الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وأدمعي قنوات والعذول حكى
…
ثورا يلوم الْفَتى فِي عنفه ابدا)
(على مغنية بالجنك جاوبها
…
شَبابَة كم بهَا من عاشق شَهدا)
(فالبدر جبهتها والدف ربوتها
…
وخالها مَاتَ من خلْخَالهَا كمدا)
هَذَا مَا كَانَ فِي الْقَدِيم من متنزهاتها وَهِي مَوْجُودَة الى الْآن الا أَن أبنيتها تَغَيَّرت وأوضاعها تبدلت وَقَالَ البدري انه كَانَ من ظَاهر بَاب السَّلامَة الى ظَاهر بَاب توما ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ عينا تجْرِي الى الْقبْلَة قَالَ وَرَأَيْت غالبها وأرتويت من أعذبها انْتهى وَنحن لم نر مِنْهَا شَيْئا والارض لله يقلبها كَيفَ يَشَاء
الحواكير
هِيَ كالحدائق فِي سفح قاسيون والفاصل بَينهَا وَبَين جبل الربوة عقبَة دمر الَّتِي بجانبها قبَّة السيار وَقد تضاربت الآراء فِي هَذَا الْقبَّة فَحكى البدري فِي نزهة الانام فِي شَأْنهَا حِكَايَة ملتقطة من أَفْوَاه الْعَوام مُدعيًا صِحَّتهَا وَهِي لَا أصل لَهَا قَالَ ان نصرا وسيارا كَانَا أَخَوَيْنِ فِي الله وابتنى كل وَاحِد مِنْهُمَا قبَّة يتعبد فِيهَا وَكَانَا اذا اشتاق احدهما لصَاحبه مَشى اليه فِي الْهَوَاء وَهَذِه كَمَا ترى مَوْضُوعَة ملفقة وَزعم كتاب الجرائد فِي عصرنا ان قبَّة السيار مرصد للفلك وَلَيْسَ بِصَحِيح وَالْأَقْرَب للصِّحَّة مَا رَوَاهُ ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه بِسَنَدِهِ الى أَحْمد بن الْخَيْر الْوراق الدِّمَشْقِي قَالَ لم تزل مُلُوك بني الْعَبَّاس تخف الى دمشق طلبا للصِّحَّة وَحسن المنظر مِنْهُم الْمَأْمُون فانه اقام بهَا وأجرت اليها قناة من نهر منين فِي سفح جبلها الى مُعَسْكَره بدير مران وَبنى الْقبَّة الَّتِي فِي اعلى جبل دير مران وصيرها موقدا توقد النَّار فِي اعلاها لكَي ينظر الى مَا فِي عسكرة اذا جن عَلَيْهِ اللَّيْل وَكَانَ ضوؤها وضياؤها يبلغان الى ثنية الْعقَاب والى جبل الثَّلج انْتهى وَهَاتَانِ القبتان احداهما فِي الْجَبَل الغربي عَن الصالحية وَهِي الْآن بَاقِيَة وَالثَّانيَِة على قمة جبل قاسيون فِي الْجَانِب الشمالي وَقد تهدمت وَلم يبْق مِنْهَا الا بعض آثَار
وَهنا انْتهى مَا أردنَا أيراده فِي هَذَا السفرالمبارك بعد تجشم مشاق فِي التنقيب
على تِلْكَ الْآثَار وَكَثْرَة عناء فِي مشاهدتها عيَانًا لانطماسها وتبدل أوضاعها كَمَا يعلم مِمَّا تقدم وتعب فِي استحصال بعض الْكتب التاريخية لِأَن بَعْضهَا فِي دِيَارنَا أصبح معدما وَهُوَ الْقسم الْمعول عَلَيْهِ وَالْبَعْض يتعسر الْوُصُول اليه وَالْبَعْض الآخر لَا يُوجد لدينا الا نَاقِصا ولنذكر هُنَا الْكتب الَّتِى استحضرناها لهَذَا الْمَقْصد الْجَلِيل وَهِي تَنْبِيه الطَّالِب وارشاد الدارس لاحوال مَوَاضِع الْفَائِدَة بِدِمَشْق كدور الْقُرْآن والْحَدِيث والمدارس للشَّيْخ عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد النعيمي الدِّمَشْقِي ومختصره للشَّيْخ عبد الباسط العلموي وذيله لمحمود الْعَدوي ومختصره أَيْضا للبقاعي وثمار الْمَقَاصِد فِي الْجَوَامِع والمساجد ليوسف بن عبد الْهَادِي الْمَعْرُوف بِابْن الْمبرد وتحفة الانام فِي فضل الشَّام للبصروي ونزهة الانام فِي محَاسِن الشَّام للبدري والضوء اللامع لأهل الْقرن التَّاسِع للسخاوي وبهجة الناظرين الى تراجم الْمُتَأَخِّرين لرضي الدّين مُحَمَّد الْغَزِّي العامري وتاريخ دمشق لِلْحَافِظِ عَليّ ابْن عَسَاكِر وَمُنْتَخب شذرات الذَّهَب لعبد الرَّحِيم بن شقدة وَالنّصف الاول من الذيل الوافي على المنهل الصافي ليوسف بن تغري بردي وَكتاب مورد للطافة لَهُ وَكتاب صور الاقاليم والمقصد الارشد فِي طَبَقَات أَصْحَاب الامام أَحْمد لابراهيم بن مُفْلِح وطبقات الْحَنَابِلَة لِلْحَافِظِ عبد الرَّحْمَن بن رَجَب والطبقات للكمال بن حَمْزَة وَالْكَوَاكِب السائرة للنجم الْغَزِّي وذيلها لطف السحر لَهُ ايضا وطبقات الشَّافِعِيَّة لِابْنِ السُّبْكِيّ وطبقات الْحَنَفِيَّة والشقائق النعمانية لطاش كبري وتاريخ عبد الرَّحْمَن بن شاشو الَّذِي ضاهى بِهِ نفخه الريحانة وتاريخ ابْن الاثير وكتابوفيات الْأَعْيَان لِابْنِ خلكان وفوات الوفيات للصلاح الصَّفَدِي فَهَذِهِ الْكتب الَّتِي كنت اعتني بمراجعتها اثناء التاليف وَكنت أراجع غَيرهَا أَحْيَانًا من الْكتب المطبوعة كتاريخ مصر للاسحاقي وتحفة الناظرين للشرقاوي وتاريخ المحبي وتاريخ الْمرَادِي وَغير هَؤُلَاءِ من بعض قطع من تَارِيخ ابْن كثير والصفدي والذهبي وَغَيرهم وَالله تَعَالَى أسأَل ان يَجْعَل بِهِ النَّفْع عَاما وان يحيي آثارنا كُنَّا عنينا باحياء آثَار من قبلنَا وان يغْفر لنا زلاتنا وَيسْتر عوراتنا ويسهل أمورنا وَشرح صدورنا وَأَن يعيننا على اتمام مَا قصدناه بِنِعْمَة تَعَالَى وَكَرمه وَقد كَانَ الْفَرَاغ من تبييضه فِي أَوَائِل شهر ربيع الاول سنة ثَمَان وَعشْرين وثلاثمائة والف من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وأكسل وأكمل التَّحِيَّة على يَد ناظم عقده وناسخ برده الْفَقِير اليه تَعَالَى عبد الْقَادِر بن أَحْمد بن مصطفى بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الشهير كأسلافه بِابْن بدران الدِّمَشْقِي عَفا الله عَنهُ وَعَن وَالِديهِ ومشايخه وَعَن جَمِيع الْمُسلمين آمين
بعد كِتَابَة مَا تقدم ظَفرت بِخمْس وَأَرْبَعين ورقة من أول كتاب الْبَرْق المتالق فِي محَاسِن جلق للشَّيْخ مُحَمَّد كَمَال الدّين الْغَزِّي العامري الدِّمَشْقِي فالتقطت مِنْهُ مَا يتَعَلَّق بمتنزهات دمشق الَّتِي طمس الدَّهْر أثار أَكْثَرهَا وَقد صدر ذَلِك الْفَاضِل كِتَابه بأرجوزة مُطَوَّلَة من نظمه واليك هِيَ بِتَمَامِهَا قَالَ
(الْحَمد لله مفيض النعم
…
مول لمن شَاءَ صنوف الْكَرم)
(مكون الاكوان بالاتقان
…
صنع حَكِيم مبدع متقان)
(بِلَا مِثَال سَابق قد صورا
…
هَذَا الْوُجُود فَكُن بذا مُعْتَبرا)
(فَفِيهِ أكبر شَاهد التَّوْحِيد
…
ولقو الايمان كالتشييد)
(فكم بقاع خصها بالشرف
…
واختها قضى لَهَا بالسخف)
(وبلدة حوت رياضا وزهر
…
وورودا يانعات ونهر)
(وبلدة من عاصفات الْحر
…
ظمأى وسقيا أرْضهَا من بِئْر)
(وقرية ربت من الأ مطار
…
تسقى بِمَاء الديمة المدرار)
(مَشِيئَة قد شاءها الرَّحْمَن
…
بكفه الاعطاء والحرمان)
(هذي دمشق الشَّام دَار اللَّهْو
…
فاسند حَدِيثي عَن رباها وارو)
(حاكت جنان الْخلد عِنْد الْعرض
…
بل قيل عَنْهَا جنَّة فِي الارض)
(بل شامة الدُّنْيَا وَعين الْملك
…
وَيعرف الدِّينَار عِنْد السبك)
(أنهارها عد النُّجُوم الزهر
…
وَلَيْسَ الا فِي رياض تجْرِي)
(وكل روض فِي مِثَال الْجنَّة
واق لاخوان الصَّفَا كالجنة)
(فان ترم تَفْصِيل ذَا قُم واستمع
…
سهل القريض أَخا الذكاء الْمُمْتَنع)
(بعد التَّحِيَّات الغزار الجمة
…
تهدي لخير الْخلق مهدى الْأمة)
(وَآله الانجاد ثمَّ الصحب
…
وَكلهمْ فِي فَضله كالسحب)
(هاك اسْتمع مني حَدِيث الشَّام
…
دَار التصابي وَالنَّعِيم السَّامِي)
(قد خصها الرَّحْمَن بالانهار
…
وَطيب الْأَرْوَاح والازهار)
(وخصها الْمولى بِذَاكَ الْجَبَل
…
وَقل ان يَخْلُو مَكَان من ولي)
(فكم بنى ضمه قاسون
…
وَكم ولي عِنْده مدفون)
(وَكم صَحَابِيّ بهَا استشهدا
…
وَفِي خبايا أرْضهَا قد الحدا)
(ودير مران على قاسون
…
كَأَنَّهُ فِي ملك أفريدون)
(وَتَحْته تِلْكَ الرياض الغضه
…
وَبَينهَا الامواه مثل الفضه)
(غنت بهَا الاطيار فِي الأفنان
…
فمالت الأغصان كالنشوان)
(كَذَا الحواكير الَّتِي ينساب
…
فِيهَا يزِيد السلسل المطياب)
(كم أَن دولاب عَلَيْهِ وشكى
…
وشاقه عهد الرياض فَبكى)
(وقطر الدُّمُوع فِي الْحِيَاض
…
وباح بالاسرار للرياض)
(وقرية النّخل مَكَان الصلحا
…
فكم بهَا قصد نزيل نجحا)
(بالصالحية سميت يَا صَاح
…
بل منتدى اللَّذَّات والافراح)
(تحفها الْقُصُور والجواسق
…
كَأَنَّهَا بَين الربى سرادق)
(تظلها الادواح كالأعلام
…
تزورها الْأَرْوَاح للسلام)
(وكل طير آخذ فِي مغنى
…
وكل حزب مِنْهُم فِي معنى)
(وموكب الازهار فِي المكافحة
…
ونافخات الطّيب مِنْهَا نافخة)
(فَلَو ترى الريحان بَين الآس
…
واصفر الخيري كالنبراس
(كَذَلِك المنثور والسوسان
…
وَعِنْده خشخاشة ألوان)
(وحلقه المحبوب بَين الزهر
…
حاكت سنا الْيَاقُوت فَوق النَّحْر)
(وفَاق عرف الطّيب عرف الديك
…
لَهُ مقَام السَّبق كالتمليك)
(للياسمين الغض عطر ذاكي
…
يَحْكِي ضِيَاء الزهر فِي الافلاك)
(وَعِنْده النسرين ثمَّ الفاغية
…
قد أشبها فِي الطّيب نفح الغالية)
(كَذَاك زهر الأرغوان الباهي
…
وَثمّ عنبر بوي زهر زاهي)
(شقائق النُّعْمَان فِي الأزهار
…
كجلنار فاح فِي الاسحار)
(وسنبل فِي اللَّوْن كالفيروزج
…
وزنبق يزهو بِوَجْه أَبْلَج)
(ونرجس بالطل عين شكرى
…
باتت تناجينا بِعَين شهرا)