الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِك المتنزه يَقُول القَاضِي أَحْمد الْكِنَانِي
(أيا حسن سلسال على مرج قطية
…
اذا مَا جرى فِيهِ نَخُوض وَنَلْعَب)
(تهددنا أَغْصَانهَا برؤوسها
…
فَينْظر من طرف خَفِي ويرهب)
البهنسية
هِيَ روض بَين أَشجَار وفواكه وثمرات مَعَ عُيُون من المَاء وَتظهر مِنْهُ الى مرجه جسر بناه رجل يُقَال لَهُ حسن بن شواش وَكَانَ هُنَاكَ مقاصفي وَبيع وَشِرَاء ويتوصل مِنْهُ الى أَرَاضِي حميص مَا بَين رياض وغياض ويعلوها محلّة النيربين وَهِي من أعظم المحلات وأخضرها وأنضرها حَسَنَة الثمرات كَثِيرَة الأزهار وَكَانَ بهَا سويقة وحمام يُقَال لَهُ حمام الزمرد وجامع بِخطْبَة وَكَانَت فِيمَا سلف سكن الرؤساء والاعيان وَمِنْهَا يتَوَصَّل الى أَرض
الربوة
وَكَانَ الْخَارِج من بَاب يلبغا يمشي بَين أَشجَار واثمار ومياه وظل الى الربوة فَلَا يرى الشَّمْس الا اذا قصد رؤيتها وَبِذَلِك يَقُول الْبَدْر بن لُؤْلُؤ الذَّهَبِيّ
(دعِي الله وَادي النيربين فانه
…
قطفت بِهِ يَوْمًا لذيذا من الْعُمر)
(درى أنني قد جِئْته متنزها
…
فَمد لتلقائي ساطا من الزهر)
(وَأوحى الى الاغصان قربي فَأرْسلت
…
هَدَايَا مَعَ الارواح طيبَة النشر)
وَأخذ مني المَاء القراح وحيثما اتجهت رايت المَاء فِي خدمتي يجْرِي وَقَالَ الوداعي
(وصبا صبَّتْ من قاسيون فسكنت
…
بهبوبها وصب الْفُؤَاد الْبَالِي)
(خاضت مياه النيربين عَشِيَّة
…
فاتتك وَهِي بليلة الأذيال)
الربوة
سميت بذلك لِأَنَّهَا مُرْتَفعَة مشرفة على غوطتها ومياها وكل رأب مُرْتَفع على مَا
حوله يُقَال لَهُ ربوة وَبهَا مغارة لَطِيفَة بسفح الْجَبَل الغربي وَبهَا صفة محراب وَكَانَ بهَا جَامع وخطبة وَمحل للدرس وعدة مَسَاجِد وَكَانَ بهَا قاعات وأطباق وسويقتان يشقهما نهر بردى وَكَانَ بهَا صيادون للسمك يصطادون والقلايون على جنب النَّهر يقلون ويذبح بهَا كل يَوْم خَمْسَة عشر رَأْسا من الْغنم وذل غير ماكان يجلب اليها من اللَّحْم من الْمَدِينَة وَبهَا عشرَة شرايحية لَيْسَ لَهُم شغل غير الطَّبْخ والغرف فِي الزبادي والصحون وكل مَا تشتهيه الانفس وَكَانَ بهَا فرنان وَثَلَاثَة حوانيت برسم عمل الْخبز التنوري وَأما الْفَوَاكِه فَلَا قيمَة لَهَا بهَا قَالَ البدري وَلَقَد اشْتريت رَطْل التوت مِنْهَا بِربع دِرْهَم وَمثله الرطل الدِّمَشْقِي من المشمش والتفاح قَالَ وَبهَا حمام لَيْسَ لَهُ نَظِير على وَجه الارض لِكَثْرَة مَائه ونظافته وَله شبابيك تطل على الْأَنْهُر من فَوْقه وَمن تَحْتَهُ وَبهَا طارمة الْمَسْجِد الديلمي الَّذِي جدده نور الدّين الشَّهِيد وَله أوقاف على قَارِئ قرَان ومدرس بخاري ومؤذن وبواب وقيم ووقاد وَغير ذَلِك وللتاج الْكِنْدِيّ فِي وصفهَا
(ان نور الدّين لما أَن رأى
…
فِي الْبَسَاتِين قُصُور الْأَغْنِيَاء)
(عمر الربوة قصرا شاهقا
…
نزهة مُطلقَة للْفُقَرَاء)
وَقَالَ مجير الدّين أبن تَمِيم
(ياحسن طارمة فِي الجو شاهقة
…
مَا أَن تمل بهَا العينان من نظر)
(نزه لحاظك فِي طاقاتها لترى
…
أَصْنَاف ماخلق الرَّحْمَن للبشر)
(ترى محَاسِن وَاد يحتوي نزها
…
لذاذة السّمع والأبصار والفكر)
(وربوة قد سمت حَتَّى تخال لَهَا
…
سرا تحدثه للأنجم الزهر)
(مَا بَين روض وأنهار مسلسلة
…
تجْرِي وَتحمل أنواعا من الثَّمر)
(كم بت فِيهَا وخدني شادن غنج
…
حُلْو التثني كغصن البانة النَّضر)
(أَشْكُو اليه الَّذِي ألْقى ومقلته
…
تَشْكُو الي الَّذِي تلقى من السهر)
(حَتَّى رَأَيْت نُجُوم اللَّيْل قد غربت
…
عَنَّا وهبت علينا نسمَة السحر)
(بتنا نجرر أذيال العفاف بهَا
…
وَالله يعلم منا صِحَة الْخَبَر)
(لاخير لَذَّة فِي تمْضِي ويعقبها
…
خَطِيئَة تسلك الانسان فِي سقر)
وَقَالَ السَّيِّد مُحَمَّد ابْن السيدكمال الدّين بن حَمْزَة
(رعى الله أَوْقَات الرّبيع بجلق
…
وَحيا الحيا أرجاء ربوتها الْغِنَا)
(اذا حركت أدواحها شجو عاشق
…
تحاكيه باللحن العنادل اذ غنا)
(ويذكو بهَا نشر النسيم اذا سرى
…
فتذكو بتاريخ الغرام الَّذِي جنا)
(وتطرد الانهار فِيهَا كَأَنَّهَا
…
سوابق أَفْرَاس أعنتها تثنى)
(فَكيف يلام الحازم الرأى ان صبا
…
الى ظلها الأملى وَقد أشبهت عدنا)
وَتلك القاعة الَّتِي بناها نور الدّين هِيَ على شعب جبل منحوتة بألواح من خشب سقفها نهر يزِيد وأساسها من تحتهَا نهر ثوراومنظرها من الغايات الَّتِي لَا تدْرك ومقابلها فِي الْجَبَل الغربي بذيله دف الزغفران والجبل الشَّرْقِي فِي رَأسه مثل الجنك وَقد اطنب الشُّعَرَاء فِي وصفهَا فَقَالَ ابْن نباتة
(فِي الجنك من مغنى دمشق حمائم
…
فِي ورق أَغْصَان تشوف بلطفها)
(فاذا أَشَارَ لَهَا الشجي بكاسه
…
غنت عَلَيْهِ بجنكها وبدفها)
وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي
(انهض الى الربوة مستمتعا
…
تَجِد من اللَّذَّات مَا يَكْفِي)
(فالطير قد غنى على عوده
…
فِي الرَّوْض بَين الجنك والدف)
وَقَالَ ابْن الوردي
(دمشق قل مَا شِئْت فِي وصفهَا
…
واحك عَن الربوة مَا تحكي)
(فالطير قد غنى على عوده
…
فِي الرَّوْض بَين الدُّف والجنك)
وَمن لطائفه قَوْله
(يَا ربوة اطربتني
…
وَحسنت لي هتكي)
(اذ لست أَبْرَح فِيهَا
…
مَا بَين دف وجنك)
وَلابْن حبيب
(كم تَحت جنك الربوة الفيحاء من
…
دف زهت أشجاره بشنوفها)
سقيا لَهَا من ربوة من حل فِيهَا
…
اطربته بجنكهاودفوفها)
ولشعبان الآثاري
(بِرَبْوَةٍ الشَّام ربت منيتي
…
وقر قلبِي وَهِي دَار الْقَرار)
(وطيرها المطرب فِي جنكه
…
غنى على ناي وعود وطار)
وللشريف القواس
(أود بِأَنِّي لَو راى الجنك سَاعَة
…
وَأنْفق فِيهَا كل مَا أَنا مملك)
(فَلَيْسَ لنَفْسي سوى الجنك مطلب
…
ودعهم يَقُولُونَ فِيهِ للصب مهلك)
وَقَالَ ايضا
(سر بِي الى الْوَادي وقف متنزها
…
فالجنك غنت فَوْقه الاطيار)
(لَو لم تكن هِيَ جنَّة المأوى لنا
…
مَا كَانَ تجْرِي تحتهَا الْأَنْهَار)
وللقيراطي
(سقى الجنك منهل الربَاب فشوقنا
…
لطيب المغاني مِنْهُ لم يأتها حصر)
(وَحيا بقطر الشَّام أنهارها الَّتِي
…
على شَهِدَهَا بالدمع من مقلتي قطر)
(وجادت سَمَاء الْغَيْث أَرض سمائها
…
غصون رياض الزهر آفافها زهر)
(فكم جَاءَنِي مِنْهَا نسيم مُمْسك
…
وَعرفهَا للقادمين بهَا الْعطر)
وَحكى ان الشَّيْخ شمس الدّين الْخياط الشهير بضفدع خرج مَعَ القَاضِي ابْن خلكان الى الربوة فرايا غلمانا يعومون يَلْعَبُونَ فِي نهر نور الدّين تَحت التخوت الْمَعْرُوفَة بالمنيقبة فَأَنْشد ضفدع قَوْله
(لربوتنا وَاد حوى كل بهجة
…
فعيش الورى يحلو لَدَيْهِ ويعذب)
(تزف لنا الْأَنْهَار من تَحت جنكها
…
فَلَا عجب انا نَخُوض وَنَلْعَب)