الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا قطعا فحسب، ذلك أن من المستبعد كثيرا أن تطول القصيدة العربية (أو الفارسية) حتى تبلغ عددًا عظيمًا من الأبيات مع التزام قافية واحدة.
خورشيد [كرنكو F.Krenkow]
الشافعى
الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس صاحب المذهب الشافعى فى الفقه. وقد نسجت كثير من القصص حول حياته حتى ليتعذر علينا أن نخلص منها بالمادة التاريخية حقًا. ثم إننا نلقى مشقة عظيمة فى تحديد السنين المتعلقة بوقائع حياته. والمصادر القديمة التى يستقى منها ذلك نادرة جدًا. فالمسعودى المتوفى سنة 345 هـ هو أول مؤرخ ذكر الشافعى. والوثائق الوحيدة التى يعول عليها فى هذا المقام هى حجة وقف بيتيه فى مكة المؤرخة فى صفر سنة 203 هـ (أغسطس سنة 818 م؛ كتاب الأم، جـ 6، ص 179 = kern فى Mittellungen des semfur oriental. Sprachen، Westasiat. studien، 1904 م، ص 55)، ووصيته المؤرخة فى شعبان سنة 203. فبراير 819؛ كتاب الأم، جـ 4 ص 48 = Kern فى المصدر المذكور، 1908 م، ص 59) وحجة وقف بيته فى الفسطاط (كتاب الأم جـ 3، ص 281) التى لا شك فى نسبتها إلى الشافعى وإن كانت الأسماء والتواريخ قد حذفت منها. والحق إن التراجم المتأخرة للشافعى قد اعتمدت على "المناقب" القديمة التى كتبها أمثال داود الظاهرى المتوفى سنة 207 هـ؛ والساجى المتوفى سنة 307، وابن أبى حاتم المتوفى سنة 327 وغيرهم. ولكن هذه المناقب كان قد شابها كثير من القصص. مثال ذلك أن الخطيب البغدادى المتوفى سنة 403 هـ ذكر بالفعل نقلا عن ابن عبد الحكم المتوفى سنة 357 هـ قصة مولد الشافعى التى تقرن هذا المولد بظهور كوكب المشترى فوق مصر.
وينتسب الشافعى إلى قبيلة قريش "فقد كان هاشميا، ومن ثم اجتمع نسبه بنسب النبى عليه الصلاة والسلام فى أجداده الأولين. وكانت أمه من قبيلة أزد، وتقول بعض المصادر إنها كانت علوية. وقد ولد الشافعى فى سنة 150 هـ (717 م) فى غزة (الإسطخرى، ص 58) وفقد أباه فى سن باكرة
فنشأته أمه بمكة نشأة تتسم برقة الحال، وقضى وقتا طويلا بين البدو، ودرس شعراء العرب القدامى دراسة جيدة (مثل زهير وامرئ القيس، وجرير وغيرهم؛ انظر كتاب الأم؛ جـ 1؛ ص 174؛ جـ 5، ص 118، 142 الخ) وقد تعلم الفقيه اللغوى الأصمعى من الشافعى الشاب أشعار بنى هذيل (انظر أيضًا كتاب الأم، جـ 2، ص 167؛ جـ 5، ص 133) وديوان الشنفرى؛ ودرس فى مكة الحديث والفقه على مسلم الزنجى المتوفى سنة 198 هـ، وحفظ موطأ مالك عن ظهر قلب؛ فلما أشرف على العشرين شخص إلى المدينة ليلقى مالكا ابن أنس ومكث فيها حتى توفى مالك سنة 179 هـ (796 م)؛ ثم خدم فى اليمن؛ وهناك تورط فى دسائس العلويين فقد انحاز سرًا إلى الإمام يحيى بن عبد اللَّه الزيدى (Opkomst van het Zaiditiersche Imamaat: V.Arendonck، ص 60، 290) - وحمل أسيرًا هو وغيره من العلويين إلى الخليفة هارون الرشيد فى الرقة سنة 187 هـ (803 م) وعفا عنه هارون، ثم توثقت صلته بالفقيه الحنفى المشهور محمد بن الحسن الشيبانى المتوفى سنة 189 هـ (805 م) الذى كان الشافعى قد نسخ كتبه بنفسه. ولما وجد أنه لا يجسر على تحدى الشيبانى لما كان له من نفوذ فى بلاط الخليفة، رحل إلى مصر مارًا بحرّان والشام؛ واستقبل فى مصر أول الأمر استقبالا حسن أبو صفة تلميذًا لمالك. ولم يذهب إلى بغداد إلا سنة 195 هـ (810/ 819 م) وأقام فيها يتولى التدريس موفقا. ووصل نفسه هناك بعبد اللَّه ابن والى مصر الجديد عباس بن موسى؛ وعاد إلى مصر فى 28 شوال سنة 198 (21 يونيه 814؛ الكندى؛ طبعة Guest؛ ص 154 م) ووقعت فى مصر اضطرابات حملته على المبادرة إلى الرحيل إلى مكة؛ ثم عاد منها سنة 200 هـ (815/ 816 م) ليستقر فى مصر نهائيًا وتوفى بالفسطاط فى آخر يوم من رجب سنة 204 هـ (20 يناير سنة 820 م) ودفن بسفح المقطم فى تربة بنى عبد الحكم؛ وكان لصلاح الدين مدرسة عظيمة فسيحة مقامة هناك (ابن جبير: الرحلة؛ ص 48). وقد بنى القبة التى فوق الضريح الملك الكامل الأيوبى سنة 608 هـ (1211/ 1212 م) وكان هذا الضريح دائمًا مزارًا محببا إلى القلوب يختلف إليه الناس.
ويمكن أن نقول إن الشافعى كان ينهج منهج التوفيق فيقف موقفا وسطا بين البحث الحر فى الفقه والتقليد الذى أخذ به أهل عصره. ولم يقنع الشافعى بالعمل بالمادة الفقهية الميسورة بل أخذ فى كتابه الرسالة يستقصى أصول الفقه وطرائقه وهو يعد واضع علم أصول الفقه. ويختلف الشافعى عن الحنفية فى أنه سعى إلى وضع قواعد مقررة للقياس (كتاب الرسالة؛ القاهرة (1321 هـ، ص 66، 70)؛ على حين لم يكن ثمة ما يجعله يعنى بالاستحسان، ذلك أن الشافعية المتأخرين كانوا هم أول من استحدث هذا المبدأ (Goldziher: Zahiritern، ص 20 وما بعدها، المؤلف نفسه فى EI جـ 2، ص 109؛ Anfange und charakter des juristischen Denkens im Islam: Bergstrasser فى Isl 1924 م، جـ 14، ص 76، 80 وما بعدها) ويمكن أن نميز فى حياة الشافعى فترتين منتجتين: فترة متقدمة (العراقية) وفترة متأخرة (المصرية)، ويقول الحاكم المتوفى سنة 405 هـ ذلك، عن كتاب الرسالة (العسقلانى ص 77) وهو الكتاب الذى لم يصل الينا إلا فى نسخته المتأخرة (طبعت فى القاهرة سنة 1321 هـ وغير ذلك من السنين) ونحن نلحظ أيضًا هاتين الفترتين واضحتين فى كثير من الأحوال فى كتاب الأم وفى الأقوال المختلفة للشافعية المتأخرين.
وقد نقل لنا تلميذه الربيع بن سليمان المتوفى سنة 270 هـ (884 م) كتابات الشافعى التى يستخدم فيها الحوار ببراعة المتمكن ولا يذكر عادة أسماء مناظريه ونجد ثبتًا بها فى الفهرست (ص 210) وآخر ذكره البيهقى المتوفى سنة 458 هـ فيما نقله عنه العسقلانى (ص 78) وثالثا فى ياقوت (إرشاد الأريب، ص 396 - 398)؛ ومعظم العناوين المذكورة فى هذه المصادر هى أجزاء من كتاب الأم الذى هو مجموعة من كتابات الشافعى (طبع فى القاهرة فى 7 مجلدات، 1321 - 1325. وقد نقل جزء من هذه الطبعة من مخطوط الفقيه الشافعى المشهور سراج الدين البلقينى) ومن المستبعد أن يكون عنوان هذه المجموعة قديمًا. فقد كان أول من ذكر فيما أعلم هو البيهقى (العسقلانى، ص 78) والغزالى (الإحياء القاهرة 1327 هـ؛ جـ 2، ص 131). ولم يذكر الكتاب
نفسه إلا فى تلك الفقرات التى تبدو كأنها حواشى، ولا شك أن نسخا كثيرة من كتاب الأم كانت موجودة، فقد كان البيهقى فى عهد متأخر يرجع إلى القرن الخامس الهجرى يعرف نسخة أخرى منه مختلفة عن نسخة الربيع؛ ذلك أنه يذكر بعض الأبواب المستقلة من كتاب الأم بترتيب آخر، ولعل هذه النسخة كانت هى نسخة البويطى التى استخدمها فيما يبدو هى ونسخة ابن أبى الجارود (كتاب الأم، جـ 1 ص 96، 157؛ جـ 2، ص 52؛ جـ 7، ص 389 الخ) وقد تضمن النص الحالى المطبوع من كتاب الأم عددًا من الحواشى الكبرى والصغرى. وشاهد ذلك أنه قد نقلت فيها شواهد من الغزالى وابن الصباغ المتوفى سنة 477 هـ والماوردى وغيرهم (انظر كتاب الأم جـ 1، ص 114 وما بعدها، 158).
ويقول الغزالى (كتابه المذكور) إن هذه المجموعة رتبها البويطى ونشرها الربيع متضمنة الزيادات التى أدخلها عليها هو. والقول الفصل فى أصل كتاب الأم لا يمكن أن يعتمد على النسخة المطبوعة، ذلك أن ناشرها قد اتبع مخطوط البلقينى دون أن يثبت الخلافات الموجودة فى المخطوطات الأخرى.
والمحتويات الحالية لكتاب الأم رسائل ذكرها البيهقى على اعتبار أنها مؤلفات مستقلة: "جماع العلم"(كتاب الأم، جـ 7، ص 250 وما بعدها)؛ و"كتاب إبطال الاستحسان"(جـ 7، ص 267 وما بعدها)؛ "كتاب بيان الفرض"(جـ 7، ص 262 وما بعدها)، "كتاب اختلاف مالك والشافعى"؛ (جـ 7، ص 177 وما بعدها)؛ و"كتاب اختلاف العراقيين"(جـ 7، ص 87 وما بعدها) أى أبى حنيفة وابن ليلى (عاش سنة 148 هـ)؛ و"كتاب الاختلاف مع محمد ابن الحسن" جـ 7، ص 277، وما بعدها = "كتاب الرد على محمد بن الحسن"؛ و"كتاب اختلاف على وعبد اللَّه بن مسعود"(توفى سنة 32 هـ؛ جـ 7، ص 151 وما بعدها)، و"كتاب اختلاف الحديث" وقد طبع على هامش كتاب الأم (جـ 7)؛ و"المسند" وقد طبع على هامش جـ 6. ويشتمل هذا الكتاب على أحاديث جمعت من الرسائل المختلفة بما فى ذلك الرسائل التى لم تصل إلينا وإن كانت قد ذكرت فى الفهرست وفى ياقوت مثل:"كتاب أحكام القرآن": و"كتاب فضائل قريش" إلخ. أما "كتاب المبسوط فى الفقه"(الفهرست، ص 210) فلا شك أنه كتاب كبير فى الفقه كان لا يزال فى
متناول البيهقى، وقد عرف أيضًا باسم "المختصر الكبير والمنثورات".
وقد بقى أيضًا كتاب يقرر فيه الشافعى عقيدته وعنوانه "كتاب وصية الشافعى"(ذكره ياقوت ونشره Kern فى Mitteilungen des Sem. fur oriental، Sprachen Westasiat. Studien، سنة 1910 م) أما "كتاب الفقه الأكبر"(القاهرة 1324 هـ الخ) فرسالة صغيرة فى عقائد عهد الأشعرى. وللشافعى قصائد قليلة تشهد بتمكنه من اللغة (المسعودى: المروج، جـ 8، ص 66؛ ابن خلكان جـ 1، ص 448؛ العسقلانى ص 73 وما بعدها).
وكانت الحاضرتان الكبيرتان اللتان شهدتا نشاطه فى التدريس هما بغداد والقاهرة. وكان أهم تلاميذه: المزنى (توفى سنة 264 هـ) والبويطى (توفى 231 هـ) والربيع بن سليمان المرادى (توفى سنة 270 هـ)؛ والزعفرانى (توفى سنة 2600 هـ)؛ وأبا ثور (توفى سنة 240 هـ)، والحميدى (توفى سنة 219) وأحمد بن حنبل (توفى سنة 241 هـ)؛ والكرابيسى (توفى سنة 248 هـ) وغيرهم وقد اجتذب الشافعية من هاتين الحاضرتين أثناء القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين) أنصارًا تزايد عددهم شيئًا فشيئا، ولو أن مركزهم تحرج أول الأمر فى بغداد لأنها كانت معقل أهل الرأى فأصبحت مكة والمدينة فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) معقلى الشافعية الأكبرين بعد مصر.
وما إن حلت خاتمة القرن الثالث الهجرى (بداية القرن العاشر الميلادى). حتى أخذوا ينازعون مكانة الأوزاعية فى الشام بنجاح. وغدا منصب قاضى دمشق وقفًا عليهم منذ أيام أبى زرعة فصاعدًا (302 هـ = 915 م) واستأثروا فى عهد المقدسى بالقضاء فى الشام وكرمان وبخارى والجزء الأكبر من خراسان لا يشاركهم فيه مشارك. وكان لهم أيضًا سلطان كبير فى شمالى الجزيرة (آقور) وفى بلاد الديلم (كانت مصر قبيل ذلك قد اعتنقت مذهب الشيعة) وفى القرنين الخامس والسادس الهجريين (الحادى عشر والثانى عشر الميلاديين) كانوا يقتتلون فى الشوارع هم والحنابلة فى بغداد، وهم والحنفية فى إصفهان. على أنهم اجتذبوا أمراء الأسرة الغورية إلى صفوفهم Versp: Snouck. Hurgronje Geschr، جـ 2، ص 306). ثم عادوا
فغلبوا على سائر المذاهب فى مصر على عهد صلاح الدين (564 هـ = 1169 م). فلما حلت سنة 664 هـ (1266 م) أقام الملك الظاهر بيبرس قاضيا حنفيا وقاضيا مالكيا إلى جانب القاضى الشافعى (انظر السبكى، جـ 5 ص 134). وفى القرون الأخيرة التى سبقت ظهور العثمانيين أصبح للشافعية السلطان المطلق فى بلاد الإسلام الوسطى بل إن الإمام الشافعى المذهب كان فى عهد ابن جبير نفسه (الرحلة ص 102) يؤم المصلين فى مكة، ولم يستبدل الحنفية بالشافعية إلا أيام سلاطين آل عثمان فى مستهل القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادى)، وكان هؤلاء الأحناف يرسلون من الآستانة ليتولوا مناصب القضاء على حين أنهم فقدوا مناصبهم فى آسية الوسطى بظهور الدولة الصفوية (1501 م) وحل محلهم الشيعة. ومهما يكن من شئ فإن الناس فى مصر والشام والحجاز كانوا يتبعون المذهب الشافعى (Versr. Geschr.: Snouk Hurgronje، جـ 2 ص 378/ 379) ولا تزال تعاليم الشافعى تدرس اليوم بحماسة فى الجامع الأزهر، ولا يزال لها الغلبة أيضًا فى جنوبى بلاد العرب والبحرين وشبه جزيرة الملايو وإفريقية الشرقية الألمانية سابقًا، وداغستان وبعض أنحاء آسية الوسطى.
من أئمة الشافعية المشهورين: المحدث النسائى (توفى سنة 303 هـ = 915 م) والأشعرى (توفى سنة 324 هـ = 935 م)؛ والماوردى (توفى سنة 450 هـ = 1058 م) والشيرازى (توفى سنة 476 هـ = 1083 م)؛ وإمام الحرمين (توفى سنة 478 هـ = 1085 م)؛ والغزالى (توفى سنة 505 هـ = 1111 م)؛ والرافعى (توفى سنة 623 هـ = 1226 م)؛ والنووى (توفى سنة 676 هـ = 1277 م) وغيرهم. (انظر فى شأنهم المواد التى أفردت لكل منهم فى هذه الدائرة، Geschr.Verspr: Snouck Hurgronje جـ 4، ص 105)
وقد تناول الفقه الإسلامى على مذهب الشافعى: L.W.C. van den Berg: De beginselen van het Mohammed recht (الطبعة الثالثة، باتافيا 1883 م: وانظر فيما يتعلق بذلك Snouck Hurgronje: Verspsr. Geschr، جـ 2، ص 59 - 221)؛ والترجمة الفرنسية بقلم R، de