الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوكوتو
أو ساكاتو، اسم بلدة فى الجزء الغربى من بلاد الحوصة على رافد من روافد نهر النيجر يصب فى ضفته اليسرى ويسمى كولبى - ن - سوكوتو، ومعنى هذا الاسم فى لغة الحوصة "نهر سوكوتو"؛ والظاهر أن البلدة لم يكن لها شأن يذكر قبل القرن التاسع عشر. ومهما يكن من شئ فقد كانت أقل شهرة بكثير من مدن الحوصة الأخرى مثل زَنْفَرَة وكوبَر أو تسّاوة، وكاتسينا وزندر وكانو وزكزكَ أوزاريا. وكانت سوكوتو جزءًا من مملكة كوبر التى كانت فى تلك الأيام مثل دول الحوصة الأخرى لا تضم من المسلمين إلا عددًا قليلا جدًا، وجل سكانها من الغرباء. وكان يعيش بين أهل البلاد الوطنيين عدد قليل من جاليات الفلبة يعتمدون فى معاشهم على الزراعة والتجارة كما هو شأنهم اليوم. وأصبحت سوكوتو سنة 1801 أو سنة 1802 قصبة دولة أسسها شيخ تكرورى من فوتاتورو (فى السنغال) ينتمى إلى طائفة التوردبه (ومفرد توردبه توردو)، ويدعى هذا الفاتح عسمانو (عثمان) وكان ابن رجل يقال له محمد فوجو، أى الحكيم أو الفقيه. وكان الشيخ عسمانو قد غادر مسقط رأسه فى طريقه إلى حجِ بيت اللَّه فبلغ كوبر حيث أخذ يبشر بالإسلام سنة 1801، واستقبل آنئذ وفدًا من الفلبة جاءوا يحتمون به من ملك تساوة الذى كان لبعض الرعاة شكاة منه وكان عسمانو يتلمس ذريعة لإعلان الجهاد، فتولى قضية هؤلاء الناس لأنه كان يعدهم من مواطنيه ذلك أن الفلبة والتكارنة كانوا يتكلمون لغة واحدة وإن كانوا من سلالتين تختلف كل منهما عن الأخرى تمام الاختلاف. وجمع عثمان جيشًا من الأتباع وأشهر الحرب على يونفا ملك تساوة وأوقع به الهزيمة، وواصل عسمانو فتوحاته، ولم يلبث أن أصبح صاحب السلطان على بعض ولايات الحوصة الأخرى (لبتاكو، وكبّى، وياورى، ونوبة، وكورورفْه، وباوتشى، وأدماوة) مكرهًا أهل البلاد على الدخول فى الإسلام، ووضع على رأس كل مملكة أو ولاية حاكما يلقب بلقب "أميرو" وينتخب من بين أفراد
أسرته أو أبناء طائفته، ومن ثمّ أقيمت لصالح فئة قليلة من أشراف التكارنة من طائفة التوردو، دولة عسكرية الصبغة تكاد تضم جميع الأراضى التى إلى جنوب الصحراء بين مجرى نهر النيجر الشرقى (وقد بلغت فى الغرب أيضًا ليبتاكو) وبينو ولوكونه وتشاد، فيما عدا برنو، ذلك أن عصابات عسمانو كانت قد غزتها هى الأخرى، إلا انها أفلحت فى استرداد استقلالها سنة 1810. وقد أطلق الاسم العام لدولة سوكوتو على هذه الفتوحات، ذلك أن الشيخ عسمانو كان قد مكّن لنفسه تمكينا فى ورنو، أى فى الجزء الشرقى من سوكوتو، حيث كان يقيم خلفاؤه أيضًا.
وتوفى عسمانو (1816 أو 1818) فانقسمت الدولة إلى ثلاث دول متحالفة، دولة كاندو فى الغرب، وتشمل كبّى وياورى ونوبه ولبتاكو؛ ودولة يولا فى الشرق، وتشمل كرورفه وأدماوة؛ ودولة سوكوتو فى الوسط، وتشمل بلاد الحوصة كلها هى وباوتشى، وأصبح عبد اللَّه أخو عسمانو، ملك كاندو، ومودبَّه أداما ملك يولا، وقد نسبت إليه فقَيل أدماوة. وخلف محمد بلّو بن عسمانو أباه على عرش سوكوتو وحكمها من سنة 1816 أو 1818 حتى سنة 1837.
وشق على محمد بلّو الاحتفاظ بسلطانه، فقد كان أهل البلاد يرتدون عن الإسلام فى كل مكان ويتمردون عليه يؤازرهم الطوارق وسلطان برنو، ومنيت جيوش محمد بلّو بالهزيمة فى عدة مواقع، ثم أفلحت أخيرًا فى تثبيت سلطانه. وكان هذا الأمير جنديًا ضعيفًا، عزوفًا عن الاشتراك بنفسه فى المعارك، على أنه كان كاتبا ممتازا، فقد ألفّ عددًا كبير، من المصنفات بالعربية، شعر، ونثرًا، أحدها مصنف فى تاريخ السودان لا يخلو من قيمة. وكان نصيرًا لرجال الأدب، وقد استقبل المستكشف كلابرتون Clapperton (سنة 1828) استقبالا حسنًا، وكان يرقب أعمال قضاته مراقبة دقيقة، حتى أنهم كانوا يخشون تحريه لأموالهم ويخافون لومه وتعنيفه.
وزعم أخو محمد وخليفته أتيكو (1837 - 1847) أنه مصلح ينادى باتباع الخلق القويم والسنن الحميدة،