الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْرُوف بمحلة الْعِمَارَة تجاه المقدمية وَأما الْمدرسَة الركنية وَكَذَا العزية والفلكية فَفِي طي الخفاء بقول أبي الْأصْبع
(أهلكنا اللَّيْل وَالنَّهَار مَعًا
…
والدهر يَغْدُو مصمما جذعا)
والمصمم الْمَاضِي فِي سيره وَقَوله جذعا بِفَتْح الذَّال وَمَعْنَاهُ شَاب دَائِما لَا يهرم وَللَّه در المعري حَيْثُ يَقُول
(مَا يعرف الْيَوْم من عَاد وشيعتها
…
وَال جرهم لَا بطن وَلَا فَخذ)
(أطارهم شِيمَة العنقاء دهرهم
…
فَلَيْسَ يعلم خلق آيَة اخذوا)
ولي هَذِه الْمدرسَة شمس الدّين ابْن سنا الدولة ثمَّ وَلَده صدر الدّين ثمَّ وَلَده نجم الدّين ثمَّ شمس الدّين ابْن خلكان وناب عَنهُ بهَا النَّوَوِيّ ثمَّ نَحْو خَمْسَة وَعشْرين مدرسا ثمَّ أنَاس إِلَى أَن غربت شمسها وتقوضت خيام الْعلم مِنْهَا
تَرْجَمَة واقفها
أوقفها ركن الدّين منكورس عَتيق فلك الدّين وَسَتَأْتِي تَرْجَمته فِي الركنية الْحَنَفِيَّة
الْمدرسَة الرواحية
هِيَ شَرْقي مَسْجِد ابْن عُرْوَة الَّذِي هُوَ بالجامع الْأمَوِي ولصيقه شمَالي جيرون وَغَرْبِيٌّ الدويلعية وقبلي السيفية الحنبلية أَقُول شاهدت مَوضِع هَذِه الْمدرسَة فرايتها قد صَارَت دَارا
قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ إِن وَاقِف الرواحية اشْترط على من يُقيم بهَا من الْفُقَهَاء والمدرسين شُرُوطًا صعبة لَا يُمكن الْقيام بِبَعْضِهَا وَلم يبين الذَّهَبِيّ تِلْكَ الشُّرُوط ثمَّ قَالَ وَشرط إِن لَا يدْخل مدرسته يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَلَا حنبلي حشوي انْتهى فاشتراطه عدم دُخُول الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِلَى مدرسته عِلّة مفهومة وَأما اشْتِرَاطه عدم دُخُول حنبلي حشوي فَلَيْسَ بِمَفْهُوم لَان الْحَنَابِلَة لَا يتصفون بِهَذِهِ الصّفة وَهَذَا من التعصب النَّاشِئ عَن الْجَهْل وَالسَّعْي فِي تَفْرِيق اجْتِمَاع هَذِه الْأمة المحمدية وَيُمكن أَن يكون أَرَادَ بالحشوية الَّذين يقرؤون آيَات الصِّفَات وَيَقُولُونَ نمرها كَمَا جَاءَت وَنكل تَفْسِيرهَا إِلَى الله تَعَالَى من غير تَأْوِيل وَلَا تَشْبِيه وَلَا تَعْطِيل فالاستواء فِي قَوْله
تَعَالَى {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} آيَة 20 / 5 اسْتِوَاء يَلِيق بِذَاتِهِ تَعَالَى لَا نعلم حَقِيقَته لانا إِذا فسرناه بقولنَا استولى نَكُون أَخْطَأنَا لَان من استولى على شَيْء لابد وان يكون خَارِجا عَن يَده قبل استيلائه عَلَيْهِ كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَول الشَّاعِر
(قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق
…
من غير سيف أَو دم مهراق)
وَمَعْنَاهُ أَن بشرا استولى على الْعرَاق واستخلصها من يَد غَيره بِدُونِ سل سيف أَو إِرَاقَة دم وَتَعَالَى الله عَن إِن يكون استولى على ملكه بِهَذِهِ الصّفة وَمثله يُقَال فِي السَّمِيع والبصير وأشباههما إِن الله اثْبتْ لنَفسِهِ صفة السّمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام واخبرنا فِي كِتَابه الْعَزِيز بِأَنَّهُ متصف بذلك ولكننا لَا نعلم حَقِيقَة تِلْكَ الصِّفَات وَلَيْسَ يجب علينا إِلَّا أَن نؤمن بهَا ونترك علمهَا إِلَى المتصف بهَا
أَنْت إِذا شاركت جَمِيع عُلَمَاء التشريح فِي الْبَحْث عَن حَقِيقَة السّمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام فِي الْمَخْلُوق تعرف كَيفَ تركبت أَعْضَاء هَذِه الْحَواس وَمَا يطْرَأ عَلَيْهَا من الْعِلَل وَلَكِنَّك لَا تعلم حَقِيقَتهَا وَلَو أفنيت الأعوام وشاركك أهل البسيطة فَكيف تعلم حَقِيقَة صِفَات من يجل عَن التَّشْبِيه والمثال
اخْتلف أساطين الْعلمَاء من قبلك فِي صفة الْكَلَام فَقَالَ قوم أَن الْكَلَام لَا يكون إِلَّا من لِسَان وفم ومخارج فنفوا الْكَلَام اللَّفْظِيّ واثبتوا الْكَلَام النَّفْسِيّ هربا من إِثْبَات مَا هُوَ من صِفَات المخلوقين فورد عَلَيْهِم أَن الْكَلَام النَّفْسِيّ يحْتَاج إِلَى أَعْضَاء يقوم بهَا وَتَكون محلا لتصوراته فَلم يفدهم الْهَرَب شَيْئا وَقَالَ قوم أَن الله لما كلم مُوسَى عليه السلام خلق كَلَامه فِي الشَّجَرَة فَهِيَ الَّتِي خاطبته وكلمته وَهَؤُلَاء لم يفهموا معنى قَوْله تَعَالَى {وكلم الله مُوسَى تكليما} آيَة 4 / 163 فأكد كلامهبالمصدر فصاحوا بمقالتهم علنا مكذبين الله تَعَالَى وَذهب قوم إِلَى أَن الله يتَكَلَّم بلسانذ تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَالْقُرْآن الْعَظِيم يكذبهم ثمَّ لما طَال الْأَمر أذن الله بتكذيبهم حسا لَعَلَّهُم يتدبرون آيَاته فأظهر على يَد رجل إفرنجي الْآلَة المتكلمة الْمُسَمَّاة بالإفرنجية بالفونغراف وَجعلهَا تَتَكَلَّم بِدُونِ لِسَان وَلَا جوارح أَفلا يكون الْخَالِق متكلما على صفة لَا نعلم حَقِيقَتهَا وَلَا ندر مَا صفتهَا قل لأولئك المشاغبين بينوا لنا فلسفة الفونغراف وَكَيف أَن الْأَصْوَات التصقت بذلك الشَّيْء الشبيه بالورق ثمَّ أُعِيدَت كَمَا هِيَ ثمَّ تكلمُوا بعد بِبَيَان حَقِيقَة صِفَات الْخَالِق أَن قدرتم والا فَارْجِعُوا إِلَى أَنفسكُم وصرحوا بِالْعَجزِ عَن إِدْرَاك أسرار الربوبية واتركوا الْعلم بذلك للعليم الْخَبِير مهما فكر العَبْد فِي آيَات الصِّفَات لَا يقدر إِلَّا أَن يَقُول