هذه الآيات، فلم يروا فيها بصيصا من النور يقودهم إلى الله، ويفتح قلوبهم وعقولهم للإيمان به، ولهذا جاءت الآيات بعد هذا تنعى على هؤلاء موقفهم، وتفضح على الملأ حمقهم وجهلهم..
فقال تعالى: «وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ» ..
ويلاحظ أنه لم يجر لهؤلاء الذي تحدّث عنهم الآية الكريمة، ذكر من قبل، بل جىء بهم هكذا فى هذا الموقف، حتى لكأنهم كانوا قد أعدّوا من قبل لهذا الذي هم فيه الآن فى موضع التجريم، والاتهام.. وهذا ما يشير إلى أن هؤلاء المشركين بالله كاوا على حال ظاهرة من الشرك، بحيث يعرفهم كل أحد، ويستدل عليهم كل من يريد أن يمسك بأهل الشرك، ويضع يده عليهم، دون بحث أو معاناة.
وفى اتخاذهم الجنّ شركاء، إشارة إلى أن الجنّ هم الذين زينوا لهم الشرود عن الله، وعبادة كل من عبدوه من دون الله.
وفى قوله تعالى: «وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ» .. التعبير بخرقوا فى مقابل «خلق» إشارة إلى أن هذا الذي نسبه المشركون إلى الله من بنين وبنات، حين قالوا عن الملائكة إنهم بنات الله، كما قال الله، تعالى عنهم:
«وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً» (19: الزخرف) - هذا الذي نسبوه إلى الله، هو من تلقيات أوهامهم الضالة، وأهوائهم الفاسدة، وأنه خرق واختلاق، لا يقوم على علم، ولا يستند إلى معرفة.. إنه خرق لناموس الحقّ، وسلطان العقل.
قوله تعالى: «بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ
صاحِبَةٌ»
هو ردّ على هذا الافتراء الذي افتراه المشركون على الله، بنسبة الولد إليه.. إذ كيف يكون له ولد، وهو سبحانه الخالق لكل شىء، مبدع السموات والأرض وما فيهن، أوجدهما من عدم، على غير مثال سبق..؟ فكيف يصح فى عقل ذى عقل أن يتخذ الله ولدا، والولد إنما يطلبه الوالد ليكون سندا له، وامتدادا لحياته من بعده..؟ والله سبحانه وتعالى قوىّ لا يحتاج إلى سند، حىّ حياة أبدية سرمدية لا تنقطع.. فما الداعي لطلب الولد؟ وما الحاجة إليه؟ .. ثم كيف يكون له سبحانه ولد، ولم تكن له صاحبة- أي زوج-؟
ولو كانت له صاحبة لكانت إلهة مثله.. إذ أن التوالد لا يكون إلا بين المتماثلين.. والله- سبحانه- منزّه عن المثل والشبيه! وقوله تعالى: «وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» تقرير لهذا الحكم، وتوكيد له.. إذ أن الخالق لكل شىء، لا يناسبه ولا يماثله شىء من مخلوقاته، وإذن فلا يكون له من تلك المخلوقات صاحبة ولا ولد..
وقوله سبحانه: «ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ» الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى هنا إشارة إلى المعبود الذي ينبغى أن تتجه إليه وجوه العابدين جميعا، فهو ربّهم الذي أوجدهم من عدم، وأمسك عليهم وجودهم بمقدرته، وأفضاله عليهم، وليس إله غيره كان له هذا الأثر فيهم، فهو خالقهم، وخالق كل شىء عبدوه.
أو لم يعبدوه.. فهو المستحق لأن يمجّد وأن يحمد، ويعبد.. وهو سبحانه قائم على كل شىء وكيل على ما يجرى فى ملكه، وما يقع من مخلوقاته، من استقامة أو انحراف، ومن ولاء له، أو كفر به.. وسيجزى كلّ حسب عمله.
ووكالة الله سبحانه على هذا الوجود ليست كوكالة الوكيل عن الأصيل، وإنما هو وكيل عن هذه المخلوقات كلها، حيث وكلت إليه أمرها، وفوّضت إليه