الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهَا صَارَت دَارا للسُّكْنَى فَصَارَت مراتع غزلان بعد إِن كَانَت مراتع عُلَمَاء وطلاب إِلَّا أَن تَرْجِيع الألحان بِالْقُرْآنِ قد فقد مِنْهَا وَنحن أثبتناها فِي منادمة الأطلال تذكارا لَهَا وبيانا لترجمة واقفها
تَرْجَمَة شمس الدّين مُحَمَّد ابْن الْجَزرِي
هُوَ الإِمَام الْحَافِظ مُحَمَّد بن مُحَمَّد عَليّ بن يُوسُف الدِّمَشْقِي ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي الْمُقْرِئ الْمُحدث وَيعرف بِابْن الْجَزرِي نِسْبَة لجزيرة ابْن عمر وترجمته فِي كثير من كتب التَّارِيخ
قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي حوادث سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة
ولد المترجم سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وتفقه بهَا ولهج بِطَلَب الحَدِيث وَالْقُرْآن وبرز فِي علم الْقرَاءَات وَعمر مدرسة للقراء سَمَّاهَا دَار الْقُرْآن واقرأ النَّاس وَعين لقَضَاء الشَّام مرّة ثمَّ عرض عَارض فَلم يتم لَهُ وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا وَكَانَ مثريا وشكلا حسنا وفصيحا بليغا وَأطَال فِي تَرْجَمته وَهُوَ من المعاصرين لَهُ
وَقَالَ الشَّيْخ رَضِي الدّين مُحَمَّد بن احْمَد بن عبد الله الْغَزِّي العامري وَهُوَ من معاصريه أَيْضا فِي كِتَابه بهجة الناظرين إِلَى تراجم الْمُتَأَخِّرين
هُوَ الشَّيْخ الْمُحدث الْفَاضِل الأديب المفنن القَاضِي شمس الدّين ثمَّ ذكر تَارِيخ مولده سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة ثمَّ قَالَ قَالَ القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن خطيب الناصرية فِي تَارِيخه كَذَا رَأَيْته بِخَطِّهِ اهـ قَالَ الْغَزِّي وَحضر على ابْن الخباز وروى لنا عَنهُ واتهمه فِي ذَلِك المصريون وَمِنْهُم الْحَافِظ ابْن حجر
قلت وَلَا وَجه لاتهامه وَحُضُور ابْن الْجَزرِي عَلَيْهِ مُمكن بل سَمَاعه كَمَا هُوَ مَعْرُوف عِنْد أهل الحَدِيث واخذ عَن جمَاعَة من عُلَمَاء الْإِسْلَام وبرع فِي علم الْقرَاءَات
واتقنها وَأَخذهَا على وَجههَا من أئمتها وبرع فِي زَمَانه وشكره الْأَئِمَّة وَولي خطابة جَامع التَّوْبَة بالعقيبة ثمَّ قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِالشَّام من قبل الظَّاهِر برقوق الجركسي لَكِن لم يتم لَهُ الْأَمر وَدخل الْقَاهِرَة واخذ عَن أئمتها وَكَانَ لَهُ صيت فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ ولي الصلاحية فِي الْقُدس الشريف ثمَّ ذكر أَسْفَاره فِي الأقطار وتنقلاته على سَبِيل الْإِجْمَال ثمَّ قَالَ
وَلما قدم المترجم دمشق اجْتمعت عَلَيْهِ وَكَانَ مسنا عِنْده تواضع وَله رياسة ظَاهِرَة وَجلسَ بِجَامِع دمشق عِنْد بَاب الخطابة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ بعض الْقُرَّاء والطلبة فَأخذُوا عَنهُ وسمعوا مِنْهُ وَكَانَت بضاعته مزجاة فِي الْعُلُوم سوى الْقُرْآن فانه كَانَ فِيهِ عَلامَة زَمَانه ثمَّ رَحل إِلَى بِلَاد الْعَجم وَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ توفّي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة عَن اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ عَاما
وَقَالَ فِي الْبَدْر الطالع جد المترجم فِي طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَقَرَأَ الْفِقْه وَالْأُصُول والمعاني وَالْبَيَان
وترجمه الْعَلامَة طاش كبري فِي الشقائق النعمانية بترجمة طَوِيلَة حاصلها انه جمع الْقرَاءَات السَّبع وَالْعشر والاثنتي عشرَة وَدخل الديار المصرية فنشر بهَا الْعلم والقراءات ثمَّ تَأَلُّبُ عَلَيْهِ الْأَعْدَاء حَتَّى ناله ظلم شَدِيد أدّى إِلَى اخذ مَاله وَغَيره فَخرج مِنْهَا إِلَى مَدِينَة بروسا فَأكْرمه السُّلْطَان بايزيد ثمَّ أَتَى دمشق فَلم يكد يصف لَهُ الْمقَام بهَا حَتَّى دهمتها الْفِتْنَة الْعَظِيمَة من قبل تيمورلنك سنة خمس وَثَمَانمِائَة وَلما رَحل عَنْهَا أَخذه مَعَه فِي جملَة من أَخذه من الْفُضَلَاء إِلَى مَا وَرَاء النَّهر وأنزله بِمَدِينَة كشي ثمَّ بسمرقند فاشتهر بهما واقرأ جماعات لَا تحصى وَكثر نَفعه واشتهر فَضله حَتَّى إِن تيمور لما كَانَ بسمرقند اتخذ وَلِيمَة عَظِيمَة فَجَلَسَ فِي ديوانه وَعين جَانب يسَاره لِلْأُمَرَاءِ وجانب يَمِينه للْعُلَمَاء فَقدم فِي ذَلِك الْمجْلس الشَّيْخ الْجَزرِي على السَّيِّد الشريف الْجِرْجَانِيّ الْمَشْهُور وَكَانَ وقتئذ مدرسا بسمرقند فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ كَيفَ لَا اقدم رجلا عَالما بِالْكتاب وَالسّنة وَمَا يسْأَل عَمَّا أشكل على السَّائِل مِنْهُمَا إِلَّا حل الأشكال بِالذَّاتِ بِلَا تَأْخِير اهـ
قلت تَأمل وأمعن النّظر فِي هَذِه الْقَضِيَّة وادر انه إِن كَانَ مَا فعله تيمور لأمر سياسي فقد نَشأ عَن فكر عَال ومرتبة فِي السياسة سامية وان كَانَ عَن حب للسّنة فَللَّه در رجال تعرف مَرَاتِب أَصْحَاب الْكَمَال وَلَا تنقص الرِّجَال شَيْئا من حَقّهَا
وَالَّذِي يظْهر انه قصد الْأَمر الثَّانِي لَان تيمور مَعَ عتوه وظلمه وبغيه كَانَ مغرما بحب الْعلمَاء وَلَا سِيمَا الكاملون مِنْهُم
قَالَ فِي الشقائق ثمَّ لما مَاتَ تيمور سنة سبع وَثَمَانمِائَة فَارق المترجم بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر فَدخل خُرَاسَان وهراة وشيراز ويزد ونواحيها وَنشر فِي تِلْكَ الْأَمَاكِن فن الْقرَاءَات والزمه صَاحب شيراز الْقَضَاء بهَا فَأَقَامَ مكْرها وَلما قضى الرَّحْمَن لَهُ بالخلاص سَافر إِلَى الْبَصْرَة ثمَّ إِلَى مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم اهـ
وترجمه السخاوي فِي الضَّوْء اللامع تَرْجَمَة مُطَوَّلَة وَطعن فِيهِ وَفِي رِوَايَته كَمَا هُوَ دأبه فِي عُلَمَاء الحَدِيث الَّذين لم يعظموه وخلاصة مَا قَالَه
انه جعل نَفسه عمريا وَقَالَ كَانَ أَبوهُ تَاجِرًا وَحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن تسع سِنِين وَصلى بِهِ فِي السّنة الْعَاشِرَة ثمَّ ولي الْقَضَاء بِدِمَشْق على مَال يَدْفَعهُ فَلَمَّا تولاه لم يَفِ بِهِ فامتحن لذَلِك وفر إِلَى مصر سنة ثَمَان وَتِسْعين ثمَّ لحق بِبِلَاد الرّوم واتصل بالسلطان بايزيد فَأكْرمه وعظمه وأنزله عِنْده بضع سِنِين فنشر علم الْقرَاءَات والْحَدِيث وانتفعوا بِهِ فَلَمَّا دخل تيمورلنك الرّوم أَخذه مَعَه إِلَى سَمَرْقَنْد فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن مَاتَ تيمور فتحول حِينَئِذٍ إِلَى شيراز فنشر بهَا الْقرَاءَات والْحَدِيث وانتفع بِهِ أَهلهَا وَولي قضاءها وَقَضَاء غَيرهَا من الْبلدَانِ من جِهَة أَوْلَاد تيمورلنك ثمَّ قصد الْحَج سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فنهب فِي الطَّرِيق وتعوق عَن إِدْرَاك الْحَج فَأَقَامَ يَبِيع وَيَشْتَرِي ثمَّ تيَسّر لَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّة مجاورا وَحدث بهَا ثمَّ سَافر إِلَى بِلَاد الْعَجم ثمَّ قدم الْقَاهِرَة واتصل بالسلطان الاشرف فَعَظمهُ وأكرمه وتصدى للإقراء والتحديث ثمَّ سَافر إِلَى مَكَّة ثمَّ إِلَى الْيمن تَاجِرًا فَأَسْمع بهَا الحَدِيث وأكرمه صَاحبهَا وَوَصله بِحَيْثُ رَجَعَ بِبَضَائِع كَثِيرَة وَعَاد إِلَى مَكَّة ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ إِلَى الْبَصْرَة والى شيراز فَمَاتَ بهَا وَدفن بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا هُنَاكَ
ثمَّ سرد السخاوي مصنفاته فَقَالَ هِيَ
النشر فِي الْقرَاءَات الْعشْر مجلدان وَاخْتَصَرَهُ بِكِتَاب سَمَّاهُ التَّقْرِيب وتحبير التَّيْسِير فِي الْقرَاءَات الْعشْر والتمهيد فِي التجويد وهما مِمَّا آلفه وَله من الْعُمر سبع عشرَة سنة ونظم الْهِدَايَة فِي تَتِمَّة الْعشْرَة وسماها الدرة وَله من الْعُمر ثَمَانِي عشرَة سنة وَرُبمَا حفظهَا أَو بَعْضهَا بعض شُيُوخه وإتحاف المهرة فِي تَتِمَّة الْعشْرَة وإعانة المهرة فِي الزِّيَادَات على الْعشْرَة نظم وطيبة النشر فِي الْقرَاءَات الْعشْر فِي آلف بَيت والمقدمة فِيمَا على قَارِئ الْقُرْآن أَن يُعلمهُ وَهِي نظم أَيْضا وَقل من يعاني فن التجويد فِي زمننا إِلَّا ويحفظها ومنجد المقرئين وطبقات الْقُرَّاء فِي مُجَلد ضخم وَغَايَة النِّهَايَة فِي أَسمَاء رجال الْقرَاءَات والحصن الْحصين من كَلَام سيد الْمُرْسلين فِي الْأَذْكَار والدعوات وَهُوَ غَايَة فِي الِاخْتِصَار وَالْجمع وعدة الْحصن الْحصين وجنة الْحصن الْحصين وَعرف التَّعْرِيف مُخْتَصره والتوضيح فِي شرح المصابيح وَهُوَ ثَلَاثَة أسفار آلفه فِيمَا وَرَاء النَّهر والبداية فِي عُلُوم الرِّوَايَة وَالْهِدَايَة فِي فنون الحَدِيث نظم والأولوية فِي أَحَادِيث الْأَوْلَوِيَّة وَعقد اللآلي فِي الْأَحَادِيث المسلسلة العوالي والمسند الاحمد فِيمَا يتَعَلَّق بِمُسْنَد احْمَد والمقصد الاحمد فِي رجال احْمَد والمصعد الاحمد فِي ختم مسانيد احْمَد والإجلال والتعظيم فِي مقَام إِبْرَاهِيم والإبانة فِي الْعمرَة من الْجِعِرَّانَة والتكريم فِي الْعمرَة من التَّنْعِيم وَغَايَة المنى فِي زِيَارَة منى وَفضل جبل حراء واحاسن المنن واسنى المطالب فِي مَنَاقِب عَليّ ابْن أبي طَالب والجوهرة فِي النَّحْو وَغير ذَلِك من الرسائل والتعليقات
وَقد ذكره الطاووسي فِي مشيخته وَقَالَ انه تفرد بعلو الرِّوَايَة وَحفظ الْأَحَادِيث وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَمَعْرِفَة الروَاة الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين اهـ وترجمه الْحَافِظ ابْن حجر فِي مُعْجم شُيُوخه الَّذِي سَمَّاهُ الْمجمع المؤسس للمعجم المفهرس فَذكر نَحوا مِمَّا سبق وَقَالَ كَانَ لَهُ توقيع الدست بِدِمَشْق وَعين لقَضَاء الشَّافِعِيَّة ثمَّ فر إِلَى بِلَاد الرّوم واتصل بِالْملكِ بايزيد بن عُثْمَان وَأقَام عِنْده بضع سِنِين إِلَى وقْعَة الكائنة الْعُظْمَى الَّتِي قتل فِيهَا الْملك بازيد فاتصل بعْدهَا بالأمير تيمور إِلَى أَن قَالَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفِقْه يَد بل فنه الَّذِي مهر فِيهِ الْقرَاءَات وَله عمل فِي الحَدِيث وَله نظم وسيط اهـ