الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقرا عَلَيْهِ غَالب اعيان الْفُضَلَاء فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية وافتى مُدَّة طَوِيلَة بِدِمَشْق وَبنى الْمَسْجِد الْمَذْكُور ورتب فِيهِ مبرات ووقف عَلَيْهِ حوانيت بسوق الرصيف قرب الْمدرسَة الامينية احتكرها من وقف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَكَانَت وِلَادَته ببوسنه سراي فِي صفر سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي فِي صفر ايضا سنة تسع وَثَلَاثِينَ والف وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير بِالْقربِ من حَضْرَة بِلَال الحبشي رضي الله عنه
جَامع الْحَشْر
تَحت القلعة من الْجَانِب الغربي وَكَانَ يُسمى بالحدر شمَالي دَار السَّعَادَة بناه ارغون شاه وَهُوَ جَامع قديم جدده سِنَان جاويش الينكجرية فِي سنة ثَمَان بعد الالف فجَاء على احسن تَرْتِيب قَتله الينكجرية سنة عشر بعد الالف
جَامع الْحَنَابِلَة
وَيُقَال لَهُ جَامع الْجَبَل وَالْجَامِع المظفري وَهُوَ بسفح قاسيون مَعْرُوف ومشهور شرع فِي بنائِهِ الشَّيْخ أَبُو عمر مُحَمَّد بن احْمَد بن قدامَة الْمَقْدِسِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخَمْسمِائة فأنفق عَلَيْهِ رجل يُقَال لَهُ الشَّيْخ ابو دَاوُد محَاسِن النامي الى ان بلغ الْبناء قامة فنفذ مَا كَانَ مَعَه ثمَّ ان
الْملك المظفر كوكبوري
صَاحب اريل بلغه ان الْحَنَابِلَة بِدِمَشْق شرعوا فِي بِنَاء جَامع بسفح قاسيون فعجزوا عَن الْعَمَل فَأرْسل اليهم ثَلَاثَة الآف دِينَار اتابكية وامر بَان ينْفق عَلَيْهِ حَتَّى يتم وَمَا بَقِي يشترى بِهِ وقف وَيُوقف عَلَيْهِ فاتم ابو عمر بناءه وَجعل منبره ذَا ثَلَاث درج كدرج مِنْبَر النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمَّ ان المظفر أرسل ألف دِينَار لسياق اليه المَاء من قَرْيَة بَرزَة فَمَنعهُمْ الْملك الْمُعظم صَاحب دمشق وأعتذر بِأَن فِي طَرِيقه قبورا كَثِيرَة للْمُسلمين فَصنعَ لَهُ بِئْرا عَلَيْهِ مدَار ووقف عَلَيْهِ أوقافا تقوم بِهِ وَهُوَ بَاقٍ الى الْآن
الْملك المظفر كوكبوري
هُوَ أَبُو سعيد كوكبوري الامير زين الدّين عَليّ كوجك التركماني وَمعنى كوجك اللَّطِيف الْقدر ولي مظفر الدّين مملكة أربل بعد موت أَبِيه وَله أَربع عشرَة سنة
فتعصب عَلَيْهِ اتابك مُجَاهِد الدّين قيماز وَكتب محضرا بانه لَا يصلح للْملك لصغره واقام مَكَانَهُ أَخَاهُ يُوسُف فسكن حران مُدَّة ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة السُّلْطَان صَلَاح الدّين وَتمكن مِنْهُ وَتزَوج بأخته ربيعَة وأقفة مدرسة الصاحبة بشرقي الصالحية وَشهد مَعَه عدَّة مَوَاقِف ظَهرت فِيهَا شجاعته واقدامه وَكَانَ حِينَئِذٍ على امرة حران والرها فَقدم اخوه يُوسُف منجدا لصلاح الدّين فاتفق مَوته على عكا فَأعْطى السُّلْطَان صَلَاح الدّين لمظفر الدّين أربل وَشهر زور وَأخذ مِنْهُ حران والرها ودامت أَيَّامه الى ان توفّي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ من أدين الْمُلُوك واجودهم واكثرهم برا ومعروفا على صغر مَمْلَكَته قَالَه ابْن شقدة فِي منتخب الشذرات
وَقَالَ ايْنَ خلكان واما سيرته فَلهُ فِي فعل الْخيرَات عجائب وَلم نسْمع ان احدا فعل فِي ذَلِك مثل مَا فعله لم يكن شئ فِي الدُّنْيَا أحب اليه من الصَّدَقَة وَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم قناطير مقنطرة من الْخبز يفرقها على المحاويج فِي عدَّة مَوَاضِع من الْبَلَد واذا نزل من الرّكُوب يكون قد اجْتمع جمع كثيرعند الدَّار فيدخلهم اليه وَيدْفَع لكل وَاحِد كسْوَة على قدر الْفَصْل من الصَّيف والشتاء وَغير ذَلِك وَمَعَ الْكسْوَة شَيْء من الذَّهَب وَكَانَ قد بنى أَربع خانقات للزمنى والعميان وملاها من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ وَقرر لَهُم مَا يَحْتَاجُونَ اليه كل يَوْم وَكَانَ يَأْتِيهم بِنَفسِهِ كل يَوْم اثْنَيْنِ وخميس بعد الْعَصْر وَيدخل الى كل وَاحِد فِي بَيته ويسأله عَن حَاله ويتفقده بِشَيْء من النَّفَقَة وينتقل الى الآخر حَتَّى يَدُور عَلَيْهِم جَمِيعهم وَهُوَ يباسطهم وَيخرج مَعَهم وَيجْبر قُلُوبهم وَبنى دَار للنِّسَاء الارامل ودارا للضعفاء ودارا للأيتام ودارا للقطاء ورتب بهَا جمَاعَة من المراضع وكل مَوْلُود يلتقط يحمل اليهن فيرضعنه وأجرى على أهل كل دَار مَا يَحْتَاجُونَ اليه فِي كل يَوْم وَكَانَ يدْخل اليهمفي كل يَوْم ويتفقد أَحْوَالهم ويعطيهم النَّفَقَات زِيَادَة على الْمُقَرّر لَهُم وَكَانَ يدْخل على البيمارستان وَيقف على مَرِيض مَرِيض ويسأله عَن مبيته وَكَيْفِيَّة حَاله وَمَا يشتهية وَكَانَت لَهُ دَار مضيف يدْخل اليها كل قادم على الْبَلَد من فَقِيه وفقير وَغَيرهمَا واذا عزم الانسان على السّفر اعطاه نَفَقَة تلِيق بِمثلِهِ وَلم تكن لَهُ لَذَّة بسوى السماع فانه كَانَ لَا يتعاطى الْمُنكر وَلَا وَيُمكن من أدخاله الْبَلَد وَكَانَ اذا طرب فِي السماع خلع شَيْئا من ثِيَابه وَأَعْطَاهُ للناشد وَنَحْوه وَكَانَ يسير فِي كل سنة دفعتين من أَصْحَابه وأمنائه الى بِلَاد السَّاحِل وَمَعَهُمْ جملَة مستكثرة من المَال يفك بِهِ أسرى الْمُسلمين من أَيدي الْكفَّار فاذا وصلوا اليه أعْطى كل وَاحِد شَيْئا وان لم يصلوا فالأمناء
يعطونهم بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَ يُقيم فِي كل سنة سَبِيلا للْحَاج ويسير مَعَهم جَمِيع مَا تَدْعُو النه حَاجَة الْمُسَافِر فِي الطَّرِيق ويسير أَمِيرا مَعَه خَمْسَة آلَاف دِينَار ينفقها فِي الْحَرَمَيْنِ على المحتاجين وأرباب الرَّوَاتِب وَله بِمَكَّة حرسها الله آثَار جميلَة وَهُوَ اول من اجرى المَاء إِلَى جبل عَرَفَات وَغرم عَلَيْهِ جملَة كَثِيرَة وَعمل بِالْجَبَلِ مصانع للْمَاء واما أحتفاله بمولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فان الْوَصْف يقصر عَن الاحاطة بِهِ كَانَ يعمله سنة فِي الثَّامِن من شهر ربيع الأول وَسنة فِي الثَّانِي عشر لأجل الِاخْتِلَاف الَّذِي فِيهِ فاذا كَانَ قبل المولد بيومين أخرج من الابل وَالْبَقر وَالْغنم شَيْئا كثيرا يزِيد على الْوَصْف وزفها بِجَمِيعِ مَا عِنْده من الطبول والمغاني والملاهي حَتَّى يَأْتِي بهَا الميدان ثمَّ يشرعون فِي نحرها ونيصبون الْقُدُور ويطبخون الالوان الْمُخْتَلفَة فاذا كَانَت لَيْلَة المولد عمل السماعات بعد ان يُصَلِّي الْمغرب فِي القلعة ثمَّ ينزل وَبَين يَدَيْهِ من الشموع الموكبية الَّتِي تحمل كل وَاحِدَة على بغل وَمن وَرَائِهَا رجل يسندها وَهِي مربوطة على ظهر الْبَغْل فاذا كَانَ صَبِيحَة يَوْم المولد أنزل الْخلْع والبقج وخلع على كل وَاحِد من الْفُقَهَاء والوعاظ والقراء وَالشعرَاء وَدفع لكل وَاحِد نَفَقَة وهدية وَمَا يوصله الى وَطنه انْتهى مَا أوردهُ ابْن خلكان مُلَخصا وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي تَارِيخ الاسلام بعد كَلَام طَوِيل وثناء جميل قالجماعة من أهل أربل كَانَت نَفَقَته على المولد فِي كل سنة ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار وعَلى الاسرى مِائَتي الف دِينَار وعَلى دَار المضيف مائَة ألف دِينَار وعَلى الخانقاه مائَة وعَلى الْحَرَمَيْنِ والسبيل وعرفات ثَلَاثِينَ ألف دِينَار غير صَدَقَة السِّرّ انْتهى كَلَام ابْن قَاضِي شُهْبَة
أَقُول ان للنَّاظِر فِي كتَابنَا هَذَا ان يَقُول هَذِه الاموال الَّتِى كَانَ ينفقها هَل كَانَت من مَال لَهُ خَاص أَو من مَال الرّعية فاستبد بهَا وبذرها وَلم لم ينفقها فِي مصَالح الْمُسلمين وتقوية شوكتهم مَعَ احْتِيَاج وقته الى ذَلِك فرحمه الله ورحم أَمْثَاله مَا كَانَ أبعدهم عَن مرامي السياسة توفّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة سَابِقًا وَهِي سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة بقلعة أربل وَحمل الى مَكَّة ليدفن فِي الْحرم فَلَمَّا وصلوا بِهِ الى الْكُوفَة لم يَتَيَسَّر لَهُم الْوُصُول وَلم يتَّفق وُصُول الْحَاج اليها لقطع التتار الطَّرِيق عَلَيْهِم فَدفن عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ ابْن أبي طَالب رضي الله عنه
وانت تعلم ان الْبِلَاد فِي زَمَنه كَانَت فِي ضيق وَخَوف شَدِيد من الاعداء الَّتِي تكتنفها وَمثله مغموس فِي الملآهي ومحبة العظمة والأبهة وَكَانَ ذَلِك قدرا مَقْدُورًا