المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الرابعة والعشرونهل معاوية رضي الله عنه ذمه كثير من المهاجرينوالأنصار من البدريين وغيرهم رضي الله عنهم - معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم الأستاذ الدكتور: أنور السنوسي

- ‌مقدمة

- ‌هذا معاوية رضي الله عنه

- ‌كيف نقرأ التاريخ

- ‌دور الشيعة في الدس على التاريخ الإسلامي وتشويهه:

- ‌وسائل الأخباريين في تشويه التاريخ:

- ‌تنبيه:

- ‌ذم في ثوب المدح، تشويق وتشويه

- ‌1 - قصة ابن الأكرمين:

- ‌2 - قصة أصابت امرأة وأخطأ عمر:

- ‌3 - قصة جلد عمر رضي الله عنه لابنه حتى الموت:

- ‌4 - قصة اغتسال فاطمة رضي الله عنها قبل الموت:

- ‌5 - حلم أم ظلم:

- ‌6 - ذكر أحد المعاصرين الغيورين ـ حفظه الله ـ الكلام التالي يستدل بها على ثقة عمر في معاوية وسعادة أبي سفيان بذلك:

- ‌7 - وقال هذا الغيور أيضًا ما يلي:

- ‌التحذير من أخبار يحتج بها الرافضة

- ‌منهج أهل السنة والجماعةفيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم

- ‌لماذا هذه العناية بأعراض الصحابة رضي الله عنهم ولماذا الدفاع عنهم

- ‌معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما في سطور

- ‌أبو سفيان بن حرب والد معاوية رضي الله عنهما

- ‌هند بنت عتبة بن ربيعة أم معاوية رضي الله عنهما

- ‌من إخوان وأخوات معاوية رضي الله عنه

- ‌تاريخ إسلام معاوية رضي الله عنه

- ‌حقيقة ما حدث بين علي ومعاوية رضي الله عنهما

- ‌التحكيم

- ‌بطلان قصة التحكيم المشهورة

- ‌والصلح خير

- ‌فضائل معاوية رضي الله عنهمن فضائل معاوية رضي الله عنه في القرآن الكريم:

- ‌من فضائل معاوية رضي الله عنهفي السُّنّة النبوية الصحيحة

- ‌من فضائل معاوية رضي الله عنهثبوت كونه كاتبًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكتابته الوحي

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهكونه خال المؤمنين

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهأنه أَوَّلُ مَنْ غَزَا الْبَحْرَ وقد وجبت له الجنة

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنه أنه من الذينرآهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهأنه كان من الذين أحبُّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يَعِزّوا، فأعزّهم الله

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهأنه كانت له منزلةٌ خاصة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهدلائل النبوة في الإخبار بأن ولايته رحمةٌ على الأمة

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالهداية وبالوقاية من العذاب

- ‌ومن فضائل معاوية رضي الله عنهأنه أحد الخلفاء الاثني عشر

- ‌معاوية رضي الله عنهأم عمر بن عبد العزيز رحمه الله

- ‌أحاديث لا تصح في شأن معاوية رضي الله عنه مدحًا وذمًا

- ‌تعظيممعاوية رضي الله عنه لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌توقيرمعاوية رضي الله عنه لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌أمر معاوية رضي الله عنهبالمعروف وإنكاره للمنكر

- ‌معاوية رضي الله عنهطالبًا للعلم والنصيحة

- ‌بعض الأحاديث التيرواها معاوية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌علم معاوية رضي الله عنه وفقهه

- ‌ذكر بعض ما جاءمن ثناء الصحابة على معاوية رضي الله عنهم

- ‌ذكر بعض ما جاءمن ثناء التابعين على معاوية رضي الله عنه

- ‌ذكر بعض ما جاءمن ثناء العلماء على معاوية رضي الله عنه

- ‌تواضع معاوية رضي الله عنه وزهده

- ‌حِلممعاوية رضي الله عنه ورحابة صدره

- ‌جهادمعاوية رضي الله عنه وفتوحاته

- ‌عدل معاوية رضي الله عنه

- ‌حرص معاوية رضي الله عنهعلى توطين الأمن في خلافته

- ‌اهتمام معاوية رضي الله عنه برعيته

- ‌بعض ما رُويمن أقوال معاوية رضي الله عنه

- ‌كشف شبهاتالشيعة حول معاوية رضي الله عنه

- ‌الشبهة الأولى«لا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ»

- ‌الشبهة الثانية«وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ»

- ‌الشبهة الثالثة«إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه»

- ‌الشبهة الرابعةالطليق ابن الطليق

- ‌الشبهة الخامسةقالوا: قاتل عليًا وهوعند أهل السنة رابع الخلفاء، إمامحق، وكل من حارب إمام حق فهو باغ ظالم

- ‌الشبهة السادسة

- ‌الشبهة السابعة

- ‌الشبهة الثامنة

- ‌الشبهة التاسعة

- ‌الشبهة العاشرة

- ‌الشبهة الحادية عشرة

- ‌الشبهة الثانية عشرة

- ‌الشبهة الثالثة عشرة

- ‌الشبهة الرابعة عشرة

- ‌الشبهة الخامسة عشرة

- ‌الشبهة السادسة عشرة

- ‌الشبهة السابعة عشرةهل لُعِنَ عليٌّ على المنابر بأمر من معاوية رضي الله عنهما

- ‌الشبهة الثامنة عشرةمسألة سب معاوية لعلي رضي الله عنهما

- ‌الشبهة التاسعة عشرةهل حُمِلَتْ الخمرُ لمعاوية رضي الله عنه

- ‌الشبهة العشرونهل باع معاوية رضي الله عنه الأصنام لأهل الهند

- ‌الشبهة الحادية والعشرونهل أقسم معاوية رضي الله عنهاليمين الغموس وكذبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الشبهة الثانية والعشرونهل قتل معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

- ‌الشبهة الثالثة والعشرونهل قتل معاوية الأشتر مالك بن الحارث النخعي

- ‌الشبهة الرابعة والعشرونهل معاوية رضي الله عنه ذمه كثير من المهاجرينوالأنصار من البدريين وغيرهم رضي الله عنهم

- ‌الشبهة الخامسة والعشرونهل معاوية رضي الله عنه ذمه كثير من التابعينكالحسن البصري والأسود بن يزيد وغيرهم

- ‌الشبهة السادسة والعشرونقولهم: «قتلَ ابنُه يزيد الحسينَ رضي الله عنه ونهب نساءه»

- ‌الشبهة السابعة والعشروناستلحاق معاوية رضي الله عنه زياد بن أبيه

- ‌الشبهة الثامنة والعشرونقَتْلُه حِجْر بنَ عدي وأصحابه

- ‌الشبهة التاسعة والعشروناتهام معاوية رضي الله عنه بشرب الخمر

- ‌الشبهة الثلاثونافتراءات حول مصارفالأموال في عهد معاوية رضي الله عنه

- ‌الشبهة الحادية والثلاثونهل قال معاوية رضي الله عنه: «إن الكريم طروب»

- ‌الشبهة الثانية والثلاثونهل أراد معاوية رضي الله عنه أن ينقلمنبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة إلى الشام

- ‌الشبهة الثالثة والثلاثون

- ‌الشبهة الرابعة والثلاثونهل تعامل معاوية رضي الله عنه بالربا

- ‌الشبهة الخامسة والثلاثونهل قتل معاوية رضي الله عنهخمسة وعشرين بدريًا يوم صِفِّين

- ‌أهم المراجع

الفصل: ‌الشبهة الرابعة والعشرونهل معاوية رضي الله عنه ذمه كثير من المهاجرينوالأنصار من البدريين وغيرهم رضي الله عنهم

‌الشبهة الرابعة والعشرون

هل معاوية رضي الله عنه ذمه كثير من المهاجرين

والأنصار من البدريين وغيرهم رضي الله عنهم

-؟!!

أما ذم معاوية رضي الله عنه على ألسنة كثير من المهاجرين والأنصار فهذا كذب محض! فعمر رضي الله عنه المحدث الملهم مدحه وأثنى عليه وولاه الشام مدة خلافته وكذلك عثمان رضي الله عنه، وناهيك بهذه منقبة عظيمة من مناقب معاوية رضي الله عنه فلم يَشْكُ أحد منه ، ولا اتهمه بجور ولا مظلمة مدة ولايته (1).

أما قول من قال: «ثبت ذمه على ألسنة كثير من المهاجرين والأنصار» ، فلم يُورِدْ ولا إسنادًا واحدًا صحيحًا:

أولا: أثر علي رضي الله عنه لما طلبوا منه أن يبقي معاوية على الشام فتلا الآية الكريمة: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)} (الكهف:51)، رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 59/ 127)، وفي سنده نصر بن مزاحم رافضي كذاب.

ثانيًا: عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسلُّ سيفًا وشهد صِفِّين، وقال أنا لا أقتل أحدًا حتى يُقتَل عمار فأنظر مَن يقتله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» .

قال: فلما قتل عمار بن ياسر، قال خزيمة:«قد بان لي الضلالة» ، واقترب فقاتل حتى قتل» (2).

(1) انظر الاستيعاب (699)، السير (3/ 132)، منهاج السنة (4/ 369)، البداية والنهاية (8/ 18).

(2)

رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 259)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 370).

ص: 250

وهذا الأثر لا يصح؛ في سنده محمد بن عمر الواقدي الكذاب، كان يضع الحديث.

ثالثًا: حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا «سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى، فلا تعتلوا بربكم» ، قال عبادة:«والله إن معاوية لمن أولئك» .

تقدم في جواب الشبهة التاسعة عشرة أن هذا الحديث لا يصح، وقد رواه الإمام أحمد بدون ذكر معاوية رضي الله عنه، ورواه الحاكم كذلك ولكن ذكر فيه قول عبادة:«فو الذي نفسي بيده إن معاوية من أولئك» .

وهذا الحديث قد ضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/ 528) وضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند.

وعلى فرض صحة الحديث فهذا اجتهاد من عبادة بن الصامت رضي الله عنه في حمله الحديث على معاوية رضي الله عنه ، فعمر وعثمان رضي الله عنهما جعلا معاوية واليًا على الشام ولم يتهماه مدة ولايته، وأدرك جمع من الصحابة وكبار التابعين ملك معاوية ، ولم ينزعوا يدًا من طاعة رضي الله عنهم أجمعين.

رابعًا: هل كفّر أبو بكرة معاوية رضي الله عنهما؟!

روى ابن عساكر عن هوذة بن خليفة عن عوف عن أبي عثمان النهدي قال: «كنت خليلا لأبي بكرة فقال لي يوما: «أترى الناس إني إنما عتبت على هؤلاء في الدنيا، وقد استعملوا عبيد الله ـ يعني ابنه ـ على فارس، واستعملوا روادًا ـ يعني ابنه ـ على دار الرزق، واستعملوا عبد الرحمن ـ يعني ابنه ـ على الديوان وبيت المال، أفليس في هؤلاء دنيا؟ كلا، والله إنما عتبتُ عليهم لأنهم كفروا ـ فذكر كلمة وكان في نسخة أخرى ـ كفروا صراحة أو صراحًا» » (1).

الجواب:

(1) تاريخ دمشق (62/ 217).

ص: 251

أولًا: بعض رواة هذا الأثر لم أجد من ترجم لهم.

ثانيًا: هذا الأثر رواه هَوْذَةُ بنُ خَلِيْفَةَ عن عوف بن أبى جميلة العبدى الهجرى وقد نقل الذهبي والمزي عن أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: قَوْلَ يَحْيَى بن معين: «هَوْذَةُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ عَوْفٍ ضَعِيْفٌ» .

ونقلا عن أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحْرِزٍ، عَنْ يَحْيَى بن معين أيضًا قوله في هَوْذَةَ:«لَمْ يَكُنْ بِالمَحْمُوْدِ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ كَمَا جَاءَ بِهَا، وَكَانَ أُطْرُوشًا» (1).

ثالثًا: على فرض صحة هذا الأثر ـ وقد تبيَّن ما فيه ـ يجاب عنه بأن هذا ليس صريحًا في أن أبا بكرة قاله في حق معاوية رضي الله عنهما؛ فليس لمعاوية رضي الله عنه ذِكْر في هذا الأثر، بل إنه يتكلم عن (هؤلاء) ومن زعم أن المقصود بـ (هؤلاء) معاوية فليأتنا بالدليل.

رابعًا: على فرض أن أبا بكرة قال هذا في حق معاوية رضي الله عنهما فلماذا اعتزل أبو بكرة الفتنة ولم يقاتِلْه وهو يرى كُفْرَه؟! ولماذا لم يقاتل مع علي رضي الله عنه؟!

عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ:«أَيْنَ تُرِيدُ؟» .

قُلْتُ: «أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ» .

قَالَ: «ارْجِعْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ» .

فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا الْقَاتِلُ؛ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟» .

قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» (رواه البخاري).

ورواه مسلم عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: «خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: «أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ؟» .

قَالَ: قُلْتُ: «أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم» ـ يَعْنِي عَلِيًّا ـ.

قَالَ: فَقَالَ لِي: «يَا أَحْنَفُ، ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «إِذَا تَوَاجَهَ

(1) سير أعلام النبلاء (19/ 104)، تهذيب الكمال (30/ 323) والأُطْروشُ: الأصَمُّ.

ص: 252

الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا؛ فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ».

قَالَ: فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟» .

قَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ» .

واستدلال أبي بكرة رضي الله عنه بهذا الحديث يدل على عدم تكفيره لمعاوية حيث يعتبره وعليًا رضي الله عنهما ومن معهما من المسلمين.

خامسًا: هل خفي على أبي بكرة رضي الله عنه أنه روى ثناء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على الحسن رضي الله عنه في حقنه لدماء المسلمين وتنازله عن الملك لمعاوية، فعن أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (رواه البخاري).

فهل يعقل بعد ذلك أن يكفِّر معاوية؟!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فَلَمَّا أَثْنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ وَتَرْكِ الْقِتَالِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِصْلَاحَ بَيْنَ تِلْكَ الطَّائِفَتَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إلَى اللهِ تَعَالَى مِنْ فِعْلِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاقْتِتَالَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ.

وَلَوْ كَانَ مُعَاوِيَةُ كَافِرًا لَمْ تَكُنْ تَوْلِيَةُ كَافِرٍ وَتَسْلِيمُ الْأَمْرِ إلَيْهِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ؛ بَلْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا مُؤْمِنِينَ؛ كَمَا كَانَ الْحَسَنُ وَأَصْحَابُهُ مُؤْمِنِينَ؛ وَأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْحَسَنُ كَانَ مَحْمُودًا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مَحْبُوبًا مُرْضِيًا لَهُ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وسلم» (1).

(1) مجموع الفتاوى (4/ 467).

ص: 253