الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
مما يؤسف له أن ينخدع كثير من أهل السنة بكتاب (نهج البلاغة)، فتجده في مكتباتهم الخاصة والعامة، بل إن كثيرًا منهم لا يعلم أنه من كتب الشيعة، وأنه كتاب مطعون في سنده ومتنه، فقد جُمِع بلا سند بعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بثلاثة قرون ونصف، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي ـ محمد بن الحسين بن موسى الرضي أبو الحسن، المتوفى سنة 406 هـ قال الذهبي:«رافضي جلد» (1)، وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند ـ خصوصًا فيما يوافق بدعته ـ فيكف إذا لم يُسنِد كما فعل في (النهج)؟
وأما المتهم ـ عند المحَدِّثين ـ بوضع (النهج) فهو أخوه علي بن الحسين العلوي الشريف المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي، المتوفى سنة (436هـ)(2).
وسواء أكان من تأليف وجمع الشريف الرضى، أم أخيه الشريف المرتضى، فليس متصل الإسناد إلى الإمام على رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأهل العلم يعلمون أن أكثر خُطَب هذا الكتاب مُفْتَراة علَى علِيٍّ، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم ولا لها إسناد معروف» (3).
وقال الإمام الذهبي: «ومن طالع كتابه «نهج البلاغة» جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه، ففيه السب الصراح والحطُّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي مَن له معرفة بنفس القرشيين الصحابة، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين، جزم بأن الكتاب أكثره باطل» (4).
وقد قام الدكتور صبري إبراهيم السّيّد في تحقيقه وتوثيقه لـ (نهج البلاغة) ببحث يمتاز بالدقة والصبر والتأنّي ذكر فيه عشرة أسباب للشك في نسبة النّصوص
(1) ميزان الاعتدال (3/ 523).
(2)
ميزان الاعتدال (3/ 124).
(3)
منهاج السنة (4/ 24).
(4)
ميزان الاعتدال (3/ 124).
الواردة في كتاب (نهج البلاغة) عن القدماء والمحدثين ننقلها بشيء من الاختصار والتصرّف:
- إن في الكتاب من التعريض بصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لا يصحّ نسبته إلى عليّ رضي الله عنه، وهو ما قرّره الحافظ ابن حجر بقوله:«ففيه السبّ الصراح والحطّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما» . (1)
- إنّ فيه من السجع والتنميق اللفظي وآثار الصنعة ما لم يعهده عهد عليّ ولا عرفَه.
- إنّ فيه من دقة الوصف واستفراغ صفات الموصوف كما تراه في الخفاش والطاووس وغير ذلك مما لم تعرفه العرب إلاّ بعد تعريب كتب اليونان والفرس الأدبية والحكمية.
- إنّ فيه بعض الألفاظ الاصطلاحية التي لم تعرف إلا من بعد كاصطلاحات المتكلّمين وأصحاب المقولات مثل (المحسوسات) و (الصفات الذاتية والجسمانية).
- إنّ فيه ما يُشَمّ منه ريح ادّعاء صاحبه علم الغيب.
- إنّ في خطبه مقاطع طويلة وقصيرة تروى على وجهين مختلفين يتّفقان في المعنى، ولكن يختلفان في اللفظ.
- خلوّ الكتب الأدبية والتاريخية التي ظهرت قبل الشريف الرضي من كثير مما في (النهج).
- طول الكلام غير المعهود في ذلك الوقت كما في عهده إلى الأشتر النخعي، والمعروف عن عليّ رضي الله عنه التوسّط إن لم يكن الإيجاز.
- ما في الكتب من الخطب الكثيرة والرسائل المتعددة التي من الواضح أنها مختلقة لأغراض مذهبية شيعية.
(1) اللسان (4/ 223).
- عدم ذكر المصادر المنقول منها خطب علي رضي الله عنه ولا الشيوخ الذين رووا ذلك (1).
وقد استهجن الدكتور زيد العيص موقف محمد عبده من الكتاب حيث قام بشرح ألفاظ الكتاب.
قال الدكتور: «وليس بمستغرب أن يصدر هذا الافتراء عن الشريف المرتضى، إنما المستهجن موقف الشيخ محمد عبده الذي قام بشرح ألفاظ هذا الكتاب، وكان يمر بالعبارات التي تذم الشيخين والصحابة، والنصوص التي توحي بأن عليًّا يعلم الغيب، وغيرها من النصوص المستنكرة، دون أن يعلق بكلمة واحدة، وكأنها مسلمات عنده.
ولم يكن هَمّ الشيخ سوى شرح الألفاظ، وتقريب المعاني إلى القاريء بأسلوب ميسر ليحببه إلى النفوس، ويشجع على قراءته، والغريب أيضا أنه عبَّر في بعض المواضع عن أهل السنة بقوله:«عندهم» . ولا أدري أين كان يضع الإمام نفسه وقتئذ؟» (2).
(1) انظر في نقد نهج البلاغة: تأملات في كتاب نهج البلاغة لمحمد الصادق، قراءة راشدة لكتاب نهج البلاغة لعبد الرحمن عبد الله الجميعان، كِتابُ (نَهْجِ البَلاغَةِ) في مِيزانِ أهلِ السنةِ والجماعةِ لعبد الله زقيل.
(2)
الخميني والوجه الآخر (ص 166).