الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
(1)
Geschichte der Arabischen Litteratur: Brockelmann جـ 1، ص 440 - 441
(2)
Gazali: Carra de Vaux باريس سنة 1902، ص 235 - 241
(3)
المؤلف نفسه Les Penseurs de L'Islam نفسه جـ 4، باريس 1923، ص 199 - 207
الشنتناوى [فان دن برغ S.Van Den Bergh]
السهروردى
شهاب الدين يحيى بن حبش بن أميرك المعروف بالمقتول: ولد فى منتصف القرن الثانى عشر، ودرس الفقه فى مراغة، وأصبح فيلسوفا وصوفيا عاش فى أصفهان ثم فى بغداد وحلب. ويظهر أن نائب الخليفة، الملك الظاهر بن صلاح الدين، حباه برعايته أول الأمر، فلما جلب عليه تصوفه تشكك معاصريه وطالب أهل السنّة برأسه، لم يسع الملك الظاهر إلا أن يأمر بقتله سنة 578 هـ (1191 م)، وكان قد بلغ آنئذ السادسة والثلاثين أو الثامنة والثلاثين من عمره، ولقب بالمقتول خشية الظن بأنه مات شهيدًا (*).
ويصرح السهروردى بأنه من المشائين والمتصوفة؛ وهو متأثر فى شرحه لأرسطو بابن سينا. وبينما نجد أن ابن سينا ينهج نهج شراح أرسطو من الإغريق الذين تأثر بهم، فلا يستغل التصوف بصفة عامة إلا إذا أراد أن يُكمل رأيا لأرسطو ويتوسع فيه مستعينا ببعض نظريات الأفلاطونية الحديثة لسد ما يرى من نقص فى هذا الرأى أو توضيح مناحى التوحيد التى يظن أنها مضمرة فى كتب هذا المعلم العظيم، إذا بنا نجد فى كتب السهروردى آراء المشائين تسير جنبا إلى جنب مع فلسفة التصوف بحذافيرها التى أخذها الإسلام عن مذاهب العصر اليونانى المتأخر التى توفق بين الفلسفة والدين، وعن ذلك المزاج كله الذى يجمع بين عقائد الأفلاطونية الحديثة والنظريات الهرمسية والعلوم الخفية وسنن الأدرية (الغنوصية) Gnostic وعناصر
(*) يوجد تعليق مستفيض يلى هذه المادة.
الفيثاغورية الجديدة. وينزع السهروردى وغيره من الصوفية المسلمين منزع فلاسفة العصر اليونانى المتأخر الذين يوفقون بين الفلسفة والدين (مثل أسقلبيادس من فلاسفة الأفلاطونية الحديثة الذى ألف رسالة فى "اتفاق جميع الأديان") فيقول إن جميع المذاهب الفلسفية وجميع الأديان إنما تعبر عن حقيقة واحدة، ويزعم أن أساتذته هم أغاثوديمون Agathodaemon وهرمس Hermes وفلاسفة اليونان الخمسة الكبار: أنباذوقليس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون وأرسطو ثم جماسب وبزركمهر. وكذلك يزعم السهروردى مفاخرا وقد أخذته العزة الوطنية بأن بزرجمهر هو الرائد الحق للمفكرين اليونان (وقد سبق أن قال المؤرخ اليهودى أرطبانوس Artapanus من أهل القرن الأول الميلاد، إن موسى هو معلم أورفيوس Orpheus، وكان يعرفه اليونانيون باسم موسايوس Musaeus) ويقول إن اليونانيين كانوا أبعد ما يكونون عن الثنائية، ومع ذلك فإنهم أول من عبر عن حقيقة الوجود المطلق والوجود الحادث رامزين إليهما بالنور والظلمة. ويصرح السهروردى باتفاقه مع أرسطو وأفلاطون، إلا أنه يخصص فى أهم مؤلفاته "كتاب حكمة الاشراق"(طبعة حجرية بطهران سنة 1316 هـ = 1898 م) مكانا هاما لنقد أرسطو. ثم إن السهروردى لفرط تحرره فى أفكاره يبيح لنفسه -وهو يعرض فى فقرات أخرى من كتابه للنظريات المنتقدة- أن يستعيد الانتقادات التى يوجهها علم الكلام إلى بعض نظريات أرسطو الأساسية فى المنطق وما وراء الطبيعة، مثل نقد نظرية تعريف الماهية (وإنما نستطيع بالحجة المستمدة من أصل فى مذهب الشك أن نصل إلى الكلى باستقراء الحالات الجزئية التى لا تتناهى) ونظرية المادة (نستطيع بالحجة المستمدة من أصل فى الفلسفة الرواقية أن نصل إلى أن الممكن ليس له وجود عينى وإلا فهو موجود بالقوة والفعل). ونحن نجد فى السهروردى بصفة عامة النظريات والحجج التى قال بها الشكاك والرواقيون وأخذها عنهم المتكلمون، فهو يقول مثلا بنظرية الرواقيين (التى أحياها ليبنتز فيما بعد) فى وحدة اللامتمايزات، ونظرية الرواقيين أو الشكاك عن ذاتية الصلات