الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرب على العراق (انظر مثلا البلاذرى: فتوح البلدان؛ ص 241، س 1)؛ وخاصة مصنفو الرسائل فى الخراج وفى السياسة (انظر أبا يوسف ويحيى بن آدم وقدامه والماوردى، وكذلك ابن خلدون)؛ ويرجع ذلك إلى أن الاسم كان يستعمل رسميا فى النظم الخاصة بمساحة الأراضى والخراج فى عهد عمر ابن الخطاب؛ (2) وهو يطلق على المنطقة المزروعة فى إقليم من الأقاليم، مثال ذلك سواد العراق وسواد خورستان وسواد الأردن؛ (3) إذا سبق اسم مدينة كان معناه الحقول المزروعة على نطاق واسع فى أرباضها والتى تروى ريًا منتظما، مثال ذلك سواد البصرة والكوفة وواسط وبغداد وتستر وبخارى ونحوها.
المصادر:
المصدر الرئيسى فى هذا الموضوع هو Die uberschatzung der Anbuflache Bobyloniens und ihr Ursprung: H. Wagner، فى Nachrichten d. Kgl. G. W. Gott. Phil Hist. Kl، جـ 70، 1902؛ ص 224 - 298)؛ وانظر عن الكلمة من حيث فقه اللغة Ar. Engl. Lexicon: Lane جـ 1، ص 4، 1462 ب؛ وانظر فيما يتعلق بموضوع الخراج الفنى: uber das Budget der Einnahmen unter des Harun el-ras Sid: A. von Kremer فى Verh. d. VII Internat. Orient. Kong. جـ 2، 1888؛ وانظر كذلك La propriete et l'impot foncier Berchem Sous Les premiers Califes: M.Van (1886).
صبحى [شيدر H. H. Schaeder]
سواكن
أو سُواكم أو سُواكن: ثغر على الساحل الغربى للبحر الأحمر وعلى خط عرض 19 ْ 5 َ شمالًا، والمدينة مشيدة على جزيرة بيضية صغيرة رائعة المنظر، محيطها نحو ميل وطولها نحو 300 ياردة، قبالة البر فى وسط خليج عميق؛ ويمكن الوصول إلى الميناء عن طريق مجاز ضيق طوله أربعة أميال أو خمسة تكتنفه الشعب المرجانية، ويصل سواكن بالقارة الإفريقية ممر طوله نحو 60 ياردة يشرف عليه حصن؛ وفى أول هذا الممر
مدخل جميل يمكن إغلاقه بباب يبلغ المرء منه ضاحية السكيف التى تقع على البر؛ وأهم العمائر فى هذه المدينة الجزرية عمارتا الكمرك ودواوين الحكومة، وأحسن البيوت مبان بيضاء جميلة من ثلاثة طوابق تذكر المرء بطراز البيوت فى جدّة، ويجدر بنا أن نذكر من المبانى الحديثة بوابة كتشنر، وهى عمارة جميلة شبه مراكشية، وتبدو أكواخ الأهالى البدائية التى لا شكل لها يعرف ضئيلة كئيبة إذا قورنت بهذه العمائر (1)، ويشتمل السوق على حانات أصحابها من اليونانيين، وعلى شارع صغير فيه مقاه ومظلات. أما الأوربيون الذين كانوا ينزلون سواكن فيقيمون بين أكواخ الأهالى البدائية المصنوعة من الغاب فى منازل لا تصلح للسكن بصفة خاصة فى جميع الأحوال؛ وفى المدينة مدرسة واحدة، على أنها من أحسن مدارس السودان جميعا، ويحيط بضاحية الكيف القائمة على البر سور كانت تكتنفه فى وقت من الأوقات ستة حصون، ويحميه من الخارج خط من الخنادق. وسكان الكيف أكثر كثيرًا من أهل سواكن، وفيها سوق تجرى فيها الأعمال التجارية الخاصة بالمدينة وشوارع غير منتظمة يقيم فيها الحدادون وصانعو الجلود؛ ويصنع الحدادون رؤوس الرماح والسكاكين، أما صانعوا الجلود فلهم تجارة نافقة فى التعاويذ، كما يقيم الحلاقون فى تلك الشوارع، ويكثر من التردد عليهم الرجال من الأهالى، وفيها عدد قليل من صيّاغ الفضة يعدّون الحلى التى تحتاج إليها النساء ويصنعون الأساور والخلاخيل والأقراط وحلقات الأنوف؛ وفى خارج الضاحية التى هى أشبه بالواحة الطويلة الضيقة تحيط بها البحيرات الملحة وصحراء شبيهة بالمروج، عيون تكتنفها الحدائق وأشجار النخيل، وهى تزود المدينة بما تحتاج إليه من ماء الشرب؛ ومناخ سواكن ليس صحيًا بالنسبة للأوربيين خاصة، ودرجة الحرارة فيها لا تهبط أبدًا إلى أقل من 86 فهرنهيت حتى فى الشتاء، وتسود الرياح المتقلبة شهرى يونيه وأغسطس، وكثيرًا ما تستحيل عواصف رملية خطرة.
(1) كان ذلك فيما مضى وهو ما تغير كثيرا فيما بعد وخاصة فى التاريخ المعاصر بعد استقلال السودان.
وسواكن مستعمرة قديمة وإن كان الميناء غير ذى شأن، ولا يمكن دخوله إلا نهارًا بسبب ضيق المجاز والشواطئ المرجانية؛ ويقال، وربما كان هذا الذى يقال هو الحق، إن مدينة Oppidum Succhae التى ذكرها بليناس كانت تقوم فى هذا الموضع؛ وكانت الناحية فى القرون الوسطى من أملاك البجة الذين تنتمى إليهم قبائل الهدندوة والعبابدة والبشارية الحديثة؛ وكان من أثر الصلات القديمة التى قامت بين أهل مكة وسكان ساحل البحر الأحمر فى إفريقية الغربية أن استقر التجار العرب فى سواكن وتصاهروا مع البجة. وقد مكنت سنن البجة التى تقوم على سيادة الأم المولدّين من بلوغ مناصب لها شأنها، ووجد ابن بطوطة فى سواكن سنة 1330 م ابن أمير مكة على رأس البجة، وكانت الطبقات العليا من السكان تدين بالإسلام، ويسميهم المقريزى "الحدارب"، وكان ميناء عيذاب، التى تقع على مبعدة من سواكن صوب الشمال، منافسًا خطيرًا لها فى تلك الأيام، ويقول بنت Th.Bent إن عيذاب هى "سواكن القديمة" المعروفة اليوم، وهى على مسيرة 12 ميلا شمالى حلايب، وكان للميناء، وهو الآن خرائب وأطلال، شأن عظيم بين سنتى 450 و 760 هـ، فقد كان مرسى السلع الواردة من الهند وبلاد العرب ومكانًا يلتقى فيه تجار اليمن، كما كان يلتقى فيه الحجاج المصريون والإفريقيون الذين كانوا يقلعون منه إلى جدة؛ وقد كانت سواكن أيضا، وهى على مسيرة سبعة أيام جنوبًا، مرسى للسفن القادمة من جدّة، ومن ثم فلاشك أنه قد قام بين المدينتين تنافس شديد كتب فيه النصر لسواكن آخر الأمر. وقد ظل الهمدانى (المتوفى سنة 945 هـ) يعتبرها فى الحبش الوسطى؛ واحتل الأتراك الميناء فى عهد سليم الأول، وكانت تابعة لباشا جدة الذى حكمها عن طريق أحد الأغوات حتى سنة 1865 حين أخذتها مصر من تركية بالتنازل أو بالشراء. وأصاب العهد المهدوى (1883 - 1898 م) سواكن بضربة قاسية، ذلك أن التجارة انقطعت فيها تماما بسبب إغلاق طريق القوافل الهام من سواكن إلى بربر؛ ووضعت سواكن بمقتضى معاهدة 16 يوليو سنة 1899، التى عقدت بين إنجلترا ومصر
فى ولاية الحكم الثنائى الإنجليزى المصرى (1) هى والسودان، وتتبع سواكن الآن مديرية البحر الأحمر أكبر المناطق التى تزرع القطن فى السودان.
وكان يبلغ أهل سواكن فى ذلك الوقت نحو 10.000 نسمة، وكانت المدينة فى مظهر ينم عن الإهمال، ويكاد يكون نصف عمائرها أطلالا (2)، ذلك أن السكان فى كثير من الأحوال لم يعودوا قادرين على الإنفاق على صيانتها، وكذلك كان ميناء بورسودان، الذى أنشئ حديثًا، منافسًا خطيرًا لسواكن، فقد اجتذب قدرًا كبيرًا من التجارة والحركة التى كانت تزخر بها سواكن فى يوم من الأيام؛ وقد استطاعت سواكن، على الرغم من هذه المنافسة، أن تحتفظ بمكانة مرموقة فى عالم التجارة، ولم يتحقق ما توقعه الكثيرون من انتقال التجارة جملة إلى بورسودان. ومع أن سوق الكثير من شركات الجملة والقطاعى أصبحت أقل رواجا مما كانت قبل إنشاء بور سودان، إلا أن أعمالها تسير بنجاح ملحوظ، ولم يتأثر من الكساد التجارى إلا عدد قليل جدًا من الشركات الوطنية، وسوف تحتفظ سواكن بمركزها ولعل السبب الوحيد فى ذلك يرجع إلى تشبث الأهلين بها فى عناد واعتبارهم لها المركز الرئيسى لتجارة مديرية البحر الأحمر، ولا تزال سواكن بما كانت من قبل، النقطة التى يبدأ منها الحجاج رحلتهم إلى جدة، وكانت تجارة الرقيق فى القرن الماضى لا تزال مزدهرة على هذا الطريق نفسه، وكان يحمل نحو 3000 من الرقيق سنويا من سواكن إلى سوق جدة، وهى تجارة لم تستطع الحكومة الإنجليزية القضاء عليها إلا بمشقة عظيمة. وكانت تتصل سواكن ببور سودان بخط فرعى من ملتقى الخطوط الحديدية فى عطبرة، وقد أنشئ خط السكة الحديدية سنة 1905، ومشروع الخط الحديدى من سواكن إلى طوكر (56 ميلا)، (والمدينتان تتصلان بطريق للقوافل) وإن ميناء سواكن سيجد حافزًا جديدا يدفعه وكان يُحمل. ويحمل اليوم الصوف الجيد الذى اختصت به طوكر، على مسيرة 56 ميلا جنوب شرقى
(1) و (2) كان هذا وقت كتابه المقال، قبل استقلال السودان. [م. ع].