الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السويس
ميناء فى أطراف مصر على رأس خليج السويس، ويقوم فى سهل رملى مجدب تنهض إلى الغرب منه جبال عتاقة الدكناء. وقد اشتهرت هذه المدينة بحكم ما يكتنفها من ظروف طبيعية باسم "الحجر" والسويس على مسافة ثمانين ميلا إلى الجنوب الشرقى من القاهرة وعلى بعد ميلين إلى الشمال من ميناء إبراهيم، وهو ميناء فى المدخل الجنوبى لقناة السويس على خط عرض 29 ْ 58 َ 59 َ شمالًا، وخط طول 32 َ 35 َ شرقًا، وقد أفادت السويس من وقوعها على القناة (افتتحت القناة سنة 1869) فتحولت من قرية إلى مدينة كبيرة، وهى اليوم محافظة من محافظات مصر. وقد شيد القسم الأكبر من المدينة بالطوب اللبن المجفف فى الشمس، وفيها عدد كبير من المساجد. وشيد فى الحى الأوربى مكاتب ومستودعات للبضائع كبيرة. ومدينة السويس محجر صحى للحجاج فى طريقهم إلى مكة.
وتقوم مدينة السويس الحديثة فى موقع عدة مدن قديمة، فقد عثر فيها على آثار مصرية قديمة. وتقوم على ربوة (كوم القلزم) بالقرب من السويس خرائب قلعة Kyvaua التى ترجع إلى عهد البطالمة (Clysma ppraesidium: ويعرفها الجغرافيون العرب باسم القلزم. وقد شيد بطلميوس فيلادلفوس Ptolemy Philadelphus (المتوفى سنة 230 قبل الميلاد) قبل ذلك العهد بالقرب من مدينة أرسنوى (Apolvon) Arsinoe التى عرفت فيما بعد باسم كليوباتريس Cleopatris وكانت تقوم هناك فى العهد المسيحى المتقدم محلة يشتغل أهلها من المواطنين بصيد الأسماك وتهريب البضائع خاصة. وازدهرت السويس فى ظل الحكم الإسلامى باستثناء عهد السلاطين المماليك الذى توقفت فيه عن النمو، ثم ازدادت اضمحلالا على أثر كشف طريق رأس الرجاء الصالح. وانتعشت مرة أخرى فى عهد السلطان سليم الأول (1517 م) بوصفها محطة بحرية، وكانت المياه تجلب إليها فى ذلك العهد من بئر سويس على مسيرة فرسخ وربع على الطريق إلى القاهرة بوساطة قناطر معلقة لا تزال آثارها باقية حتى الآن، على أن المياه كانت كما
يقول على بك (Travels جـ 2، ص 30) ضاربة إلى الملوحة، وكانت المياه تحمل إليها أيضًا (حوالى ثمانية أميال) من عيون موسى التى اشتهر أمرها فى القصص (ابن الوردى: Perles des Merveilles فى Notices et Extraits des manuscrits de la Bibliothe que du Roi، جـ 2، ص 31). ويذكر على بك أن ماء هذه العيون يخرج منها كريه الرائحة لا يستساغ مذاقه، على أنه قد حفرت بعد ذلك قناة من المياه العذبة سنة 1863 ما بين القاهرة والسويس.
واضمحلت السويس مرة أخرى فى مستهل القرن التاسع عشر (على بك، المصدر السابق، جـ 2، ص 29). ثم عادت إلى الازدهار عندما اففتح طريق البريد ما بين إنجلترا والهند سنة 1827 وازدادت ازدهارًا بعد حفر قناة السويس.
ونجد فى كتاب وصف مصر (Desc de،L'gypte، جـ 1، ص 87) اشتقاقا للاسم سويس. ويذكر ياقوت نقلا عن المهلبى أن حجر المغناطيس يوجد بالقرب من السويس، "وهو حجر يجذب الحديد، وإذا دلك ذلك الحجر بالثوم بطل عمله، فإذا غسل بالخلّ عاد إلى حاله".
وكانت توجد فى وقت من الأوقات قناة قديمة تسمى أمنيس ترايانى Amnis Trajani تربط بين النيل والبحر الأحمر، وهذه القناة أقدم بكثير من العهد الرومانى. وكان طرف من أطرافها ينتهى عند بحر القلزم. وقد أعاد عمرو بن العاص شق هذا الطريق المائى القديم لييسر شحن الحبوب إلى الحرمين مباشرة (The Arab Conquest of Egypt: Butler ص 345 وما بعدها). وسرعان ما انسدت هذه القناة مرة أخرى ثم ردت إلى حالها فى عهد المهدى (المتوفى عام 780 م). واستولى حسن القرمطى على السويس سنة 971 هـ. وكانت تجارة جزائر الهند الشرقية تمر بهذه المدينة إبان العصور الوسطى. وتقطع القوافل المسافة بين الفرما (Pelusium) والسويس فى أربعة أيام وبين السويس والقاهرة فى ثلاثة أيام (انظر Edrisii Africa: J. M. Har ص 449، ياقوت: المعجم، مادة السويس).