الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العسكرية الَّتِي هِيَ مَوْجُودَة الْيَوْم وَبَاب النَّصْر قد خَفِي مَحَله أَيْضا كَمَا اختفى مَحل الخاتونية والحسامية وَقد درس بِهَذِهِ الْمدرسَة شمس الدّين بن معن ثمَّ درس بهَا بعده ثَمَانِيَة من الْعلمَاء وَقَالَ فِي تَنْبِيه الطَّالِب وَفِي ثامن عشر شهر ربيع الآخر سنة أَربع وَسبعين وَثَمَانمِائَة درس فِيهَا شَيخنَا شيخ الشَّافِعِيَّة فِي وقته نجم الدّين مُحَمَّد ابْن ولي الدّين عبد الله الدِّمَشْقِي الشهير بِابْن قَاضِي عجلون درس بهَا بالمنهاج من أول كتاب البيع فَظهر عَن إتقان وتفنن وتحرير وَهُوَ إِذْ ذَاك يؤلف فِي كِتَابه الأعجوبة لشرح الْمِنْهَاج الْمُسَمّى بالتحرير وَهُوَ شرح عَظِيم الشَّأْن لَو بيض لجاء فِي مجلدات وَله تَصْحِيح كَبِير على الْمِنْهَاج وَله كتاب التَّاج فِي زَوَائِد الرَّوْضَة على الْمِنْهَاج وَهُوَ أعجوبة فِي غَايَة الإتقان وَله شرح الْمِنْهَاج فِي قدر العجالة سَمَّاهُ الْفتُوح وَله مُصَنف فِي تَحْرِيم لبس السنجاب وَآخر فِي تَحْرِيم ذَبَائِح الْيَهُود وَالنَّصَارَى الْمَوْجُودين فِي هَذَا الزَّمَان وَله شرح العقيدة الشيبانية ميلاده سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة اخذ عَن وَالِده وَعَن تَقِيّ الدّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَعَن الشرواني وَعَن جمَاعَة آخَرين
تَرْجَمَة واقفها
بناها الْملك الظَّاهِر غَازِي ابْن الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين بن أَيُّوب قَالَ فِي العبر ولد بِمصْر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة حدث عَن جمَاعَة وَكَانَ بديع الْحسن كَامِل الملاحة ذَا غور ودهاء ومصادقة لملوك النواحي يوهمهم انه لولاهلقصدهم عَمه الْعَادِل ويوهم عَمه أَنه لولاه لاتفق عَلَيْهِ الْمُلُوك وَكَانَ سَمحا جوادا توفّي سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة بحلب وَقَالَ فِي مَوضِع آخر كَانَ من خِيَار الْمُلُوك وأسعدهم سيرة وَلكنه كَانَ فِيهِ عسف ويعاقب على الذَّنب شَدِيدا وَكَانَ يكرم الْعلمَاء وَالشعرَاء والفقراء
وَقَالَ موفق الدّين عبد اللَّطِيف الْبَغْدَادِيّ المتفلسف فِي رحلته كَانَ الظَّاهِر جميل الصُّورَة رائع الملاحة مَوْصُوفا بالجمال فِي صغره وَفِي كبره وَله غور وذكاء ودهاء ومكر واعظم دَلِيل على دهائه معارضته لِعَمِّهِ الْعَادِل وَكَانَ لَا يخليه يَوْمًا من
شغل قلب وَخَوف وَكَانَ يصادق مُلُوك الْأَطْرَاف ويباطنهم ويلاطفهم وَكَانَ بتدبيره يستولي على عَمه الْعَادِل وعَلى مُلُوك الْأَطْرَاف ويستعبد الْفَرِيقَيْنِ ويشغل بَعضهم بِبَعْض وَكَانَ كَرِيمًا معطيا يُرْضِي الْمُلُوك وَالشعرَاء
وَمن نوادره أَن الشَّاعِر الْحلَبِي قَالَ لَهُ يَوْمًا فِي المنادمة وَهُوَ يعبث بِهِ وَزَاد عَلَيْهِ أأنظم يهدده بالهجو فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان انثر وَأَشَارَ إِلَى السَّيْف انْتهى أَقَامَ فِي الْملك ثَلَاثِينَ سنة وَقَالَ عز الدّين عَليّ بن الْأَثِير الْجَزرِي فِي الْكَامِل فِي حوادث سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة بهَا توفّي الْملك الظَّاهِر غَازِي بن صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وَهُوَ صَاحب مَدِينَة حلب ومنبج وَغَيرهمَا من بِلَاد الشَّام وَكَانَ مَرضه إسهالا وَكَانَ شَدِيد السِّيرَة ضابطا لأموره كلهَا كثير الْجمع للأموال من غير جهاتها الْمُعْتَادَة عَظِيم الْعقُوبَة على الذَّنب لَا يرى الصفح وَله مقصد يَقْصِدهُ يَقْصِدهُ كثير من أهل البيوتات من أَطْرَاف الْبِلَاد وَالشعرَاء وَأهل الدّين وَغَيرهم فيكرمهم وَيجْرِي عَلَيْهِم الْجَارِي الْحسن وَلما اشتدت علته عهد بِالْملكِ بعده لولد لَهُ صَغِير اسْمه مُحَمَّد ولقبه الْملك الْعَزِيز غياث الدّين عمره ثَلَاث سِنِين وَعدل عَن ولد لَهُ كَبِير لَان الصَّغِير كَانَت أمه ابْنة عَمه الْملك الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب صَاحب مصر ودمشق وَغَيرهمَا من الْبِلَاد فعهد بِالْملكِ لَهُ ليبقي عَمه الْبِلَاد عَلَيْهِ وَلَا ينازعه فِيهَا واخذ لَهُ الْعَهْد بالتولية من الْعَادِل وَلما توفّي الظَّاهِر كَانَ قد جعل أتابك وَلَده ومربيه خَادِمًا روميا اسْمه طغربل ولقبه شهَاب الدّين وَهُوَ من خِيَار عباد الله كثير الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف فَأحْسن السِّيرَة بِالنَّاسِ وَعدل فيهم وأزال كثيرا من السّنَن الْجَارِيَة وَأعَاد أملاكا كَانَت قد أخذت من أَرْبَابهَا وَقَامَ بتربية الطِّفْل احسن قيام وَحفظ بِلَاده واستقامت الْأُمُور بِحسن سيرته وعدله وَملك مَا كَانَ يتَعَذَّر على الظَّاهِر ملكه مثل تل ناشر وَغَيره
قَالَ ابْن الْأَثِير وَمَا اقبح بالملوك وَأَبْنَاء الْمُلُوك أَن يكون هَذَا الرجل الْغَرِيب الْمُنْفَرد احسن سيرة واعف عَن أَمْوَال الرّعية واقرب إِلَى الْخَيْر مِنْهُم وَلَا اعْلَم الْيَوْم فِي وُلَاة أُمُور الْمُسلمين احسن سيرة مِنْهُ وَلَقَد بَلغنِي عَنهُ كل حسن وَجَمِيل اهـ
أَقُول لَيْسَ الحزم وَحسن الْحَال بِالْآبَاءِ والجدود وَإِنَّمَا هُوَ بالمعدن الْحسن الَّذِي يتكون مِنْهُ الْإِنْسَان كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم النَّاس معادن كمعادن الذَّهَب وَالْفِضَّة خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام حَدِيث