الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الْعَاشِر فِي الزوايا
حرف الْهمزَة
الزاوية الأرموية
أَقُول الزاوية هِيَ الْمَكَان الْمعد للأفعال الصَّالِحَة وللعبادة وَهَذِه الزاوية كَانَت فَوق الرَّوْضَة بسفح قاسيون أَنْشَأَهَا عبد الله بن يُونُس الأرموي قَالَ ابْن شقدة هُوَ الزَّاهِد الْقدْوَة صَاحب الزاوية بجبل قاسيون كَانَ صَالحا متواضعا مطرحا للتكلف يمشي وَحده وَيَشْتَرِي الْحَاجة لنَفسِهِ وَله أَحْوَال ومجاهدات وَقدم راسخ فِي الْعِبَادَة سَافر الأقطار وَكَانَ فِي بدايته لَا يأوي الا الى القفار قَرَأَ الْقُرْآن وتفقه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَحفظ الْقَدُورِيّ وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من عباد الله الصَّالِحين وَكَانَت زاويته مطلة على قبر الشَّيْخ موفق الدّين توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
حرف الْحَاء
الزاوية الحريرية
كَانَت بِظَاهِر دمشق بالشرف الْأَعْلَى القبلي وَكَانَ النَّاس يَجْتَمعُونَ بهَا للسماعات أَنْشَأَهَا ابو مُحَمَّد عَليّ بن أبي الْحسن بن مَنْصُور الدِّمَشْقِي الْفَقِير
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي العبر ولد بقرية بصرى من حوران وَنَشَأ بِدِمَشْق وَتعلم بهَا نسج العتابي ثمَّ تمفقر وَعظم أمره وَكثر أَتْبَاعه وَأَقْبل على المطيبة والراحة والسماعات والملاح وَبَالغ فِي ذَلِك فَمن يحسن الظَّن بِهِ يَقُول هُوَ كَانَ صَحِيحا فِي نَفسه صَاحب حَال ووصول وَمن خبر أمره رَمَاه بالْكفْر والضلال وَهُوَ أحد من لَا يقطع لَهُ بجنة أَو بِنَار فَإنَّا لَا نعلم بِمَا يخْتم لَهُ بِهِ لكنه توفّي فِي يَوْم شرِيف يَوْم الْجُمُعَة قبل الْعَصْر السَّادِس
وَالْعِشْرين من رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَقد نَيف على التسعين مَاتَ فَجْأَة وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي تَارِيخه وقف على زاويته الَّتِي يُقَال لَهَا زَاوِيَة الحريري دَرَاهِم فِي أول أمره فحبسه أَصْحَاب الدُّيُون فَأَقَامَ سِتَّة أشهر مَحْبُوسًا ثمَّ جبوا لَهُ وأخرجوه فَصَارَ كل يَوْم يَتَجَدَّد لَهُ أَتبَاع الى أَن آل أمره الى مَا آل إِلَيْهِ قَالَ شرف الدّين خطيب عقربا خرج الْفلك المشيري يقسم قَرْيَة لَهُ وَأخذ مَعَ جمَاعَة فَلَمَّا قسموا ووصلوا الى زرع قَالُوا نمشي الى عِنْد الشَّيْخ الحريري فَقَالَ أحدهم ان كَانَ صَالحا يطعمنا حلوى ساخنة بِعَسَل وَسمن وفستق وسكر وَقَالَ الآخر يطعمنا بطيخا أَخْضَر وَقَالَ الآخر يسقينا فقاعا عَلَيْهِ الثَّلج فَلَمَّا وصلوا تلقاهم بالرحب وأحضر شَيْئا كثيرا من جملَته حلوى كَمَا قَالَ ذَلِك الرجل فَأمر بوضعها بَين يَدي مشتهيها ثمَّ أحضر بطيخا أَخْضَر وَأَشَارَ الى مشتهيه بِالْأَكْلِ فَلَمَّا فرغوا نظر الى صَاحب شَهْوَة الفقاع فَقَالَ يَا أخي كَانَ عِنْدِي تَحت السَّاعَات أَو بَاب الْبَرِيد ثمَّ صَاح يَا فلَان أَدخل فَدخل فَقير وعَلى رَأسه دست فقاع وَعَلِيهِ الثَّلج منحوت وَقَالَ بِسم الله اشرب انْتهى وَقد نقلت هَذِه الْقِصَّة كَمَا رَأَيْتهَا وَهِي خبر والعهدة على الرَّاوِي الأول وَلما مَاتَ كَانَت لَيْلَة مثلجة فأنشدهم نجم الدّين بن اسرائيل
(بَكت السَّمَاء عَلَيْهِ سَاعَة دَفنه
…
بمدامع كَاللُّؤْلُؤِ المنثور)
(وأظنها فرحت بمصعد روحه
…
لما سمت وتعلقت بِالنورِ)
(أوليس دمع الْغَيْث يهمي بَارِدًا
…
وَكَذَا تكون مدامع المسرور)
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَارِيخه أَقَامَ الحريري بِدِمَشْق مُدَّة يعْمل صَنْعَة الْحَرِير ثمَّ ترك ذَلِك وَأَقْبل على صَنْعَة الفقيري على يَد الشَّيْخ عَليّ المغربل تلميذ الشَّيْخ أرسلان فَأتبعهُ طَائِفَة من النَّاس يُقَال لَهُم الحريرية وابتنى لَهُم زَاوِيَة على الشّرف القبلي وبدت مِنْهُ أَفعَال أنكرها عَلَيْهِ الْفُقَهَاء كالعز بن عبد السَّلَام وَابْن الصّلاح وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهم فَلَمَّا كَانَت مُدَّة الْأَشْرَف سجنه بالقلعة مُدَّة سِنِين ثمَّ أطلقهُ الصَّالح اسماعيل وَاشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يُقيم بِدِمَشْق فَلَزِمَ بَلَده قَرْيَة بصرى الى أَن توفّي
قَالَ أَبُو شامة فِي الذيل تبعه طَائِفَة من الْفُقَرَاء المعروفين بالحريرية أَصْحَاب الزي الْمنَافِي للشريعة قَالَ وَكَانَ عِنْد الحريري من الِاسْتِهْزَاء بالشريعة والتهاون بهَا وَعِنْده من شعار أهل الفسوق والعصيان شَيْء كثير وانفسد بِسَبَبِهِ جمَاعَة كَثِيرَة من أَوْلَاد كبراء الدماشقة وصاروا على زِيّ أَصْحَابه بِسَبَب أَنه خلع العذار وَجمع فِي