المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ٢

[أبو يعلى الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌مسند سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌مسند أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌مسند أبى جحيفة رضي الله عنه

- ‌مسند أبى الطفيل رضي الله عنه

- ‌بقية من مسند عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه

- ‌مسند خفاف بن إيماء الغفارى رضي الله عنه

- ‌مسند عقبة مولى جبر بن عتيد رضي الله عنه

- ‌مسند يزيد بن أسد رضي الله عنه

- ‌مسند سلمة الهمدانى رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله بن بحينة رضي الله عنه

- ‌ما أسند جهجاه الغفارى رضي الله عنه

- ‌ما أسند جارود العبدى رضي الله عنه

- ‌رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمة بن قيصر رضي الله عنه

- ‌أبو أبى عمرة - رضى الله عنه

- ‌جد خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما أسند خرشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خالد بن عدى الجهنى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو مالك أو ابن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو عزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قدامة بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو ليلى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ما أسنده عبد الرحمن بن حسنة الجهنى - رضى الله عنه

- ‌قيس بن أبى غرزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بشير السلمى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عبد الرحمن بن عثمان التيمى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو عبد الرحمن الجهنى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌يزيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سبرة بن معبد الجهنى، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأسود بن سريع، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو لبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أسيد بن حضير، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عروة بن مضرس، عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أيمن بن خريم الأسدى

- ‌مسند سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌من مسند أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه

- ‌مسند ركانة رضي الله عنه

- ‌مسند بريدة رضي الله عنه

- ‌مسند أبي طلحة رضي الله عنه

- ‌مسند قيس بن سعد رضي الله عنه

- ‌مسند أبي ريحانة رضي الله عنه

- ‌مسند عثمان بن حنيف رضي الله عنه

- ‌مسند أبي واقد الليثي رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله الصنابحي رضي الله عنه

- ‌مسند عمرو بن حديث رضي الله عنه

- ‌مسند عمرو بن حريث رضي الله عنه (*) (رجل آخر ذكره أبو خيثمة)

- ‌مسند حارثة بن وهب رضي الله عنه

- ‌مسند معاذ بن أنس رضي الله عنه

- ‌مسند عرفجة بن أسعد رضي الله عنه

- ‌مسند أبي العشراء الدرامي .. عن أبيه رضي الله عنه

- ‌مسند عتبان رضي الله عنه

- ‌مسند عمرو بن خارجة رضي الله عنه

- ‌مسند عمارة بن أوس رضي الله عنه

- ‌مسند سعد بن الأطول رضي الله عنه

- ‌مسند أبى مرثد الغنوى رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري رضي الله عنه

- ‌مسند المقداد أول بن عمرو الكندى رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الرحمن بن شبل الأنصارى رضي الله عنه

الفصل: ‌مسند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

‌مسند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

(*) -

835 -

حدثنا زهيرٌ، حدّثنا قتيبة بن سعمِد، قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَشَرَةٌ في الجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ في الجنَّةِ، وَعُمَرُ في الجَنَّةِ، وعُثمَانُ في الجنَّةِ، وَعَلِيٌّ في الجنَّةِ، وَطَلْحَةُ في الجنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ في الجنَّةِ، وَعَبْدُ الرحْمَنِ بْنُ عَوْف في الجنَّةِ، وَسَعْدُ بْن أَبِي وَقَّاصٍ في الجنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرو في الجْنّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجرَّاح في الجنَّةِ".

(*) هو: الصحابى الجليل الكثير الإنفاق، الغنى السخى، أحد العشرة، وأحد الستة أهل الشورى، كان من السابقين الأولين إلى الإسلام. شهد بدرًا والمشاهد كلها. وأخباره طيبة عطرة. يأتيك منها جملة صالحة في هذا "المسند".

835 -

صحيح لغيره: أخرجه الترمذى [رقم 3747]، وأحمد [1/ 193]، والنسائى في "الكبرى"[رقم 8194]، ومن طريقه تمام في "الفوائد"[1/ رقم 882]، وابن حبان [رقم 7002]، والبزار [رقم 1020]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 232]، والآجرى في "الأربعين"[رقم 10]، وفى "الشريعة"[4/ 1700 - 1701/ طبعة دار الوطن]، والبغوى في شرح السنة" [14/ 128، 129]، وفى "تفسيره" [1/ 323] وأبو الطاهر المخلص في "سبعة من مجالسه" [رقم 28]، وفى الأول من السادس من "الفوائد المنتقاة الغرائب عن الشيوخ العوالى/ انتقاء أبى الفتح ابن أبى الفوارس" [رقم 100 مخطوط/ بترقيمى]، ومن طريقه ابن النجار في "التاريخ المجدد لمدينة السلام" [2/ 102 - 103/ الطبعة العلمية]، وابن قانع في "معجم الصحابة" [2/ رقم 959]، والضياء في "المختارة" [3/ 102]، وصلاح الدين ابن المقرب في "كتاب فيه أربعون حديثًا عن أربعين شيخًا في أربعين معنى وفضيلة" [رقم 91/ طبعة دار ابن حزم]، وصدر الدين البكرى في "الأربعين من أربعين عن أربعين" [ص 77/ طبعة دار الغرب الإسلامي]، وأبو على ابن البناء في "المختار في أصول السنة" [رقم 150/ طبعة مكتبة العلوم والحكم]، ومسعود بن الحسن الثقفى في "عروس الأجزاء" [رقم 62/ طبعة دار البشائر]، وابن أخى ميمى في "فوائده" [ص 28]، وأبو محمد الجوهرى في مجلسين من "أماليه" [8/ مخطوط/ بترقيمى]، وأبو بكر المراغى في "مشيخته] [ص 122]،=

ص: 153

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والآبنوسى في "المشيخة"[رقم 39]، والحكيم الترمذى في "ختم الأولياء"[ص 50]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 466]، وفى "أربعون حديثًا لأربعين شيخًا من أربعين بلدة"[رقم 71/ طبعة مكتبة القرآن]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 449]، وجماعة، من طرق عن الدراوردى عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به

قال البزار: "وَهَذَا الحدِيثُ، قَدْ ذُكرَ فيه أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجرَّاحِ، وَجَعَلَهُ عَاشرًا وَلا نَعْلَمُ يُرْوَى إلَّا عَنْ عَبْد الرحْمَنِ بْنِ عَوْف عَلَى أنَّهُ قَدْ رواهُ غَيْرُ وَاحد مُرْسَلًا".

قلتُ: هَذا إسناد حسن لولا أنه معلول، فقد اخَتَلف في سنده على الدراوردى، فرواه عنه جماعة على الوجه الماضى. وخالفهم أبو مصعب الزهرى، فرواه عن الدراوردى فقال: عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه به مرسلًا

، لم يذكر فيه عبد الرحمن بن عوف، هكذا أخرجه الترمذى [عقب/ رقم 3747]، أخبرنا أبو مصعب به

قلتُ: وأبو مصعب ثقة فقيه، ولم ينفرد به على هذا الوجه عن الدراوردى، بل تابعه أحمد بن أبان القرشى عند البزار [رقم 1021]، حَدَّثنا أحْمَدُ بْنُ أبَانَ القُرَشِيُّ به

قلتُ: وأحمد ثقة، والأشبه: أن هذا الاختلاف هو من الدراوردى نفسه، فقد تكلم جماعة من النقاد في حفظه، وقد خولف في إسناده، خالفه عمر بن سعيد بن شريح، فرواه عن عبد الرحمن بن حميد فقال: عن أبيه عن سعيد بن زيد به

، فجعله من "مسند سعيد" هكذا أخرجه الترمذى [رقم 3748]، ومن طريقه البيهقى في "الاعتقاد"[ص 332]، والنسائى في "الكبرى"[رقم 8195]، والبخارى في "تاريخه"[5/ 273]، والحاكم [3/ 498]، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على فضائل الصحابة"[1/ رقم 85]، وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 1436]، وغيرهم، من طرق عن ابن أبى فديك عن موسى بن يعقوب الزمعى عن عمر بن سعيد به

قال الترمذى: "سمعت محمدًا - وهو البخارى - يقول: هو أصح من الحديث الأول، وعلقه الترمذى قبل ذلك في "سننه" [5/ 647]، ثم قال: "وهذا أصح من الحديث الأول".

قلتُ: وهو كما قال، وهو الذي جزم به البخارى في "تاريخه أيضًا".

فإن قلتَ: كيف يستقيم هذا، وموسى بن يعقوب الزمعى: ضعفه جماعة من النقاد، وقال الحافظ:"صدوق سيئ الحفظ" ولو نجا موسى من عُهدته، فأين ذهب عمر بن سعيد بن شريح=

ص: 154

836 -

حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمانى، حدّثنا عبد الله بن جعفر المخرمى، عن ابن أبى عون، عن المسور بن مخرمة قال قلت لعبد الرحمن بن عوف أبى خال، أخبرنى عن

= الذي يقول عنه أبو حاتم: "مضطرب الحديث" وضعفه الجماعة؟ كما تراه في ترجمته من "لسان الميزان"[4/ 309]؟ فكيف تُقدَم رواية هذين الرجلين المجروحيْن على رواية "الدراوردى"، وهو الإمام المحدث الصدوق المتماسك؟!

فالجواب: أن النقاد إنما صححوا هذا الوجه، مع معرفتهم بضعف موسى والراوى عنه؛ لكون الحديث مشهورًا من رواية سعيد بن زيد، وقد روى عنه من غير طريق، فأشبه ذلك أن يكون من رواه من غير طريق قد غلط فيه، وبهذا أجاب أبو حاتم الرازى، فقال ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم]:"وَسَألتُ أبِى عَن حَديث. رَواهُ عَبدُ العَزِيزِ الدَّراوَردِىُّ، عَن عَبد الرحْمَن بن حُمَيد بن عَبد الرحْمَن بن عَوف، عَنَ أبِيهِ، عَن جَدِّه عَبدِ الرحْمَنِ بن عَوف، عن النَّبِى صلى الله عليه وسلم، قال: "عَشَرَةٌ في الَجَنَّة". وَرَواهُ مُوسى بن يَعقُوب الزَّمَعِيُّ، عَن عُمَرَ بن سَعيد بن شُرَيح، عَن عَبد الرحْمَنِ بن حُمَيد، عَن أبيه، عَن سَعِيدِ بن زَيد، عَنِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم. قُلتُ لأبي: أيُّهُما أشبَه؟ قال: حَدِيثُ مُوسَى أَشبَهُ؛ لأنَّ الحَديثَ يُروَى عَن سَعِيدٍ مِن طُرُقٍ شَتَّى، ولا يُعرَفُ عَن عَبدِ الرحْمَن بن عَوف، عَنِ النَّبِى صلى الله عليه وسلم في هذا شئ".

قلت: وَهكذا رأيتُ مَروانُ بن مُحَمَد الطّاطَريُّ قد رواه عَن الدَّراوَرديِّ فقال: عَن عَبد الرحمَنِ بنِ حُمَيد، عَن أبِيه، عَن سَعِيد بن زَيد به .. . ذكره الدارقطَنى في "العلل"[4/ 417].

* فائدة: وهنا دقيقة قل من يفطن لها من المتأخرين، وهى أن حذاق النقاد ربما يقدمون رواية الضعيف على رواية الثقة والصدوق في بعض الأوقات، ولا يفعلون ذلك بالجزاف والتعنُّت كما ظنه البعض؟ بل تراهم لا يسلكون هذا السبيل إلا بقرائن ومرجحات تسوقهم إلى هذا الميهع الدقيق الذي تخفى مداركه على كثير من الباحثين، وهذا الحديث مثال جيد على هذا الأمر كما رأيتَ، وسيأتى المزيد من الأمثلة في تعليقنا على الأحاديث القادمة [برقم 3992، 4690، 5698]، وغيرها.

وللحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة، أصحها: حديث سعيد بن زيد. وسيأتى [برقم 971].

836 -

ضعيف: أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحمانى في "مسنده" كما في العجاب للحافظ [740/ 2/ رقم 228]، وعنه المؤلف، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[35/ 236]، وابن أبى حاتم في "تفسيره"[3/ 749/ الطبعة العصرية]، وابن المنذر في "تفسيره" =

ص: 155

قصتكم يوم بدر. قال: اقرأ بعد العشرين والمئة من آل عمران تجد قصتنا: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121] إلى قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} [آل عمران: 122]، قال هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)} [آل عمران:143] قال: فهو تمنِّي لقاء المؤمنين، إلى قوله:{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152].

= [1/ 350/ طبعة دار المآثر]، والواحدى في "أسباب النزول"[ص 80/ طبعة الحلبى]، وغيرهم من طريق يحيى الحمانى عن عبد الله بن جعفر المخرمى عن أبى عون [وقد تصحف عند جماعة إلى "ابن عون"، وعند بعضهم إلى: "ابن أبى عون" ووقع عند ابن عساكر "أم عون" وكل ذلك خطأ محض] عن السور بن مخرمة به نحوه

وهو عند بعضهم مختصر.

قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع؛ وفيه علتان:

الأولى: قال الهيثمى في "المجمع"[6/ 160]: "رواه أبو يعلى وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمانى وهو ضعيف".

وأقول: كان يحيى إمامًا حافظًا واسع المعرفة، وأول من صنَّف "المسند" بالكوفة، وكان كثير الرواية للمناكير والغرائب مع تساهل في السماع وعدم تصون في الرواية مما جعل ألسنة النقاد تنهال عليه بحق وبباطل، فرماه ابن نمير وأحمد وغيرهما بشئ عَظيم، والكلام فيه طويل الذيل.

والتحقيق: أنه لا يحتج بما يرويه منفردًا، وهو يغرب كثيرًا في حديثه، وقد كان ابن معين يثنى عليه كثيرًا حتى كان يقسم بالله إنه لثقة، بل نقل عنه الخطيب في "تاريخه" [14/ 169] أنه قال:"ما كان بالكوفة في أيامه رجل يحفظ معه، وهؤلاء - يعنى من تكلَّم فيه - يحسدونه" فتعقبه الذهبى في "سير النبلاء"[10/ 535]، قائلًا لابن معين:"قلتُ: بل ينْصفونه، وأنت فما أنصفت".

قلت: وتمام الكلام عليه تجده في كتابنا "المحارب الكفيل" يَسَّر الله إشراقه.

والثانية: جهالة حال أبى عون، وهو ابن أبى حازم والد عبد الواحد بن أبى عون، أورده ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"، ثم قال:"سئل أبو زرعة عنه، فقال: هو مدينى لا نعرفه" ثم قال ابن أبى حاتم: "إذا لم يعرفه مثله - يعنى مثل أبى زرعة - فقد جعله مجهولًا". وهو كما قال.=

ص: 156

837 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا معن بن عيسى، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغٍ لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، فقال عمر: ادعوا لى المهاجرين الأولين، فَدُعُوا له، فاستشارهم، فقال بعضهم: خرجت لأمرٍ ولا نرى أن ترجع، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال لهم: ارتفعوا عنى، ثم قال: ادعوا لى الأنصار، فدعوا له، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، قال: قوموا عنى، ثم قال: ادعوا لى من كان ههنا من مشيخة قريش، من مهاجرة الفتح، فدعوا له، فاستشارهم فلم يختلف عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر: إنى مصبحٌ على ظهرٍ، فاجتمعوا عليه، فقال أبو عبيدة: أفرارًا من قدر الله؟

=• تنبيه: قد تحرف: "أبو عون" من الطبعتين من إسناد المؤلف إلى: "ابن أبى عون"، وهكذا وقع عند بعضهم أيضًا، والصواب أنه:"أبو عون" وهكذا وقع على الصواب في "المطالب العالية"[17/ 324/ طبعة العاصمة]، وفى "المقصد العليّ في زوائد أبى يعلى الموصلى"[رقم 953]، وهكذا وقع في الأصل المخطوط من "إتحاف الخيرة"[5/ 208/ طبعة دار الوطن]، لكن أقدم المعلق عليه بتحريفه إلى "ابن أبى عون"، اتكالًا على ما وقع خطأ في طبعة حسين الأسد من "مسند المؤلف"، ثم قال:"وانظر تعليقنا عليه في "المطالب العالية" [4/ 388 رقم 4247]

"، كذا قال، وليس عندى طبعته من "المطالب" حتى أنظر ماذا يأتى به في هذا التعليق العجيب!!

83 -

صحيح: أخرجه مالك [رقم 1587]، ومن طريقه البخارى [رقم 5397]، ومسلم [رقم 2219]، وأبو داود [رقم 3103]، والنسائى في "الكبرى"[رقم 752]، وأحمد [1/ 194]، والبزار [رقم 989]، وابن حبان [رقم 2953]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 303]، والطبرانى في "الكبير"[1/ رقم 269]، والبيهقى [رقم 6348]، والدانى في "أحاديث الفتن"[رقم 356]، وجماعة كثيرة من طرق عن مالك عن الزهرى عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن ابن عباس به نحوه

مختصرًا ومطولًا. والمرفوع منه: هو من رواية ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف به

=

ص: 157

قال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، فرارًا من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبلٌ فهبطت واديًا ذا عدوتين إحداهما خصبةٌ والأخرى جدبةٌ، أليس إذا رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ فجاء عبد الرحمن وكان متغيبًا في بعض حاجته، فقال: إن عندى من هذا علمًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إذَا سَمِعْتُمْ به بِأَرْضٍ فَلا تَقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ"، فحمد الله عمرُ ثم انصرف.

838 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا بشر بن عمر الزهرانى، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أن عمر بن الخطاب نشد رهطًا، وفيهم عبد الرحمن بن عوفٍ: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا نُورَثُ مَا تَرَكنَا صدَقَةٌ؟ " قالوا: نعم.

839 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق،

= قلتُ: وقد اختلف في سنده على الزهرى على ألوان كثيرة، ذكرها الدارقطنى في "علله"[4/ 256]، ثم رجَّح الوجه الماضى. وسيأتى بعضٌ من تلك الاختلافات [برقم 848]، وسنتكلم على هذا اللون الآخر هناك بعون الله.

838 -

صحيح: أخرجه البخارى [رقم 3809] ومسلم [رقم 1757]، والترمذى [رقم 1610]، والنسائى في "الكبرى"[رقم 6307]، وأحمد [1/ 25]، وابن حبان [رقم 6608]، والبزار [رقم 2] وعبد الرزاق [رقم 9772]، والبيهقى في "سننه"[رقم 1250، 8 والطحاوى في شرح المعانى [2/ 5]، وجماعة كثيرة، من طرق عن الزهرى عن مالك بن أوس عن عمر به

وتارة عن عمر عن أبى بكر به

قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث مالك بن أنس".

قلتُ: هذا حديث قد اختلف في إسناده على الزهرى، كما أشرنا إلى ذلك فيما مضى [برقم 2].

839 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه الترمذى [رقم 398]، ومن طريقه البغوى في "شرح السنة"[3/ 282]، وابن ماجه [رقم 1209]، وأحمد [1/ 190]، ومن طريقه الطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3615]، والبزار [/ 3 رقم 996]، والحاكم [1/ 471]،=

ص: 158

قال: حدثنى مكحولٌ، عن كريب مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عباس، قال: جلست مع عمر بن الخطاب، فقال لى: يا ابن عباس، هل سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أمر به المسلم إذا سها في صلاته، كيف يصنع؟ قال: فقلت: لا واللَّه، أو ما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا؟ قال: فقال: لا واللَّه، فبينما نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف، فقال: فيما أنتما؟ قال: فقال له عمر: سألته .. فأخبره عما سأله، فقال عبد الرحمن: لكنى قد سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يأمر في ذلك، فقال له عمر: فأنت عندنا عدلٌ، فماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "إذَا سَهَا أَحَدُكمْ في صَلاتِهِ حَتَى لا يَدْرِى أَزَادَ أَمْ نَقَصَ، فَإن كَانَ شَكَّ في الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ فَلْيَجْعَلْهَا وَاحِدَةً، وَإذَا شَكَّ في الثِّنْتَيْنِ أَوِ الثَلاثَةِ فَلْيَجْعَلْهَا

= والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 433]، وابن المنذر في "الأوسط"[3/ 313]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3614]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص 33، 35 - 36/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والشاشى في "مسنده"[رقم 234]، والضياء في "المختارة"[3/ 98]، والبيهقى في "سننه"[44623]، وابن الجوزى في "التحقيق"[1/ 433]، وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 34]، وابن عساكر في "تاريخه"[35/ 237]، وغيرهم من طرق عن ابن إسحاق عن مكحول عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف نحوه

وليس عند الترمذى والشاشى والبزار والبغوى، ورواية للطبرى والطبرانى: ذِكْرُ القصة في أوله، ولفظ ابن ماجه:"إذا شك أحدكم في الثنتين والواحدة فليجعلها واحدة. وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلها ثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثًا، ثم ليتم ما بقى من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة. ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم"، وقريب منه عند بعضهم.

قال الترمذى: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ"،، وقال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم".

قلتُ: بل هو حديث ضعيف معلول، وليس في "صحيح مسلم" حديث بتلك الترجمة قط، وابن إسحاق لم يحتج به مسلم، وإنما أخرج له في "المتابعات" كما جزم به غير واحد، وإسناد الحديث وإن كان ظاهره الجودة، لا سيما وقد صرح ابن إسحاق فيه بالتحديث كما هو أمام عينيك، لكنه معلول، كما يقول الحافظ في "التلخيص الحبير"[1/ 5].=

ص: 159

ثِنْتَيْنِ، وَإذَا شَك في الثلاثَةِ وَالأَرْبَع فَلْيَجْعَلْهَا ثَلاثًا حَتَّى يَكُونَ الْوَهْمُ في الزِّيادَةِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّم، ثُم يُسَلِّمُ".

= فقد رواه جماعة عن ابن إسحاق على الوجه الماضى. وخالفهم إسماعيل ابن علية - الثقة الإمام - فرواه عن ابن إسحاق فقال: "حدثنى مكحول به

" وذكره مرسلًا، ثم قال ابن إسحاق: "قال لى حسين بن عبد الله - وهو ضعيف مشهور - هل أسنده لك؟ - يعنى مكحولًا - فقلتُ: لا، فقال: - يعنى حسين - لكنه - يعنى مكحولًا - حدثنى أن كريبًا مولى بن عباس حدثه عن ابن عباس

" وذكره. هكذا أخرجه أحمد [1/ 193]، والطبرى في "تهذيب الآثار" [ص/ 34 - 35/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، والبيهقى في "سننه" عقب [رقم 3623]- وعنده زيادة مقحمة في سنده، والبزار [995]- وعنده الوجه الموصول فقط - وغيرهم من طريق ابن علية به

قال البيهقى: "ورواه المحاربى عن محمد بن إسحاق بمعنى رواية ابن علية، فصار وصل الحديث لحسين بن عبد الله، وهو ضعيف"، وقال البزار:"والذى أدخل رجلًا بين محمد بن إسحاق ومكحول: قد جاء في روايته بمثل رواية إبراهيم بن سعد - يعنى من حيث سياقه - وزاد رجلًا أسقطه إبراهيم، وحسبك بحفظ إسماعيل بن إبراهيم وإتقانه".

قلتُ: فكأنه يشير إلى ترجيح رواية ابن علية على ما سواها، وقد توبع عليه ابن علية على هذا اللون: تابعه:

1 -

عبد الله بن نمير عند ابن أبى شيبة [رقم 4414].

2 -

وعبد الرحمن المحاربى عند الطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3617]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 36]، من طريقين عن المحاربى به

قال الدارقطنى في "العلل"[4/ 258]: "فضبط هؤلاء الثلاثة عن ابن إسحاق المرسل والمتصل".

قلتُ: ويعنى بالمرسل: رواية ابن إسحاق عن مكحول به

ويعنى بالمتصل: رواية ابن إسحاق عن حسين بن عبد الله عن مكحول عن كريب عن ابن عباس به

هكذا رواه الثلاثة الماضون عن ابن إسحاق على الوجهين. ورواية هؤلاء هي الأرجح عندى من رواية مَنْ رواه عن ابن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس به

، ولم يذكر "حسين بن عبد الله" بين ابن إسحاق ومكحول كما هو الوجه الأول، وكأن ابن إسحاق قد دلَّسه =

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فأسقط "حسين بن عبد الله" بينه وبين مكحول، وهذا هو الظاهر، لكن يعكِّر عليه: أن ابن إسحاق قد صرح بسماعه هذا الحديث من مكحول كما هو عند المؤلف.

لكن قد يقال: لعل تصريح ابن إسحاق بالسماع عند المؤلف وهم من المؤلف أو أبى خيثمة، ويؤيده: أن أحمد والترمذى وابن المنذر والطبرانى وغيرهم، كلهم قد رووا هذا الحديث من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق بالعنعنة، وإبراهيم هو الذي يرويه - عند المؤلف - عن ابن إسحاق بالسماع، وهكذا توبع إبراهيم على هذا الوجه المعنعن، تابعه محمد بن سلمة وأحمد بن خالد وغيرهما.

فالأشبه: أن تحديث ابن إسحاق بالسماع عند المؤلف وهم محض، إن لم يكن ممن دون إبراهيم بن سعد فهو من تصرف الناسخ إن شاء الله، ويؤيده: أن ابن إسحاق قد جزم بكونه لم يسمع الوجه الموصول من مكحول، كما في رواية ابن علية ومن تابعه.

وعليه: فقد رجع الحديث إلى حسين بن عبد الله - وهو الذي سمعه منه ابن إسحاق - عن مكحول عن كريب عن ابن عباس به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف حسين بن عبد الله، وهو ابن عبيد الله بن عباس القرشى المدنى، وقد تركه الإمام أحمد في رواية، وقال في رواية أخرى:"له أشياء منكرة"، وقال النسائي:"متروك". وقال في موضع آخر: "ليس بثقة"، والكلام فيه طويل الذيل، وبه أعلَّه جماعة كما حكاه عنهم الطبرى في "تهذيب الآثار/ الجزء المفقود" فقال:"حسين بن عبد الله عندهم ممن لا يجوز الاحتجاج بنقله في الدين"، وكذا أعله به البيهقى في "سننه" وابن الملقن في "البدر المنير"[4/ 228].

وقد رأيتُ ابن رجب نقل في "فتح البارى" عن ابن المدينى أنه قال عن هذا الحديث: "كان عندى حسنًا، حتى وقفت على علته، وذلك أن ابن إسحاق سمعه من مكحول مرسلًا، وسمع إسناده من حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن مكحول" ثم قال ابن المدينى: "يضعف الحديث من هاهنا". قال ابن رجب: يعنى: من جهة حسين الذي يرجع إسناده إليه".

قلتُ: لكن حسينًا لم ينفرد به؛ بل تابعه:

1 -

عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سها في صلاته في ثلاث=

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأربع فليتم فإن الزيادة خير من النقصان" أخرجه الحاكم [470/ 1]- واللفظ له - وأبو إسحاق المزكى في "المزكيات/ انتقاء الدارقطنى" [رقم 78/ طبعة دار البشائر]، والدارقطنى في "سننه" [1/ 370]، وأبو عثمان البحيرى في الجزء الثاني من "الفوائد المخرجة من أصول مسموعاته/ تخريج أبى سعد الشُعيبى" [رقم 59/ مخطوط/ بترقيمى]، وأبو طاهر المخلص في الجزء التاسع من "الفوائد المنتقاة الغرائب عن الشيوخ العوالى/ انتقاء أبى الفتح ابن أبى الفوارس" [رقم 184/ مخطوط/ بترقيمى]، من طريق عمار بن مطر عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه به

قال الحاكم: "هذا حديث مفسر صحيح الإسناد ولم يخرجاه".

قلت: كذا قال، وقد تعقبه الذهبى في "تلخيص المستدرك" قائلًا:"قلت: بل عمار تركوه"، فهذه متابعة لا يصح سندها؛ وابن مطر قد تكلموا فيه بما تراه في "لسان الميزان"[4/ 275]، لكن تابعه عبد الله بن واقد الحرانى عن عبد الرحمن بن ثوبان بإسناده به

عند الطبراني في "مسند الشاميين"[رقم 1/ 209]، و [رقم 4/ 3616]، والبيهقى في "سننه"[رقم 3624]، من طريقين عن عبد الله بن واق به

قلت: لكن ماذا يجدى هذا في صحة المتابعة، وعبد الله بن واقد هو الذي يقول عنه البخارى:"تركوه، منكر الحديث" وتركه أكثر النقاد، وهو مترجم في "التهذيب وذيوله""تمييزًا".

2 -

ورواه ثور بن يزيد عن مكحول عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف به

أخرجه الدارقطنى في "سننه"[2/ 198/ طبعة الرسالة]، من طريق حفص بن عمر الأبلى: ثنا ثور بن يزيد به

لكنه لم يسق لفظه.

قلت: وهذه متابعة لا يفرح بها أيضًا، وحفص بن عمر حاله كحال صديقه عبد الله بن واقد، وهو حفص بن عمر بن ميمون أبو إسماعيل الأبلى، شيخ منكر الحديث لس بثقة ولا مأمون، وهو من رجال ابن ماجه وحده.

لكن: للحديث طريق آخر يرويه إسماعيل بن مسلم عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف به مختصرًا

أخرجه جماعة من هذا الطريق. لكن اختلف في سنده على إسماعيل بن مسلم، كما شرحه الدارقطنى في "علله"[4/ 259]، ومداره على إسماعيل بن مسلم - وهو المكى - وهو ضعيف الرواية، بل تركه بعضهم، وسيأتى الكلام على روايته [برقم 855].=

ص: 162

840 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن أبى سلمة، أن أبا الرداد اشتكى، فعاده عبد الرحمن بن عوف، فقال: خيرهم وأوصلهم أبو محمد، فقال

= وفى الباب: شواهد عن أنس وأبى سعيد وغيرهما بأصل المرفوع من الحديث، وهو هنا ضعيف بهذا اللفظ، وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار" بما لا مزيد عليه.

* فائدة: أعلَّ الإمام في "الصحيحة"[3/ 341]، هذا الحديث وردَّ على الترمذى تصحيحه له، وقال:"ومكحول وابن إسحاق مدلسان وقد عنعناه، فأنى له الحسن فضلًا عن الصحة؟! " ثم ذكر طريق عبد الرحمن بن ثابت عن أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس به

ثم قال: "قلتُ: هو حسن الإسناد لولا عنعنة مكحول" هكذا رأيت الإمام يعل بعض الأحاديث والآثار بعنعنة مكحول، فانظر مثلًا:"الصحيحة"[2/ 643]، [5/ 45]، و [5/ 146]، و"الضعيفة"[3/ 143]، و [4/ 100]، و [5/ 287]، و [5/ 531]، وغيرها.

والتحقيق: أن مكحولًا عزيز التدليس، وقد أورده الحافظ في "طبقات المدلسين"، ثم قال:"أطلق الذهبى أنه كان يدلس، ولم أره للمتقدمين إلا في قول ابن حبان".

قلتُ: وعبارة ابن حبان في "الثقات"[5/ 447]: "ربما دلَّس" هكذا قال: "ربما" وهى للقلَّة غالبًا كما هو معلوم. وكثير من المتقدمين يطلقون: "التدليس، ويريدون به الإرسال، ومكحول كثير الإرسال كما قاله الحافظ وغيره، ثم إن الرجل مقل من التدليس المعهود؛ فلا يليق الإعلال بعدم تصريحه بالسماع مطلقًا، وكما يقبح بالمشتغل بهذا الفن أن يعلَّ جملة من الأخبار: بعنعنة الثورى أو الزهرى أو الحكم بن عتيبة أو حماد بن أسامة وجمثمان بن عاصم وعبد الملك بن عمير وابن أبى نجيح ومن على شاكلتهم من الثقات الأثبات الذين لم يوصفوا بالتدليس إلا شذرًا فكذلك لا يليق إعلال الآثار بعنعنة مكحول أيضًا. والكلام في هذا المقام يطول، وقد شرحناه في بحث مستقل.

نعم: لا بد من اعتبار التدليس في الراوى إذا ثبت عنه بشهادة النقاد، فالمكثر منه يُتوقف في حديثه حتى يتبين فيه الاتصال، والمقل منه أمثال الماضين: تُحمل عنعنته على الاتصال أبدًا، ولا يُذهب إلى الإعلال بها إلا في مواطن معدودة فقط، كان بكون المتن منكرًا جدًّا ولا وجه لإعلال الحديث إلا بالحمل على عنعنة هذا المدلَّس المقل. فاحفظ هذا فهو مهم للغاية.

840 -

صحيح لغيره: أخرجه الترمذى [1907]، ومن طريقه ابن الأبار في "معجم أصحاب القاضى أبى على الصدفى"[ص/ 178/ طبعة دار صادر]، وأبو داود [1694]، وأحمد [1/ 194]، وابن أبى شيبة [5387]، ومن طريقه البغوى في "تفسيره"[4/ 310/ طبعة دار طيبة]،=

ص: 163

عبد الرحمن: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"قَالَ اللَه: أَنَا الله، وَأَنَا الرَّحْمَنُ، وَهِىَ الرَّحِم، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَاشْتَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِى، فَمَنْ وَعلَهَا وَصَلْتُه، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ، أَوْ بَتَتُّه".

= وفى "شرح السنة"[13/ 22]، والحميدى [رقم 65]، ومن طريقه الحاكم [4/ 174]، وعلى بن حرب في "حديث ابن عيينة"[رقم 29/ مخطوط/ بترقيمى]، ومن طريقه شهاب الدين الأبرقوهى في "معجم شيوخه/ تخريج سعد الدين الحارثى"[رقم 484/ مخطوط/ بترقيمى]، والدولابى في "الكنى"[1/ 27/ طبعة ابن حزم]، وابن أبى الدنيا في "مكارم الأخلاق"[رقم 203]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[114]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص 124/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، وأبو العباس البرتى في "مسند عبد الرحمن بن عوف"[18]، والبزار [2/ 992]، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"[5/ 6795]، والبيهقى في "سننه"[12995]، وفى "الآداب"[رقم 11/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]، والخرائطى في "مساوئ الأخلاق"[265، 266]، وفى "مكارم الأخلاق"[121/ انتقاء السلفى]، وأبو على الطوسى في "مختصر الأحكام"[3/ 94]، وابن منده في "معرفة الصحابة"[2/ 863/ طبعة مطبوعات جامعة الإمارات]، وفى مجلس من "أماليه"[ق 6/ أ/ رقم 24/ مخطوط/ بترقيمى]، والضياء في "المختارة" [3/ 91 - 92]- وعنده سقط في سنده - وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أبى سلمة قال: اشتكى أبو الرداد

ثم ذكره عن عبد الرحمن بن عوف به مرفوعًا، وليس عند أبى داود وابن أبى الدنيا: قصة أبى الرداد في أوله.

قال الترمذى: "حديث سفيان عن الزهرى حديث صحيح". وتعقبه المنذرى في "الترغيب"[3/ 229] قائلا: "تصحيح الترمذى له فيه نظر؛ فإن أبا سلمة ابن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئًا، قاله يحيى بن معين وغيره".

قلتُ: وهكذا صرح عليّ بن المدينى وأحمد والبخارى وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وأبو داود وغيرهم بكونه لم يسمع من أبيه، فالإسناد منقطع، وقد اختلف فيه على ابن عيينة، فرواه عنه أصحابه على الوجه الماضى، وخالفهم حامد بن يحيى البلخى، فرواه عن بن عيينة فقال: "عن الزهرى أخبرنى أبو سلمة قال: اشتكى الرداد فعاده عبد الرحمن

"، هكذا قال: "الرداد" بدل "أبى الرداد"، ذكره الدارقطنى في "العلل" [4/ 264]، ثم قال: "ووهم فيه، والصواب أبو الرداد".=

ص: 164

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وقد توبع ابن عيينة على الوجه الحفوظ عنه:

1 -

تابعه: سفيان بن حسين عند الحاكم [4/ 175]، وأبى العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 17]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[ص 124/ الجزء المفقود/ طبعة دار المأمون]، من طريق عن سفيان بن حسين به

قال البزار في "مسنده": "وَقَدْ رَوَى هَذَا الحديثَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْد الرحْمَن بْنِ عَوْف عَنْ أبيه".

* والصَّوَاب: مَا رَوَاه ابْنُ عُيَيْنةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أبِى سَلَمَة.

قلتُ: وهذا اللون الثاني عن سفيان بن حسين قد أخرجه عنه الخرائطى في "المكارم"[رقم 266]، وفى "مساوئ الأخلاق"[رقم 253]، ومن طريقه أبو طاهر السلفى في الجزء التاسع والعشرين من "المشيخة البغدادية"[رقم 7/ مخطوط/ بترقيمى]، من طريق عمر بن على المقدمى، عن سفيان بن حسين، عن الزهرى، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: دخل عبد الرحمن على أبى الرداد الليثى

وذكره.

قلتُ: وهذا الاختلاف من سفيان بن حسين نفسه، فهو ضعيف في الزهرى عندهم، ولا تراه يكاد يقيم حديثه عنه، والوجه الأول عنه هو الصواب، لمتابعة ابن عيينة وغيره له.

2 -

ويونس بن يزيد الأيلى: عند الخرائطى في "المساوئ"[رقم 267]، وفى "المكارم" [رقم 268]: حدثنا أحمد بن منصور الرمادى: ثنا عبد الله بن صالح، ثنا الليث، حدثنى يونس، عن ابن شهاب، عن أبى سلمة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف به

ولم يذكر فيه قصة أبى الرداد.

قلتُ: وهذه متابعة مخدوشة، وعبد الله بن صالح كاتب الليث فيه مقال مشهور، وليس هو بعمدة على التحقيق، وقد ساق الحافظ كلام النقاد بشأنه في ترجمته من "هدى السارى" ثم قال:"ظاهر كلام هؤلاء الأئمة: أن حديثه في الأول كان مستقيمًا ثم طرأ عليه فيه تخليط، فمقتضى ذلك أن ما يجئ من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخارى وأبى زرعة وأبى حاتم فهو من صحيح حديثه، وما يجئ من رواية الشيوخ عنه فيتوقف فيه".

قلتُ: ولم يرو عنه هذا الحديث أحدٌ ممن ذكرهم الحافظ.

3 -

وسليمان بن كثير: عند أبى العباس البرتى في "مسند عبد الرحمن بن عوف"[رقم 16]، حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سليمان بن كثير عن الزهرى بإسناده به

=

ص: 165

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وسليمان تكلم فيه غير واحد في روايته عن الزهرى، لكنه متابع.

ثم جاء جماعة آخرون وخالفوا هؤلاء في إسناده عن ابن شهاب، فرووه عن الزهرى فقالوا: عن أبى سلمة أن أبا الرداد أخبره عن عبد الرحمن بن عوف به

هكذا رووه عن الزهرى مُجوَّدًا بإقحام أبى الرداد بين أبى سلمة وأبيه، ومن هؤلاء:

1 -

معمر بن راشد: عند عبد الرزاق [رقم 20234]، ومن طريقه أبو داود [رقم 1695]، وأحمد [1/ 194]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "المختارة/ للضياء"[3/ 92]، وابن أبى الدنيا في "مكارم الأخلاق"[رقم 204] وابن حبان [رقم 443] ومحمد بن يحيى الذهلى في "جزء من أحاديثه"[ق 4/ ب/ مخطوط/ بترقيمى]، والبزار [رقم 993]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[رقم 112]، ومن طريقه ابن الشجرى في "الأمالى"[1/ 355] وأبو محمد بن أبى شريح في "الأحاديث المائة المجموعة من مسموعاته"[رقم/ 11 مخطوط/ بترقيمى]، والحاكم [4/ 174] والبيهقى في "سننه"[رقم 12994] وفى "الأسماء والصفات"[1/ رقم 81]، والخرائطى في المكارم [رقم 120/ انتقاء السلفى]، وفى "المساوئ"[رقم 254]، والضياء في "المختارة"[3/ 92] والواحدى في "الوسيط"[1/ 532] والمزى في "التهذيب"[9/ 174]، وجماعة من طرق عن معمر به

قال الحاكم: "هذا أبو رداد الليثى قد أضاف فيه سفيان بن عيينة ومحمد بن أبى عتيق وشعيب بن أبى حمزة وسفيان بن حسين".

قلتُ: قد اختلف على معمر في تسمية شيخ أبى سلمة، فرواه عنه ابن المبارك وعبد الرزاق - واختلف عليه - فقالا:"عن رداد" وقال وهيب وغيره عنه: "عن أبى الرداد"، قال الترمذى في "جامعه":"وروى معمر هذا الحديث عن الزهرى عن أبى سلمة عن رداد الليثى عن عبد الرحمن بن عوف ومعمر، كذا يقول، قال محمد يعنى البخارى: وحديث معمر خطأ".

قلتُ: لم يظهر على أبى وجه أخطأ فيه معمر؟ يعنى: هل مراد البخارى أنه أخطأ في سنده، لأن ابن عيينة وغيره خالفوه فلم يذكروا فيه واسطة بين أبى سلمة ابن عبد الرحمن وأبيه، وهذا هو ما فهمه الإمام الألبانى كما يأتى، أم يقصد البخارى خطأ معمر في تسمية معمر لشيخ أبى سلمة بـ "رداد"، دون "أبى رداد"؟، والأول عندى أرجح.

وقد رأيت ابن حبان قد قال في "الثقات"[4/ 241]: "رداد الليثى إن حفظه معمر، =

ص: 166

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يروى عن عبد الرحمن بن عوف

" ثم ساق له هذا الحديث، ويظهر لى أن معمرًا لم يخطئ في تسمية هذا الرجل، بل أتى به على وجهه، فقد نص الإمام أحمد على أن اسمه: "رداد الليثى" كما في "العلل" [3/ 144/ رواية عبد الله]، ومثله نص عليه ابن المدينى أيضًا، كما نقله عنه الدولابى في "الكنى" [1/ 27]، ولا ينافى هذا أن بعض النقاد قد ترجمه فقال: "أبو الرداد الليثى"، فالظاهر: أن الرجل اسمه: "رداد" وكنيته: "أبو الرداد" أيضًا، وفى ترجمته من "الجرح والتعديل" قال ابن أبى حاتم: "رداد الليثى، وقال بعضهم: أبو الرداد الليثى، روى عن عبد الرحمن بن عوف

"، وكذا ترجمه العسكرى في "تصحيفات المحدثين" [2/ 703] فقال: "رداد الليثى، وقال بعضهم: أبو رداد، روى عن عبد الرحمن بن عوف

" فعُلِم بهذا صحة الوجهين عن معمر.

2 -

وشعيب بن أبى حمزة: عند أحمد [1/ 194]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 93]، والحاكم [4/ 174]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7941]، وغيرهما من طريق بشر بن شعيب بن أبى حمزة عن أبيه به

قلت: وبشر ثقة تكلم في سماعه من أبيه بلا حجة، لكنه خولف في إسناده، خالفه راوية أبيه: أبو اليمان الحكم بن نافع، فرواه عن شعيب فقال: عن الزهرى عن أبى سلمة أن أبا مالك الليثى أخبره عن عبد الرحمن بن عوف به

، فجعل شيخ أبى سلمة فيه:"أبا مالك الليثى" بدل: "أبى الرداد"، هكذا أخرجه أبو اليمان في "جزء من أحاديثه/ رواية أبى الحسن الجكانى" 571/ مخطوط/ بترقيمى]، ومن طريقه الطبراني في "مسند الشامين"[/ 3057]، والحاكم [4/ 174]، وأبو على ابن شاذان في الجزء الثاني من "الفوائد المنتقاة العوالى الحسان والغرائب/ انتقاء أبى القاسم الأزجى"[20/ مخطوط/ بترقيمى]، وغيرهم من طرق عن أبى اليمان به

قلتُ: وأبو مالك الليثى لا أعرفه إلا أن يكون المترجم في "ثقات العجلى"[2/ 422]، وقد يكون أبو اليمان قد وهم فيه، فلعله أراد أن يقول:"أبو الرداد الليثى" فسبقه لسانه فقال: "أبو مالك الليثى" وهذا قريب عند التأمل.

نعم: قال ابن المدينى: "ردَّاد الليثى كنيته أبو مالك"، نقله عنه الدولابى في "الكنى"[1/ 95]، وقال الإمام أحمد:"رداد الليثى أبو مالك" نقله عنه ابنه عبد الله في "العلل"[3/ 144]، فالظاهر: أن "رداد الليثى" هذا له كنيتان: "أبو الرداد"، و"أبو مالك".=

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 3 - ومحمد بن أبى عتيق: عند البخارى في "الأدب المفرد"[رقم 53]، والطبرانى في "الأوسط"[5/ - رقم 4606]، الحاكم [4/ 174]، من طريق إسماعيل بن أبى أويس عن أخيه عبد الحميد الأويسى عن سليمان بن بلال عن محمد به

قال الطبراني: "لم يروه عن ابن أبى عتيق إلا سليمان بن بلال، تفرد به أبو بكر بن أبى أويس".

وأقول: هذه متابعة لا تثبت، وإسماعيل ضعيف الحديث على التحقيق، والكلام فيه طويل الذيل، ولم يخرج له الشيخان إلا ما علما أنه من صحيح حديثه، أو ما تابعه الثقات عليه.

نعم: قد ذاكرنا بعض أصحابنا فزعم أن رواية إسماعيل عن "أخيه عن سليمان بن بلال" نسخة كان يروى بها، واستند في هذا إلى قول الذهلى:"ومدار حديث سليمان بن بلال على عبد الحميد بن أبى أويس، ومدار حديث عبد الحميد علي أخيه إسماعيل بن أبى أويس"، فإن صح هذا فلا ينبغى إعلال تلك النسخة بإسماعيل، وإن كنتُ في ريب من صحة هذا الأمر.

وباقى رجال الإسناد ثقات، وابن أبى عتيق: هو محمد بن عبد الله بن أبى عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق القرشى التيمى المدنى، قال عنه الحافظ الذهلى:"وهو حسن الحديث عن الزهرى، كثير الرواية مقارب الحديث لولا أن سليمان بن بلال يحدثه لذهب حديثه".

4 -

وعبيد الله بن أبى زياد الرصافى: عند الحسين حرب في "البر والصلة"[رقم 113]: حدثنا حجاج بن أبى منيع الرصافى قال: حدثنا جدى عبيد الله بن أبى زياد عن الزهرى قال: حدثنى أبو سلمة ابن عبد الرحمن أن أبا رداد الليثى أخبره عن عبد الرحمن بن عوف به

قلت: وعبيد الله الرصافى من ثقات أصحاب الزهرى.

5 -

وإسحاق بن يحيى بن علقمة العوصى: عند أبى أحمد الحاكم في "الأسامى والكنى"[ق 157/ ب/ مخطوط]، أخبرنى أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الكندى بحمص، حَدَّثنا سليمان - يعنى ابن عبد الحميد البهرانى - حَدَّثنا يحيى، يعنى ابن صالح الوحاظى، حَدَّثنا إسحاق، وهُو ابن يحيى العوصى، حَدَّثنا الزهرى قال: حدثنى أبو سلمة أن أبا رداد الليثى أخبره

ولم يسق لفظه.

قلتُ: والعوصى هذا جهَّله الذهلى، لكن ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطنى:"أحاديثه صالحة" وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق" وقد استشهد به البخارى في "صحيحه" فمثله صالح الحديث إن شاء الله.=

ص: 168

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= 6 - ومعاوية بن يحيى الصدفى: عند الخرائطى في "مكارم الأخلاق"[262]، حدثنا أحمد ابن منصور الرمادى، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا الهقل بن زياد، عن الصدفى، حدثنى الزهرى، حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا رداد الليثى أخبره عن عبد الرحمن ابن عوف به

قلت: ومعاوية شيخ واه تركه غير واحد من النقاد، لكنه متابع على كل حال، والطريق إليه مخدوش أيضًا. وقد نظر النقاد في هذا الاختلاف في سنده على الزهرى، فالوجه الأول: هو الذي رجحه جماعة من المتقدمين، وجزموا بكون معمر قد أخطأ فيه، فنقل الترمذى عن البخارى أنه قال:"حديث معمر خطأ" وأقره الترمذى. وكذا جزم بهذا أبو حاتم الرازى وقال: "المعروف في هذا رواية أبى سلمة ابن عبد الرحمن عن عبد الرحمن، ولأبى الرداد فيه قصة: وهى "اشتكى أبو الرداد الليثى فعاده عبد الرحمن بن عوف فقال: خيرهم وأوصلهم .... " فساق الحديث". ناقله عنه الحافظ في "الإصابة"[7/ 137]، وفى "التهذيب"[3/ 234]، وكذا قاله ابن حبان في "الثقات"[4/ 242]، بعد أن رواه من طريق معمر قال:"ما أحسب معمرًا حفظه، روى أصحاب الزهرى هذا الخبر عن أبى سلمة عن عبد الرحمن .. "، وقال البزار:"والصواب ما رواه ابن عيينة عن الزهرى عن أبى سلمة .. ".

قلت: لكن معمرًا لم ينفرد بروايته على هذا الوجه، بل تابعه عليه الذين مضوا آنفًا.

وذهب آخرون إلى ترجيح الوجه الثاني، فقال الدارقطنى في "علله"[4/ 264]، بعد أن ذكر أوجه الاختلاف في سنده:"والصواب حديث محمد بن أبى عتيق ومن تابعه". وقبله قال ابن المدينى عن هذا الوجه: "وهو عندى الصواب" كما في "العلل"[ص 576/ طبعة ابن الجوزى]، وكذا صوَّبه الحافظ في "التهذيب"[3/ 234]، قائلا:"وهو الصواب"، وانتصر له الإمام في "الصحيحة"[2/ 360]، فقال يرد على البخارى في تخطئته معمرًا في سنده:"الحديث صحيح عندى - يعنى صحيح إلى الزهرى - ولم يخطئ فيه معمر، بل إن سفيان - يعنى: ابن عيينة - هو الذي قصِّر في إسناده فصيره منقطعًا، والدليل على ذلك أن معمرًا قد توبع عليه".

قلتُ: ثم ذكر مَنْ تابع معمرًا على الوجه الثاني، لكن يردُّ على الإمام أن ابن عيينة قد توبع عليه أيضًا؟ فأيش يكون جوابه؟!

ثم احتدَّ الإمام جدًّا في المناقشة، فقال بعد أن ذكر متابعة شعيب وابن أبى عتيق لمعمر:"قلتُ: فهذا متابعان قويان لمعمر، يشهدان لحديثه بالصحة، فكيف يصح الحكم عليه بالخطأ ولو من إمام المحدثين؟! ". =

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: يعنى به البخارى، ويقال له هو الآخر:"وأيضًا: فهذا يونس الأيلى وسفيان بن حسين وسليمان بن كثير وغيرهم من أصحاب الزهرى كلهم رووه عنه مثل رواية ابن عيينة على الوجه الأول، فكيف يصح الحكم عليه بالخطأ ولو من الإمام الألبانى؟! ".

والأشبه عندى: أن الوجهين كلاهما محفوظان عن الزهرى إن شاء الله، فيبدو أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قد سمعه من أبى الرداد عن عبد الرحمن بن عوف، ثم صار أبو سلمة بعد ذلك يرويه عن أبيه ولا يذكر فيه "أبا الرداد"، والحديث لا يثبت من الوجهين جميعًا.

أما الوجه الأول: فهو معلول بالانقطاع بين أبى سلمة وأبيه عبد الرحمن بن عوف، كما مضى بيان ذلك.

وأما الوجه الثاني: فهو معلول بجهالة حال: "أبى الرداد الليثى"، فقد انفرد عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بالرواية، كما جزم بذلك مسلم في "المنفردات والوحدان"[ص 96]، وأورده الذهبى في "الميزان" وقال:"ما حدث عنه سوى أبى سلمة، فحدثه عن عبد الرحمن والده في صلة الرحم". وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا أورده العجلى في "تاريخه"[2/ 422]، فقال:"أبو مالك الليثى مدنى تابعى ثقة".

وقد مضى أن أبا الرداد يقال له أيضًا: "أبو مالك" كنَّاه بذلك الإمام أحمد وابن المدينى، ونصَّا على أن اسمه:"رداد"، فهو:"رداد أبو مالك وأبو الرداد الليثى". وربما يكون الذي وثقه العجلى شيخًا آخرًا، هذا محتمل.

وقد نقل الطبرى في "تهذيب الآثار/ الجزء المفقود"[ص 123/ طبعة دار المأمون] عن جماعة أنهم أعلوا هذا الحديث بعلل، منها جهالة أبى الرداد هذا، فقالوا:"لا يعرف أبو الرداد في حملة العلم، ولا تثبت بمجهول حجة"، وقد قال عنه الحافظ في "التقريب":"مقبول" يعنى عند المتابعة، وإلا فهو ليِّن الحديث، وقد أورده ابن منده في "معرفة الصحابة"[2/ 862]، وقال:"أدرك النبي صلى الله عليه وسلم"، وساق له هذا الحديث، وتابعه أبو نعيم في "المعرفة"، وقبلهما أورده أبو أحمد الحاكم في "الأسامى والكنى"[ق 157/ ب/ مخطوط]، فقال:"أبو الرداد الليثى من بنى الليث كان يسكن المدينة، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، كناه محمد بن عمر الواقدى"، ثم ساق له هذا الحديث، وليس في الحديث ما يدل على صحبته أصلًا.

ثم يجئ محمد بن أبى حفصة ويرفع عصا الشقاق، ولا يرضى إلا بمخالفة الكُلّ، فيرويه عن=

ص: 170

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزهرى فيقول: عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف به

، هكذا أخرجه البزار [رقم 891]، من طريق روح بن عبادة قال: نا محمد بن أبى حفصة به

قلتُ: وابن أبى حفصة يأتى عن الزهرى بالأعاجيب، ومثله إذا خالف معمرًا ومن تابعه فضلًا عن ابن عيينة ومن تابعه، فيحق آنذاك للنسائى أن يقول عنه:"ضعيف" ولم تكن رغبة القطان عنه إلا لهذه المناكير التى كان يأتى بها عن الثقات، ومَنْ يشفع له في تلك الورطة؟!

فإن قيل: قد تابعه بحر بن كنيز السقاء على هذا اللون عن الزهرى، كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 264].

فالجواب: أن بحرًا هذا قد غرق في بحار أخطائه، وسقط في أمواج أوهامه واضطرابه، وقد تركه النقاد وتنالوه شديدًا، وهو من رجال ابن ماجه وحده.

• وقد توبع عليه الزهرى على الوجه الأول عن أبى سلمة عن أبيه به نحوه

تابعه:

1 -

محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة: أن أباه عاد أبا الرداد فقال له أبو الرداد: ما أحد من قومك أوصل لى منك. فقال عبد الرحمن: "سمعت رسول الله يحكى عن ربه جل وعز قال: أنا الرحمن وهى الرحم اشتققت لها من اسمى فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته" أخرجه أبو العباس البرتى [رقم 15]، وابن ناصر الدين الدمشقى في "مجالس في التفسير"[ص 146 - 147/ طبعة دار القبلة]، من طريقين عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو به.

قلتُ: قد اختلف في سنده على محمد بن عمرو على ألوان، فرواه عنه حماد بن سلمة على الوجه الماضى، وخالفه إسماعيل بن جعفر، فرواه عن محمد بن عمرو فقال: عن أبى سلمة قال: قال الله: "أنا الرحمن، وهى الرحم، اشتققت لها من اسمى فمن يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبته" هكذا مرسلًا، أخرجه إسماعيل بن جعفر في "حديثه"[رقم 208] حدثنا محمد بن عمرو به

قلتُ: وخالفهما جماعة آخرون، كلهم رووه عن محمد بن عمرو فسلكوا فيه الجادة، فقالوا: عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: "أنا الرحمن وهى الرحم شققت لها من اسمى من يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبته" فنقلوه إلى "مسند أبى هريرة"، هكذا أخرجه أحمد [2/ 498]، وهناد في "الزهد"[رقم 998]،=

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ووكيع في "الزهد"[رقم 998]، وأبو زرعة الدمشقى في "الفوائد المعللة"[رقم 236]، والطبرى في "تهذيب الآثار/ الجزء المفقود"[ص 125/ طبعة دار المأمون]، والبزار [14/ رقم 7925]، والخرائطى في "مساوئ الأخلاق"[رقم 280]، والحاكم [4/ 173]، والمؤلف [رقم 5953]، وأبو إسحاق العسكرى في "الجزء الثاني من مسند أبى هريرة"[رقم 17/ طبعة دار البشائر]، وغيرهم من طرق عن محمد بن عمرو به

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".

قلتُ: محمد بن عمرو إنما أخرج له مسلم في "المتابعات" كما جزم بع بعض النقاد، فليس الحديث على شرطه، ثم إن إسناده معلول جدًّا من هذا الوجه، فقال ابن المدينى في "العلل" [ص 576/ طبعة ابن الجوزى]:"حديث أبى سلمة، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم شجنة من الرحمن" رواه محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، وهو عندى خطأ لا شَك فيه؛ لأن الزهرى. رواه عن أبى سلمة، عن أبى رداد الليثى، عن عبد الرحمن بن عوف، وهو عندى الصواب".

قلتُ: وكذا رجَّح الدارقطنى رواية الزهرى في "علله"[4/ 264]، ولا ريب في هذا عند الناقد البصير، ومحمد بن عمرو بن علقمة لا يلحق الزهرى في شئ أصلًا، وقد كان يهم في حديث أبى سلمة خاصة، فقال ابن معين:"ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدث مرة عن أبى سلمة بالشئ من رأيه، ثم يحدث به مرة أخرى عن أبى سلمة، عن أبى هريرة" نقله عنه الحافظ في "التهذيب".

ويبدو أنه اضطرب في روايته، والوجه الأول عنه هو الصواب، لمتابعة الزهرى له عليه.

نعم: قد توبع محمد بن عمرو عليه عن أبى سلمة عن أبى هريرة، تابعه: يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: أنا الرحمن وأنا خلقت الرحم واشتققت لها من اسمى فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته" أخرجه الخطيب في "تاريخه"[5/ 426]، وابن عساكر في "تاريخه"[5/ 406 - 407]، من طريقين عن الوليد بن مسلم - قال: حدثنا الأوزاعى عن يحيى به

قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة، لولا أنه معلول، فقد اختلف في سنده على الأوزاعى على ألوان، فرواه عنه الوليد بن مسلم كما مضى، وخالفه شعيب بن إسحاق وابن أبى العشرين،=

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فروياه عن الأوزاعى فقالا: "عن يحيى عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ قال: حدثنى فلان عن عبد الرحمن بن عوف

" هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل" [4/ 295]، وخالفهم الوليد بن مزيد ويحيى بن حمزة، فروياه عن الأوزاعى فقالا: "عن يحيى عن عبد الله بن محمد قال: مرض عبد الرحمن فعاده قريب له

"، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل".

ثم جاء محمد بن يوسف الفريابى وخالف الجميع، ورواه عن الأوزاعى فقال:"عن يحيى جاء رجل إلى عبد الرحمن"، فأرسل الحديث، هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل" أيضًا.

قلت: وخولف فيه الأوزاعى، خالفه عكرمة بن عمار، فرواه عن يحيى بن أبى كثير فقال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أبُو سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَ نَسيبٌ لِعَبْدِ الرحْمَنِ بْن عَوْف يَعُودُهُ في مَرَضه فَقَالَ لَهُ: أفُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَصلَتْكَ رَحِمٌ، إِنِّي سَمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "قَالَ اللهُ: أنَا الرحْمَنُ، شَقَقْتُ الرَّحمَ مِنَ اسْمى، فَمَنْ يَصلْهَا وَصلْتُهُ، وَمَنْ يَقْطَعْهَا أقْطعْهُ، أوْ قَالَ: وَمَنْ يَبُتَّهَا أبْتُتْهُ" هكذا أخرجَه الشاشى في "مسنده" [1/ 240]، من طريق سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَد، حَدَّثنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّد الجرَشيُّ، حَدَّثنَا عكرمة به

قلتُ: ثم جاء هشام الدستوائى ورواه عن يحيى فقال: عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف وهو مريض فقال له عبد الرحمن: وصلتك رحم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قال الله: أنا الرحمن وخلقت الرحم وشققت لها من اسمى فمن يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه أو قال من يبتها أبتته" هكذا أخرجه أحمد [1/ 191]- واللفظ له - والحاكم [4/ 173]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 38]، وابن أبى الدنيا في "مكارم الأخلاق"[رقم 205]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم 252]، والمؤلف في الآتى [برقم 841]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 94 - 95]، والخرائطى في "مساوئ الأخلاق"[رقم 263]، وغيرهم، من طرق عن يزيد بن هارون عن هشام الدستوائى به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف. رجاله كلهم ثقات سوى عبد الله بن قارظ والد إبراهيم، فهو شيخ خفى الحال، لم نعثر له على ترجمة بعد البحث، فهو آفة هذا الطريق.

ثم جاء شيبان النحوى ورواه عن يحيى فقال: أخبرنى إبراهيم بن عبد الله بن قارظ الزهرى: أن رجلًا أخبره عن عبد الرحمن بن عوف: سمع النبي صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أنا الرحمن وأنا خلقت الرحم" هكذا أخرجه البخارى في "تاريخه"[1/ 312]، من طريق سعيد بن حفص عن شيبان به

=

ص: 173

841 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشامٌ الدستوائى، عن يحيى بن أبى كثيرٍ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظٍ، أن أباه حدثه، أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف يعوده، فقال له عبد الرحمن: وصلتك رحمٌ! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"قَالَ الله: أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِىَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا مِنَ اسْمِى، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ، أَوْ قَالَ: بَتَّهَا أَبُتَّهُ".

= قلتُ: وقد توبع شيبان على هذا الوجه، تابعه: أبان بن يزيد العطار، كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 295]، وأخرجه أبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 37]، حدثنا أبو سلمة قال حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى بن أبى كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ [أن أباه أخبره] أنه دخل على عبد الرحمن يعوده

قلتُ: وقد سقط والد إبراهيم من سنده عند البرتى، ولا بد منه؛ لأن إبراهيم لا يروى عن ابن عوف إلا بواسطة. وهذا الوجه الأخير عن ابن أبى كثير هو الذي أشار الدارقطنى إلى ترجيحه في "العلل" فقال:"وقد اختلف أصحاب يحيى عليه فيه، وأحسنهم قولًا عنه: ما قاله شيبان وأبان"، وتعقبه الضياء المقدسى، فقال في "المختارة":"قلت والله أعلم: لو أن الدارقطنى قال: وأحسنهم قولًا هشام؛ كان أولى؛ لأن شيبان وأبان في روايتهما لم يبين لهما إبراهيم من هو المخبر له، وفى رواية هشام أنه بين له أن المخبر له أبوه والله أعلم".

قلتُ: وهذا هو الظاهر عندى أيضًا، فقد جوَّده هشام وأقام إسناده، وقد كان الإمام أحمد يقدم هشام الدستوائى على جميع أصحاب يحيى بن أبى كثير.

وتابعه على ذلك غير واحد من حذاق النقاد، فراجع:"شرح علل الترمذى/ لابن رجب"[/ 122، 123].

وللحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة، وسيأتى منها حديث عامر بن ربيعة [برقم 7198].

ومنها: حديث أبى هريرة عند البخارى [رقم 5642] من طريق عبد الله بن دينار عن أبى صالح عن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته". وله طرق أخرى عن أبى هريرة، وفى الباب عن عائشة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وغيرهم.

8 -

صحيح لغيره: انظر قبله.

ص: 174

842 -

حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمَّانيُّ، حدّثنا شريكٌ، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: رأَيت عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت وهو يحدو، عليه خفان، فقال له عمر؟ ما أدرى أيهما أعجب: حداؤك حول البيت، أو طوافك في خفيك؟! قال: قد فعلت هذا على عهد من هو خير منك، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يعب ذلك عليَّ.

843 -

حدّثنا سويد بن سعيد، حدّثنا شريكٌ، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر بن الخطاب مر على عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت وهو يحدو وعليه خفان، فقال: - واللَّه ما أدرى أطوافك في خفيك أعجب، أم حداؤك حول البيت؟! قال: قد فعلت ذلك على عهد من هو خيرٌ منك، رسول الله صلى الله عليه وسلم.

844 -

حدّثنا وهب بن بقية الواسطى، حدّثنا خالد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهرى، عن محمد بن جبير بن مطعمٍ، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَهِدْتُ وَأَنَا غُلامٌ حِلْفًا مَعَ عُمومَتِى المُطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّى أَنْكُثُهُ".

842 - ضعيف جدًّا: أخرجه أحمد [1/ 192]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 131 - 132]، والطحاوى في "شرح المشكل"[14/ 43، 44]، وأبو العباس البرتى في "مسند عبد الرحمن بن عوف"[رقم 5]، من طريق شريك القاضى عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة به نحوه

قلتُ: وهذا إسناد تالف، وشريك القاضى فقيه مشهور محدث جليل، لكنه كان ضعيف الحفظ، مخل الضبط، وعاصم بن عبيد الله: هو العمرى الذي ضعفه النقاد بخط عريض، وله مناكير لا تُطاق، وقد تركه الدارقطنى وغيره. وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[3/ 546]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة"[3/ 202]، وسكتا عن شريك القاضى.

843 -

ضعيف جدًّا: انظر قبله.

844 -

حسن: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[4/ 301]، والضياء في "المختارة"[3/ 119]، من طريق وهب بن بقية عن خالد الطحان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الرحمن بن عوف به

=

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: هكذا رواه المؤلف وعبدان الأهوازى عن وهب بن بقية، وخالفهما ابن أبى عاصم، فقال: قال بقية نا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به

، فزاد فيه:"عن أبيه" بين محمد بن جبير عبد الرحمن بن عوف، هكذا أخرجه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 222]، وتابعه أبو العباس البرتى في "مسند عبد الرحمن بن عوف"[رقم 12]، حدثنا وهب بن بقية قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير من مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به

قلتُ: وقد توبع خالد على هذا الوجه: تابعه:

1 -

بشر بن المفضل: عند أحمد [1/ 190]، ومن طريقه الضياء في "المختارة"[3/ 115]، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[5/ 419]، والمؤلف [برقم 845]، والبيهقى في "سننه"[رقم 12856]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 301]، والطبرى في "تفسيره"[8/ رقم 9296/ طبعة الرسالة]، وأبو نعيم في "المعرفة"[1/ رقم 499]، والبزار [رقم 1000]، وأبو عمرو بن السماك في الجزء الثاني من "أماليه"[رقم 58/ مخطوط/ بترقيمى]، والمزى في "التهذيب"[1/ 353]، وغيرهم من طرق عن بشر به

قال البزار: "وَهَذَا الحدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف، وَقَدْ رُوِىَ عَنْ عَبْدِ الرحْمَنِ بْن عَوْفٍ مِنْ غَيْرِ وَجْه، وَهَذَا الإسْنَادُ أحْسَنُ إِسْنَاد يُرْوَى في ذلك عَنْ عَبْدِ الرحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَلا رَوَى جُبَيْرٌ، عَنْ عَبد الرحمَنِ إِلَّا هَذَا الحديثَ".

2 -

وإسماعيل ابن عليةَ: عند أحمد [1/ 193]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[5/ 509]، ومن طريقه ابن حبان [رقم 4373]، والحاكم [2/ 239]، والبخارى في "الأدب"[567]، والطحاوى في "شرح المشكل"[15/ 213]، والمؤلف [رقم 846]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ 221]، والضياء في "المختارة"[3/ 116]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 301]، ومن طريقه البيهقى في "الدلائل"[2/ 37 - 38/ الطبعة العلمية]، والشاشى في"المسند"[1/ 238]، وابن قانع في "معجم الصحابة"[2/ 143 - 144]، وابن باكويه في "جزء من حديثه"[15 / مخطوط/ بترقيمى]، والمزى في "التهذيب"[1/ 353]، ورواه أحمد بن صالح المصرى الحافظ عن ابن علية وبشر بن المفضل كلاهما عن =

ص: 176

845 -

حدّثنا العباس بن الوليد النرسى، حدّثنا بشر بن المفضل، حدّثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهرى، عن محمد بن جبير بن مطعمٍ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَهِدْت غُلامًا مَعَ عُمُومَتِى حِلْفَ المطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّى أَنْكُثُهُ".

846 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن

= عبد الرحمن بن إسحاق بإسناده به

عند ابن عدى في "الكامل"[1/ 181]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[4/ 197]، والضياء في "المختارة"[3/ - 117، 118]، وابن العديم في"بغية الطلب"[2/ 798 - 799/ طبعة دار الفكر]، وغيرهم من طريق أبى القاسم البغوى عن أبى بكر ابن زنجويه عن أحمد بن صالح به في سياق قصة.

3 و 4 - وخارجة بن مصعب وإبراهيم بن طهمان: كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 261]، كلهم رووه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عوف به

قلتُ: وهذا إسناد حسن، وعبد الرحمن بن إسحاق: هو القرشى المدنى الشيخ الصدوق المتماسك. وباقى رجاله ثقات، وهذا الوجه هو المحفوظ عندى، والوجه الأول أراه وهمًا من بعضهم، لكن يقول حسين الأسد في تعليقه على "مسند المؤلف":"هو من المزيد في متصل الأسانيد، محمد بن جبير بن معطم سمع الحديث من أبيه، ثم سمعه من عبد الرحمن، وأدَّاه من الطريقين".

قلتُ: ما هذا منه بأول قارورة كُسرتْ، وكيف تصح تلك المجازفة ومحمد بن جبير لم يصح له سماع من ابن عوف أصلًا؟! فقد نقل الحافظ في "التهذيب"[9/ 92]، عن الدارقطنى: أن حديثه عن عثمان مرسل، وعثمان قد توفى شهيدًا سنة خمس وثلاثين، وعبد الرحمن قد توفى سنة 33 هـ، على أكثر الأقوال. فإذا ثبت أنه لم يسمع من عثمان؛ فعبد الرحمن بن عوف أولى منه بعدم السماع، لاسيما ولم يذكره أحد في شيوخه، فانتبه.

وللحديث شاهد عن أبى هريرة: عند ابن حبان [4374]، والبيهقى في "سننه"[12858]، وسنده جيد في المتابعات، لكن اختلف في إسناده، ورجَّح الدارقطنى إرساله في "العلل"[9/ 302].

845 و 846 - حسن: انظر قبله.

ص: 177

إسحاق، عن الزهرى، عن محمد بن جبير بن مطعمٍ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِى

"، فذكر نحوه.

847 -

حدّثنا محمد بن عبادٍ المكى، حدّثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عثمان، عن ابن أبى سندرٍ الأسلمى، عن مولًى لعبد الرحمن بن عوف، قال: قال عبد الرحمن: كنت قائمًا في رحبة المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجًا من الباب الذي يلى المقبرة، فلبثت شيئًا، ثم خرجت على إثره، فوجدته قد دخل حائطًا من الأسواف، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين، فسجد سجدةً فأطال السجود فيها، فلما تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تبادأت له، فقلت: بأبى أنت وأمى، سجدت سجدةً أشفقت أن يكون الله قد توفاك من طولها؟ قال:"إنَّ جِبْرِيلَ بَشَّرَنِى أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى صَلَّى الله عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيَّ سَلَّمَ الله عَلَيْهِ".

848 -

حدّثنا محمد بن إسحاق المسيبى، حدّثنا عبد الله بن نافعٍ، عن هشام بن

847 - ضعيف: أخرجه البيهقى في "الشعب"[2/ رقم 1555]، من طريق حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع حدثنى ابن أبى سندر السلمى عن مولى عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن به نحوه

قال الهيثمى في "المجمع"[10/ 160 - 161]: "رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه؟ ".

قلتُ: يعنى بذلك مولى عبد الرحمن بن عوف، فهو مجهول الحال والعين، وابن أبى سندر: هو الوليد بن سعيد الأسلمى، ذكره ابن حبان في "الثقات"[5/ 492]، على قاعدته في توثيق هذا الضرب من أغمار رجالات الصدر الأول، ولم أجده عند غيره، وباقى رجاله ثقات.

وللحديث: طرق أخرى عن عبد الرحمن بن عوف، ولا يثبت منها شئ، وسيأتى بعضها [برقم 858، 869]، وللمرفوع منه: شواهد لكن دون هذا اللفظ هنا.

848 -

صحيح: علقه العقيلى في "الضعفاء"[4/ 402]، ووصله ابن خزيمة في "صحيحه" كما في "إتحاف المهرة"[10/ 634]، والدارقطنى في "الغرائب والأفراد/ أطرافه"[1/ 138/ الطبعة التدمرية]، والطبرى في "تهذيب الآثار/ الجزء المفقود"[ص 72 - 73/ طبعة دار المأمون]، من طريق عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام بن سعد عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبيه عبد الرحمن به نحوه

ص: 178

سعد، عن ابن شهاب، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن عوف، أن عمر بن الخطاب حين خرج إلى الشام فسمع بالطاعون، فتكركر عن ذلك، فقال له عبد الرحمن: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ، وَإذَا وَقَعَ وَأَنْتمْ بِأَرْضٍ فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ"، فرجع عمر، عن حديث عبد الرحمن بن عوفٍ.

قال الدارقطنى: "غريب من حديث أبى سلمة عن أبيه، وغريب من حديث الزهرى عنه، تفرد به عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام بن سعد عن الزهرى عن أبى سلمة، وغيره يرويه عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف".

قلتُ: أبو سلمة لم يسمع من أبيه كما جزم أئمة الحديث، وعبد الله الصائغ: في حفظه شئ، وقد خولف في إسناده، خالفه سليمان بن بلال وابن وهب وحسن بن سوار وغيرهم، كلهم رووه عن هشام بن سعد فقالوا: عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه به ....

هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 256]، وكلا الوجهين غير محفوظين.

1 -

ورواية ابن وهب: أخرجها الطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 304]، والطبرى في "تهذيب الآثار/ الجزء المفقود"[ص 95/ طبعة دار المأمون].

وتابعهم أيضًا: جعفر بن عون قال: أخبرنا هشام بن سعد عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه به نحوه في سياق أتم

أخرجه أبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 27]، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقانى قال: حدثنا جعفر بن عون به

قلتُ: ويبدو لى أن هشام بن سعد لم يكن يضبطه، وقد تكلم جماعة في حفظه، وقد رأيت الحافظ قد ذكر حديثه هذا في "الفتح"[10/ 184]، ثم قال:"وهشام صدوق سيئ الحفظ، وقد اضطرب فيه" وهو كما قال. وقد اختلف في إسناده على الزهرى على ألوان كثيرة، ذكرها الدارقطنى في "علله"[4/ 253، 254، 255، 256] ثم قال: "وأصحها حديث الزهرى عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف".

قلتُ: وهذا الوجه هو الذي رجحه العقيلى في "الضعفاء"[4/ 402]، وقد مضى هذا الوجه [برقم 837]، وقد رجَّح العقيلى وجهًا آخر عن الزهرى، ثم ضعَّف سائر الوجوه الأخرى، فقال: "والصحيح: حديث مالك ومعمر وإبراهيم بن سعد عن الزهرى=

ص: 179

849 -

حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامى، ومعلى بن مهدى، قالا: حدّثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبى سلمة، عن أبيه قال: حدثنى قاضى أهل فلسطين، قال: سمعت عبد الرحمن بن عوف، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ إن كُنْتُ لحَالِفًا عَلَيْهِنَّ: لا يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا، وَلا يَعْفُو رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ يُرِيدُ بهَا وَجْهَ الله إلا رَفَعَهُ الله بِهَا عزًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا يَفْتَحُ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إلا فَتَحَ الله عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ".

= عن عبد الحميد بن عبد الرحمن

وحديث سالم وعبد الله بن عامر

جميعًا صحيحان، وسائر ذلك أوهام وغلط" والأشبه ما قاله العقيلى.

849 -

ضعيف: بهذا التمام في أوله: أخرجه أحمد [1/ 193]، وعبد بن حميد في "مسنده/ المنتخب"[رقم 159]، ومن طريقه عمر بن أحمد الشماع في "الأول من ثبته"[رقم 223 مخطوط/ بترقيمى]، ومسدد في "مسنده" وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة"[3/ 7]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[1/ 19/ مسند عمر]، والبزار [رقم 1033]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[رقم 305]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 41]، وأبو طاهر المخلص في الجزء الثالث من "الفوائد المنتقاة الغرائب عن الشيوخ العوالى/ انتقاء أبى الفتح بن أبى الفوارس"[رقم 37/ مخطوط/ بترقيمى]، والقضاعى في "الشهاب"[2/ 818]، وابن عساكر في "تاريخه"[8/ 366 - 367]، وغيرهم، من طرق عن أبى عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه أبى سلمة عن قاص أهل فلسطين عن عبد الرحمن بن عوف به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وقاص أهل فلسطين لا يدرى أحدٌ من يكون؟، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[3/ 105]، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة" [3/ 7]. وعمر بن أبى سلمة: شيخ مختلف فيه، وقد خولف في إسناده، خالفه يونس بن خباب، فرواه عن أبى سلمة عن أبيه به نحوه

، وأسقط من الواسطة بين أبى سلمة وأبيه، هكذا أخرجه البزار [رقم 929]، والقضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 819]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 131]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[1/ 18/ مسند عمر]- وعنده مختصرًا - والدارقطنى في "الغرائب والأفراد/ أطرافه"[1/ 137/ الطبعة التدمرية]، والذهبى في "معجم شيوخه"[1/ 159/ طبعة مكتبة الصديق]، من طريق عمرو بن مجمع عن يونس به

=

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال البزار: "وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أبى سَلَمَةَ عَنْ أبيه، عَنْ قَاصِّ فِلَسْطِينَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن أصَحُّ منْ حَديثِ يُونُسَ بْنِ خَبَّاب". وَقال الدارقطني: "تفرد به يونس بن خباب عنَ أبى سلمَة عن أبيه، وتفرد به عمرو بن مُجمِّع عنه". وقال الذهبى: "هذا حديث حسن المتن، واهى الإسناد من جهة عمرو ويونس".

قلتُ: ويونس ساقط الحديث على التحقيق، لم يكن يساوى فلسًا ولا نصف فلس، مع سقوطه في الرواية، فقد كان ساقط الديانة أيضًا، فقال أبو داود:"يونس بن خباب شتام لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وقال أبو أحمد الحاكم:"تركه يحيى وعبد الرحمن، وأحسنا في ذلك؛ لأنه كان يشتم عثمان، ومن سب أحدًا من الصحابة فهو أهل أن لا يروى عنه" وقد ورد بإسناد صحيح عن هذا النَّذْل أنه قال: "عثمان بن عفان قتل ابنتى النبي صلى الله عليه وسلم"، كذا يقول هذا الرافضى الخبيث المجنون! والراوى عنه:"عمرو بن مجمع" ضعفه الدارقطنى وغيره، وساق ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل".

ثم جاء الكذاب المجرم: زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث الكندى وروى هذا الحديث عن الثورى عن منصور بن المعتمر عن يونس بن خباب فقال: عن أبى سلمة عن أم سلمة به نحوه

، وجعله من "مسند أم سلمة"، هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 2270]، وفى "الصغير"[1/ 142]، ومن طريقه القضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 817]، حدثنا أحمد بن إسحاق الدميرى بمصر بقرية دميرة: حدثنا زكريا بن دويد به

قال الطبراني: "لم يروه عن الثورى إلا القاسم بن يزيد الجرمى وزكريا بن دويد الأشعثى، وهو ضعيف جدّا، أقول: بل كان يضع الحديث".

قلت: وزكريا كذاب مشهور، وترجمته في "اللسان"[2/ 479]، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه جماعة عن الثورى، منهم:

1 -

محمد بن عمارة القرشى: عند الخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 343]، ومن طريقه القضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 783]، وأبى الحسين بن سمعون في "أماليه"[رقم/ 88]، ومن طريقه قاضى المارستان في "مشيخته"[2/ 773/ طبعة عالم الفوائد]، والدارقطنى في "العلل"[15/ 212]، من طريق عليّ بن حرب عن محمد بن عمارة به نحوه

باختصار.

قال عليّ بن حرب عقب روايته عند ابن سمعون: "من روى هذا عنى عن قاسم الجرمى فقد كذب عليَّ"، قال الدارقطنى في "العلل": "حَدَّث بِهِ عَلِيُّ بن حَربِ، عَنهُ - يعنى عن محمد =

ص: 181

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ابن عمارة - وكان حَدَّث به عَليُّ بن حَرب مَرَّةً مِن حِفظه عَنِ القاسمِ الجرمى، عَن الثورِى، وحَمَلَهُ عَنهُ جَماعَةٌ هكَذا، ثُمَّ ترَاجع عَنهُ، وحدَّث عَن مُحَمَّدَ بنِ عُمارَة القُرَشِيِّ، عَنِ الثَّورِيِّ".

قلتُ: ورواية القاسم الجرمى هي الآتية:

2 -

والقاسم بن يزيد الجرمى: عند الدارقطنى في "الغرائب والأفراد/ أطرافه"[2/ 410/ الطبعة التدمرية]، من طريق عليّ بن حرب عن القاسم به

قال الدارقطنى: "تفرد به على بن حرب عن القاسم الجَرْمى عن الثورى، وحدث به على بن حرب أيضًا عن محمد بن عُمارة القرشى عن الثورى مثله، وتفرد به أيضًا عنه".

قلتُ: وخالفهم جميعًا وكيع بن الجراح، فرواه عن الثورى فقال: عن منصور عن يونس بن خباب عن أبى سلمة به

مرسلا، هكذا ذكره الدارقطنى في "الغرائب والأفراد/ أطرافه"[2/ 410]، وأشار إليه في "العلل" أيضًا، وقد توبع وكيع على هذا الوجه المرسل عن الثورى، تابعه أبو نعيم الملائى عند ابن عمشليق في "جزئه" [رقم 17] من طريق أحمد بن موسى بن إسحاق الحمار: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين به

قلت: وهذا هو المحفوظ بلا ريب عن الثورى، وبه جزم الدارقطنى في "العلل"[15/ 212]، فقال:"والمُرسَلُ أشبَهُ بِالصَّوابِ". وهو مرسل غير ثابت، لكون يونس بن خباب لا يزال رابضًا في سنده.

وللحديث: شواهد عن جماعة من الصحابة. أقربها إلى سياقه هنا: حديث أبى كبشة الأنمارى: عند الترمذى [رقم 2325]، وأحمد [4/ 231]، والطبرانى في "الكبير"[22/ رقم 855]، وجماعة. وفى سنده يونس بن خباب أيضًا، كأنه حلف ألا يغادر متن الحديث، وأخشى أن هذا أيضًا من قبيل الاختلاف عليه في سنده، والحديث: صحيح دون قوله في أوله: "ثلاث والذى نفس محمد بيده إن كنت لحالفًا عليهن" ولباقى فقراته شواهد ثابتة:

1 -

فيشهد لجملة: "لا ينقص مال من صدقة" وجملة: "ولا يعفو رجل عن مظلمة يريد بها وجه الله إلا زاده الله بها عزًا" شاهد من حديث أبى هريرة عند مسلم [رقم 2588]، والترمذى [رقم 2029]، وجماعة. وسيأتى [برقم 6458].

2 -

ويشهد لجملة: "ولا يفتح رجل على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر" حديث أبى هريرة أيضًا الآتى [برقم / 6691]. واللَّه المستعان.

ص: 182

849 م - حدّثنا زهير بن حرب، حدّثنا هشام بن عبد الملك، حدّثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبى سلمة، عن أبيه، عن قاضى أهل فلسطين، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.

850 -

حدّثنا محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة البصرى، حدّثنا عثمان بن عفان الغطفانى، حدّثنا الزبير بن خربوذ، عن شيخٍ من أهل المدينة، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: عمَّمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلها بين يديَّ ومن خلفى.

849 م - ضعيف: انظر قبله.

850 -

ضعيف: أخرجه أبو داود [4079] ومن طريقه البيهقى في "الشعب"[5/ رقم 6253]، وفى "الآداب"[رقم/ 514/ طبعة مؤسسة الكتب الثقافية]، والمزى في، "التهذيب"[11/ 40]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 172]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 191 - 192]، وغيرهم، من طرق عن محمد بن إسماعيل بن أبى سمينة عن عثمان بن عثمان الغطفانى عن ابن خربوذ [وتحرف عند ابن عساكر إلى "جرموذ"] عن شيخ من أهل المدينة عن ابن عوف به

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، وابن خربوذ شيخ مجهول غائب، قال عنه الذهبى في "الميزان:"لا يعرف"، ثم ساق له هذا الحديث، وقبله قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" [1/ 466]:"سليمان هذا لا يعرف البتة"، وقال الحافظ في "التقريب":"مجهول"، والرواى عنه:"عثمان بن عثمان الغطفانى" شيخ مختلف لا فيه، وقد ساق له ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل"، وفى الإسناد أيضًا: جهالة ذلك الشيخ المدنى راويه عن ابن عوف، فمن يكون؟ والحديث ضعَّفه صاحب "عون المعبود"[11/ 89].

وقد اختلف على ابن أبى سمينة في تسمية ابن خربوذ، فرواه عنه المؤلف، ومن طريقه ابن عدى وابن عساكر والمزى فقال:"عن الزبير بن خربوذ"، وخالفه أبو داود، فرواه - ومن طريقه رواه البيهقى - عن ابن أبى سمينة فقال:"عن سليمان بن خربوذ"، وقد صوَّب المزى قول أبى داود، فأورد الحديث من طريق المؤلف في "تهذيبه" ثم قال:"هكذا وقع في هذه الرواية، وهو وهْم، والصواب: "سليمان بن خربوذ" كما قال أبو داود".

قلتُ: ولعل عثمان الغطفانى كان يضطرب في تسمية شيخه، وقد رأيتُ الذهبى ترجم أيضًا لـ "الزبير بن خربوذ" في "الميزان"[2/ 67]، فقال:"حدث عنه عثمان الغطفانى، قال الأزدى: ضعيف مجهول".

ص: 183

851 -

حدّثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب الهمدانى، حدّثنا ابن أبى فديك، حدّثنا عبد الملك بن زيد بن سعيد بن نفيلٍ، عن مصعب بن مصعب، عن ابن شهابٍ، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوفٍ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُرْفَع زِينَةُ الدُّنيَا سنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَمِئَةٍ".

851 - منكر: أخرجه البزار [رقم 1027]، وابن أبى عاصم في "الزهد"[رقم 198]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 308]، ومحمد بن إبراهيم الجرجانى في عدة مجالس من "أماليه"[رقم 290/ مخطوط/ بترقيمى]، وأبو محمد بن صاعد في مجلسين من "أماليه"[رقم 18 مخطوط/ بترقيمى]، وعنه أبو طاهر المخلص في "فوائده" كما في "اللآلئ المصنوعة"[2/ 325]، وأبو عليّ الحسن بن منير التنوخى في "حديثه عن حاجب بن أركين الفرغانى عن شيوخه"[رقم 35/ مخطوط/ بترقيمى]، والمزى في "التهذيب"[18/ 309]، والدارقطنى في "الغرائب والأفراد/ أطرافه"[1/ 137/ الطبعة التدمرية]، وغيرهم، من طرق عن ابن أبى فديك عن عبد الملك بن زيد بن سعيد عن مصعب بن مصعب عن ابن شهاب عن أبى سلمة عن أبيه به

قال البزار: "وَهَذَا الحديثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلَّا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف، وَلا نَعْلَمُ لهُ طرِيقًا إِلَّا هَذَا الطَّرِيقَ"، وقال الدارقطنى:"تفرد به مصعب بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن الزهرى، وتفرد به محمد بن إسماعيل بن أبى فُدَيك عن عبد الملك بن زيد عنه"، وقبله قال الإمام أحمد:"هذا منكر جدًّا، كان ابن أبى فُديك لا يُبالى عمن روى"، نقله عنه الخلال في "علله/ منتخب ابن قدامة"[ص 291/ طبعة مكتبة التوعية].

قلتُ: وإسناده منكر مثل متنه، عبد الملك بن زيد وثقه ابن معين ومشاه النسائي، لكنه ضعفه على بن الجنيد الإمام. وذكره ابن عدى في "الكامل" وأورد له هذا الحديث مع آخر في ترجمته ثم قال:"وهذان الحديثان منكران بهذا الإسناد، لم يروهما غير عبد الملك بن زيد".

ومصعب بن مصعب: ضعفه ابن الجنيد أيضًا، ووثقه غيره. راجع: ترجمته من "اللسان" 6/ 45].

وبمصعب وحده: أعله الهيثمى في "المجمع"[7/ 509]، فقال:"رواه أبو يعلى والبزار وفيه مصعب بن مصعب وهو ضعيف"، والحديث: ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية"[9/ 351]، وقال:"قلتُ: وهذا حديث غريب منكر". وقال الدارقطنى في "العلل"[9/ 251]:=

ص: 184

852 -

حدّثنا محمد بن أبى بكرٍ المقدمى، حدّثنا يوسف بن يزيد، حدّثنا إبراهيم بن عمر بن أبان، عن ابن شهاب، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، أنه شهد ذلك حين أعطى عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جهز به جيش العسرة، وجاء بسبع مئة أوقيةِ ذهبٍ.

= "ليس بمحفوظ عن الزهرى." وأورده الشوكانى في "الفوائد المجموعة"[ص/ 510]، وقال:"موضوع".

قلت: وقد سرقه بركة بن محمد الحلبى من مصعب بن مصعب، ورواه عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن الزهرى به

، أخرجه ابن عدى في "الكامل"[2/ 48]، ومن طريقه ابن الجوزى في "الموضوعات"[3/ 193]، والرافقى في "جزئه" كما في "اللسان"[2/ 8]، من طريقين عن بركة بن محمد الحلبى ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعى عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبيه به

قال ابن الجوزى: "وهذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الدارقطنى: بركة الحلبى كان كذابًا".

قلتُ: كان بركة شيخا دجالًا ما فيه بركة، وقد كان أبو الحسين السمنانى يسميه:"نقمة"، وقد كان هذا النقمة يتلون في إسناده تلوَّن الحية الرقطاء، فتارة يجعل الأوزاعى يرويه عن الزهرى كما مضى، وتارة يجعل شيخ الأوزاعى:"يحيى بن أبى كثير" بدلًا من "الزهرى"، كما أخرجه الحاكم الكبير في "فوائده" كما في "اللسان"[2/ 8]، وتارة يجعله غير ذلك، فأيش يجديه هذا اللَّف والدوران؟، وهو المفضوح أبدًا وإن أتى له بألف طريق.

ورواه بعض الهلكى عن مالك عن الزهرى بإسناده به

، وهذا باطل على مالك، راجع "علل الدارقطنى"[9/ 250]، و"اللسان"[3/ 47].

852 -

ضعيف: بهذا التمام: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[4/ رقم 4276]، وابن عدى في "الكامل"[1/ 264]، وابن عساكر في "تاريخه"[39/ 69]، والذهبى في "التذكرة"[2/ 707] وغيرهم من طريق محمد بن أبى بكر المقدمى عن يوسف بن يزيد عن إبراهيم بن عمر بن أبان عن ابن شهاب عن أبيه عن ابن عوف به

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا إبراهيم بن عمر بن أبان بن عثمان، ولا رواه عن إبراهيم إلا أبو معشر تفرد به المقدمى"، وقال الذهبى:"هذا حديث غريب، وإبراهيم ضعيف، فإن صح هذا: فهذا المقدار عشرون ألف دينار".=

ص: 185

853 -

حدّثنا الحسن بن إسماعيل أبو سعيد البصرى، حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى عبد الرحمن، بن عوف وهو يصلى بالناس أراد عبد الرحمن أن يتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم: أن مكانك، فصلى، وصلى رسول الله بصلاة عبد الرحمن.

854 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا بكر بن عبد الرحمن، عن عيسى بن

= قلتُ: هذا إسناد تالف، يوسف بن يزيد: هو أبو معشر البراء العطار، ضعفه ابن معين وأبو داود وأبو حاتم ووثقه غيرهم، وإبراهيم بن عمر: ضعفه النقاد لما كان يأتى به من تلك المناكير، حتى تركه أبو زرعة وغيره، راجع "اللسان"[1/ 308].

وبه وحده أعله الهيثمى في "المجمع"[9/ 96]، فقال:"رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الأوسط" وفيه إبراهيم بن عمر بن أبان وهو ضعيف"، وساق له ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل"، ثم قال في ختام الترجمة:"وهذه الأحاديث بهذه الأسانيد في فضائل عثمان بن عفان لا يرويها غير إبراهيم بن عمر هذا، وعن إبراهيم يروى أبو معشر البراء واسمه: يوسف بن يزيد بصرى، وأحاديثه متقاربة"، وابن شهاب: هو الزهرى. وأبوه شيخ لا يعرف له حال، ولم يرو عنه أحد سوى ولده وحده، ولم يذكروا له رواية عن ابن عوف أصلًا، وقصة تجهز عثمان لجيش العسرة: صحيحة ثابتة دون تقويم ذلك التجهيز بما في تلك الرواية.

853 -

صحيح: أخرجه الطيالسى [رقم 220/ طبعة دار هجر]، البزار [رقم 1014]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم 246]، ابن عساكر في "تاريخه"[35/ 257]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 710]، وغيرهم، من طرق عن إبراهيم بن سعد عن أبيه سعد بن إبراهيم عن جده إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه به نحوه

قال البزار: "وَهذَا الحديثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلَّا إِبْرَاهيمُ بْنُ سَعْد، عَنْ أبيه، عَنْ جَدِّه، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم، رجاله كلهم ثقات رجال "الصحيح"، وله طريق آخر عن عبد الرحمن بن عوف: عند أحمد وابنه في "الزوائد"[1/ 192]، وغيره، وللقصة: شاهد من حديث المغيرة بن شعبة عند مسلم [رقم 374]، وأبى داود [رقم 152]، وجماعة كثيرة.

854 -

منكر بهذا التمام: أخرجه البزار [1040]، والدولابى في "الكنى"[/ 2 رقم 816/ طبعة دار ابن حزم]، وابن أبى شيبة في "مسنده" كما في "المطالب"[/ رقم 279/ طبعة العاصمة]،=

ص: 186

المختار، عن ابن أبى ليلى، عن حميد أبى عبد الله، عن أبى سلمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيته يسجد في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} [الانشقاق: 1] عشر مرارٍ.

= والمستغفرى في "فضائل القرآن"[رقم 1368/ طبعة دار ابن حزم]، وغيرهم، من طريق بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى [وتحرف عند المستغفرى إلى:"بكر بن أبى عبد الرحمن"]، عن عيسى بن المختار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن حميد أبى عبد الله [ووقع عند البزار:"حميد بن عبد الله"] عن أبى سلمة عن أبيه به

قال البزار: "كَذَا رَوَاهُ ابْنُ أبِى لَيْلَى، عَنْ حُمَيْد بْنِ عَبْد الله، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِيهِ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أبى سَلَمَةَ بْنَ عَبدِ الرحمَنِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ". وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[2/ 405]: "رَوَاهُ أبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، وَعَنْهُ أبُو يَعْلَى بسَنَدٍ ضَعيفٍ لجَهَالَة بَعْضِ رُوَاته، وَالبَزَّارُ، وَفى سَنَده مُحَمَّدُ بْنُ أبى ليْلَى". وقال الهيثمى في "المجمع"[2/ 576]: "روَاه أبو يعلى والبزار، وفيه محمد بن أبى ليلى وفيه كلام، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه".

قلتُ: هذا إسناد لا يصح، وحميد أبو عبد الله أظنه الشامى الذي يقال له:"حميد بن أبى حميد" وهو شيخ مجهول الحال، وقد سئل عنه الإمام أحمد فقال:"لا أعرفه"، وقال عنه الذهبى في "المغنى":"لا يعرف، وقد ليَّنه بعضهم" وقال في "الكاشف": "ليس بحجة"، وقال الحافظ في "التقريب":"مجهول"، فماذا يجديه ذِكْرُ ابن حبان له في "الثقات"؟! وهو من رجال أبى داود وابن ماجه. وأبو سلمة بن عبد الرحمن: لم يسمع من أبيه، كما مضى مرارًا. وابن أبى ليلى: إمام فقيه كبير الشأن، لكنه لم يكن في حفظه بذاك، واختلال ضبطه مما سارت به الركبان، وهو من أولئك الذي يُخْتلف عليهم في الأسانيد والمتون جدًّا، فقد عاد مرة أخرى، وروى هذا الحديث فقال: عن حميد الأزرق عن أبى سلمة عن أبى هريرة به

، فجعله من "مسند أبى هريرة"، هكذا أخرجه الدارقطنى في "العلل"[8/ 11]، من طريق ابن مهدى عن الثورى عن ابن أبى ليلى به

قلتُ: وقد خولف ابن مهدى في إسناده، خالفه معاوية بن هشام، فرواه عن الثورى عن ابن أبى ليلى فقال: عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة عن أبى هريرة به

، فأسقط منه "حميد الأزرق" وأبدله بـ "محمد بن عمرو "هكذا أخرجه الخطيب في "تاريخه"[10/ 284]، وتمام في "فوائده"[1/ رقم/ 880]، من طريقين عن معاوية به

=

ص: 187

855 -

حدّثنا الحسن بن عمر بن شقيق بن أسماء الجرمى، حدّثنا أبى، حدّثنا إسماعيل، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباسٍ، قال: تذاكر

= قال الخطيب عقب روايته: "هكذا قال، والمحفوظ من ابن أبى ليلى: عن حميد الأزرق عن أبى سلمة" وقال الدارقطنى في "علله": "وهو وهم، والصحيح: أنه عن ابن أبى ليلى عن حميد الأزرق".

قلتُ: ويؤيده أن ابن مهدى قد توبع عليه عن الثورى بإسناده به

تابعه قبيصة بن عقبة عند تمام في "فوائده"[1/ رقم/ 879]، أخبرنا خيثمة بن سليمان ثنا السرى بن يحيى بالكوفة ثنا قبيصة به

وهذا الاختلاف عندى: هو من ابن أبى ليلى نفسه، فقد كان كثير الأوهام واسع الخطأ، وقد عاد ورواه على لون رابع، فرواه عنه أبو حفص الأبار فقال: عن حميد الشامى عن أبى هريرة به

، ولم يذكر فيه "أبا سلمة"، هكذا أخرجه الدارقطنى في "العلل"[11/ 8]، من طريق داود بن رشيد ثنا أبو حفص الأبار به

قلتُ: والحديث محفوظ ثابت من طريق أبى سلمة عن أبى هريرة به

دون قوله: "عشر مرات" فهى زيادة منكرة، وسيأتى الكلام على حديث أبى هريرة [برقم 5950].

• تنبيه مهم: وقع في سند المؤلف سقطٌ في الطبعتين جميعًا، ففيهما:"حدثنا بكر بن عبد الرحمن عن ابن أبى ليلى" هكذا، والصواب أن "عيسى بن المختار" لا يروى بكرُ بن عبد الرحمن عن ابن أبى ليلى إلا من طريقه، وهو الساقط بينهما في إسناد المؤلف.

ويؤيده أن المؤلف قد رواه من طريق ابن أبى شيبة بإسناد به

وهو عند ابن أبى شيبة في "مسنده" على الصواب بإثبات "عيسى بن المختار" بين بكر وابن أبى ليلى. وهكذا رأيتُ ابن كثير ساق إسناد المؤلف في "جامع المسانيد"[5/ رقم 7072/ طبعة الدهيش]، على الصواب بإثبات "عيسى بن المختار". لكن تحرف عنده:"حميد أبى عبد الله" إلى "حميد بن عبد الرحمن"، ووقع أيضًا عند المؤلف في الطبعتين "عن حميد بن أبى عبد الله" والصواب: أن "ابن" مقحمة من الناسخ، وصوابه "عن حميد أبى عبد الله" فهكذا هو عند ابن أبى شيبة. فاعرف هذا. واللَّه المستعان.

855 -

حسن لغيره: أخرجه أحمد [1/ 195]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 369]، والبزار 997]، وعبد الرزاق [34766]، والبيهقى في "سننه"[3526]، والطحاوى في "شرح المعانى"=

ص: 188

هو وعمر الصلاة، قال: فمر بنا عبد الرحمن ين عوف، فقال: ألا أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! يقول: فأشهد بشهادة الله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَكَانَ في الشَّكِّ مِنَ النُّقْصَانِ في صَلاتِهِ فَلْيُصَلِّ حَتَّى يَكُونَ في الشَّكِّ مِنَ الزِّيَادَةِ".

856 -

حدّثنا موسى بن محمد بن حيان، حدثنى محمد بن عمر بن عبد الله

= [1/ 432]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 4]، وابن راهويه في "مسنده" كما في "التلخيص الحبير"[2/ 119]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم 218]، والإسماعيلى في معجم شيوخه [1/ رقم 329]، وابن المقرئ في "معجمه"[2/ رقم 1112]، وغيرهم من طرق عن إسماعيل بن مسلم عن الزهرى عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس به

.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف غريب، إسماعيل بن مسلم هو المكى أبو إسحاق، صاحب تلك المناكير والعجائب، وقد ضعفوه فأحسنوا، بل تركه جماعة أيضًا، لكنه لم ينفرد به: بل تابعه بحر بن كنيز كما قاله البيهقى في "سننه"[12/ 332]، لكن بحرًا قد غرق في اسمه منذ القِدم، وعنه يقول النسائي:"ليس بثقة، ولا يكتب حديثه" وقد تركه جمهرة النقاد وما أخذ بيده أحَد قط.

وقد قيل: إن سفيان بن حسين وابن إسحاق قد روياه أيضًا عن الزهرى، وهذا ليس بشئ، نعم قد ورد ذلك لكنه من أوهام بعضهم في إسناده، فقد رواه الإمام أحمد في "مسنده" عن محمد بن يزيد الواسطى عن إسماعيل بن مسلم عن الزهرى بإسناده كما مضى.

فجاء إسماعيل بن هود وخالف أحمد في سنده، فرواه عن محمد بن يزيد فقال: عن ابن إسحاق عن الزهرى بإسناده به

، ثم أتى عمار بن سلام، ورواه عن محمد بن يزيد فقال: عن سفيان بن حسين عن الزهرى به

وهاتان الروايتان ذكرهما الدارقطنى في "العلل"[4/ 259]، ثم قال: "وكلاهما وهمٌ

ورواه أحمد بن حنبل عن محمد بن يزيد على الصواب عن إسماعيل بن مسلم عن [الزهرى] فرجع الحديث إلى إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل ضعيف

".

قلتُ: والقول ما قالت حذام، وقد مضى للحديث طريق آخر [برقم 839]، فانظره ثمَّة.

856 -

منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[3/ 60]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 709]، من طريق المؤلف عن موسى بن محمد بن حيان عن محمد بن عمر بن عبد الله الرومي =

ص: 189

الرومي، قال: سمعت الخليل بن مرة يحدث، عن مبشرٍ، عن الزهرى، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ سَبْعِينَ دَرَجَةً، مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ".

857 -

حدّثنا أبو كريب، حدّثنا يونس بن بكير، حدّثنا زيد بن سعد، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب رجل من الأنصار، فدعاه، فخرج الأنصارى من بيته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يقطر ماءً، فقال رسول

= [وعند ابن الأثير] (ابن عبيد الله

) وهو خطأ] عن الخليل بن مرة عن مبشِّر [وعند ابن الأثير: (عن أبى ميسرة) وهو وهم وتصحيف] عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبيه به ....

قلتُ: وهذا إسناد فاسد جدًّا، الخليل بن مرة منكر الحديث كما قاله البخارى. وقد تركه جماعة، وما وثقه إلا من لا يعرفه، نعم هو شيخ صالح عابد ولكن أين الحفظ والضبط؟! ومبشِّر هو ابن عبيد القرشى ذاك الساقط المعروف، كذبه جماعة ورموه بوضع الحديث.

وقد كان الأولى لابن عدى أن يذكر هذا الحديث في ترجمة (مبشر بن عبيد) بدلًا من أن يذكره في ترجمة (الخليل بن مرة)، وقد جاء بعض الهلكى ورواه عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة به

، وجعله من "مسند أبى هريرة" وليس بشئ، راجع "اللسان"[3/ 311].

والحديث ذكره الهيثمى في "المجمع"[1/ 329]، وأعله بالخليل وحده، وأقره حسين الأسد في "تعليقه" والمناوى في "فيض القدير"[4/ 433].

857 -

صحيح: أخرجه البزار [330]، من طريق أبى كريب، عن يونس بن بكير، عن زيد بن سعد، عن أبى سلمة عن أبيه به ....

قلتُ: وهذا إسناد ما ينفع، قال الهيثمى في "المجمع" [1/ 265]:"رواه أبو يعلى والبزار من طريق زيد بن سعد عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه، وزيد لم أجد مَنْ ترجمه".

قلتُ: وكذا أنا، فقد فتشتُ عن زيد فلم أستطع تمييزه، ثم وجدتُ البزار قد قال عقب روايته: "وزيد بن سعد هذا لا نعلم روى عنه إلا يونس بن بكير

" فالظاهر أنه مجهول الجهالتين، والحديث أورده الدارقطنى في "العلل" [4/ 269]، من طريق يونس بإسناده به

ثم قال: "ولم يتابع عليه". =

ص: 190

الله صلى الله عليه وسلم: "ما لرأسك"؟ قال: دعوتنى وأنا مع أهلى، فخفت أن أحتبس عليك فعجلت، فقمت فصببت عليَّ الماء، ثم خرجت، فقال:"هل كنت أنزلت"؟ قال: لا، قال:"إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَلا تَغْتَسِلَنَّ، اغْسِلْ مَا مَسَّ المرْأَةَ مِنْكَ وَتَوَضَّأ وُضوءَكَ لِلصَّلاةِ، فَإن المَاءَ مِنَ الماءِ".

858 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا موسى بن عبيدة، حدثنى قيس بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن قال: كان لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم منا خمسةٌ أو أربعةٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

= ثم ذكر الدارقطنى: أن أبا الزناد قد رواه عن أبى سلمة فقال: عن عتبان الأنصارى به

، وذكر أن ابن التل - محمد بن الحسن - قد رواه عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبى الزناد فقال: عن أبى الزناد عن أبى سلمة عن أبى عثمان الأنصارى به

، ثم قال الدارقطنى:"ولا يثبت" يعنى لا يثبت بتلك الطرف عن أبى سلمة، وإلا فقد صح المرفوع من الحديث من طرف أخرى عن أبى سلمة، ولكن ليس عن أبيه. ولكن عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد عن عثمان به

تارة، وتارة عن أبى سعيد الخدرى به

وسيأتى حديث أبى سعيد [برقم 1236]، وسياقه نحو سياقه هنا.

858 -

صحيح لغيره: أخرجه القاضى إسماعيل في "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم[رقم 10]، والبزار [1006]، وابن أبى شيبة [8707]، - وعنده المرفوع منه فقط - و [31789]، وابن أبى الدنيا كما في "جلاء الأفهام" [ص 77]، - المرفوع منه فقط - والعقيلى في "الضعفاء" [3/ 467]، وغيرهم، من طريق زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة عن قيس بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن بن عوف به ....

قلتُ: هذا إسناد ضعيف؛ موسى بن عبيدة ضعيف صاحب مناكير. وشيخه قيس لم يوثقه أحد سوى ابن حبان وحده، وقد نقل العقيلى عن البخارى أنه قال عنه بعد أن أشار إلى هذا الحديث:"لم يصح حديثه".

قلتُ: وباقى رجاله ثقات أئمة. وله طريق آخر مثله مطولًا مضى [برقم 847]، وله طرق أخرى عن ابن عوف به مطولًا ومختصرًا بشطره الأخير فقط. وسيأتى طريق منها أيضًا قريبًا [برقم 859]، واختلف في إسناده، وسنتكلم عليه هناك إن شاء الله.=

ص: 191

لما ينوبه من حوائجه بالليل والنهار، قال: فجئته وقد خرج، فاتبعته، فدخل حائطًا من حيطان الأسواف، فصلى، فسجد فأطال، السجود، وقلت: قبض الله روحه، قال: فرفع رأسه فدعانى، فقال:"ما لك؟ " فقلت: يا رسول الله، أطلت السجود، قلت: قبض الله روح رسوله لا أراه أبدًا، قال:"سَجَدْتُ شكْرًا لِرَبِّى فِيمَا أَبْلانِى في أُمَّتِى، مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاةً مِنْ أُمَّتِى كتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمُحِىَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَات".

859 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن طلحة، عن المطلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة انصرف إلى الطائف، فحاصرها تسع عشرة، أو ثمان عشرة لم يفتتحها، ثم أوغل روحةً أو غدوةً، ثم نزل، ثم هجر، فقال: "أَيّهَا النَّاسُ، إنِّى فَرَطٌ

= ولجملة سجود الشكر شواهد عن جماعة من الصحابة مرفوعًا. فانظر "الإرواء"[2/ 277]، للإمام. وكذا لجملة فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم شواهد كثيرة. راجع "جلاء الأفهام" للشمس بن القيم.

859 -

صحيح لغيره: أخرجه الحاكم [2/ 131]، والبزار [1050]، وابن أبى شيبة [32086]، و [36953]، وابن عساكر في "تاريخه [42/ 343]، والفسوى في "المعرفة [1/ 282]، وعنه ابن عساكر أيضًا [42/ 342]، وغيرهم من طرق عن عبيد الله بن موسى عن طلحة بن جبير عن المطلب بن عبد الله بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه به ....

قلتُ: هذا إسناد ضعيف؛ وهو طلحة بن جبر مختلف فيه، تضارب فيه قول ابن معين، فتارة يقول عنه:"لا شئ" كما في "الجرح والتعديل"[4/ 480]، وتارة يقول:"ثقة" كما في كامل ابن عدى [4/ 112]، لكن إن ثبت أن ابن معين قد يطلق جملة "ليس بشئ" على الراوى يريد بها أنه قليل الحديث، كما قاله ابن القطان الفاسى ونقله عنه الحافظ في ترجمة (عبد العزيز بن المختار) من "هدى السارى"، فلا تضارب آنذاك في قول ابن معين لكون طلحة بن جبر مقلّ ليس بالمكثر وقد وثقه ابن حبان أيضًا. لكن تكلم غيرهما في طلحة.

فقال الحافظ أبو بشر الدولابى: "طلحة بن جبر مذموم في حديثه" نقله عنه ابن عدى، وقال الجوزجانى:"غير ثقة" وقال الطبرى: "طلحة هذا ممن لا تثبت بنقله الحجة" راجع "اللسان"[3/ 210]، وقد اختلف في اسم أبيه أيضًا، فالأكثر يقولون:"جبر" وبعضهم يقول: "جبير".=

ص: 192

لَكمْ، وَأوصِيكمْ بِعِتْرَتِى خَيْرًا، وَإنَّ مَوْعِدَكمُ الحوْضُ، وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَلْيُؤتوا الزَّكاةَ أَوْ لأَبْعَثَنَّ إلَيْهِمْ رَجُلا مِنِّى، أَوْ كَنَفْسِى، فَلِيَضْرِبنَ أَعْنَاقَ مُقَاتِلَتِهِمْ، وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيهِمْ"، قال: فرأى الناس أنه أبو بكرٍ، أو عمر، فأخذ بيد علي، فقال: "هَذَا هو".

860 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع بجالة، قال: كنت كاتبًا لجزء بن معاوية علام الأحنف، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنةٍ، يقول: اقتلوا كل ساحرٍ، وفرقوا بين كل ذى محرمٍ من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة، فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نفرق بين الرجل وحريمته في كتاب الله، وصنع طعامًا كثيرًا، ودعا المجوس، وعرض السيف على فخذه، وألقوا وقر بغلٍ أو بغلين من ورقٍ، وأكلوا بغير

= ومصعب بن عبد الرحمن شيخ عابد كما قاله ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار"[ص 68]، لكنه مجهول الحال، لم يوثقه أحد إلا مَنْ وصفه بالعبادة، وللحديث شاهد نحوه من حديث على مرفوعًا عند الحاكم [4/ 332]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 134]، وعنه ابن عساكر في "تاريخه"[42/ 341]، وكذا وجدته عند أبى داود [2700]، والترمذى [3715]، والنسائى في "الكبرى"[5/ رقم 8416]، والبيهقى [18618]، وجماعة، كثيرة يزيد بعضهم على بعض في لفظه. وليس فيه: "

إنى فرط لكم .. وأوصيكم بعترتى، وإن موعدكم الحوض" لكن لتلك الجُمل شواهد صحيحة.

860 -

أخرجه البخارى [2987]، وأبو داود [3043]، وأحمد [1/ 190]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 154]، والبزار [1060]، وسعيد بن منصور في "سننه"[2/ 2180]، وعبد الرزاق [9972]، وابن أبى شيبة [32652]، والبيهقى [16899]، وابن الجارود [1105]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 36]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 125]، وفى "الاستذكار"[8/ 165]، وأبو عبيد في "الأموال"[رقم 68]، والشاشى في "مسنده"[رقم 240]، واللالكائى في "شرح السنة"[رقم 1845]، وجماعة كثيرة، من طرق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة به مطولًا وبأخصر منه ....

قلت: وهو عند الترمذى [1586]، والنسائى في "الكبرى"[8768]، بجملة أخذ الجزية من المجوس فقط. وكذا هو عند جماعة ببعض فقراته.

ص: 193

زمزمة، ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذها من مجوس هجر.

861 -

حدّثنا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، قال: سمعت بجالة يحدث، أبا الشعثاء، وعمرو بن أوسٍ، عام حج مصعب بن الزبير وَهو إلى جنب درج زمزم كنت كاتبًا لجزء بن معاوية عم الأحنف، فأتاه كتاب عمر قبل موته بسنة: اقتلوا كل ساحرٍ، وفرقوا بين كل ذى محرمٍ من المجوس، وانهوهم عن الزمزمة، قال:

861 - صحيح: انظر قبله. والحديث ظاهر في أن بجالة قد سمع المرفوع منه عبد الرحمن بن عوف به

وهكذا جزم به أصحاب "الأطراف"، منهم الحافظ المزى في "تحفة الأشراف"[رقم 7207]، وهكذا وقع منفردًا عند ابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 125]، بإسناده الصحيح إلى هشيم بن بشير عن عمرو بن دينار عن بجالة أن عبد الرحمن بن عوف قال

وذكره مرفوعًا

لكن يقول الحافظ في التفح [6/ 261]: "أصحاب الأطراف ذكروا هذا الحديث في ترجمة بجالة بن عبدة عن عبد الرحمن بن عوف وليس بجيد".

قلتُ: كذا قال، وقبل ذلك قال: "فيه - يعنى: في الحديث - رواية عمر بن عبد الرحمن بن عوف، وبذلك وقع التصريح في رواية الترمذى، ولفظه: (فجائنا كتاب عمر: انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية؛ فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرنى

فذكره".

قلتُ: وهذا مستند الحافظ في ذلك، والحق أن الأول هو المحفوظ، وأن بجالة يرويه عن ابن عوف، وليس من رواية عمر عنه إن شاء الله.

والطريق الذي وقع فيه تصريح عمر بسماعه من ابن عوف: فإنما أخرجه الترمذى [1586]، وكذا الدارقطنى في "سننه"[2/ 155]، كلاهما من طريق أبى معاوية الضرير عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن دينار عن بجالة به

فالحجاج كثير الخطأ والتدليس على إمامته، فمثله يسهل عليه أن يقلب الإسناد رأسًا على عقب فضلًا عن أن يخطئ في شئ منه، والراوى عنه أبو معاوية الضرير ثقة ثبت في حديث الأعمش، أما إذا بدا له أن يُحدث عن غير الأعمش: فإنه يأتى بالعجائب والغرائب مع مزيد تخليط، فلا يليق بمثل الحافظ - في نقده واطلاعه - الاحتجاج بتلك الطريق على إثبات سماع عمر لهذا الحديث من ابن عوف.=

ص: 194

فقتلنا ثلاث سواحر، وجعلنا نفرق بين المرأة وحريمها في كتاب الله، وصنع طعامًا كثيرًا، فدعا المجوس وعرض السيف على فخذه، فألقوا وقر بغل أو بغلين من ورق، وأكلوا بغير زمزمةٍ، قال: ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى أُخبره عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر.

862 -

حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبو عاصمٍ، عن جعفر بن محمدٍ، عن أبيه، قال: قال عمر بن الخطاب: كيف أصنع في المجوس؟ قال: فقام عبد الرحمن بن عوفٍ قائمًا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل عنهم، فقال:"سُنَّتُهُمْ سُنَّةُ أَهْلِ الْكِتَابِ".

= بل قد خولف ابن أرطأة فيه أيضًا، خالفه ابن عيينة وابن جريج فروياه عن ابن دينار عن بجالة به

ولم يذكرا فيه ما ذكره ابن أرطأة.

ثم جاء قشير بن عمرو وخالف الجميع في إسناده، ورواه عن بجالة عن ابن عباس في قصة ذكرها - عن عبد الرحمن بن عوف بقصة أخذ الجزية من المجوس

هكذا أخرجه أبو داود [3044]، والدارقطنى في سنه [2/ 155]، والبيهقى [18437]، والحربى في "غريب الحديث"[2/ 655]، - وليس عنده الجزء المرفوع - وابن الأعرابى في "معجمه"[2/ رقم 1043]، وغيرهم. وقشير شيخ مجهول لا يُعرف له حال، نعم ذكره أبو حاتم ابن حبان في "ثقاته"[7/ 348]، وماذا يُجديه هذا؟، والمحفوظ في هذا الحديث هو قول ابن عيينة وابن جريج عن عمرو بن دينار عن بجالة به

مثل رواية الجماعة ومنهم المؤلف وهذا هو الذي صححه الدارقطنى في "العلل"[4/ 302].

862 -

ضعيف: بهذا اللفظ: أخرجه مالك [616]، وعنه الشافعي [1008]، وعبد الرزاق [10025]، وابن أبى شيبة [10765]، والبيهقى [18434]، والقطيعى في "الألف دينار"[247]، والبرتى في "مسند ابن عوف"[32]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 88]، والذهبى في "التذكرة"[1/ 167]، والدارقطنى في "العلل"[4/ 299]، وابن عساكر في "تاريخه"[54/ 269]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 115]، والخليلى في "الإرشاد"[1/ 317]، وأبو عبيد في "الأموال"[رقم 69]، وابن زنجويه في "الأموال"[109]، والشاشى في "مسنده"[1/ رقم 243]، وابن شبَّة في "تاريخ المدينة"[3/ 853]، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ"[رقم 244]، وجماعة من طرق عن جعفر بن محمد عن أبيه أبى جعفر الباقر به

=

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: وهذا منقطع جدًّا، أبو جعفر ما أدرك عمر ولا ابن عوف ولا تلك القصة أصلًا، وقد اختلف في إسناده، فرواه جماعة كثيرة عن جعفر بن محمد على هذا الوجه المنقطع، منهم: الثورى وسليمان بن بلال وأبو عاصم النبيل وحفص بن غياث وابن جريج وعلى بن غراب وعبد الوهاب الثقفى ومالك بن أنس وخلْق كثير.

واختلف فيه على مالك، فرواه عنه يحيى الليثى والشافعى وابن وهب والقعنبى ومصعب وعبد الله بن يوسف وغيرهم على هذا الوجه الماضى. لكن أبا على الحنفى قد أبى ذلك، ورفض إلا أن يرويه عن مالك فيقول: عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده به

، هكذا أخرجه البزار [1056]، والدارقطنى في "غرائب مالك" كما في"نصب الراية"[3/ 446]، والخطيب في "الرواة عن مالك" كما في "التلخيص"[3/ 172]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 115]، وابن المنذر كما في "الفتح"[6/ 261]، والمحفوظ هو الأول. وهو الذي رجحه الدارقطنى في "علله"[4/ 299]، وأبو على الحنفى شيخ ثقة إن شاء الله وإن تكلم فيه ابن معين في رواية عنه، قال الحافظ في "التقريب":"صدوق لم يثبت أن يحيى بن معين ضعفه".

قلتُ: وفى هذا نظر، بل نظران:

أما قوله: "صدوق" فليس بذاك، بل هو ثقة صالح من رجال الجماعة، وثقه جماعة ولم يتكلم فيه أحد عند الحافظ، وأما قوله:"لم يثبت أن ابن معين ضعفه" فنقول: بل قد ثبت ذلك بالإسناد الصحيح المتصل إلى ابن معين به

كما شرحناه في الحديث [رقم 46]، لكن صح عن ابن معين في رواية أخرى أنه قال عنه: "لا بأس به

" وهذا أولى من الأول؛ لموافقته تؤثيق الجماعة له. لكن هذا لا يمنع أن يكون أبو على ما عُصم من الوهم والخطأ، بل مخالفة حفاظ أصحاب مالك له كافية بكونه ما أتى به على وجهه عن مالك.

وعلى التسليم بكونه قد حفظه عن مالك، فهو منقطع أيضًا؛ لأن جد جعفر بن محمد هو: على بن الحسين زين العابدين، ولم يدرك عمر ولا عبد الرحمن أيضًا، قال الحافظ في "الفتح"[6/ 261]،:"فإن كان الضمير في قوله: "عن جده" يعود على، محمد بن على؛ فيكون متصلًا؛ لأن جده الحسين بن على سمع من عمر بن الخطاب ومن عبد الرحمن بن عوف

". قلتُ: إن صح هذا - وهو لا يصح - فليس بمتصل أيضًا؛ لأن محمد بن على إن لم يكن لم يدرك جده الحسين فهو لم يسمع منه كما جزم به غير واحد. راجع "جامع التحصيل" [ص 266]، ثم وجدتُ الحافظ قد مال إلى هذا فقال [3/ 172]: "في سماع محمد من حسين نظر كبير".=

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: وقد جزم الدارقطنى في "علله" والبزار في "مسنده" وابن عبد البر في "التمهيد" بأن الضمير في (جده) عائد على جعفر بن محمد، وليس عائدًا على أبيه محمد. فانتبه. وهذا هو الصواب.

لكن للحديث شاهد موصول من حديث مسلم بن العلاء به مرفوعًا عند الطبراني في "الكبير"[19/ رقم 1059]، وابن منده في "معرفة الصحابة" كما في "الإصابة"[6/ 111]، كلاهما بلفظ:"سُنُّوا بهم سنة أهل الكتاب" وسنده مجهول جدًّا، فيه طيور غريبة لم أقف على أعشاشها بعد.

قال الهيثمى في "المجمع"[5/ 635]: "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم" ثم وجدتُ له شاهدًا آخر من حيث عمر بن الخطاب مرفوعًا بلفظ: "المجوس طائفة من أهل الكتاب فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب" أخرجه الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 3442]، وابن أبى عاصم في "النكاح" كما في "التلخيص"[3/ 172]، من طريق إبراهيم بن الحجاج الشامى عن أبى رجاء عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر به

وحسنه الحافظ في "التلخيص".

قلتُ: وسنده منكر جدًّا، وأبو رجاء وقع في سند ابن أبى عاصم هكذا: (أبو رجاء جار لحماد بن سلمة

) فلم يعرفه ابن عبد الهادى، فأعل الإسناد بجهالته فقال - كما في "نصب الراية" [3/ 446]- بعد أن ذكره:"في إسناده مَنْ يجهل حاله" كذا قال، وأبو رجاء هذا هو روح بن المسيب كما قاله الطبراني بعد أن رواه

وروح هذا وثقه العجلى، ومشاه ابن معين، وكذا وثقه حميد بن مسعدة، لكنه ضعفه أبو حاتم.

وقال ابن عدي: "يروى عن ثابت ويزيد الرقاشى أحاديث غير محفوظة" وقال ابن حبان: "كان روح ممن يروى عن الثقات الموضوعات، ويقلب الأسانيد، ويرفع الموقوفات،

ولا تحل الرواية عنه ولا كتابة حديثه إلا للاختبار".

قلتُ: ومثله لا يقبل منه تفرده عن الأعمش بمثل هذا أصلًا، وأين كان أصحاب الأعمش عن الرواية عنه مثل هذا الحديث الفائدة؟! فروح هذا إما أن يكون كما قال ابن حبان، وإما أن يكون شيخًا ضعيفًا مُخلِّطًا لا يدرى ماذا يُحدِّث، فمثله يُرمى بانفراداته عن الثقات: حوائط أهل الأرض، وترجمته في "الميزان"و "ذيوله".

ومن الغرائب أن الحافظ قد أشار إلى هذا الحديث في ترجمة روح من "اللسان"[2/ 468]، فساق إسناده من طريق ابن أبى عاصم إلى الأعمش ثم قال:"فذكر حديثًا غريبًا جدًّا في أخذ الجزية من المجوس". =

ص: 197

863 -

حدّثنا شيبان بن فروخٍ، حدّثنا القاسم بن الفضل، حدّثنا النضر بن شيبان، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

864 -

حدّثنا هدبة، حدّثنا القاسم بن الفضل، حدّثنا النضر بن شيبان، قال: كنت بعرفاتٍ فلقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن، فقلت: حدثنى بشئٍ سمعته من أبيك ليس بين

= قلتُ: فكأنه لم يستحضر كلامه هنا، وحسَّن إسناده في "التلخيص" وبالجملة فالحديث لا يثبت بهذا اللفظ كما قال ابن كثير في "تفسيره"[3/ 80]، لكن الماضى قبله يُغنى عنه.

863 -

منكر: بهذا اللفظ: أخرجه النسائي [2209]، وأحمد [1/ 194]، وابن خزيمة [2201]، والبزار [1049]، والبيهقى في "الشعب"[3/ رقم 3614]، وفى "فضائل الأوقات"[رقم 42]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 19]، والمزى في "تهذيبه"[29/ 386]، والفريابى في "الصيام"[رقم 134]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[1/ رقم 169]، وغيرهم من طرق عن النضر بن شيبان عن أبى سلمة عن أبيه به ....

قلتُ: وهذا إسناد منكر، النضر بن شيبان شيخ ليس بالقوى، وقد أنكروا عليه هذا الحديث من وجهين:

الأول: أنه قد انفرد به عن أبى سلمة عن أبيه به على هذا الإسناد وذاك المتن، وقد خالفه جماعة آخرون رووه عن أبى سلمة عن أبى هريرة بلفظ:"من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" وسيأتى [برقم 5930]، وهذا هو المحفوظ عن أبى سلمة، وهو الذي صححه البخارى في "تاريخه"[8/ 88]، وصوَّبه النسائي في "سننه"[4/ 158]، والدارقطنى في "علله"[4/ 283]، والبيهقى في "فضائل الأوقات"[ص 153].

والثانى: أنهم أنكروا عليه تصريحه في بعض طرقه عن أبى سلمة بالسماع من أبيه، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه كما جزم به النقاد، فإذا أتى مثل هذا الشيخ الذي لا يعرف إلا بهذا الحديث - كما قاله ابن خراش - وصرح فيه بسماع أبى سلمة من أبيه، كفى ذلك دليلًا على كونه ضعيف الحفظ مختل الضبط، وقد أنكره عليه ابن معين وقال:"ليس حديثه بشئ" يعنى ليس تصريحه بسماع أبى سلمة من أبيه بشئ؛ فإنه لم يسمع منه.

864 -

منكر: سندًا ومتنا. وانظر قبله.

ص: 198

أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدٌ، قال: حدثنى أبى، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إِنَّ الله فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْتُ قِيَامَهُ".

865 -

حدّثنا نصر بن علي، أخبرنى أبى، حدثنى أبى، عن النضر بن شيبان، قال: قلت لأبى سلمة بن عبد الرحمنَ: ألا تحدّثنا حديثًا سمعته من أبيك، سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قال عبد الرحمن بن عوفٍ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان، فقال:"إِنَّ رَمَضَانَ شَهْرٌ افْتَرَضَ الله صِيَامَهُ، وَإنِّى سَنَنت لِلْمُسْلِمِينَ قِيَامَهُ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ خَرَجَ مِنَ الذَّنْبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

866 -

حدّثنا بشر بن الوليد، وعبيد الله بن عمر القواريرى، وسريج بن يونس، قالوا: أخبرنا يوسف بن يعقوب الماجشون، عن صالح بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، قال: إنى لواقفٌ يوم بدرٍ في الصف نظرت عن يمينى وشمالى، فإذا أنا بين غلامين حديثةٍ أسنانهما من الأنصار، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزنى أحدهما، فقال: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخى؟ قال: إنى خبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى نفسى بيده لو رأيته لا يفارق سوادى سواده حتى يموت الأعجل، قال: فتعجبت من ذلك، فغمزنى الآخر، فقال لى مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبى جهلٍ يزول في الناس، فقلت لهما: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال:"أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟ " قال كل واحدٍ منهما: أنا قتلته، قال: مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، قال:"كلاكمَا قَتَلَهُ"، فقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، واسم الآخر معاذ بن عفراء.

865 - منكر: سندًا ومتنًا وانظر قبل قبله.

866 -

صحيح: أخرجه البخارى [2972]، ومسلم [1752]، وأحمد [1/ 192]، وابن حبان [4840]، والحاكم [3/ 480]، والبيهقى في "سننه"[12539]، والطبرانى في "الكبير"[20/ رقم 381]، والبزار [1013]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 277]، وأبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 24]، وجماعة كثيرة، من طرق عن يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به

ص: 199

867 -

حدّثنا محمد بن بحرٍ البصرى، حدّثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، حدثنى أبى، قال: سمعت سعد بن إبراهيم يحدث، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن بن عوفٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قُرَيْشٌ، وَالأَنْصَارُ، وَجُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغفَارُ، وَأَشْجَعُ، وَسُلَيْمٌ أَوْلِيَائِى، لَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ دُونَ الله وَرَسُولِهِ"، قال عمرو بن يحيى: فلقيت إسحاق بن سعدٍ في المسجد، فقلت له: إن أبى حدثنى، عن أبيك، فحدثته الحديث، فقال: إنما هم سبعةٌ، لا أدرى الذي نقص من هو، قال عمرٌو: وقد ذكر أبى، عن غيره أن الذي نقص منهم سليمٌ.

868 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عثمان بن عمر، عن عبد العزيز بن أبى روادٍ، حدّثنا

86 - صحيح: هذا إسناد ضعيف بل منكر، محمد بن بحر البصرى يقول عنه العقيلى:"منكر الحديث كثير الوهم" وقال ابن حبان: "هو ساقط الاحتجاج

" راجع "اللسان" [5/ 89]، ولم ينفرد به: بل تابعه موسى بن إسماعيل التبوذكى عند البزار [1018]، من طريق أبى قلابة الرقاشى عنه به

وأبو قلابة في حفظه شئ، وتابعهما: معلَّى بن مهدى عند الدولابى في "الكنى"[1611]، ومن طريقه على بن حرب الموصلى عنه به

وعلى ثقة صدوق. لكن معلى قد تُكلِّم فيه كما تراه في "اللسان"[6/ 65]، فلا بأس إن تساهلنا وقلنا بأن الإسناد ثابت إلى عمرو بن يحيى بن سعيد الأموى الذي يرويه عن أبيه عن سعد بن إبراهيم بإسناده به

أما عمرو فهو ثقة معروف. وأما أبوه فهو شيخ لم يوثقه إمام معتبر، ولم يرو عنه سوى رجلين، وقد خولف في إسناده، خالفه جماعة كثيرة، كلهم رووه عن سعد بن إبراهيم فقالوا: عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبى هريرة به

هكذا أخرجه البخارى [3313]، ومسلم [2520]، والدارمى [2521]، وأحمد [2/ 291]، وابن أبى شيبة [32370]، وجماعة كثيرة، وهذا هو المحفوظ. وهو الذي صوَّبه الدارقطنى في "العلل"[4/ 286].

868 -

صحيح: أخرجه البزار [1055]، والبيهقى في "سننه"[1617]، وأبو نعيم في "الحلية"[8/ 385]، والشاشى في "مسنده"[رقم 249]، ومسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"[رقم 304]، والطبرى في "تفسيره"[9/ 344]، وغيرهم، من طريقين عن عبد العزيز بن أبى رواد عن رجل من أهل الطائف عن غيلان بن شرحبيل عن عبد الرحمن بن عوف به

=

ص: 200

رجلٌ من أهل الطائف، عن غيلان بن شرحبيلٍ، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمْ، فَإِنَّ الله، قَالَ: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58]، وَالأَعْرَابُ تُسَمِّيهَا الْعَتَمَةَ، وَإِنَّ الْعَتمَةَ الإِبِلُ لِلْحِلابِ".

= قلتُ: هكذا رواه يحيى بن سعيد القطان وعثمان بن عمر العبدى عن ابن أبى رواد على هذا الوجه. وخالفهما وكيع بن الجراح، فرواه عن ابن أبى رواد فقال: عن رجل لم يسمه عن عبد الرحمن بن عوف به

هكذا أخرجه ابن أبى شيبة [8077]، وعنه أبو العباس البرتى في "مسند ابن عوف"[رقم 43]، ثم جاء عبد الله بن سلمة، وخالفهم جميعًا، ورواه عن ابن أبى رواد فقال: حدثنى شيخ من أهل الطائف يُقال له: غيلان، عن عبد الرحمن بن عوف به

،

هكذا أخرجه أبو العباس البرتى في مسند ابن عوف [44].

قلتُ: وهذا اضطراب في سنده، وكأن ابن أبى رواد لم يكن يضبطه، ولو رجَّحنا الوجه الأول: فهو معلول بجهالة هذا الرجل الطائفى، ومثله غيلان بن شرحبيل، وقد بحثتُ عن غيلان في بطون الدفاتر فلم أهتد إليه، فأيش هذا الطير الغريب؟

نعم: ذكره المزى في الرواة عن عبد الرحمن بن عوف من "التهذيب"[17/ 325]، ومثله ابن عساكر في ترجمة عبد الرحمن من "تاريخه"[35/ 235]، وكأنهما قد أخذاه من هذا الحديث، ثم وجدتُ البخارى قد أخرج هذا الحديث في "تاريخه"[2/ 153]، مختصرًا من طريق سعيد ابن يحيى الأموى عن أبيه عن ابن جريج عن تميم بن غيلان الثقفى عن ابن عوف به مختصرًا

، ولم يسمعه ابن جريج من تميم، فقد رواه عنه عبد الرزاق [2153]، فقال: "أخبرتُ عن تميم

وذكره" وتميم بن غيلان شيخ مجهول الصفة أيضًا.

انفرد بتوثيقه ابن حبان وحده، لكنى وجدتُ ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[2/ 441]، قد ذكر في الرواة عنه (عبد العزيز بن أبى رواد) فهل هذا الرجل هو نفسه (غيلان بن شرحبيل) الماضى آنفًا، ويكون أحدهما مصحَّفًا عن الآخر؟ لا أدرى الآن إلا أن للحديث شاهدًا من حديث ابن عمر مرفوعًا مثله عند مسلم [644]، وجماعة كثيرة. وسيأتى الكلام عليه [برقم 5623]، والله المستعان.

ص: 201

869 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمدٍ، حدّثنا ليث بن سعدٍ، عن يزيد بن الهاد، عن عمرٍو، عن عبد الرحمن بن حويرثٍ، عن محمد بن جبيرٍ، عن عبد الرحمن بن عوفٍ، قال: دخلت المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجًا من المسجد، فاتبعته أمشى وراءه ولا يشعر بى، حتى دخل نخلًا فاستقبل القبلة فسجد فأطال السجود، وأنا وراءه حتى ظننت أن الله قد توفاه، فأقبلت أمشى حتى جئته، فطأطأت رأسى أنظر وجهه، فرفع رأسه، فقال:"مَا لَكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ؟! " فقلت: لما أطلت السجود حسبت أن

869 - صحيح لغيره: أخرجه أحمد [1/ 191]، والحاكم [1/ 344]، وعنه البيهقى في "سننه"[3752]، وغيرهم من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن الهاد عن عمرو بن أبى عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جبير عن ابن عوف به ....

قلتُ: هذا إسناد ضعيف؛ أبو الحويرث هو عبد الرحمن بن معاوية قد ضعفه جماعة، ومحمد بن جبير لم يسمع من ابن عوف إن كان أدركه، وقد خولف يزيد بن الهاد في إسناده، خالفه سليمان بن بلال، فرواه عن عمرو بن أبى عمرو فقال: عن عاصم بن عمر عن قتادة عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن جده به

،

هكذا أخرجه أحمد [1/ 191]، والحاكم [1/ 735]- وعنده مختصر - وعنه البيهقى في "سننه"[3753]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[157]، - عنده مختصر - وابن أبى الدنيا في "الشكر"[رقم 138]- عنده مختصر - والمروزى في "تعظيم قدر الصلاة"[1/ رقم 236]- عنده مختصرًا - وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[1/ رقم 14]- عنده مختصر - والمخلِّص كما في "جلاء الأفهام"[ص 77] وغيرهم من طرق عن سليمان بن بلال به

وسليمان إمام حافظ: لكنه خولف في إسناده أيضًا، خالفه عبد العزيز الدراوردى، فرواه عن عمرو بن أبى عمرو فقال: عن عبد الواحد بن محمد عن عبد الرحمن بن عوف به مختصرًا

، هكذا وقع عند القاضى إسماعيل في "فضل الصلاة"[رقم 7] من طريق يحيى الحمانى عن عبد العزيز به

والحمانى صاحب مناكير على إمامته، وقد اضطرب فيه أيضًا، فعاد مرة أخرى ورواه فقال: عن عبد الواحد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف به

هكذا ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 297]، لكن توبع عليه الدراوردى على روايته الأولى: تابعه سعيد بن سلمة بن أبى الحسام كما ذكره الدارقطنى في "العلل"[4/ 297] ثم قال: "والصواب: قول سعيد بن سلمة والدراوردى عن عمرو بن أبى عمرو

". =

ص: 202

يكون الله توفى نفسك، فجئت أنظر، فقال:"إِنى لما رأيتنى دخلت النخل لقيت جبريل، فقال: إِنِّي أُبَشِّركَ أَنَّ الله يَقُولُ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ".

* * *

= قلتُ: والأشبه عندى: أن هذا الاختلاف هو من عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب، فقد ضعفه بعضهم ومشاه آخرون. وهو صدوق وسط إلا فيما أنكره عليه النقاد كحديث البهيمة وغيره. ومع توثيق ابن حبان له فقد قال:"ربما أخطأ" وقال الساجى: "صدوق إلا أنه يهم" وتعصيب الاضطراب في هذا الحديث برقبته أولى من تخطئة من رواه عنه على بعض الوجوه الماضية، وللحديث طرق أخرى وشواهد مضى بعضها [برقم 858]، فانظره.

ص: 203