الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالزمان أفنى البقاعي وأفنى سكنه وَجعل الْمدرسَة فِي خبر كَانَ وَالظَّاهِر أَنَّهَا دَار الحَدِيث الكروسية الْمَار ذكرهَا عِنْد الْكَلَام على دور الحَدِيث فَرَاجعهَا إِن شِئْت ودرس بهَا مُحَمَّد بن نجم الدّين ابْن أبي الطّيب
تَرْجَمَة واقفها
قد تقدم أَن منشئها مُحَمَّد بن عقيل بن كروس محتسب دمشق قَالَ ابْن الْأَثِير كَانَ كيسا متواضعا توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَدفن بداره الَّتِي جعلهَا دَار حَدِيث ومدرسة
مدرسة الكلاسة
هِيَ ملاصقة للجامع الْأمَوِي من الْجِهَة الشمالية وَلها بَاب ينفذ إِلَيْهِ وموضعها من جملَة متفرعات الْجَامِع وَكَانَت أَولا مَوضِع عمل الكلس حِين مَا يحْتَاج الْجَامِع للأعمار أعدت لذَلِك أَيَّام بنائِهِ فَمن ثمَّ جعلت من الزِّيَادَات عَلَيْهِ لما ضَاقَ بِالنَّاسِ فَإِذا احْتِيجَ إِلَيْهَا لخراب جَانب مِنْهُ صلى المصلون بهَا وَبقيت على ذَلِك إِلَى سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة أَيَّام ملك نور الدّين مَحْمُود بن زنكي دمشق فبناها مدرسة فِي السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ فِي سنة سبعين وَخَمْسمِائة تناولتها السن النيرَان فاحترقت هِيَ والمئذنة الَّتِي بجانبها الْمُسَمَّاة بمئذنة الْعَرُوس أَيَّام كَانَ صَلَاح الدّين مَالِكًا لدمشق فَأمر بتجديد بنائها وَجعل عَلَيْهِ أَبَا الْفَتْح ابْن العميد فجددها وأتقن بناءها ثمَّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة جدد بركتها جمال الدّين بن يغمور وبلط أرْضهَا وَارْضَ دهليزها ثمَّ إِن النَّائِب جقمق باني الْمدرسَة الحقميقية فتح لتربته شباكا إِلَى الكلاسة من الإيوان وَأَرَادَ عمارتها لكَونهَا أَصَابَهَا بعض التخريب فَطلب الْعَامِل عَلَيْهَا وَسَأَلَهُ عَن مَالهَا فَقَالَ أَخذه الْمدرس والناظر وَبَعض الْفُقَهَاء فَأخذ فِي حِسَاب مَا اخذ فَوَجَدَهُ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم فرسم بِأَن يسترجع ويعمر بهَا فَقيل لَهُ أَن هَذَا الْوَقْف لَيْسَ هُوَ وقف الكلاسة وَإِنَّمَا هُوَ وقف على درس بهَا فَلم يقبل ذَلِك وَلم يسمعهُ ورسم على تَقِيّ الدّين صهر الْغَزِّي شهَاب الدّين الْمدرس بهَا وَالْعَامِل أَن يحبسا بدار السَّعَادَة فحبسا اكثر من شهر ثمَّ أطلقا على أَن يشرعا فِي الْعِمَارَة قَالَه فِي تَنْبِيه الطَّالِب وَغَيره
قَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الذيل وَفِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة شرع فِي تعزيل التُّرَاب من الْمدرسَة الكلاسة من الإيوان الشَّرْقِي انْتهى
وَالظَّاهِر أَن وَاقعَة تيمورلنك أتلفتها أَو جانبا مِنْهَا حينما احْرِقْ الْبَلَد وَالْجَامِع ثمَّ أُعِيدَت مدرسة وَقد درس بهَا الْكَمَال الحرستاني ثمَّ بعده ثَمَانِيَة آخِرهم شهَاب الدّين الْغَزِّي ثمَّ وَلَده
أَقُول الشهَاب الْمَذْكُور هُوَ احْمَد بن عبد الله بن بدر مفرج بن بدر بن عُثْمَان بن جَابر ابْن ثَعْلَب بن ضو بن شَدَّاد بن عَامر أَبُو نعيم العامري الْغَزِّي ثمَّ الدِّمَشْقِي ثمَّ الْمَكِّيّ الْقرشِي تَرْجمهُ الشَّيْخ رَضِي الدّين الْغَزِّي فِي كِتَابه تحفة الناظرين بترجمة مُطَوَّلَة وَصفه فِيهَا بسعة الْعلم وَكَثْرَة الإطلاع وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء عَظِيما وَذكر لَهُ مؤلفات كَثِيرَة مِنْهَا مَا كمل وَمِنْهَا مَا لم يكمل فَالَّذِي كمل مِنْهَا مُخْتَصر الْمُهِمَّات فِي خَمْسَة أسفار شرح الْحَاوِي الصَّغِير فِي خَمْسَة أَيْضا منسك فِي مُجَلد شرح جمع الْجَوَامِع الأصولي الْجَواب الراسي لمسالة الفاسي تَلْخِيص التَّنْبِيه وَالَّذِي لم يكمل كتاب فِي أَسمَاء رجال البُخَارِيّ قِطْعَة على منهاج النَّوَوِيّ قِطْعَة على منهاج الْبَيْضَاوِيّ فِي الْأُصُول قِطْعَة على ألفية ابْن مَالك وَشرح كتاب الْعُمْدَة إِلَى أثْنَاء كتاب الصَدَاق ثمَّ تممه الرضي الْغَزِّي ولد المترجم سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة بغزة ثمَّ اشْتغل بِالْعلمِ وَسكن دمشق فولي تدريس الكلاسة وَغَيرهَا وَتُوفِّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة المكرمة رَحمَه الله تَعَالَى
ولنرجع إِلَى مَا كُنَّا بصدده فَنَقُول أَن الكلاسة لم تزل الْأَيَّام تتقلب عَلَيْهَا حَتَّى صَاح بهَا من يمْنَع مَسَاجِد الله أَن يذكر فِيهَا اسْمه وَيسْعَى فِي خرابها سنريك أَيْدِينَا وتجاسرنا فكم من مدرسة ابتلعنا أوقافها وتركناها خاوية على عروشها ثمَّ عمرناها دَارا وَكم من مَسْجِد بعناه وأكلنا ثمنه افنتركك سَالِمَة أيتها الكلاسة افتظني أَن اعتصامك بالجامع ينفعك أَن الْجَامِع لَو كَانَ لقْمَة صَغِيرَة لأكلناه وَلَكِن يَا للأسف أَن جدرانه صَخْر لَا يبتلع ثمَّ حملُوا عَلَيْهَا حَملَة مُنكرَة فَأخذُوا ساحتها وجعلوها دَارا ثمَّ ابْتَنَوْا فِي جهاتها الثَّلَاثَة بُيُوتًا ودورا وَتركُوا الْجَانِب الغربي ساحة لعسر الْبناء فِيهِ وَاتَّخذُوا كلا من الْفَاضِلِيَّةِ والعزيزية وَمَا بَينهمَا دورا للسُّكْنَى وَبَقِي مَوضِع الطَّهَارَة من الكلاسة وحجرات علوِيَّة يسكنهَا مؤذنو الْجَامِع وَالْبَعْض مِنْهُم يُؤجر حجرته كَأَنَّهَا