الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعلم لَكِن الناظرين على وَقفهَا اختلسوا أوقافها وَمنعُوا الطّلبَة من حَقهم وَبَاعُوا جانبا مِنْهَا فَلم تسلم هِيَ وَلَا غَيرهَا من الْمدَارِس من تعديات المختلسين للأوقاف بِحَيْثُ أصبح ذَلِك الْفِعْل سنة متبعة عِنْد الْمُتَأَخِّرين من الدماشقة وَعند قضاتهم وَلَقَد تأملتها فَرَأَيْت مَكْتُوبًا على أُسْكُفَّة بَابهَا مَا صورته
(قد وفْق الله من حباه
…
فِي كل مَا يرتضي مُرَاده)
(بناه لكسب الْعُلُوم دَارا
…
وَمَسْجِد أشيد للآفاده)
(فجَاء تَارِيخه بِبَيْت
…
قد أحكمته يَد الاجاده)
(لله مَا قد بنى وَأَحْيَا
…
من مَسْجِد الْفَتْح للعباده)
وتاريخ الْبناء سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة بعد الْألف ومكتوب أَيْضا على اسكفة بَاب الْمَسْجِد
(من كَانَ لِلْخَيْرَاتِ أَهلا نجا
…
وَالله كَاف من إِلَيْهِ التجا)
(حسن بِهِ الظَّن تنَلْ بره
…
فَهُوَ ولي النعم المرتجى)
(يَا نَاظر اترك على الْعين الَّذِي
…
وفْق للمعروف لَهَا الحجى)
(قد أَتَوا أرخ طَالب الدعا
…
الْوَاقِف الْفَتْح بِبَاب الرجا)
تَرْجَمَة واقفها
قَالَ الْمرَادِي فِي تَارِيخه سلك الدُّرَر مَا ملخصه فتحي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن مَحْمُود الْحَنَفِيّ القلاقنسي الأَصْل الدِّمَشْقِي المولد الدفتري الصَّدْر الْكَبِير كَانَ بِدِمَشْق صدر أعيانها اشْتهر بمحاسن الشيم والشهامة والجرأة والإقدام وَكَانَ ذَا نباهة وذكاء وثروة وَصَارَ دفتريا بِدِمَشْق مُدَّة سنوات وَتَوَلَّى تَوْلِيَة وقفي السليمانية وتصدر بِدِمَشْق مُدبر الْأُمُور وَالْمَلَأ وَالْجُمْهُور وَكَانَ ذَا خدم وَأَتْبَاع واتساع دَائِرَة يصطحب من الْعلمَاء والأفاضل شرذمة إجلاء وَمن الأدباء زمرا وَكَانَ عِنْده فِئَة من الْكتاب المتقنين لِلْخُطُوطِ وَمن أَرْبَاب المعارف والمويسيقي والألحان وَمن المضحكين وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَت دَاره متنزه الرواح ومنتدى الأفراح وامتدحه الشُّعَرَاء من
الْبِلَاد واشتهر صيته فِي الْآفَاق وَقد جمع مدائحه أحد ندمائه الشَّيْخ سعيد السمان فِي كتاب سَمَّاهُ الرَّوْض النافح فِيمَا ورد على الْفَتْح من المدائح
قَالَ الْمرَادِي إِن المترجم كَانَ ظلمه عَاما وَأَتْبَاعه مَشْهُورُونَ بِالْفَسَادِ والفسوق وَشرب الْخمر وهتك الْمُحرمَات وَهُوَ أَيْضا متجاهر بالمظالم لَا يُبَالِي وَلَا يتَجَنَّب الأذي والتعدي وَمن آثاره فِي دمشق الْمدرسَة الَّتِي فِي محلّة القيمرية وَالْحمام فِي محلّة ميدان الْحَصَى وتجديد منارتي السليمانية وَغير ذَلِك ثمَّ أورد لَهُ الْمرَادِي نظما كثيرا مِنْهُ
(بدا مثل بدر ثمَّ يبسم عَن در
…
غزال وَمِنْه الْفرق كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّي)
(بقد كخوط البان رنحه الصِّبَا
…
فاذرى اعتدالا بالمثقفة السمر)
(أغن كَأَن الله أبدع حسنه
…
ليستلب الْأَرْوَاح بِالنّظرِ الشزر)
(سقى الله دهرا مر لي بوصاله
…
وَلم يلو جيد الود عني إِلَى الهجر)
(فكم بَات يسقيني المدام عَشِيَّة
…
ويمزجها من رِيقه العاطر النشر)
(إِلَى أَن بِهِ شط المزار وَقد محى
…
سطور الْأَمَانِي بَيْننَا حَادث الدَّهْر)
(وسرت قُلُوب الحاسدين وطالما
…
لعبن بهَا عِنْد الدنو على الْجَمْر)
وَله فِي الشيب
(لَا تغضبن لشيب مِنْك حل على
…
مسك العذار فان الشيب آثَار)
(أما ترى الْغُصْن مذ لاحت أزاهره
…
زَادَت نضارة ذَاك الْغُصْن أنوار)
وَهُوَ مَأْخُوذ من قَول دعبل
(لَا يرعك المشيب أَن زار وَهنا
…
فَهُوَ للمرء حلية ووقار)
(إِنَّمَا تحسن الرياض إِذا مَا
…
ضحِكت فِي خلالها النوار)
وللمترجم فِي طول النَّهَار فِي الصّيام
(ولرب يَوْم صمته فَكَأَنَّهُ
…
يَوْم الْمعَاد وَلَيْسَ مِنْهُ مهرب)
(وقفت بِهِ شمس النَّهَار وَلم تغب
…
فَكَأَنَّمَا قد سد عَنْهَا الْمغرب)
وَله
(واغيد قد أمال السكر قامته
…
وَاللَّيْل محتبك بالأنجم الزهر)
(دنا الي وكأس الراح فِي يَده
…
ممزوجة بلماه الطّيب الْعطر)
(وَقَالَ خُذ وارتشف مَاء الْحَيَاة وَلَا
…
تبْق للائمك اللاحي سوى الكدر)